تفسير النسفي - ج ٤

عبدالله بن أحمد النسفي

تفسير النسفي - ج ٤

المؤلف:

عبدالله بن أحمد النسفي


المحقق: الشيخ مروان محمّد الشعار
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٢

(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (٤)

٣ ـ ٤ الشام ، فيمتارون ويتّجرون ، وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم الله فلا يتعرّض لهم وغيرهم يغار عليهم.

٣ ـ ٤ ـ (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) والتنكير في جوع وخوف لشدتهما ، يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما ، وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل ، أو خوف التخطّف في بلدهم ومسايرهم ، وقيل كانوا قد أصابتهم شدة حتى أكلوا الجيف والعظام المحرّقة ، وآمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم ، وقيل : ذلك كلّه بدعاء إبراهيم عليه‌السلام.

٥٦١

سورة الماعون

مختلف فيها وهي سبع آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (٧)

١ ـ ٣ ـ (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) أي هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو؟ إن لم تعرفه (فَذلِكَ الَّذِي) يكذب بالجزاء هو الذي (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) أي يدفعه دفعا عنيفا بجفوة وأذى ، ويرده ردا قبيحا بزجر وخشونة (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) ولا يبعث أهله على بذل طعام المسكين ، جعل علم التكذيب بالجزاء منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف ، أي لو آمن بالجزاء وأيقن بالوعيد لخشي الله وعقابه ولم يقدم على ذلك فحين أقدم عليه دل أنه مكذّب بالجزاء. ثم وصل به قوله :

٤ ـ ٧ ـ (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ* وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) يعني بهذا المنافقين لا يصلّونها سرا لأنهم لا يعتقدون وجوبها ويصلّونها علانية رياء ، وقيل فويل للمنافقين الذين يدخلون أنفسهم في جملة المصلين صورة وهم غافلون عن صلاتهم ، وأنهم لا يريدون بها قربة إلى ربهم ولا تأدية للفرض ، فهم ينخفضون ويرتفعون ، ولا يدرون ما ذا يفعلون ، ويظهرون للناس أنهم يؤدون الفرائض ، ويمنعون الزكاة وما فيه منفعة. وعن أنس والحسن قالا : الحمد لله الذي قال : عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم لأن معنى عن أنهم ساهون عنها سهو

٥٦٢

ترك لها وقلة التفات إليها ذلك فعل المنافقين ، ومعنى في أن السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس وذلك لا يخلو عنه مسلم وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقع له السهو في صلاته فضلا عن غيره ، والمراءاة مفاعلة من الإراءة لأن المرائي يرائي الناس عمله وهم يرونه للثناء عليه والإعجاب به ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار الفرائض فمن حقّها الإعلان بها لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ولا غمة في فرائض الله) (١) والإخفاء في التطوع أولى ، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا ، والماعون : الزكاة ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه : ما يتعاور في العادة من الفأس والقدر والدلو والمقدحة ونحوها ، وعن عائشة رضي الله عنها : الماء والنار والملح (٢).

__________________

(١) هو طرف من حديث وائل بن حجر وسبق تخريجه.

(٢) زاد في (ز) والله أعلم.

٥٦٣

سورة الكوثر

مكية وهي ثلاث آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٣)

١ ـ ٣ ـ (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) هو فوعل من الكثرة ، وهو المفرط الكثرة ، وقيل : هو نهر في الجنة أحلى من العسل ، وأشدّ بياضا من اللبن وأبرد من الثلج ، وألين من الزّبد ، حافتاه الزبرجد وأوانيه من فضة ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هو الخير الكثير ، فقيل له : إن ناسا يقولون هو نهر في الجنة ، فقال : هو من الخير الكثير (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) فاعبد ربّك الذي أعزّك بإعطائه ، وشرّفك وصانك من منن الخلق ، مراغما لقومك الذين يعبدون غير الله (وَانْحَرْ) لوجهه وباسمه إذا نحرت مخالفا لعبدة الأوثان في النحر لها (إِنَّ شانِئَكَ) أي من أبغضك من قومك بمخالفتك لهم (هُوَ الْأَبْتَرُ) المنقطع عن كلّ خير لا أنت ، لأن كلّ من يولد إلى يوم القيامة من المؤمنين فهم أولادك وأعقابك ، وذكرك مرفوع على المنابر ، وعلى لسان كلّ عالم وذاكر إلى آخر الدهر ، يبدأ بذكر الله ويثني بذكرك ، ولك في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف ، فمثلك لا يقال له أبتر ، إنما الأبتر هو شانئك المنسيّ في الدنيا والآخرة ، قيل نزلت في العاص بن وائل سماه الأبتر ، والأبتر الذي لا عقب له ، وهو خبر إن ، وهو فصل.

