تفسير البغوي - ج ٥

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي

تفسير البغوي - ج ٥

المؤلف:

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي


المحقق: عبدالرزاق المهدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٣

لِلْحَوارِيِّينَ)، أي انصروا دين الله مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى عليه‌السلام ، (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) ، أي من ينصرني مع الله ، (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) ، قال ابن عباس : يعني في زمن عيسى عليه‌السلام.

وذلك أنه لما رفع تفرق قومه ثلاث فرق : فرقة قالوا كان الله فارتفع ، وفرقة قالوا : كان ابن الله فرفعه الله إليه ، وفرقة قالوا كان عبد الله ورسوله فرفعه إليه وهم المؤمنون ، واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس ، فاقتتلوا فظهرت الفرقتان الكافرتان على المؤمنين حتى بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فظهرت [الفرقة](١) المؤمنة على الكافرة ، فذلك قوله تعالى : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) ، غالبين عالين.

وروى مغيرة عن إبراهيم قال فأصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن عيسى كلمة الله وروحه.

سورة الجمعة

مدنية [وهي إحدى عشرة آية](٢)

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣))

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ) ، يعني العرب كانت أمة أمية لا تكتب ولا تقرأ (رَسُولاً مِنْهُمْ) ، يعني محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم نسبه نسبهم ، ولسانه لسانهم ليكون أبلغ في إقامة الحجة عليهم (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، أي ما كانوا قبل بعثة الرسول إلا في ضلال مبين يعبدون الأوثان.

(وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) ، وفي آخرين وجهان من الإعراب أحدهما الخفض على الرد إلى الأميين مجازه وفي آخرين والثاني النصب على الرد إلى الهاء والميم في قوله (وَيُعَلِّمُهُمُ) أي ويعلم آخرين منهم ، أي [من](٣) المؤمنين الذين يدينون بدينهم ، لأنهم إذا أسلموا صاروا منهم ، فإن المسلمين كلهم أمة واحدة.

واختلفوا العلماء فيهم فقال قوم : هم العجم ، وهو قول ابن عمر وسعيد بن جبير ورواية ليث عن مجاهد ، والدليل عليه :

__________________

(١) زيادة من المخطوط.

(٢) زيد في المطبوع.

(٣) زيادة عن المخطوط.

٨١

[٢١٨٩] ما أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن المعلم الطوسي بها ثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب أنا أبو النضر (١) محمد بن محمد بن يوسف ثنا الحسن (٢) بن سفيان وعلي بن طيفور وأبو العباس الثقفي قالوا : حدثنا قتيبة ثنا عبد العزيز عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة قال : كنا جلوسا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة ، فلما قرأ : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله فلم يراجعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى سأله مرتين أو ثلاثا ، قال : وفينا سلمان الفارسي؟ قال : فوضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده على سلمان ، ثم قال : «لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء».

[٢١٩٠] أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري أنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز (٣) أنا محمد بن زكريا العذافري أنا إسحاق الدبري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن جعفر الجزري (٤) عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو كان الدين عند الثريا لذهب إليه رجل أو قال رجال من أبناء فارس حتى يتناولوه».

وقال عكرمة ومقاتل : هم التابعون. وقال ابن زيد : هم جميع من دخل في الإسلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [إلى يوم القيامة](٥) وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد. قوله : (لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) ، أي لم يدركوهم ولكنهم يكونون بعدهم. وقيل (لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) أي في الفضل والسابقة لأن التابعين لا يدركون شيئا [مما أدركه](٦) الصحابة. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

__________________

ـ قتيبة هو ابن سعيد ، عبد العزيز هو ابن محمد الدراوردي ، احتج به مسلم ، وروى له البخاري متابعة وتعليقا ، ثور هو ابن يزيد ، أبو الغيث هو سالم مولى ابن مطيع.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٨٩٣ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٩٨ ومسلم ٢٥٤٦ ح ٢٣١ والنسائي في «فضائل الصحابة» ١٧٣ وأحمد ٢ / ٤١٧ وابن حبان ٧٣٠٨ من طرق عن عبد العزيز الدراوردي به.

ـ ورواية البخاري لعبد العزيز إنما هي متابعة ، فقد تابعه سليمان بن بلال.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٩٧ والترمذي : ٣٣١٠ و ٣٩٣٣ من طرق ثور بن يزيد به.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٢٦١ وابن حبان ٧١٢٣ والبيهقي في «الدلائل» ٦ / ٣٣٤ من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة به.

[٢١٩٠] ـ صحيح. إسحاق الدبري ثقة ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه على شرط مسلم.

ـ إسحاق هو ابن إبراهيم ، عبد الرزاق بن همام ، معمر بن راشد ، جعفر بن برقان.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٨٩٤ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٢٥٤٦ ح ٢٣٠ وأحمد ٢ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩ من طريق عبد الرزاق به.

ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٢٩٦ و ٤٢٠ و ٤٢٢ وأبو نعيم في «الحلية» ٦ / ٦٤ من طرق عن عوف عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه ابن حبان ٧٣٠٩ من طريق يحيى بن أبي الحجاج عن عوف عن ابن سيرين عن أبي هريرة.

[٢١٩١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.

(١) في المطبوع «النصر» وهو خطأ.

(٢) تصحف في المطبوع «الحسين».

(٣) تصحف في المطبوع «البزار».

(٤) تصحف في المطبوع «الجرزي».

(٥) سقط من المطبوع.

(٦) سقط من المطبوع.

٨٢

(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨))

(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ، يعني الإسلام والهداية. (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).

قوله عزوجل : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) ، أي كلفوا القيام بها والعمل بما فيها ، (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) ، لم يعملوا بما فيها ولم يؤدوا حقها ، (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) ، أي كتبا من العلم واحدها سفر ، قال الفراء : هي الكتب العظام يعني كما أن الحمار يحملها ولا يدري ما فيها ولا ينتفع بها ، كذلك اليهود يقرءون التوراة ولا ينتفعون بها لأنهم خالفوا ما فيها ، (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب الأنبياء يعني : من سبق في علمه أنه [لا يؤمن](١) لا يهديهم.

(قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ) ، من دون محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه ، (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) ، فادعوا بالموت على أنفسكم ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، أنكم أبناء الله وأحباؤه فإن الموت هو الذي يوصلكم إليه.

(وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩))

قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) ، أي في يوم الجمعة كقوله : (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) [فاطر : ٤٠] أي في الأرض ، وأراد بهذا النداء الأذان عند قعود الإمام على المنبر للخطبة.

[٢١٩١] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٢) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا

__________________

ـ آدهم هو ابن أبي إياس ، ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٦٦ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٩١٢ عن آدم بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٥١٦ من طريق ابن أبي ذئب به.

ـ وأخرجه أبو داود ١٠٨٧ والنسائي ٣ / ١٠٠ وابن ماجه ١١٣٥ وأحمد ٢ / ٣٢٦ و ٣٢٧ من طرق عن الزهري به.

(١) سقط من المطبوع.

(٢) زيادة عن المخطوط.

٨٣

محمد بن إسماعيل ثنا آدم ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث (١) على الزوراء.

قرأ الأعمش : (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) بسكون الميم ، وقرأ العامة بضمها ، واختلفوا في تسمية هذا اليوم جمعة ، منهم من قال : لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم عليه‌السلام.

وقيل : لأن الله تعالى فرغ فيه من خلق الأشياء فاجتمعت فيه المخلوقات. وقيل : لاجتماع الجماعات فيها. وقيل : لاجتماع الناس فيها للصلاة. وقيل : أول من سماها جمعة كعب بن لؤي قال أبو سلمة (٢) : أول من قال أما بعد كعب بن لؤي ، وكان أول من سمى الجمعة جمعة ، وكان يقال له : يوم العروبة.

