تفسير الصراط المستقيم - ج ٢

آية الله السيّد حسين البروجردي

تفسير الصراط المستقيم - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد حسين البروجردي


المحقق: الشيخ غلامرضا بن علي أكبر مولانا البروجردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

أقرب الى الدوام ، وأبعد عن الالتيام والالتحام ، ولذا قيل : جراحات السنان لها التيام ولا يلتام ما جرح اللسان.

وفي «الصحاح» : الكلم الجراحة ، والجمع كلوم وكلام ، تقول كلمته كلما قال : وقرأ بعضهم (١) : دابة من الأرض تكلمهم (٢) ، أي تجرحهم ، وتسمهم ، لكنّه اشتقاق بعيد كما نبّه عليه نجم الأئمة (٣) وغيره ، وأبعد منه ما يتوهم من اشتقاقها من الكلام بالضم.

قال في القاموس : إنّه الأرض الغليظة ، وربّما يفسّر بالقوت ، قيل ومنه قولهم : شغلنا الكلام عن الكلام.

وأمّا الحرف ، فهو في الأصل بمعنى الطرف ، والنهاية ، والحدّ ، والشفير ، ومنه حرف الجبل ، وهو أعلاه المحدد ، وحرف لشفيره ، وقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) (٤) ، أي على وجه واحد ، وهو أن يعبده على السراء دون الضراء ، أو في العلانية دون السر ، أو باللسان دون الجنان ، فإن الدين حرفان ، أو على ضعف في العبادة ، كضعف القائم على حرف ، أي طرف جبل ، الى غير ذلك ممّا يؤول إلى ما مرّ ، نعم قد غلب عرفا على هذه المسموعات التي

__________________

(١) المراد به ابن زرعة الذي قرأ تكلمهم بتخفيف اللام على ما صرح به الطبرسي مجمع البيان ج ص ٢٣٢.

(٢) النمل : ٨٢.

(٣) نجم الأئمة محمد بن الحسن الرضي الإسترابادي : محقق ، مدقق من نوادر الزمان من الإمامية له مصنفات رائعة فائقة منها : «شرح الكافية لابن الحاجب» في النحو و «شرح مقدمة ابن الحاجب المسماة بالشافية في علم الصرف» و «شرح القصائد السبعة لابن أبي الحديد» توفي نحو ٦٨٦ ه‍. خزانة الأدب للبغدادي ج ١ ص ١٢ والأعلام ج ٧ ص ٣١٧.

(٤) الحج : ١١.

١٦١

يقال لها حروف المعجم ، وربما يعرّف بأنه كيفية للصوت بها يمتاز الصوت عن صوت آخر مثله في الحدّة والثقل تمييزا في المسموع ، والتقييد بالمثليّة في الوصفين ، لإخراجهما إذ لا يمتاز بشيء من الحدة أي الزيرية والثقل أيّ البميّة صوت يماثله فيهما وإن كانا كيفيتين للصوت ، وبالتميز في المسموع لإخراج الغنّة التي تظهر من تسريب الهواء بعضا الى الأنف وبعضا الى الفم مع انطباق الشفتين والبحوحة التي هي للصوت الخارج من الحلق وغيرهما من طول الصوت وقصره ، وكونه طيبا وغيره ، فإن شيئا من ذلك لا يوجب التميز في المسموع. ولذا قد تختلف هذه الأمور والمسموع واحد ، وقد تتّحد والمسموع هو الحروف خاصة لا تلك الكيفيات ، وهو لا يخلو عن تأمل.

نعم قد يقسّم الحروف الى زمانية صرفة وهي ما يمكن تمديدها بلا توهّم تكرار كالفاء والقاف والشين ، وكالحروف المصوّتة المشهورة بحروف المدّ واللين المقابلة للصوامت التي هي ما سواها ، وإلى آنيّة صرفة كالباء والطاء ، والدال ، وغيرها من الصوامت التي لا يمكن تمديدها أصلا ، فإنّها لا توجد إلّا في آخر زمان حبس النفس ، كما يشهد به التكلّم بها ـ ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ، ولذا قيل : إنّ تسميتها بالحروف أولى من تسمية غيرها ، لأنّها أطراف الصوت ، وقد سمعت أنّ الحرف هو الطرف ، والى آنيّة تشبه الزمانيّة وهي أن تتوارد أفراد آنيّة مرارا فيظنّ أنّها فرد واحد زماني كالراء والحاء ، والخاء ، حيث إنّ الغالب على النطق أن الراء التي في آخر الدار مثلا راأت متوالية كل واحد منها آنيّ الوجود ، إلّا أن الحسّ لا يشعر بامتياز أزمنتها ، فظنّها حرفا واحدا زمانيا.

