الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٢

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي

الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: نگين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٨

سورة الفرقان

[٢٥]

سبع وسبعون آية. مكية ، وقيل : إلّا (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ ...) الى : (رَحِيماً) (١).

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

[١] ـ (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ) تكاثر خيره ، أو تزايد وتعالى عن كلّ شيء.

و «الفرقان» مصدر فرق ، سمّي به القرآن لفرقه بين الحق والباطل ، أو لإنزاله مفروقا بعضه عن بعض (عَلى عَبْدِهِ) «محمّد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لِيَكُونَ) عبده أو الفرقان (لِلْعالَمِينَ) أي الثّقلين (نَذِيراً) مخوّفا من العذاب. وصحّ الوصل (٢) بهذه الصّفات لأنّها معلومة بدلائل الإعجاز.

[٢] ـ (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بدل من الأوّل أو مدح مرفوع أو منصوب (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) كزعم النّصارى وغيرهم (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) كزعم الوثنيّة والثّنوية (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أوجده على تقدير وتسوية في شكله وجبلّته حسب ما تقتضيه الحكمة (فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) فهيّأه لما يصلح له في باب الدّين والدّنيا.

__________________

(١) قاله ابن عباس كما في تفسير مجمع البيان ٤ / ١٥٩.

(٢) اي جعله صلة.

٤٠١

أو : فقدّره للبقاء الى أجل مسمّى.

أو : أريد بالخلق مجرّد الإيجاد بدون نظر الى وجه الاشتقاق وهو تضمّنه لمعنى التّقدير فكأنّه قيل : أوجد كل شيء فقدّره في إيجاده فلم يوجد متفاوتا.

[٣] ـ (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) لمّا اثبت التّوحيد والنبوّة شرع في الردّ على منكريهما (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) لأنّ عبدتهم يصنعونهم بالنّحت (وَلا يَمْلِكُونَ) لا يستطيعون (لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا) أي دفعه (وَلا نَفْعاً) أي جرّه (وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً) اماتة واحياء (وَلا نُشُوراً) بعثا للأموات ، ومن هذا حاله كيف يتّخذ إلها؟!.

[٤] ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا) أي القرآن (إِلَّا إِفْكٌ) كذب (افْتَراهُ) اختلقه (وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) من أهل الكتاب وهو نظير : (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) وسبق في النّحل (١) (فَقَدْ جاؤُ) (٢) فعلوا (ظُلْماً) هو تكذيبهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَزُوراً) هو كذبهم عليه ويجوز انتصابه بنزع الخافض.

[٥] ـ (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ما سطره المتقدّمون (اكْتَتَبَها) كتبها لنفسه ، أو استكتبها (فَهِيَ تُمْلى) تقرأ (عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) طرفي نهاره ليحفظها أو ليكتبها.

[٦] ـ (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ) الغيب (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لإعجازه بفصاحته ، وتضمّنه لمصالح العباد في المعاش والمعاد واخباره بما لا يعلمه إلّا علّام الغيوب (إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) فلذلك لم يعاجلكم بما استوجبتموه من العقوبة.

[٧] ـ (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ) أي الزّاعم انه رسول وفيه تهكّم (٣) (يَأْكُلُ الطَّعامَ) كما نأكل (وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) لطلب المعاش كما نمشي ، زعموا انّه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتّعيّش ، ثم نزلّوا عن ذلك فقالوا :

__________________

(١) سورة النحل : ١٦ / ١٠٣.

(٢) ينظر تعليقنا على الآية (٦١) من سورة البقرة.

(٣) التهكم : الاستهزاء.

٤٠٢

(لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) يصدّقه ، ثمّ نزلوا عن ذلك فقالوا :

[٨] ـ (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ) يغنيه عن طلب المعاش ، ثمّ نزّلوا عنه فقالوا : (أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ) بستان (يَأْكُلُ مِنْها) ويرتزق كالدّهاقين ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» بالنّون (١) (وَقالَ الظَّالِمُونَ) ـ وضع موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظّلم فيما قالوا ـ (إِنْ) ما (تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) سحر فغلب على عقله.

[٩] ـ (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أي قالوا فيك الأقوال النّادرة (فَضَلُّوا) عن الرّشد (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) إليه أو الى ابطال أمرك.

