تفسير الثمرات اليانعة - ج ٥

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]

تفسير الثمرات اليانعة - ج ٥

المؤلف:

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة التراث الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

وعاد إليه ملكه وسجد حين رجع ، وعاقب صخرا بأن جعله في جوف صخرة وشد عليه الصخرة وألقاه في البحر.

وقيل : لما أذنب كان الخاتم لا يقر في يده حتى قال له آصف : إنك لمفتون فهذه الروايات قد أنكرت.

قال الزمخشري : أما التماثيل فيجوز أن تختلف الشرائع بها ، وأما سؤاله الملك فجائز طلب ما لا يمنع منه الشرع.

وأما قوله : (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)

فكان دعاؤه بأمر الله إذ علم تعالى أن غيره من العباد لا يقوم بما يقوم به ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وسلم منزه عن الحسد ، أو قال ذلك على طريق المصلحة المبالغة كما يقال : لفلان ما ليس لأحد من الفضل والمال ، وإن كان كثيرا من الناس له مثله.

وروي أن الظالم الغشوم وهو الحجاج قيل له : إنك حسود ، فقال : أحسد مني من قال : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي).

قال جار الله : وهذا من جرأته على الله وشيطنته كما حكي عنه طاعته أوجب من طاعة الله ؛ لأنه شرط في طاعته ، فقال : فاتقوا الله ما استطعتم ، وأطلق طاعتنا ، وقال : وأولي الأمر منكم.

قوله تعالى

(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [ص : ٤١]

قيل : أراد بذلك ما ناله من ألم ومضرة ، ونسبه إلى الشيطان ، وإن كان المرض من الله تعالى لما كان المرض بسببه وبوسوسة الشيطان فأضاف المسبب إلى فاعل السبب مجازا.

وقيل : أراد ما وسوس إليه في مرضه من تعظيم بلائه وإغرائه على

١٤١

الجزع والكراهة ، فالتجأ إلى الله تعالى أن يكفيه ذلك بالشفاء ، أو بالتوفيق في دفعه ، أو برده بالصبر الجميل.

وروي إنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين فارتد أحدهم فسأل عنه فقيل ألقى إليه الشيطان أن الله تعالى لا يبتلي الأنبياء والصالحين ، وذكر في سببه ثلاثة وجوه.

قيل : أن رجلا استغاثه على ظالم فلم يغثه ، وقيل : كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه.

وقيل : أعجب بكثرة ماله.

قال في عين المعاني : وقيل : ذبح شاة فلم يطعم جاره الجائع.

وقد أفادت قصته ثمرات :

منها : ما في القصة أنه يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأنه لا يداهن الظالم ، وأن العجب منهي عنه ، وأن للجار حقا ، وأن الشكاء على الله من البلاوي ليس بجزع ذكره الزمخشري ، وقد قال يعقوب : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يوسف : ٨٦].

قال الزمخشري : وكذلك شكوى العليل إلى الطبيب وأنه يتوجه الغيرة على المؤمن والحياطة لدينه ؛ لأنه قد روي أن أيوب عليه‌السلام كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة بوسوسة الشيطان ؛ لأنه كان يوسوس إليهم أنه لو كان نبيا ما ابتلي ، وأنه يجوز التوسل إلى الله تعالى بصالح العمل ؛ لأنه قد روي أنه لم يبق منه إلا القلب واللسان ، وكان في ذلك مناجاته : إلهي قد علمت أنه لم يخالف لساني قلبي ، ولم يتبع قلبي بصري ، ولم يهبني ما ملكت يميني ، ولم أكل إلا ومعي يتيم ، ولم أبت شبعان ولا كاسيا إلا ومعي جائع وعريان.

قال الحاكم : ولا يجوز أن يبلغ مرضه حدا يستقذره الناس ؛ لأن ذلك يؤدي إلى التنفير.

١٤٢

قوله تعالى

(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) [ص : ٤٤]

قيل : إن أيوب عليه‌السلام حلف ليضربن امرأته مائة سوط ، وفي سبب يمينه وجوه.

