لما كان بعض الفساق لا يبالي بذلك جعلت العدالة من المكملات ، إذ ينعقد عندنا نكاح الفاسق من الأولياء. وفيه للشافعية اثنا عشر وجها (١).
ومنه : ولاية تجهيز الموتى ، لأن فرط شفقة القريب يبعثه على الاحتياط في ذلك ، ولكن مع العدالة يكون أبلغ (٢) ، فلهذا كانت العدالة هنا يستحب اعتبارها.
وأما المستغنى عنه لعدم ظهور اعتبار الحاجة إليه ، فكالإقرار ، لأن قضية الطبع حفظ النّفس والمال عن الإتلاف ، فلا يقرّ بما يضره. ومن اعتبر عدالة المقرّ في المرض ، فلأن المال قد صار في قوة ملك الغير ، فصار الإقرار كالشهادة التي تعتبر فيها العدالة في محل الضرورة (٣).
واما المستغنى عنه لقيام غيره مقامه ، فكالتوكيل ، والإيداع ، إذا صدرا من المالك ، فإنه يجوز له توكيل الفاسق وإيداعه إذا وثق به ، إذ طبع المالك يرغبه عن إتلاف ماله ، فيكفي ظنه في جوازهما. فلو كان المالك سفيها قاصر النّظر ، لم يجز له التصرف.
ولو كان المودع غير المالك لضرورة ، اعتبر في الودعي العدالة ، لوجوب الاحتياط عليه في مال غيره بالوازع الشرعي. وكذا التوكيل فيما يحتاج إلى الأمانة ، كإمساك السلعة ، والتصرف فيها. أما في مجرد العقد فلا.
__________________
(١) انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٤١٦.
(٢) في (ح) : أحوط.
(٣) انظر أكثر هذه الفروع في ـ قواعد الأحكام ، لابن عبد السلام : ١ ـ ٧٦ ـ ٧٩.