[١٠] ـ (تَبارَكَ الَّذِي) تكاثر خير الّذي (إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ) في الدّنيا (خَيْراً مِنْ ذلِكَ) ممّا قالوا (جَنَّاتٍ) بدل من «خيرا» (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وقد شاءه لك في الآخرة (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) جزم عطفا على محلّ الجزاء ورفعه «ابن كثير» و «ابن عامر» و «أبو بكر» (٢) لجواز الرّفع والجزم في جزاء الشرط الماضي أو استئنافا.

[١١] ـ (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) عطف على ما حكي عنهم أي بل أتوا بأعجب من تكذيبك وهو تكذيبهم بالسّاعة أو حملهم عليه تكذيبهم بها لا ما طعنوا به عليك (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) نارا شديدة الإسعار أو هو اسم لجهنّم.

[١٢] ـ (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) كقولهم : دورهم تتراءى : كأنّ بعضها يرى بعضا على المجاز ، والمعنى : إذا كانت منهم بمرأى النّاظر في البعد (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً) صوت تغيّظ (وَزَفِيراً) شبّه صوت غليانها بصوت المغتاظ وزفيره.

وقيل : يجوز أن يخلق الله لها حياة فترى وتغضب وتزفر (٣).

وقيل : ذلك لزبانيتها فنسب إليها على حذف مضاف (٤).

__________________

(١) حجة القراآت : ٥٠٧.

(٢) حجة القراآت : ٥٠٨.

(٣) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٤٣.

(٤) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٤٣.

٤٠٣

[١٣] ـ (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً) في مكان ومنها نعت قدّم فصار حالا (ضَيِّقاً) يراضون (١) فيه ويضيق عليهم كما يضيق الزّجّ في الرّمح وخفّفه «ابن كثير» (٢) (مُقَرَّنِينَ) قرنت أيديهم الى أعناقهم بالأغلال (دَعَوْا هُنالِكَ) في ذلك المكان (ثُبُوراً) هلاكا ، أي يقولون ووا ثبوراه ، فهذا وقتك ، فيقال لهم :

[١٤] ـ (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) لكثرة انواع عذابكم ، فكلّ نوع ثبور ، أو لدوامه فهو [في] ـ (٣) كل وقت ثبور.

[١٥] ـ (قُلْ أَذلِكَ) المذكور من الوعيد وصفة السّعير (خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) أضيف إليه تنبيها على خلودها والاستفهام للتّبكيت والتّهكّم (الَّتِي وُعِدَ) أي وعدها (الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ) في علمه تعالى لأنّ وعده في تحقّقه كالكائن (جَزاءً) على أعمالهم (وَمَصِيراً) ومرجعا.

[١٦] ـ (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) ما يشاءونه من النّعيم (خالِدِينَ) حال لازمة (كانَ) ما يشاءون (عَلى رَبِّكَ وَعْداً) موعودا واجبا عليه إنجازه (مَسْؤُلاً) يسأله النّاس بقولهم : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا) (٤) أو الملائكة بقولهم : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) (٥) أو من حقّه أن يسئل.

[١٧] ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) (٦) وقرأ «ابن كثير» و «حفص» بالياء (٧) (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) من الملائكة و «عيسى» و «عزيرا» والأصنام ينطقها الله ، أو ما يعمّ الكلّ.

__________________

(١) الروض والرياضة : التذليل (مجمع البحرين).

(٢) حجة القراآت : ٥٠٨.

(٣) الزيادة اقتضاها السياق ، وأخذناها من تفسير البيضاوي ٣ : ٢٤٣.

(٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٩٤.

(٥) سورة غافر : ٤٠ / ٨.

(٦) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «يحشرهم» ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.

(٧) حجة القراآت : ٥٠٨.

٤٠٤

ولفظ «ما» لوضعه عامّا ، ولذا يسئل به عن شبح يرى ولا يعرف ، أو : أريد به الوصف كأنّه قيل : ومعبوديهم (فَيَقُولُ) ـ للمعبودين تبكيتا وإلزاما للعبدة وقرأ «ابن عامر» بالنون ـ : (١) (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) أي عنه ، وحذف «عن» مبالغة ولم يقل : أضللتم أم ضلّوا لأنّ السؤال ليس عن الفعل لأنّه متحقّق وإلّا لما توجّه العتاب ، بل عن متولّيه فلزم ايلاؤه حرف الاستفهام.