قيل : أبطأت عليه ذاهبة في حاجة فتحرج صدره ، وقيل : إنها باعت ذوائبها برغيفين ، وكانتا متعلق أيوب إذا قام.

وقيل : قال لها الشيطان تسجد له سجدة فهمت بذلك فأدركتها العصمة.

وقيل : أوهمها الشيطان أن أيوب إذا شرب الخمر برىء ، فعرضت له بذلك.

وقيل : سألته أن يقرب للشيطان بعناق ، وأنكر ما لا يليق بالأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ فلما برئ أراد أن يبر في يمينه ويضربها ، فأمره الله تعالى أن يضربها بالضغث ، قيل : هو عثكال من النخل ، وقيل : قبضة من الشجر الرطب ، وقيل : من الحشيش ، وقيل : هو الأثل ، وهذه رخصة في اليمين باقية عندنا ، وأكثر العلماء.

وروي أنه صلّى الله عليه ضرب المريض الذي فجر بشمراخ فيه مائة خيط ، ويأتي مثل هذا الذرائع في الأيمان كما إذا حلف لا باع فوكل غيره وهو ممن يتولى البيع ، أو حلف بصدقة ماله إن وصل أخته فأخرج ماله إلى ملك غيره ثم وصلها وهذا قد ذكره القاسم عليه‌السلام.

قال في التهذيب : وذكر إسماعيل بن إسحاق أن هذا خاص في أيوب ، ولو جاز مثله في اليمين جاز مثله في الحدود.

قلنا : أما في المريض فقد روى الهادي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتي بمريض أصفر قد خرجت عروق بطنه قد زنا فدعا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثكول فيه مائة شمراخ فضربه بها ضربة واحدة.

١٤٣

وأما في حق الصحيح فالظاهر أنه لا تجوز الحيلة ، وقد قالوا : يجب أن يكون السوط بين الدقيق والغليظ.

قال في الكشاف : ويجب أن يصيب المضروب كل واحد من المائة ، إما أطرافها قائمة وإما أعراضها مبسوطة مع وجود صورة الضرب ، وكذا ذكر في عين المعاني في البر : أنه يبر إذا وصل كل واحد إلى البدن ، وقد حكي هذا في الانتصار عن الشافعي ، وذكره للمذهب الفقيه حسن.

وقال الإمام يحيى : يبر وإن لم يصل كل سوط إلى بدنه ، إذا وقع اعتماد كل سوط.

قيل : وهو ظاهر إطلاق أهل المذهب.

وقال مالك : لا يبر بالجمع ، وشبهته (١).

ومن ثمرات : الآية جواز تأديب الرجل لمرأته وهو ثابت في شريعتنا ، وقد قال تعالى في سورة النساء : (وَاضْرِبُوهُنَ).

قوله تعالى

(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) [ص : ٤٥]

ثمرة : ذلك وجوب الترغيب في الدين بما يقرب منه لأن المعنى : واذكر لقومك عبادنا إبراهيم ، وإسحاق ليقتدوا بهم.

قوله تعالى

(ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [ص : ٦٩]

قيل : أراد بالملإ الأعلى الملائكة ، وآدم ، وإبليس ؛ لأنهم كانوا في السماء اختصموا ، أي تناظروا فيما سبق.

__________________

(١) لعل شبهته أنه لا يصدق عليه بظاهر ما دلت عليه الظواهر من حقيقة العدد. (ح / ص).

١٤٤

وقيل : أشراف الملائكة تقاولوا في أمر آدم ، وقالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) [البقرة : ٣٠] عن ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، يعني : ما علمت ذلك إلا بوحي من الله تعالى.

وقيل : اختصموا فيما طريقه الاجتهاد.

وقيل : اختصامهم في الكفارات وو المهلكات ، والمنجيات والدرجات ، حتى قال صلّى الله عليه : «أما المنجيات فخشية الله في السر والعلانية ، والقصد في الغني والفقير ، والعدل في الغضب والرضاء ، وأما المهلكات فشح مطاع وهواء متبع ، وإعجاب المرء بنفسه ، وأما المكفرات فإسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وأما الدرجات فإطعام الطعام ، وإفشاء السّلام ، والصلاة بالليل والناس نيام» ذكر هذا في عين المعاني عن الضحاك (١) فتكون الثمرة من كلام المفسرين الحث على ما ذكر والترغيب فيه.

