تفسير البغوي - ج ٢

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي

تفسير البغوي - ج ٢

المؤلف:

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي


المحقق: عبدالرزاق المهدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

١

٢

٣
٤

سورة المائدة

مدنية كلها إلّا قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] الآية ، فإنها نزلت بعرفات ، وهي مائة وعشرون آية.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

روي عن أبي ميسرة قال : أنزل الله تعالى في هذه السورة ثمانية عشر حكما لم ينزلها في غيرها ، قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المائدة : ١] ، وقوله : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [المائدة : ٣] ، (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة : ٥] ، وتمام الطهور في قوله : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٦] ، (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) [المائدة : ٣٨] ، (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة : ٩٥] الآية ، (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ (١٠٣)) [المائدة : ١٠٣] ، وقوله : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) [المائدة : ١٠٦].

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١))

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، أي : بالعهود ، قال الزجاج : هي أوكد العهود ، يقال : عاقدت فلانا وعقدت عليه أي : ألزمته ذلك باستئناف ، وأصله من عقد الشيء بغيره ووصله به ، كما يعقد الحبل بالحبل إذا وصل ، واختلفوا في هذه العقود ، قال ابن جريج : هذا خطاب لأهل الكتاب ، يعني : يا أيّها الذين آمنوا بالكتب المتقدمة أوفوا بالعهود التي عهدتها إليكم في شأن محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١٨٧] ، وقال الآخرون : هو عام ، قال قتادة : أراد بها الحلف الذي تعاقدوا عليه في الجاهلية ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : هي عهود الإيمان والقرآن ، وقيل : هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم ، (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ، قال الحسن وقتادة : هي الأنعام كلّها ، وهي الإبل والبقر والغنم ، وأراد تحليل ما حرّم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام.

وروى أبو ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بهيمة الأنعام هي الأجنّة ، ومثله عن الشعبي قال : هي الأجنّة التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت أو نحرت ، ذهب أكثر أهل العلم إلى تحليله.

[٧٣٨] قال الشيخ رحمه‌الله تعالى : قرأت على أبي عبد الله محمد بن الفضل الخرقي فقلت : قرئ على

__________________

[٧٣٨] ـ حديث جيد بمجموع طرقه وشواهده. إسناده غير قوي لأجل مجالد وهو ابن سعيد ، لكن توبع ، وشيخه من رجال مسلم

٥

أبي سهل محمد بن عمر بن طرفة السجزي (١) وأنت حاضر ، فقيل له : حدثكم أبو سليمان الخطابي أنا أبو بكر بن داسة أنا أبو داود السجستاني أنا مسدد أنا هشيم عن مجالد عن أبي الودّاك عن أبي سعيد (٢) رضي الله عنه قال :

قلنا : يا رسول الله ، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة فنجد في بطنها الجنين ، أنلقيه أم نأكله؟ فقال : «كلوه إن شئتم فإنّ ذكاته ذكاة أمّه».

[٧٣٩] وروى أبو الزبير عن جابر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ذكاة الجنين ذكاة أمّه». وشرط بعضهم الإشعار ، قال ابن عمر : ذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا تمّ خلقه ونبت شعره ، ومثله عن سعيد بن المسيب ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : لا يحلّ أكل الجنين إذا خرج ميتا بعد ذكاة الأم. وقال الكلبي : بهيمة الأنعام وحشها وهي الظباء وبقر الوحش وحمر الوحش ، سمّيت بهيمة لأنها أبهمت عن التمييز ، وقيل : لأنها لا نطق لها ، (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ، أي : ما ذكر في قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) إلى قوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة : ٣] ، (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) ، وهو نصب على الحال ، أي : لا محلّي الصيد ، ومعنى الآية : أحلّت لكم

__________________

وللحديث شواهد. مسدّد هو ابن مسرهد ، وهشيم هو ابن بشير ، وأبو الودّاك هو جبر بن نوف.

وهو في «شرح السنة» ٢٧٨٣ بهذا الإسناد.

وهو في «سنن أبي داود» ٢٨٢٧ عن مسدد بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي ١٤٧٦ وابن ماجه ٩٠٠ وعبد الرزاق ٨٦٥٠ وأحمد (٣ / ٣١ و ٥٣) وأبو يعلى ٩٩٢ وابن الجارود ٩٠٠ والدارقطني (٤ / ٢٧٢ و ٢٧٣ و ٢٧٤) والبيهقي (٩ / ٣٣٥) من طرق عن مجالد به.

وأخرجه أحمد (٣ / ٣٩) وابن حبان ٥٨٨٩ والدارقطني (٤ / ٢٧٤) والبيهقي (٩ / ٣٣٥) من طرق أبي عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي الودّاك به.

وانظر الحديث الآتي.

(١) وقع في الأصل «الشجري» والتصويب من «شرح السنة».

(٢) وقع في الأصل «أبي مسعود» والتصويب من «شرح السنة» ومصادر التخريج.

[٧٣٩] ـ حسن صحيح. أخرجه أبو داود ٢٨٢٨ والدارمي (٢ / ٨٤) والدارقطني (٤ / ٢٧٣) والبيهقي (٩ / ٣٣٤ ، ٣٣٥) من طريق أبي الزبير عن جابر به.

وأخرجه الحاكم (٤ / ١١٤) من طريق زهير بن معاوية عن أبي الزبير به ، وصححه على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وقال الحافظ في «تلخيص الحبير» (٤ / ١٥٧) : ولو صح الطريق إلى زهير ، لكان على شرط مسلم ، إلا أن راويه عنه استنكر أبو داود حديثه ا ه.

وله شواهد منها حديث أبي أمامة وأبي الدرداء أخرجه الطبري في «الكبير» ٧٤٩٨ والبزار ١٢٢٦ وذكره الهيثمي في «المجمع» ٦٠٤٦ وقال : وفيه بشر بن عمارة ، وقد وثق ، وفيه ضعف ا ه.

وقال الحافظ في «التلخيص» (٤ / ١٥٧) : فيه ضعف وانقطاع ا ه.

وحديث ابن عمر أخرجه الطبراني في «الأوسط» ٧٨٥٢ و ٨٢٣٠ و ٩٤٤٩ وفي إسناده ابن إسحاق ، وهو ثقة ، ولكنه مدلس ، وبقية رجال «الأوسط» ثقات كذا قال الهيثمي في «المجمع» ٦٠٤٨.

وحديث كعب بن مالك عند الطبراني في «الكبير» (١٩ / ٧٨) و «الأوسط» ٣٧٢٣ وفيه إسماعيل بن مسلم ، وهو ضعيف.

وحديث أبي أيوب عند الطبراني في «الكبير» ٤٠١٠ وفيه محمد بن أبي ليلى ، وهو سيّئ الحفظ ، ولكنه ثقة ، قاله الهيثمي ٦٠٥٠. فالحديث جيد بمجموع طرقه وشواهده.

وانظر الحديث المتقدم.

٦

بهيمة الأنعام كلّها إلا ما كان منها وحشيا ، فإنه صيد لا يحلّ لكم في حال الإحرام ، فذلك (١) قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ).

[٧٤٠] نزلت في الحطم واسمه شريح بن ضبيعة البكري ، أتى المدينة وخلّف خيله (٢) خارج المدينة ، ودخل وحده على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : إلام تدعو الناس؟ فقال له : «إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، [وأنّ محمدا رسول الله](٣) ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» ، فقال : حسن ، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرا دونهم ، ولعلّي أسلم وآتي بهم ، وقد كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأصحابه : «يدخل عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان» ، ثم خرج شريح من عنده ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد دخل بوجه كافر وخرج بقفا غادر وما الرجل بمسلم» ، فمرّ بسرح (١) المدينة فاستاقه وانطلق ، فاتّبعوه فلم يدركوه ، فلمّا كان العام القابل خرج حاجا في حجاج بكر بن وائل من اليمامة ومعه تجارة عظيمة ، وقد قلّدوا الهدي ، فقال المسلمون للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هذا الحطم قد خرج حاجا فخلّ بيننا وبينه ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنه [قد](٤) قلّد الهدي» ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا شيء كنّا نفعله في الجاهلية ، فأبى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ).

قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد : هي مناسك الحج ، وكان المشركون يحجّون ويهدون ، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فنهاهم الله عن ذلك. وقال أبو عبيدة : شعائر الله هي الهدايا المشعرة ، والإشعار من الشعار ، وهي العلامة ، وإشعارها : إعلامها بما يعرف أنها هدي ، والإشعار هاهنا : أن يطعن في صفحة سنام (٥) البعير بحديدة حتى يسيل الدم ، فيكون ذلك علامة أنها هدي ، وهي سنة في الهدايا إذا كانت من الإبل ، لما :

[٧٤١] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا

__________________

[٧٤٠] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٣٧٩ عن ابن عباس بدون إسناد ، وورد عن السدي مرسلا بنحوه أخرجه الطبري ١٠٩٦١ وأخرجه بنحوه من مرسل عكرمة برقم ١٠٩٦٢ وكرره من مرسل ابن جريج ، فهذه الروايات تتأيد بمجموعها.

(١) السرح : المال السائم.

[٧٤١] ـ إسناده على شرط البخاري ومسلم ، أبو نعيم هو الفضل بن دكين ، أفلح هو ابن حميد بن نافع ، القاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.

وهو في «شرح السنة» ١٨٨٣ بهذا الإسناد.

وهو في «صحيح البخاري» ١٦٩٦ عن أبي نعيم بهذا الإسناد.

__________________

(١) تصحف في المطبوع «فلذلك».

(٢) كذا في المطبوع وط و «أسباب النزول» ، وفي المخطوط «رحله».

(٣) زيد في المطبوع وط ، وليس في المخطوط و «أسباب النزول».

(٤) زيادة عن المخطوط وط.

(٥) تصحف في المطبوع «سنان».

٧

محمد بن إسماعيل ثنا أبو نعيم أنا أفلح عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فتلت قلائد بدن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيدي ، ثم قلّدها وأشعرها وأهداها ، فما حرم عليه شيء كان أحلّ له.

وقاس الشافعي البقر على الإبل في الإشعار ، وأمّا الغنم فلا تشعر بالجرح ، فإنها لا تحتمل الجرح لضعفها ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يشعر الهدي.

وقال عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما : لا تحلّوا شعائر الله وهي أن تصيد وأنت محرم ، بدليل قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) ، وقال السدي : أراد حرم الله ، وقيل : المراد منه النهي عن القتل في الحرم.

وقال عطاء : شعائر الله حرمات الله واجتناب سخطه واتباع طاعته ، قوله : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) ، أي : بالقتال فيه ، وقال ابن زيد : هو النسيء ، وذلك أنهم كانوا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ، (وَلَا الْهَدْيَ) ، [و] هو كل ما يهدى إلى بيت الله من بعير أو بقرة أو شاة ، (وَلَا الْقَلائِدَ) ، أي : الهدايا المقلّدة ، يريد ذوات القلائد ، وقال عطاء : أراد أصحاب القلائد ، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا أرادوا الخروج من الحرم قلّدوا أنفسهم وإبلهم بشيء من لحاء شجر الحرم كيلا يتعرّض لهم ، فنهى الشرع عن استحلال شيء منها.

وقال مطرّف بن الشّخّير : هي القلائد نفسها وذلك أنّ المشركين كانوا يأخذون من لحاء شجر مكة ويتقلّدونها فنهوا عن نزع شجرها.

قوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ، أي : قاصدين البيت الحرام ، يعني : الكعبة فلا تتعرضوا لهم ، (يَبْتَغُونَ) يطلبون (فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) ، يعني : الرزق بالتجارة ، (وَرِضْواناً) ، أي : على زعمهم ، لأن الكافر (١) لا نصيب له في الرضوان ، قال قتادة : هو أن يصلح معايشهم في الدنيا ولا يعجل لهم العقوبة فيها ، وقيل : ابتغاء الفضل للمؤمنين والمشركين عامة ، وابتغاء الرضوان للمؤمنين خاصة ، لأنّ المسلمين والمشركين كانوا يحجّون ، وهذه الآية إلى هاهنا منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وبقوله : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة : ٢٨] ، فلا يجوز أن يحجّ مشرك ولا يأمن كافر بالهدي والقلائد. قوله عزوجل : (وَإِذا حَلَلْتُمْ) ، أي : من إحرامكم ، (فَاصْطادُوا) ، أمر إباحة ، أباح للحلال أخذ الصيد ؛ كقوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) [الجمعة : ١٠] ، (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة : لا يحملنّكم ، يقال : جرمني فلان على أن صنعت كذا ، أي : حملني ، وقال الفراء : لا يكسبنّكم ، يقال : جرم أي : كسب فلان

__________________

وأخرجه البخاري ١٦٩٩ و ١٧٠٥ ومسلم ١٣٢١ وأبو داود ١٧٥٧ و ١٧٥٩ والترمذي ٩٠٨ والنسائي (٥ / ١٧١ و ١٧٢ و ١٧٥) وابن ماجه ٣٠٩٨ والحميدي ٢٠٩ وأحمد (٦ / ٧٨ و ٨٥ و ٢١٦) وأبو يعلى ٤٦٥٩ وابن الجارود ٤٢٣ والطحاوي (٥ / ٢٣٣) من طرق عن القاسم بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري ١٧٠٤ و ٥٥٦٦ ومسلم ١٣٢١ ح ٣٧٠ والنسائي (٥ / ١٧١) وأبو يعلى ٤٦٥٨ والطحاوي (٢ / ٢٦٥) من طرق عن عامر الشعبي عن مسروق عن عائشة بنحوه.

وأخرجه مالك (١ / ٣٤٠) عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة بنحوه ، ومن طريق مالك أخرجه البخاري ١٧٠٠ و ٢٣١٧ ومسلم ١٣٢١ ح ٣٦٩ والنسائي (٥ / ١٧٥) وأبو يعلى ٤٨٥٣ والطحاوي (٢ / ٢٦٦) والبيهقي (٥ / ٢٣٤).

__________________

(١) في المطبوع «الكافرين».

٨

جريمة أهله ، أي : كاسبهم ، وقيل : لا يدعونكم ، (شَنَآنُ قَوْمٍ) ، أي : بغضهم وعداوتهم ، وهو مصدر شئت ، قرأ ابن عامر وأبو بكر شنآن قوم بسكون النون الأولى ، وقرأ الآخرون بفتحها ، وهما لغتان ، والفتح أجود ، لأنّ المصادر أكثرها [على](١) فعلان ، بفتح العين مثل الضربان والسيلان والنسلان ونحوها ، (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الألف على الاستئناف ، وقرأ الآخرون بفتح الألف ، أي : لأن صدوكم ، ومعنى الآية : لا يحملنّكم عداوة قوم على الاعتداء لأنهم صدّوكم. قال محمد بن جرير : لأن هذه السورة نزلت بعد قصة الحديبية ، كان الصّدّ قد تقدم ، (أَنْ تَعْتَدُوا) عليهم بالقتل وأخذ الأموال ، (وَتَعاوَنُوا) ، أي : ليعن بعضكم بعضا ، (عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) ، قيل : البرّ متابعة الأمر ، والتقوى مجانبة النهي ، وقيل : البرّ : الإسلام ، والتقوى : السنّة ، (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) ، قيل : الإثم : الكفر ، والعدوان : الظلم ، وقيل : الإثم : المعصية ، والعدوان : البدعة.

