أحسنهم رأياً فيه ، فجعلوه (١) عنده.
قيل : وكان يوسف أمر ترجماناً يعرف العبرانيّة أن يكلّمهم ، وكان لا يكلّمهم بنفسه ليشبه عليهم ، فإنّهم لو عرفوه لهاموا في الأرض حياء من أبيهم ، فكان في معرفتهم إيّاه مفسدة ، ( وَقَالَ لِفِتيانِهِ اجعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ ) أي قال لعبيده وغلمانه : اجعلوا ثمن طعامهم وما كانوا جاؤا به في أوعيتهم ؛ ,قيل : كانت بضاعتهم النعال والادم ( لَعَلَّهُمْ يَعرِفُونَهَا إذَا انقَلَبُوا إِلَى أهلِهِمْ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ ) (٢) بعد ذلك لطلب الميرة مرّة اُخرى ، وإنّما فعل ذلك ليعلموا أنّ يوسف ما فعل ذلك الا إكراماً لهم.
وقيل : إنّه عليهالسلام رأى لؤماً (٣) أن يأخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إليه ، فردّه عليهم من حيث لا يعلمون تفضّلاً وكرماً. (٤)
( فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِم قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكَيلُ ) (٥) ؛ قيل : إنّهم لمّا رجعوا إلى يعقبو سلّموا عليه سلاماً ضعيفاً ، قال لهم : يا بنيّ ، ما لكم تسلّمون سلاماً ضعيفاً؟ وما لي لا أسمع منكم (٦) صوت شمعون؟
قالوا : يا أبانا ، جئناك (٧) من عند أعظم الناس ملكاً ، ولم ير الناس مثله حكماً وعلماً وخشوعاً وسكينة ووقاراً ولئن كان له شبيه في الدنيا فإنّه يشبهك ،
__________________
١ ـ في المجمع : فخلّفوه.
٢ ـ سورة يوسف : ٦٢.
٣ ـ كذا في المجمع ، وفي الأصل : يوماً.
٤ ـ مجمع البيان : ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.
٥ ـ سورة يوسف : ٦٣.
٦ ـ في المجمع : فيكم.
٧ ـ في المجمع : إنّا جئناك.