لكن يكفي في الجواب عنه ما تقدّم سابقاً من أنّ هذا الحديث في أعلى درجات الصحّة عند القوم ، فقد رووه بالأسانيد المعتبرة والطرق المتكثرة عن جمع غفير من الصّحابة ، ثم نصّوا على صحّته وقالوا بتواتره عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... وأخرجه الشيخان في صحيحيهما ، وكذا غيرهما من أصحاب الصّحاح ... فإذا لم يكن هذا الحديث صحيحاً سنداً فأيّ حديث عندهم صحيح؟ وإذا أمكن القدح في سند هكذا صحيح فبأيّ شيء يمكنهم إثبات فضيلةٍ لمشايخهم أو معتَقدٍ من عقائدهم أو حكمٍ من الأحكام الشرعية؟
فإذا كان هذا حال أساطين أهل السنة في مقابلة الشيعة ، فأيّ خيرٍ منهم يطلب ، وأيّ إنصافٍ يرتجى في شيء من المباحث العلميّة؟
ومن هنا يعلم أنْ لا ملاك عند القوم ولا ضابطة يقفون عندها ولا قاعدة يلتزمون بها ... في البحث مع الشّيعة ...
لقد وصف ابن حجر المكّي الصحيحين بأنهما « أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به » (١) وكذا قال غيره كما لا يخفى على من راجع ( المنهاج في شرح المنهاج للنووي ) و ( شرح النخبة لابن حجر العسقلاني ) و ( قرة العينين للدهلوي ) وغيرها.
وزعموا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل كتاب البخاري كتابه ، وأمر بدراسته ، كما في ( مقدمة فتح الباري ).
ونقلوا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم الحكم بصحّة جميع أحاديث البخاري والإذن بروايتها عنه ، وكذا صحيح مسلم كما في ( الدر الثمين في
__________________
(١) الصواعق المحرقة ، الفصل الأوّل ، في كيفيّة خلافة أبي بكر.