والربيع والشتاء والخريف ، أزمنة مختلفة باختلاف الليل والنهار (١).
فقد جعل اختلاف الليل والنهار إنما يعرف بطلوع الشمس وإنارة القمر ، فلا نهار ما لم تطلع الشمس ويخفى نور القمر ، ومتى كان للقمر ضياء في سطح الأرض فالليل موجود.
الخامس والعشرون : ظاهر قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً ) (٢) ، فإنه بمعنى : يخلف كلّ منهما الآخرَ ويحلّ محلّه ويعاقبه ، فلا بدّ من كمال التمايز بينهما ليكمل الاستدلال بذلك على وحدانيّة خالقهما ، وليكون تعاقبهما نعمة على العبد يجب شكرها حيث إن حوائج العباد وخصوصاً المواليد الثلاثة ، وخصوصاً الإنسان لا تتمّ ولا يستقيم معاشها ومعادها إلّا بتعاقبهما.
فمنها ما لا يتمّ بل لا يكون إلّا بالليل ، ومنها ما لا يكمل أو يكون إلّا بالنهار ، ومنافع تعاقبهما وحلول كلّ منهما محلّ الآخر لا تحصى ، منها تدارك ما فات من شكر المنعم الموقّت له الليل بالنهار ، وبالعكس ، كما جاء في بعض تفاسير الآية عن أهل البيت عليهمالسلام (٣).
ومن المحسوس عدم (٤) معاقبة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لليل ، وعدم ظهور التمايز بينها وبين أجزاء الليل ، فالصفات الصفات ، والآية التي هي ضوء القمر الآية ، خصوصاً مع ما بين غروب الشمس إلى ذهاب البياض من المغرب بعد العشاء الذي هو من الليل بلا خلاف ؛ فإن بينهما كمال المطابقة ، فلا تكون الساعة الفجريّة من النهار وإلّا لقامت بها صفاته ولوازمه ، ولزمتها آيته وعلامته ، وتحقّقت معها علّته.
السادس والعشرون : قوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ ) (٥)
__________________
(١) التفسير الصافي ٤ : ٢٢ ، نور الثقلين ٤ : ٢٥ ـ ٢٦ / ٨٦.
(٢) الفرقان : ٦٤.
(٣) كنز الدقائق ٧ : ١٩٦.
(٤) ليست في « ق ».
(٥) يس : ٣٧.