تفسير البغوي - ج ٥

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي

تفسير البغوي - ج ٥

المؤلف:

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي


المحقق: عبدالرزاق المهدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٣

بتقديم الجماع على الكفارة ، ولكن لا يجب عليه استئناف الشهرين ، وعند أبي حنيفة يجب عليه استئناف الشهرين. قوله عزوجل : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) ، يعني المظاهر إذا لم يستطع الصوم لمرض أو كبر أو فرط شهوة لا يصبر عن الجماع يجب عليه إطعام ستين مسكينا.

[٢١٤٠] أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أنا عبد الله بن عمر الجوهري ثنا أحمد بن علي الكشميهني ثنا علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار أن خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت ، فظاهر منها وكان به لمم ، فجاءت (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : إن أوسا تظاهر (٢) مني وذكرت أن به لمما فقالت : والذي بعثك بالحق ما جئتك إلا رحمة له إن له فيّ منافع ، فأنزل القرآن فيهما فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مريه فليعتق رقبة ، قالت : والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ولا يملكها (٣) ، قال : مريه فليصم شهرين متتابعين ، فقالت : والذي بعثك بالحق لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع ، قال : مريه فليطعم ستين مسكينا ، قالت : والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه ، قال : مريه فليذهب إلى فلان ابن فلان فقد أخبرني أن عنده شطر تمر صدقة فليأخذه صدقة عليه ثم ليتصدق به على ستين مسكينا».

[٢١٤١] وروى سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال : كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب (٤) غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئا فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان فبينما هي تحدثني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن وقعت عليها ، فانطلقت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبرته فقال : أنت بذاك؟ فقلت : أنا بذاك قاله ثلاثا ، قلت أنا بذاك وها أنا ذا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك ،

__________________

[٢١٤٠] ـ مرسل صحيح.

ـ رجاله ثقات رجال البخاري ومسلم ، وعلته الإرسال فحسب ، لكن لأصله شواهد.

ـ وهو في «شرح السنة» ٢٣٥٧ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البيهقي ٧ / ٣٨٩ من طريق أبي الربيع عن إسماعيل بن جعفر به.

ـ قال البيهقي : هذا مرسل ، وهو شاهد للموصول قبله.

ـ وانظر «أحكام القرآن» ٢٠٤٧ و ٢٠٤٩ بتخريجي.

[٢١٤١] ـ أخرجه أبو داود ٢٢١٣ والترمذي ٣٢٩٩ وأحمد ٤ / ٣٧ والدارمي ٢ / ١٦٣ ـ ١٦٤ وابن ماجه ٢٠٦٢ وابن الجارود ٧٤٤ والحاكم ٢ / ٢٠٣ والبيهقي ٧ / ٣٩٠ من طرق عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياض ، وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! ـ وفيه ابن إسحاق مدلس ، وقد عنعن ، وفيه إرسال.

ـ قال الترمذي نقلا عن البخاري : سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر.

ـ وأخرجه الحاكم ٢ / ٢٠٤ من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلا بنحوه. وصححه على شرطهما ، ووافقه الذهبي.

ـ الخلاصة : إذا انضم هذا إلى ما قبله صار الحديث حسنا ، لكن المشهور في هذه الحادثة هو أوس وزوجه خولة ، إلا أن تتعدد الأسباب ، والله أعلم.

(١) زيد في المطبوع «إلى».

(٢) في المطبوع «ظاهر» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».

(٣) في المطبوع «ثمنها» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط.

(٤) في المطبوع «ما لم يصب» والمثبت عن «سنن أبي داود» و «شرح السنة».

٤١

قال : فأعتق رقبة فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت (١) : والذي بعثك بالحق ما أملك غيرها ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهل أصابني ما أصابني إلا من الصيام؟ قال : فأطعم ستين مسكينا ، قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشا ما لنا عشاء (٢) ، قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك ، قال : فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم السعة والبركة أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليّ ، قال : فدفعوها إليه.

(ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ، لتصدقوا ما أتى بي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الله عزوجل ، (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) ، يعني ما وصف من الكفارات في الظهار ، (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، قال ابن عباس [رضي الله عنه] : لمن جحده وكذب به.

(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨))

(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، أي يعادون الله ورسوله ويشاقون ويخالفون أمرهما ، (كُبِتُوا) ، أذلوا وأخزوا وأهلكوا ، (كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا) ، إليك ، (آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ).

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ) ، حفظ الله أعمالهم ، (وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ) ، قرأ أبو جعفر بالتاء لتأنيث النجوى ، وقرأ الآخرون بالياء لأجل الحائل ، (مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) ، أي من سرار ثلاثة يعني من المسارة ، أي : ما من شيء يناجي به الرجل صاحبيه ، (إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) ، بالعلم وقيل : معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يسار بعضهم بعضا إلا هو رابعهم بالعلم يعلم نجواهم (وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) قرأ يعقوب : (أَكْثَرَ) بالرفع على محل الكلام قبل دخول من (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى).

[٢١٤٢] نزلت في اليهود والمنافقين وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم يوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوءهم ، فيحزنون لذلك ويقولون ما نراهم إلا

__________________

[٢١٤٢] ـ لم أره مسندا ، وذكره الواحدي في «الأسباب» ٧٩٢ عن ابن عباس ومجاهد بدون إسناد فهو لا شيء ، لخلوه عن الإسناد.

(١) زيد في المطبوع «لا».

(٢) في «سنن أبي داود» : (وحشين ما لنا طعام».

٤٢

وقد بلغهم عن (١) إخواننا الذين خرجوا (٢) في السرايا قتل أو موت أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلما طال ذلك عليهم وكثر شكوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى) أي المناجاة (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ) ، أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها (وَيَتَناجَوْنَ) ، قرأ الأعمش وحمزة ينتجون على وزن يفتعلون ، وقرأ الآخرون (وَيَتَناجَوْنَ) لقوله : (إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) ، وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان قد نهاهم عن النجوى فعصوه ، (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) ، وذلك أن اليهود كانوا يدخلون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (وَيَقُولُونَ) ، السام عليك ، والسام الموت وهم يوهمونه أنهم يقولون السلام عليك ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يرد عليهم فيقول عليكم فإذا خرجوا قالوا : (فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) ، يريدون لو كان نبيا حقا لعذبنا الله بما نقول ، قال الله عزوجل : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

[٢١٤٣] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الوهّاب ثنا أيوب (٣) عن ابن أبي مليكة عن عائشة أن اليهود أتوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالوا : السام عليك قال وعليكم ، فقالت : عائشة السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش» قالت : أولم تسمع ما قالوا؟ قال : «أو لم تسمعي ما قلت رددت عليهم ، فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في».

ثم إن الله تعالى نهى المؤمنين أن يتناجوا فيما بينهم كفعل المنافقين واليهود.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩) إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠))

فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) ، أي كفعل المنافقين واليهود وقال مقاتل أراد بقوله : (آمَنُوا) (المنافقين) أي آمنوا بلسانهم قال عطاء : يريد الذين آمنوا بزعمهم

__________________

[٢١٤٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي ، أيوب هو ابن أبي تميمة ، ابن أبي ملكية هو عبد الله بن عبيد الله.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٢٠٦ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٦٤٠١ عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٢٩٣٥ و ٦٣٠ وفي «الأدب المفرد» ٣١١ من طريق أيوب عن ابن أبي مليكة به.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٦٥ ح ١١ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ٢٦٢ من طريق مسروق عن عائشة به.