وعن ابن سيرين قال : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، [قبل أن تنزل](٣) يوم الجمعة وهم الذين سموها الجمعة. وقالوا لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام ، وللنصارى يوم ، فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه ، فنذكر الله ونصلي فيه ، فقالوا : يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى ، فاجعلوه يوم العروبة ، فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة ، ثم أنزل الله عزوجل في ذلك بعد.

وروي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة ، فقلت له : إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال : لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في بقيع يقال له : بقيع الخضمات ، قلت له : كم كنتم يومئذ؟ قال : أربعون.

[٢١٩٢] وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأصحابه [على ما](٤) ذكر أهل السير : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف ، وذلك يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين امتد الضحى ، فأقام بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء ويوم الخميس ، وأسس مسجدهم ، ثم خرج من بين أظهرهم يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم ، وقد اتخذوا في ذلك الموضع مسجدا فجمع هناك وخطب.

قوله تعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) ، أي فامضوا إليه واعملوا له ، وليس المراد من السعي الإسراع إنما المراد منه العمل والفعل ، كما قال : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) [البقرة : ٢٠٥] ، وقال : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤) [الليل : ٤] ، وكان عمر بن الخطاب يقرأ : فامضوا إلى ذكر الله ، وكذلك هو في قراءة عبد الله بن مسعود.

__________________

[٢١٩٢] ـ أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٢ / ٥١٢ عن محمد بن جعفر عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويم قال : أخبرني بعض قومي. قال : قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم .... فذكره بأتم منه ، ولأصله شواهد.

(١) في المطبوع «الثاني».

(٢) تصحف في المطبوع «سلعة».

(٣) العبارة في المطبوع «وقيل إن ينزل يوم».

(٤) زيادة عن المخطوط.

٨٤

وقال الحسن : أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع. وعن قتادة في هذه الآية : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) قال : السعي أن تسعى بقلبك وعملك وهو المشي إليها ، وكان يتأول قوله : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) [الصافات : ١٠٢] يقول فلما مشى معه.

[٢١٩٣] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا محمد بن [أحمد بن](١) محمد بن معقل الميداني ثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، ولكن ائتوها تمشون وعليكم السكينة (٢) ، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا».

قوله : (إِلى ذِكْرِ اللهِ) أي الصلاة ، وقال سعيد بن المسيب : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) قال هو موعظة الإمام ، (وَذَرُوا الْبَيْعَ) ، يعني البيع والشراء لأن اسم البيع يتناولهما جميعا. وإنما يحرم البيع والشراء عند

__________________

[٢١٩٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ عبد الرزاق بن همام ، معمر بن راشد ، الزهري محمد بن مسلم ، ابن المسيب هو سعيد.

ـ وهو في «شرح السنة» ٤٤٢ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «مصنف عبد الرزاق» ٣٤٠٤ عن معمر بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٢٨ وأحمد ٢ / ٢٧٠ وابن الجارود ٣٠٦ من طريق عبد الرزاق به.

ـ وأخرجه مسلم ٦٠٢ ح ١٥١ والترمذي ٣٢٩ والنسائي ٢ / ١١٤ ـ ١١٥ وأحمد ٢ / ٢٣٨ وابن أبي شيبة ٢ / ٣٥٨ والحميدي ٩٣٥ وابن الجارود ٣٠٥ والطحاوي في «المعاني» ١ / ٣٩٦ وابن حبان ٢١٤٥ والبيهقي ٢ / ٢٩٧ من طرق عن سفيان عن الزهري به.

ـ وأخرجه مسلم ٦٠٢ ح ١٥٣ وأحمد ٢ / ٣١٨ وأبو عوانة ١ / ٤١٣ و ٢ / ٨٣ والبيهقي ٢ / ٢٩٥ و ٢٩٨ من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به ، وهو في «المصنف» برقم : ٣٤٠٢.

ـ وأخرجه مسلم ٦٠٢ ح ١٥٤ وأحمد ٢ / ٤٢٧ والطحاوي في «المعاني» ١ / ٣٩٦ وأبو عوانة ٢ / ٨٣ والبيهقي ٢ / ٢٩٨ من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٤٩ من طريق أبي رافع عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه مسلم ٦٠٢ ح ١٥٢ والطحاوي ١ / ٣٩٦ والبيهقي ٢ / ٢٩٨ والبغوي ٤٤٣ من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه البخاري ٦٣٦ و ٩٠٨ ومسلم ٦٠٢ ح ١٥١ وابن ماجه ٧٧٥ والشافعي ١ / ١٤٥ ـ ١٤٦ وأحمد ٢ / ٥٣٢ وأبو داود ٥٧٢ وابن حبان ٢١٤٦ والطحاوي ١ / ٣٩٦ والبيهقي ٢ / ٢٩٧ من طرق عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه البخاري ٩٠٨ ومسلم ٦٠٢ والترمذي ٣٢٧ وأحمد ٢ / ٢٣٩ و ٤٥٢ والبيهقي ٢ / ٢٩٧ من طرق عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه أبو داود ٥٧٣ وأحمد ٢ / ٣٨٦ والطيالسي ٢٣٥٠ والطحاوي ١ / ٣٩٦ من طريق سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٢٨٢ و ٤٧٢ وابن أبي شيبة ٢ / ٣٥٨ وعبد الرزاق ٣٤٠٥ من طريق سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة.

(١) سقط من المطبوع.

(٢) زيد في المطبوع «والوقار» وليس في المخطوط و «شرح السنة».

٨٥

الأذان الثاني ، وقال الزهري عند خروج الإمام. وقال الضحاك : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء ، (ذلِكُمْ) ، الذي ذكرت من حضور الجمعة وترك البيع ، (خَيْرٌ لَكُمْ) ، من المبايعة ، (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، مصالح أنفسكم ، واعلم أن صلاة الجمعة من فروض الأعيان فتجب على كل من جمع العقل والبلوغ والحرية والذكورة والإقامة إذا لم يكن له عذر فمن تركها استحق الوعيد وأما الصبي والمجنون فلا جمعة عليهما ، لأنهما ليسا من أهل أن يلزمهما فروض (١) الأبدان لنقصان أبدانهما ، ولا جمعة على النساء بالاتفاق.

[٢١٩٤] أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز [بن](٢) أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم

__________________

[٢١٩٤] ـ متن صحيح بشواهده.

ـ إسناده ضعيف جدا ، إبراهيم بن محمد هو الأسلمي متروك متهم ، تفرد الشافعي بتوثيقه ، ولم يتابع عليه ، فقد كذبه جماعة ، وقال الحافظ في «التقريب» : متروك ا ه.

ـ وشيخه مجهول ، وشيخ محمد بن كعب لم يسم ، ولم يذكر أنه من الصحابة لكن للحديث شواهد ، فالمتن صحيح.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٥١ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «مسند الشافعي» ١ / ١٣٠ عن إبراهيم بن محمد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البيهقي ٣ / ١٧٢ من طريق الشافعي به.

ـ وله شاهد من حديث طارق بن شهاب :

ـ وأخرجه أبو داود ١٠٦٧ والدار قطني ٢ / ٣ والبيهقي ٣ / ١٧٢ والطبراني في «الأوسط» ٥٦٧٥.

ـ وقال أبو داود : طارق رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يسمع منه شيئا.

ـ ونقل الزيلعي ٢ / ١٩٩ عن النووي في «الخلاصة» قوله : وهذا غير قادح في صحته ، فإنه مرسل صحابي ، وهو حجة ، والحديث على شرط الشيخين ، وأقرّه الزيلعي.

ـ وأخرجه الحاكم ١ / ١٨٨ عن طارق عن أبي موسى مرفوعا ، وصححه على شرطهما ، وقال : قد احتجا بهريم بن سفيان. ووافقه الذهبي.

