تفسير الصراط المستقيم - ج ٢

آية الله السيّد حسين البروجردي

تفسير الصراط المستقيم - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد حسين البروجردي


المحقق: الشيخ غلامرضا بن علي أكبر مولانا البروجردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

وكان مع ذلك عالما بالنحو واللّغة.

وفي ترجمة أبان بن تغلب ، عن النجاشي : أنّه كان قارئا من وجوه القرّاء ، فقيها ، لغويّا ، سمع من العرب وحكى عنهم ، وكان مقدّما في كلّ فنّ من العلم ، في القرآن ، والفقه ، والحديث ... الى أن قال : ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القرّاء ، أخبرنا بها أبو الحسن (١) التميمي عن أحمد (٢) بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن يوسف الرازي المقرئ (٣) بالقادسيّة سنة احدى وثمانين ومأتين ، عن أبى نعيم الفضل بن عبد الله بن العبّاس بن معمر الأزدي الطالقاني ، ساكن سواد البصرة سنة خمس وخمسين ومأتين ، قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن أبى مريم صاحب اللؤلؤ ، قال : سمعت أبان بن تغلب ـ وما رأيت أحدا أقرأ منه قطّ ، يقول : إنّما الهمز (٤) رياضة ، وذكر قراءته الى آخرها (٥).

__________________

(١) هو محمّد بن جعفر أبو الحسن التميمي من مشايخ النجاشي ذكره في ترجمة الحسين بن محمّد بن الفرزدق ـ معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ١٧٠.

(٢) هو احمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن السبيعي الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة أبو العباس الكوفي ، توفى سنة (٣٣٣ ه‍) ـ معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٢٧٤.

(٣) ذكره الذهبي في «الميزان الاعتدال» ج ٤ ص ٧٢ وقال : محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي شيخ يروى عنه أبو بكر بن زياد النقّاش ، وذكره الخطب البغدادي في تاريخ بغداد ج ٣ ص ٣٩٧ وقال : قدم قبل (٣٠٠) بغداد.

(٤) في ذيل رجال النجاشي : يعنى أنّ التكلّم بالهمزة والإفصاح عنها مشقّة ورياضة بلا ثمر فلا بدّ فيها من التخفيف ، روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : «نزل القرآن بلسان قريش ، وليسوا بأهل نبر ، ولو لا أنّ جبرئيل عليه‌السلام نزل بالهمزة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما همزنا» كما في شرح الشافية لابن الحاجب ج ٣ ص ٣١

والنبر : الهمز.

(٥) رجال النجاشي ج ١ ص ٧٦.

٣٢١

وذكر الشيخ في «الفهرست» مثله (١).

وستسمع أنّ حمران بن أعين كان من مشايخ حمزة القارى.

وفي «التيسير» و «المجمع» أنّ حمزة قرأ على الصّادق عليه‌السلام ، وأنّ الكسائي وهو أحد القرّاء السبعة قرأ على أبان بن تغلب ، وأنّ الأعمش ، وأبا إسحاق السّبيعى ، وأبا الأسود الدئلي كانوا ممّن يؤخذ عنهم القراءة (٢).

وذكر الشيخ في «الفهرست» في ترجمة عمر بن (٣) موسى أنّ له كتاب قراءة زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليهم‌السلام ، ثم ذكر الاسناد إليه وقال : هذا قراءة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : وما رأيت أعلم بالكتاب ، وناسخه ، ومنسوخه ، ومشكله ، وإعرابه منه (٤).

وفي ترجمة محمد بن (٥) عبّاس : أنّ له كتاب قراءة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكتاب قراءة أهل البيت عليهم‌السلام (٦).

__________________

(١) الفهرست ص ١٧ ـ ١٨.

(٢) مجمع البيان مقدّمة الكتاب ص ١٢ الفنّ الثاني.

(٣) هو عمر بن موسى بن وجيه أبو حفص الوجيهي الأنصارى الشامي الزيدي المتوفّى (١٥٨) على ما في دائرة الأعلمى ج ٢٣ ص ٤٩ وترجمته توجد في غير واحد من معاجم الرجال منها : مختصر تاريخ دمشق ج ١٩ ص ١٥٣ ـ الميزان للذهبى ج ٣ / ٢٢٤ ـ لسان العرب ج ٤ / ٣٣٢.

(٤) الفهرست ص ١١٤ رقم ٤٩٧.

(٥) هو محمّد بن العبّاس بن علي بن مروان المعروف بابن الحجّام ، من ثقات الاماميّة في القرن الرابع سمع منه التلعكبري سنة (٣٢٨) ، وله منه إجازة ـ معجم رجال الحديث ج ١٦ / ١٩٨.

(٦) الفهرست ص ١٤٩ رقم ٦٣٨.

٣٢٢

الفصل الثالث

في نبذ من أحوال القرّاء العشرة ورواتهم

الأوّل من القرّاء السبعة هو نافع (١) بن عبد الرحمن المدني ، قرأ على أبى جعفر يزيد (٢) بن القعقاع ، ومنه تعلّم القرآن ، وعلى شيبة (٣) بن نصاح القاضي ، وعلى عبد الرحمن (٤) بن الأعرج ، وعلى أبى عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي (٥) ، وعلى أبى روح (٦) يزيد بن رومان.