[١٨] ـ (قالُوا سُبْحانَكَ) تعجّبا مما قيل لهم ، لأنّهم ملائكة وأنبياء معصومون ، أو جمادات عجزة ، أو إيذانا بأنّهم الموسومون بتسبيحه فكيف يليق بهم أن يضلّوا عباده ، أو تنزيها له عن الأنداد (ما كانَ يَنْبَغِي) ما يصحّ (لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) نتولّاهم ونعبدهم للعصمة أو العجز ، فكيف نأمر غيرنا بعبادتنا و «من» زائدة و «اولياء» مفعول و «من دونك» حال مقدّم أو مفعول ثان إن جعل «نتّخذ» متعدّيا الى اثنين كقراءة البناء للمفعول وتنسب الى «الصادق» عليه‌السلام (٢) و «يعقوب» ومفعوله الأوّل ـ عليها ـ : «نحن» والثّاني : «من اولياء» و «من» للتّبعيض (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) بأنواع النّعم (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) تركوا ذكرك أو القرآن وتدبّره (وَكانُوا قَوْماً بُوراً) هالكين جمع «بائر» كحائل وحول.

أو مصدر يوصف به الواحد والجمع ويفيد أنّه تعالى لا يضلّ عباده حقيقة وإلّا كان الجواب أن يقولوا : بل أنت أضللتهم ، لا أن يقولوا : بل أنت تفضّلت عليهم. فجعلوا النّعمة الّتي حقّها أن تكون سبب الشّكر سبب الكفران ونسيان الذّكر ، فهم ضلّوا بأنفسهم وهلكوا باختيارهم الضّلال.

[١٩] ـ (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ) التفات للإلزام بتقدير شرطه ، أي : إن زعمتم انّهم آلهة

__________________

(١) حجة القراآت : ٥٠٩.

(٢) تفسير مجمع البيان ٤ : ١٦٢.

٤٠٥

فقد كذّبوكم (بِما تَقُولُونَ) في قولكم انّهم آلهة ، فالباء بمعنى «في» أو مع مجرورها بدل من «كم» وعن «ابن كثير» بالياء (١) أي بقولهم «سبحانك» الآية (فَما تَسْتَطِيعُونَ) (٢) أي آلهتكم ، وقرأ «حفص» بالتّاء ، أي : أنتم (٣) (صَرْفاً) دفعا للعذاب عنكم (وَلا نَصْراً) منعا لكم منه (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) ايّها المكلفون بشرك أو فسق (نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) وهو النّار ما لم يتب أو نعف عن الفسق.

[٢٠] ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) الجملة بعد «إلّا» صفة محذوف دلّ عليه «المرسلين» أي ما أرسلنا قبلك رسلا إلّا آكلين وماشين ، وكسر «انّ» للجملة لا للام.

وهو ردّ لقولهم : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) ، (٤) (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) ابتلاء كابتلاء الشّريف بالوضيع يسلّم قبله فيأنف أن يسلّم لئلّا يفضله بالسّبق ، والمبتلى بالمعافى يقول لم لم أجعل مثله في الخلق والخلق وغيرهما ، والرّسل بالمرسل إليهم وإيذائهم لهم وهو تصبير له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما قالوه بعد ردّه (أَتَصْبِرُونَ) أي ليظهر انّكم تصبرون على البلاء أم لا ، أو : مستأنف بمعنى : اصبروا (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) بالصّواب فيما يبتلى به وغيره أو فيمن يصبر وغيره.

[٢١] ـ (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ) لا يأملون أو لا يخافون (لِقاءَنا) أي جزاءه (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فيخبروننا بصدق «محمّد» أو يكونون رسلا إلينا (أَوْ نَرى رَبَّنا) فيأمرنا بتصديقه واتباعه (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) اضمروا

__________________

(١) حجة القراآت : ٥٠٩.

(٢) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «تستطيعون» ـ كما سيشير إليه المؤلّف ـ.

(٣) حجة القراآت : ٥١٠.

(٤) الآية : (٧) من هذه السورة.

٤٠٦

الاستكبار عن الحقّ وهو الكفر في قلوبهم واعتقدوه (وَعَتَوْا) (١) وأفرطوا في الظّلم (عُتُوًّا كَبِيراً) بالغا الغاية بقولهم هذا.