ـ وهريم قال عنه في «التقريب» : صدوق روى عنه الجماعة.

ـ وقال البيهقي ٣ / ١٧٢ ـ ١٧٣ : ليس بمحفوظ ذكر أبي موسى.

ـ وقال الحافظ في «التلخيص» ٢ / ٦٥ : صححه غير واحد ، وفي الباب شواهد.

ـ وله شاهد آخر من حديث جابر :

ـ أخرجه الدار قطني ٢ / ٣ ، وفي إسناده ابن لهيعة ، وهو ضعيف.

ـ ومن حديث أبي هريرة :

ـ أخرجه الطبراني في «الأوسط» ٤٠٢ بزيادة «المسافر وأهل البادية».

ـ قال الهيثمي في «المجمع» ٢ / ١٧٠ : وفيه إبراهيم بن حماد ، ضعفه الدارقطني.

ـ ومن حديث أبي الدرداء :

ـ أخرجه الطبراني في «الكبير» كما في «المجمع» ٢ / ١٧٠ وإسناده واه.

ـ قال الهيثمي : وفيه ضرار روى عن التابعين ، وأظنه ابن عمرو الملطي ، وهو ضعيف.

ـ وحديث تميم الداري :

ـ أخرجه البخاري في «تاريخه» ٢ / ٣٣٥ والطبراني كما في «نصب الراية» ٢ / ١٩٩ والبيهقي ٣ / ١٨٣ و ١٨٤.

ـ وإسناده ضعيف ، لضعف الحكم بن عمرو. قال عنه يحيى : ليس بشيء وفيه أيضا ضرار بن عمرو ، وهو واه.

ـ الخلاصة : هو حديث صحيح بطرقه وشواهده.

(١) في المطبوع «فرض».

(٢) سقط من المطبوع.

٨٦

أنا الربيع أنا الشافعي أنا إبراهيم بن محمد حدثني سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن كعب أنه سمع رجلا من بني وائل يقول : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبيا أو مملوكا».

وذهب أكثرهم إلى أنه لا جمعة على العبيد. وقال الحسن وقتادة والأوزاعي : تجب على العبد المخارج. ولا [تجب](١) على المسافر عند الأكثرين. وقال النخعي والزهري : تجب على المسافر إذا سمع النداء ، وكل من له عذر من مرض أو تعهد مريض أو خوف ، جاز له ترك الجمعة ، وكذلك له تركها بعذر المطر والوحل.

[٢١٩٥] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل [حدثنا مسدد](٢) حدثنا إسماعيل أخبرنا عبد الحميد (٣) صاحب الزيادي ثنا عبد الله بن الحارث [ابن عم](٤) محمد بن سيرين [قال](٥) قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم ، فكأن الناس استنكروا ، فقال : فعله من هو خير مني إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم من بيوتكم فتمشوا في الطين والدحض.

وكل من لا يجب عليه حضور الجمعة ، فإذا حضر وصلى مع الإمام الجمعة سقط عنه فرض الظهر ، ولكن لا يكمل به عدد الجمعة إلا صاحب العذر ، فإنه إذا حضر يكمل به العدد.

[٢١٩٦] أخبرنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه

__________________

[٢١٩٥] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.

ـ مسدد هو ابن مسرهد ، إسماعيل هو ابن علية.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٩٠١ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٦١٦ و ٦٦٨ ومسلم ٦٩٩ وأبو داود ١٠٦٦ وابن خزيمة ١٨٦٥ والطحاوي في «المشكل» ٦٠٨٦ والبيهقي ٣ / ١٨٥ و ١٨٦ من طرق عن عبد الحميد به.

ـ وقرن في بعض الروايات أيوب السختياني ، أو عاصم الأحول مع عبد الحميد.

ـ وأخرجه مسلم ٦٩٩ ح ٢٧ و ٢٩ وابن ماجه ٩٣٩ وابن خزيمة ١٨٦٤ من طرق عاصم الأحول ومسلم ٦٩٩ ح ٢٧ و ٣٠ من طريق أيوب السختياني كلاهما عن عبد الله بن الحارث به.

ـ قال مسلم : قال وهيب ـ ابن خالد ـ : لم يسمعه منه.

ـ يشير إلى أن أيوب لم يسمعه من عبد الله بن الحارث.

ـ وأخرجه أحمد ١ / ٢٧٧ والطبراني ١٢٨٧٢ من طريقين عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن ابن عباس به ، وإسناده منقطع بن سيرين وابن عباس.

ـ وأخرجه ابن ماجه ٩٣٨ من طريق عباد بن منصور عن عطاء عن ابن عباس.

[٢١٩٦] ـ صحيح. يحيى بن حسان ثقة روى له الشيخان ، ومن دونه توبعوا ، وباقي الإسناد على شرط مسلم.

ـ أبو سلّام ، اسمه ممطور ، مشهور بكنيته.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٤٩ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٨٦٥ من طريق أبي توبة عن معاوية بن سلّام به.

ـ وأخرجه النسائي ٣ / ٨٨ من طريق يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن زيد بن أبي سلّام عن الحكم بن ميناء

(١) سقط من المطبوع.

(٢) زيادة عن المخطوط.

(٣) تصحف في المطبوع «المجيد».

(٤) تصحف في المطبوع «ابن عمر».

(٥) زيادة عن المخطوط.

٨٧

السرخسي في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة أنا عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي [ثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي](١) أنا يحيى بن حسان ثنا معاوية بن سلّام أخبرني زيد بن سلّام أنه سمع أبا سلّام يقول حدثني الحكم بن مينا أن ابن عمر حدثه وأبا هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول وهو على أعواد منبره : «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين».

[٢١٩٧] أخبرنا أبو عثمان الضبي أنا أبو محمد الجراحي (٢) ثنا أبو العباس المحبوبي ثنا أبو عيسى الترمذي ثنا علي بن خشرم أنا عيسى بن يونس عن محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان عن أبي الجعد يعني الضمري (٣) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ترك الجمعة ثلاثة مرات تهاونا بها طبع الله على قلبه».

واختلف أهل العلم في موضع إقامة الجمعة وفي العدد الذي تنعقد بهم (٤) الجمعة ، وفي المسافة التي يجب أن يؤتى منها.

أما الموضع فذهب قوم إلى أن كل قرية اجتمع فيها أربعون رجلا من أهل الكمال ، بأن يكونوا أحرارا عاقلين بالغين مقيمين لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة ، يجب عليهم إقامة الجمعة فيها ، وهو قول عبيد الله بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز ، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق ، وقالوا : لا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين رجلا على هذه الصفة وشرط عمر بن عبد العزيز مع عدد الأربعين أن يكون فيهم وال ، والوالي غير شرط عند الشافعي ، وقال علي : لا جمعة إلا في مصر جامع وهو قول أصحاب الرأي ، ثم عند أبي حنيفة رضي الله عنه تنعقد بأربعة والوالي شرط ، وقال الأوزاعي وأبو يوسف : تنعقد بثلاثة إذا كان فيهم وال. وقال الحسن وأبو ثور : تنعقد باثنين كسائر الصلوات. وقال ربيعة : تنعقد باثني عشر رجلا ، والدليل على جواز إقامتها في القرى.

[٢١٩٨] ما أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا

__________________

أنه سمع ابن عباس وابن عمر يحدثان ...

ـ وأخرجه أحمد ١ / ٢٣٩ و ٢٥٤ و ٣٣٥ وابن حبان ٢٧٨٥ من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلّام ممطور الأسود عن الحكم بن ميناء عن ابن عمر ، وابن عباس ...

ـ وأخرجه ابن خزيمة ١٨٥٥ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.