ومن هنا يعترض على التعريف المتقدم بعدم شموله للحروف الآنيّة نظرا الى أنّها لا توجد إلا في الآن الذي هو بداية زمان الصوت أو نهايته ، فلا تكون

١٦٢

عارضة له حقيقة ، لأنّ العارض يجب أن يكون موجودا مع المعروض ، وهي لا توجد مع الصوت الذي هو زماني.

وأجيب بأنّ عروضها للصوت على نحو عروض الآن للزمان ، والنقطة للخطّ يعني أن عروض الشيء للشيء قد يكون بحيث يجتمعان في الزمان ، وقد لا يكون ، وحينئذ يجوز أن يكون كلّ واحد من الحروف الآنيّة طرفا للصوت عارضا له عروض الآن للزمان ، فيندفع الإشكال.

أقول : وفي كلّ من الاعتراض والجواب نظر.

أمّا في الأول فللمنع من كون هذه الحروف آنيّة حقيقية ، والتسمية باعتبار الإضافة ، سلّمنا لكن عروض الكيفية إنّما هو لأجزاء الصوت أوعيتها زمانا ، وأنا ، ومنه يظهر الحقّ في الجواب.

وأمّا في الثاني فلأن النقطة مجرّد نهاية للخطّ ، وهذا كيفية للنهاية ، والفرق واضح جدا ، نعم تعريف الحرف بالهيئة العارضة إنما هو المشهور عند الحكماء ، وأمّا أهل العربية ، بل العرف العام فالظاهر منهم إطلاقه على مجموع العارض والمعروض كما لا يخفى.

ثمّ إنّه حكى في «المصباح المنير» عن الفرّاء ، وابن السكّيت أنّ حروف المعجم جميعها مؤنثة ، ولم يسمع التذكير في شيء من الكلام ، وأنّه يجوز تذكيرها في الشعر.

وعن ابن الأنباري (١) التأنيث في حروف المعجم عندي على معنى الكلمة

__________________

(١) ابن الأنباري محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار : من أعلم أهل زمانه بالأدب واللغة ، ومن أكثر الناس حفظا للشعر والأخبار ، قيل : كان يحفظ ثلاثمئة ألف شاهد في القرآن ، ولد في

١٦٣

والتذكير على معنى الحرف.

وعن البارع (١) أنّ الحروف مؤنثة إلّا أن تجعلها اسما فعلى هذا يجوز أن يقال هذا جيم ، وما أشبهه.

__________________

الأنبار (على الفرات) سنة ٢٧١ ه‍ وتوفي ببغداد سنة ٣٢٨ وكان يتردد الى أولاد الخليفة الراضي بالله ، يعلّمهم ، له مصنّفات منها «الزاهر» في اللغة و «شرح معلقة عنترة» و «الأمثال» و «الأضداد» و «غريب الحديث» وهو أجلّ كتبه : قيل أنه ٤٥٠٠٠ ورقة.

ـ وفيات الأعيان ج ١ ص ٥٠٣ وتذكرة الحفاظ ج ٣ ص ٥٧ ـ والأعلام ج ٧ ص ٢٢٦.

(١) البارع البغدادي الحسين بن محمد بن عبد الوهاب من بني الحارث بن كعب من علماء النحو واللغة وهو من بيت وزارة ولي بعض جدوده وزارة المعتضد والمكتفي العبّاسيين ، له ديوان شعر وكتب في الأدب ومن شعره :

أفنيت ماء الوجه من طول ما

أسأل من لا ماء في وجهه

أنهي إليه شرح حالي الذي

يا ليتني متّ ولم أنهه

ولد البارع في بغداد ٤٤٣ وعمي في آخر عمره وتوفي سنة ٥٣٤. وفيات الأعيان ج ١ ص ١٥٨ ، أنباء الرواة ج ١ ص ٣٢٨ ، الأعلام ج ٢ ص ٢٨٠.

١٦٤

الفصل الخامس

في عدد الآيات والكلمات والحروف

اختلفوا في تعيين عدد آيات القرآن الكريم على أقوال بعد اتفاقهم في الجملة على أنها لا تقصر عن ستّة آلاف ومائتي آية وشيء زائد ، فاختلافهم في تعيين شيء زائدا ، والأقوال المختلفة لا ترجع إلى إثبات بعض الآيات ورفعها رأسا ، بل الى عدّ بعض الآية آية.

