تفسير الصراط المستقيم - ج ٢

آية الله السيّد حسين البروجردي

تفسير الصراط المستقيم - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد حسين البروجردي


المحقق: الشيخ غلامرضا بن علي أكبر مولانا البروجردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

أن يقف على غير المضاف ، بل وعلى غير الموصوف أيضا.

وإن أطنب في ذلك بعض أرباب القرائة فألحق به ما ليس منه ، حيث ذكر أنّه ينبغي للقارىء أن يجتنب عن الوقف بين العامل والمعمول ، وبين الفعل وما يتعلّق به من فاعل ومفعول ، وظرف ، ومصدر ، وغيرها ، وبين الشرط والجزاء ، وبين الأمر وجوابه ، وبين المبتدأ والخبر ، وبين الصلة والموصول ، وبين الصّفة والموصوف ، وبين البدل والمبدل منه وبين المعطوف والمعطوف عليه ، وبين المؤكّد والمؤكّد ، وبين المضاف والمضاف إليه ، وبين المستثنى والمستثنى منه ، وبين «كان» و «إنّ» وأخواتهما ، وأسمائها ، وبين القسم وجوابه ، وبين الحرف ومدخوله (١).

وأنت ترى أنّه لا يقضى به العرف على وجه الكليّة ، فربما يحسن الوقف في كثير من الموارد مع دخولها تحت بعض المذكورات ، لطول الكلام ، أو لغيره من مقتضيات المقام.

وهذا كلّه فيما لم يقصر النفس ، وأمّا مع قصره فالأحسن الوقف حيث شاء ، نعم ذكر في «كشف اللثام» وغيره أنّه لا ينبغي إكثار الوقف بحيث يختلّ النظم ، ويلحق بذكر الأسماء المعدودة.

__________________

(١) النشر في القراآت العشر ج ١ ص ٢٣٠.

٤٢١

في مراعاة المدّ

عرّفوا المدّ بإطالة الصوت بحرف مدّي من حروف العلّة ، والقدر الواجب منه ما يتوصّل به إلى أداء الحرف الساكن الذي يسمّونه سبب المدّ ، وذلك لأنّ التلّفظ بالحروف إنّما يتمشّى بتحركّها أو اتصالها بالمتحرّك ، أو بالساكن الذي يتوصّل بمدّة الى التلفّظ بها ، وذلك على فرض توقّف الإفصاح بها عليه ، مقدّر بقدره ، وإلّا فالقدر الزائد على ذلك لا دليل على وجوبه ، ولا على ندبه ، وإن توسّع فيه أرباب القراءة حيث قسّموه إلى الطبيعي ، وهو الامتداد الحاصل لذات الحروف الثلاثة بقدر التلفّظ بها كما في قوله : (آتُونِي) (١) ، ويسمّى أصليّا وذاتيّا ، ولذا قدّروها بألف واحدة ، وهو قدر التلفّظ بها.

وغير طبيعي ، وهو ينقسم إلى ما له سبب معنويّ وهو ما قصد به المبالغة في النفي ، كما عن حمزة في مثل (لا رَيْبَ) (٢) ، ولا (لا جَرَمَ) (٣) و (لا مُقامَ) (٤).

ومنه مدّ التعظيم في (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).

وما له سبب لفظيّ ، وهو إمّا السكون ، وإمّا الهمزة ، والسكون ينقسم الى

__________________

(١) الكهف : ٩٦.

(٢) البقرة : ٢.

(٣) هود : ٢٢.

(٤) الأحزاب : ١٣.

٤٢٢

أصليّ وعارضي ، فالأصليّ مظهر في فواتح السور ، ومدغم في مثل (دَابَّةٍ) (١) و (الضَّالِّينَ) (٢) ، وكلاهما لازم ، ومقداره ، فيهما عند ورش ، وحمزة أربع ألفات ، وعند غيرهما ثلاث ، وعن ثالث خمس ، وعن رابع ألفات.

والعارضى المدغم في (الرَّحِيمِ مالِكِ) (٣) على فرض الإدغام.

والمظهر في (نَسْتَعِينُ) (٤) ، وجوّزوا فيها الطول والقصر والتوسّط.

وأمّا الهمزة فإن كان بعد حروف المدّ في كلمة ، مثل (جاء) و (جيء) و (سوء) فالمدّ متّصل لازم عندهم ، محدود بالخمس إلى الألفين ، على الاختلاف بينهم ، أو في كلمتين فمنفصل جائز.

ولهم اختلافات كثيرة في عدّها ، وحدّ مدّها ، حتى أنهاها بعضهم الى خمسة عشر قسما.

قال قائلهم :

وللمدّ أنواع لدى الحصر خمسة

وعشر لتمكين (٥) وبسط (٦) مفصّلا

__________________

(١) البقرة : ١٦٤ وسور أخرى.

(٢) فاتحة الكتاب : ٧ وسور اخرى.

(٣) فاتحة الكتاب : ٣ ـ ٤.

