ولو كتب عليها لم يكن فيها ظلام بوجه أصلاً ، بل كانت مثل سائر أجزاء النهار في الإضاءَة ، وإلّا لم تكن كتابة ذلك الاسم علّة لإضاءة النهار مطلقاً ، وهي علّة تامّة لإضاءة النهار مطلقاً بجميع أجزائه على حدّ سواء.
ومن البيّن أن ما في تلك الساعة من الإضاءة ليس من نوع إضاءة سائر أجزاء النهار ، وإنما هي من فاضل نور النهار ، بسبب المجاورة كالساعة المغربيّة كما بيّناه.
الثامن عشر : قد تبيّن من مطاوي هذه الأخبار أن لليل زوالاً ، وزواله انتصافه ، وعلامة زواله وآيته انحدار النجوم ، كما في خبر عمر بن حنظلة : أنه سأل أبا عبد الله عليهالسلام ، فقال له : زوال الشمس نعرفه بالنهار ، فكيف لنا بالليل؟ فقال عليهالسلام لليل زوال كزوال الشمس.
قال : فبأيّ شيء نعرفه؟ قال بالنجوم إذا انحدرت (١).
فإن المراد منه : زوالها وانحدارها عن دائرة نصف النهار بمعونة العرف والتبادر ، حيث لا يفهم من زوال النجم إلّا هبوطه عنها ، ويرشد إليه تشبيهه عليهالسلام زوال الليل الذي عرّفه بانحدار النجوم بزوال الشمس ، ولا وجه للشبه إلّا ذلك.
وقد كلّف الشارع عليه سلام الله العباد بمعرفة انتصاف الليل الذي هو زواله ؛ لأنه كلّفهم بأداء نافلة الليل ، وجعل أوّل وقتها انتصاف الليل إجماعاً ، وكلّفهم بأداء صلاة العشاء وجعل آخر وقتها انتصاف الليل على الأشهر الأظهر ، بل الظاهر شذوذ القول بأنه الصبح ، والقول بأنه ثلث الليل. بل الظاهر انقطاعهما ، وذكر عبادات ندب إليها في الثلث الأخير من الليل.
وبالجملة ، فافتقار الخلق إلى معرفة انتصاف الليل للعبادات والمعاملات وغير ذلك لا يخفى.
وحكم (٢) بأن انتصاف الليل زواله ، وجعل آية زواله انحدار النجوم عن دائرة نصف النهار ، وهذا لا يتمّ ولا يضبط إلّا على أن الليل عبارة عمّا بين الغروب
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٤٦ / ٦٧٧.
(٢) عطف على قوله : ( وذكر عبادات ندب .. ) ، أو على قوله : ( كلّف الشارع .. ).