قوله تعالى

(فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) [ص : ٧٢]

قد تقدم أنه ليس على وجه العبادة بل تحية ، وأن المراد جعلوه قبلة ، أو أن الممنوع أن يعتقد أن السجود له على وجه العبادة لا على وجه التكرمة ، فالعقل لا يأباه إلا أن تكون فيه مفسدة فينهى عنه. وقد جاء في شريعتنا النهي عنه.

__________________

(١) بياض في الأصول قدر سطر تقريبا

١٤٥

سورة الزمر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى

(فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) [الزمر : ٢]

ثمرة ذلك : وجوب النية في العبادات ، وقد قيل : المخلص الذي لا يخالطه شرك ، ولا يمازجه شك ، ولا يشوبه رياء ، ولا يطلب عليه جزاء ، ذكره في عين المعاني ، عن الخدري.

قوله تعالى

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الزمر : ٧]

أي لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ، وقد تقدم ذكر هذا.

قوله تعالى

(قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) [الزمر : ٨]

هذا أمر ، والمراد به التهديد ، مثل قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت : ٤٠].

قوله تعالى

(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) [الزمر : ٩]

١٤٦

المعنى : كمن هو كافر ، والقانت قال في الكشاف : هو القائم بما يجب عليه من الطاعة ، ويطلق على القيام في الصلاة.

ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أفضل الصلاة طول القنوت» وقد ذهب الشافعي إلى أن القيام في الصلاة أفضل من السجود لهذا الخبر.

وقيل : السجود أفضل ؛ لقوله عليه‌السلام : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد».

وعن ابن عباس والسدي : القنوت هو الدوام على الطاعة.

وقيل : هو قراءة القرآن ، وقيام الليل عن ابن عمر.

ومن ثمرات الآية : قيام الليل أفضل من قيام النهار لما في ذلك من زوال الرياء وفراغ القلب.

ومن ثمراتها أنه يجب أن يعبد المؤمن ربه وهو بين الخوف والرجاء.

قوله تعالى

(وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) [الزمر : ١٠]

قيل : المعنى فتهاجروا فيها من الكفار ، نظير قوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) [النساء : ٩٧] فيكون أمرا بالهجرة.

وقيل : أراد أرض الجنة.

وقيل : أراد سعة الخير في البلاد التي أمروا بالمهاجرة إليها ، وأن الله تعالى يكفيهم المؤن.

وثمرة : ذلك لزوم الهجرة ، ولوجوب ذلك شروط قد سبقت ، وأراد بالصابرين الذين صبروا على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرها من تجريع الغصص ، واحتمال البلايا في طاعة الله.

١٤٧

وقوله تعالى : (بِغَيْرِ حِسابٍ) قيل : لا يحاسبون عليه ، وقيل : بغير مكيال ولا ميزان ، بل يغرف لهم غرفا وهو عبارة عن الكثرة.

قال في الكشاف : وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ينصب الله الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل البلايا فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ويصب عليهم الأجر صبا» قال تعالى : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلايا من الفضل ، فتكون ثمرتها الترغيب في الصبر.

وقيل : أراد الصبر على الطاعة وعن المعصية ، وقيل : على البلايا.

قوله تعالى :

(فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ) [الزمر : ١٧ ، ١٨]

قال جار الله : من الوقفة من يقف على (عِبادِ) ويبتدي بقوله : (الَّذِينَ).

اعلم أن في تفسير هذه الآية أقوال :

الأول : أنه أراد بالقول القرآن ، والأحسن الناسخ ، فيتبعوه دون المنسوخ.

الثاني : أنه أراد ما يخيرون فيه نحو القصاص ، والعفو لقوله : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) وكذلك الانتصار والإغضاء والإبداء الصدقة ، والأخفاء لقوله تعالى : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٧١].