[٢١٩٧] ـ صحيح بشواهده.

ـ إسناده حسن لأجل محمد بن عمرو فإنه صدوق ، وباقي الإسناد ثقات ، وللحديث شواهد يصح بها.

ـ أبو الجعد ، صحابي له هذا الحديث ، قيل اسمه : أدرع ، وقيل : عمرو ، وقيل : جنادة.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٤٨ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «سنن الترمذي» ٥٠٠ عن علي بن خشرم بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو داود ١٠٥٢ والنسائي ٣ / ٨٨ وأحمد ٣ / ٤٢٤ والدارمي ١ / ٣٦٩ والحاكم ١ / ٢٨٠ و ٣ / ٦٢٤ وابن حبان ٢٧٨٦ وابن خزيمة ١٨٥٧ و ١٨٥٨ والبيهقي ٣ / ١٧٢ و ٢٤٧ من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة به.

ـ وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وقال الترمذي : حديث حسن.

ـ وله شواهد كثيرة ، انظر «أحكام القرآن» لابن العربي ٢١١٤ بتخريجي.

[٢١٩٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

(١) سقط من المطبوع.

(٢) تصحف في المطبوع «الخزاعي».

(٣) تصحف في المطبوع «العنميري».

(٤) في المطبوع «دب».

٨٨

محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن المثني أنا أبو عامر العقدي ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي جمرة الضبعي عن ابن عباس قال : إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسجد عبد القيس بجواثا (١) من البحرين.

وإذا كان الرجل مقيما في قرية لا تقام فيها الجمعة ، أو كان مقيما في برية ، فذهب قوم إلى أنه إن كان يبلغهم النداء من موضع الجمعة يلزمهم حضور الجمعة ، وإن كان لا يبلغهم النداء فلا جمعة عليهم ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق والشرط أن يبلغهم نداء مؤذن جهوري الصوت يؤذن (٢) في وقت تكون الأصوات فيه هادئة والرياح ساكنة ، فكل قرية تكون من موضع الجمعة في القرب على هذا القدر يجب على أهلها حضور الجمعة. وقال سعيد بن المسيب : تجب على كل من آواه المبيت. وقال الزهري : تجب على من كان على ستة أميال. وقال ربيعة ؛ على أربعة أميال. وقال مالك والليث : على ثلاثة أميال. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : لا جمعة على أهل السواد قريبة كانت القرية أو بعيدة. وكل من تلزمه صلاة الجمعة لا يجوز له أن يسافر يوم الجمعة بعد الزوال قبل أن يصلي الجمعة ، وجوّز أصحاب الرأي أن يسافر بعد الزوال إذا كان يفارق البلد قبل خروج الوقت ، أما إذا سافر قبل الزوال [أو] قبل طلوع الفجر فيجوز ، غير أنه يكره أن يكون سفره سفر طاعة من حج أو غزو ، وذهب بعضهم إلى أنه إذا أصبح يوم الجمعة مقيما فلا يسافر حتى يصلي الجمعة ، والدليل على جوازه ما.

[٢١٩٩] أخبرنا أبو عثمان الضبي أنا أبو محمد الجراحي أنا أبو العباس المحبوبي أنا أبو عيسى ثنا أحمد بن

__________________

ـ أبو عامر هو عبد الملك بن عمرو ، أبو جمرة هو نصر بن عمران.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٥٠ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٨٩٢ عن محمد بن المثنى بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٤٣٧١ وأبو داود ١٠٦٨ من طريق إبراهيم بن طهمان به.

[٢١٩٩] ـ حديث ضعيف ، والمتن غريب.

ـ إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطاة ، والحكم ثقة لكن ربما دلس ، ولم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث ، ذكرها الحافظ في «التهذيب» ٢ / ٣٧٣ ، وليس هذا منها.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٥٢ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «سنن الترمذي» ٥٢٧ عن أحمد بن منيع بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أحمد ١ / ٢٥٦ مختصرا من طريق أبي خالد الأحمر ، والبيهقي ٣ / ١٨٧ من الحسن بن عياش كلاهما عن الحجاج به.

ـ قال البيهقي : وروا أيضا ـ حماد بن سلمة وأبو معاوية عن حجاج بن أرطأة ، الحجاج ينفرد به.

ـ وله شاهد من حديث معاذ بن أنس :

ـ أخرجه أحمد ٣ / ٣٤٨ والطبراني في «الكبير» ٢٠ / ١٩٠ ـ ١٩١ من طريق ابن لهيعة عن زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه.

ـ وإسناده واه بمرة ، ابن لهيعة وزبان وسهل ثلاثتهم ضعفاء.

ـ وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٠ / ١٩١ من طريق رشدين عن زبان به. ورشدين واه ليس بشيء.

قال الهيثمي في «المجمع» ٥ / ٢٨٤ : وفيه زبان بن فائد ، وثقه أبو حاتم ، وضعفه جماعة ، وبقية رجاله ثقات.

(١) في المطبوع «بجؤاثى».

(٢) تصحف في المطبوع «مؤذن».

٨٩

منيع ثنا [أبو](١) معاوية عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه وقال : أتخلف فأصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم ألحقهم ، فلما صلى مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رآه فقال : «ما منعك أن تغدو مع أصحابك»؟ قال : أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم ، فقال : «لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت فضل غدوتهم» (٢).

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا عليه هيئة السفر يقول : لو لا أن اليوم يوم الجمعة لخرجت ، فقال عمر : اخرج فإن الجمعة لا تحبس أحدا عن سفر.

وقد ورد أخبار في سنن يوم الجمعة وفضله منها ما.

[٢٢٠٠] أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أنا زاهر بن أحمد الفقيه أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قال : خرجت إلى الطور فلقيت كعب الأحبار فجلست معه فحدثني عن التوراة وحدثته عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان فيما حدثته أن قلت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم ، وفيه أهبط وفيه تيب عليه ، وفيه مات وفيه تقوم الساعة ، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حين تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس ، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه» ، قال كعب : ذلك في كل

__________________

ـ بل سهل بن معاذ ضعفه ابن حبان وغيره ، وتقدم الكلام على ذلك.

ـ الخلاصة : هو حديث ضعيف ، والخبر غريب ، وشاهده واه ، لا يصلح شاهدا.

[٢٢٠٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٤٥ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «الموطأ» ١ / ١٠٨ ـ ١١٠ عن يزيد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو داود ١٠٤٦ والترمذي ٤٩١ وأحمد ٢ / ٤٨٦ والحاكم ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ وابن حبان ٢٧٧٢ من طرق عن مالك به.

ـ وصححه الحاكم عن شرطهما ، ووافقه الذهبي.

ـ وأخرجه عبد الرزاق ٥٥٨٣ من طريق الأعرج عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.

ـ وأخرجه عبد الرزاق ٥٥٨٥ من طريق ابن جريج عن رجل عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٥٠٤ والحاكم ١ / ٢٧٩ و ٢ / ٥٤٤ والبغوي ١٠٤٦ من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة.

ـ وأخرجه مسلم ٨٥٤ والترمذي ٤٨٨ والنسائي ٣ / ٨٩ ـ ٩٠ وأحمد ٢ / ٤٠١ و ٥١٢ من طريق عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة».

ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٥٤٠ من طريق عبد الله بن فروخ عن أبي هريرة.

ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٥١٨ ـ ٥١٩ من طريق سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما طلعت الشمس ، ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة هدانا الله له ، وأضل الناس عنه ، فالناس لنا فيه تبع هو لنا ، ولليهود يوم السبت ، وللنصارى يوم الأحد ، إن فيه لساعة لا يوافقها مؤمن يصلي يسأل الله عزوجل شيئا إلا أعطاه».

(١) سقط في المطبوع.