فعن المكّيين أن القدر الزائد ستّ عشر آية ، وقيل تسع عشر آية ، وقيل اثنتي عشرة آية وعن المدنيّتين إحدى عشر آية ، والأكثر على أنّها عندهم سبع عشر آية ولعل نسبة الأوّل إليهم وهم ، وعن البصريين أربع آيات ، وقيل ثلاث آيات ، وقيل خمس آيات ، وربّما يقال : إنّ بناء مصاحفهم على الأوّل ، وعن الشاميين سبع وعشرون ، وقيل تسع وعشرون ، والمحكي عن إبراهيم (١) التميمي نقصان واحدة عن المائتين ، وعن الكوفيين خمس وثلاثون ، وفي «برهان القارى» حكاية عن بعض البارعين في هذا الشأن أنّها في عددهم ستّ وثلاثون ، وربما ينسب إليهم غير ذلك ، بل فيه أنّ الزيادة عند المدني الأوّل سبع عشر آية ،

__________________

(١) إبراهيم بن يزيد التميمي أو التميمي عدّه ابن قتيبة من الشيعة وذكره الشيخ في رجال السجّاد عليه‌السلام مات على عهد الحجّاج سنة ٩٥ ه‍ ولم يحضر جنازته أحد خوفا منه إلّا سبعة أنفس.

١٦٥

وعند المدني الأخير ، وهو إسماعيل (١) بن جعفر المدني أربع عشر آية الى غير ذلك من الأقوال التي لا طائل تحت التعرض لها لعدم الدليل على شيء منها.

ثم روى شيخنا الطبرسي في «المجمع» في تفسير سورة الإنسان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ جميع سور القرآن مائة وأربع عشر سورة ، وجميع آيات القرآن ستّة آلاف آية ومأتي آية وستّ وثلاثون آية ، وجميع حروف القرآن ثلاثمئة ألف وأحد وعشرون ألف حرف ومائتا وخمسون حرفا (٢).

أقول : ومن هنا يظهر صحّة عدد الكوفيين سيّما مع ملاحظة ما ذكره في أول «المجمع» من أن عدد الكوفيين أصح الأعداد وأعلاها إسنادا لأنّه مأخوذ عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : وتعضده الروايات الواردة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : فاتحة الكتاب سبع آيات إحداهنّ بسم الله الرحمن الرحيم ، قال : وعدد أهل المدينة منسوب الى أبي جعفر (٣) يزيد بن القعقاع القارئ ، وشيبة بن نصاح (٤) ، وهما المدني الأول ، والى إسماعيل بن جعفر وهو المدني الأخير ،

__________________

(١) إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري أبو إبراهيم : قارئ أهل المدينة في عصره من موالي بني زريق من الأنصار رحل الى بغداد ، وتولى تأديب على بن المهدي ، ولد سنة ١٣٠ هو توفي سنة ١٨٠ ه‍. تاريخ بغداد ج ٦ ص ٢١٨ ، الأعلام ج ١ ص ٣٠٨.

(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٠٦.

(٣) أبو جعفر القارئ يزيد بن القعقاع المخزومي المدني أحد القراء العشرة من التابعين كان إمام أهل المدينة في القراءة ، وعرف بالقارئ وكان من المفتين المجتهدين ، توفّي بالمدينة سنة ١٣٢ ه‍ وفيات الأعيان ج ٢ ص ٢٧٨ ، الأعلام ج ٩ ص ٢٤١.

(٤) شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب المخزومي المدني ، قاضي المدينة وإمام أهلها في القراآت ، وكان من ثقات رجال الحديث. توفي سنة ١٣٠ ه‍.

تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٣٧٧ ، الأعلام ج ٣ ص ٢٦٤.

١٦٦

وقيل : المدني الأول هو الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وعبد الله بن عمر (١) والمدني الأخير هو أبو جعفر ، وشيبة بن إسماعيل ، والأوّل أشهر ، وعدد أهل البصرة منسوب الى عاصم بن أبي الصباح الجحدري (٢) وأيّوب بن المتوكّل (٣) لا يختلفان إلّا في آية واحدة في ص قوله : (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (٤) ، عدها الجحدري ، وتركها أيّوب ، وعدد أهل مكة منسوب الى مجاهد (٥) بن جبير ، والى إسماعيل المكّي (٦) ، وقيل لا ينسب الى أحد ، بل وجد في مصاحفهم على رأس كلّ آية ثلاث فقط ، وعدد أهل الشام منسوب الى عبد الله بن عامر (٧) ، ثمّ قال : والفائدة في معرفة آي القرآن أنّ القارئ إذا عدّها بأصابعه كان أكثر ثوابا ، لأنه

__________________

(١) عبد الله بن عمر بن الخطّاب : صحابي نشأ في الإسلام ، وهاجر الى المدينة مع أبيه ، وشهد فتح مكة ، ولد في مكة سنة ١٠ قبل الهجرة وكفّ بصره في آخر حياته وتوفّي سنة ٧٣ ه‍. بمكة ، وهو آخر من توفي بمكّة من الصحابة ، له في كتب الحديث ٢٦٣٠ حديثا.