و «عتوّ» بالواو على أصله وفي «مريم» «عتا» (٢) بالقلب واللام جواب قسم محذوف.

[٢٢] ـ (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) عند الموت أو في القيامة ، ونصب ب «اذكر» مضمرا أو بما دلّ عليه : (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) أي يمنعون البشرى و «يومئذ» تكرير و «للمجرمين» في موضع ضميرهم أو عام فيشملهم (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) أي ويقول الكفرة حينئذ للملائكة بهذه الكلمة ، استعاذة منهم كما كانوا يقولونها في الدّنيا عند لقاء عدوّ أو نحوه ، أي : اسأل الله أن يمنع ذلك منعا. أو : تقولها الملائكة أي حراما محرما عليكم الجنّة أو البشرى ووصف ب «محجورا» تأكيدا «كشعر شاعر».

[٢٣] ـ (وَقَدِمْنا) عمدنا (إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) من الخير كصلة رحم واغاثة ملهوف وقرى ضيف (فَجَعَلْناهُ هَباءً) هو غبار يرى في شعاع الشّمس الخارج من الكوّة (مَنْثُوراً) متفرّقا صفته أو مفعول ثالث كتعدّد الخبر في (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٣).

والمعنى : احبطناه لعدم شرطه ، شبّه عملهم بالهباء في حقارته وعدم نفعه ثمّ بالمنثور في تفرّقه بحيث يمتنع جمعه.

[٢٤] ـ (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) مكانا ، يستقرّ فيه.

والتّفضيل بالنسبة إلى ما للمترفين في الدّنيا ، أو أريد به الزّيادة مطلقا وكذا :

(وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) مكانا ، يأوى إليه للاسترواح بالأزواج والتّمتّع بهنّ على التّشبيه

__________________

(١) ينظر تعليقنا على الآية (٦١) من سورة البقرة.

(٢) سورة مريم : ١٩ / ٨ و ٩٦.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ٦٥.

٤٠٧

بمكان القيلولة ، إذ لا نوم في الجنّة ، ويفيد انقضاء الحساب في نصف نهار.

روى انّه لا ينتصف نهار ذلك اليوم حتّى يقيل أهل الجنّة فيها ، وأهل النّار فيها ، وفي «احسن» إيماء الى ما في مقيلهم من التّحاسين (١) كحسن الصّورة وغيره.

[٢٥] ـ (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ) تتشقّق ، حذفت التّاء وادغمها «نافع» و «ابن كثير» و «ابن عامر» (٢) أي تتفتّح (بِالْغَمامِ) بسبب خروج الغمام منها (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) في ذلك الغمام بصحائف أعمال العباد ، وقرأ «ابن كثير» ، «وننزل» ونصب «الملائكة» (٣).

[٢٦] ـ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) الثّابت له ، لزوال كلّ ملك يومئذ إلّا ملكه فهو الخبر و «للرّحمن» صلته و «يومئذ» معمول للملك لا له (٤) أو صفة (٥) والخبر «يومئذ» [أو] ـ «للرّحمن» (٦) (وَكانَ) اليوم (يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ) لا المؤمنين (عَسِيراً) شديدا.

[٢٧] ـ (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) ندما وتحسّرا ، وعضّ اليدين كناية عن الغيظ والتّحسّر للزومه لهما غالبا كأكل البنان ونحوه ، وأريد جنس الظّالم.

وقيل : عقبة بن أبي معيط دعا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى ضيافته ، فأبى أن يأكل طعامه حتّى يأتى بالشّهادتين ، ففعل ، فعاتبه ابىّ بن خلف وقال : صبأت؟ (٧) فقال : لا ، ولكن أبى أن يأكل طعامي وهو في بيتي فاستحيت منه فشهدت له فقال : لا ارضى عنك حتّى تأتيه فتبزّق في وجهه ففعل.

__________________

(١) التحاسين : الأشياء الحسنة.

(٢) حجة القراآت : ٥١٠.

(٣) حجة القراآت : ٥١٠.

(٤) اي ليس معولا للحقّ لأنّه متأخّر.

(٥) اي الحقّ صفة.

(٦) الزيادة من تفسير البيضاوي ٣ : ٢٤٦.

(٧) صبأ : خرج من دين الى دين آخر.