قالوا : وأخذ هؤلاء القراءة عن أبى هريرة (٧) ، وابن عبّاس (٨) ، وعبد الله (٩) بن عيّاش بن أبي ربيعة ، كلّهم عن أبيّ بن كعب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) هو نافع بن عبد الرحمن بن ابى نعيم المدني المتوفى (١٦٩ ه‍) ـ غاية النهاية ج ٢ ص ٣٣٠.

(٢) ابو جعفر القارى يزيد بن القعقاع المدني المتوفى (١٣٢ ه‍) ـ غاية النهاية ج ٢ ص ٣٨٢.

(٣) شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب المدني المتوفّى (١٣٠) ـ الاعلام ج ٣ ص ٢٦٤.

(٤) هو عبد الرحمن بن هرمز أبو داود الأعرج المدني المتوفّى (١١٧) ـ الأعلام ج ٤ ص ١١٦.

(٥) أبو عبد الله مسلم بن جندب الهذلي مولاهم المدني المتوفى (١٣٠) غاية النهاية ج ٢ ص ٢٩٧.

(٦) أبو روح يزيد بن رومان المدني القارى المتوفّى (١٢٠) أو (١٣٠) المصدر ج ٢ ص ٣٨١.

(٧) ابو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي المتوفّى بالمدينة (٥٩) ـ الأعلام ج ٤ ص ٨٠.

(٨) عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب المتوفّى (٦٨) بالطائف ـ الأعلام ج ٤ ص ٢٢٨.

(٩) عبد الله بن عيّاش بن أبى ربيعة المخزومي المتوفى بعد (٧٠) أو سنة (٧٨ ه‍) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٤٣٩.

٣٢٣

وذكروا للنافع راويين : أحدهما : عيسى بن ميناء الزرقي لقّبه نافع بقالون (١) لجودة قراءته فإنّ معنى قالون بلغة الروم «جيّد».

والآخر : أبو سعيد عثمان بن سعيد القبطي المصريّ الملقّب بورش (٢) لشدّة بياضه.

الثاني منهم : عبد الله بن كثير (٣) المكي ، أخذ عن عبد الله بن (٤) سائب المخزومي ، صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومجاهد بن (٥) جبر أبى الحجّاج ، ودر بأس مولى ابن عبّاس ، وأخذ مجاهد ودرباس عن ابن عبّاس ، عن أبيّ ، وزيد بن ثابت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وروى عن ابن كثير أبو الحسن البزّى (٦) أحمد بن محمد بن عبد الله ، وقنبل (٧) أبو عمرو محمّد بن عبد الرحمن ، يقال : رجل قنبل أى غليظ شديد.

__________________

(١) عيسى بن ميناء بن وردان الزرقي أبو موسى الملقّب بقالون ، كان ربيب نافع على ما قيل ، توفّى سنة (٢٢٠) ه ـ غاية النهاية ج ١ ص ٦١٥.

(٢) عثمان بن سعيد بن عبد الله المصري ولد سنة (١١٠) بمصر ، ورحل الى نافع فعرض عليه القرآن عدّة ختمات في سنة (١٥٥) ، توفّى بمصر سنة (١٩٧ ه‍) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٥٠٢.

(٣) عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله ابو معبد المكي الداري من بنى عبد الدار ولد بمكّة سنة (٤٥) وأدرك غير واحد من الصحابة وروى عنهم ، توفي سنة بمكة المكرّمة سنة (١٢٠ ه‍) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٤٤٣.

(٤) عبد الله بن السائب بن أبى السائب صيفي بن عابد المخزومي المكّى له صحبة وروى القراءة عن أبيّ بن كعب ، توفي حدود سنة (٧٠ ه‍) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٤١٩.

(٥) مجاهد بن جبر أبو الحجّاج المكّى المفسّر المتوفّى (١٠٤) ـ الاعلام ج ٦ ص ١٦١.

(٦) احمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم البزّى المكي ، ولد سنة (١٧٠ ه‍) وتوفّى سنة (٢٥٠ ه‍) ـ غاية النهاية ج ١ ص ١١٩.

(٧) محمد بن عبد الرحمن بن خالد المكّى الملقّب بقنبل ، وله سنة (١٩٥) ، وتوفّي سنة (٢٩١ ه‍) ـ غاية

٣٢٤

وقيل : هم أهل بيت بمكّة المكرّمة يقال لهم القنابلة ، واختلفوا في تلقّبه به.

روى البزّى وقنبل عن ابن كثير بالواسطة ، ولم يذكر الطبرسي في «جمع البيان» رواية قنبل عن ابن كثير ، بل قال : له ثلاث روايات : رواية البزي ، ورواية ابن فليح ، ورواية أبي الحسين القوّاس (١).

الثالث منهم : أبو عمرو بن العلاء البصري ، اسمه زبان (٢) ، أبو يحيى أو غيرهما يروى عن جماعة من أهل الحجاز ، والبصرة :

فمن أهل مكّة المكرّمة يروى عن مجاهد ، وسعيد (٣) بن جبير ، وعكرمة (٤) بن خالد ، وعطاء (٥) بن أبي رباح ، وعبد الله بن كثير ، ومحمد بن عبد الرحمن بن محيصن ، وحميد بن قيس الأعرج.