٥٦٤

سورة الكافرون

مكية وهي ست آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (٤) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (٦)

١ ـ ٦ ـ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) المخاطبون كفرة مخصوصون قد علم الله أنهم لا يؤمنون ، روي أن رهطا من قريش قالوا : يا محمد هلمّ فاتبع ديننا ونتبع دينك ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فقال : معاذ الله أن أشرك بالله غيره ، قالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك ، فنزلت ، فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقرأها عليهم فآيسوا (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) أي لست في حالي هذه عابدا ما تعبدون (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) الساعة (ما أَعْبُدُ) يعني الله (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) ولا أعبد فيما أستقبل من الزمان ما عبدتم (وَلا أَنْتُمْ) فيما تستقبلون (عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) وذكر بلفظ ما لأن المراد به الصفة أي لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحق ، أو ذكر بلفظ ما ليتقابل اللفظان ، ولم يصح في الأول من وصح في الثاني ما بمعنى الذي (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) لكم شرككم ولي توحيدي ، وبفتح الياء نافع وحفص ، وروي أن ابن مسعود رضي الله عنه دخل المسجد والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس فقال له : (نابذ يا ابن مسعود) ، فقرأ قل يا أيها الكافرون ، ثم قال له في الركعة الثانية : (أخلص) فقرأ قل هو الله أحد فلما سلم ، قال : (يا ابن مسعود سل تجب (١)) (٢).

__________________

(١) لم أجده.

(٢) زاد في (ز) والله أعلم.

٥٦٥

سورة النصر

مدنية وهي ثلاث آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) (٣)

١ ـ ٣ ـ (إِذا) منصوب بسبّح وهو لما يستقبل ، والإعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوة ، وروي أنها نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع (جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) النصر الإعانة (١) والإظهار على العدو ، والفتح فتح البلاد ، والمعنى نصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على العرب ، أو على قريش ، وفتح مكة ، أو جنس نصر الله المؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ) هو حال من الناس على أن رأيت بمعنى أبصرت أو عرفت ، أو مفعول ثان على أنه بمعنى علمت (فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) هو حال من فاعل يدخلون ، وجواب إذا فسبّح أي إذا جاء نصر الله إياك على من ناوأك ، وفتح البلاد ورأيت أهل اليمن يدخلون في ملة الإسلام جماعات كثيرة بعد ما كانوا يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) فقل : سبحان الله حامدا له ، أو فصلّ له (وَاسْتَغْفِرْهُ) تواضعا وهضما للنفس ، أو دم على الاستغفار (إِنَّهُ كانَ) ولم يزل (تَوَّاباً) التواب الكثير القبول للتوبة ، وفي صفة العباد الكثير الفعل للتوبة ، ويروى أن عمر رضي الله عنه لمّا سمعها بكى وقال : الكمال دليل الزوال ، وعاش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعدها سنتين (٢).

__________________

(١) في (ز) الإغاثة.

(٢) زاد في (ز) والله أعلم.