١٤٨

الثالث : عن ابن عباس إنه الرجل يجلس مع القوم فيستمع الحديث ، وفيه محاسن ومساوئ فيحدث بأحسن ما سمع ويكف عن ما سواه.

الرابع : عن الغزالي بحمل المتشابه وقصص الأنبياء على المحكم.

الخامس : عن جابر أنها نزلت في رجل أعتق سبع مماليك حين سمع قوله عزوجل : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ).

السادس : عن ابن زيد نزلت في ثلاثة كانوا يقولون في الجاهلية : لا إله إلا الله ، وهم زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبو ذر ، وسلمان الفارسي.

وقيل : أراد أن يكونوا نقادا في الدين فيميزون بين الحسن والأحسن فيختاروا فعل الواجب على المندوب ، والمندوب على المباح ، وتدخل فيه المذاهب ، واختيار أثبتها دليلا وأمارة ، ولله القائل :

شمر وكن في أمور الدين مجتهدا

ولا تكن مثل عير قيد فانقادا

فيكون هذا فيه دلالة على أنه لا يجوز التقليد ، وهذا جلي في المسائل القطعية ، وأما الاجتهادية ففي ذلك خلاف وتفاصيل قد تقدم الإشارة إلى بعضها.

قوله تعالى

(قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الزمر : ٢٨]

قد تقدم ما يستخرج من هذا وهو أن القراءة بالفارسية لا تجزي في الصلاة ، وقد تقدم الخلاف.

قوله تعالى

(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) [الزمر : ٣٩]

هذه تهديد وليس بأمر.

١٤٩

قوله تعالى

(يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) [الزمر : ٥٣]

ثمرة ذلك : حسن الاستدعاء إلى الدين ، وتعريف العاصي بأنه وإن أسرف فلا يمنعه إسرافه من الإسلام ، ويحمله ذلك على القنوط ، بل يتوب فإن بالتوبة يغفر الله ذنوبه جميعها ، ولم يخص ذنبا من ذنب ، فيدخل القاتل والكافر.

وروي أن رجلا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ومن أشرك؟ فسكت صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال : «ومن أشرك ثلاثا» وهذا يدل على أنه أراد مع التوبة.

وقيل : إنها نزلت في وحشي قاتل حمزة ، وقيل : إنه أسلم عباس بن أبي ربيعة ، والوليد بن الوليد ، ونفر معهما ، ثم فتنوا وعذبوا ، فافتتنوا فكان أصحاب رسول الله يقولون : لا يقبل لهم صرف ولا عدل أبدا ، فنزلت فكتب بها عمر ـ رضي الله عنه ـ إليهم فأسلموا وهاجروا ، ولما نزلت قال صلّى الله عليه : «ما أحب أن لي الدنيا بما فيها بهذه الآية».

قوله تعالى

(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٥]

قيل : الأحسن هو القرآن ؛ لأنه أحسن ما أنزل من الكتب.

وقيل : الأحسن ما أمر الله به وقيل الأحسن المحكم ، وقيل : الأحسن الناسخ ، وقيل : الأحسن أن يفعل ما أمره الله وينتهي عما نهاه.

قوله تعالى

(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الزمر : ٦٣]

قيل : المقاليد المفاتيح ، وأحدها مقليد ، نحو منديل ومناديل.

١٥٠

وقيل : هي الخزائن ، والمعنى هو المالك لأمرها.

قال في الكشاف : وقيل : سأل عثمان ـ رضي الله عنه ـ رسول الله صلّى الله عليه عن تفسيرها فقال : «يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك ، تفسيره لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، واستغفر الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، بيده الخير يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير» زاد في عين المعاني : «من قالها إذا أصبح وإذا أمسى عشر مرات أعطاه الله سبعة خصال : يحرس من إبليس وجنوده ، ويحضره اثنا عشر ملكا يحفظونه ويستغفرون له ، ويعطى قنطارا من الجنة ، ويرفع له درجة ، ويزوجه الله زوجة من الحور العين ، ويكون له من الأجر كمن قرأ القرآن ، والتوراة والإنجيل ، وكمن حج واعتمر ، وقبلت حجته وعمرته ، فإن مات من ليلته مات شهيدا».

