علامته ودليله الذي يعرف به ، فإذا كانت الشمس هي دليل وجود النهار فلا نهار قبل طلوعها.
ويدلّ على هذا ما في ( نهج البلاغة ) من قول أمير المؤمنين عليهالسلام : وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها ، وقمرها آية ممحوَّة من ليلها ، وأجراهما في مناقل مجراهما ، وقدّر مسيرهما في مدارج مدرجهما ؛ ليميز بين الليل والنهار بهما ، وليعلم عدد السنين والحساب بمقاديرهما (١).
فجعل الشمس آية للنهار مميّزة بين النهار والليل ، فما لم توجد العلامة والمميّز الذاتيّين لم يوجد النهار.
وفي ( العلل ) (٢) عن النبي صلىاللهعليهوآله : أنه سئل : ما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور؟ قال لمّا خلقهما الله عزوجل أطاعا ولم يعصيا شيئاً ، فأمر الله جبرئيل أن يمحو ضوء القمر فمحاه ، فأثَّر المحو في القمر خطوطاً سوداء. ولو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم (٣) يُمحَ ، لما عرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ، ولا علم الصائم كم يصوم ، ولا عرف الناس عدد السنين ، وذلك قول الله عزوجل ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ ) الآية.
وفي ( الاحتجاج ) (٤) أن أمير المؤمنين عليهالسلام : قال لابن الكوّاء : أما سمعت الله يقول ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً )؟ لمّا سأله عن المحو الذي يرى في القمر.
وهما صريحان في أن الشمس آية النهار التي لا يعرف ويتميّز عن الليل إلّا بها. فإذن ما لم توجد وتطلع في أُفق لم يوجد النهار.
الرابع والعشرون : ما في حديث الإهليلجة عن الصادق عليهالسلام : أنه قال في قوله تعالى : ( وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً ) (٥) يسبحان في ذلك ، يدور بهما دائبين ، يطلعهما تارة ويؤفلهما اخرى حتّى تعرف عدَّة الأيّام والشهور والسنين ، وما يستأنف من الصيف
__________________
(١) نهج البلاغة : ١٥٥ / الخطبة ٩١.
(٢) علل الشرائع ٢ : ١٨١ / ٣٣.
(٣) في « ق » : « لما ».
(٤) الاحتجاج ١ : ٦١٥ / ١٣٩.
(٥) الفرقان : ٦١.