تهذيب الأسماء ج ١ ص ٢٧٨ ـ وفيات الأعيان ج ١ ص ٢٤٦ ـ الأعلام ج ٤ ص ٢٤٦ ـ.

(٢) عاصم بن أبي الصباح الجحدري المقرئ البصري المتوفي (١٢٨). غاية النهاية ج ١ / ٣٤٩.

(٣) أيّوب بن المتوكّل الأنصاري المقرئ البصري المتوفّى (٢٠٠) ه. غاية النهاية ج ١ / ١٧٢.

(٤) ص : ٨٤.

(٥) مجاهد بن جبير ، أو جبر أبو الحجّاج المقرئ المفسّر المكّى المتوفّى (١٠٣).

غاية النهاية ج ٢ ص ٤١ ، حلية الأولياء ج ٣ ص ٢٧٩ ، الأعلام ج ٦ ص ١٦١ ـ.

(٦) إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين قارئ مكة من أصحاب ابن كثير قرأ عليه الشافعي ، مات سنة ١٩٠ ه‍ وهو المعروف بالقسط.

(٧) عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي أحد السبعة ولّي قضاء دمشق في خلافة الوليد ابن عبد الملك ، ولد في البلقاء في قرية «رحاب» سنة ٨ من الهجرة وانتقل الى دمشق بعد فتحها ، يقال : أنه أخذ القراءة عن معاوية وهو غلط فإنّ معاوية أظهر الإسلام عام الفتح وكان من الطلقاء ثم كان من الأمراء وأصحاب السياسة وتعليم القرآن بعيد من مثله وانّما نسبوه إليه تشريفا له ، وإنّما أخذ عن الواثلة بن الأسقع وفضالة بن عبيد ـ توفي بدمشق عام ١١٨ ه‍.

تهذيب التهذيب ج ٥ ص ٢٧٤ ، الأعلام ج ٤ ص ٢٢٨ ، فهرس مشاهير القرّاء.

١٦٧

قد شغل بالقرآن يده مع قلبه ولسانه ، وبالحريّ أن تشهد له يوم القيامة فإنّها مسئولة ، ولأن ذلك أقرب الى التحفظ فإنّ القارئ لا يأمن السهو ، وقد روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : تعاهدوا القرآن فإنّه وحشيّ ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض النساء اعقدن بالأنامل فإنّهن مسئولات ، ومستنطقات ، وقال حمزة بن حبيب (١) وهو أحد القرّاء السبعة إنّ العدد مسامير القرآن (٢).

أقول : أمّا الفائدة في معرفة الآيات فلعلّه يكفي فيها ما سمعت ، بل قد تظهر أيضا في مثل النذر ، والاستيجار للتعليم ، أو للقراءة ، وقراءة الجنب ، وأختيه لسبع آيات المحكم بكراهة ما زاد عليها ، واشتدادها فيما زاد على السبعين ، هذا مضافا الى الفضل المترتّب على أعداد الآيات ، فضلا عمّا يترتب على الحروف والكلمات ، كما ورد في النبوي : أنّ من قرأ مائة آية لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من القانتين ، ومن قرأ ثلاثمئة آية لم يحاجّه القرآن (٣). وأنه ينبغي أن يقرأ في الوتيرة بعد العشاء مائة آية (٤) ، وأنّ من قرأ مائة آية يصلّي بها في ليلة كتب الله له بها قنوت ليلة ، ومن قرأ مائتي آية في غير صلاة الليل كتب الله له في اللوح قنطارا من الحسنات ، والقنطار ألف ومائتا أوقيّة ، والأوقيّة أعظم من

__________________

(١) حمزة بن حبيب الزيّات كان عالما بالقرآن والقراءات ، قال الثوري : ما قرأ حمزة حرفا من كتاب الله إلّا بأثر ، ولد سنة ٨٠ وتوفي سنة ١٥٦ ويأتي ترجمته مفصّلا.

ـ تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٢٧ ، الأعلام ج ٢ ص ٣٠٨.