[٧٤٢] أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي أنا الحسن [بن](١) علي بن عفان أنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير (٢) بن مالك الحضرمي عن أبيه عن النواس بن سمعان الأنصاري قال :

سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن البرّ والإثم ، قال : «البرّ حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه النّاس». (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣))

__________________

[٧٤٢] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو في «شرح السنة» ٣٣٨٨ بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي (١٠ / ١٩٢) من طريق الحسن بن علي بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي ٢٣٨٩ وأحمد (٤ / ١٨٢) وابن حبان ٣٩٧ من طريق زيد بن الحباب به.

وأخرجه مسلم ٢٥٥٣ ح ١٤ و ١٥ والترمذي ٢٣٨٩ والبخاري في «الأدب المفرد» ٢٩٥ و ٣٠٢ وأحمد (٤ / ١٨٢) من طرق عن معاوية بن صالح بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (٤ / ١٨٢) والدارمي (٢ / ٣٢٢) من طريق عبد القدوس الخولاني عن صفوان بن عمرو ، عن يحيى بن جابر القاضي عن النواس به.

وله شاهد من حديث أبي ثعلبة الخشني بلفظ «البر ما سكنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ويطمئن إليه القلب» أخرجه أحمد (٤ / ١٩٤) والطبراني (٢٢ / ٢١٩) وأبو نعيم في «الحلية» (٢ / ٣٠).

وفي الباب عن وابصة بن معبد عند أحمد (٤ / ٢٢٧ و ٢٢٨) والطبراني (٢٢ / ١٤٧ ، ١٤٩).

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» ومصادر التخريج.

(٢) وقع في الأصل «نغير» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التراجم.

__________________

(١) زيادة عن المخطوط.

٩

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ، أي : ما ذكر على ذبحه غير اسم الله تعالى ، (وَالْمُنْخَنِقَةُ) ، وهي التي تخنق فتموت ، قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها ، (وَالْمَوْقُوذَةُ) هي المقتولة بالخشب ، قال قتادة : كانوا يضربونها بالعصا فإذا ماتت أكلوها ، (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) ، هي التي تتردّى من مكان عال أو في بئر فتموت ، (وَالنَّطِيحَةُ) ، هي التي تنطحها أخرى فتموت ، وهاء التأنيث تدخل في الفعيل إذا كان بمعنى الفاعل ، فإذا كان بمعنى المفعول استوى فيه المذكر والمؤنث ، نحو عين كحيل وكفّ خضيب ، فإذا حذف (١) الاسم وأفردت الصفة ، أدخلوا الهاء فقالوا : رأينا كحيلة وخضيبة ، وهنا أدخل الهاء لأنه لم يتقدمها الاسم ، فلو أسقط الهاء لم يدر أنها صفة مؤنث أو (٢) مذكر ، ومثله الذبيحة والنسيكة ، وأكيلة السبع (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) ، يريد ما بقي ممّا أكل السبع ، وكان أهل الجاهلية يأكلونه ، (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ، يعني : إلا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء ، وأصل التذكية الإتمام ، يقال : ذكّيت النار إذا أتممت اشتعالها ، والمراد هنا : إتمام فري الأوداج وأنهار الدم.

[٧٤٣] قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السنّ والظفر».

وأقل الذكاة في الحيوان المقدور عليه قطع المريء والحلقوم وكماله أن يقطع الودجين معهما ، ويجوز بكل محدّد يقطع (٣) من حديد أو قصب أو زجاج أو حجر إلا السن والظفر ، لنهي (٤) النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الذبح بهما ، وإنّما يحلّ ما ذكّيته بعد ما جرحه السبع أو أكل شيئا منه إذا أدركته والحياة فيه مستقرة فذبحته ، فأمّا ما صار بجرح السبع إلى حالة المذبوح ، فهو في حكم الميتة ، فلا يكون حلالا وإن ذبحته ، وكذلك المتردّية والنّطيحة إذا أدركتها حيّة قبل أن تصير إلى حالة المذبوح فذبحتها تكون حلالا ، ولو رمي إلى صيد في الهواء فأصابه فسقط على الأرض ومات كان حلالا لأن الوقوع على الأرض من ضرورته ، وإن سقط على جبل أو شجر ثم تردّى منه فمات فلا يحلّ ، وهو من المتردّية إلّا أن يكون السهم أصاب مذبحه في الهواء فيحلّ كيف ما وقع ، لأن الذبح قد حصل بإصابة السهم المذبح ، (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ، قيل : النّصب جمع ، واحده نصاب ، وقيل : هو واحد وجمعه أنصاب مثل عنق وأعناق ، وهو الشيء المنصوب ، واختلفوا فيه ، فقال مجاهد وقتادة : كانت حول البيت ثلاثمائة وستون حجرا منصوبة ، كان أهل الجاهلية يعبدونها ويعظّمونها ويذبحون لها ، وليست هي بأصنام إنما الأصنام هي المصوّرة المنقوشة ، وقال الآخرون : هي الأصنام المنصوبة ، ومعناه : ما ذبح على اسم النّصب ، قال ابن زيد : وما ذبح على النصب وما أهلّ لغير الله به : هما واحد ، قال قطرب : على بمعنى اللام ، أي : وما ذبح لأجل النّصب ، (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) ، أي : وحرّم عليكم الاستقسام بالأزلام ، والاستقسام هو طلب القسم ، والحكم من الأزلام ، والأزلام هي : القداح التي لا ريش لها ولا نصل ، واحدها : زلم وزلم ، بفتح الزاي وضمّها وكانت

__________________

[٧٤٣] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٣٠٧٥ و ٥٤٩٨ و ٢٥٠٧ و ٥٥٠٣ و ٥٥٠٦ و ٥٥٤٤ ومسلم ١٩٦٨ والترمذي ١٤٩١ و ١٤٩٢ والنسائي (٧ / ٢٢٦ و ٢٢٨ و ٢٢٩) وابن ماجه ٣١٣٧ و ٣١٧٨ و ٣١٨٣ : وابن الجارود ٨٩٥ وابن حبان ٥٨٨٦ وعبد الرزاق ٨٤٨١ والطيالسي ٩٦٣ والحميدي ٤١١ وأحمد (٣ / ٤٦٣ و ٤٦٤) و (٤ / ١٤٠ و ١٤١ و ١٤٢) والدارمي (٢ / ٨٤) والطبراني ٤٣٨٠ ، ٤٣٨٤ و ٤٣٨٦ ، ٤٣٩٣ والبيهقي (٩ / ٢٤٥ و ٢٤٦ و ٢٤٧) من طرق عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رافع بن خديج عن جده رافع به.

__________________

(١) في المطبوع وط «حذفت».

(٢) في المطبوع وط «أم».

(٣) في المخطوط «يجرح».

(٤) في المطبوع وط «فنهى».

١٠

أزلامهم سبعة قداح مستوية من شوحط (١) ، يكون عند سادن الكعبة ، مكتوب على واحد نعم ، وعلى واحد لا ، وعلى واحد منكم ، وعلى واحد من غيركم ، وعلى واحد ملصق (١) ، وعلى واحد العقل ، وواحد غفل ليس عليه شيء ، فكانوا إذا أرادوا أمرا من سفر أو نكاح أو ختان أو غيره ، أو تدارءوا (٢) في نسب أو اختلفوا في تحمّل عقل جاءوا إلى هبل وكان أعظم أصنام قريش بمكة وجاءوا بمائة درهم أعطوها صاحب القداح حتى يجيل القداح ، ويقولون : يا إلهنا أردنا كذا وكذا ، فإن خرج نعم ، فعلوا ، وإن خرج لا ، لم يفعلوا ذلك حولا ، ثمّ عادوا إلى القداح ثانية ، فإذا أجالوا على نسب ، فإن خرج منكم كان وسيطا منهم ، وإن خرج من غيركم كان حليفا ، وإن خرج ملصق كان على منزلته لا نسب له ولا حلف ، وإذا اختلفوا في عقل فمن خرج عليه قدح العقل حمله ، وإن خرج الغفل أجالوا ثانيا حتى يخرج المكتوب ، فنهى الله عزوجل عن ذلك وحرّمه ، وقال : (ذلِكُمْ فِسْقٌ) ، قال سعيد بن جبير : الأزلام حصى بيض كانوا يضربون بها ، وقال مجاهد : هي كعاب فارس والروم التي يتقامرون بها ، وقال الشعبي وغيره : الأزلام للعرب ، والكعاب للعجم ، وقال سفيان بن وكيع : هي الشطرنج.