(٤) فاتحة الكتاب : ٥.

(٥) مدّ التمكين في نحو (أولئك) و (الملائكة) و (شعائر) وهي مدّة تليها همزة ، لأنّه جلب ليتمكّن به من إخراجها من يخرجها ـ الإتقان ج ١ ص ٣٣٨.

(٦) مدّ البسط ويسمّى أيضا مدّ الفصل في نحو (بما أنزل) لأنّه يبسط بين كلمتين ويفصل بين متصلتين ـ الإتقان ج ١ ص ٣٣٨.

٤٢٣

وعدل (١) وفرق (٢) بنية (٣) عوض ولا

زم عارض وحجز وأصل تأصلا

كذا مع روم مبدل شبه مبدل

مبالغة ، إمعان فافهم مكمّلا

وفي بعض هذه الأقسام اختلافات عندهم في تحديده.

فمن الغريب ما في «مجمع البحرين» من دعوى اتّفاقهم في كثير من الأقسام ، حيث قال في كتاب الدال باب أوّله الميم : وحروف المدّ هي حروف العلّة ، وفي مصطلح القرّاء إن كان بعدها حمزة تمدّ بقدر ألفين الى خمس ألفات ، وإن كان بعدها تشديد تمدّ بقدر أربع ألفات اتّفاقا منهم مثل (دابّة) ، وإن كان ما بعدها ساكن تمدّ بقدر ألفين اتّفاقا (كصاد) ، وان كان بعدها غير هذه الحروف لم تمدّ إلّا بقدر خروجها من الفم ، فمدّ بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن إلّا بقدر خروج الحرف من الفم ، إلّا (الرحيم) عند الوقف فيمدّ بقدر ألفين (٤).

أقول : لكنّ الخطب في كلّ ذلك سهل عندنا بعد ما سمعت من عدم وجوب شيء منها ، ولا استحبابه عدى ما يتوقّف عليه أداء الحروف على فرض التوقف وإلّا فلا دليل على مطلوبيّة شيء زائد عليه.

نعم عدّ في «النفلية» في المستحبّات المدّ المنفصل وتوسّطه مطلقا.

ولعلّه عدّ في «الألفيّة» المتّصل من الواجبات ، وليست عندي كى الأحظ.

__________________

(١) مدّ العدل في كلّ حرف مشدّد قبله حرف مدّ ولين نحو (ولا الضّالّين) لأنّه يعدل حركة ويقوم مقامها في الحجز بين الساكنين.

(٢) مدّ الفرق في نحو (الآن) لأنّه يفرق به بين الاستفهام والخبر.

(٣) مدّ البنية في نحو (ماء) و (دعاء) و (نداء) و (زكريّاء) لأنّ الاسم بني على المدّ ، فرقا بينه وبين المقصور.

(٤) مجمع البحرين ج ٣ ص ١٤٥.

٤٢٤

وقال الشهيد الثاني في «شرح النفليّة» : يجوز حينئذ القصر ، والمد وهو أفضل لما فيه من تحقيق الحرف.

وقال بعد قوله : «وتوسطه مطلقا» : سواء كان مدا منفصلا أم غير منفصل ، واجب المدّ ، أم جائزة ، فإنّ زيادته عن التوسط كمدّ ورش يكاد يخرج عن حدّ الفصاحة ، وتفوّت لذاذة استماعه ، ومحاسن أداءه ، ودون التّوسط لا يبيّن معه حروف المدّ بيانا شافيا ، ولا تفصح معه إفصاحا كافيا ، وخير الأمور أوسطها.

ولا يستشكل بأنّ الجميع متواتر ، إذ لا بعد في تفضيل بعضه على بعض ، وإن اشترك الجميع في أصل البلاغة ووصف الفصاحة ، ومن البيّن أنّ في بعض تركيب القرآن العزيز ما هو أفصح من بعض ، وأجمع لدقائق البلاغة ومزايا الفصاحة.

وقد عدّ الأردبيلى المدّ الواجب في عداد ما يجب مراعاته ، بل كأنّه قد أرسله إرسال المسلّمات حيث قال : ومعلوم من وجوب القراءة بالعربيّة المنقولة تواترا عدم الإجزاء وعدم جواز الإخلال بها حرفا ، وحركة بنائية واعرابيّة ، وتشديدا ، ومدّا واجبا ، وكذا تبديل الحروف ، لعدم صدق القراءة ، فتبطل الصلاة مع الاكتفاء بها.

وقال السيّد (١) الطباطبائى في «إصلاح العمل» : صرّح جماعة بوجوب مراعاة المدّ المتّصل ، وفيه أشكال ، ولكنّه أحوط.

قال : ولا يجب المنفصل ، وقيل : هو أفضل ، ثمّ حكى عن صريح بعض الأصحاب أنّ المراد بالمدّ المتصل ما يكون حرف المد وموجبه في كلمة واحدة ،

__________________

(١) هو السيّد المجاهد محمد بن الأمير السيّد على الطباطبائى الحائرى المتوفى (١٢٤٢).