ومن أهل المدينة يروى عن يزيد بن قعقاع القارى ، ويزيد بن رومان ، وشيبة بن نصاح.

ومن أهل البصرة يروى عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، ويحيى (٦) بن يعمر ، وغيرهما ، وهؤلاء أخذوا عن الصحابة.

__________________

النهاية ج ٢ ص ١٦٧.

(١) مجمع البيان ج ١ مقدمة الكتاب ، الفنّ الثاني ص ١١.

(٢) زبان بن العلاء بن عمّار بن العريان أبو عمرو المازني البصري وقد اختلف في اسمه على أكثر من عشرين قولا ، وله بمكة المكرّمة سنة (٦٨) ، ونشأ بالبصرة ، وتوفي بالكوفة سنة (١٥٤).

(٣) سعيد بن جبير بن هشام الكوفي التابعي الجليل قتله الحجّاج بواسط شهيدا في سنة (٩٥) أو (٩٤) ـ غاية النهاية ج ١ / ٣٠٥.

(٤) عكرمة بن خالد بن العاص المكي التابعي المتوفى (١١٥) ـ المصدر ج ١ ص ٥١٥.

(٥) عطاء بن ابى رباح بن أسلم المكي المتوفى (١١٥) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٥١٣.

(٦) يحيى بن بن يعمر أبو سليمان العدواني البصري التابعي أوّل من نقّط المصاحف ، توفي قبل سنة (٩٠) ـ غاية النهاية ج ٢ ص ٣٨١.

٣٢٥

وروى عن أبي عمرو البصري يحيى بن المبارك اليزيدي (١) ، وأبو عمر حفص ابن عمر بن عبد العزيز الدوري (٢) البغدادي الضرير ، وأبو شعيب صالح بن زياد السوسي (٣).

وفي «مجمع البيان» : لأبى عمرو البصري ثلاث روايات : رواية شجاع (٤) ابن أبى نصر ، ورواية العبّاس بن الفضل البصري قاضى الموصل المتوفى (١٨٦) ، ورواية اليزيدي.

ولليزيدي ستّ روايات : رواية أبي (٥) حمدون الزاهد ، وأبى عمر الدوري ، وأوقية (٦) ، وأبى نعيم غلام (٧) سجادة ، وأبى أيّوب (٨) الخيّاط ، وابى شعيب

__________________

(١) هو يحيى بن المبارك أبو محمد البصري النحوي المقرئ المتوفى (٢٠٢) ه جوّد القرآن على أبى عمرو البصري ، عرف باليزيدي لاتصاله بيزيد بن منصور خال المهدي العباسي ، كان يؤدّب ولده.

(٢) أبو عمر الدوري حفص بن عمر الأزدى المقرئ النحوي البغدادي نزيل سامرّاء ، توفّي سنة (٢٤٦ ه‍) قيل : إنّه أوّل من جمع القراآت وألّفها ، والدوري نسبة الى الدور محلّة بالجانب الشرقي من بغداد.

(٣) ابو شعيب السوسي صالح بن زياد المقرئ المتوفى (٢٦٠) قرأ على اليزيدي وسمع بالكوفة من ابن نمير ، وبمكة المكرّمة من سفيان بن عينية.

(٤) شجاع بن ابى نصر البلخي المقرئ الزاهد المتوفى (١٩٠) ببغداد قرأ القرآن على ابى عمرو وجوّده ، أخذ عنه القاسم بن سلّام ومحمد بن غالب.

(٥) هو الطيّب بن إسماعيل أبو حمدون الذهلي البغدادي الزاهد اللؤلؤى المقرئ كان إماما في القراءة والتجويد ، روى الحروف عن الكسائي ، ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام في وفيات (٢٤٠) ـ (٢٥٠ ه‍) ص ٢٩٨ رقم ٢٢٥.

(٦) هو عامر بن عمر بن صالح أبو الفتح المعروف بأوقية الموصلي المقرئ توفّي سنة (٢٥٠ ه‍) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٣٥٠.

(٧) هو جعفر بن حمدان المشهور بغلام سجادة البغدادي من أصحاب اليزيدي ترجمه ابن الجزري وكنّاه بأبى محمد ـ غاية النهاية ج ١ ص ١٩١.

(٨) هو سليمان بن أيّوب بن الحكم أبو أيّوب الخيّاط البغدادي المتوفى (٢٣٥) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٣١٢.

٣٢٦

السوسي.

الرابع منهم ابن عامر أبو عمران (١) عبد الله بن عامر الدمشقي ، أخذ عن أبى الدرداء (٢) عويمر بن عامر صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمغيرة (٣) بن أبي شهاب ، وأخذ الأوّل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والثاني عن عثمان بن عفّان.

وروى عن ابن عامر هشام (٤) بن عمّار الدمشقي ، وابن ذكوان (٥) ، رويا عنه بواسطتين.

