، حيث جعل سلخ النهار ورفعه ملزوماً لوجود الظلام ، بل جعل الليل هو الظلام الحادث بسبب سلخ النهار ورفعه عنه ، والحسّ شاهد بوجود الظلام المشابه لظلام الليل بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس كالساعة الاولى من الليل. وقد ورد في تأويل هذه الآية كما في ( الكافي ) عن الباقر عليهالسلام : أنه قال يعني قبض محمد صلىاللهعليهوآله ، وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل البيت ، عليهم سلام الله (١).
والتأويل طبق التنزيل ، فكما لا نهار ولا نور بعد غياب شمس الرسالة ، لا نهار قبل طلوع شمس الآفاق.
السابع والعشرون : قوله تعالى : ( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (٢) ، فإن ظاهرها أن الشمس لا تطلع في سلطان القمر وهو الليل ، فمهما لم تكن الشمس طالعة فهو من سلطان القمر وهو الليل ، وإن الليل وظلامه لا يكون في شيء من النهار ، والحسّ شاهد بوجود الظلام قبل طلوع الشمس فلا يكون من النهار.
يدلّ على ذلك ما في ( تفسير القمي : ) عن الباقر عليهالسلام : أنه قال الشمس سلطان النهار والقمر سلطان الليل ، لا ينبغي للشمس أن تكون مع ضوء القمر بالليل ولا يسبق الليل النهار. يقول : لا يذهب الليل حتّى يدركه النهار ( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (٣) ، يقول : يجيء وراء الفلكِ الاستدارةُ (٤).
فقد صرّح الخبر بأن الشمس سلطان النهار أي دليله وبرهانه فلا نهار في أفق بدون طلوعها فيه فقبله ليل لا نهار ، والقمر سلطان الليل فمادام ضياؤه ونوره ظاهراً فالليل موجود ، وضياؤه ونوره قبل طلوع الشمس موجود بالضرورة ، فالليل موجود لوجود سلطانه وبرهانه وآيته ودليله.
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣١١ / ٧٤.
(٢) يس : ٤٠.
(٣) يس : ٤٠.
(٤) تفسير القمّي ٢ : ٢١٦.