ـ وأخرجه البخاري ٦٠٢٤ و ٦٢٥٦ و ٦٣٩٥ ومسلم ٢١٦٥ والترمذي ٢٧٠١ وأحمد ٦ / ٣٧ و ١٩٩ وعبد الرزاق ١٩٤٦٠ وابن حبان ٦٤٤١ والبيهقي في «السنن» ٩ / ٢٠٣ وفي «الأدب» ٢٨٦ من طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.

(١) في المخطوط (ب) «من».

(٢) في المطبوع «جرحوا» والمثبت عن المخطوط.

(٣) في المطبوع «أبو أيوب» والمثبت عن «شرح السنة» و «صحيح البخاري».

٤٣

قال لهم لا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) ، أي من تزيين الشيطان ، (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) ، أي إنما يزين لهم ذلك ليحزن المؤمنين ، (وَلَيْسَ) ، التناجي ، (بِضارِّهِمْ شَيْئاً) ، وقيل : ليس الشيطان بضارهم شيئا ، (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

[٢١٤٤] أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري أنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه ، فإن ذلك يحزنه».

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١))

قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا) ، الآية.

[٢١٤٥] قال مقاتل بن حيان : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس منهم يوما وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلموا عليه فرد عليهم ثم سلموا على القوم فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فلم يفسحوا لهم فشق ذلك على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لمن حوله : قم يا فلان وأنت يا فلان فأقام من المجلس بقدر النفر الذين قاموا بين يديه من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكراهية في وجوههم فأنزل الله هذه الآية.

وقال الكلبي : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وقد ذكرنا في سورة الحجرات قصته.

وقال قتادة : كانوا يتنافسون في مجلس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنوا بمجلسهم فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.

وقيل : كان ذلك يوم الجمعة فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا) أي توسعوا في المجلس ، قرأ الحسن وعاصم في المجالس لأن الكل جالس مجلسا معناه ليتفسح كل رجل في مجلسه ، وقرأ الآخرون في المجلس على التوحيد لأن المراد منه مجلس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (فَافْسَحُوا) : وسّعوا (١) ،

__________________

[٢١٤٤] ـ صحيح. إسحاق ثقة ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.

ـ عبد الرزاق بن همام ، معمر بن راشد ، نافع مولى ابن عمر.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٤٠٤ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «مصنف عبد الرزاق» ١٩٨٠٦ عن معمر به.

ـ وأخرجه البخاري ٦٢٨٨ ومسلم ٢١٨٣ وابن أبي شيبة ٨ / ٥٨١ وأحمد ٢ / ٤٥ و ١٢١ و ١٢٣ و ١٢٦ و ١٤١ و ١٤٦ والحميدي ٦٤٦ وابن ماجه ٣٧٧٦ وابن حبان ٥٨٠ من طرق عن نافع به.

ـ وأخرجه ابن ماجه ٣٧٧٦ ومالك ٢ / ٩٨٨ وأحمد ٢ / ٩ والحميدي ٦٤٥ وابن حبان ٥٨٠ و ٥٨١ و ٥٨٢ والبغوي في «شرح السنة» ٣٤٠٣ من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.

[٢١٤٥] ـ ضعيف جدا. ذكره المصنف هاهنا تعليقا عن مقاتل وإسناده إليه في أول الكتاب. وعزاه ابن كثير ٤ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ لابن أبي حاتم عن مقاتل ، وهذا مرسل ، ومقاتل ذو مناكير ، وهذا منها.

٤٤

يقال : فسح يفسح فسحا إذا وسع في المجلس ، (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) ، يوسع الله لكم الجنة ، والمجالس فيها.

[٢١٤٦] أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا سفيان بن عيينة [عن عبيد الله بن عمر](٢) عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يقيمن (٣) أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا».

[٢١٤٧] أخبرنا عبد الوهاب بن [محمد] الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد المجيد عن ابن جريج قال : قال سليمان بن موسى عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا».

وقال أبو العالية والقرظي والحسن : هذا في مجالس الحرب ومقاعد القتال ، كان الرجل يأتي القوم في الصف فيقول توسعوا فيأبون عليه لحرصهم على القتال ورغبتهم في الشهادة.

(وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) ، قرأ أهل المدينة والشام وعاصم بضم الشين ، وقرأ الآخرون بكسرها ، وهما لغتان أي ارتفعوا ، قيل : ارتفعوا عن مواضعكم حتى توسعوا لإخوانكم.

وقال عكرمة والضحاك : كان رجال يتثاقلون عن الصلاة إذا نودي لها فأنزل الله تعالى هذه الآية ،

__________________

[٢١٤٦] ـ صحيح. الربيع صدوق ، والشافعي ثقة إمام ، وقد توبعا ، ومن فوق الشافعي رجال البخاري ومسلم.

ـ الربيع هو ابن سليمان ، الشافعي هو محمد بن إدريس.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٢٢٥ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «مسند الشافعي» ١ / ١٥٨ عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ١١٤٠ عن سفيان بن عيينة به.

ـ وأخرجه البخاري ٦٢٧٠ وفي «الأدب المفرد» ١١٥٣ والبيهقي ٣ / ٢٣٢ وابن حبان ٥٨٦ من طريق سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر به.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٧٧ ح ٢٨ وعبد الرزاق ١٩٨٠٧ وأحمد ٢ / ١٧ و ٢٢ و ١٠٢ وابن أبي شيبة ٨ / ٥٨٤ والدارمي ٢ / ٢٨١ من طريق عن عبيد الله بن عمر ب.

ـ وأخرجه البخاري ٩١١ و ٦٢٦٩ ومسلم ٢١٧٧ والترمذي ٢٧٤٩ وأحمد ٢ / ٤٥ و ١٢٦ و ١٤٩ وعبد الرزاق ١٩٨٠٦ والبيهقي ٢ / ٢٣٢ من طرق عن نافع به.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٧٧ ح ٢٩ وعبد الرزاق ١٩٧٩٣ والترمذي ٢٧٥٠ وأحمد ٢ / ٨٩ وابن أبي شيبة ٨ / ٥٨٤ والبيهقي ٣ / ٢٣٣ من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٧٧ وأحمد ٢ / ١٢٤ وابن حبان ٥٨٧ والبغوي في «شرح السنة» ٣٢٢٤ من طرق عن الليث بن سعد عن نافع به.

[٢١٤٧] ـ صحيح. إسناده ضعيف عبد المجيد مختلف فيه ضعفه قوم ، ووثقه آخرون ، وابن جريج مدلس ، وعبارته تحتمل عدم السماع ، وسليمان لم يسمع من جابر كما في «التهذيب» ، لكن ورد موصولا عند مسلم كما هو الآتي.

ـ عبد المجيد هو ابن أبي رواد.

ـ وهو في «مسند الشافعي» ٢ / ١٨٧ من طريق عبد المجيد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٧٨ من طريق معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر به.

(١) في المطبوع «أوسعوا».

