بساعة مثلاً أو بالعكس. ولا ريب أن في كلّ سنة يومين يتساوى فيهما الليل والنهار ، والإجماع عليه منعقد في كلّ زمان ومكان ، وأنهما يوما حلول الشمس نقطتي الاعتدالين عند حلول الشمس أوّل الحمل وأوّل الميزان.
وهذا إنما ينطبق على تساوي ما بين الطلوع والغروب ، وبين الغروب والطلوع ، فلو كان النهار من طلوع الفجر لكان يوما الاعتدالين غير ذلك ، ولم يذكر غيره في كلام عالم ولا حَبر (١). فعلى هذا لا يكون يوما الاعتدالين معروفين ، وهما معروفان بالضرورة.
الحادي والعشرون : التكليف بمعرفة الأوقات عامّ ، وقد ورد من الشارع لوقت المغرب ولوقت العشاء وللظهرين علامات جليّة واضحة عامّة يعرفها عامّة المكلّفين ، ولم نظفر بعلامة من الشارع ولا من فقيه من فقهاء الأُمّة ، بل ولا من لغويّ ولا فلكيّ ولا مقوّم ، ولا من أحد من أصحاب الأرصاد وأرباب الزيجات بعلامة لانتصاف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ، مع أن هؤلاء قد عيّنوا علامات لانتصاف الليل لا ينطبق شيء منها على تنصيف ذلك ، فكيف يكلّف الشارع بمعرفة وقت لم يجعل له آية ولا علامة؟ ما هذا إلّا محال.
فدلّ على أن المراد بالليل شرعاً ما نصّفته العلامات الشرعيّة المذكورة ، والعرفيّة المذكورة وغيرها ، وهو ما بين الغروب والطلوع.
الثاني والعشرون : اتّفاق كلمة المصنّفين في علم الميزان على تعريف الشمس بأنها كوكب نهاريّ ينسخ طلوعه وجود الليل. فإنه ظاهر جليّ في أنه متى لم تطلع الشمس فلا نهار. وعلى قولهم : متى كانت الشمس طالعة فالنهار موجود في الشرطيّات العامّة ، ومفهومه أنه إذا لم تكن الشمس طالعة فلا نهار موجود.
الثالث والعشرون : قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) (٢) ، فإن الظاهر أن آية النهار الشمس ، وآية الشيء
__________________
(١) في « ق » : ( خبر ) بدل : ( حبر ).
(٢) الإسراء : ١٢.