لابدّ من رجوع الفيء إلى مدبّره الصحيح
قال تعالى : ( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ) (١) ، الكفّار قد يمتلكون الطاقات ، والمسلمون عندما يمتلكون هذه الطاقات من خلال الفيء ، فإنّ هذه الطاقات إنّما ترجع إلى نصابها الصحيح ، وإلى المدبّر الصحيح الذي يرتضيه الله تعالى.
مفهوم أهل القرى في القرآن الكريم
قال تعالى : ( مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (٢) ، والقرى في جملة من الآيات ، تعني : المدن ، فلِمَ يُسمي القرآن أهل المدن بأهل القرى؟ فاليهود المعاصرون للنبي من الناحية المادية متطوّرون على العرب بدرجات كثيرة ، وكانوا متقدّمين من حيث الكتابة والقراءة ، بينما العرب كانوا متخلّفين ، مع ذلك القرآن الكريم يسمي مناطقهم قرى ولا يسمّيها مدن ; لأنّ القرآن يعتبر أنّ المدنية تتمثّل في الإقرار بأنّ مالك الملوك هو الله تعالى ، فالشخص الذي يقر بأنّ مالك الملوك هو الله يعتبر شخصاً متمدّناً ، والعلوم أسلحة وقدرات فإذا لم تهذّب بالالتزام الخلقي فإنّها ستكون أسلحة فتّاكة تورث الجحيم للبشرية ، أمّا إذا هذّبت بالالتزام الخلقي فسوف توفّر النعيم للبشرية.
__________________
١ ـ الحشر (٥٩) : ٦.
٢ ـ الحشر (٥٩) : ٧.