[٧٤٤] وروينا أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «العيافة والطّرق والطّيرة من الجبت» ، والمراد من الطّرق : الضّرب بالحصى.

[٧٤٥] أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أنا ابن فنجويه أنا فضل الكندي أخبرنا

__________________

(١) الشوحط : شجر تتخذ منه القسي. كما في «القاموس».

[٧٤٤] ـ تقدم برقم : ٦٢٦ في «سورة النساء» آية : ٥١.

[٧٤٥] ـ ضعيف بهذا اللفظ ، إسناده ضعيف ، وله علتان : سويد بن سعيد ، صدوق إلا أنه كبر فصار يتلقن ، فلذا ضعفه غير واحد ، وله علة ثانية : وهي الانقطاع. قال الحافظ في «التهذيب» في ترجمة رجاء بن حيوة : روايته عن أبي الدرداء مرسلة ا ه (٣ / ٢٣٠).

وقد توبع سويد. فقد أخرجه البيهقي في «الشعب» ١١٧٧ من طريق أخرى أبي المحيّاة بهذا الإسناد.

وذكره الهيثمي في «المجمع» ٨٤٨٧ بهذا اللفظ وقال : رواه الطبراني بإسنادين ، ورجال أحدهما ثقات. وكذا قال المنذري في «الترغيب» ٤٤٧٤.

وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ٢٦٨٤ وأبو نعيم في «الحلية» (٥ / ١٧٤) من طريق محمد بن الحسن الهمداني ثنا سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير به. وصدره «إنما العلم بالتعلم .....».

وقال أبو نعيم : غريب من حديث الثوري عن عبد الملك تفرد به محمد بن الحسن ا ه.

وذكره الهيثمي في «المجمع» ٥٣٨ وقال : رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه : محمد بن الحسن بن أبي يزيد ، وهو كذاب ا ه. قلت : قد ورد من وجوه وعلته الانقطاع كما تقدم ، وهو بهذا اللفظ ضعيف ، ولعل الراجح فيه الوقف ، وقد ورد في هذا المعنى بغير هذا السياق.

ففي الباب من حديث عمران بن حصين بلفظ «ليس منا من تطير ، أو تطيّر له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

أخرجه البزار ٣٠٤٤ وذكره الهيثمي في «المجمع» (٥ / ١١٧) وقال : ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع ، وهو ثقة ا ه. وجوّد إسناده المنذري في «الترغيب» ٤٤٦٧.

ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص «من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك ، قالوا يا رسول الله ، فما كفارة ذلك؟

__________________

(١) في المخطوط «مصلق».

(٢) في المطبوع «تداوروا».

١١

الحسن بن داود الخشاب أنا سويد بن سعيد أنا أبو المحيّاة (١) عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من تكهّن أو استقسم أو تطيّر طيرة تردّه عن سفره لم ينظر إلى الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة».

(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) ، يعني : أن ترجعوا إلى دينهم كفارا ، وذلك أن الكفار كانوا يطمعون في عود المسلمين إلى دينهم فلما قويّ الإسلام أيسوا ، ويئس وأيس بمعنى واحد ، (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) ، نزلت هذه الآية يوم الجمعة ، يوم عرفة بعد العصر في حجّة الوداع ، والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء ، فكادت عضد الناقة تندق من ثقلها فبركت (٢).

[٧٤٦] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل حدثني الحسن بن الصباح سمع جعفر بن عون أنا أبو العميس أنا قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : أيّة آية؟ قال : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) ، فقال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة ، أشار عمر إلى أن ذلك اليوم كان عيدا لنا.

قال ابن عباس : كان في ذلك اليوم خمسة أعياد : جمعة وعرفة وعيد اليهود والنصارى والمجوس ، ولم تجتمع [أعياد](١) أهل الملل في يوم قبله ولا بعده.

[٧٤٧] وروى هارون بن عنترة عن أبيه قال : لما نزلت هذه الآية بكى عمر رضي الله عنه ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يبكيك يا عمر»؟ فقال : أبكاني أنّا كنّا في زيادة من ديننا ، فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص ، قال : «صدقت».

وكانت هذه الآية نعي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعاش بعدها إحدى وثمانين يوما ، ومات يوم الاثنين بعد ما زاغت

__________________

قال : يقول أحدهم اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك».

أخرجه أحمد (٢ / ٢٢٠) ٧٠٤٥ وابن السني في «عمل اليوم والليلة» ٢٨٧ والطبراني كما في «المجمع» ٨٤١٢ وقال الهيثمي : وفيه ابن لهيعة ، وحديثه حسن ، وفيه ضعف ، وبقية رجاله ثقات ا ه.

(١) وقع في المطبوع «المختار».

(٢) انظر تفسير الطبري ١١٠٨٥.

[٧٤٦] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، أبو العميس هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود.

وهو في «صحيح البخاري» ٤٥ عن الحسن بن الصباح بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري ٤٤٠٧ و ٤٦٠٦ و ٧٢٦٨ ومسلم ٣٠١٧ والترمذي ٣٠٤٣ والنسائي (٨ / ١١٤) و (٥ / ٢٥١) والحميدي ٣٣ وابن حبان ١٨٥ والطبري ١١٠٩٨ و ١١٠٩٩ والآجري في «الشريعة» ص ١٠٥ والواحدي في «أسباب النزول» ٣٨١ والبيهقي (٥ / ١١٨) من طرق عن قيس بن مسلم به.

[٧٤٧] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ١١٠٨٧ عن هارون بن عنترة عن أبيه مرسلا. ومع إرساله هارون فيه ضعف.

قال الذهبي في «الميزان» : وثقه أحمد ويحيى ، وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به ا ه. فالخبر ضعيف.

__________________

(١) زيادة عن المخطوط.

١٢

الشمس لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.

وقيل : توفي يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، وكانت هجرته في الثاني عشر من شهر ربيع الأول. قوله عزوجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ، يعني : يوم نزول هذه الآية أكملت لكم دينكم ، يعني الفرائض والسّنن والحدود والجهاد والأحكام والحلال والحرام ، فلم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ، ولا شيء من الفرائض والسنن والحدود والأحكام ، هذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما ، ويروى عنه أن آية الرّبا نزلت بعدها ، وقال سعيد بن جبير وقتادة : [اليوم](١) أكملت لكم دينكم فلم يحج معكم مشرك ، وقيل : أظهرت دينكم وأمّنتكم من العدو ، وقوله عزوجل : (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) ، يعني : أنجزت وعدي في قوله : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٥٠] ، فكان من تمام نعمته أن دخلوا مكة آمنين وعليها ظاهرين ، وحجّوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين ، (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).