الخامس : عاصم (٦) بن أبي النجود بهدلة الأسدي الكوفي ، روى عن أبي

__________________

(١) عبد الله بن عامر اليحصبى امام أهل الشام في القراءة ، ولى قضاء دمشق في خلافة الوليد ابن عبد الملك ، وكان يؤم الناس في المسجد فلمّا استخلف سليمان بن عبد الملك بعث الى مهاجر وقال : إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان قف خلف ابن عامر فاذا تقدّم فخذ بثيابه واجذبه وقل تأخّر ، فلن يتقدّم منّا دعيّ ، وصلّ أنت يا مهاجر ، فضل.

قال ابن الجزري : قد ورد في اسناد ابن عامر تسعة أقوال أصحّها أنه قرأ على المغيرة بن أبى شهاب ، ونقل عن بعض أنه قال : لا يدرى على من قرأ ، وله سنة ثمان من الهجرة وتوفّي سنة (١١٨) ـ طبقات القرّاء ج ١ ص ٤٠٤.

(٢) أبو الدّرداء هو عويمر بن زيد الخزرجي كان من القرّاء على عهد النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصدّر للإقراء بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما تولّى قضاء دمشق في خلافة عثمان وعدّ تلامذته الذين قرءوا عنده فكان عدّتهم (١٦٠٠) ونيفا ، توفي سنة (٣٢).

(٣) قال الذهبي : لا يكاد يعرف إلّا من قراءة ابن عامر عليه ، وقال في تاريخ الإسلام : المغيرة بن أبي شهاب المخزومي قرأ على عثمان بن عفّان وعليه قرأ عبد الله بن عامر الدمشقي ، نقل القصّاع أنه توفّى سنة (٩١) ه ـ وله تسع وثمانون سنة. تاريخ الإسلام ص ٤٨٤.

(٤) هشام بن عمّار بن نصير الدمشقي الخطيب المقرئ وله سنة (١٥٣) وتوفي سنة (٢٤٥).

(٥) هو عبد الله بن أحمد بن بشر بن ذكوان المقرئ الدمشقي وله سنة (١٧٣) وتوفّى سنة (٢٤٢).

(٦) عاصم بن أبى النجود ـ بهدلة ـ أبو بكر الأسدى بالولاء الكوفي القارى ، قيل : اسم أبيه عبيد ، وبهدله اسم أمّه ، أخذ القراءة عرضا من زرّ بن جيش ، وأبى عبد الرحمن السلمي ، وأبى عمرو الشيباني ، توفى

٣٢٧

عبد الرحمن (١) عبد الله بن حبيب السلمي ، وأبى مريم زرّ بن (٢) حبيش.

وأخذ الأوّل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعن أبيّ بن كعب ، وزيد (٣) بن ثابت ، وعبد الله بن مسعود ، وعثمان.

والثّانى عن الأخيرين.

وروى عن عاصم حفص بن (٤) سليمان الأسدى الكوفي البزّاز ، وأبو بكر شعبة (٥) بن عيّاش بن سالم الأسدى.

قال في «مجمع البيان» : ولأبي بكر بن عيّاش ثلاث روايات :

رواية أبي يوسف (٦) الأعشى ، وأبى صالح (٧) البرجمي ، ويحيى (٨) بن آدم.

__________________

سنة (١٢٧) أو (١٢٨) ـ تهذيب التهذيب ج ٥ ص ٣٩.

(١) أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي المقرئ الكوفة ، ولد في حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ القراءة عن ابن مسعود ، وعرض القرآن على عليّ عليه‌السلام على ما ذكره الذهبي ، كان يقرئ الناس في مسجد الكوفة أربعين سنة ، توفي سنة (٧٤ ه‍).

(٢) زرّ بن حبيش أبو مريم الأسدى أدرك الجاهليّة ولم ير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو من كبار التابعين ومن ثقات أمير المؤمنين عليه‌السلام توفي سنة (٨٣) من عمر (١٢٧) سنة.

(٣) زيد بن ثابت كان كاتب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعبرية ، وتولّى جمع القرآن بأمر أبى بكر ، ثم ترأس لجنة توحيد المصاحف في عهد عثمان وكان يحبّه عثمان وولّاه بيت المال توفى سنة (٥٤) أو (٥٥).

(٤) حفص بن سليمان بن المغيرة المقرئ الكوفي وهو ابن امرأة عاصم وربيبه توفي سنة (١٨٠ ه‍).

(٥) ابو بكر شعبة بن عيّاش الكوفي المعروف بعدم الضبط على خلاف زميله حفص الضابط ، توفي سنة (٤٩٣).

(٦) أبو يوسف الأعشى يعقوب بن محمّد الكوفي ، تصدّر للإقراء بالكوفة توفي سنة حدود (٢٠٠).

(٧) أبو صالح البرجمي عبد الحميد بن صالح المقرئ الكوفي ، كان إمام مسجد بنى شيطان ، توفي سنة (٢٣٠ ه‍) ـ تاريخ الإسلام ص ٢٥١.

(٨) أبو زكريا يحيى بن آدم القرشي الكوفي الأحول الحافظ المقرئ توفّي بفم الصلح سنة (٢٠٣) ـ

٣٢٨

السادس : أبو عمارة (١) حمزة بن حبيب الكوفي الزيّات.