٥٦٦

سورة المسد

مكية وهي خمس آيات (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (١)

١ ـ (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) التبات الهلاك ومنه قولهم أشابّة أم تابّة أي هاكلة من الهرم ، والمعنى هلكت يداه ، لأنه فيما يروى أخذ حجرا ليرمي به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَتَبَ) وهلك كلّه ، أو جعلت يداه هالكتين ، والمراد هلاك جملته كقوله : (بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) (٢) ومعنى وتبّ وكان ذلك وحصل ، كقوله (٣) :

جزاني جزاه الله شرّ جزائه

جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

وقد دلت عليه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : وقد تبّ ، روي أنه لما نزل : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٤) رقى الصفا وقال : يا صباحاه فاستجمع إليه ناس من كل أوب. فقال عليه الصلاة والسلام : (يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر إن أخبرتكم أنّ بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدّقي). قالوا : نعم. قال : (فإني نذير لكم بين يدي الساعة) فقال أبو لهب : تبا لك ألهذا دعوتنا (٥) ، فنزلت ، وإنما كناه والتكنية تكرمة لاشتهاره بها دون الاسم ، أو لكراهة اسمه فاسمه عبد العزى ، أو لأن مآله إلى

__________________

(١) في (ظ) سورة اللهب خمس آيات مكية ، وفي (ز) سورة أبي لهب مكية وهي خمس آيات.

(٢) الحج ، ٢٢ / ١٠.

(٣) لم أصل إليه.

(٤) الشعراء ، ٢٦ / ٢١٤.

(٥) الطبري من حديث ابن عباس وأتم منه ، متفق عليه.

٥٦٧

(مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) (٥)

نار ذات لهب فوافقت حاله كنيته ، أبي لهب مكي.

٢ ـ (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ) ما للنفي (وَما كَسَبَ) مرفوع ، وما موصولة ، أو مصدرية أي ومكسوبه أو كسبه ، أي لم ينفعه ماله الذي ورثه من أبيه ، أو الذي كسبه بنفسه ، أو ماله التالد والطارف ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما ما كسب ولده. وروي أنه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقا فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي.

٣ ـ (سَيَصْلى ناراً) سيدخل ، سيصلى البرجمي عن أبي بكر ، والسين للوعيد أي هو كائن لا محالة وإن تراخى وقته (ذاتَ لَهَبٍ) توقد.

٤ ـ (وَامْرَأَتُهُ) هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل كانت تمشي بالنميمة فتشعل نار العدواة بين الناس ، ونصب عاصم حمالة الحطب على الشتم ، وأنا أحبّ هذه القراءة ، وقد توسّل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بجميل من أحبّ شتم أمّ جميل. وعلى هذا يسوغ الوقف على امرأته لأنها عطفت على الضمير في سيصلى أي سيصلى هو وامرأته ، والتقدير أعني حمالة الحطب ، وغيره رفع حمالة الحطب على أنها خبر وامرأته ، أو هي حمالة.

٥ ـ (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) حال أو خبر آخر ، والمسد الذي فتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان أو جلد أو غيرهما ، والمعنى في جيدها حبل مما مسد من الحبال ، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون تحقيرا لها ، وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات لتجزع من ذلك ويجزع بعلها وهما في بيت العز والشرف ، وفي منصب الثروة والجدة (١).

__________________

(١) زاد في (ز) والله أعلم.

٥٦٨

سورة الإخلاص

مكية وهي أربع آيات عند الجمهور ،

وقيل مدنية عند أهل البصرة (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (١)

١ ـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) هو ضمير الشأن ، والله أحد هو الشأن كقولك هو زيد منطلق ، كأنه قيل الشأن هذا وهو أن الله واحد لا ثاني له ، ومحل هو الرفع على الابتداء والخبر هو الجملة ، ولا يحتاج إلى الراجع لأنه في حكم المفرد في قولك زيد غلامك في أنه هو المبتدأ في المعنى ، وذلك أن قوله الله أحد هو الشأن الذي هو (٢) عبارة عنه ، وليس كذلك زيد أبوه منطلق فإن زيدا أو الجملة يدلان على معنيين مختلفين ، فلا بد مما يصل بينهما.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما : قالت قريش : يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه فنزلت. يعني الذي سألتموني وصفه هو الله تعالى ، وعلى هذا أحد خبر مبتدأ محذوف أي هو أحد ، وهو بمعنى واحد وأصله وحد فقلبت الواو همزة لوقوعها طرفا.