(٢) في المخطوط «غزوتهم».

٩٠

سنة يوم ، فقلت : بل في كل جمعة ، قال : فقرأ كعب التوراة قال : فصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال أبو هريرة : ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار وما حدثته في يوم الجمعة ، قال عبد الله بن سلام : قد علمت أية ساعة هي هي آخر ساعة في يوم الجمعة ، قال أبو هريرة : وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة؟ وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي فيها» وتلك ساعة لا يصلي فيها؟ فقال عبد الله بن سلام : ألم يقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصليها؟ قال أبو هريرة : بلى ، قال : فهو ذاك.

[٢٢٠١] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل».

[٢٢٠٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا آدم ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري أخبرني أبي عن عبد الله بن وديعة عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرّق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له

__________________

[٢٢٠١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر ، مالك بن أنس ، نافع مولى ابن عمر.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٣٤ بهذا الإسناد.

ـ هو في «الموطأ» ١ / ١٠٢ عن مالك به.

ـ وأخرجه البخاري ٨٧٧ والنسائي ٣ / ٩٣ وأحمد ٢ / ٦٤ والدارمي ١ / ٣٦١ والطحاوي في «المعاني» ١ / ١١٥ من طريق مالك به.

ـ وأخرجه مسلم ٨٤٤ وابن ماجه ١٠٨٨ والحميدي ٦١٠ وابن أبي شيبة ٢ / ٩٣ و ٩٥ و ٩٦ وأحمد ٢ / ٣ و ٤١ و ٤٢ و ٤٨ و ٧٥ و ٧٨ و ٢٤٥ والطحاوي ١ / ١١٥ وابن خزيمة ١٧٥٠ و ٧٥١ وابن حبان ١٢٢٤ والطبراني ١٣٣٩٢ والبيهقي ١ / ٢٩٧ من طرق عن نافع به.

ـ وأخرجه البخاري ٨٩٤ و ٩١٩ ومسلم ٨٤٤ والترمذي ٤٩٢ والشافعي ١ / ١٥٤ وعبد الرزاق ٥٢٩٠ و ٥٢٩١ والحميدي ٦٠٨ وأحمد ٢ / ٩ و ٣٧ وابن الجارود ١٢٢٣ وابن خزيمة ١٧٤٩ والطحاوي ١ / ١١٥ وابن حبان ١٢٢٣ والبيهقي في «السنن» ١ / ١٩٣ و ٣ / ١٨٨ من طرق عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه.

ـ وأخرجه ابن أبي شيبة ١ / ٩٣ وأحمد ٢ / ٥٣ و ٥٧ والطحاوي ١ / ١١٥ من طرق عن أبي إسحاق عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر به.

[٢٢٠٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.

ـ آدم هو ابن أبي إياس ، ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن ، سعيد هو ابن أبي سعيد المقبري.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٥٣ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٨٨٣ عن آدم بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٩١٠ وأحمد ٥ / ٤٣٨ و ٤٤٠ والدارمي ١ / ٣٦٢ وابن حبان ٢٧٧٦ من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ـ وأخرجه ابن ماجه ١٠٩٧ وأحمد ٥ / ١٨١ وابن خزيمة ١٧٦٣ و ١٧٦٤ و ١٨١٢ من طريق ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن عبد الله بن وديعة عن أبي ذر مرفوعا بمثله.

ـ وأخرجه النسائي ٣ / ١٠٤ وأحمد ٥ / ٤٤٠ من طريق إبراهيم عن علقمة بن قيس عن القرثع الضبي وكان من القرّاء الأولين عن سلمان بنحوه.

ـ ووثق رجاله ابن حجر في «فتح الباري» ٢ / ٣٧١.

٩١

ما بينه وبين الجمعة الأخرى».

[٢٢٠٣] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ثنا حميد بن زنجويه ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي أمامة يعني ابن سهل بن حنيف حدثاه عن أبي سعيد وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من اغتسل يوم الجمعة واستن ومس من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد ، فلم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع ، وأنصت إذا خرج الإمام كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي كانت قبلها» ، وقال أبو هريرة : وزيادة ثلاثة أيام لأن الله تعالى يقول : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠].

[٢٢٠٤] أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز الفاشاني أنا القاسم بن جعفر الهاشمي أنا أبو علي محمد ابن أحمد بن علي اللؤلؤي ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ثنا محمد بن حاتم الجرجرائي ثنا ابن المبارك عن

__________________

[٢٢٠٣] ـ صحيح ، رجاله ثقات ، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس ، وقد صرح بالتحديث عند ابن حبان وغيره ، وقد توبع عند مسلم.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٥٦ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو داود ٣٤٣ وأحمد ٣ / ٨١ وابن خزيمة ١٧٦٢ والحاكم ١ / ٢٨٣ وابن حبان ٢٧٧٨.

وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.

ـ وأخرجه مسلم ٨٥٧ وابن حبان ٢٧٨٠ والبغوي في «شرح السنة» ١٠٥٤ من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه.

ـ الخلاصة : هو حديث صحيح ، والله أعلم.

[٢٢٠٤] ـ إسناد حسن ، والمتن غريب.

ـ محمد بن حاتم ثقة ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم سوى أبي الأشعث ، تفرد عنه مسلم ، وقد وثقه العجلي وابن حبان ، ولم أجد من وثقه من المتقدمين الأثبات ، فقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٤ / ٣٧٣ والبخاري في «التاريخ» ٢ / ٢ / ٢٥٥ فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا ، نعم روى عنه غير واحد من الثقات ، فهو يقتضي توثيق الرجل ، لكن لا يعني إتقانه مع عدم توثيق الأقدمين له يجعل حديثه ينحط عن درجة الصحيح ، مع غرابة متنه.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٦٠ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «سنن أبي داود» ٣٤٥ عن محمد بن حاتم الجرجرائي بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه ابن ماجه ١٠٨٧ وأحمد ٤ / ١٠٤ والحاكم ١ / ٢٨٢ وابن حبان ٢٧٨١ من طرق عن ابن المبارك به.

ـ وأخرجه الترمذي ٤٩٦ والنسائي ٣ / ٩٥ ـ ٩٦ والدارمي ١ / ٣٦٣ وابن خزيمة ١٧٦٧ والحاكم ١ / ٢٨١ ـ ٢٨٢ والبغوي «شرح السنة» ١٠٥٩ من طريق يحيى بن الحارث عن أبي الأشعث الصنعاني به.

ـ وأخرجه أحمد ٤ / ١٠٤ والحاكم ١ / ٢٨١ وابن خزيمة ١٧٥٨ من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني به.

ـ ولم يتابع أبو الأشعث عليه ، والصحيح حديث مسلم برقم ٨٥٧ وتقدم مع المتقدم ، ولفظ مسلم «من اغتسل ... غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ، وزيادة ثلاثة أيام» أخرجه من طريق سهيل والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وهذا إسناد كالشمس ، وهذا اللفظ أشبه من الأول ، فإن في الأول مبالغة ، والله أعلم ، ومما يدل على عدم شهرة أبي الأشعث بالرواية الاختلاف في اسمه ، فقيل : شراحيل بن آده ، وقيل : شراحيل بن شرحبيل ، ويقال : شراحيل بن كليب ، ويقال : شراحيل بن شراحيل ، ويقال : شراحبيل بن شرحبيل.

ـ الخلاصة : المتن غريب ، والحديث ليس في غاية الصحة بل هو حسن ، والله تعالى أعلم.

٩٢

الأوزاعي حدثنا حسان بن عطية حدثني أبو الأشعث الصنعاني حدثني أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ، ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها».

[٢٢٠٥] أخبرنا عبد الوهّاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا كان يوم الجمعة كان (١) على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم ، الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف. واستمعوا الخطبة والمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ، ثم الذي يليه كالمهدي شاة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا حتى ذكر الدجاجة والبيضة».