روى عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام ، وعن الأعمش ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى القاضي ، وحمران بن أعين ، وأبى إسحاق (٢) السبيعي ، ومنصور (٣) بن المعتمر ، ومغيرة (٤) بن المقسم ، وأخذ هؤلاء عن التابعين عن الصحابة.

هذا على ما في «التيسير».

وقال في «المجمع» : وأمّا حمزة فقرأ على جعفر بن محمد الصّادق عليهما‌السلام ، وقرأ أيضا على الأعمش سليمان بن مهران ، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب ، وهو قرأ على علقمة (٥) ، ومسروق (٦) ، والأسود (٧) بن يزيد ، وهؤلاء قرءوا

__________________

رجال صحيح البخاري ج ٢ ص ٧٨٧.

(١) ابو عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الزيّات القارى الكوفي المتوفّى بحلوان سنة (١٥٦ ه‍) ـ تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٢٧.

(٢) أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السّبيعى التابعي كان شيخ الكوفة في عصره ، وبلغت مشيخته نحوا من (٤٠٠) شيخ ، وله سنة (٣٣) وسمع من (٣٨) صحابيّا وتوفى سنة (١٢٧ ه‍) ـ تاريخ الإسلام للذهبى ج ٥ ص ١١٦.

(٣) منصور بن معتمر السلمي أبو عتّاب الكوفي ، كان من كبار الحفّاظ الأثبات توفى سنة (١٣٢) ـ تاريخ الإسلام ج ٥ ص ٥٤٧.

(٤) مغيرة بن مقسم الضبّى الكوفي أبو هشام الأعمى توفى سنة (١٣٣ ه‍) ـ تاريخ الإسلام ج ٥ ص ٥٤١.

(٥) هو علقمة بن قيس النخعي الهمداني التابعي كان فقيه العراق ، ولد في حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتوفي بالكوفة سنة (٦٢ ه‍).

(٦) هو مسروق بن الأجدع الهمداني التابعي ، شهد حروب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان أعلم بالفتيا من شريح ، توفى سنة (٦٣ ه‍).

(٧) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي التابعي الفقيه الحافظ المتوفّى سنة (٧٥ ه‍) كان عالم الكوفة في عصره.

٣٢٩

على عبد الله بن مسعود.

وقرأ حمزة أيضا على أبى الأسود (١) الدئلي ، وهو قرأ على علي بن أبى طالب عليه‌السلام.

روى عن حمزة خلف (٢) بن هشام البزّاز ، وخلّاد بن خالد (٣) الشيباني ، كلاهما بواسطة سليم بن عيسى الحنفي (٤).

والسابع : الكسائي وهو أبو الحسن على (٥) بن حمزة الكوفي.

قال في «التيسير» : ورجاله حمزة بن حبيب الزيّات ، وعيسى (٦) بن عمر الهمداني ، ومحمّد بن أبى ليلى ، وغيرهم من مشيخه الكوفيّين ، غير أنّ مادّة قراءته واعتماده في اختياره القراءة عن حمزة.

وفي «المجمع» : أنّه قرأ على حمزة ، ولقى من مشايخ حمزة ابن أبي ليلا وقرأ عليه ، وعلى أبان بن تغلب ، وعيسى بن عمر ، وغيرهم.

__________________

(١) أبو الأسود ظالم بن عمرو ، كان أديبا ، شاعرا ، فقيها من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ووضع علم النحو بأمره ، توفّى سنة (٦٩) بالبصرة.

(٢) سيأتى ترجمته إنشاء الله.

(٣) خلّاد بن خالد الشيباني مولاهم الصيرفي من كبار القرّاء المجودّين ، توفي بالكوفة سنة (٢٢٠) ه.

(٤) سليم بن عيسى الكوفي الحنفي بالولاء المقرئ كان أخصّ أصحاب حمزة وأضبطهم توفّي سنة (١٨٨ ه‍).

(٥) هو عليّ بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدى مولاهم ، من أولاد الفرس ، انتهت إليه رياسته الإقراء بالكوفة بعد حمزة الزيّات ، توفّى سنة (١٨٩ ه‍) ـ طبقات القرّاء ج ١ ص ٥٣٥.

(٦) عيسى بن عمر الثقفي بالولاء ، كان من ائمّة اللغة ومن شيوخ الخليل ، وسيبويه وابن العلاء ، وكان بصريّا وله نحو سبعين مصنّفا ، توفّى سنة (١٤٩ ه‍).

٣٣٠

روى عن الكسائي أبو الحارث (١) اللّيث بن خالد البغدادي ، والدوري المتقدم ذكره ، عن أبى عمرو البصري.

وفي «المجمع» : أنّ له ستّ روايات :

رواية قتيبة (٢) بن مهران ، ورواية نصير (٣) بن يوسف النحوي ، ورواية أبى الحارث البغدادي ، ورواية أبى حمدون الزّاهد ، ورواية حمدون ابن ميمون الزّجّاج ، ورواية الدوري. (٤)

وهؤلاء هم القرّاء السبعة ورواتهم الأربعة عشر مع ما أضيف إليها ، ومشايخهم حسبما نقله في «التيسير» وغيره.