١٥١

سورة المؤمن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى

(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) [غافر : ٣]

يعني غافر ذنب التائب وقابل توبته ، ومن أصر فهو شديد العقاب له.

قال في الكشاف : وروي أن عمر ـ رضي الله عنه ـ افتقد رجلا ذا بأس شديد من أهل الشام فقيل له : تتايع في هذا الشراب ، فقال عمر لكاتبه اكتب : من عمر إلى فلان سلام عليك ، وأنا أحمد إليك الله الذي لا إلا هو ، بسم الله الرّحمن الرّحيم (حم) إلى قوله : (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) وختم الكتاب ، وقال لرسوله : لا تدفعه إليه حتى تجده صاحيا ، ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة ، فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول : قد وعدني الله أن يغفر لي ، وحذرني عقابه فلم يزل يرددها حتى بكى ، ثم نزع وأحسن النزوع وحسنت توبته ، فلما بلغ عمر أمره قال : هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زل فسددوه ووفقوه ، وادعوا الله أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه.

وقوله : (ووفقوه) أي ادعوا له بالتوفيق ، وفعل عمر فيه إشارة إلى أن التأديب لا يكون للتشفي وكذا الحد.

قوله تعالى

(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) [غافر : ٤]

١٥٢

يعني في ردها وإنكارها ، ولهذا قال : (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ) [غافر : ٥] وهذا دليل على قبح الجدال بالباطل فأما الجدال لحل مشكلها ، وإيضاح معناها ، ورد أهل الزيغ ، فذلك أعظم جهاد ، هكذا ذكر معناه جار الله ، وقد تقدم شرط الجدال بالحق.

قوله تعالى

(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [غافر : ٧]

هذا دليل على أن الميت يلحقه الاستغفار من غيره.

وفائدته : زيادة الدرج أو جبر فوات نقص الصغائر هكذا ذكر الحاكم ، وقد تقدم التفصيل ، والخلاف فيما يلحق الميت إذا لم يوص.

قوله تعالى

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) [غافر : ١٣]

وقوله : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ) [غافر : ٢١].

ثمرة ذلك : وجوب النظر في الأدلة ؛ لأن رؤساء الباطل يموهون فلا يكفي العاقل بالتقليد.

قال الحاكم : ويدل على وجوب الاستعاذة عند المهمات ، قول موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) [غافر : ٤٠].

قوله تعالى

(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) [غافر : ٢٨]

وثمرة هذا : جواز كتم الإيمان عند الخوف ، وجواز الوقوف في دار

١٥٣

الحرب إن تعذرت الهجرة ، وجواز بذل النفس للقتل ، إذا كان فيه إعزاز للدين ؛ لأنه توعد ، ولهذا قال : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) [غافر : ٤٤] وعلى وجوب النهي عن المنكر بالنصح ، وإظهار الحجة ، وهذا مؤمن آل فرعون وبه سميت السورة وهو رجل آمن لموسى ، وكتم إيمانه.

وقيل : آمن قبله وكتم إيمانه مائة سنة خوفا من فرعون ، وهو الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، واختلف في نسبه واسمه ، فقيل : كان قبطيا ابن عم لفرعون ، وقيل : كان إسرائيليا.

قال الزمخشري والحاكم : والظاهر أنه كان قبطيا ، ولهذا قال : (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) [غافر : ٢٩] فتنصح لهم.

وأما اسمه فقيل : اسمه سمعان ، وقيل : حبيب ، وقيل : حزبيل ، أو حزقيل.

قوله تعالى

(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ) [غافر : ٣٥]

دل ذلك على قبح الجدال بالباطل ، وفهم أنه لو كان بالحق حسن لقوله : (بِغَيْرِ سُلْطانٍ).

قوله تعالى

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) [غافر : ٥٥]

قيل : الخطاب لموسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل : نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل : للمؤمن أي اصبر أيها السامع.

