تفسير الثمرات اليانعة - ج ٥

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]

تفسير الثمرات اليانعة - ج ٥

المؤلف:

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة التراث الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

قال الحاكم : وفي الآية دليل على وجوب النظر والمعرفة ؛ لأنهما ثمرة المجادلة.

قوله تعالى

(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) [العنكبوت : ٤٧]

والجحد : هو الإنكار ، وأراد بالآيات : القرآن ، ولم تفرق الآية بين أن تجحد بعد الإقرار أو قبله.

وعن قتادة : هي فيمن جحد بعد الإقرار.

وثمرة الآية :

أن من أنكر القرآن كفر ، لا يقال فقد اختلفوا في بسم الله الرحمن الرحيم هل هو آية في كل سورة أم لا ولم يكفر فريق فريقا؟

أجاب ابن الحاجب بأن قوة الشبهة في بسم الله الرحمن الرحيم منعت من التكفير من الجانبين.

قوله تعالى

(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) [العنكبوت : ٥٦]

قيل : نزلت في المستضعفين من المؤمنين كانوا بمكة لا يقدرون على إظهار الإيمان فحثهم على الهجرة : عن مقاتل ، والكلبي.

ومعنى الآية : أن المؤمن إذا لم تتسهل له العبادة في بلد هو فيها ، فليهاجر إلى بلد يقدر أنه فيه أسلم قلبا وأصح دينا.

وثمرة الآية : لزوم الهجرة ، وقد تكون مستحبة

فالواجب : إذا طالبه الإمام ، أو حمل على فعل محرم أو ترك واجب غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو كان في دار الحرب ، وحاله

٢١

يلتبس ؛ وهاهنا تجب الهجرة إن أمكنه الخروج ، ووجد موضعا خاليا عن صفة الموضع المهاجر منه ، فإن كان في دار الحرب ، وحاله ظاهر نظر :

فإن كان في وقوفه صلاح لم تجب الهجرة ، وإن لم وجب على ظاهر أقوال العلماء.

وقال الإمام يحيى : لا تجب في هذا الموضع.

قوله تعالى

(الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [العنكبوت : ٥٩]

هذا وصف لمن تقدم في قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [البقرة : ٨٢]

والمعنى صبروا على مفارقة الأوطان ، والهجرة لأجل الدين ، وعلى أذى المشركين ، وعلى المحن والمصائب ، وعلى الطاعات ، وعن المعاصي.

قوله تعالى

(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) [العنكبوت : ٦٠]

قيل : نزل هذا في قوم آذاهم المشركون بمكة وأمروا بالهجرة ، فقالوا : كيف نخرج إلى المدينة وليس لنا بها دار ولا عقار ، فمن يطعمنا ويسقينا؟ فنزلت.

وثمرة ذلك : لزوم الهجرة ، وأن الدار والعقار الذي للمهاجر فواته لا يسقط الهجرة ، وكذا لو كان له حرفة في دار الحرب أو تجارة أو نحو ذلك.

قال في الكشاف : وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من فر بدينه من أرض إلى

٢٢

أرض ، وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمد».

قوله تعالى

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [العنكبوت : ٦١]

ثمرة ذلك :

أن الإقرار بالله تعالى مع عبادة الأوثان ، وإنكار البعث ، وتكذيب الرسل لا يمنع من الكفر.

قوله تعالى

(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) [العنكبوت : ٦٣]

أمره تعالى بالحمد على نعمه المذكورة التي جهلها الكفار.

وقيل : على ما حصل لك من العلم مع كثرة الجهل ؛ لأن من يصرفه كثير.

وثمرة ذلك : لزوم حمد الله على هذه الأشياء.

قوله تعالى

(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت : ٦٩]

قيل : أراد جاهدوا الأعداء باليد واللسان.

وقيل : جاهدوا بالحجة.

(لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا). قيل : أراد سبل الجنة والثواب.

وقيل : الخير والتوفيق.

وقيل : يفتحن عليهم باب الحجج ، ليحتجوا على المخالفين.

٢٣

وعن ابن عباس : جاهدوا في طريق الطاعة ، لنهدينهم سبل الثواب.

وقيل : جاهدوا في طلب العلم ، لنهدينهم سبلنا في العمل : عن الفضيل بن عياض.

وقيل : جاهدوا بالهجرة لنهدينهم سبل الثواب على الإيمان : عن الضحاك.