(٢) مجمع البيان مقدمة الكتاب ـ الفن الأول في تعداد آي القرآن.

(٣) معاني الأخبار للصدوق ص ٤١٠ قال بعد نقل الحديث : يعني من حفظ قدر ذلك من القرآن ، يقال قد قرأ الغلام القرآن إذا حفظه.

(٤) مصباح المتهجد ص ٨١ : يستحب أن يقرأ فيهما (الركعتين للوتيرة) مائة آية من القرآن وروي في فلاح السائل ص ٢٥٩ عن الصادق عليه‌السلام قال : كان أبي يصلّي بعد عشاء الآخر ركعتين وهو جالس يقرأ فيهما مائة آية.

١٦٨

جبل أحد (١) ، وأنّ درجات الجنة على قدر آيات القرآن يقال له : اقرأ وأرق ، بل قد يعدّ الوقف على خصوص الآيات من الترتيل المندوب إليه ، ولذا ورد (٢) أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقطع قراءته آية آية (٣).

وأمّا سبب الاختلاف فيها مبني على اختلاف أنظارهم كغيره من الاختلافات الكثيرة الواقعة في الموادّ والهيئات المستندة إليها ، أو الى اختلاف المصاحف ، نعم ذكر في «برهان القارئ» تبعا لهم أنّ الموجب هو النقل والتوقيف ، قال ويؤيّده ما رواه عاصم عن ذرّ عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : اختلفنا في سورة من القرآن ، فقال بعضنا ثلاثين ، وقال بعضنا اثنتين وثلاثين ، فأتينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبرناه فتغيّر لونه ، فأسرّ الى علي بن أبي طالب عليه‌السلام بشيء ، فالتفت إلينا عليّ عليه‌السلام فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمركم أن تقرأوا القرآن كما علّمتموه (٤) ، قال وفي هذا دليل على أن العدد راجع الى التعليم ، وفيه أيضا دليل على تصويب العددين.

أقول بل لعلّ الأظهر فيه على فرض صحّة الخبر أنّ العدد الحقّ هو ما أسرّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام إرشادا لهم الى سؤاله والأخذ منه ، حيث إنّه عليه‌السلام باب مدينة حكمته عليه‌السلام وحيث إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله علم أنّ الناس لا يأتون البيوت من

__________________

(١) معاني الأخبار ص ١٤٧ عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) أمالي الصدوق ص ٢١٦ عن الصادق عليه‌السلام.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٨ عن أمّ سلمة.

(٤) روى أحمد بن حنبل وابن بطة وأبو يعلى في مصنفاتهم عن الأعمش عن أبي بكر ابن أبي عيّاش في خبر طويل : أنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف ، فاختلفا في قراءتهما فقال ابن مسعود : هذا الخلاف ما أقرأه فذهبت بهما الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فغضب وعلىّ عنده فقال علي عليه‌السلام : رسول الله يأمركم أن تقرأوا ما علّمتم. بحار الأنوار ج ٩٢ ص ٥٣ ط ط. الآخوندي بطهران.

١٦٩

الأبواب أمرهم بالقراءة كما علّموا ، وفي معناه ما روي عن مولانا الصادق عليه‌السلام اقرأوا كما علّمتم حتى يجيء من يعلّمكم (١).

وأمّا الكلمات القرآنية فقد يقال : إنّ مجموعها عند الجميع سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وشيء زائد اختلفوا في تعيينه ، فعند البصريين أربع وستّون ، وعند الكوفيين والشاميين ثلاثون ، وعن أهل الحرمين تسع وثمانون ، وربما يحكى عن الكوفيّين خمسون ، وعن حميد بن الأعرج عشرون ، وعن إبراهيم التميمي تسع وتسعون ، وعن عطاء تسع وثلاثون ، وعن عبد العزيز ست وثلاثون ، وعن البصريين سبع وثلاثون الى غير ذلك من الأقوال الكثيرة التي لا طائل تحت التعرّض لها فضلا عن الترجيح بينها ، نعم في «برهان القارئ» : عدّدنا الكلمات فكانت اثنتين وسبعين ألفا ، ولعلّه سهو منه ، وكان منشأ الاختلاف في الأعداد هو الاختلاف في تعيين الكلمات ، نعم في «جواهر التفسير» : أنّ أقصرها حرفان ، كمن و (عن) و (ما) و (لا) ، وإن جاء كثير من حروف المعاني على حرف واحد كواو العطف وهمزة الاستفهام ، والباء الجارّة لكنّها لمّا لم يتنطق بها مفردة لم يعتبروها رأسا ، وأطولهما عشرة أحرف مثل : (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) (٢). وأمّا قوله : (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) (٣) فهو وإن كان في اللفظ أحد

__________________

(١) في الكافي بإسناده عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه‌السلام وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ـ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام كفّ عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عزوجل على حدّه إلخ. الكافي كتاب فضل القرآن باب النوادر حديث ٢٣. وفيه أيضا عن سفيان بن السمط قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن تنزيل القرآن قال عليه‌السلام : اقرءوا كما علمتم. المصدر السابق ج ٢ ص ٦٣١.