(٢) سقط من المطبوع.

(٣) في المطبوع «يقمن» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».

٤٥

معناه : إذا نودي للصلاة فانهضوا لها. وقال مجاهد وأكثر المفسرين : معناه إذا قيل لكم انهضوا إلى الصلاة وإلى الجهاد وإلى مجالس كل خير وحق فقوموا لها ولا تقصروا ، (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) ، بطاعتهم لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقيامهم من مجالسهم وتوسعتهم لإخوانهم ، (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم (١) ، (دَرَجاتٍ) ، فأخبر الله عزوجل أن رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مصيب فيما أمر وأن أولئك المؤمنين مثابون فيما ائتمروا ، وأن النفر من أهل بدر مستحقون لما (٢) عوملوا من الإكرام ، (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

قال الحسن : قرأ ابن مسعود هذه الآية وقال : [يا] أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم (٣) في العلم فإن الله تعالى يقول : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) المؤمن العالم فوق الذي لا يعلم درجات.

[٢١٤٨] أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان ثنا أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله الهروي أنا محمد بن يونس القرشي أنا عبد الله بن داود ثنا عاصم بن رجاء بن حيوة حدثني داود بن جميل عن كثير بن قيس قال : كنت جالسا (٤) مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فجاء رجل فقال : يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة الرسول عليه‌السلام في حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : ما كانت لك حاجة غيره؟ قال : لا ، قال : ولا جئت لتجارة؟ قال : لا ، قال : ولا

__________________

[٢١٤٨] ـ حسن بشواهده وطرقه.

ـ إسناده ضعيف جدا ، فيه محمد بن يونس ، وهو الكديمي متروك ، وداود ، وكثير ضعيفان ، وقد توبع الكديمي عند أبي داود وغيره ، وللحديث طريق أخرى ، ولأكثره شواهد.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٢٩ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو داود ٣٦٤١ وابن ماجه ٢٢٣ والدارمي ١ / ٩٨ وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» ص ٣٩ و ٤٠ وابن حبان ٨٨ والطحاوي في «المشكل» ٩٨٢ من طرق عن عبد الله بن داود به.

ـ وأخرجه أحمد ٥ / ١٩٦ والترمذي ٢٦٨٢ وابن عبد البر ص ٣٧ و ٣٨ و ٤١ من طرق عن عاصم بن رجاء به.

ـ وأخرجه أبو داود ٣٦٤٢ من طريق الوليد قال : لقيت شبيب بن شيبة ، فحدثني عن عثمان بن أبي سودة عن أبي الدرداء به ، وإسناده ضعيف لجهالة شبيب.

ـ وصحت الفقرة الأولى من حديث أبي هريرة عند مسلم ٢٦٩٩ وغيره.

ـ وصحت الفقرة الثانية من حديث صفوان بن عسّال ، عند أحمد ٤ / ٣٣٩ والترمذي ٣٥٣٦ وابن حبان ٨٥ والحاكم ١ / ١٠٠ وصححه ، ووافقه الذهبي.

ـ والفقرة الثالثة منكرة بهذا اللفظ ، وهي عند أبي داود وغيره «وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض ، حتى الحيتان في جوف الماء».

ـ وهي بهذه اللفظ ، لها شاهد من حديث أبي أمامة ، أخرجه الترمذي ٢٦٨٥ وسنده ضعيف ، فيه الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن ، وكلاهما غير قوي ، ولها شواهد أخرى. انظر «الترغيب» ١٠٧ و ١٤٤.

ـ والفقرة الرابعة لمعناها شواهد دون لفظها.

ـ وعجزه له شاهد موقوف عن أبي هريرة ، وله حكم الرفع.

ـ انظر «المجمع» ١ / ١٢٣ ـ ١٢٤ و «الترغيب» ١٣٨.

ـ الخلاصة : هو حديث حسن عامة ألفاظه لها شواهد ، والله أعلم.

(١) في المطبوع «مسابقتهم» والمثبت عن المخطوط.

(٢) في المخطوط (ب) «بما».

(٣) في المطبوع «ولنرغبنكم» والمثبت عن المخطوط.

(٤) زيد في المطبوع «جالسا».

٤٦

جئت إلا رغبة فيه؟ قال : نعم قال : فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من سلك طريق علم سهّل الله له طريقا (١) من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم ، وإن السموات والأرض والحوت في الماء لتدعوا له ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب (٢) ليلة البدر وإن العلماء [هم](٣) ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ [به] فقد أخذ بحظ وافر».

[٢١٤٩] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أبو علي الحسين بن أحمد بن إبراهيم السراج أنا الحسن بن يعقوب العدل ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء ثنا جعفر بن عون ، أنا عبد الرحمن بن زياد عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ بمجلسين في مسجده أحد المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه ، قال : «كلا المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه ، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم ، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه ويعلمون الجاهل ، فهؤلاء أفضل وإنما بعثت معلما ، ثم جلس فيهم».

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢))

قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) ، أمام مناجاتكم ، (صَدَقَةً) ، قال ابن عباس : وذلك أن الناس سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأكثروا حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف على نبيه ويثبطهم ويردعهم عن ذلك فأمرهم أن يقدموا صدقة على المناجاة مع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[٢١٥٠] وقال مقاتل بن حيان : نزلت في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس ، حتى كره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم ، فلما رأوا ذلك انتهوا عن مناجاته فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا وأما أهل الميسرة فضنوا واشتد ذلك على أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت الرخصة.

[٢١٥١] قال مجاهد : نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي رضي الله عنه تصدق بدينار

__________________

[٢١٤٩] ـ إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد وشيخه ضعيف أيضا.

ـ وهو في «شرح السنة» ١٢٨ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه ابن ماجه ٢٢٩ والدارمي ١ / ٩٩ والطيالسي ٢٢٥١ وابن المبارك ١٣٨٨ من طرق عن عبد الرحمن بن زياد به.

ـ قال البوصيري في «الزوائد» إسناده ضعيف ، داود ، وبكر ، وعبد الرّحمن ، كلهم ضعفاء.

ـ قلت : توبع داود وبكر عند الجماعة ، وعلته عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم.

[٢١٥٠] ـ واه ، عزاه المصنف هاهنا لمقاتل ، وإسناده إليه في أول الكتاب ، ومقاتل إن كان ابن سليمان ، فهو كذاب ، وإن كان ابن حيان فذو مناكير.

ـ وذكره السيوطي في «الدر» ٦ / ١٨٤ ونسبه لابن أبي حاتم عن مقاتل.

[٢١٥١] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٣٣٧٨٨ عن مجاهد مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف ، وانظر ما بعده.

(١) في المطبوع «طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».

(٢) زيد في المطبوع و «ط».

(٣) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».

٤٧

وناجاه ، ثم نزلت الرخصة فكان علي رضي الله عنه يقول : آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية المناجاة.

[٢١٥٢] وروي عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أما ترى دينارا» قلت : لا يطيقونه ، قال : «فكم» قلت : حبة أو شعيرة ، قال : «إنك لزهيد» ، فنزلت : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) ، قال علي رضي الله تعالى عنه فبي قد خفف الله عن هذه الأمة.

(ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) ، يعني تقديم الصدقة على المناجاة ، (وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، يعني الفقراء الذين لا يجدون ما يتصدقون به معفو عنهم.

(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦))

(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا) قال ابن عباس : أبخلتم؟ والمعنى : أخفتم العيلة والفاقة إن قدمتم ، (بَيْنَ يَدَيْ

__________________

[٢١٥٢] ـ ضعيف. أخرجه الترمذي ٣٣٠٠ وابن أبي شيبة ١٢ / ٨١ ـ ٨٢ وأبو يعلى ٤٠٠ وابن حبان ٦٩٤١ والعقيلي في «الضعفاء» ٣ / ٢٤٣ من طريق عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب.

ـ وأخرجه الطبري ٣٣٧٩٦ وابن حبان ٦٩٤٢ والنسائي في «الخصائص» ١٥٢ من طريقتين عن سفيان الثوري بالإسناد المذكور.

ـ وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ٥ / ٢٠٤ من طريق شريك عن عثمان المغيرة به.

ـ وفي إسناده علي بن علقمة. قال العقيلي : قال البخاري : في حديثه نظر.

ـ وفي «الميزان» ٥٨٩٣ : وقال ابن المديني : لا أعلم له راويا غير سالم ا ه.

ـ وهذه إشارة إلى أنه مجهول.

ـ وقال عنه ابن حبان في «المجروحين» ٢ / ١٠٩ : منكر الحديث يروي عن علي بما لا يشبه حديثه ، فلا أدري سمع منه ، أو أخذ ما يروي عنه عن غيره. والذي عندي ترك الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات من أصحاب علي ا ه.

ـ وتابعه ابن أبي ليلى عند الحاكم ٢ / ٤٨١ ـ ٤٨٢ وصححه الحاكم على شرطهما! ووافقه الذهبي! ـ والصواب أن فيه يحيى بن المغيرة السعدي ، وهو لم يرو له الشيخان ، ولا أحدهما ، لكن وثقه أبو حاتم وابن حبان ، وللحديث علة أخرى ، وهي الإرسال ، حيث رواه ابن أبي ليلى بصيغة الإرسال ، وهو كثير الإرسال ، ثم وقع تخليط في هذه الرواية ، فقد جعله من كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدل كونه من كلام علي ، وهذا دليل على أنها رواية واهية ، ليست بشيء.

ـ وأخرج عبد الرزاق في «التفسير» ٣١٧٨ والطبري ٣٣٧٨٩ و ٣٣٧٩١ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ٢٦٦ من طريق مجاهد عن علي بن أبي طالب قال : آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ، ولن يعمل بها أحد غيري ، آية النجوى : كان لي دينار ، فبعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قدمت درهما ، فنسخت بالآية الأخرى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الآية.

ـ وإسناده ضعيف لانقطاعه بين مجاهد وعلي.

ـ الخلاصة : هو خبر ضعيف ، ولا يحتج بمثل هذه الأخبار في هذه المواضع ، فلا يثبت بمثل ذلك سبب نزول ، ولا كونها خاصة.

ـ وانظر «أحكام القرآن» ٢٠٥٦ و ٢٠٥٧ بتخريجي.

٤٨

نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ، ما أمرتم به ، (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) ، تجاوز عنكم ولم يعاقبكم بترك الصدقة ، وقيل : الواو صلة مجازه فإن لم تفعلوا تاب الله عليكم تجاوز عنكم وخفف عنكم ، ونسخ الصدقة. قال مقاتل بن حيان : كان ذلك عشر ليال ثم نسخ. وقال الكلبي : ما كانت إلا ساعة من نهار. (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، المفروضة ، (وَآتُوا الزَّكاةَ) ، الواجبة ، (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ، نزلت في المنافقين تولوا اليهود وناصحوهم ونقلوا أسرار المؤمنين إليهم وأراد بقوله : (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) اليهود ، (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) ، يعني المنافقين ليسوا من المؤمنين في الدين والولاية ولا من اليهود والكافرين ، كما قال : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) [النساء : ١٤٣] ، (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

[٢١٥٣] قال السدي ومقاتل : نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم يرفع حديثه إلى اليهود ، فبينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجرة من حجراته إذ قال : «يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان» ، فدخل عبد الله بن نبتل وكان أزرق العينين ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «علام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل وجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه ، فأنزل الله عزوجل هذه الآيات ، فقال : (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنهم كذبة».

(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) ، الكاذبة ، (جُنَّةً) ، يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم ، (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ، صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم ، (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) ،

(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ

__________________

[٢١٥٣] ـ ذكره هاهنا تعليقا ، وإسناده إليهما أول الكتاب ، وكلاهما مرسل.

ـ وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٧٩٨ عن السدي ومقاتل بدون إسناد.

ـ وله شاهد من حديث ابن عباس :

ـ أخرجه أحمد ١ / ٢٤٠١ والحاكم ٢ / ٤٨٢ والطبري ٣٣٨٠٥ والواحدي ٧٩٩ ولفظه : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان في ظل حجرة من حجره ، وعند نفر من المسلمين قد كاد الظلل يقلص عنهم فقال لهم : إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان ، فإذا أتاكم فلا تكلموه ، فجاء رجل أزرق ، فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكلمه ، فقال : علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ ـ نفر دعا بأسمائهم ـ فانطلق الرجل فدعاهم ، فحلفوا بالله واعتذروا بالله واعتذروا إليه ، فأنزل الله تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً ...).

ـ وصححه الحاكم على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا.

ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١٢٢ وقال : رجال أحمد رجال الصحيح ا ه.

٤٩

أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢))

(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ) ، يوم القيامة ، (أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ) ، كاذبين ما كانوا مشركين ، (كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) ، في الدنيا ، (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) من أيمانهم الكاذبة ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ).

(اسْتَحْوَذَ) ، غلب واستولى ، (عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٢٠) ، الأسفلين أي هم في جملة من يلحقهم الذل في الدنيا والآخرة.

(كَتَبَ اللهُ) ، قضى الله قضاء ثابتا ، (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ، نظيره قوله : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) (١٧٢) [الصافات : ١٧١ و ١٧٢] ، قال الزجاج : غلبة الرسل على نوعين من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب ، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة.

قوله عزوجل : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ، الآية أخبر أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكافرين وأن من كان مؤمنا لا يوالي من كفر ، وإن كان من عشيرته.

قيل : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة وسيأتي في سورة الممتحنة ، إن شاء الله عزوجل.

[٢١٥٤] وروى مقاتل بن حيان عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قال : (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ) يعني أبا عبيدة بن الجراح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد أو أبناءهم ، يعني أبا بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز ، وقال : يا رسول الله دعني أكن في الرحلة الأولى ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «متعنا بنفسك يا أبا بكر».

(أَوْ إِخْوانَهُمْ) يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد (أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) يعني عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر ، وعليا وحمزة وعبيدة قتلوا يوم بدر عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة. (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) ، أثبت التصديق في قلوبهم فهي موقنة مخلصة. وقيل : حكم لهم بالإيمان فذكر القلوب لأنها موضعه. (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ، قواهم بنصر منه قال الحسن : سمي نصره إياهم روحا لأن أمرهم يحيا به. وقال السدي : يعني بالإيمان. وقال الربيع : يعني بالقرآن وحججه ، كما قال : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] ، وقيل : برحمة منه.