والدليل على أنه واحد من جهة العقل أنّ الواحد إما أن يكون في تدبير العالم

__________________

(١) في (ظ) سورة الإخلاص أربع آيات مكية عند الجمهور وقيل مدنية. وفي (ز) سورة الإخلاص أربع آيات مكية عند الجمهور وقيل مدنية عند أهل البصرة.

(٢) ليس في (ز) هو.

٥٦٩

(اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣)

وتخليقه كافيا أو لا ، فإن كان كافيا كان الآخر ضائعا غير محتاج إليه وذلك نقص والناقص لا يكون إلها ، وإن لم يكن كافيا فهو ناقص ، ولأن العقل يقتضي احتياج المفعول إلى فاعل والفاعل الواحد كاف ، وما وراء الواحد فليس عدد أولى من عدد فيفضي ذلك إلى وجود أعداد لا نهاية لها وذا محال ، فالقول بوجود إلهين محال.

ولأن أحدهما إما أن يقدر على أن يستر شيئا من أفعاله عن الآخر أو لا يقدر ، فإن قدر لزم كون المستور عنه جاهلا ، وإن لم يقدر لزم كونه عاجزا ، ولأنا لو فرضنا معدوما ممكن الوجود فإن لم يقدر واحد منهما على إيجاده كان كلّ واحد منهما عاجزا والعاجز لا يكون إلها ، وإن قدر أحدهما دون الآخر فالآخر لا يكون إلها ، وإن قدرا جميعا ، فإما أن يوجداه بالتعاون فيكون كلّ واحد منهما محتاجا إلى إعانة الآخر فيكون كلّ واحد منهما عاجزا ، وإن قدر كلّ واحد منهما على إيجاده بالاستقلال فإذا أوجده أحدهما فإما أن يبقى الثاني قادرا عليه وهو محال لأن إيجاد الموجود محال ، وإن لم يبق فحينئذ يكون الأول مزيلا قدرة الثاني فيكون عاجزا ومقهورا تحت تصرفه فلا يكون إلها.

فإن قلت : الواحد إذا أوجد مقدور نفسه فقد زالت قدرته فيلزمكم أن يكون هذا الواحد قد جعل نفسه عاجزا.

قلنا : الواحد إذا أوجد مقدور نفسه فقد نفذت قدرته ومن نفذت قدرته لا يكون عاجزا ، وأما الشريك فما نفذت قدرته بل زالت قدرته بسبب قدرة الآخر فكان ذلك تعجيزا.

٢ ـ (اللهُ الصَّمَدُ) هو فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده ، وهو السيد المصمود إليه في الحوائج ، والمعنى هو الله الذي تعرفونه وتقرّون بأنه خالق السماوات والأرض وخالقكم وهو واحد لا شريك له ، وهو الذي يصمد إليه كلّ مخلوق ولا يستغنون عنه وهو الغني عنهم.

٣ ـ (لَمْ يَلِدْ) لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا ، وقد دل على هذا المعنى بقوله : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) (١) (وَلَمْ يُولَدْ) لأنّ كلّ مولود محدث وجسم ، وهو قديم لا أوّل لوجوده ، إذ لو لم يكن

__________________

(١) الأنعام ، ٦ / ١٠١.

٥٧٠

(وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (٤)

قديما لكان حادثا لعدم الواسطة بينهما ، ولو كان حادثا لافتقر إلى محدث ، وكذا الثاني والثالث فيؤدي إلى التسلسل وهو باطل ، وليس بجسم لأنه اسم للمتركب ، ولا يخلو حينئذ من أن يتصف كلّ جزء منه بصفات الكمال فيكون كلّ جزء إلها ، فيفسد القول به كما فسد بإلهين ، أو غير متصف بها بل بأضدادها من سمات الحدوث وهو محال.