(٢) النور : ٥٥.

(٣) الحجر : ٢٢.

١٧٠

عشر حرفا لكنّه في الرسم عشرة.

أقول : وفيه تأمل إذ الملفوظ أولى بالاعتبار ، بل الأظهر موافقة المكتوب له. وأمّا أعداد حروف القرآن فهي ثلاثمأة واحد وعشرون ألفا وشيء ، زائدا اختلفوا في تعيينه ، فعن أهل الحرمين مائتان وخمسون ، وعن البصريين مائتان ، وعن الكوفيين مائة وثمانون ، وعن الشامي مثله بزيادة ثمانية ، وربّما يحكى عن مجاهد مائة وعشرون وعن غيره أقوال أخر ربما تزيد على ما سمعت بكثير لكنّه لا داعي للتعرّض لها سيّما بعد ما سمعت في النبوي المحكي عن «مجمع البيان» أنّ جميع حروف القرآن ثلاثمئة ألف وأحد وعشرون ألف وعشرون ألف حرف ومائتان وخمسون حرفا ، وهو الموافق للمحكيّ عن أهل الحرمين.

ثمّ أنّه قد روى عن مولانا الصادق عليه‌السلام أنّ من تعلّم من القرآن حرفا كتب الله له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ، ثمّ قال عليه‌السلام لا أقول : بكلّ آية ، ولكن بكلّ حرف (باء) أو (تاء) أو شبههما ، قال : ومن قرأ حرفا وهو جالس في صلاة كتب الله له به خمسين حسنة ، ومحى عنه خمسين سيئة ، ورفع له خمسين درجة ، ومن قرأ حرفا وهو قائم في صلاته كتب الله له مائة حسنة ، ومحى عنه مائة سيئة ، ورفع له مائة درجة الخبر. (١)

وعلى هذا فيكتب لمن تكلّم كلّ القرآن مضروب العدد المذكور على عشرة وهو ثلاثة آلاف ومائتان واثنتي عشر ألفا وخمسمائة حسنة (٣٢١٢٥٠٠) ويمحي عنه بهذا العدد من السيئة وترفع له بهذا العدد درجة ، ولمن قرأه وهو جالس في صلاة مضروبة في خمسين ، وهو ستّة عشر ألف ألف واثنان وستّون

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ٤ ص ٨٤١ ح ٧٦٩٦.

١٧١

ألفا وخمسمائة (١٦٠٦٢٥٠٠) بالنسبة الى كلّ من الثلاثة ، ولمن قرأه قائما فيها مضروبة في مائة ، وهو اثنان وثلاثون ألف ألف ومائة وخمسة وعشرون ألفا (٣٢١٢٥٠٠٠) ، والله يرزق من يشاء بغير حساب ، ثمّ إنّ أكثر الحروف دورانا في الكتاب العزيز ، بل في مطلق الكلام هو الألف حتى لا يكاد يخلو منها شيء من الكلام القصير ، فضلا عن الخطب والكتب الطويلة ، وإن أنشد مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام خطبة طويلة خالية منها على وجه الارتجال وليس ببدع من غرائبه البديعة روحي له الفداء ، أوّلها : حمدت من عظمت منّته ، وسبقت غضبه رحمته ، وتمّت كلمته ونفذت مشيّته ، الخطبة بطولها (١) كما أنّه عليه‌السلام أنشد خطبة طويلة (٢) خالية من النقط مع كثرة دورانها في الكلام ، أولها : الحمد لله الملك المحمود ، المالك الودود ، وقال كلّ مطرود ، الخطبة بطولها وربّما يروى عنه عليه‌السلام خطبة أخرى في ذلك كما رواه ابن شهر آشوب في «المناقب» قال : روى الكلبي عن أبي صالح ، وأبو جعفر بن بابويه بإسناده عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام :

أنّه اجتمعت الصحابة فتذاكروا أنّ الألف أكثر دخولا في الكلام فارتجل الخطبة المونقة.