وقيل : في العلم ، لنهدينهم إلى علم ما جهلوا.

وعن بعضهم : من عمل بما يعلم وفق لما لم يعلم.

وعن ابن عباس : جاهدوا أهواءهم في طاعة الله ، لنهدينهم شكر آلائه والصبر على بلائه.

وثمرة ذلك : الحث على هذه الأمور.

تم ما نقل من سورة العنكبوت.

وفي عين المعاني عن علي ـ رضي الله عنه ـ : طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه يورث الفقر.

٢٤

سورة الروم

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قوله تعالى

(الم غُلِبَتِ الرُّومُ) [الروم : ٢]

القراءة الظاهرة : (غلبت الروم) ـ بضم الغين وكسر اللام ـ على ما لم يسم فاعله.

والقراءة الظاهرة في قوله : (سيغلبون) ـ بفتح الياء وكسر اللام ـ على أن الروم مغلوبة في الحال ، وأنهم يغلبون فارس في المستقبل.

وقرأ أبو عمرو ، وأبو سعيد الخدري ، والحسن ، وعيسى بن عمر :

(غلبت الروم) ـ بفتح اللام والغين ـ و (سيغلبون) ـ بضم الياء وفتح اللام ـ على أن الروم غلبوا على ريف الشام ، وسيغلبهم المسلمون في بضع سنين ؛ لأن عند انقضاء هذه المدة أخذ المسلمون في جهاد الروم.

والقراءة الظاهرة : (وهم من بعد غلبهم) ـ بفتح اللام ـ.

وقرأ أبو حيوة الشامي ـ بسكون اللام ـ وهما مصدران كالجلب والجلب ، والظعن والظعن.

النزول

قيل : كان المشركون لبغاضتهم للمسلمين يتعصبون مع فارس ؛ لأنهم كانوا لا كتاب لهم ؛ لأنهم مجوس ، وكانوا يعبدون الأصنام والنيران ، وكان المسلمون يكرهون نصرة فارس على الروم ، فاحتربت

٢٥

الروم وفارس بين أذرعات وبصرى فغلب فارس الروم ، فبلغ الخبر مكة ، فشق على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى المسلمين ، وفرح المشركون وشمتوا ، وقالوا : أنتم والنصارى أهل كتاب ، ونحن وفارس أميون ، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ، ولنظهرن نحن عليكم ، فنزلت فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : لا يقر الله أعينكم ، فو الله لتظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين ، فقال له أبي بن خلف : كذبت يا أبا فضيل ، اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه ، والمناحبة : المراهنة ، فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما ، وجعل الأجل ثلاث سنين فأخبر أبو بكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فقال : «البضع ما بين الثلاث إلى التسع» فزايده في الخطر وماده في الأجل ، فجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين ، ومات أبي من جرح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية وذلك عند رأس سبع سنين.

وقيل : كان النصر يوم بدر للفريقين ، وأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أبيّ وجاء به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «تصدق به» : هذه رواية الكشاف. والذي في الحاكم ، وعين المعاني : أن المخاطرة كانت على ثلاث من الإبل ، وزاد في الأجل والخطر فكانت على عشر من الإبل إلى سبع سنين.

وقوله تعالى

(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) [الروم : ٤ ، ٥]

أي : ويوم تغلب الروم على فارس يفرح المؤمنون بنصر الله ، وغلبت من له كتاب على من لا كتاب له ، وغيظ من شمت بهم من كفار مكة ، وصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقيل : اتفق ذلك مع نصر الله المسلمين على الكفار يوم بدر ،

٢٦

وقيل : يوم الحديبية ، فهذا نصر الله ، ولا يقال : نصر الله الروم ؛ لأنهم كفار ، لا ينصرهم ولا يفرح بنصرهم.

وقيل : فرح المؤمنون بما نال الكفار من القهر ، وكذب أبيّ وظهور صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقيل : إن المخاطرة كانت مع صفوان ابن أمية.

ثمرة ذلك حكمان :

الأول : جواز الاغتمام لغم الكافر في قضية معينة ، والسرور بسروره في قضية معينة لا على الإطلاق ، ولا يكون هذا من باب الموالاة والموادة.

