والطلوع ؛ وذلك لأنه تكليف عامّ فعلامته لا بدّ أن تكون ظاهرة معلومة لأكثر المكلّفين ؛ إذ لا يجزي التقليد في الأوقات إلّا للمعذورين كالعميّ وسائر من استثناه الفقهاء.
فلا بدّ أن يريد عليه سلام الله ـ : نجوماً مخصوصة ؛ لأن إرادة كلّ نجم فُرض واضحة الفساد ، بل ضروريّته ، فإنه لا يريد : النجوم الطالعة وقت العصر ولا الظهر ، فإن زوالها لا ينصّف الليل بالضرورة ، فلا بدّ أن يريد عليهالسلام نجوماً مخصوصة.
والذي وقفت عليه في كثير من كتب الفقه أن المراد بها : النجوم التي تطلع وقت الغروب ، وهذا مجمل ، فإنه ليس كلّ نجم يطلع وقت الغروب يزول نصف الليل بالضرورة ؛ فإنه يطلع وقت الغروب نجم على المدارات الجنوبيّة المقاربة للقطب الجنوبيّ ، ونجم على المدارات الشماليّة المقاربة للقطب الشماليّ ، فمحال أن يزولا معاً بالضرورة.
وقال المجلسيّ : في ( البحار ) : ( وقال الشهيد : في ( الذكرى ) (١) : روى محمّد بن مسلم : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال كان رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا صلّى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه ، ثمَّ لا يصلّي شيئاً إلّا بعد انتصاف الليل.
ومثله عن أبي جعفر عليهالسلام : قال حتّى يزول الليل ، فإذا زال الليل صلّى ثماني ركعات وأوتر في الركعة الأخيرة ، ثمّ يصلّي ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعيده.
قلت (٢) : عبّر بزوال الليل عن انتصافه كزوال النهار ).
ثمّ نقل رواية عمر بن حنظلة : المتقدّمة ، ثمّ قال : ( والظاهر أنه عنى : انحدار النجوم الطوالع عند غروب الشمس.
والجعفي : اعتمد على منازل القمر الثمانية والعشرين المشهورة ، فإنه قال : إنها مقسومة على ثلاثمائة وأربعة وستّين يوماً لكلّ منزلة ثلاثة عشر يوماً ، فيكون الفجر مثلاً بسعد الأخبية ثلاثة عشر يوماً ، ثم ينتقل إلى ما بعده ، وهكذا. فإذا جُعل
__________________
(١) الذكرى : ١٢٥ ( حجريّ ).
(٢) أي المجلسي رحمهالله.