وفيهم قال أبو مزاحم (٥) الخاقاني :

وإنّ لنا أخذ القراءة سنّة

عن الأوّلين المقرئين ذوي الستر

فللسبعة القرّاء حق على الورى

لإقرائهم قرآن ربّهم الوتر

فبالحرمين ابن الكثير ونافع

وبالبصرة ابن للعلاء أبو عمرو

__________________

(١) ابو الحارث الليث بن خالد البغدادي كان من أجلّة أصحاب الكسائي ، توفى سنة (٢٤٠) ـ طبقات القرّاء ج ٢ ص ٣٤.

(٢) قتيبة بن مهران الأزاذانى الإصبهانى المقرئ ، انتهت إليه رياسته الإقراء بأصبهان ، صحب الكسائي مدّة طويلة ، وكان موجودا في حدود سنة (٢٢٠ ه‍) ـ طبقات المحدثين بأصبهان ج ٢ ص ٨٦.

(٣) نصير بن يوسف بن أبى نصر الرازي النحوي المقرئ أبو المنذر ، له مصنّف في رسم المصحف ، توفّي سنة (٢٤٠ ه‍) ـ شذرات الذهب ج ٢ ص ٩٥.

(٤) مجمع البيان ج ١ الفنّ الثّانى من المقدّمة.

(٥) هو موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان أبو مزاحم الخاقاني البغدادي الشاعر المتوفى (٣٢٥) ـ غاية النهاية ج ٢ ص ٣٢٠.

٣٣١

وبالشام عبد الله وهو ابن عامر

وعاصم الكوفي وهو أبو بكر

وحمزة أيضا والكسائي بعده

أخو الحذق بالقرآن والنحو والشعر

وأمّا القرّاء الثلاثة المكمّلون للعشرة :

فأوّلهم : أبو جعفر (١) يزيد بن القعقاع المخزومي المدني ، قرأ على عبد الله بن عبّاس ، وعلى مولاه عبد الله (٢) بن عيّاش بن أبى ربيعة المخزومي ، وهما قرءا على أبيّ بن كعب ، وقرأ أبىّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وروى عنه أبو الحارث عيسى (٣) بن وردان المدني الحذّاء ، وابن الجمّاز (٤) أبو الربيع سليمان بن مسلم بن جماز الزهري المدني.

وثانيهم : يعقوب (٥) بن إسحاق الحضرمي البصري ، روى عنه رويس (٦) محمّد ابن المتوكّل اللؤلؤى البصري ، وروح (٧) بن عبد المؤمن الهزلى البصري.

وثالثهم : وهو تمام العشرة ، خلف (٨) بن هشام البزّاز ذكروا أنّ له اختيارا.

__________________

(١) توفى بالمدينة سنة (١٣٢) أو (١٢٨ ه‍) ـ طبقات القراء ج ٢ ص ٣٨٢.

(٢) ولد بالحبشة في الهجرة الاولى ، وقرأ على أبيه عيّاش وعلى أبيّ بن كعب توفّي سنة (٦٤).

(٣) كان ابن وردان مقرئا حاذقا وكان من أجلّة أصحاب نافع مات حدود سنة (١٦٠) ـ طبقات القرّاء ج ١ ص ٦١٦.

(٤) توفّي ابن الجمّاز سنة (١٧٠) ه أو بعدها ـ طبقات القرّاء ج ١ ص ٣١٥.

(٥) ولد بالبصرة سنة (١١٧) وتوفّي بها سنة (٢٠٥ ه‍) ـ تهذيب التهذيب ج ١١ ص ٣٨٢.

(٦) كان رويس من أحذق أصحاب يعقوب الحضرمي ، توفّى سنة (٢٣٨) ـ طبقات القرّاء ج ٢ ص ٢٣٤.

(٧) توفّي سنة (٢٣٤) وكان من أجلّة أصحاب يعقوب.

(٨) هو أبو محمد خلف بن هشام بن ثعلب البزاز البغدادي ، قال ابن الجزري : حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ، قال ابن أشته : كان حلف يأخذ بمذهب حمزة إلى أنّه خالفه في مائة وعشرين حرفا ، وله سنة (١٥٠) وتوفّى سنة (٢٢٩) ـ طبقات القرّاء ج ١ ص ٢٧٢.

٣٣٢

روى عنه إسحاق (١) بن إبراهيم الورّاق المروزي ، وإدريس (٢) بن عبد الكريم الحدّاد.

ثمّ اعلم أن المراد بالمدني حيث أطلق هو نافع ، وأبو جعفر القعقاع.

والمكّى هو عبد الله بن كثير ، وإذا اجتمعا قيل : حجازيّ.

والكوفي عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ، والبصري ابو عمرو ، ويعقوب.

وقد يزاد على ما في «المجمع» وغيره : أبو حاتم (٣) السجستاني سهل بن محمّد ، وليس كيعقوب من السبعة ، وإذا اجتمع أهل الكوفة والبصرة قيل : عراقي.

والشامي ابن عامر ، لا غير واعلم أيضا أنّهم يطلقون القراءة على ما كان عن أحد العشرة أو من هو مثلهم.

والرواية على ما كان من أحد رواتهم.