[٧٤٨] سمعت عبد الواحد المليحي قال : سمعت أبا محمد بن [أبي](١) حاتم ، قال : سمعت أبا بكر النيسابوري سمعت أبا بكر محمد بن الحسن بن المسيب المروزي ، سمعت أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، سمعت عبد الملك بن مسلمة أبا (٢) مروان المصري سمعت إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر سمعت عمي محمد بن المنكدر ، سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «قال جبريل : قال الله تعالى : هذا دين ارتضيته لنفسي ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق ، فأكرموه بهما ما صحبتموه».

قوله عزوجل : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) ، أي : أجهد في مجاعة ، والمخمصة خلوّ البطن من الغذاء ، يقال : رجل خميص البطن إذا كان طاويا خاويا ، (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) ، أي : مائل إلى إثم وهو أن يأكل فوق الشبع ، وقال قتادة : غير متعرض لمعصية في مقصده ، (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وفيه إضمار ، أي : فأكله فإنّ الله غفور رحيم.

[٧٤٩] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن المروزي أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج الطحان أنا

__________________

[٧٤٨] ـ ضعيف جدا. إسناده ضعيف جدا ، له علتان الأولى : وهي عبد الملك بن مسلمة المصري فإنه منكر الحديث. والثانية : شيخه إبراهيم ضعفه الدارقطني ، وهذا الحديث مسلسل بالسماع لكن لا يفرح به.

وأخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» ٤٠ وابن حبان في «المجروحين» (٢ / ١٣٤) من طريق عبد الملك بن مسلمة بهذا الإسناد.

وقال ابن حبان : عبد الملك بن مسلمة يروي المناكير الكثيرة لا تخفى على من عني بعلم السنن ا ه.

وأورده ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٥ / ٣٧١ ونقل عن أبيه قوله : موضوع.

وورد بمعناه من حديث عمران بن حصين عند الطبراني في «الأوسط» ٨٢٨٢ وذكره الهيثمي في «المجمع» (٨ / ٢٠) وقال : وفيه عمرو بن الحصين العقيلي ، وهو متروك ا ه.

(١) ما بين المعقوفتين زيادة من ط.

(٢) وقع في الأصل «أنا» والتصويب من ط وكتب التراجم.

[٧٤٩] ـ حسن. إسناده ضعيف لانقطاعه ، حسان بن عطية روايته عن أبي واقد مرسلة ، ورجال الإسناد ثقات ، الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو ، وسيأتي موصولا لكن بأسانيد واهية ، وللحديث شواهد تشهد له.

وهو في «شرح السنة» ٢٩٠١ بهذا الإسناد غير أن فيه «محمد بن قريش بن سلام» بدل «بن سليمان» وأخرجه البيهقي (٩ / ٣٥٦) عن علي بن عبد العزيز به.

__________________

(١) زيادة عن المخطوط.

١٣

أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز المكي أنا أبو عبيد (١) القاسم بن سلام أنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي واقد الليثي.

أن رجلا قال : يا رسول الله إنّا نكون بالأرض فتصيبنا بها المخمصة فمتى تحلّ لنا الميتة؟ فقال : «ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا (٢) بها بقلا فشأنكم بها» (٣).

(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤)).

قوله : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) الآية.

__________________

وأخرجه أحمد (٥ / ٢١٨) (٢١٣٩١ و ٢١٣٩٤) والدارمي (٢ / ٨٨) والطبري ١١١٢٨ والبيهقي (٩ / ٣٥٦) من طرق عن الأوزاعي به.

وأخرجه البيهقي (٩ / ٣٥٦) عن أبي عبد الرحمن السلمي إجازة أن أبا الحسن بن صبيح أخبرهم : أنبأ عبد الله بن شيرويه ، أنبأ إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. قال : حدثني حسان بن عطية عن ابن مرثد أو أبي مرثد عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه به.

وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٣٣١٥ من طريق حسان بن عطية عن مرثد ، أو أبي مرثد ، عن أبي واقد الليثي به. و ٣٣١٦ عن طريق حسان عن مسلم بن مشكم عن أبي واقد به.

وذكره الهيثمي «المجمع» ٦٨٢٧ و ٨٠٧٤ وقال في الموضع الأول : رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح ، إلا أن المزني قال : لم يسمع حسان بن عطية من أبي واقد والله أعلم ا ه.

وقال في الموضع الثاني : رواه الطبراني ، ورجاله ثقات ا ه.

وأخرجه الطبري ١١١٣٥ من طريق الأوزاعي عن حسان بن عطية مرسلا.

وفي الباب من حديث الفجيع العامري أنه أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ما يحل لنا من الميتة قال : «ما طعامكم»؟ قلنا : نغتبق ونصطبح. قال : «ذلك وأبي الجوع» فأحل لهم الميتة على هذه الحال.

قال أبو نعيم : فسّره لي عقبة : قدح غدوة ، وقدح عشية ا ه أي فسّر له معنى نغتبق ونصطبح.

أخرجه أبو داود ٣٨١٧ والبيهقي (٩ / ٣٥٧) والبغوي في «شرح السنة» ٢٩٠٠.

ومن حديث جابر بن سمرة «أن رجلا نزل الحرّاء ، ومعه أهله وولده فقال له رجل : إن ناقة لي ضلت ، فإن وجدتها فأمسكها فوجدها ، ولم يجد صاحبها ، فمرضت فقالت امرأته : أنحرها. فأبى : فنفقت. فقالت له امرأته : اسلخها حتى تقدد شحمها ولحمها فنأكله. فقال : حتى أسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فأتاه فسأله. فقال : هل عندك شيء يغنيك؟ قال : لا قال : فكلوها. قال : فجاء صاحبها فأخبره الخبر. فقال : هلا كنت نحرتها؟ قال : استحييت منك».

أخرجه أبو داود ٣٨١٦ والبيهقي (٩ / ٣٥٦).

قال البيهقي (٩ / ٣٥٧) : وفي ثبوت هذه الأحاديث نظر ، وحديث جابر بن سمرة أصحها ا ه.

(١) وقع في الأصل «عبيدة» والتصويب من «شرح السنة» وكتب التراجم.

(٢) وقع في الأصل «تخنقوا» والتصويب من «شرح السنة» ومصادر التخريج.

(٣) قال المصنف في «شرح السنة» (٦ / ١١١ ، ١١٢) : قال أبو عبيد : معنى الحديث إنما لكم منها. يعني من الميتة. الصبوح : وهو الغداء. والغبوق : وهو العشاء. يقول فليس لكم أن تجمعوهما من الميتة ، وأنكروا ذلك على أبي عبيد.

وقالوا : معناه إذا لم تجدوا صبوحا أو غبوقا ، ولم تجدوا بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة ، فإذا اصطبح الرجل لبنا أو تغدى بطعام لم يحل له نهاره ذلك أكل الميتة ، وكذلك إذا تعشى أو شرب غبوقا ، فلم يحل له ليلته تلك لأنه يتبلّغ بتلك الشربة.

وإذا مر المضطر بتمر أو زرع أو ماشية للغير ، أكل منها ، لم يكن لمالكه منعه ، فإن منعه ، كان في ذمته ا ه «شرح السنة».

وقيل : معنى تحتفئوا : تقتلعوا. والصبوح : شرب أول النهار. والغبوق : شرب آخر النهار.

١٤

[٧٥٠] قال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين وهو زيد الخيل الذي سمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زيد الخير ، قالا : يا رسول الله إنّا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فما ذا يحلّ لنا منها؟ فنزلت هذه الآية.

[٧٥١] وقيل : سبب نزولها أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما أمر بقتل الكلاب قالوا : يا رسول الله ما ذا يحلّ لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فنزلت هذه الآية ، فلمّا نزلت أذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ، ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها.

[٧٥٢] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسين (١) علي بن محمد بن عبد الله بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار أنا أحمد بن منصور الرمادي (٢) أنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من اتّخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط».

والأول أصح في سبب نزول [هذه](١) الآية.