وقيل : أمدّهم بجبريل عليه‌السلام. (وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

__________________

[٢١٥٤] ـ عزاه المصنف لمقاتل عن مرة به ، ولم أقف على إسناده إلى مقاتل ، ومقاتل روى مناكير ، وهو غير حجة ، فالخبر واه.

٥٠

سورة الحشر

مدنية وهي أربع وعشرون آية

قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس سورة الحشر قال : قل سورة النضير.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١))

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)

[٢١٥٥] قال المفسرون : نزلت هذه السورة في بني النضير ، وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل المدينة فصالحته بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه ، فقبل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منهم فلما غزا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير : والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية ، فلما غزا أحدا وهزم المسلمون ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين : ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلى مكة فأتوا قريشا فحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودخل أبو سفيان في أربعين وكعب في أربعين من اليهود المسجد الحرام وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة ، ثم رجع كعب وأصحابه إلى المدينة ونزل جبريل فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل كعب بن الأشرف ، فقتله محمد بن مسلمة ـ ذكرناه في سورة آل عمران ـ وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اطلع منهم على خيانة حين أتاهم يستعينهم في دية المسلمين الذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري في منصرفه من بئر معونة ، فهموا بطرح حجر عليه من فوق الحصن ، فعصمه الله وأخبره بذلك ـ ذكرناه في سورة المائدة ـ فلما قتل كعب بن الأشرف أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمر الناس بالمسير إلى بني النضير ، وكانوا بقرية يقال لها زهرة فلما سار إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف ، فقالوا : يا محمد واعية على أثر واعية وباكية على أثر باكية؟ قال : نعم ، قالوا ذرنا نبكي شجونا ثم نأتمر (١) بأمرك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اخرجوا من المدينة» ، فقالوا : الموت أقرب إلينا من ذلك فتنادوا بالحرب وأذنوا بالقتال ، ودس المنافقون عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه إليهم أن لا تخرجوا من الحصن ، فإن قاتلوكم فنحن معكم ولا نخذلكم ولننصرنكم ولئن أخرجتم لنخرجن معكم فدربوا على

__________________

[٢١٥٥] ـ ذكر صدره فقط الواحدي في «الأسباب» ٨٠٢ نقلا عن المفسرين بدون إسناد.

ـ أما عجزه فقد أخرجه أبو داود ٣٠٠٤ والواحدي ٨٠٣ من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ـ وليس فيه خبر مقتل كعب بن الأشرف ، وخبر مقتله تقدم في سورة آل عمران ، وانظر ما يأتي.

(١) تصحف في المطبوع إلى «أئتمر».

٥١

الأزقة وحصنوها ، ثم إنهم أجمعوا على الغدر برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأرسلوا إليه أن اخرج في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حتى نلتقي بمكان [نصف](١) بيننا وبينك ، فيستمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا ، فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود حتى إذا كانوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله؟ فأرسلوا إليه كيف نفهم ونحن ستون رجلا؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك في ثلاثة من علمائنا فيستمعوا منك ، فإن آمنوا بك آمنا كلنا بك وصدقناك ، فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ثلاثة من أصحابه ، وخرج ثلاثة من اليهود ، واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخبها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسارّه بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليهم ، فرجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما كان [من](٢) الغد غدا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة ، فقذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين ، فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصلح ، فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة على ما يأمرهم به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبلوا ذلك فصالحهم على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من أموالهم إلا الحقلة وهي السلاح ، وعلى أن يخلوا لهم ديارهم وعقارهم وسائر أموالهم.

وقال ابن عباس : على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من متاعهم ، ولنبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما بقي.

وقال الضحاك : أعطي كل ثلاثة نفر بعيرا ووسقا [من طعام](٣) ففعلوا وخرجوا من المدينة إلى الشام إلى أذرعات وأريحا إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حي بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر ، ولحقت طائفة منهم بالحيرة.

(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢))

فذلك قوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ، يعني بني النضير ، (مِنْ دِيارِهِمْ) ، التي كانت بيثرب ، قال ابن إسحاق : كان إجلاء بني النضير بعد مرجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أحد وفتح قريظة عند مرجعه من الأحزاب وبينهما سنتان. (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) ، قال الزهري : كانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى ، وكان الله عزوجل قد كتب عليهم الجلاء ، ولو لا ذلك لعذبهم في الدنيا.

[٢١٥٦] قال ابن عباس : من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية فكان هذا أول حشر إلى الشام ،

__________________

[٢١٥٦] ـ ضعيف. أخرجه البزار ٣٤٢٦ «كشف» من حديث ابن عباس.

ـ وإسناده ضعيف لضعف أبي سعد البقال.

ـ وقال الهيثمي في «المجمع» ١٠ / ١٨٣٥٥ : فيه أبو سعد البقال ، والغالب على حديثه الضعف.

ـ قلت : وكون الحشر في الشام ، ورد في أحاديث أخرى.

ـ وانظر : «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي ٥٨٧٣ بتخريجي.

(١) زيادة عن المخطوط.

(٢) زيادة عن المخطوط.

(٣) زيادة عن المخطوط.

٥٢

قال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أخرجوا» ، قالوا إلى أين؟ قال : «إلى أرض المحشر ثم ، يحشر الخلق يوم القيامة إلى الشام».

وقال الكلبي : إنما قال لأول الحشر لأنهم كانوا أول من أجلى من أهل الكتاب من جزيرة العرب ، ثم أجلى آخرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قال مرة الهمداني : كان أول الحشر من المدينة والحشر الثاني من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحا من الشام في أيام عمر. وقال قتادة : كان هذا أول الحشر والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا : (ما ظَنَنْتُمْ) ، أيها المؤمنون (أَنْ يَخْرُجُوا) ، من المدينة لعزتهم ومنعتهم وذلك أنهم كانوا أهل حصون وعقار ونخيل كثيرة ، (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ) ، أي وظن بنو النضير أن حصونهم تمنعهم من سلطان الله ، (فَأَتاهُمُ اللهُ) ، أي أمر الله وعذابه ، (مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) ، وهو أنه أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتالهم وإجلائهم وكانوا لا يظنون ذلك ، (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) ، بقتل سيدهم كعب بن الأشرف ، (يُخْرِبُونَ) ، قرأ أبو عمر بالتشديد والآخرون بالتخفيف ومعناهما واحد ، (بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ).

[٢١٥٧] قال الزهري : وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما صالحهم على أن لهم ما أقلّت الإبل ، كانوا ينظرون إلى الخشب في منازلهم فيهدمونها وينزعون منها ما يستحسنونه فيحملونه على إبلهم ، ويخرب المؤمنون باقيها.

قال ابن زيد : كانوا يقلعون العمد وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب حتى الأوتاد يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون حسدا منهم وبغضا. قال قتادة : كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها ويخربها اليهود من داخلها. قال ابن عباس رضي الله عنهما : كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها لتتسع لهم المقاتل ، وجعل أعداء الله ينقبون دورهم في أدبارها فيخرجون إلى التي بعدها فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذلك قوله عزوجل : (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا) ، فاتعظوا وانظروا فيما نزل بهم ، (يا أُولِي الْأَبْصارِ) ، يا ذوي العقول والبصائر.