ويحتج لهذا أيضا أن أبا حذيفة بن عتبة بن عبد شمس بن عبد مناف لما جرّ برجل أبيه وأخيه يوم بدر ليطرح بهما إلى القليب مع القتلى تغير وجه أبي حذيفة عند ذلك وهو مؤمن فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما لك»؟

فقال : كنت أحب أن يكون موت أبي على الإسلام ، ولم ينكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الحكم الثاني : جواز القمار وهذا فيه وجهان :

الأول : عن قتادة وغيره أنه كان مباحا ، ثم نسخ ، كما قيل في مصارعته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليزيد بن ركانة على شاة ثلاث مرات ، وأخذ منه ذلك ، فلما أسلم رده عليه.

قال في الكشاف : واحتج أبو حنيفة ، ومحمد ـ : بفعل أبي بكر وما كان منه من مناحبة أبي بن خلف ـ أن العقود الفاسدة من عقود الربا وغيره جائزة في دار الحرب بين المسلمين والكفار.

لكنه يقال : فلم قيد جواز ذلك بأن يكون في دار الحرب؟ وهذه مسألة خلاف بين العلماء :

فمذهب أكثر الأئمة : ـ وهو قول مالك ، والشافعي ، وأبي يوسف ،

٢٧

والليث ، والأوزاعي ، ـ تحريم ذلك لعموم قوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) [البقرة : ٢٧٥] وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً) [آل عمران : ١٣٠] وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الذهب بالذهب مثلا بمثل».

وقال أبو حنيفة ، ومحمد : ـ وهو مروي عن الناصر عليه‌السلام : يجوز التعامل بالربا في دار الحرب بين مسلمين أسلما هناك ولم يهاجرا وبين الذميين ، وبين مسلم وذمي ، واحتجوا بما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب».

قلنا : هذا محمول على النهي ، كقولك لإنسان لا دعوى لك ، وإن كان مجازا لتوافق سائر الأدلة ، ولأن الكفار مخاطبون عندنا بالشرائع.

قوله تعالى

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما) [الروم : ٨]

إلى آخرها ، وفيها دلالة على أن التفكر في النفس وما خلق الله واجب ؛ لأنه يؤدي إلى العلم بالصانع.

قوله تعالى

(وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [الروم : ١٨]

هذا خبر ، والمراد به الأمر بتنزيه الله سبحانه مما لا يليق به من الصفات ، وخص هذه الأوقات لما في ذلك من اختلاف الأحوال ، وتبديل الضياء بالظلمة ، وأحوال الشمس والقمر ، فيكون هذا أمر ندب.

وقيل : أراد بالتسبيح الصلاة ؛ لأن فيها تسبيحا : وهذا مروي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وأبي علي ، وقواه الحاكم.

وروي أنه سئل ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال : نعم وتلا هذه الآية.

٢٨

فقوله : (تُمْسُونَ) : صلاة المغرب ، والعشاء. و (تُصْبِحُونَ) : صلاة الفجر. (وَعَشِيًّا) : صلاة العصر. و (تُظْهِرُونَ) : صلاة الظهر.

وإذا كان كذلك فالأمر للوجوب ، لكن الدلالة مجملة.

وفي تلاوة هذه الآية فضيلة قال في الكشاف : وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سره أن يكال له بالقفيز الأوفى فليقل : سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون».

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قال حين يصبح (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) إلى قوله : (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) أدرك ما فاته في يومه ، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته» والمعنى : تمسون فيه ، وتصبحون فيه.

قوله تعالى

(هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) [الروم : ٢٨]

في هذا إشارة إلى أن العبد لا يملك.

قوله تعالى

(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الروم : ٣٨].

اختلف المفسرون ، فقيل : الخطاب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأراد أعط قرابتك حقهم من الفيء ، وقيل : من صلة الرحم.

وقيل : بل الخطاب عام له ولغيره ، ولذلك قال : (ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) [الروم : ٣٨] وإذا كان عاما فالقربى يحتمل أنه أراد به قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويحتمل قرابة المتصدق.

واختلفوا في الحق المأمور به فقيل : هو الفيء لأقرباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيرهم.

٢٩

وقيل : الواجبات من الحقوق من زكاة أو عشر أو غير ذلك ؛ لأنّهم مقدمون.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا صدقة وذو رحم محتاج» ويكون ذلك في قرابة غير الرسول عليه‌السلام ، وإنما حمل على الواجبات ؛ لأن التبرعات لا يقال : إنها حق.

ومن هاهنا نشأ خلافان :

الأول : هل في الآية دليل على وجوب نفقة القرابة؟

فقال أبو حنيفة : هذا دليل ، فأوجب نفقة الأرحام المحارم.