قوله عزوجل : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) ، أي إذا فرغ من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم ، (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) ، يعني الرزق وهذا أمر إباحة كقوله : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) [المائدة : ٢] ، قال ابن عباس : إن شئت فاخرج وإن شئت فاقعد وإن شئت فصل إلى العصر ، وقيل : فانتشروا في الأرض ليس لطلب الدنيا ولكن لعيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله. وقال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول : (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) هو طلب العلم. (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

(فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١))

قوله عزوجل : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) الآية.

[٢٢٠٦] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا

__________________

[٢٢٠٥] ـ صحيح ، إسناده صحيح ، الشافعي ثقة إمام ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، سفيان هو ابن عيينة.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٥٦ بهذا الإسناد.

ـ هو في «مسند الشافعي» ١ / ١٣١ عن سفيان بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٨٥١ والنسائي ٣ / ٩٨ وابن ماجه ١٠٩٢ وأحمد ٢ / ٢٣٩ من طرق عن سفيان به.

ـ وأخرجه البخاري ٩٢٩ و ٣٢١١ ومسلم ٨٥٠ ح ٢٤ والنسائي ٢ / ١١٦ و ٣ / ٩٧ ـ ٩٨ وأحمد ٢ / ٢٥٩ و ٢٨٠ والدارمي ١ / ٣٦٣ من طريق الزهري عن أبي عبد الله الأعز عن أبي هريرة بأتم منه ـ وأخرجه ابن حبان ٢٧٧٤ من طريق روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة بأتم منه.

ـ وأخرجه البخاري ٣٢١١ والدارمي ١ / ٣٦٢ من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة.

[٢٢٠٦] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ خالد بن عبد الله هو الطحان الواسطي ، حصين هو ابن عبد الرحمن السلمي ، أبو سفيان هو طلحة بن نافع.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٩٩ عن حفص بن عمر بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٨٦٣ ح ٣٧ من طريق خالد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٩٣٦ و ٢٠٦٤ و ٣٣٠٨ ومسلم ٨٦٣ وأبو يعلى ١٨٨٨ والطبري ٣٤٣٦ و ٣٤١٤٤ والدارقطني. ـ

(١) في المطبوع «وقفت».

٩٣

محمد بن إسماعيل ثنا حفص بن عمر ثنا خالد بن عبد الله أنا حصين عن سالم بن أبي الجعد وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال : أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فثار الناس إلا اثني عشر رجلا فأنزل الله : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها).

ويحتج بهذا الحديث من يرى الجمعة باثني عشر رجلا وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة ، لاشتراط هذا العدد.

وقال ابن عباس في رواية الكلبي : لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط.

[٢٢٠٧] وقال الحسن وأبو مالك : أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب يوم الجمعة ، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه ، فلم يبق مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي نارا».

[٢٢٠٨] وقال مقاتل : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة ، وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته ، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبرّ وغيره ، فينزل عند أحجار الزيت وهو مكان في سوق المدينة ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه ، فقدم ذات جمعة وكان ذلك قبل أن يسلم ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قائم على المنبر يخطب ، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثني عشرة رجلا وامرأة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كم بقي في المسجد»؟

__________________

٢ / ٥ والبيهقي ٣ / ١٩٧ والواحدي في «أسباب النزول» ٨٢٠ وابن بشكوال في «غوامض الأسماء» ص ٨٥١ من طرق عن حصين به.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٩٩ ومسلم ٨٦٣ والترمذي ٣٣٠٨ والطبري ٣٤١٤٣ والواحدي ٨١٩ من طرق عن حصين عن أبي سفيان عن جابر به.

[٢٢٠٧] ـ عجزه ضعيف.

ـ أخرجه الطبري ٣٤١٣٤ من طريق سفيان عن إسماعيل السدي عن أبي مالك مرسلا ، وليس فيه اللفظ المرفوع.

ـ وأخرجه الطبري ٣٤١٣٧ وعبد الرزاق في «التفسير» ٣٢٢٢ من طريق معمر عن الحسن مرسلا.

ـ وانظر الآتي.

[٢٢٠٨] ـ عجزه ضعيف ، ذكره المصنف هاهنا عن مقاتل معلقا ، وسنده إليه في أول الكتاب ، ومقاتل ذو مناكير ، وهو غير حجة.

ـ وأخرجه البيهقي في «الشعب» ٦٤٩٥ من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان مرسلا.

ـ وأخرجه أبو داود في «المراسيل» ٥٩ عن مقاتل عن حيان مرسلا بنحوه.

ـ ولعجزه شاهد من حديث جابر عند أبي يعلى ١٩٧٩ وابن حيان ٦٨٧٧ وفي إسناده زكريا بن يحيى زحمويه ذكره ابن حيان في «الثقات» ٨ / ٢٥٣ ، وأورده ابن أبي حاتم في «العلل» ٣ / ٦١ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، فالرجل مجهول.

ـ وحديث جابر في هذا الشأن رواه الشيخان بغير هذا السياق ، وليس فيه اللفظ المرفوع ، فهذه زيادة منكرة ، وتقدم حديث جابر برقم ٢٢٠٦.

ـ ويشهد لكون دحية الكلبي قدم بالتجارة ما أخرجه ابن بشكوال في «غوامض الأسماء» ص ٨٥٢ والطبري ٣٤١٣٥ من طريق سفيان عن السدي عن مرة مرسلا.

ـ وحديث ابن عباس عند البزار ٢٢٧٣ ، وفي إسناده عبد الله بن شبيب ، وهو ضعيف كما في «المجمع» ٧ / ١٣٤.

ـ الخلاصة : أصل الحديث يعتضد بشواهده دون اللفظ المرفوع ، فإنه ضعيف لا يصح ، وانظر «أحكام القرآن» ٢١٢٢ بتخريجي.

٩٤

فقالوا : اثني عشر رجلا وامرأة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو لا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء» ، فأنزل الله هذه الآية.

وأراد باللهو الطبل. وقيل : كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق. وقوله : (انْفَضُّوا إِلَيْها) رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم.

[٢٢٠٩] وقال علقمة : سئل عبد الله (١) : أكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب قائما أو قاعدا؟ قال : أما تقرأ (وَتَرَكُوكَ قائِماً).

[٢٢١٠] أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا إبراهيم بن محمد أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس.

[٢٢١١] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنا عبد الغافر بن محمد أنا محمد بن عيسى ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال : كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس.

__________________

[٢٢٠٩] ـ صحيح. أخرجه ابن ماجه ٨ / ١١٠ وأبو يعلى ٥٠٣٤ من طريق إبراهيم عن علقمة به.

ـ قال ابن ماجه : غريب ، لا يحدّث به ، إلا ابن أبي شيبة وحده.

ـ قلت : ويكفي تفرد ابن أبي شيبة للاحتجاج بالحديث ، فإنه ثقة ثبت متقن ، روى له الأئمة.

ـ وقال البوصيري في «الزوائد» : إسناده صحيح ، ورجاله ثقات.

ـ وللحديث شواهد كثيرة.

[٢٢١٠] ـ صحيح بشواهده.

ـ إسناده ضعيف جدا ، وعلته إبراهيم بن محمد الأسلمي ، فإنه متروك متهم ، لكن المتن محفوظ ، له شواهد.

ـ محمد هو ابن علي بن الحسين.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٦٨ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «مسند الشافعي» ١ / ١٤٤ عن إبراهيم بن محمد بهذا الإسناد.

ـ وله شاهد آخر من حديث ابن عمر أخرجه البخاري ٩٢٠ و ٩٢٨ ومسلم ٨٦١ والترمذي ٥٠٦ والبغوي في «شرح السنة» ١٠٦٧.