(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤) ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥))

(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) ، الخروج من الوطن ، (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) ، بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة ، (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ ذلِكَ) ، الذي لحقهم ، (بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).

(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) ، الآية.

__________________

[٢١٥٧] ـ مرسل. أخرجه عبد الرزاق في «التفسير» ٣١٨٤ والطبري ٣٣٨٢٥ عن الزهري مرسلا بنحوه.

ـ وقوله «صالحهم على أن لهم ما أقلّت الإبل».

ـ أخرجه ابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» عند هذه الآية. وعبد الرزاق في «المصنف» ٥ / ٣٥٧ من طريق الزهري عن عروة بن الزبير مرسلا.

٥٣

[٢١٥٨] وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزل ببني النضير وتحصنوا بحصونهم أمر بقطع نخليهم وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا : يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح أفمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخيل؟

فهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض ، فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم وخشوا أن يكون ذلك فسادا ، واختلفوا في ذلك فقال بعضهم : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم : بل نغيظهم بقطعها ، فأنزل الله هذه الآية بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم.

[٢١٥٩] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا آدم ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر قال : حرق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نخل بني النضير وقطع وهي البويرة : فنزلت : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ).

أخبر الله في هذه الآية أن ما قطعوه (١) وما تركوه فبإذن الله ، (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) ، واختلفوا في اللينة فقال قوم : النخل كلها لينة ما خلا العجوة ، وهو قول عكرمة وقتادة.

[٢١٦٠] ورواه زاذان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقطع نخلهم إلا العجوة.

وأهل المدينة يسمون ما خلا العجوة من التمر الألوان واحدها لون ولينة. وقال الزهري : هي ألوان النخل كلها إلا العجوة والبرنية. وقال مجاهد وعطية : هي النخل كلها من غير استثناء. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهم : هي لون من النخل. وقال سفيان : هي كرام النخل. وقال مقاتل : هي

__________________

[٢١٥٨] ـ ذكره الواحدي في «الأسباب» ٨٠٤ هكذا بدون إسناد.

ـ وورد بنحوه من حديث ابن عباس أخرجه الترمذي ٣٣٠٣ والنسائي في «التفسير» ٥٩٤ والطحاوي في «المشكل» ١١١١ وإسناده صحيح.

ـ وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.

[٢١٥٩] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري حيث تفرد عن آدم ، لكن توبع ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.

ـ آدم هو ابن أبي إياس ، الليث هو ابن سعد.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٦٧٦ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٠٣١ عن آدم بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٨٤ ومسلم ١٧٤٦ وأبو داود ١٦١٥ والترمذي ٣٢٩٨ وابن ماجه ٢٨٤٤ والواحدي في «أسباب النزول» ٨٠٥ وأحمد ٢ / ١٢٣ من طرق عن الليث به.

ـ وأخرجه مسلم ١٧٤٦ ح ٣١ وابن ماجه ٢٨٤٥ والدارمي ٢ / ٢٢٢ من طريق عبيد الله عن نافع به.

ـ وأخرجه البخاري ٣٠٢١ ومسلم ١٧٤٦ وأحمد ٢ / ٧ ـ ٨ و ٥٢ و ٨٠ والطبري ٣٣٨٥٣ والواحدي ٨٠٦ والبيهقي ٩ / ٨٣ من طرق عن موسى بن عقبة عن نافع به.

ـ وأخرجه البخاري ٢٣٢٦ و ٤٠٣٢ والطيالسي ١١٥٧ وأبو يعلى ٥٨٣٧ والبيهقي ٩ / ٨٣ والبغوي في «شرح السنة» ٣٦٧٥ من طرق عن جويرية عن نافع به.

ـ وأخرجه البيهقي ٩ / ٨٣ من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن نافع به.

[٢١٦٠] ـ هكذا ساقه المصنف عن زاذان عن ابن عباس تعليقا ، وزاذان هو أبو يحيى القتات ، ضعيف الحديث ، ولم يلق ابن عباس.

ـ والذي صح عن ابن عباس هو تفسير اللينة.

ـ أخرج الطبري ٣٣٨٤٣ بسند صحيح عن ابن عباس (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) قال : النخلة دون العجوة.

(١) في المطبوع «قطعتموه».

٥٤

ضرب من النخل يقال لثمرها اللون ، وهو شديد الصفرة يرى نواه من خارج يغيب فيها الضرس ، وكان من أجود تمرهم وأعجبها إليهم ، وكانت النخلة الواحدة منها ثمنها ثمن وصيف ، وأحب إليهم من وصيف ، فلما رأوهم يقطعونها شق ذلك عليهم وقالوا للمؤمنين إنكم تكرهون الفساد في الأرض وأنتم تفسدون دعوا هذا النخل قائما هو لمن غلب عليه ، فأخبر الله تعالى أن ذلك بإذنه.

(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦))

(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) ، أي رده على رسوله ، يقال يفيء أي رجع وأفاء الله ، (مِنْهُمْ) أي من يهود بني النضير ، (فَما أَوْجَفْتُمْ) أوضعتم ، (عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ، يقال : وجف الفرس والبعير يجف وجيفا وهو سرعة السير ، وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير ، وأراد بالركاب الإبل التي تحمل القوم. وذلك أن بني النضير لما تركوا رباعهم وضياعهم طلب المسلمون من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يقسمها بينهم ، كما فعل بغنائم خيبر ، فبين الله تعالى في هذه الآية أنها فيء لم يوجف المسلمون عليها خيلا ولا ركابا ولم يقطعوا إليها شقة. [ولا نالوا مشقة](١) ولم يلقوا حربا ، (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، فجعل أموال بني النضير لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة يضعها حيث يشاء ، فقسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة.

[٢١٦١] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النضري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفأ ، فقال : هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ قال : نعم ، فأدخلهم فلبث يرفأ قليلا ثم جاء فقال : هل لك في عباس وعلي يستأذنان؟ قال : نعم ، فلما دخلا قال (٢) عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بني النضير ، فقال الرهط : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.

قال : اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا

__________________

[٢١٦١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ أبو اليمان هو الحكم بن نافع ، شعيب هو ابن دينار ، الزهري هو محمد بن مسلم.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٠٣٣ عن أبي اليمان بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البيهقي ٦ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ من طريق أبي اليمان به.

ـ وأخرجه البخاري ٥٣٥٨ و ٦٧٢٨ و ٧٣٠٥ من طريق الليث عن عقيل عن الزهري به.

ـ وأخرجه البخاري ٣٠٩٤ ومسلم ١٧٥٧ ح ٤٩ وأبو داود ٢٩٦٣ والترمذي ١٦١٠ وأبو يعلى ٢ و ٣ والبيهقي ٦ / ٢٩٧ والبغوي في «شرح السنة» ٢٧٣٢ من طرق عن مالك عن الزهري به.

ـ وأخرجه مسلم ١٧٥٧ ح ٥٠ وعبد الرزاق ٩٧٧٢ وأحمد ١ / ٤٧ و ٦٠ وابن حبان ٦٦٠٨ والبيهقي ٦ / ٢٩٨ من طريق معمر عن الزهري به.