٤ ـ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ولم يكافئه أحد أي لما يماثله ، سألوه أن يصفه لهم فأوحى إليه ما يحتوي على صفاته تعالى.

فقوله : هو الله إشارة إلى أنه خالق الأشياء وفاطرها ، وفي طي ذلك وصفه بأنه قادر عالم لأن الخلق يستدعي القدرة والعلم لكونه واقعا على غاية إحكام واتساق وانتظام ، وفي ذلك وصفه بأنه حي لأن المتصف بالقدرة والعلم لا بد وان يكون حيا ، وفي ذلك وصفه بأنه سميع بصير مريد متكلم إلى غير ذلك من صفات الكمال إذ لو لم يكن موصوفا بها لكان موصوفا بأضدادها وهي نقائص ، وذا من أمارات الحدوث فيستحيل اتصاف القديم بها.

وقوله : أحد وصف بالوحدانية ونفي الشريك ، وبأنه المتفرد بإيجاد المعدومات والمتوحد بعلم الخفيات.

وقوله : الصمد وصف بأنه ليس إلا محتاجا إليه ، وإذا لم يكن إلا محتاجا إليه فهو غني لا يحتاج إلى أحد ويحتاج إليه كلّ أحد.

وقوله : لم يلد نفي للشبه والمجانسة.

وقوله : ولم يولد نفي للحدوث ووصف بالقدم والأوّلية.

وقوله : ولم يكن له كفوا أحد نفي أن يماثله شيء.

ومن زعم أن نفي الكفء وهو المثل في الماضي لا يدل على نفيه للحال والكفار يدعونه في الحال فقد تاه في غيه ، لأنه إذا لم يكن فيما مضى لم يكن في الحال ضرورة ، إذ الحادث لا يكون كفؤا للقديم. وحاصل كلام الكفرة يؤول إلى الإشراك والتشبيه والتعطيل ، والسورة تدفع الكلّ كما قررنا.

واستحسن سيبويه تقديم الظرف إذا كان مستقرا أي خبرا ، لأنه لما كان محتاجا إليه قدّم ليعلم من أول الأمر أنه خبر لا فضلة ، وتأخيره إذا كان لغوا أي فضلة لأن

٥٧١

التأخير مستحق للفضلات وإنما قدّم في الكلام الأفصح لأن الكلام سيق لنفي المكافأة عن ذات البارىء سبحانه ، وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف ، فكان الأهم تقديمه.

وكان أبو عمرو يستحبّ الوقف على أحد ولا يستحبّ الوصل ، قال عبد الوارث (١) : على هذا أدركنا القراء وإذا وصل نوّن وكسر أو حذف التنوين كقراءة : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (٢) ، كفؤا بسكون الفاء والهمزة حمزة وخلف ، كفوا مثقلة غير مهموزة حفص الباقون مثقلة مهموزة.

وفي الحديث : (من قرأ سورة الإخلاص فقد قرأ ثلث القرآن) (٣) لأن القرآن يشتمل على توحيد الله وذكر صفاته ، وعلى الأوامر والنواهي وعلى القصص والمواعظ ، وهذه الصورة قد تجردت للتوحيد والصفات ، فقد تضمنت ثلث القرآن ، وفيه دليل شرف علم التوحيد وكيف لا يكون كذلك والعلم يشرف بشرف المعلوم ويتّضع بضعته ، ومعلوم هذا العلم هو الله وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه فما ظنّك بشرف منزلته وجلالة محلّه.

اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك ، العاملين لك ، الراجين لثوابك ، الخائفين من عقابك ، المكرّمين بلقائك ، وسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلا يقرأ قل هو الله أحد فقال : (وجبت) ، فقيل : يا رسول الله ما وجبت؟ قال : (وجبت له الجنة) (٤).

__________________

(١) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان ، أبو عبيدة حافظ ثبت ، كان فصيحا من أئمة الحديث ولد عام ١٠٢ ه‍ وتوفي عام ١٨٠ ه‍ (الأعلام ٤ / ١٧٨).

(٢) التوبة ، ٩ / ٣٠.