٤٢٥

وبالمنفصل ما كان حرف المدّ في كلمة ، وموجبه في اخرى ، فيدخل في الأوّل مدّ «أولئك» ومدّ «ولا الضالّين» ، ومدّ (كهيعص).

ولكن يظهر من جماعة منهم السيوطي في «الإتقان» (١) ، وبعض شرّاح «الشاطبية» أنّ المتّصل عبارة عمّا كان سببه وقوع الهمزة في كلمة واحدة فيخرج الأخيران عنه ، ويدخل في الثاني مدّ «لا إله إلّا الله».

أقول : المشهور ، بل كاد أن يكون إجماعا منهم هو التفسير الأوّل ، وبه صرّح الشهيد الثاني في «شرح النفليّة» كما صرّح به أيضا كثير من شرّاح «الشاطبية» والجزري في «طيبة النشر» وغيرهم من أئمّة القراءة ، من دون اشارة إلى خلاف أصلا ، لكنّ الخطب فيه سهل جدّا بعد عدم الدليل على وجوبه في شيء من الأقسام ، بلا فرق بين تسميته متّصلا أو منفصلا ، واستقرار طريقة أهل اللّسان على مراعاته غير معلوم ، بل المعلوم خلافه.

ألا ترى أنّهم في محاوراتهم وتكلماتهم العرفيّة لا يراعون شيئا من ذلك ، وإنّما يقتصرون على أداء موادّ الحروف ، بل لو تكلّف أحد بمراعاة ذلك لكان ذلك منكرا مستهجنا عندهم.

هذا مضافا الى خلوّ الأخبار ، بل خلوّ كتب القدماء ، وأكثر المتأخرين عن ذلك ، بل أوّل من تعرّض لذلك من فقهاء أصحابنا هو الشهيد في الألفية» و «النفلية» ، ولم يتعرّض له في «الذكرى» ، أصلا.

وكأنّ الّذى دعاه إلى ذلك إكمال العدّة في الكتابين ، ولذا عدّ من المندوب في «الثاني» بعد ذكر المدّ ، عدم الإفراط في التشديد ، وإشباع كسرة كاف

__________________

(١) الإتقان ج ١ ص ١٢٧.

٤٢٦

«ملك» ، وضمّ دال «نعبد» والإتيان بالواو بعدها سلسا ، وإخلاص الدال في «الدين» والياء في «إيّاك» والفتحة في الكاف من «ايّاك» بلا إشباع ، والتحرّز من تشديد الباء في «نعبد» ونحوه ، والتاء في «نستعين» وتصفية الصاد في «الصراط» المختارة اى إذا اختار الصاد ، فإن اختار السين فليحافظ على همسه ، وتمكين حرف المدّ واللين بغير افراط ، وكذا فتحة نون «الذين» واجتناب تشديد تاء «أنعمت» وضاد «المغضوب» واجتناب تفخيم الألف ، وإخفاء الهاء ، بل تكون ظاهرة ، الى غير ذلك ممّا لم يقم على مطلوبيّته شاهد ، فضلا عن حجّة ، عدا بعض الاعتبارات التي ترجع إلي ملاحظة صفات الحروف أو إلى تبيينها ، والإفصاح عنها ، كما يشهد له التأمّل فيما ذكره ثانى الشهيدين في الشرح ، وأنت تعلم أنّ المعتبر إنّما أداء الحروف ، وأمّا الصفات فلا دليل على اعتبارها فضلا عن الأمور المحقّقة لها ، بل لا يخفى أنّ التوغّل والاستغراق في هذا القدر الذي ذكره الشهيد فضلا عن غيره ممّا اعتنى به أئمّة هذه الصناعة من صفات الحروف وغيرها يسلب الخشوع الذي هو المطلوب بالقراءة.

ولذا ورد الأمر في الكتاب والسنّة بالتدبّر فيها والتحقّق بحقائقها ، واستجلاب الخشوع عندها على ما ستسمع تمام الكلام فيه إنشاء الله.

وأمّا ما ذكره المحقّق الثاني ، بل الشهيد الثاني أيضا من أنّه لو ترك المدّ المتّصل تحقّق الإخلال بمثل الإخلال بحرف فهو على إطلاقه ممنوع ، نعم قد سمعت أنّه لو توقّف عليه أداء الحرف وجب بلا فرق بين كون الموجب الهمزة أو الساكن في كلمة أو كلمتين ، وذلك لا لكونه مدّا ، بل لتوقّف الحرف الساكن عليه ، إذ الساكن الواقع بعد حرف المدّ لا بدّ من اعتماده على ما يتوصّل به إلى النطق به ، وذلك في أمثال المقام امتداد حرف المدّ لفقد الحركة السابقة.

