الثامن والعشرون : التقابل بين الليل والنهار (١) إمّا تقابل الملكة والعدم ، كما يشعر به قوله عزّ اسمه ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ ) (٢) ، فالتعبير بالسلخ يشعر بأنه كالموضوع للنهار ، وقوله تعالى : ( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) (٣) ، وإمّا تقابل التضادّ كما يشعر به ما جاء عن أهل البيت : عليهم سلام الله في أخبار متعدّدة أن النهار خلق قبل الليل (٤) ، ولكلّ وجه ، وهما صحيحان كلّ باعتبار.
ومن المحسوس أن الساعة الفجريّة لا تقابل الليل بشيء من المعنيين ، وإنما تقابل النهار مقابلة كمقابلة أوّل الليل ، فلا تكون من النهار.
التاسع والعشرون : ممّا قام عليه البرهان المتضاعف عقلاً ونقلاً أن الوجود سبق العدم ، والنور خلق قبل الظلمة ، والنهار خلق قبل الليل ؛ لأنك إذا علمت أن الباري عزّ اسمه علّة تامّة علمت ذلك ، ولسنا بصدد بيانه ، وإنما نحن بصدد بيان أن النهار خلق قبل الليل فقط بذكر شيء من الأخبار الدالّة عليه دون ذكر الاعتبارات العقليّة ؛ لعدم احتمال هذه الأوراق لها ، والأخبار بذلك كثيرة ، كما لا يخفى على الفطن بلحن القول :
منها : ما في ( المجمع ) نقلا عن ( م العيّاشي : ) (٥) عن الرضا عليهالسلام : أنه قال إن النهار خلق قبل الليل (٦).
وقال في تفسير قوله تعالى : ( وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (٧). قال أي قد سبقه النهار (٨).
وفي ( الاحتجاج ) عن الصادق عليهالسلام : أنه قال خلق النهار قبل الليل ، والشمس قبل القمر ، والأرض قبل السماء (٩).
__________________
(١) في « ق » : ( النهار والليل ).
(٢) يس : ٣٧.
(٣) الحج ٦١.
(٤) الاحتجاج ٢ : ٢٤٩ / ٢٢٣.
(٥) عنه في كنز الدقائق ٨ : ٤١١.
(٦) مجمع البيان ٨ : ٥٤٨ ، باختلاف.
(٧) يس : ٤٠.
(٨) مجمع البيان ٨ : ٥٤٨.
(٩) الاحتجاج ٢ : ٢٤٩ / ٢٢٣.