(١) زيد في المطبوع.

(٢) زيد في المطبوع «ابن» وهو خطأ.

٥٥

نورث ما تركنا صدقة» يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفسه؟ قالوا : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على علي وعباس ، فقال : أنشد كما بالله هل تعلمان أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ذلك؟ قالا : نعم ، قال : فإني أحدثكم عن هذا الأمر أن الله كان خص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره ، فقال : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ، إلى قوله : (قَدِيرٌ) ، وكانت هذه خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حياته ، ثم توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقبضها أبو بكر رضي الله تعالى عنه فعمل بها بما عمل به فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنتما حينئذ جميع ، وأقبل على علي وعباس : تذكران أن أبا بكر فعل فيه كما تقولان والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفّى الله أبا بكر.

فقلت : أنا ولي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو بكر والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق ، ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة ، وأمركما جميع فقلت لكما : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا نورث ما تركنا صدقة» فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت : إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، وبما عملت به فيها منذ وليتها ، وإلا فلا تكلماني فيها ، فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك ، فو الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها (١).

(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧))

قوله عزوجل : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) ، يعني من أموال كفار أهل القرى ، قال ابن عباس : هي قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة ، (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ، قد ذكرنا في سورة الأنفال حكم الغنيمة وحكم الفيء إن مال الفيء كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حياته يضعه حيث يشاء وكان ينفق منه على أهله نفقة سنتهم ويجعل ما بقي مجعل مال الله.

واختلف أهل العلم في مصرف الفيء بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال قوم : هو للأئمة بعده. وللشافعي فيه قولان : أحدهما هو للمقاتلة ، والثاني لمصالح المسلمين ، ويبدأ بالمقاتلة ثم بالأهم فالأهم من المصالح. واختلفوا في تخميس مال الفيء فذهب بعضهم إلى أنه يخمس فخمسه لأهل خمس الغنيمة وأربعة أخماسه للمقاتلة وللمصالح ، وذهب الأكثرون إلى أنه لا يخمس بل مصرف جميعه واحد ، ولجميع المسلمين فيه حق ، قرأ عمر بن الخطاب : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) ، حتى بلغ : (للفقراء المهاجرين والذين جاءوا من بعدهم) ، ثم قال : هذه استوعبت المسلمين عامة ، وقال : ما على وجه الأرض مسلم إلا له في هذا الفيء حق إلا ما ملكت أيمانكم. (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) ، قرأ العامة بالياء ، (دُولَةً) نصب أي لكيلا يكون الفيء دولة ، وقرأ أبو جعفر تكون بالتاء دولة بالرفع على اسم كان أي كيلا يكون الأمر إلى

__________________

(١) لفظ هذا الحديث هكذا في المطبوع و «شرح السنة» ٢٧٣٢. وهو عند البخاري ٤٠٣٧ مختلف يسيرا.

٥٦

دولة ، وجعل الكينونة بمعنى الوقوع وحينئذ لا خبر له والدولة اسم للشيء الذي يتداوله القوم بينهم ، (بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) ، يعني بين الرؤساء والأقوياء. [معناه كيلا يكون الفيء دولة بين الأغنياء والأقوياء](١) فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا اغتنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها لنفسه ، وهو المرباع ، ثم يصطفى منها بعد المرباع ما شاء ، فجعله الله لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقسمه فيما أمر به ، ثم قال : (وَما آتاكُمُ) ، أعطاكم ، (الرَّسُولُ) ، من الفيء والغنيمة ، (فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) ، من الغلول وغيره ، (فَانْتَهُوا) ، وهذا نازل في أموال الفيء ، وهو عام في كل ما أمر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونهى عنه.

[٢١٦٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل [حدثنا محمد بن يوسف](٢) ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك [قد](٣) لعنت كيت وكيت ، فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو في كتاب الله تعالى ، فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)؟ قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه.

(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، ثم بين من له الحق في الفيء فقال :

(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨))

(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً) رزقا (مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) ، أي أخرجوا إلى دار الهجرة طلبا لرضا الله عزوجل ، (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) ، في إيمانهم. قال قتادة : هؤلاء المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والعشائر وخرجوا حبا لله ولرسوله ، واختاروا الإسلام على ما كانوا فيه من شدة ، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها.

__________________

[٢١٦٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ منصور هو ابن المعتمر ، إبراهيم هو ابن يزيد النخعي ، علقمة بن الأسود.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٠٨٤ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٨٦ عن محمد بن يوسف بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٨٧ و ٥٩٤٣ و ٥٩٤٨ ومسلم ٢١٢٥ والنسائي ٨ / ١٤٦ وابن ماجه ١٩٨٩ وأحمد ١ / ٤٣٣ ـ ٤٣٤ و ٤٤٣ والحميدي ٩٧ وابن حبان ٥٥٠٤ والدارمي ٢ / ٢٧٩ من طرق عن سفيان به.

ـ وأخرجه البخاري ٥٩٣١ و ٥٩٣٩ ومسلم ٢١٢٥ وأبو داود ٤١٦٩ وابن حبان ٥٥٠٥ والبيهقي ٧ / ٣١٢ من طرق عن جرير عن منصور به.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٢٥ والترمذي ٢٧٨٢ والنسائي ٨ / ١٨٨ وأحمد ١ / ٤٦٥ من طرق عن منصور به.

ـ وأخرجه مسلم ٢١٢٥ والنسائي ٨ / ١٨٨ وأحمد ١ / ٤٥٤ من طريق الأعمش عن إبراهيم به.

ـ وأخرجه النسائي ٦ / ١٤٩ و ٨ / ١٤٦ وأحمد ١ / ٤٦٢ و ٤٤٨ من طريقين عن ابن مسعود به.

(١) زيد في المطبوع.

(٢) سقط من المطبوع.

(٣) زيادة عن المطبوع.

٥٧

[٢١٦٣] أخبرنا محمد بن الحسن المروزي أنا أبو العباس الطحان أنا أبو أحمد بن محمد بن قريش (١) بن سليمان أنا علي بن عبد العزيز المكي أنا أبو عبيد (٢) القاسم بن سلام حدثني عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أمية بن خالد بن عبد الله بن أسيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين.

قال أبو عبيد : هكذا قال عبد الرحمن وهو عندي أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد.

[٢١٦٤] وروينا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة ، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم ، وذلك مقدار خمسمائة سنة».

(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩))

(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) ، وهم الأنصار تبوءوا الدار توطنوا الدار ، أي المدينة اتخذوها دار الهجرة والإيمان ، (مِنْ قَبْلِهِمْ) ، أي أسلموا في ديارهم وآثروا الإيمان وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسنتين. ونظم الآية والذين تبوءوا الدار من قبلهم أي من قبل قدوم المهاجرين عليهم ، وقد آمنوا لأن الإيمان ليس بمكان تبوء ، (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً) ، حزازة وغيظا وحسدا ، (مِمَّا أُوتُوا) ، أي مما أعطى المهاجرون دونهم من الفيء ، وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قسم أموال بني النضير بين المهاجرين ، ولم يعط منها الأنصار فطابت أنفس الأنصار بذلك ، (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) ، أي يؤثرون على إخوانهم من المهاجرين بأموالهم ومنازلهم على أنفسهم ، (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) ، فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون ، وذلك أنهم قاسموهم ديارهم وأموالهم.

