احتجّ المانعون بوجهين
أمّا الاوّل : لو جاز ذلك للزم البداء المحال في حقّه تعالى لاستلزامه تغيير الارادة مع اتّحاد الفعل.
أمّا الثّاني : أنّ الفعل إن كان مشتملا على مصلحة مقتضية للامر به أو لا امتنع النّهي عنه ثانيا ، وإلّا امتنع الامر به أوّلا ، وكلا الوجهين فاسدان : لانّ النّسخ في الاحكام الشّرعية ليس بحسب الحقيقة كالنّسخ في الاحكام العرفيّة في كونه رفعا للحكم ثبوتا ، وبداء وظهورا لما خفي أوّلا كي يلزم شيء من المحذورين المتقدّمين في الوجهين ، بل هو حقيقة رفع للحكم إثباتا ودفع له ثبوتا وإظهار وإبداء لما اقتضت الحكمة اخفائه أوّلا من اظهار دوام الحكم واستمراره أو أصل إنشائه واقرار ابتلاء وامتحانا ، مع أنّه ليس بمستمر أو مستقر واقعا ، فليست المصلحة إلّا في نفس اظهار دوام الحكم أو في اصل إنشائه ولم تتعلق الارادة قبل إلّا بذلك ، فلا يلزم من النّسخ قبل حضور وقت العمل بالمنسوخ شيء من المحذورين ، ولعلّ من هذا القبيل أمر ابراهيم عليهالسلام بذبح ولده إسماعيل على نبيّنا وآله وعليهماالسلام هذا في حقّه تبارك وتعالى ، وأمّا في حقّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الصّادع للشّرع أو غيره من الأنبياء والأولياء عليهمالسلام فيمكن أن يؤمر وحيا أو إلهاما بإظهار نفس الحكم أو استمراره مع اطلاعه على حقيقة الحال وأنّه سينسخ في الاستقبال ، ومع عدم اطلاعه كذلك كما في أمر إبراهيم الخليل صلىاللهعليهوآله بذبح ولده إسماعيل صلىاللهعليهوآله فإنّ الظّاهر كونه من هذا القبيل ، وذلك لعدم قيام دليل عقلي من إجماع أو ضرورة أو نحوهما ، ولا برهان عقلي على لزوم إحاطته واطلاعه بجميع ما حوى في علم الله سبحانه وإن كان ربّما يتفق له حالة المعراج وارتقاء النّفس باتّصالها بعالم اللّوح المحفوظ وأم