١٥٤

قال في عين المعاني عن الكلبي : إن هذا منسوخ بآية السيف ، وقيل : إن الصبر على أذاهم غير منسوخ ، شعرا :

ما أحسن الصبر في مواطنه

والصبر في كل موطن حسن

وقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)

قيل : صغيرة فرطت من الرسول عليه‌السلام ، والاستغفار من الصغائر واجب عليهم.

وقوله تعالى : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ)

قيل : المعنى نزهه بالثناء عليه ، ودم على ذلك.

وقيل : سبح أي : صل (بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ).

قيل : أراد (بِالْعَشِيِ) من الزوال إلى الغروب ، وبالأبكار من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

وقيل : إشارة إلى الصلوات الخمس ، وقيل : أراد صلاة الفجر والعصر.

وعن مجاهد : قيل سبحان الله وبحمده.

وقوله تعالى

(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ)

دل ذلك على ما ذكر قبح الجدال بالباطل وحسنه بالحق.

قوله تعالى

(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر : ٦٠]

ثمرة : هذه الآية أن الله تعالى أمر بالدعاء ووعدنا بالإجابة ، ولكن في هذا أقوال للمفسرين :

١٥٥

الأول : أنه أراد بالدعاء العبادة والاستجابة الإثابة ، ولهذا قال تعالى في آخر الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) وفي تفسير مجاهد :

اعبدوني أثبكم.

وقال الحسن وقد سئل عنها : اعملوا ، وابشروا فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ويزيدهم من فضله.

وقيل للثوري : ادع الله فقال : إن ترك الذنوب هو الدعاء ، وفي الحديث إذا شغل عبدي طاعتي عن الدعاء أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.

وروى النعمان بن بشير عنه صلّى الله عليه : «الدعاء هو العبادة» وقرأ هذه الآية.

وعن ابن عباس : وحّدوني أغفر لكم.

قال جار الله : وهذا تفسير للدعاء بالعبادة ، ثم للعبادة بالتوحيد.

القول الثاني : أن معنى (أَسْتَجِبْ) أي : أسمع القول.

الثالث : أنه أراد حقيقة الدعاء الذي هو الطلب.

قال الحاكم : وإنما وجب لما في ذلكم من الإخلاص والانقطاع إليه ، والاعتراف بأنه المنعم ، وفي الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يدع الله غضب عليه» رواه في النجم شعرا :

الله يغضب إن تركت سؤاله

وبني آدم حين يسأل يغضب

ويحمل على ظاهره ؛ لأن الدعاء من أبواب العبادة.

وعن ابن عباس : أفضل العبادة الدعاء.

وعن كعب : أعطى الله هذه الأمة ثلاث خصال لم يعطهن إلا نبيا مرسلا ، كان يقول لكل نبي : أنت شاهدي على خلقي ، وقال لهذه الأمة : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) [البقرة : ١٤٣] ، وكان يقول : ما عليك من

١٥٦

حرج ، وقال لنا : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [المائدة : ٦] ، وكان يقول : ادعني استجب لك.

وقال لنا : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠] ، فإن قيل : قد نرى من يدعو فلا يستجاب له؟

قال جار الله : إنما يستجاب للمؤمن ؛ لأنه كالثواب ، وتكون الإجابة تقديمها وتأخيرها على حسب الصلاح ، وقد يكون الصلاح في الإجابة مشروطا بتقديم الدعاء ، فالإجابة مشروطة بصدق الرغبة ، وشرائط الحكمة بدليل قوله تعالى : (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ) وقد تقدم طرف من هذا.

قوله تعالى

(فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [غافر : ٦٥]

المعنى : فاعبدوه مخلصين له الدين ، قائلين : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

وعن ابن عباس : من قال : لا إله إلا الله فليقل على أثرها : الحمد لله رب العالمين ، وهذه ثمرتها وهو لزوم الحمد على الإخلاص ، ومن هذا المعنى قول الشاعر :

إذا كان شكري نعمة الله نعمة

عليّ له في مثلها يجب الشكر

فكيف بلوغ الحمد إلا بمثله

وإن طالت الأيام واتصل العمر

قوله تعالى

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ) [غافر : ٦٩]

المعنى : كيف يصرفون في آيات الله مع وضوحها.