(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ، يعني : الذبائح على اسم الله تعالى ، وقيل : كل ما تستطيبه العرب وتستلذّه من غير أن يرد بتحريمه نصّ من كتاب أو سنة (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) ، يعني : وأحل لكم صيد ما علّمتم من الجوارح ، واختلفوا في هذه الجوارح ، فقال الضحاك والسدي : هي الكلاب دون غيرها ، ولا يحل ما صاده غير الكلب إلا أن يدرك ذكاته ، وهذا غير معمول به ، بل عامة أهل العلم على أنّ المراد من

__________________

[٧٥٠] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٣٨٤ عن سعيد بن جبير بدون إسناد. فالخبر واه ليس بشيء.

وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٠) لابن أبي حاتم.

[٧٥١] ـ هو عند الواحدي في «أسباب النزول» ص ١٩٤ نقلا عن المفسرين بدون إسناد.

وأصله عند الحاكم (٢ / ٣١١) والطبري ١١١٣٧ والواحدي ٣٨٣ والطبراني ٩٧١ و ٩٧٢ من حديث أبي رافع ، وأعله الهيثمي في «المجمع» ٦٠٩٦ بموسى بن عبيدة الربذي ، وضعفه به ، لكن تابعه محمد بن إسحاق عند الحاكم ، وصححه وسكت الذهبي ، وفيه عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس.

وورد بنحوه عن عكرمة مرسلا أخرجه الطبري ١١١٣٨ وعن محمد بن كعب ١١١٣٩ بنحوه فالحديث لا بأس به بهذه الطرق والله أعلم.

(١) وقع في الأصل «الحسن» والتصويب من ط و «شرح السنة».

(٢) وقع في الأصل «الزيادي» والتصويب من ط و «شرح السنة» وكتب التراجم.

[٧٥٢] ـ إسناده صحيح ، رجاله رجال البخاري ومسلم ، سوى أحمد بن منصور وهو ثقة ، معمر هو ابن راشد الزهري ، هو محمد بن مسلم ، أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وهو في «شرح السنة» ٢٧٧١ بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم ١٥٧٥ ح ٥٨ وأبو داود ٢٨٤٤ والترمذي ١٤٩٠ والنسائي (٧ / ١٩٨) وأحمد (٢ / ٢٦٧) والبيهقي (١ / ٢٥١) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري ٢٣٢٢ و ٣٣٢٤ ومسلم ١٥٧٥ وابن ماجه ٣٢٠٤ وأحمد (٢ / ٤٢٥ و ٤٧٣) وابن حبان ٥٦٥٢ و ٥٦٥٤ والبيهقي (٦ / ١٠) من طرق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة به.

وأخرجه مسلم ١٥٧٥ ح ٥٧ والنسائي (٧ / ١٨٩) وابن أبي شيبة (٥ / ٤٠٩) وأحمد (٢ / ٣٤٥) والبيهقي (١ / ٢٥١) و (٦ / ١٠) من طرق من حديث أبي هريرة بألفاظ متقاربة.

__________________

(١) زيد في المطبوع وحده «أما تفسير الآية».

١٥

الجوارح الكواسب من سباع البهائم كالفهد والنمر والكلب ومن سباع الطير كالبازي والعقاب والصقر ونحوها ممّا يقبل التعليم ، فيحلّ صيد جميعها ، سميت جارحة : لجرحها أربابها أقواتهم من الصيد ، أي : كسبها ، يقال : فلان جارحة أهله ، أي : كاسبهم ، (مُكَلِّبِينَ) ، المكلّب [هو](١) الذي يغري الكلاب على الصيد ، ويقال للذي يعلمها أيضا : مكلّب ، والكلّاب : صاحب الكلاب ، ويقال للصائد بها أيضا كلّاب ، ونصب مكلّبين على الحال ، أي : في حال تكليبكم هذه الجوارح أي إغرائكم إيّاها على الصيد ، وذكر الكلاب لأنها أكثر وأعمّ ، والمراد جميع جوارح الصيد ، (تُعَلِّمُونَهُنَ) ، تؤدّبونهن آداب أخذ الصيد ، (مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) ، أي : من العلم الذي علّمكم الله ، وقال السدي : أي : كما علّمكم الله ، (من) بمعنى الكاف ، (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) ، أراد أن الجارحة المعلّمة إذا خرجت بإرسال صاحبها فأخذت الصيد وقتلته كان حلالا ، والتعليم هو أن يوجد فيها ثلاثة أشياء : إذا أشليت استشلت ، وإذا زجرت انزجرت ، وإذا أخذت الصيد أمسكت ولم تأكل ، وإذا وجد ذلك منه مرارا وأقلها ثلاث مرات كانت معلّمة ، يحل قتلها (٢) إذا خرجت بإرسال صاحبها.

[٧٥٣] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا موسى بن إسماعيل أنا ثابت بن يزيد (١) عن عاصم عن الشعبي عن عدي بن حاتم :

عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا أرسلت كلبك المعلّم وسمّيت فأمسك وقتل فكل ، وإن أكل فلا تأكل فإنّما أمسك على نفسه ، وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله عليها فأمسكن وقتلن فلا تأكل فإنك لا تدري أيّها قتل ، وإذا رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل ، وإن وقع في الماء فلا تأكل».

واختلفوا فيما إذا أخذت الصيد وأكلت منه شيئا ، فذهب أكثر أهل العلم إلى تحريمه ، روي ذلك عن ابن عباس ، وهو قول عطاء وطاوس والشعبي ، وبه قال الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي وهو أصح قولي الشافعي.

__________________

[٧٥٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، عاصم هو الأحول واسم أبيه سليمان ، الشعبي هو عامر بن شراحيل.

وهو في «شرح السنة» ٢٧٦٢ بهذا الإسناد.

وهو في «صحيح البخاري» ٥٤٨٤ عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم ١٩٢٩ ح ٦ و ٧ وأبو داود ٢٨٤٩ و ٢٨٥٠ والترمذي ١٤٦٩ والنسائي (٧ / ١٧٩ ، ١٨٠ و ١٨٢ و ١٨٣ و ١٨٤) وابن ماجه ٣٢١٣ وعبد الرزاق ٨٥٠٢ وأحمد (٤ / ٢٥٧ و ٣٧٩ و ٣٨٠) والدارقطني (٤ / ٢٩٤) وابن حبان ٥٨٨٠ وابن الجارود ٩٢٠ والطبراني (١٧ / ١٥٤ ، ١٥٧) والبيهقي (٩ / ٢٣٦ و ٢٣٨ و ٢٣٩ و ٢٤٣ و ٢٤٤ و ٢٤٨) من طرق عن عاصم بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري ١٧٥ و ٢٠٥٤ و ٥٤٧٥ و ٥٤٧٦ و ٥٤٨٣ و ٥٤٨٧ ومسلم ١٩٢٩ ح ٢ و ٣ و ٤ و ٥ وأبو داود ٢٨٤٨ و ٢٨٥١ والترمذي ١٤٦٧ ، و ١٤٧٠ والنسائي (٧ / ١٨٠ و ١٨٢ و ١٨٣) وابن ماجه ٣٢٠٨ و ٣٢١٢ و ٣٢١٤ والطيالسي ١٠٣٠ وعبد الرزاق ٨٥٣١ والحميدي ٩١٤ و ٩١٥ و ٩١٧ وأحمد (٤ / ٢٥٦ و ٢٥٧ و ٣٥٨ و ٣٧٧ و ٣٧٩ و ٣٨٠) والدارمي (٢ / ٨٩) وابن الجارود ٩١٥ و ٩١٨ والطبراني (١٧ / ١٤١ ، ١٥٣ و ١٥٩ و ١٦٨) والبيهقي (٩ / ٢٣٥ و ٢٣٦ و ٢٣٨ و ٢٤٢ و ٢٤٤) من طرق عن عامر الشعبي به.