وقال الشافعي : لا تجب إلا للآباء والأبناء قياسا على من لم يكن رحما محرما ، كابن العم ، ومذهب الأئمة وجوب نفقة من كان يقدّر أنه يرثه إن مات ، لقوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) [البقرة : ٢٣٣].

الخلاف الثاني : هل يجوز دفع الزكاة إلى غير الآباء والأبناء مع وجوب النفقة؟

فمذهبنا : أنه لا يجوز ؛ لأنه يصير منتفعا بها من حيث أنه إذا سلم له الزكاة سقطت النفقة.

وقال أبو حنيفة ، والإمام يحيى : يجوز لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة.

وهاهنا بحث وهو أن يقال :

إذا كان المانع السقوط لما يجب عليه لزم إذا كان قريبه لا يملك شيئا :

أنه يجوز أن يصرف إليه قوت تسعة أيام ؛ لأن ذلك لا يسقط النفقة ، ولزم إذا مات الغني أن يصرف واجبه إلى أخيه الفقير ؛ لأن بموته سقط الوجوب عليه.

٣٠

وأما المسكين فقد تقدم الخلاف هل هو أسوأ حالا من الفقير أو أحسن؟

وأما ابن السبيل : فهو المنقطع عن النفقة مع سفره ، وقد تقدم الخلاف إذا أمكنه الفرض. وقيل : أراد ضيافة ابن السبيل.

قال الحاكم : والأول أصح ؛ لأنها غير حق.

قوله تعالى

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم : ٣٩]

قيل : إن الآية نزلت في ثقيف وكانوا يربون.

وقد اختلف المفسرون في الربا المذكور ما أريد به :

فقيل : إنه الربا المحظور : وهذا قول الحسن ، وأبي علي ، وقواه الحاكم ؛ لأن الربا في عرف الشرع هو المحظور ، وقد يكون هذا نظير قوله تعالى في سورة البقرة : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البقرة : ٢٧٦].

وقال كثير من المفسرين : أريد بهذا الربا المباح.

فعن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وطاوس ، وقتادة ، والضحاك : هو أن يهب أو يهدي ليعوض أكثر منه.

وفي الحديث : «المستغزر (١) يثاب من هبته» وهو الذي يطلب أكثر ، ومعنى يثاب : يعوض.

وقيل : هو ما يعطي خادمه في السفر ، فيكون المعنى أنه لا يثاب ، ولا وزر فيه.

__________________

(١) الذي يطلب أكثر مما يعطي تمت.

٣١

وقيل : أراد التزهيد في الدنيا.

وقد قرئ (أتيتم) بقصر الهمزة ومدها ، وقرئ (ليربوا) بالياء المفتوحة ، وبالياء المضمومة على الخطاب.

وقوله تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) [الروم : ٣٩]

أي : من الزكاة ، وهي ما فرضه وشرعه (تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ ،) يعني :

لا يطلب به عوض ولا رياء ولا سمعة.

وثمرة الآية : تحريم الربا على أحد التفسيرين والإباحة في القسم الثاني.

ومن ثمراتها : أن الزكاة لا تصح بغير نية ، وأنه لا يصح التشريك في الصدقة لمعنى غير وجه الله.

فلو صرف الزكاة إلى من يدافع عنه ليدافع ، أو إلى من يهدي إليه أو يضيفه لأجل هديته ، وضيافته.

أو صرف عشرين مثلا إلى من يرد عليه عشرة لزم من هذا أن لا يجزيه ، لكن العشرة المشروط رجوعها لا تجزي ، وذلك جلي مع الشرط ومع الإضمار منعه أبو طالب ، والناصر ، وأبو عبد الله الداعي ، وقال : إنهما يؤدبان.

وقال المؤيد بالله : تجزي وإن كره.

قال أبو مضر : الكراهة للحظر ، وأما العشرة المأخوذة كما يعتاده كثير من الناس في الفطر أنه يقبض فطرا متعددة ، وقد حصل التواطؤ أنه يرد البعض إليه فهذا يحتمل لعدم الإجزاء أيضا ، لأنه أراد بالعشرة سقوط عشرة أخرى.

فإن قيل : ما يفعل كثير من الأئمة من قبض الواجبات ثم ردها على من صرفها ، وما قصد الصارف بالصرف إلا ليرجع إليه ، إذ لو عرف أن الإمام يأخذها ما صرفها؟

٣٢

قلنا : هذا يفصل فيه ، فإن كان الصارف محلّا للرد إليه لفقر أو تأليف فيأتي الخلاف : فعن قاضي القضاة ، وأبي علي : يجوز.