أوّلها : حمدت من عظمت إلخ ثم ارتجل خطبة أخرى من غير النقط التي أولها : الحمد لله أهل الحمد ومأواه ، أؤكد الحمد وأحلاه ، وأسرع الحمد وأسراه وأطهر الحمد وأسماه ، وأكرم الحمد وأولاه الى آخرها (٣) ، قال : وقد أوردتهما في

__________________

(١) الوافي للفيض القاساني ج ٢ ص ٢٦٥ ط. الإسلاميّة بطهران.

(٢) هذه الخطبة مرويّة بطرق عديدة ورواها العلّامة المجلسي في المجلّد السابع عشر من البحار من مصباح الكفعمي باختلاف شديد وقال في المجلّد التاسع منه : وروى الكلبي عن أبي صالح إلخ.

(٣) مناقب آل طالب ج ٢ ص ٤٨ ط. المطبعة العلمية بقم.

١٧٢

«المخزون المكنون».

وبالجملة فجميع الألفات المذكورة في القرآن على قول عبد العزيز المزني الذي قيل أنّه أشهر الأقوال ثمانية وأربعون ألفا وثمانمأة (٤٨٨٠٠) ، وهو أكثر الحروف دورانا في الكتاب العزيز كما أقلها الظاء المشالة ، وعدة ما ورد منها فيه اثنان وثمانمائة (٨٠٢) ، وغيرهما متوسطات في ذلك مضبوطة الأعداد عند المعتنين بهذا الشأن (١).

تم الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث

أوّله : علم القرآن مخزون عند أهل البيت عليهم‌السلام

__________________

(١) قال النراقي في الخزائن في بيان حروف القرآن : الألف (٤٨٨٠٠) الباء (١١٢٠٠) الناء (١٠١٩٩) الثاء (٩٢٧٦) الجيم (٣٢٧٣) الحاء (٣٩٣٩) الخاء (٢٤١٨) الدال (٥٣٤٢) الذال (٤٣٩٩) الراء (١١٧٩٣) الزاء (١٥٩٠) السين (٥٨٩١) الشين (٢٢٥٣) الصاد (٢٠٨١) الضاد (٢٦٧٤) الطاء (٢٢٧٤) الظاء (٨٤٢) العين (٩٠٢٠) الغين (٢٢٠٨) الفاء (٨٤٧٠) القاف (٦٨١٣) الكاف (١٠٣٥٤) اللام (٣٣٥٢٢) الميم (٢٦٠٣٥) النون (٢٦٥٦٥) الواو (٢٥٥٣٦) الهاء (٩٠٧٠) الياء (٢٥٩١٩).

الخزائن لأحمد النراقي ص ٢٧٥.

١٧٣
١٧٤

الباب الثامن

في أنّ علم القرآن مخزون

عند أهل البيت

١٧٥
١٧٦

اعلم أنّ علم القرآن مخزون عند أهل البيت عليهم‌السلام وهو ممّا قضت به ضرورة المذهب ، بل الدين لو لا متابعة الأهواء الباطلة ، بل يظهر ذلك من التأمّل في كثير من الآيات كقوله تعالى :

(فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) (١).

وقوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٢).

وقوله تعالى : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٣).

وقوله تعالى : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (٤).

وقوله تعالى : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) (٥).

وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) (٦).

إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة المفسّرة في أخبار الفريقين بهم عليهم‌السلام ، بل

__________________

(١) العنكبوت : ٤٧.

(٢) آل عمران : ٧.

(٣) الرعد : ٤٣.

(٤) العنكبوت : ٤٩.

(٥) الجاثية : ٢٩.

(٦) الأعراف : ١٧٠.

١٧٧

قد ورد في أخبار متواترة معنى ، وإن لم تكن ألفاظها متواترة ، أنّها نزلت فيهم ، وأنّهم المخصوصون بها ، مع دلالة تلك الأخبار على تمام المقصود أيضا.

ففي «تأويل الآيات» و «المناقب» و «تفسير العيّاشي» عن الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) (١) قال عليه‌السلام : هم آل محمد صلوات الله عليهم. (٢)

وفي «البصائر» عن أبي عبد الله عليه‌السلام : نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله. (٣)

وفيه ، عن أحدهما في هذه الآية قال : إنّ الراسخين في العلم هم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرسول الله أفضل الراسخين في العلم قد علّمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزّل عليه شيئا لم يعلّمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه. (٤)

وفيه ، عن يعقوب بن جعفر ، قال : كنت مع أبي الحسن عليه‌السلام بمكّة ، فقال له رجل : إنّك لتفسّر من كتاب الله ما لم نسمع به ، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : علينا نزل قبل الناس ، ولنا فسّر قبل أن يفسّر في الناس ، فنحن نعرف حلاله وحرامه ، وناسخه ومنسوخه ، وسفريّه وحضريّه ، وفي أيّ ليلة نزلت كم من آية ، وفيمن نزلت وفيما نزلت ، فنحن حكماء الله في أرضه ، وشهداؤه على خلقه ، وهو قول

__________________

(١) العنكبوت : ٤٧.

