ولنرجع إلى تمام الحديث :
ولمّا فرغ أمير المؤمنين من وصيّته وكانت ليلة الحادي والعشرين وذهب شطر من الليل فتحت أبواب السماء ، وزيّنت الجنان ، وتهيّأت أرواح الأنبياء والأولياء لاستقبال روحه الشريفة صلوات الله عليه. قال عليهالسلام للحسن والحسين : احملوني إلى هذا البيت ، ودعوني وحدي ، واغلقوا عليَّ الباب ، واجلسوا خارج الباب إلى أن أمضي إلى جوار الله تعالى ، فوضعوه عليهالسلام وفعلوا ما أمرهم ، فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى سمعوا أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : لا إله إلا الله ، فلمّا سمع الحسن والحسين تهليله صلوات الله عليه لم يتمالكا إلى أن دخلا عليه ، فوجدوه قد قضى صلوات الله عليه نحبه ، فأخذوا في تجهيزه كما ذكرنا أوّلاً صلوات الله ورحمته وبركاته عليه وعلى روحه وبدنه ، ولعنة الله على ظالمه وقاتله ومانعه حقّه.
وروى الكليني في الكافي (١) أنّه لمّا توفّي أمير المؤمنين عليهالسلام جاء شيخ يبكي وهو يقول : اليوم انقطعت علاقة النبوّة ، حتى وقف بباب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليهالسلام ـ وذلك حين موته قبل أن يخرجوه ويأخذوا في جهازه ـ فأخذ بعضادتي الباب ، ثم قال : رحمك الله ، لفقد كنتَ أول الناس إسلاماً ، وأفضلهم إيماناً ، وأشدّهم يقيناً ، وأخوفهم من الله ، وأطوعهم لنبيّ الله ، وأفضلهم مناقباً ، وأكثرهم سوابقاً ، وأشبههم به خَلقاً وخُلقاً ، وسيماء وفضلاً ، وكنتَ أخفضهم صوتاً ، وأعلاهم طوداً ، وأقلّهم كلاماً ، وأصوبهم منطقاً ،
____________
١ ـ الكافي : ١ / ٤٥٤ ح ٤ ، عنه البحار : ٤٢ / ٣٠٣ ح ٤ وعن كمال الدين : ٣٨٧ ح ٣.
وأخرجه في مدينة المعاجز : ٣ / ٦٥ ح ٧٣٠ عن الكافي.