٤٢٧

ومن هنا يظهر أنّه يمكن القول باستحباب المدّ عند السكون العارض كما في «الرّحيم» و «نستعين» حيث يتوقّف الإفصاح عن حرفي المدّ والساكن عليه ، بل يمكن الاستدلال له بما ورد في المعتبرة من الأمر بإفصاح الألف والهاء في التهليل من الأذان كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام.

وعنه عليه‌السلام : الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء» (١).

بل عن «المنتهى» عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يؤذّن لكم من يدغم الهاء ، قيل : وكيف يقول؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول : أشهد أنّ لا إله إلّا الله (٢).

وقد اختلفوا في تعيين الهاء الّتي نهينا عن إدغامها على وجوه لا داعي للتعرّض لها في المقام ، إلّا أنّ الظاهر أنّ المراد الهاء الأخيرة ، ولو بقرينة ما في الخبر المتقدّم ، وغيره من الأمر بالجزم أى الوقف على فصول الأذان مع إفصاح الألف والهاء ، فالمراد بالإدغام المنهيّ عنه ترك المدّ بحيث يؤدّي الى إخفاء الهاء.

ولعلّ ما ذكرناه في معنى الخبر أولى ممّا ذكره الحلّى (٣) ، وشيخنا البهائي ، والعلّامة المجلسي عطّر الله مراقدهم ، فلاحظ.

__________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٥٠.

(٢) بحار الأنوار ج ٨٤ ص ١٥٩.

(٣) قال ابن إدريس الحلي على ما حكى في البحار : المراد بالهاء هاء (إله) لا هاء (أشهد) ولا هاء (الله).

٤٢٨

في مراعاة التشديد

يجب مراعاة التّشديد الذي منه التلفّظ بالحرفين ، فإنّ الحرف المشدّد أقيم مقامهما ، والإخلال به بكلّ من التّخفيف والفكّ إخلال بالقراءة الموسوعة الّتى وقع التعبّد بقرائتها مع مخالفتهما الطريقة العرف والقواعد اللّغوية.

فما في «التذكرة» عن بعض الجمهور من جواز ترك الشدّة لعدم ثبوتها في المصحف ضعيف جدّا كدليله ، فإنّه في الحقيقة إخلال بالحرف ، وبالكيفيّة المعتبرة ، ولذا نفى غير واحد منّا الخلاف في عدم الإجزاء مع الإخلال به الشامل للوجهين معا ، بل للثالث الذي هو التحريك بعد الفكّ.

قال في «كشف اللّثام» : وفكّ الإدغام من ترك الموالاة إن تشابه الحرفان ، وإلّا فهو إبدال حرف بغيره ، وعلى التقديرين من ترك التشديد ، نعم ، لا بأس به بين كلمتين إذا وقف على الأوّل نحو (لَمْ يَكُنْ لَهُ).

ومفهومه كما ترى ثبوت البأس بالفكّ عند الوصل ، وتنقيح البحث يستدعى بسط الكلام في أقسام التشديد والإدغام مع التعرّض لما له من الأحكام.

فنقول : إنّ التشديد على ما صرّح به بعضهم ، ويستفاد من كلام آخرين على وجوه ستّة :

أحدها : التشديد الأصلى «كتوّاب» و «أوّاب» و «وهّاب» ونحوها ، وهذا لا خلاف ولا إشكال في وجوبه ، وعدم الاجتزاء بالتخفيف وبالفكّ الذي لعلّه لا يحصل إلّا بالسكت بين الواوين لما عرفت.

٤٢٩

ثانيها : التشديد البدلى الحاصل من إدغام لام التعريف في الحروف الشمسيّة «كالرّحمن» و «الرّحيم».

وذلك لأنّهم قسّموا الحروف إلى شمسيّة تدغم فيها اللّام ، وقمريّة تظهر عندها ، وكلّ منهما أربعة عشر حرفا ، فالقمريّة هي حروف قولك : «ابغ حجك وخف عقيمه» والشمسيّة ما سواها ، والتسمية باعتبار لفظة الشمس والقمر ، تسمية للكلّ بملاحظة الجزء.

ولا يهمّنا البحث في أنّ سبب الإدغام في المقام هل هو قرب المخرج ، أو غيره بعد استقرار طريقة أهل اللّسان عليه بلا خلاف ولا إشكال فيه من أحد ، وإن تضمّن إبدالا من الحرف الأصلي الذي هو اللام فالإخلال به بفكّ الإدغام ، أو بترك الإبدال إخلال بالقرائة المعهودة الموظّفة.

وتوهّم جواز موافقة الخطّ الذي يوافقه الأصل أيضا مدفوع بما سمعت.

وأمّا إبقاء الخطّ على الأصل فربّما علّلوه بكون اللام من كلمة ، والحرف المدغم فيه من كلمة أخرى ، وبالأمن عن اللبس في المنكّر المدخول لهمزة الاستفهام ، والخطب فيه سهل.

ثالثها : التشديد اللّازم ، وهو الذي في الأدوات مثل «لمّا» و «أمّا» و «ثمّ» و «حتّى» و «كلّا» ونحوها ، وهو في الوجوب وعدم الاجتزاء مع الإخلال به كالسابقين.

