القسم الثالث والثلاثون
الاستفهام
وهو على قسمين : استفهام العالم بالشيء مع علمه به. ومراده بذلك معان ستة.
الأول : التقرير ومرادك باستفهامك عن ذلك الشيء أن يقربه الفاعل كقوله تعالى حكاية عن قوم نمروذ : ( أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ ) ولا شبهة أنه ليس غرضهم أن يقر لهم بوجود كسر الاصنام ، ولكن غرضهم أن يقرّ بأن ذلك منه لا من غيره.
الثاني : يراد به الإنكار وهو كقوله تعالى : ( أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ ). وقوله تعالى : ( أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ) والانكار هاهنا في نفس الفعل أنكر الله عليهم كونهم جعلوا الملائكة إناثا ، وقالوا هم بنات الله تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وكذلك قوله تعالى : ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) المقصود إنكار أصل الإذن لا انكار إنه كان من غير الله ، وأضافوه إلى الله. وكذلك قوله تعالى : ( آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ) تقديره لو وجدتم التحريم لكان محرما ، إما ذا أو ذاك ، ثم يستدل ببطلان الأصلين على بطلان القسمين على بطلان أصل التحريم. ومثله قولك للرجل