ـ وله شاهد من حديث جابر بن سمرة ، وهو الآتي.

[٢٢١١] ـ صحيح. إسناده صحيح على شرط مسلم.

ـ أبو بكر هو عبد الله بن محمد ، أبو الأحوص هو سلّام بن سليم ، سماك هو ابن حرب.

ـ وهو في «صحيح مسلم» ٨٦٢ عن ابن أبي شيبة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو داود ١٠٩٤ والدارمي ١ / ٣٦٦ وأحمد ٥ / ٩٤ من طرق عن أبي الأحوص به.

ـ وأخرجه مسلم ٨٦٢ أبو داود ١٠٩٣ و ١٠٩٥ و ١١٠١ والنسائي ٣ / ١١٠ وابن ماجه ١١٠٥ و ١١٠٦ وأحمد ٥ / ٨٧ و ٨٨ و ٩٣ و ٩٨ و ١٠٠ و ١٠٢ و ١٠٧ وعبد الرزاق ٥٢٥٦ وابن حبان ٢٨٠١ و ٢٨٠٣ والطيالسي ٧٥٧ وأبو يعلى ٧٤٤١ والبيهقي ٣ / ١٩٧ من طرق عن سماك به بألفاظ متقاربة.

(١) زيد بن المطبوع «ابن عمر» وهو وهم.

٩٥

[٢٢١٢] وبهذا الإسناد عن جابر بن سمرة قال : «كنت أصلي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا».

والخطبة فريضة في صلاة الجمعة ، ويجب أن يخطب قائما خطبتين وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة أن يحمد الله ويصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويوصي بتقوى الله هذه الثلاثة (١) فرض في الخطبتين (٢) جميعا ، ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن [و] يدعو للمؤمنين في الثانية فلو ترك واحدة من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي ، وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه وهذا القدر لا يقع عليه اسم الخطبة ، وهو مأمور بالخطبة.

[٢٢١٣] أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنا عبد الله بن يوسف بن محمد بن بامويه (٣) أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة ثنا الحسن بن الصباح الزعفراني ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع أن مروان استخلف أبا هريرة على المدينة ، فصلى بهم أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) [المنافقون : ١] فقال عبيد الله : فلما انصرف مشيت إلى جنبه فقلت له : لقد قرأت بسورتين سمعت علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الصلاة ، فقال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ بهما.

[٢٢١٤] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك

__________________

[٢٢١٢] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.

ـ وهو في «صحيح مسلم» ٨٦٦ عن ابن أبي شيبة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٥٠٧ والنسائي ٣ / ١٩١ وأحمد ٥ / ٩٤ وابن حبان ٢٨٠٢ والبغوي في «شرح السنة» ١٠٧٢ من طرق عن أبي الأحوص به.

ـ وأخرجه مسلم ٨٦٦ وأحمد ٥ / ١٠٦ من طريقين عن سماك به.

ـ وأخرجه أحمد ٥ / ١٠٧ من طريق تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة به.

ـ وأخرجه النسائي ٣ / ١١٠ من طريق سفيان عن سماك به بأتم منه.

ـ وأخرجه أحمد ٥ / ٩٩ ـ ١٠٠ من طريق شريك عن سماك به بأتم منه.

[٢٢١٣] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم.

ـ محمد هو ابن علي بن الحسين.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٨٣ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٨٧٧ وأبو داود ١١٢٤ والترمذي ٥١٩ وابن ماجه ١١١٨ وأحمد ٢ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ وابن خزيمة ١٨٤٣ وابن حبان ٢٨٠٦ من طرق عن جعفر بن محمد به.

[٢٢١٤] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم.

ـ أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٨٤ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «الموطأ» ١ / ١١١ عن ضمرة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو داود ١١٢٣ والنسائي ٣ / ١١٢ وأحمد ٤ / ٢٧٠ و ٢٧٧ والدارمي ١ / ٣٦٧ وابن حبان ٢٨٠٧ من طرق عن مالك به.

ـ وأخرجه مسلم ٨٧٨ وابن ماجه ١١١٩ وابن خزيمة ١٨٤٥ من طريق سفيان بن عيينة عن ضمرة به.

(١) في المخطوط «الثلاث».

(٢) في المخطوط «الخطبة».

(٣) تصحف في المطبوع «مأمونة».

٩٦

عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير : ما ذا كان يقرأ به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة؟ فقال : كان يقرأ بهل أتاك حديث الغاشية.

[٢٢١٥] أخبرنا أبو عثمان الضبي أنا أبو محمد الجراحي ثنا أبو العباس المحبوبي ثنا أبو عيسى ثنا قتيبة ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية.

وربما اجتمعا في يوم واحد فيقرأ بهما ، ولجواز الجمعة خمس شرائط : الوقت : وهو وقت الظهر ما بين زوال الشمس إلى دخول وقت العصر ، والعدد ، والإمام ، والخطبة ، ودار الإقامة ، فإذا فقد شرط من هذه الخمسة يجب أن يصلوها ظهرا ، ولا يجوز للإمام أن يبتدئ الخطبة قبل اجتماع العدد ، وهو عدد الأربعين عند الشافعي ، فلو اجتمعوا وخطب بهم ثم انفضوا قبل افتتاح الصلاة أو انفض (١) واحد من العدد لا يجوز أن يصلي بهم الجمعة ، بل يصلي الظهر ولو افتتح بهم الصلاة ثم انفضوا ، فأصح أقوال الشافعي ، أن بقاء الأربعين شرط إلى آخر الصلاة ، كما أن بقاء الوقت شرط إلى آخر الصلاة ، فلو انفضّ واحد منهم قبل أن يسلم الإمام يجب على الباقين أن يصلوها أربعا ، وفيه قول آخر إن بقي معه اثنان أتمها جمعة.

وقيل : إن بقي معه واحد أتمها جمعة ، وعند المزني إذا انفضوا بعد ما صلى الإمام بهم ركعة أتمها جمعة ، وإن بقي وحده فإن كان في الركعة الأولى أتمها أربعا وإن انفضّ من العدد واحد ، وبه قال أبو حنيفة في العدد الذي يشترطه كالمسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فإذا سلم الإمام أتمها جمعة فإن أدرك أقل من ركعة أتمها أربعا.

قوله عزوجل : (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) ، أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خير من اللهو ومن التجارة ، (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ، لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوا ومنه فاطلبوا [فهو موجود على الدوام لا يخيب من سأله لأنه أكرم الأكرمين]. (٢)

__________________

ـ وأخرجه ابن خزيمة ١٨٤٦ من طريق ابن أبي أويس عن ضمرة به.

ـ وانظر الحديث الآتي.

[٢٢١٥] ـ إسناده على شرط مسلم.

ـ قتيبة هو ابن سعيد ، أبو عوانة هو وضاح اليشكري ، مشهور بكنيته ، وهو في «سنن الترمذي» ٥٣٣ عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٠٨٦ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٨٧٨ وأبو داود ١١٢٢ والترمذي ٥٣٣ والنسائي ٣ / ١٨٤ وابن حبان ٢٨٢١ من طريق قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أحمد ٤ / ٢٧٣ من طريق عفان عن أبي عوانة به.

ـ وأخرجه النسائي ٣ / ١١٢ وابن الجارود ٢٦٥ وأحمد ٤ / ٢٧١ والبغوي في «شرح السنة» ١٠٨٥ من طريق شعبة وابن ماجه ١٢٨١ وأحمد ٤ / ٢٧٦ والدارمي ١ / ٣٦٨ و ٣٧٦ من طريق سفيان.

ـ كلاهما عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر به.