والطريق عليها وعلى ما كان عمّن بعدهم ، فيقال : هذه قراءة نافع ، من رواية قالون ، من طريق الجزري ، أو الشاطبي (٤).

__________________

(١) هو ابو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عثمان الورّاق المتوفى (٢٨٦) ـ المهذّب ص ١٢.

(٢) هو ابو الحسن إدريس البغدادي المتوفى (٢٩٢) ـ المهذب في القراآت العشر ص ١٢.

(٣) أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان البصري اللغوي الشاعر المتوفى (٢٤٨) ـ الاعلام ج ٣ ص ٢١٠.

(٤) قال محمد محمد محمد سالم الشافعي في «المهذّب» ص ٢٥ : اعلم أنّ كل خلاف نسب لإمام من الأئمة العشرة ممّا اجمع عليه الرواة عنه فهو قراءة.

وكل ما نسب للراوي عن الامام فهو رواية ...

٣٣٣

وإن كان قد يطلق كلّ من الثلاثة على غيره ، سيّما في كلام من ليس من أهل هذا الاصطلاح.

ثمّ إنّ هاهنا جملة من القرّاء غير من سمعت ربما نسب إليهم شواذّ القراآت لا داعي للتعرّض لهم (١).

__________________

وكلّ ما نسب للآخذ عن الراوي وإن سفل فهو طريق ...

مثل إثبات البسملة بين السورتين فهو قراءة ابن كثير ، ورواية قالون عن نافع ، وطريق الإصبهانى عن ورش.

(١) مثل الحسن بن يسار البصري المتوفى (١١٠) قارئ البصرة ، وابن محيصن محمد بن عبد الرحمن المتوفى (١٢٣) قارئ مكّة ، وغيرها.

٣٣٤

الباب الثاني عشر

في كيفيّة القراءة وآدابها الظاهرة

ووظائفها الباطنة

٣٣٥
٣٣٦

وفيه فصول :

الفصل الأوّل

في الآداب الظاهرة الّتى ينبغي الاهتمام بها والمداومة عند القراءة ، بل عند إرادتها لو لم تكن حاصلة قبلها ، وهي أمور :

الأوّل : الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر بلا خلاف فيها ، بل على مطلوبيتها في الجملة ، نقلا وتحصيلا ، للتعظيم المأمور به في جملة من الأخبار ، ولخصوص جملة من المعتبرة.

فممّا يدلّ على الأوّل ما رواه الحميري (١) في «قرب الاسناد» (٢) عن محمّد (٣) ابن عبد الحميد ، عن محمد بن (٤) الفضيل ، عن أبى الحسن عليه‌السلام قال :

__________________

(١) هو أبو العبّاس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري شيخ القمييّن كان حيّا سنة (٢٩٧ ه‍) وسمع منه أهل الكوفة في حدود السنة المذكورة.

(٢) هو مجموع من الأخبار المسندة الى المعصوم عليه‌السلام لقلّه وسائطه سمّى بقرب الاسناد ـ الذريعة ج ١٧ ص ٦٧.

(٣) هو محمد بن عبد الحميد بن سالم أبو جعفر العطّار الكوفي ، نشأ في عصر الإمام الرضا عليه‌السلام وبقي الى زمان العسكري عليه‌السلام ، ووقع في اسناد كامل الزيارات ـ معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٢٠٩.

(٤) هو محمد بن الفضيل بن كثير الأزدى الكوفي الصيرفي أبو جعفر الأزرق ، روى عن أبى الحسن موسى والرضا عليهما‌السلام وله كتاب ومسائل ، معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ١٤٥.

٣٣٧

سألته أقرأ المصحف ، ثمّ يأخذنى البول ، فأقوم وأبول وأستنجى وأغسل يدي ، وأعود إلى المصحف فأقرأ فيه؟

قال عليه‌السلام : لا ، حتّى تتوضّأ للصّلاة (١).

والظاهر أنّ المراد مثل الوضوء للصلاة ، ولذا كان الأظهر عندنا أنّ الوضوء للقراءة وغيرها من الغايات المندوبة يستبيح به الصّلاة على ما حرّرناه في الفقه.

وروى أحمد (٢) بن فهد في «عدّة الداعي» قال : قال عليه‌السلام : لقارئ القرآن بكلّ حرف يقرأه في الصّلاة قائما مائة حسنة ، وقاعدا خمسون حسنة ، ومتطّهرا في غير صلاة خمس وعشرون حسنة ، وغير متطّهرا في غير صلاة خمس وعشرون حسنة ، وغير متطّهر عشر حسنات ، أما إنّي لا أقول : «المر» حرف بل بالألف عشر ، وباللام عشر ، وبالميم عشر ، وبالراء عشر (٣).

وهذا الخبر أرسله في «كشف اللثام» إلى قوله : «عشر حسنات» عن مولانا الصّادق عليه‌السلام ، قال : وأرسل نحوه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وفي «الخصال» بالإسناد عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، في حديث الأربعمائة ، قال : «لا يقرأ العبد القرآن إذا كان على غير طهور حتّى يتطّهر» (٤).