وعن أبي جعفر : لا يجوز ، ورجحه الفقيه محمد بن يحيى ؛ لأن قبض الإمام لها لا يخرجها عن كونها زكاة إذا لجازت للهاشمي (١) ، وإن كان المصروف إليه ليس بمحل للصرف إليه من هذا الواجب ، فإن كان يعود إلى الإمام أجزأ إن فعل هذا ، لا إن لم يفعل دخل في التأليف ، وإن لم يجزه ذلك.

ولو فرضنا أنه صرف مضمرا لرجوع المصروف إلى الصارف ، أو رجوع البعض وكانا جاهلين معتقدين ، ورجوع البعض وكانا جاهلين معتقدين للجواز ، ثم علم بالمنع بعد ذلك لزم أن يجزي ، كما لو صرف إلى فاسق جاهلا لمذهبه ، أو إلى غني يختلف في غناه.

قوله تعالى

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) [الروم : ٦٠].

ثمرات ذلك :

وجوب الصبر في الدين وإن ناله الأذى.

__________________

(١) لا سواء فإنها عين زكاة فلا تحل للهاشمي بخلاف المخرج المستحق فقد خرجت عن كونها زكاة نفسه لا عن كونها زكاة فلا يلزم ما ذكره الفقيه محمد بن يحيى.

٣٣

سورة لقمان

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى :

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [لقمان : ٦].

النزول

قيل نزل قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) في النضر بن الحارث وكان يتجر إلى فارس ، ويشتري كتبا فيها أخبار الأعاجم ، وحديث رستم ، واسفنديار ، وبهرام ، والأكاسرة ، وملوك الحيرة ، ويسمعون كلامه ، ويجتمعون لسماع حديثه ، ويتركون استماع القرآن ، عن مقاتل والكلبي ، وقال : إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم بحديث رستم ، واسفنديار.

وقيل : كان يشتري الأخبار المضحكة فيضحكون منها.

وقيل : كان يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قنه فيقول : أطعميه واسقيه وغنيه ، ويقول : هذا خير مما يدعو إليه محمد من الصلاة والصيام ، وأن تقاتل بين يديه.

وقيل : نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية.

ثمرة الآية : أن من صرف عن الحق إلى الباطل كان مستحقا للوعيد ،

٣٤

فيدخل في ذلك من خدع عن إجابة الإمام ، وأن لهو الحديث قبيح ، وذلك هو الغناء.

قال في الكشاف : السمر بالأباطيل والأحاديث الكاذبة ، والخرافات المضحكات.

قال : ويدخل المسبقات وهو علم عمل آلات الغناء والموسيقى ، وهو علم الغناء ، ومعرفة النغم.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب ، والآخر على هذا المنكب ، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يسقط».

وقيل : الغناء منفذة للمال ، مسخطة للرب ، مفسدة للقلب ، وهذا مذهب أكثر العلماء ، وقد ذكر في الانتصار أنه يوجب الفسق.

وعند (الشافعي) : يجوز أن يغني لنفسه أو تغني له جاريته على وجه لا يجتمع عليه المحافل ، ولا يشغل عن أوقات الصلاة ، وجوزه فقهاء المدينة ، وقد استدل على التحريم بهذه الآية.

وقيل : في تفسير قوله تعالى في سورة المدثر : (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) [المدثر : ٤٥] يريد به سماع اللهو.

وقيل : تفسير قوله تعالى : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) [العنكبوت : ٢٩] هو اللهو واللعب في أحد التأويلات ، وكذا قوله تعالى : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) [الأنعام : ٧٠].

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أول من تغنى إبليس ، ثم زمر ، ثم حدا ، ثم ناح» (١).

__________________

(١) الفردوس بمأثور الخطاب ج : ١ ص : ٢٧ ٤٢ علي بن أبي طالب عليه‌السلام أول من تغنى ابليس ثم زمر ثم حدى ثم ناح.

٣٥

قال في الشفاء : وعن الشيخ أبي الحسين البصري أنه روى أن رجلا قال يا رسول الله : قد جعل لي رزق في الغناء فعسى أن تأذن لي فيه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تفعل ، فإن عدت إليه لأنهبن مالك» وروي : «لأمرن من ينهبن مالك» واختار الحظر ، وقد وردت أخبار تدل على الإباحة ، فحملها أهل المذهب على أن ذلك على طريق الحداء ، ونشيد الأعراب.