(٢) تأويل الآيات الظاهرة ص ٤٢٣ ، المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٤٨٥.

(٣) بصائر الدرجات ص ٥٦ ، بحار الأنوار ج ٢٣ ص ١٩٩ ح ٣١.

(٤) بصائر الدرجات ص ٥٦ ، بحار الأنوار ج ٢٣ ص ١٩٩ ح ٣٣.

١٧٨

الله تبارك وتعالى : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (١) فالشهادة لنا والمسألة للمشهود عليه ... إلخ (٢).

وفي «المناقب» عن تفسير الثعلبي ، قال علي عليه‌السلام في قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) (٣) : نحن أهل الذكر. (٤)

وعن «إبانة» أبي العبّاس الفلكي عنه عليه‌السلام : «ألا إنّ الذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن أهله ، ونحن الرّاسخون في العلم ، ونحن منار الهدى ، وأعلام التقى ، ولنا ضربت الأمثال» (٥).

وفي «الكافي» و «تفسير العيّاشي» ، و «تأويل الآيات» ، عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (٦) ، قال عليه‌السلام : «هم الأئمّة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٧).

وفي «البصائر» وغيره أخبار كثيرة جدّا في معناه ، وفي كثير منها : «إيّانا عنى ، وعليّ أوّلنا وخيرنا» (٨) ، وفي بعضها : «هم الأئمّة خاصّة» (٩) ونحن

__________________

(١) الزخرف : ١٩.

(٢) بصائر الدرجات ص ٥٤ ، بحار الأنوار ج ٢٣ ص ١٩٦ ح ٢٦.

(٣) النحل : ٤٣.

(٤) المناقب لابن شهراشوب ج ٣ ص ٩٨.

(٥) بحار الأنوار ج ٢٣ ص ١٨٤ نقلا عن المناقب ج ٣ / ٩٨ والإبانة.

(٦) العنكبوت : ٤٩.

(٧) الكافي ج ١ ص ١٦٧ باب أنّ الأئمّة قد أوتوا العلم ، إلّا أنّه ليس فيه «من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بحار الأنوار ج ٢٣ ص ١٨٩ ح ٥ عن كنز الفوائد.

(٨) الكافي ج ١ ص ١٦٧ باسناده عن بريدة بن معاوية قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قال عليه‌السلام : إيّانا عنى وعليّ أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٩) الكافي ج ١ ص ١٦٧ ، بصائر الدرجات ص ٥٦.

١٧٩

المخصوصون بها.

وفي «المناقب» عن أبي القاسم الكوفي ، قال : روى في قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١) : «إنّ الراسخين في العلم من قرنهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالكتاب ، وأخبر أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».

قال : وفي اللغة الراسخ هو اللازم الذي لا يزول عن حاله ، ولن يكون كذلك إلّا من طعنة الله تعالى على العلم في ابتداء نشوءه كعيسى عليه‌السلام في وقت ولادته (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) (٢) فأمّا من يبقى السنين الكثيرة لا يعلم ثمّ يطلب العلم ، فيناله على قدر ما يجوز أن يناله منه فليس ذلك من الرّاسخين ، يقال : رسخت عروق الشجر في الأرض ، ولا يرسخ إلّا صغيرا.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أين الّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذبا ، وبغيا علينا ، وحسدا لنا (٣) أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى العلم (٤) ويستجلى العمى ، لا بهم» (٥).

وفي «تأويل الآيات» عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) (٦) قال : «إنّ الكتاب لا ينطق ، ولكن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته هم

__________________

(١) آل عمران : ٧.

(٢) مريم : ٣٠.

(٣) في المصدر : وبغيا لنا ، وحسدا علينا.

(٤) في البحار : بنا يستعطى الهدى.

(٥) المناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٢٨٥ ط قم ، وبحار الأنوار ج ٢٣ ص ٢٠٤ ح ٥٣ باب أنّهم عليهم‌السلام أهل علم القرآن.

(٦) الجاثية : ٢٩.

١٨٠