[٢١٦٥] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٣) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا

__________________

[٢١٦٣] ـ ضعيف. رجاله ثقات ، وعلته الإرسال فحسب ، أمية تابعي.

ـ سفيان هو ابن سعيد الثوري ، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٩٥٧ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٨٥٨ من طريق سفيان ، و ٨٥٩ من طريق قيس بن الربيع ، كلاهما عن أبي إسحاق به.

ـ وأخرجه الطبراني ٨٥٧ من طريق عيسى بن يونس حدثني أبي عن أبيه عن أمية به. ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ١٠ / ٢٦٢ وقال : ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح.

ـ وقال المنذري في «الترغيب» ٤٦٦٩ : رواه الطبراني ، ورواته رواة الصحيح ، وهو مرسل.

[٢١٦٤] ـ تقدم في سورة الحج عند آية : ٤٧ وفي سورة الأنعام عند آية : ٥٣.

[٢١٦٥] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.

ـ مسدد هو ابن مسرهد ، أبو حازم هو سلمة بن دينار.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٣٧٩٨ عن مسدد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الواحدي في «الأسباب» ٨٠٩ من طريق نصر بن علي الجهضمي عن عبد الله بن داود به.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٨٩ ومسلم ٢٠٥٤ والترمذي ٣٣٠٤ والنسائي في «التفسير» ٦٠٢ وابن حبان ٥٢٨٦ والبيهقي ٤ / ١٨٥ وفي «الأسماء والصفات» ٩٧٩ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ٢٧٣ من طرق عن فضيل بن غزوان به.

(١) تصحف في المطبوع «قيس».

(٢) تصحف في المطبوع «عبد».

(٣) زيادة عن المخطوط.

٥٨

محمد بن إسماعيل ثنا مسدد ثنا عبد الله بن داود عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستضافه فبعث إلى نسائه هل عندكن من شيء؟ فقلن : ما معنا (١) إلا الماء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله ، فانطلق به إلى امرأته فقال : أكرمي ضيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : ما عندنا إلا قوت الصبيان ، فقال : هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونوّمي صبيانك ، إذا أرادوا عشاء ، فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ، ونوّمت صبيانها ، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته ، فجعلا يريانه أنهما يأكلان ، فباتا طاويين ، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما ، فأنزل الله عزوجل : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).

(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

[٢١٦٦] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا الحكم (٢) بن نافع أنا شعيب ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قالت الأنصار [للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم] اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل ، قال : لا ، فقالوا : تكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة ، قالوا : سمعنا وأطعنا.

[٢١٦٧] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد الله بن محمد ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال : دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين ، فقالوا : لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها ، قال : «ألا فاصبروا حتى تلقوني (٣) على الحوض ، فإنه سيصيبكم أثرة بعدي».

[٢١٦٨] وروي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم النضير للأنصار : «إن شئتم قسمتم

__________________

[٢١٦٦] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ شعيب هو ابن دينار ، أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان ، الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.

ـ وهو في «شرح السنة» ٢١٥٠ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٢٣٢٥ عن الحكم بن نافع بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٢٧١٩ من طريق أبي اليمان عن شعيب به.

ـ وأخرجه البخاري ٣٧٨٢ من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد به.

[٢١٦٧] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.

ـ سفيان هو ابن عيينة.

ـ وهو في «شرح السنة» ٢١٨٥ بهذا الإسناد.

ـ وفي في «صحيح البخاري» ٢٧٩٤ عن عبد الله بن محمد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الحميدي ١١٩٥ وأحمد ٣ / ١١١ من طريق سفيان به.

ـ أخرجه البخاري ٢٣٧٦ و ٣١٦٣ وأبو يعلى ٣٦٤٩ والبيهقي ٦ / ١٤٣ من طرق عن يحيى بن سعيد به.

[٢١٦٨] ـ ذكره المصنف هكذا تعليقا.

ـ وقال الحافظ في «الكشاف» ٤ / ٥٠٥ : ذكره الثعلبي بغير سند ، وروى الواقدي عن معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد عن أم العلاء ... فذكر نحوه.

ـ وإسناده واه من أجل الواقدي ، ولا يصح بهذا اللفظ.

(١) في المطبوع «معناه».

(٢) تصحف في المطبوع «الحكيم».

(٣) في المطبوع «يلقوني».

٥٩

للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة» ، فقالت الأنصار : بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها ، فأنزل الله عزوجل : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

والشح في كلام العرب : البخل ومنع الفضل. وفرّق العلماء بين الشح والبخل.

روي أن رجلا قال لعبد الله بن مسعود : إني أخاف أن أكون قد هلكت ، فقال : وما ذاك؟ قال : أسمع الله يقول : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، وأنا رجل شحيح ، لا يكاد يخرج من يدي شيء ، فقال عبد الله : ليس ذاك بالشح الذي ذكر الله عزوجل في القرآن ، ولكن الشح أن تأكل مال أخيك ظلما ، ولكن ذاك البخل وبئس الشيء البخل.

وقال ابن عمر : ليس الشح أن يمنع الرجل ماله إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له. وقال سعيد بن جبير : الشح هو أخذ الحرام ومنع الزكاة. وقيل : الشح هو الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم. قال ابن زيد : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عنه ، ولم يدعه الشح إلى أن يمنع شيئا من شيء أمره الله به فقد وقاه شح نفسه.

[٢١٦٩] أخبرنا الإمام [أبو علي](١) الحسين بن محمد القاضي أنا أبو سعد خلف بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي نزار ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حراز القهندزي ثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق [بن سعيد](٢) السعدي ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا القعنبي ثنا داود بن قيس الفراء عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا (٣) محارمهم».

[٢١٧٠] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ثنا أبو العباس الأصم أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا أبي وشعيب قالا : أنا الليث عن يزيد بن الهاد عن سهيل بن أبي صالح عن صفوان بن يزيد عن القعقاع هو ابن اللجلاج (٤) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يجتمع

__________________

[٢١٦٩] ـ صحيح ، أحمد الرمادي ثقة ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال الصحيح.

ـ هو في «شرح السنة» ٤٠٥٦.

ـ وأخرجه مسلم ٢٥٧٨ والبيهقي ٦ / ٩٣ من طريق القعنبي بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أحمد ٣ / ٣٢٣ من طريق عبد الرزاق عن داود بن قيس به.

ـ وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ٤٨٧ والحاكم ١ / ١٢ وأحمد ٢ / ٤٣١ وابن حبان ٦٢٤٨ والبيهقي في «الآداب» ١٠٨.

ـ وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن عمرو أخرجه أحمد ٢ / ١٩٥ والحاكم ١ / ١١ والطيالسي ٢٢٧٢ وابن حبان ٥١٧٦.

[٢١٧٠] ـ تقدم في سورة الإسراء عند آية : ١٠٩.

(١) تصحف في المطبوع «محمد بن أبي».

(٢) سقط من المطبوع.

(٣) تصحف في المطبوع «استملوا».

(٤) تصحف في المخطوط «الجلاح».

٦٠