ولعلّه يستفاد منه كالخبر الأوّل كراهة القراءة من غير طهور ، ولم أر من نبّه عليه ، ولعلّهم فهموا منه التعبير عن الاستحباب ، وأمّا البناء على كراهة ترك

__________________

(١) قرب الاسناد ص ١٧٥ ـ وسائل الشيعة ج ٤ ص ٨٤٧ باب استحباب الطهارة القراءة القرآن.

(٢) هو أحمد بن محمد بن فهد الأسدى الفقيه الجليل الحلّى ، ولد في الحلّة سنة (٧٥٣) وتوفي بكربلاء سنة (٨٤١ ه‍) ، روضات الجنّات ج ١ ص ٢١.

(٣) عدّة الداعي ص ٢١٢ ـ وسائل الشيعة ج ٤ ص ٨٤٨.

(٤) الخصال ج ٢ ص ٦٢٧ ـ حديث أربعمائة.

٣٣٨

المستحب ، واستحباب ترك المكروه فلا ينبغي الإصغاء إليه.

بل قد ورد الأمر بالطهارة لكتابته وتعليقه :

ففي «الكافي» و «قرب الاسناد» عن عليّ بن (١) جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام : أنّه سأله من الرّجل أيحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة ، وهو على غير وضوء؟ قال عليه‌السلام : لا (٢).

وروى الشيخ في «الإستبصار» بالإسناد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : «المصحف لا تمسّه على غير طهر ، ولا جنبا ، ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه ، إنّ الله يقول : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٣). (٤)

أقول : والنهى فيه محمول على مطلق مطلوبيّة الترك الأعمّ من الكراهة والحرمة ، فلا يقدح الجمع في النهى بين مسّ الخطّ والتعليق ، كما أنّه في الأخبار السابقة ظاهر في الكراهة ، ولو بقرينة المقام ، أو بمعرفة الإجماع وغيره على نفى التحريم ، بل ينزّل عليه نفي البأس عنه في أخبار أخر :

كصحيح أبى بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمّن قرأ المصحف ، وهو على غير وضوء ، قال عليه‌السلام : لا بأس ولا يمسّ الكتاب (٥).

__________________

(١) هو على بن جعفر الصادق عليه‌السلام أبو الحسن المدني سكن العريض من نواحي المدينة كان جليل القدر عظيم الشأن ، روى عن أبيه وأخيه وعن الرضا عليهم‌السلام ، وله كتب وروى عنه جماعة ، توفى سنة (٢١٠ ه‍) كما في تقريب ابن حجر ص ٣٦٩.

(٢) رواه المجلسي في البحار ج ١٠ ص ٢٧٧ وج ٨٠ ص ٣٠٩.

(٣) سورة الواقعة : ٧٩.

(٤) الاستبصار ج ١ ص ١١٣ و ١١٤ باب أنّ الجنب لا يمسّ المصحف ح ٣.

(٥) التهذيب ج ١ ص ٣٥ ـ الاستبصار ج ١ ص ١١٣.

٣٣٩

وفي «الكافي» عن حريز (١) ، عمّن أخبره ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان إسماعيل بن أبى عبد الله عنده ، فقال عليه‌السلام : يا بنىّ اقرأ المصحف ، فقال : إنّي لست على وضوء ، فقال عليه‌السلام : لا تمسّ الكتابة ، ومسّ الورق واقرأه (٢).

فإنّ نفى البأس في الأوّل لنفى الحرمة ، والأمر في الثاني لدفع توهّم الحظر ، ولذا نبّه فيهما على ما هو المحظور من مسّ الكتابة.

ويدلّ على الثاني ، مضافا إلى التعظيم والأولويّة القطعيّة الّتي مرجعها إلى الدلالة اللفظيّة العلويّ المتقدّم من «الخصال» في حديث الاربعمائة ، وغيره ممّا يأتي.

ولعلّه لا خلاف فيه ، كما لا خلاف في جواز القراءة ، للجنب والحائض ، والنفساء ، ومن مسّ الميّت ، من غير العزائم الأربع ، للمعتبرة المستفيضة :

كالصحيح عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «يقرأ الجنب القرآن ، والحائض ، والنفساء أيضا (٣).

وموثّق ابن بكير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجنب يأكل ، ويشرب ، ويقرأ القرآن؟ قال عليه‌السلام : ثم يأكل ، ويشرب ، ويقرأ ، ويذكر الله تعالى ما شاء (٤).

وصحيح زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث قال : قلت له : الحائض والجنب هل يقرأن من القرآن شيئا؟ قال عليه‌السلام : «نعم ، ما شاءا إلّا السجدة ، ويذكر ان

__________________

(١) هو حريز بن عبد الله السجستاني ابو محمد الأزدى روى عن الصادق عليه‌السلام وله «أصول الأربعة في الصلاة والصوم والزكاة والنوادر» رواها عنه حماد بن عيسى الغريق سنة (٢٠٨) ـ الذريعة ج ٢.

(٢) الوسائل ج ١ ص ٢٦٩ ح ٢ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٥.

(٣) فروع الكافي ج ١ ص ٣٠ : قال : الحائض تقرأ القرآن ، والنفساء والجنب أيضا.

(٤) الفروع ج ١ ص ١٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٦.

٣٤٠