رابعها : تشديد الغنّة ، وكأنّه تغليب في التسمية ، حيث إنّهم عبّروا به عن الإدغام في حروف «يرملون» مع وضوح انتفاء الغنّة في اللام والراء ، وقد اتّفقت كلمة القرّاء على إدغام النون الساكنة والتنوين في هذه الحروف وصرّح في شرح «طيبة النشر» ، و «إبراز المعاني» بالإجماع ، بل في «الشاطبية» أيضا حيث قال :

٤٣٠

وكلّهم التنوين والنون أدغموا

بلا غنّة في اللام والراء ليجملا

وكل بينمو أدغموا مع غنّة

وفي الواو واليا دونها خلف تلا (١)

وهو المحكيّ عن «التيسير» و «سراج القاري» ، وغيرهما أيضا.

بل في «إبراز المعاني» : التّصريح بأنّ الإدغام في حروف «يرملون» الستّة ، والإظهار في حروف الحلق الستّة ، والقلب عند الباء ، والإخفاء في البواقي هي الوجوه الّتي لها في اللّغة ، بل قد استفاد من الشاطبيّة أيضا ، وإن كانت استفادته لا تخلو من نظر فلاحظ.

وأمّا الفقهاء : فقد سمعت أنّ مفهوم كلام كاشف اللثام وجوبه ، وهو الظاهر من الشهيد في «البيان» و «الألفيّة» وثانى المحققين والشهيدين ، وغيرهم ممن صرّح بوجوب الإدغام الصغير ، حيث إنّ غير واحد منهم صرّحوا بكون المقام منه وإن افردوه بالبحث لاختصاصه ببعض الأحكام.

وفي «إصلاح العمل» أنّه صرّح جماعة بوجوب الإدغام الصغير ، ولكنّه أحوط ، قال : وفسّره بعض بإدغام التنوين والنون الساكنة في أحد حروف «يرملون» ، وعلى كلّ حال ففي وجوبه إشكال :

من الأصل ، وجواز القراءة بالمرسوم ، وعدم الإشعار بوجوبه في شيء من كلمات قدماء الأصحاب ، فضلا من الأخبار.

ومن ظهور إجماع المتأخرين عليه ، فإنّهم بين مصرّح به وساكت عنه ، مقرّر له مع ظهور إيكالهم كيفيّة القرائة على الرّجوع الى علماء هذا الفنّ ، والكتب المصنّفة فيه ، بل ولعلّه السرّ أيضا في عدم تعرّض القدماء ولغيره ممّا لا تأمّل في وجوبه ، كإخراج الحروف من مخارجها ، ومراعاة التشديد ، وغيره.

__________________

(١) حرز الأمانى المعروف بالشاطبية ص ٢٤ باب احكام النون الساكنة والتنوين.

٤٣١

هذا مضافا الى أنّ كثيرا من موارد هذا الإدغام يرجع الى رسم الخطّ الّذى لا يجوز تغييره مثل (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) (١) و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) (٢) ، و (عَمَّا يَعْمَلُونَ) ، ونحوها.

وإلى ما سمعت عن «شرح الشاطبية» من أنّ هذا الإدغام من مقتضى اللّغة ، واتفاق القرّاء السبعة ، وغيرهم على لزوم مراعاته ، ولا ريب في وجوب إتّباع قراءتهم ، إمّا للتواتر كما عليه جماعة ، أو لوقوع التعبّد لنا من الائمة عليهم‌السلام كما يستفاد من الأخبار ، إلّا أنّ الأظهر مع كلّ ذلك عدم الوجوب ، لمنع الإجماع ، بل الاتّفاق أيضا ، وكيف يحصل لنا العلم بفتوى الإمام عليه‌السلام من مجرّد فتوى بعض المتأخرين ، ولذا لم يدّعه عليه أحد منهم.

مع أنّه من المحتمل قويّا أنّهم أرادوا بالوجوب غير المعنى المصطلح ، حسبما سمعت في الوقف ، بل قد سمعت أيضا أنّه قد تبعه فيه بعض المتأخرين.

وأمّا ما مرّ من إيكالهم كيفية القراءة على علماء الفنّ ... إلخ ففيه ما لا يخفى ، مع إشعار كثير منهم تصريحا أو تلويحا بالقدر الواجب الراجع الى مادّة الكلمة وهيئتها الظاهر في نفى أمر زائد ، بل هو صريح بعضهم أيضا.

قال في «مجمع الفائدة» : وأمّا باقي الصفات في الحروف من الترقيق ، والتفخيم ، والغنّة ، والإظهار ، والإخفاء فالظاهر عدم الوجوب ، بل عدم الاستحباب ، لعدم الدليل شرعا ، وصدق القرائة بدونها لغة وعرفا ، وإن كان عند القرّاء واجبا.

ونفى البأس في «كشف الغطاء» عن فكّ المدغم من كلمتين.