ـ وأخرجه مسلم ٨٧٨ وابن أبي شيبة ٢ / ١٤١ ـ ١٤٢ وابن حبان ٢٨٢٢ من طريق جرير عن إبراهيم به.

(١) في المطبوع «انتقص».

(٢) سقط من المطبوع.

٩٧

سورة المنافقون

مدنية [وهي إحدى عشرة آية](١)

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣) وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩))

(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) ، يعني عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه ، (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ، لأنهم أضمروا خلاف ما أظهروا.

(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) ، سترة ، (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ، منعوا الناس عن الجهاد والإيمان بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا) ، أقروا باللسان إذا رأوا المؤمنين ، (ثُمَّ كَفَرُوا) ، إذا خلوا إلى المشركين (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) ، بالكفر ، (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) ، الإيمان.

(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) ، يعني أن لهم أجساما ومناظر ، (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) ، فتحسب أنه صدق.

قال عبد الله بن عباس : كان عبد الله بن أبي جسيما فصيحا ذلق اللسان فإذا قال سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) ، أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام ، قرأ أبو عمرو والكسائي : (خُشُبٌ) بسكون الشين ، وقرأ الباقون بضمها ، (مُسَنَّدَةٌ) ممالة إلى جدار من قولهم أسندت الشيء إذا

__________________

(١) زيد في المطبوع.

٩٨

أملته ، والتثقيل (١) للتكثير ، وأراد أنها ليست بأشجار تثمر ولكنها خشب مسندة إلى حائط ، (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) ، أي لا يسمعون صوتا في العسكر بأن نادى مناد أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة إلا ظنوا من جبنهم وسوء ظنهم أنهم يرادون بذلك وظنوا أنهم قد أتوا لما في قلوبهم من الرعب. وقيل : ذلك لكونهم على على وجل من أن ينزل الله فيهم أمرا بهتك أستارهم ويبيح دماءهم ثم قال ، (هُمُ الْعَدُوُّ) ، هذا ابتداء وخبره ، (فَاحْذَرْهُمْ) ، ولا تأمنهم ، (قاتَلَهُمُ اللهُ) ، لعنهم الله (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ، يصرفون عن الحق.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) ، أي عطفوا وأعرضوا بوجوههم رغبة عن الاستغفار ، قرأ نافع ويعقوب (لَوَّوْا) بالتخفيف وقرأ الآخرون بالتشديد ، لأنهم فعلوه مرة بعد مرة (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) ، يعرضون عما دعوا إليه ، (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) ، متكبرون عن استغفار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لهم.

(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ) ، يا محمد ، (أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).

[٢٢١٦] ذكر محمد بن إسحاق وغيره من أصحاب [السير أن](٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلغه أن بني المصطلق يجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما سمع بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل ، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق ، وقتل من قتل منهم ، ونقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءها عليهم ، فبينما الناس على ذلك الماء إذ وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار ، يقال له جهجاه بن سعيد الغفاري يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبرة الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا ، فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين وأعان جهجاها الغفاري رجل من المهاجرين يقال له جعال ، وكان فقيرا غضب عبد الله بن أبي ابن سلول وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حديث السن ، فقال ابن أبي : أفعلوها؟ فقد نافرونا (٣) وكاثرونا في بلادنا والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أقبل على من حضره من قومه فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما الله ولو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا

__________________

[٢٢١٦] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» بإثر ٨٢١ نقلا عن أهل التفسير ، وأصحاب السير.

ـ وأخرجه الطبري ٣٤١٧٨ من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الله بن أبي بكر ، وعن محمد بن يحيى بن حيان قال : كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق قالوا : بلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن بني المصطلق يجمعون له .... فذكره مع اختلاف يسير.

ـ وأصل الخبر في الصحيحين من حديث زيد بن أرقم.

ـ أخرجه البخاري ٤٩٠٠ و ٤٩٤ ومسلم ٢٧٧٢ والترمذي ٢٣١٢ و ٢٣١٣ والنسائي في «التفسير» ٦١٧ والواحدي في «أسباب النزول» ٨٢١ و «الوسيط» ٤ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

ـ أما عجز الحديث فقد أخرجه الطبري ٣٤١٥٩ عن بشير بن مسلم ... فذكره بأخصر منه ، وهو مرسل.

ـ الخلاصة : عامة هذا السياق محفوظ بطرقه وشواهده.

(١) تصحف في المطبوع «والثقيل».

(٢) سقط من المطبوع.

(٣) في المخطوط «ناقرونا».

٩٩

رقابكم ولتحولوا إلى غير بلادكم ، فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد ، فقال زيد بن أرقم أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عز من الرحمن عزوجل ومودة من المسلمين ، فقال عبد الله بن أبي أسكت فإنما كنت ألعب قال فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك بعد فراغه من العدو (١) فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، فقال : دعني أضرب عنقه يا رسول الله ، قال : كيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟ ولكن أذّن بالرحيل وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يرتحل فيها فارتحل الناس وأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عبد الله بن أبي فأتاه فقال له : أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني؟ فقال عبد الله : والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك ، وإن زيدا لكاذب ، وكان عبد الله في قومه شريفا عظيما ، فقال من حضر من أصحابه من الأنصار : يا رسول الله عسى أن يكون الغلام وهم في حديثه ولم يحفظ ما قاله ، فعذره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفشت الملامة في الأنصار لزيد وكذبوه ، وقال له عمه وكان زيد معه : ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والناس [كلهم يقولون إن عبد الله شيخنا وكبيرنا لا يصدق عليه كلام غلام من غلمان الأنصار](٢) ومقتوك وكان زيد يساير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستحيا بعد ذلك أن يدنو من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما استقبل (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ، ثم قال : يا رسول الله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أوما بلغك ما قال صاحبكم عبد الله بن أبي»؟ قال : وما قال؟ قال «زعم إن رجع إلى المدينة أخرج الأعزّ منها الأذل» فقال أسيد فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت ، هو والله الذليل وأنت العزيز ، ثم قال : يا رسول الله أرفق به فو الله لقد جاء الله بك ، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ما كان من أمر أبيه فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي لما بلغك عنه ، فإن كنت فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه ، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبرّ بوالديه مني وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن انظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله ، فأقتل مؤمنا بكافر. فأدخل النار ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا» قالوا (٤) : وسار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومه ذلك حتى أمسى وليلته ، حتى أصبح وصدر يومه ذلك حتى آذتهم الشمس ، ثم نزل بالناس فلم يكن إلا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما ، وإنما فعل ذلك ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله بن أبي ، ثم راح بالناس حتى نزل على ماء بالحجاز فويق البقيع ، يقال له نقعاء فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوا منها ، وضلّت ناقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذلك ليلا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تخافوا فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار توفي بالمدينة» ، قيل : من هو؟ قال : رفاعة بن زيد بن التابوت فقال رجل من المنافقين كيف يزعم أنه يعلم الغيب ولا يعلم مكان ناقته ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي ، فأتاه جبريل فأخبره بقول المنافق وبمكان الناقة ، وأخبر بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أصحابه ، وقال : «ما أزعم أني أعلم الغيب وما أعلمه ولكن الله أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي هي في الشعب قد تعلق زمامها بشجرة» فخرجوا يسعون قبل الشعب فإذا هي كما قال ، فجاءوا بها من ذلك الشعب وآمن ذلك المنافق ، فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت قد مات ذلك اليوم ، وكان من عظماء اليهود وكهفا للمنافقين ، فلما وافى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة.

قال زيد بن أرقم : جلست في البيت لما بي من الهم والحياء فأنزل الله تعالى سورة المنافقين في

__________________

(١) في المطبوع «الغزو».

(٢) سقط من المخطوط.

(٣) في المخطوط «استقل».

(٤) في المطبوع «قال».

١٠٠