وثمرتها : قبح الجدال بالباطل.

١٥٧

قوله تعالى

(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) [غافر : ٧٥]

والفرح والمرح والبطر نظائر ، والمراد فرحهم بالأوثان ، وتكذيبهم ، وفي هذا دلالة على قبح الرضاء بالمعصية.

قوله تعالى

(لِتَرْكَبُوا مِنْها) [غافر : ٧٩]

جعل العلة في جعلها الركوب ، والبلوغ إلى الحاجة ، ولم يجعل العلة مع هذا الأكل.

قال جار الله : لأن الأكل مباح.

وأما الركوب فقد يبلغ به إلى الجهاد والحج.

وقوله : (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً).

أي : موضع الهجرة ، وهذا أمر ديني ، هذا إذا فسر الأنعام بالإبل فقط.

وقيل : أراد بالأنعام الثمانية الأزواج.

وقيل : البقر والغنم والإبل ، فيكون المراد التقسيم أي : بعضها للركوب والأكل ، وبعضها للأكل فقط.

قوله تعالى

(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) [غافر : ٨٥]

وثمرة ذلك : أن توبة الملجأ لا تصح.

١٥٨

سورة السجدة

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله تعالى

(قُرْآناً عَرَبِيًّا) [فصلت : ٣]

قد تقدم ما يستثمر منه [في سورة يوسف عليه‌السلام]

قوله تعالى

(فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت : ٦]

هذا أمر من الله تعالى بالاستقامة والاستغفار.

قيل الاستقامة ألا يذهب إلى غيره بل يخلص العمل له ، مأخوذ من قولهم : استقم على الطريق ، أي : لا تذهب يمينا ولا شمالا ، ولما كانت الاستقامة لا بد لها من التوبة ذكر الاستغفار ، وهو طلب المغفرة من الله تعالى.

قوله تعالى

(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) [فصلت : ٧]

هذه حجتنا والشافعي على أن الكافر يخاطب بالشرائع خلافا لأبي حنيفة وفائدة ذلك هل يعاقبون على ترك الواجبات وفي تفسير ما أراد من الزكاة أقوال للمفسرين.

الأول : أن المراد لا يشهدون ألا إله إلا الله ؛ لأنها زكاة الأنفس عن أبي علي.

١٥٩

الثاني : لا يدينون بها عن الحسن.

الثالث : لا يفعلون ما يكونون به أزكياء من الدخول في الإسلام وقيل : لا ينفقون في الطاعة عن الضحاك ومقاتل ، وروي أن قريشا كانت تطعم الحاج فحرموا ذلك من آمن بمحمد صلّى الله عليه ، وقيل : المراد الزكاة الظاهرة ؛ لأن في الحديث : «الزكاة قنطرة الإسلام».

قال جار الله ـ رحمه‌الله تعالى ـ : وإنما خص الله تعالى مانع الزكاة من بين أوصاف الكفر ؛ لأن أحب شيء إلى الإنسان ماله ، وهو شقيق روحه ، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته واستقامته ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة : ٢٦٥] وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة (١) من الدنيا ، وما تظاهر أهل الردة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا بمنع الزكاة فنصب لهم الحرب ، وفي هذا بعث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها ، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين ، وقرن الكفر بالآخرة.

قوله تعالى

(فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) [فصلت : ١٦]

قيل : النحس نقيض السعد.

قيل : أراد باردات عن أبي مسلم ، وقيل : مشئومات عن مجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وأبي علي.

__________________

(١) النهاية في غريب الحديث ج : ٤ ص : ٢٧١ اللّمظة بالضم مثل النّكتة من البياض ومنه فرس ألمظ إذا كان بجحفلته بياض يسير وفي حديث أنس في التّحنيك فجعل الصبيّ يتلمّظ أي يدير لسانه في فيه ويحرّكه يتتبّع أثر التّمر واسم ما يبقى في الفم من أثر الطعام لماظة

١٦٠