__________________

(١) النبأ : ١.

(٢) نوح : ٢٥.

٤٣٢

وأمّا إدراج الإدغام في الرسم في بعض المواضع فمع معارضته بالعدم في الأكثر مدفوع بعدم العبرة بالرسم المتعارف الذي لا شكّ في اختلافه بحسب الأعصار ، بل لا ريب في استناده أوّلا الى المصاحف العثمانيّة ، التي خولف فيها طريقة العرف مع أنّه وقع كثيرا مخالفة الرسم في المعرّف باللام وغيره.

وأمّا نسبته إلى اللغة فمع عدم ثبوتها لعلّ المراد مجرّد الجواز لا اللزوم ، بل لعلّه الظاهر.

وأمّا اتّفاق القرّاء عليه فمع الغضّ عن احتمال ارادة غير المصطلح من الوجوب ، لا ريب في أنّه إنّما يلزم متابعتهم في موادّ الحروف ، لا في هذه التصرفات التي ربّما يؤدّي إلى تغيير موادّ الأصول ، ولذا لم يقل أحد بوجوب الإدغام الكبير ، بل الظاهر من أكثر الأصحاب إختيار تركه لزوما أو احتياطا.

نعم يمكن دعوى القطع من جميع ما مرّ ، وغيره بالجواز ، بل لعلّ عليه إجماع الفقهاء أيضا ، فقضيّة الاحتياط في المقام مراعاته لارتباط المشكوك فيه بالمأمور به ، سيّما إذا وجبت القرائة الصلاة أو نذر ، أو استيجار ، أو غيرها.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ معقد الإجماعات المحكيّة ، بل ودعوى قضاء العرف واللّغة هو كلّ من الأمور الأربعة ، أعنى الإدغام في حروف «يرملون» ، والإظهار في حروف الحلق ، والقلب في الباء ، والإخفاء في البواقي.

أمّا الإدغام فهو بلا غنّة في اللام والراء ، ومع الغنّة في حروف «ينمو» الأربعة ، إلّا عن خلف (بن هشام المتوفّى ٢٢٩) في الواو والياء للقرب القريب في الأوّلين الموجب لتمحض الإدغام دون الأربعة الأخيرة فلم يذهب بغنّتها ، بل حكى في «شرح الشاطبية» عن بعضهم أنّه في الواو والياء إخفاء لا إدغام ، وإنّما يقولون له إدغام مجازا ، وإلّا فهو إخفاء على مذهب القائلين ببقاء الغنّة ، لأنّ

٤٣٣

ظهورها يمنع من تمحّض الإدغام الّا أنّه لا بدّ من تشديد يسير فيهما.

قال : وهو قول الأكابر حيث قالوا : الإخفاء ما بقيت معه الغنّة.

وأمّا عند النون والميم فهو إدغام محض ، لأنّ في كلّ واحد من المدغم والمدغم فيه غنّة ، فاذا ذهبت إحداهما بالإدغام بقيت الاخرى.

نعم هو على مذهب خلف في اللام والراء إدغام محض ، ولذا اختار ترك الغنّة فيهما ، بل هو المحكّي عن الكسائي أيضا في احدى الحكايتين.

وفي «إبراز المعاني» : أنّ في اللغة حذف الغنّة وابقاؤها جائز عند الحروف الستّة ، ثمّ إنّهم أطبقوا على وجوب إظهارها في نحو «الدنيا» و «بنيان» و «قنوان» و «صنوان» ، حذرا من الاشتباه بالمضاعف نحو حيّان ، وبوّان ، ومن اجتماع ثلاث من حروف العلّة في كلمة واحدة.

كما أنّهم أطبقوا على الإظهار في حروف الحلق ، وقلب النونين ميما عند الباء في كلمة أو كلمتين مع إظهار الغنّة على الأشهر منهم ، وعلى الإخفاء في البواقي مع بقاء غنّتهما ، لأنّها لم يستحكم فيها البعد ولا القرب عنهما ، فلمّا توسّطت أعطيت حكما وسطا بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء بلا فرق بين كونها في كلمة أو كلمتين.

خامسها : تشديد المدغم بالإدغام الصغير الذي يكون فيه أوّل الحرفين ساكنا ، وسمّى لاختصاصه ببعض الحروف ، وعدم تاثيره في إسكان المتحرّك قبل ادغامه دون الكبير الذي هو إدراج المتحرّك بعد إسكانه في المتحرّك.

ثمّ الإدغام الصغير ينقسم الى واجب ، وممتنع ، وجائز.

فالواجب ما أوجبه أئمّة الصرف بشروطه الأحد عشر المذكورة في موضعه.

٤٣٤

والممتنع هو بعض موارد اختلال الشروط حسبما أشاروا اليه.

والجائز ما تصدّى لذكره أئمّة القرّاء وينقسم الى ثلاثة أقسام :

الأوّل : إدغام حرف من كلمة عند حروف متعدّدة من كلمات.

