ومثله قولهم الحمد لله الذي أذهب الليل مظلماً بقدرته ، وجاء بالنهار مبصراً برحمته (١) ، بل هذا أظهر في الدلالة على أنها ليست من النهار ؛ لما فيه من ذكر خاصّة الليل من الأظلام المتحقّقة فيها ، وخاصّة النهار من الإبصار المنتفية عنها.
وأما مثل قولهم عليهمالسلام في تعقيب الصبح أيضاً اللهمّ إني أصبحت أستغفرك في هذا الصباح وفي هذا اليوم (٢) ، فهو بالدلالة على أنها خارجة من النهار أولى ، بل هو ظاهر فيه ؛ لعطف اليوم على الصباح.
وأمّا مثل قولهم عليهمالسلام فيه أيضاً الحمد لله على إدبار الليل وإقبال النهار (٣) ، وقولهم عليهمالسلام فيه أيضاً مرحباً بخلق الله الجديد واليوم العتيد (٤) ، وقولهم فيه اللهمَّ اجعل أوّل يومي هذا صلاحاً (٥) ، وما أشبه ذلك ، فلا ينافي حكمهم بأن الساعة الفجريّة من الليل ؛ إذ غايته الإشارة بما يشار به للقريب ، والنهار قريب من الساعة الفجريّة. وعلى كلّ حال لا يعارض شيئاً ممّا ذكرناه.
وأمّا مثل قولهم عليهمالسلام يستحبّ أن يقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة الرحمن (٦) ، وشبهه ، وقولهم عليهمالسلام إذا كان يوم الجمعة فزرهم يعني : القبور فإن من كان منهم في ضيق وسّع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، يعلمون بمن أتاهم في كلِّ يوم (٧) ، وقولهم عليهمالسلام لا ترمِ الجمرة يوم النحر حتّى تطلع الشمس (٨) ، وقولهم عليهمالسلام إذا أراد العمرة انتظرَ إلى صبيحة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، ثمّ يكون مهلاً في ذلك اليوم (٩) ، وما أشبه هذا ممّا أُضيف فيه الصبيحة والصبح والفجر إلى اليوم ، فليس فيه دلالة على أن الساعة الفجريّة من النهار بوجه ، فإن الإضافة تصحّ بأدنى ملابسة.
وأيضاً فإنه كما ورد إضافة ذلك إلى اليوم كثيراً ورد إضافته إلى الليل كثيراً ، مثل
__________________
(١) البلد الأمين : ٥٤ ( حجريّ ).
(٢) مصباح المتهجِّد : ١٨٨.
(٣) المصباح في الأدعية والزيارات : ٩٩.
(٤) المصباح في الأدعية والزيارات : ٩٩.
(٥) المصباح في الأدعية والزيارات : ١٠٠.
(٦) الكافي ٣ : ٤٢٩ / ٦.
(٧) الأمالي ( الطوسيّ ) : ٦٨٨ / ١٤٦٢.
(٨) الكافي ٤ : ٤٨٢ / ٧.
(٩) الكافي ٤ : ٥٣٦ / ٤.