يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، لا تشارك في وجوب وجودك ، ولا تضاهي في فضلك وجودك ، ولا يخرج عن سلطانك قويّ ولا ضعيف ، ولا يفلت من قبضتك دنيّ ولا شريف ، ولا يخرج عن إحصائك وفيّ ولا طفيف ، أنت الظاهر ببديع قدرتك ، القاهر بعموم ربوبيّتك ، حكمتَ بالموت ، وقضيتَ بالفوت ، فلا رادّ لقضائك ، ولا مفرّ من بلائك.
سبحانك أخرجتنا من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ، وقضيتَ لنا في دار بلائك الحسنى وزيادة ، وجعلتَ لناأرضك فراشاً ، وسخّرت لنا من رزقك معاشاً ، وركبت فينا أدوات معرفتك ، وآلات عبادتك ، من عقول كاملة ، وأركان عاملة ، وجوارح مطيعة ، وقوىً مستطيعة.
وأودعت في أجسادنا من عجائب حكمتك ، وغرائب صنعتك ، أعدل شاهد على وحدانيّتك ، وأكبر دالّ على فردانيّتك ، من آلات بسط وقبض ، ورفع وخفض ، وحركة وسكون ، وظهور وبطون ، وطبائع مصرفة ، وقوىً مختلفة ، من باصرة وسامعة ، ومفرّقة وجامعة ، وماسكة ودافعة ، وموصلة ومانعة ، وذاكرة وحافظة ، وذائقة ولافظة.
ونصبت لنا من خواصّك أعلاماً جعلت قلوبها مواطن حبّك ، ومعادن قربك ، لما فازت بالدرجة العليّة من فيضان عنايتك ، وشربت بالكأس الرويّة من شراب محبّتك ، أطربها بلبل دوح عرفانك تشتهي نغمته ، وأرقّها صوت مجيد فرقانك بفصيح كلمته ، فطالعت جلال جمالك بأبصار بصائرها ، وشاهدت أنوار تجلّيات عظمتك بأفكار سرائرها ، فجرت في مضمار عشقها إلى حضيرة قدسك ، وسلكت بقدم صدقها إلى مقام اُنسك ، لم تقصر قواها عن الترقّي في مدارج السلوك بتوفيقك وتأييدك ، ولم تختلجها عوارض الشكوك بإرشادك