واعلم أنه يلزم على تفسير الزمخشري بالمضحكات والأباطيل ، أنه لا يجوز الاشتغال بنحو ما يعتاده كثير من الفرّاع من الروايات الباطلة عن الحيوانات كما يقال : حديث الشاة والبقرة ، وكثير ما في كتاب كليلة ودمنة ، وكثير مما في كتاب المغفلين ، وكذا ما وضع في صفة الأصوات المختلفة في العيدان ، وأن لكل صوت ضربة نحو ما وضع في كتاب الأغاني أن لا يتناول ، وقد جعل أهل المذهب الاشتغال بالغناء قدحا في العدالة.

وقال الإمام [يحيى] في كتاب الانتصار أنه يوجب الفسق ، وقد ذكر في الشعر المذموم أنه الأبيات المقصرة المرققة ، والتغزل بالصور الحسنة المستخفة للعقل ، وينبغي الاحتياط عن كثير مما يعتاد في المساجد من النشيد المرفق خشية أن يكون داخلا في اسم الغناء ، ولهذا تكميل وهو أن يقلل إذا كان يحصل بالغناء وأنواع السماع ترغيب للمجاهدين ، أو بالمزمار الذي يعتاد مع الطاسات إرهاب على العدو ، وهل يباح ذلك كما أبيح ذبح الحيوانات التي لا يحل أكلها من الغنيمة إذا كان لم يمكن حملها ، وكما روي عن المرتضى في صيد النسور ليريش المجاهدون نبالهم بريشها أو لا يباح ذلك؟

قوله تعالى

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) [لقمان : ١٢]

قال في التهذيب : روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وأكثر المفسرين أنه لم يكن نبيا.

٣٦

وفي الكشاف : وروي عن عكرمة والشعبي أنه كان نبيا ، واختلف في نسبه فقيل : هو ابن أخت أيوب أو ابن خالته.

وقيل : هو من ولد آزر.

وعن ابن المسيب : كان أسود من سودان مصر.

وعن مجاهد : كان عبدا يغني فأعتق.

قيل : كان نجارا ، وقيل : أو راعيا ، وكان يفتي قبل مبعث داود عليه‌السلام فلما بعث قطع الفتوى فقيل له في ذلك فقال : ألا أكتفي إذا كفيت.

وفي هذه الجملة ثمرات ، نقتطف منها أن العلماء لم يعترضوا ما حكى وهو جواز أن يكون الإمام قد مسه الرق ، ومتعلقا بمهنة لأنه إذا جاز في النبي ففي الإمام أجوز ، ولعل هذا إجماع ، ويؤخذ من ذلك أن الأفضل لمن كفي عن حكم أو فتوى أو إمامة أو نحو ذلك الكف عن ذلك.

قوله تعالى :

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) [لقمان : ١٤ ـ ١٥].

النزول

قيل نزلت في سعد بن أبي وقاص ، حلفت أمه لا تأكل طعاما حتى تموت أو يدع دين محمد ، فلما رأته بعد ثلاث لم يرجع عن الإسلام أكلت.

وروي أنه قال : لو كان لها سبعون نفسا خرجت لما ارتددت إلى الكفر.

٣٧

وللآية ثمرات :

منها وجوب بر الوالدين مسلمين كانا أو كافرين ؛ لأن قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) معناه : أمرناه ؛ لأن الوصية هي الأمر المؤكد فأوجب تعالى على الولد فعل الحسن إليهما ، وأن يصاحبهما في الدنيا معروفا ، وذلك بالحلم والاحتمال والخلق الجميل ، وما تقتضيه المروءة وقد أخذ من هذا وجوب إنفاقهما وإن كانا كافرين ، وقد تقدم ما قيل أن المراد في أهل الذمة ؛ لأن الأحكام منقطعة بيننا وبين أهل الحرب ، وتقدم الرد لهذا.

ومن الثمرات : أن حق الأم آكد ؛ لأنه تعالى بين زيادة نعمة الأم بالحمل والفصال فقال : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) أقيل معناه : ضعف على ضعف عن الضحاك.

وقيل : شدة بعد شدة عن ابن عباس.

وقيل : ضعف الولد وضعف الأم.

