ذنب كان منهما ، فأكبّ يعقوب على حزنه ، وانطلق يوسف في رقّه ، وكان (١) ذلك بعين الله سبحانه يسمع ويرى ، وكلّ ذلك امتحان من الله ، ومكث يوسف عليهالسلام في الجبّ ثلاثة أيّام. (٢)
ثم جاءت السيارة من قبل مدين يريدون مصر فأخطأوا الطريق ، وانطلقوا يهيمون حتى نزلوا قريباً من الجب ، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران ، وإنّما هو للرعاة والمجتازة ، وكان ماؤه ملحاً فعذب ، فبعثوا رجلاً يقال له مالك بن داغر (٣) ليطلب الماء ( فأدلَى دَلوَهُ ) فتعلّق يوسف عليهالسلام بالدلو (٤) ، فلمّا خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون.
فنادى أصحابه وقال : ( يَا بُشرَى هذَا غُلَامٌ وَأسَرُّوهُ ) (٥) من أصحابهم لئلّا يطلبوا منهم الشركة فيه ، وكانت إخوته قريب منهم فآتوهم وقالوا : هذا عبد لنا أبق منّا واختفى في الجب (٦) ، وقالوا له بالعبرانية : لئن قلت أنا أخوهم قتلناك ، فتابعهم (٧) على ذلك لئلّا يقتلوه ، وطلبوا من القافلة أن يشروه منهم ، فأذعنوا لهم بذلك ، فشروه منهم كما قال سبحانه : ( وَشَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَرَاهِمَ مَعدُودَةٍ ) (٨) أي ناقص لا بركة فيه لأنّه حرام ، وقوله سبحانه : ( مَعدُودَة ) أي قليلة ، وذكر العدد عبارة عن القلّة ، وقيل : إنّهم كانوا لا يزنون من الدراهم دون
__________________
١ ـ في المجمع : وكلّ.
٢ ـ مجمع البيان : ٣ / ٢١٦ ـ ٢١٨. وانظر : عرائس المجالس : ١١٠ ـ ١١٦.
٣ ـ في العرائس : دعر ، وفي المجمع : زعر ، وكذا في الموضع الآتي.
٤ ـ في المجمع : بالحبل.
٥ ـ سورة يوسف : ١٩.
٦ ـ في المجمع : الموضع.
٧ ـ كذا في المجمع ، وفي الأصل : فبايعهم.
٨ ـ سورة يوسف : ٢٠.