كادغام الذال المعجمة في كلمة (إذ) في الصاد ، نحو (وَإِذْ صَرَفْنا) (١) ، والسين ، نحو (إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) (٢) ، والزاى ، نحو (وَإِذْ زَيَّنَ) (٣) ، والتاء نحو (إِذْ تَبَرَّأَ) (٤) ، والدال ، نحو (إِذْ دَخَلُوا) (٥) ، والجيم ، نحو (إِذْ جَعَلَ) (٦).

وكادغام الدال المهملة من كلمة (قد) في ثمانية أحرف : الجيم ، والصاد ، والسين ، والزاى ، والذال ، والضاد ، والشين ، والظاء ، نحو (قَدْ جَعَلَ) (٧) ، (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ) (٨).

(قَدْ سَلَفَ) (٩) ، (وَلَقَدْ زَيَّنَّا) (١٠) (وَلَقَدْ ذَرَأْنا) (١١) (قَدْ ضَلُّوا) (١٢) ، (قَدْ

__________________

(١) الأحقاف : ٢٩.

(٢) النور : ١٢.

(٣) الأنفال : ٤٨.

(٤) البقرة : ١٦٦.

(٥) الحجر : ٥٢.

(٦) المائدة : ٢٠.

(٧) مريم : ٢٤.

(٨) الفتح : ٢٧.

(٩) النساء : ٢٢ و ٢٣ ـ الأنفال : ٣٨.

(١٠) الملك : ٥.

(١١) الأعراف : ١٧٩.

(١٢) النساء : ١٦٧ ـ المائدة : ٧٧.

٤٣٥

شَغَفَها) (١) ، (لَقَدْ ظَلَمَكَ) (٢).

وإدغام تاء التأنيث في ستّة : الجيم ، والظاء ، والثاء ، والصاد ، والسين ، والزاى ، نحو (نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) (٣) و (حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) (٤) ، (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) (٥) ، (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) (٦) ، (أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (٧) ، (خَبَتْ زِدْناهُمْ) (٨).

وإدغام اللام من كلمتي (بل) و (هل) في ثمانية : التاء ، والثاء والسين ، والزاى ، والطاء ، والظاء ، والنون ، والضاد.

نحو (بَلْ تَأْتِيهِمْ) (٩) ، (هَلْ ثُوِّبَ) (١٠) (بَلْ سَوَّلَتْ) (١١) ، (بَلْ زَعَمْتُمْ) (١٢) ، (بَلْ طَبَعَ) (١٣) (بَلْ ظَنَنْتُمْ) (١٤) ، (بَلْ نَقْذِفُ) (١٥) ، (بَلْ نَحْنُ) (١٦)

__________________

(١) يوسف : ٣٠.

(٢) ص : ٢٤.

(٣) النساء : ٥٦.

(٤) الانعام : ١٤٦.

(٥) القمر : ٢٣ ـ الحاقّة : ٤.

(٦) الحجّ : ٤٠.

(٧) التوبة : ٨٦ ـ ١٢٤ ـ ١٢٧.

(٨) الإسراء : ٩٧.

(٩) الأنبياء : ٤٠.

(١٠) المطفّفين : ٣٦.

(١١) يوسف : ١٨ ـ ٨٣.

(١٢) الكهف : ٤٨.

(١٣) النساء : ١٥٥.

(١٤) الفتح : ١٢.

(١٥) الأنبياء : ١٨.

(١٦) الحجر : ١٥.

٤٣٦

(بَلْ ضَلُّوا) (١).

ولا يخفى أنّ هذه المواضع المذكورة ، وغيرها من الموارد التي لم نتعرّض لها كلّها مما وقع فيه الخلاف عندهم.

نعم ممّا أجمعوا عليه إدغام ذال كلمة (إذ) في نحو (إِذْ ذَهَبَ) (٢) و (إِذْ ظَلَمْتُمْ) (٣).

وإدغام كلمة (قد) في (قَدْ دَخَلُوا) (٤) و (قَدْ تَعْلَمُونَ) (٥).

وإدغام تاء التأنيث في (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) (٦) ، (أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) (٧) ، (فَآمَنَتْ طائِفَةٌ) (٨).

وإدغام لام كلمة (هل) و (بل) في (هَلْ لَنا) ، وفي (بَلْ لا تُكْرِمُونَ) (٩) ، «هل رأيتم» ، (بَلْ رانَ) (١٠).

وإدغام لام كلمة (قل) في (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ) (١١).

بل قال الشاطبيّ تعميما للحكم :

__________________

(١) الأحقاف : ٢٨.

(٢) الأنبياء : ٨٧.

(٣) الزخرف : ٣٩.

(٤) المائدة : ٦١.

(٥) الصفّ : ٥.

(٦) البقرة : ١٦.

(٧) يونس : ٨٩.

(٨) الصفّ : ١٤.

(٩) الفجر : ١٧.

(١٠) المطففين : ١٤.