وقيل : نطفة الأب ونطفة الأم ، وهما ضعيفتان عن أبي مسلم.

وقوله : (وَفِصالُهُ) أي : فطامه بانقضاء عامين.

قال في الكشاف : ومن ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمن قال له من أبر؟

قال : «أمك ، ثم أمك ، ثم أمك» ثم قال بعد ذلك : «أباك».

وروي أن بعض العرب حمل أمه على ظهره إلى الحج وهو يقول في حدائها :

أحمل أمي وهي الحمالة

ترضعني الدّرّة والغلالة

ولا يجازى والد فعاله

الدّرة ـ بالكسر كثرة اللبن ـ ، والغلالة بالضم البقية ،

٣٨

وقد ذكر في مهذب الشافعي : أن من يقدر على نفقة واحدة فقط وكان له أب وأم ثلاثة أوجه :

الأول : أن الأم تقدم في الإنفاق ؛ لأنهما قد استويا في الولادة ، واختصت الأم بالحمل في الوضع والتربية.

والثاني : أنه يقدم الأب ؛ لأنه لما كان يقدم في أنه ينفق على الصغير حيث للصغير أم وأب فكذا تقدم في الإنفاق عليه.

والثالث : أنهما سواء والجد يفارق الأب ، فيكون كسائر القرابة إنما تجب نفقته إذا كان موسرا ، فلا يتكسب عليه ، ويجب بقدر الإرث ، ويلزم على هذا لو كان الجد كافرا لا تجب نفقته.

وأما اعفاف الأب فلا يجب على المذهب ؛ لأن ذلك كاللباس الغالي والطعام الغالي ، والمنصوص للشافعي الوجوب وهو قول الإمام يحيى ؛ لأن الأب يتضرر بذلك ، فأشبه النفقة ، وخرج أبو علي بن خيران قول آخر في عدم الوجوب والاعفاف بأن يزوجه أو يملكه سرية ، ولا يزوجه قبيحة الخلق ، ولا عجوزا ؛ لأن المقصود بالإعفاف ، وإذا طلق أو أعتق لم يلزم مرة ثانية ؛ لأن ذلك يؤدي إلى التسلسل ، فإن ماتت الزوجة فوجهان في وجوب الإعفاف.

ثانيا : قال الحاكم وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الأب لا يقتل بالابن ، ولا يقطع بسرقة ماله ، ولا يحبس بدعواه.

قال القاضي في الاستدلال بهذه على ما ذكر [نظر] إنما يؤخذ بدليل آخر.

ومن الثمرات أن مدة الرضاع عامان ولكن هذا حد الكمال لقوله تعالى في سورة البقرة : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] وقيل : تمام الحولين ، ذلك ماكول إلى اجتهاد الأم ، هل قد حصلت للمرضع قوة فلها

٣٩

أن تفطم ، وقد استدل الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد بهذه الآية على أن الرضاع بعد الحولين لا يحرم ، وهو إجماع أهل البيت.

وقال أبو حنيفة : مدة الرضاع المحرم ثلاثون شهرا.

وقال داود وعائشة : تحرم مطلقا ، وروي أن رجلا قال لأبي موسى الأشعري إني مصصت من ثدي امرأتي لبنا فذهب في بطني ، فقال أبو موسى : قد حرمت عليك ، فقال ابن مسعود : انظر ما يفتي به الرجل ، قال أبو موسى : فما تقول أنت؟ فقال عبد الله : لا رضاع إلا ما كان في الحولين. فقال أبو موسى : لا تسألوني ما دام هذا الحبر بينكم.

وقال زفر : مدته إلى أن يستغني ، وفي الحديث عنه عليه‌السلام : «لا رضاع بعد الحولين» (١) وروي : «لا رضاع بعد فصال» وشبهة أبي حنيفة أنه تعالى أراد وحمله على الأيدي.

وقوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) قرن الله تعالى شكر الوالدين بشكر نفسه ؛ لأن لهما سببا في إيجاده ، وهذا بناء على أن الشرك يجب لأجل النعمة.

قال أبو هاشم : وكفر الكافر لا يبطل شكر نعمته وإن ابطل ثوابه.

وقال أبو علي : يبطل شكر نعمته كما يبطل ثوابه.

وعن سفيان بن عيينة : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا لوالديه عقيب الصلوات الخمس فقد شكر لوالديه.

قوله تعالى

(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) [لقمان : ١٥]

__________________

(١) أخرجه الدارقطني في سننه.

٤٠