(٣) كنز العمال ، ١ / ٢٦٥٥ و ٢٧٣٤.

(٤) الترمذي والنسائي والحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٥٧٢

سورة الفلق

مختلف فيها وهي خمس آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) (٤)

١ ـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) أي الصبح ، أو الخلق ، أو هو واد في جهنم أو جبّ فيها.

٢ ـ (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) أي النار ، أو الشيطان ، وما موصولة والعائد محذوف ، أو مصدرية ويكون الخلق بمعنى المخلوق. وقرأ أبو حنيفة رضي الله عنه من شر بالتنوين وما على هذا مع الفعل بتأويل المصدر في موضع الجر بدل من شر أي شرّ خلقه ، أي من خلق شر ، أو زائدة.

٣ ـ (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) الغاسق : الليل إذا اعتكر ظلامه ، ووقوبه دخول ظلامه في كلّ شيء ، وعن عائشة رضي الله عنها : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيدي فأشار إلى القمر فقال : (تعوذي بالله من شر هذا ، فإنه الغاسق إذا وقب) (١) ووقوبه دخوله في الكسوف واسوداده.

٤ ـ (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) النفاثات : النساء ، أو النفوس ، أو

__________________

(١) الترمذي والنسائي والحاكم وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو يعلى وكلهم عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها.

٥٧٣

(وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (٥)

الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين ، والنفث : النفخ مع ريق ، وهو دليل على بطلان قول المعتزلة في إنكار تحقق السحر وظهور أثره.

٥ ـ (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) أي إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه ، لأنه إذا لم يظهر فلا ضرر يعود منه على من حسده بل هو الضار لنفسه لاغتمامه بسرور غيره ، وهو الأسف على الخير عند الغير ، والاستعاذة من شرّ هذه الأشياء بعد الاستعاذة من شرّ ما خلق إشعار بأن شرّ هؤلاء أشدّ ، وختم بالحسد ليعلم أنه شرّها ، وهو أول ذنب عصي الله به في السماء من إبليس وفي الأرض من قابيل ، وإنما عرّف بعض المستعاذ منه ونكّر بعضه لأن كلّ نفاثة شريرة فلذا عرّفت النفاثات ونكّر غاسق لأن كلّ غاسق لا يكون فيه الشرّ إنما يكون في بعض دون بعض ، وكذلك كل حاسد لا يضرّ وربّ حسد يكون محمودا كالحسد في الخيرات (١).

__________________

(١) زاد في (ز) والله أعلم.

٥٧٤

سورة الناس

مختلف فيها وهي ست آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) (٤)

١ ـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أي مربيهم ومصلحهم.

٢ ـ (مَلِكِ النَّاسِ) مالكهم ومدبر أمورهم.

٣ ـ (إِلهِ النَّاسِ) معبودهم ، ولم يكتف بإظهار المضاف إليه مرة واحدة لأن قوله : ملك الناس إله الناس عطف بيان لرب الناس ، لأنه يقال لغيره ربّ الناس وملك الناس ، وأما إله الناس فخاصّ لا شركة فيه ، وعطف البيان للبيان فكأنه مظنة للإظهار دون الإضمار ، وإنما أضيف الربّ إلى الناس خاصة وإن كان ربّ كلّ مخلوق تشريفا لهم ، ولأن الاستعاذة وقعت من شرّ الموسوس في صدور الناس ، فكأنه قيل أعوذ من شرّ الموسوس إلى الناس بربّهم الذي يملك عليهم أمورهم وهو إلههم ومعبودهم ، وقيل أراد بالأول الأطفال ، ومعنى الربوبية يدل عليه ، وبالثاني الشبان ولفظ الملك المنبىء عن السياسة يدلّ عليه ، وبالثالث الشيوخ ولفظ الإله المنبىء عن العبادة يدلّ عليه ، وبالرابع الصالحين إذ الشيطان مولع بإغوائهم ، وبالخامس المفسدين لعطفه على المعوّذ منه.