(١١) الإسراء : ٨٨.

٤٣٧

وما أوّل المثلين فيه مسكّن

فلا بدّ من إدغامه متمثلا (١)

وفي شرحه المسمّى «إبراز المعاني» : كلّ مثلين التقيا ، وأوّلهما ساكن فواجب إدغامه في الثاني لغة ، وقراءة ، سواء كان ذلك في كلمة ، نحو (يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) (٢) ، (يُوَجِّهْهُ) (٣) ، أو في كلمتين نحو (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ) (٤).

ولا يخرج من هذا العموم إلّا حرف المدّ ، نحو (قالُوا وَأَقْبَلُوا) (٥) ، (فِي يَوْمَيْنِ) (٦) ، فإنّه يمدّ عند القرّاء ولا يدغم.

بل قد ادّعى عليه الإجماع جماعة منهم أبو على الأهوازى قال : المثلان إذا اجتمعا ، وكانا واوين قبل الاولى منهما ضمّة ، أو ياءين قبل الاولى منهما كسرة فإنّهم أجمعوا على أنّهما يمدّان قليلا ، ويظهران بلا تشديد ولا إفراط ، مثل (آمَنُوا وَعَمِلُوا) (٧) ، (فِي يُوسُفَ) (٨) (فِي يَتامَى) (٩).

قال : وعلى هذا وجدت أئمّة القرائة في كلّ الأمصار ، ولا يجوز غير ذلك ، فمن خالف هذا فقد غلط في الرواية ، وأخطأ في الدراية.

قال : وأمّا الواو وإذا انفتح ما قبلها وأتى بعدها واو من كلمة أخرى فإنّ عدم

__________________

(١) حرز الأمانى المعروف بالشاطبية ص ٢٣.

(٢) النساء : ٧٨.

(٣) النحل : ٧٦.

(٤) البقرة : ٦٠.

(٥) يوسف : ٧١.

(٦) البقرة : ٢٠٣.

(٧) البقرة : ٢٥.

(٨) يوسف : ٧.

(٩) النساء : ١٢٧.

٤٣٨

إدغامها حينئذ إجماعيّ مثل (عَصَوْا وَكانُوا) (١) (آوَوْا وَنَصَرُوا) (٢) ، (ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا) (٣) ونحو ذلك.

وذكر أنّ بعض شيوخنا خالف في هذا.

وأمّا في (مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) (٤) ، فقد اختلفوا فيه ، والمختار عندهم الوقف.

وأمّا إذا كان الحرفان في كلمة واحدة مختلفتين ، إلّا أنّهما من مخرج واحد ، نحو (حَصَدْتُمْ) (٥) (وَإِنْ عُدْتُمْ) (٦) (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ) (٧) و (إِنْ طَرَدْتُهُمْ) (٨) ، فالمحكيّ عن بعضهم وجوب الإدغام أيضا لكونهما من مخرج واحد في كلمة واحدة.

الثاني من أقسام الإدغام الصغير الجائز : هو إدغام حروف آخر غير ما ذكر من الّتى قربت مخارجها :

كإدغام الباء في خمسة مواضع : (أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ) (٩) (إِنْ تَعْجَبْ

__________________

(١) البقرة : ٦١.

(٢) الأنفال : ٧٢.

(٣) المائدة : ٩٣.

(٤) الحاقة : ٢٩.

(٥) يوسف : ٤٧.

(٦) الإسراء : ٨.

(٧) المرسلات : ٢٠.

(٨) هود : ٣٠.

(٩) النساء : ٧٤.

٤٣٩

فَعَجَبٌ) (١) ، (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ) (٢) (اذْهَبْ فَمَنْ) (٣) (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ) (٤).

ولبعضهم خلاف في (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ) (٥).

وكإدغام اللام المجزومة في الذال المعجمة في قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) في ستّة مواضع في القرآن (٦) ، بخلاف غير المجزومة نحو (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ) (٧).

وإدغام الفاء المجزومة في الباء نحو (نَخْسِفْ بِهِمُ) (٨).

وإدغام الذال المعجمة في التاء في قوله : (عُذْتُ) (٩) (فَنَبَذْتُها) (١٠).

وإدغام الراء في اللّام ، نحو (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ) (١١) (أَنِ اشْكُرْ لِي) (١٢) (يَغْفِرْ لَكُمْ) (١٣).

__________________

(١) الرعد : ٥.

(٢) الحجرات : ١١.

(٣) الإسراء : ٦٣.

(٤) طه : ٩٧.

(٥) الحجرات : ١١.

(٦) البقرة : ٢٣١ ـ آل عمران : ٢٨.

(٧) البقرة : ٨٥.

(٨) سبأ : ٩.

(٩) غافر : ٢٧ ـ الدخان : ٢٠.

(١٠) طه : ٩٦.

(١١) الطّم : ٤٨ ـ الطور : ٤٨.

(١٢) لقمان : ١٤.

(١٣) آل عمران : ٣١.

٤٤٠