(١) وقع في الأصل «زيد» والتصويب من «شرح السنة» ومصادر التخريج.

__________________

(١) زيادة عن المخطوط وط.

(٢) في المخطوط وحده «قتيلها».

١٦

لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه» (١).

ورخص بعضهم في أكله روي ذلك عن ابن عمر وسلمان الفارسي وسعد بن أبي وقاص ، و [به](١) قال مالك :

[٧٥٤] لما روي عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله تعالى فكل وإن أكل منه».

أمّا غير المعلم من الجوارح إذا أخذ صيدا أو المعلم إذا جرح بغير إرسال صاحبه فأخذ وقتل فلا يكون حلالا إلا أن يدركه صاحبه حيا فيذبحه ، فيكون حلالا.

[٧٥٥] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن يزيد أنا حيوة أخبرني ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس عن أبي ثعلبة الخشني قال :

قلت : يا نبيّ الله إنّا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم ، وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلّم ، وبكلبي المعلم فما يصلح (٢) لي؟ قال : «أمّا ما ذكرت من آنية أهل الكتاب ، فإن وجدتم

__________________

(١) انظر الحديث المتقدم.

[٧٥٤] ـ إسناد حسن ، والمتن غريب. أخرجه أبو داود ٢٨٥٢ والبيهقي (٩ / ٢٣٧) من مذهب أبي ثعلبة ، ورجاله ثقات ، وحسنه ابن عبد الهادي كما في «نصب الراية» (٤ / ٣١٢) وورد من طريق حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وهذا إسناده قوي ، وقواه الحافظ ابن حجر في «الدراية» (٢ / ٢٥٤) وصححه ابن عبد الهادي كما في «نصب الراية» ومع ذلك ورد من طرق أخرى عن أبي ثعلبة بأسانيد أصح مما تقدم وليس فيها «فكل وإن أكل» وانظر الآتي.

[٧٥٥] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، حيوة هو ابن شريح ، أبو إدريس هو عائذ الله بن عبد الله وهو في «شرح السنة» ٢٧٦٥ بهذا الإسناد.

وهو في «صحيح البخاري» ٥٤٧٨ من طريق عبد الله بن يزيد بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري ٥٤٨٨ و ٥٤٩٦ ومسلم ١٩٣٠ وأبو داود ٢٨٥٥ والترمذي بإثر ١٥٦٠ والنسائي (٧ / ١٨١) وابن ماجه ٣٢٠٧ وأحمد (٤ / ١٩٥) وابن الجارود ٩١٦ وابن حبان ٥٨٧٩ والبيهقي (٤ / ٢٤٤) من طرق عن حيوة بن شريح بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود ٢٨٥٢ و ٢٨٥٦ والترمذي ١٤٦٤ وأحمد (٤ / ١٩٥) والبيهقي (٩ / ٢٣٧) من طرق عن أبي إدريس الخولاني به.

وأخرجه الترمذي ١٤٦٤ وأحمد (٤ / ١٩٣) من طريق مكحول عن أبي ثعلبة الخشني به.

وأخرجه أبو داود ٢٨٥٧ والدارقطني (٤ / ٢٩٣ ، ٢٩٤) والبيهقي (٩ / ٢٣٧) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة به.

وأخرجه ابن ماجه ٣٢١١ من طريق سعيد بن المسيب عن أبي ثعلبة مختصرا ، و ٢٨٣١ من طريق عروة بن رويم اللخمي عن أبي ثعلبة.

وأخرجه أحمد (٤ / ١٩٥) من طريق أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن أبي ثعلبة الخشني به.

وأخرجه الترمذي ١٥٦٠ و ١٧٩٦ وعبد الرزاق ٨٥٠٣ والطيالسي ١٠١٤ و ١٠١٥ وأحمد (٤ / ١٩٣ و ١٩٤) من طرق عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي ثعلبة به ، وقال الترمذي : وأبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة ، إنما رواه عن أبي أسماء عن أبي ثعلبة ا ه.

ورواية أبي أسماء عن أبي ثعلبة عن أحمد (٤ / ١٩٥).

__________________

(١) زيادة عن المخطوط.

(٢) في المطبوع وط «يصح».

١٧

غيرها فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها ، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل ، وما صدت بكلبك غير المعلّم فأدركت ذكاته فكل».

(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ، ففيه بيان أن ذكر اسم الله عزوجل على الذبيحة شرط حالة ما يذبح ، وفي الصيد حالة ما يرسل الجارحة أو السهم.

[٧٥٦] أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن محمد الداودي أنا أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن علويه الجوهري قال : أنا أبو العباس محمد بن أحمد بن الأثرم المقري بالبصرة أنا عمر بن شبة (١) أنا [ابن](٢) أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس قال :

ضحى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمّى وكبّر ، قال : رأيته واضعا قدمه على صفاحهما ويذبحهما بيده ويقول : «بسم الله والله أكبر».

(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥))

. قوله عزوجل : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ، يعني : الذبائح على اسم الله عزوجل ، (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) ، يريد ذبائح اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم من سائر الأمم قبل مبعث محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم حلال لكم ، فأمّا من دخل في دينهم بعد مبعث محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلا تحلّ ذبيحته ، ولو ذبح يهودي أو

__________________

[٧٥٦] ـ إسناده صحيح ، عمرو بن شبة ثقة ، وقد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، ابن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم.

وهو في «شرح السنة» ١١١٤ بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم ١٩٦٦ من طريق ابن أبي عدي بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي (٧ / ٢٣١ ، ٤٤٣٠) من طريق سعيد به.

وأخرجه البخاري ٥٥٥٨ ومسلم ١٩٦٦ والنسائي (٧ / ٢٣٠ و ٢٣١) وابن ماجه ٣١٢٠ والطيالسي ١٩٦٨ وأحمد (٣ / ١١٥ و ١٨٣ و ٢٢٢ و ٢٥٥ و ٢٧٢ و ٢٧٩) والدارمي (٢ / ٧٥) وابن الجارود ٩٠٩ وأبو يعلى ٣١٣٦ و ٣٢٤٧ و ٣٢٤٨ وابن حبان ٥٩٠٠ و ٥٩٠١ من طرق عن شعبة عن قتادة به.

وأخرجه البخاري ٥٥٦٤ و ٥٥٦٥ و ٧٣٩٩ ومسلم ١٩٦٦ وأبو داود ٢٧٩٤ والترمذي ١٤٩٤ والنسائي (٧ / ٢٢٠) وعبد الرزاق ٨١٢٩ والطيالسي ١٩٦٨ وأحمد (٣ / ١٧٠ و ٢١١ و ٢١٤ و ٢٥٨) وابن الجارود ٩٠٢ وأبو يعلى ٢٨٥٩ و ٢٨٧٧ و ٣١١٨ و ٣١٦٦ و ٣٢٤٧ والبيهقي (٩ / ٢٥٩ و ٢٨٣ و ٢٨٥) من طرق عن قتادة به.

وأخرجه البخاري ١٥٥١ و ١٧١٢ و ٥٥٥٤ وأبو داود ٢٧٩٣ والنسائي (٧ / ٢٢٠) وأحمد (٣ / ٢٦٨) وأبو يعلى ٢٨٠٦ و ٢٨٠٧ والبيهقي (٩ / ٢٧٢ و ٢٧٩) من طرق عن أبي قلابة عن أنس به.

وأخرجه البخاري ٥٥٥٣ والنسائي (٧ / ٢١٩) وأحمد (٣ / ١٠١ و ٢٨١) والدارقطني (٤ / ٢٨٥) من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس به.