٤ ـ (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ) هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة ،

٥٧٥

(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٦)

وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال ، والمراد به الشيطان سمّي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنها شغله الذي هو عاكف عليه ، أو أريد ذو الوسواس ، والوسوسة : الصوت الخفي (الْخَنَّاسِ) الذي عادته أن يخنس ، منسوب إلى الخنوس وهو التأخر كالعوّاج والبتّات لما روي عن سعيد بن جبير : إذا ذكر الإنسان ربّه خنس الشيطان وولى ، وإذا غفل رجع ووسوس إليه.

٥ ـ (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) في محل الجر على الصفة ، أو الرفع ، أو النصب على الشتم ، وعلى هذين الوجهين يحسن الوقف على الخنّاس.

٦ ـ (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) بيان للذي يوسوس ، على أن الشيطان ضربان جنيّ وإنسيّ كما قال : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) (١) وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شيطان الإنس؟

روي أنه عليه‌السلام سحر فمرض ، فجاءه ملكان وهو نائم ، فقال أحدهما لصاحبه : ما باله. فقال : طبّ. قال : ومن طبّه؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي ، قال : وبم طبّه؟ قال : بمشط ومشاطة في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذي أروان ، فانتبه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فبعث زبيرا وعليا وعمارا رضي الله عنهم فنزحوا ماء البئر وأخرجوا الجفّ فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر. فنزلت هاتان السورتان (٢) ، فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة حتى قام صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند انحلال العقدة الأخيرة كأنما نشط من عقال وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك ، والله يشفيك من كل داء يؤذيك (٣).

ولهذا جوّز الاسترقاء بما كان من كتاب الله وكلام رسوله عليه‌السلام لا بما كان بالسريانية والعبرانية والهندية فإنه لا يحل اعتقاده والاعتماد عليه.

ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأقوالنا ومن شر ما عملنا وما لم نعمل ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه

__________________

(١) الأنعام ، ٦ / ١١٢.

(٢) إلى هنا ينتهي النقص في (أ).

(٣) أورده الثعلبي في تفسيره بغير إسناد ، وله شواهد في الصحيحين ومسند أحمد.

٥٧٦

وصفيه أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه ، وعلى آله مصابيح الأنام ، وأصحابه مفاتيح دار السلام (١) والله أعلم بالصواب وإليه الملجأ والمآب.

__________________

(١) في (ظ) زاد : صلاة دائمة ما دامت الليالي والأيام وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وفي (ز) زاد فقط صلاة دائمة ما دامت الليالي والأيام.

٥٧٧

قال كاتب مخطوطة الأحمدية

قد تيسر الفراغ من زبر هذه النسخة اللطيفة ، والسفينة العجيبة ، الملقبة بمدارك التنزيل وحقائق التأويل ، المصنفة في المدينة المسماة بكرمان ، حماها الله عن الآفات والعاهات ، وحرسها من الزوال والإضلال مع سائر بلاد المسلمين ، على يدي العبد الضعيف النحيف ، الحقير الفقير ، المحتاج إلى رحمة الله ، المتضرع إلى الله في ليله ونهاره ، الخائف منه من سوء عمله «ميكائيل بن حاجي محمد بن حاجي» غفر الله له ولوالديه ، وأحسن إليهما وإليه ، في يوم الجمعة وقت الضحوة الكبرى من شهر الله المبارك ربيع الآخر في تاريخ سنة سبع وعشرين وسبعماية الهجرية والسلام.

***

تم الفراغ من تحقيق هذا التفسير الجليل مساء الاثنين في العشرين من شهر رمضان المبارك سنة ١٤١٥ للهجرة الموافق العشرين من شهر شباط (فبراير) من عام ١٩٩٥ ميلادية. والحمد لله رب العالمين من البدء إلى الختام.

٥٧٨

الفهارس

١ ـ فهرس شواهد السور

 ـ آيات

 ـ أحاديث

 ـ أشعار

٢ ـ فهرس من دلائل آيات السور

٣ ـ محتوى الجزء الرابع

٥٧٩
٥٨٠