شرعيّة وعرفيّة ولغويّة ، أكثر من أن أُحصيها في هذه الرسالة ، وفيما ذكرناه غنية (١) لطالب الحقّ.
وأنت بعد الإحاطة بما ذكرناه لا ينبغي (٢) لك الشكّ في سقوط قول من قال : ( إنه لا يفهم في عرف الشرع ، ولا في العرف العامّ ، ولا بحسب اللغة من اليوم أو النهار ، إلّا ما هو من ابتداء طلوع الفجر ، ولم يخالف في ذلك إلّا شرذمة قليلة قد انقرضوا.
نعم ، بعض أهل الحرف والصناعات لمّا كان ابتداء عملهم من طلوع الشمس ، قد يطلقون اليوم عليه. وبعض أهل اللغة لمّا رأوا هذا الاصطلاح ذكروه في كتب اللغة ، ويحتمل أن يكون كلاهما بحسب اللغة حقيقة. وكذا المنجّمون قد يطلقون اليوم على ما بين الطلوع إلى الغروب وعلى غير ذلك ) (٣) ، انتهى.
وأنت خبير بتناقض عبارته لدلالة صدرها على انقراض القائل بذلك وعجزها على استمرار وجود القائل به ، ويكفي احتماله في سقوط قوله. ومن أين يصحّ ما احتمله مع انقراض القائل به؟ ما هو إلّا احتمال ما بطلانه مقطوع به. هذا مع أنه هو نفسه قد حكم وجزم بأن منتصف النهار الزوال ، وأثبت وجود خطّ نصف النهار ، ودائرة نصف النهار من غير ذكر خلاف في شيء من ذلك ولا احتمال. ما هذا إلّا غفلة منه عن ذلك ، وقد اعتمد في ذلك على تجوّز أطلقه جماعة من المفسّرين وأهل اللغة.
ونحن لا ننكر (٤) ورود إطلاق النهار على ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس في بعض الأخبار ، وكلام بعض الفقهاء (٥) ، وبعض المفسرين (٦) ، وبعض أهل اللغة (٧)
__________________
(١) في « ق » : ( غيبة ).
(٢) في « ق » : ( ليبتغي ).
(٣) بحار الأنوار ٨٠ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٤) في « ق » : ( نقل ).
(٥) الخلاف ١ : ٢٦٦ / المسألة : ٩ ، جواهر الفقه : ١٩ ، الذكرى : ١٣١ ( حجريّ ).
(٦) مجمع البيان ١ : ١٣٨.
(٧) القاموس المحيط ٢ : ٢١٢ النهار ، لسان العرب ١٤ : ٣٠٢ نهر ، المصباح المنير : ٦٢٧ نهر ، مجمع البحرين ٣ : ٥٠٧ نهر ، تاج العروس ٣ : ٥٩١ نهر.