تحدّثك نفسك بالانتقام منه والنقمة عليه ، ولكن الإعراض لا يبقى في نفس الإنسان بعد أن يعفو عن الجاهل شيءٌ ، وقد يعبّر عن الإعراض بالصفح ، ( فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) (١) ، وذكر علماء الأخلاق والتفسير والفقه والقانون أنّ هذه الآية ( خُذْ الْعَفْوَ ... ) (٢) من أمهات الآيات ، وقد جمعت أُصول علم الأخلاق ، والبحث فيها طويل.
كظم الغيظ ، والسيطرة على القوّة الغضبية
الآية الأُخرى تقول : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (٣) ، وكظم الغيظ يعني : مسك النفس وحبس الغيظ والسيطرة على القوّة الغضبية ، وتعاليم أهل البيت عليهمالسلام تحثّنا على أن لا نؤدّب أولادنا في حالة الغضب والغيظ (٤) لأنّ الغضب قد يخرج التأديب عن هادفيته ، فكظم الغيظ يعني : إخماد سَوْرَة الغضب ، وهذه توصية اجتماعية ، وليست توصية فردية فقط ، والغضب قد يخرج القاضي حينما يقضي عن إطار تحكيم العقل بصورة صحيحة لما للقوّة الغضبية من أثر سلبي في هذا المجال ، وعندما يهدأ الغضب يبدأ العقل في العمل بصورة طبيعية بعيدة عن أيّ مؤثّرات قد تؤثّر على الحكم الصحيح.
اختلاف المصطلحات
إذن عندنا ثلاثة مصطلحات : الأوّل : هو العفو ، وهو أن تسامح المعتدي عليك ،
__________________
١ ـ الحجر (١٥) : ٨٥.
٢ ـ الأعراف (٧) : ١٩٩.
٣ ـ آل عمران (٣) : ١٣٤.
٤ ـ بحار الأنوار ٧١ : ٤٢٨ ، كتاب الايمان والكفر ، باب الحلم والعفو وكظم الغيظ ، كقول علي عليهالسلام : « ولا نسب أوضع من الغضب ».