قالوا : بلى ، يا رسول الله ، لقد كنت صابراً ، وعن المنكر ناهياً ، فجزاك الله عنّا أفضل الجزاء.
قال : وأنتم جزالك الله ربّي ثم قال : إنّ ربّي سبحانه أقسم الا يجوزه ظلم ظالم ، فناشدتكم بالله أيّ رجل منكم كانت له قِبَل محمد مظلمة فليقم وليقتصّ ، فإنّ القصاص في دار الدنيا أحبّ إليّ من القصاص في الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء؟
فقام إليه رجل ـ من أقصى القوم ـ يقال له سوادة بن قيس فقال : فداك أبي واُمّي ، إنّك ـ يا رسول الله ـ لمّا أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء وبيدك القضيب الممشوق ، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني ، فلا أدري أعمداً أم خطأ؟
فقال صلىاللهعليهوآله : معاذ الله أن أكون تعمّدت ، ثم قال : يا بلال ، قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق ، فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة : معاشر الناس ، من الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة؟ فطرق بلال الباب على فاطمة عليهاالسلام وهو يقول : يا فاطمة ، قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق ، فصاحت فاطمة وهي تقول : وما يصنع أبي بالقضيب وليس هذا اليوم يومه؟!
فقال : أما علمتِ أنّ أباك قد صعد المنبر وهو يودّع الناس ويعطي القصاص من نفسه؟ فصاحت فاطمة وهي تقول : واغمّاه لغمّك يا أبتاه ، من للفقراء والمساكين وابن السبيل بعدك يا رسول الله ، يا حبيب الله ، وحبيب القلوب؟ ثمّ ناولت بلالاً القضيب ، فجاء به وناوله رسول الله صلىاللهعليهوآله .