وأخرجه النسائي (٧ / ٢٢٠) والبيهقي (٩ / ٢٦٣ و ٢٧٧) من طريق محمد بن سيرين عن أنس.

وأخرجه النسائي (٧ / ٢١٩ ، ٢٢٠) وأحمد (٣ / ١٧٨) من طريق ثابت عن أنس به.

__________________

(١) وقع في الأصل «شيبة» والتصويب من «شرح السنة» وكتب التراجم.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من «شرح السنة» وكتب التراجم.

١٨

نصراني على اسم غير الله كالنصراني يذبح باسم المسيح فاختلفوا فيه ، قال [ابن](١) عمر : لا يحلّ وهو قول ربيعة ، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يحلّ وهو قول الشعبي وعطاء والزهري ومكحول ، سئل الشعبي وعطاء عن النصراني يذبح باسم المسيح ، قالا : يحلّ فإن الله تعالى قد أحلّ ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون ، وقال الحسن : إذا ذبح اليهودي أو النصراني فذكر اسم غير الله وأنت تسمع فلا تأكله فإذا غاب عنك فكل فقد أحلّه [الله](٢) لك ، قوله عزوجل : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) ، فإن قيل : كيف شرع لهم حلّ طعامنا وهم كفار ليسوا من أهل الشرع؟ قال الزجاج : معناه حلال لكم أن تطعموهم فيكون خطاب الحلّ مع المسلمين ، وقيل : لأنه ذكر عقيبه حكم النساء ، ولم يذكر حلّ المسلمات لهم فكأنه قال حلال لكم أن تطعموهم حرام عليكم أن تزوّجوهم ، قوله عزوجل : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، هذا راجع إلى الأول منقطع عن قوله : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ).

اختلفوا في معنى (المحصنات) ، فذكر أكثر العلماء إلى أنّ المراد منهن الحرائر ، وأجازوا نكاح كل حرة مؤمنة كانت أو كتابية فاجرة كانت أو عفيفة ، وهو قول مجاهد.

وقال هؤلاء : لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية ؛ لقوله تعالى : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) [النساء : ٢٥] ، جوّز نكاح الأمة بشرط أن تكون الأمة مؤمنة ، وجوّز أكثرهم نكاح الأمة الكتابية الحربية ، وقال ابن عباس : لا يجوز وقرأ (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) إلى قوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة : ٢٩] ، فمن أعطى الجزية حلّ لنا نساؤه ومن لم يعطها فلا يحلّ لنا نساؤه.

وذهب قوم إلى أن المراد من المحصنات في الآية : العفائف من الفريقين حرائر كنّ أو إماء وأجازوا نكاح الأمة الكتابية ، وحرّموا البغايا من المؤمنات والكتابيات ، وهو قول الحسن.

وقال الشعبي : إحصان الكتابية أن تستعف من الزنا وتغتسل من الجنابة ، (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [أي : مهورهنّ](٣)(مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، غير معالنين بالزنا ، (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) ، أي : غير مسرّين بالزنا ، قال الزجاج : حرّم الله الجماع على جهة السفاح وعلى جهة اتّخاذ الصديقة ، وأحلّه على جهة الإحصان وهو التزوّج ، (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، قال مقاتل بن حيان : يقول ليس إحصان المسلمين إيّاهنّ بالذي يخرجهنّ من الكفر أو يغني عنهنّ شيئا وهي للناس عامة ، (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، قال ابن عباس ومجاهد في معنى قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) ، أي : بالله الذي يجب الإيمان به ، وقال الكلبي : بالإيمان أي : بكلمة التوحيد وهي شهادة أن لا إله إلّا الله.

وقال مقاتل : بما أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو القرآن ، وقيل : ومن يكفر بالإيمان ، أي : يستحلّ الحرام ويحرّم الحلال فقد حبط عمله ، وهو في الآخرة من الخاسرين ، قال ابن عباس : خسر الثواب.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ

__________________

(١) زيادة عن المخطوط.

(٢) زيادة عن المخطوط وط.

(٣) زيادة عن المخطوط.

١٩

عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦))

قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ، أي : إذا أردتم القيام إلى الصلاة ؛ كقوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) [النمل : ٩٨] ، أي : إذا أردت القراءة ، وظاهر الآية يقتضي وجوب الوضوء عند كلّ مرّة يريد القيام إلى الصّلاة ، لكن علمنا ببيان السنّة وفعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ المراد من الآية : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) وأنتم على غير طهر.

[٧٥٧] قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ».

[٧٥٨] وقد جمع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد.

[٧٥٩] أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الحنيفي (١) أنا أبو الحارث طاهر بن محمد الظاهري أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن حليم (٢) أنا أبو الموجّه محمد بن عمرو بن الموجّه أنا عبدان [أنا عبد الله](٣) أنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه.

أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى يوم فتح مكة الصلوات بوضوء واحد ، ومسح على خفّيه.

وقال زيد بن أسلم : معنى الآية إذا قمتم إلى الصلاة من النوم ، وقال بعضهم : هو أمر على طريق النّدب ، ندب لمن قام إلى الصلاة أن يجدّد لها طهارته وإن كان على طهر.

[٧٦٠] روى ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات».

__________________

[٧٥٧] ـ تقدم برقم : ٦٠٦.

[٧٥٨] ـ مراد المصنف ما أخرجه النسائي (٢ / ١٧) والشافعي ١ وأحمد (٣ / ٢٥ و ٦٧ و ٦٨) وأبو يعلى ١٢٩٦ وابن حبان ٢٨٩٠ والبيهقي (١ / ٤٠٢ ، ٤٠٣) عن أبي سعيد الخدري قال : «شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس ، وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل ، فأنزل الله عزوجل (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلالا فأقام لصلاة الظهر فصلاها كما كان يصليها لوقتها ، ثم أقام العصر فصلّاها كما كان يصليها في وقتها ، ثم أذّن للمغرب فصلاها كما كان يصليها وقتها» وهذا إسناده صحيح ، وورد من حديث ابن مسعود ، وزاد فيه ذكر صلاة العشاء. أخرجه النسائي (٢ / ١٨ ح ٦٦١ و ٦٦٢) لكن فيه إرسال بين أبي عبيدة وأبيه ابن مسعود.

[٧٥٩] ـ إسناده صحيح ، سليمان بن بريدة من رجال مسلم ، وباقي الإسناد على شرطهما ، عبدان هو عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي ، وعبد الله هو ابن المبارك ، وسفيان هو ابن سعيد الثوري.

وهو في «شرح السنة» ٢٣١ بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم ٢٧٧ وأبو داود ١٧٢ والترمذي ٦١ والنسائي (١ / ١٦) وأحمد (٥ / ٣٥٠ و ٣٥١ و ٣٥٨) وأبو عوانة (١ / ٢٣٧) والدارمي (١ / ١٦٩) والطحاوي في «المعاني» (١ / ٤١) وابن حبان ١٧٠٦ و ١٧٠٨ والبيهقي (١ / ١٦٢) من طرق عن سفيان به.

وأخرجه الطيالسي (١ / ٥٤) عن قيس عن علقمة بن مرثد به.

وأخرجه ابن ماجه ٥١٠ وابن أبي شيبة (١ / ٢٩) وابن حبان ١٧٠٧ من طريق وكيع عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة به.

(١) وقع في الأصل «الحنفي» والتصويب عن ط و «شرح السنة».

(٢) وقع في الأصل «حكيم» والتصويب عن ط و «شرح السنة» و «الأنساب».

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» وكتب التراجم.

[٧٦٠] ـ ضعيف ، أخرجه أبو داود ٦٢ والترمذي ٥٩ وابن ماجه ٥١٢ والطبري ١١٣٤٠ و ١١٣٤١ من حديث ابن عمر ، وإسناده

٢٠