٤٠٨

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ألقاك خارجا من مكّة إلّا علوت رأسك بالسّيف فاسر ببدر فأمر «عليا» عليه‌السلام بقتله وطعن ابيّا بأحد ومات بمكّة

(١) (يَقُولُ يا) للتّنبيه (لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) طريقا الى الهدى ، وفتح «أبو عمرو» الياء (٢).

[٢٨] ـ (يا وَيْلَتى) بإبدال ياء الإضافة الفا ، أي : يا هلكتا ، احضرى فهذا وقتك (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) أي من اضلّه ، وفلان كناية عن الإعلام (٣).

[٢٩] ـ (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) عن القرآن أو موعظة الرّسول (بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) مع الرسول (وَكانَ الشَّيْطانُ) أي الخليل المضلّ أو إبليس أو كلّ متشيطن جنّي أو إنسيّ (لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) يسلمه الى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه.

[٣٠] ـ (وَقالَ الرَّسُولُ) ـ «محمّد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشكو قومه في الدّنيا أو يوم القيامة ـ : (يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي) قريشا ، وفتح «نافع» و «أبو عمرو» و «البزّى» الياء (٤) (اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) متروكا ، أو : زعموا انّه هجر وهذيان ، أو : هجروا فيه ولغوا أي مهجورا فيه.

وفيه تخويف لهم لأنّ الأنبياء إذا شكوا إليه قومهم عجّل عذابهم.

[٣١] ـ (وَكَذلِكَ) كما جعلنا لك عدوّا من كفّار قومك (جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) الكافرين بأن لم نمنعهم من العداوة لهم فاصبر كما صبروا (وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً) الى الاعتصام منهم (وَنَصِيراً) لك عليهم.

[٣٢] ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا) هلّا (نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ) أي انزل بقرينة :

(جُمْلَةً واحِدَةً) مجتمعا كالكتب الثّلاثة ، وهي شبهة واهية إذ اعجازه لا يختلف

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٤ : ١٦٦.

(٢) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٤٩.

(٣) كما ان «هنا» كناية عن الأجناس (تفسير البيضاوي ٣ : ١٤٦).

(٤) الكشف عن وجوه القراآت ٢ / ١٤٩.

٤٠٩

بنزوله جملة ومفرّقا مع انّ من حكم التّفريق ما افاده قوله : (كَذلِكَ) نزل مفرّقا (لِنُثَبِّتَ بِهِ) لنقوّى بتفريقه (فُؤادَكَ) على حفظه إذ كان أمّيّا بخلاف الأنبياء الثلاثة ، فلو ألقي عليه جملة تعنّى بحفظه ولأنّ نزوله بحسب الحوادث يزيده بصيرة ، ولأنّ نزول جبرائيل به حينا بعد حين ممّا يقوّى قلبه ، ومنها اقتضاء النّاسخ والمنسوخ التّفريق (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) نزّلناه شيئا بعد شيء بتمهّل في نحو عشرين سنة أو أمرنا بترتيله أي تبيينه والتأني في قراءته.

[٣٣] ـ (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ) بسؤال عجيب كالمثل في البطلان للقدح فيك (إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِ) الرّادّ له في جوابه (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) وبما هو أحسن بيانا ، أو : معنى : من سؤالهم.

[٣٤] ـ (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ) مسحوبين إليها ، ذمّ منصوب أو مرفوع أو مبتدأ ، خبره : (أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ممّن حقّروا مكانه وضلّوا سبيله وهو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ووصف السّبيل بالضّلال من المجاز الحكمي (١).

[٣٥] ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التّوراة (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) معينا في الدّعوة.

[٣٦] ـ (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي فرعون وقومه فذهبا إليهم فكذبوهما ، (فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) أهلكناهم إهلاكا.

[٣٧] ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) نوحا ومن قبله ، أو نوحا وحده إذ تكذيبه تكذيبهم أو بعثة الرّسل كالبراهمة (٢) ونصب بما يفسّره (أَغْرَقْناهُمْ) بالطّوفان (وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) عبرة (وَأَعْتَدْنا) هيّأنا (لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً) عامّ أو

__________________

(١) المجاز الحكمي : نسبة الفعل الى غير ما هو له.

(٢) البراهمة : هم من أنكروا بعثة الرسل ـ انظر الملل والنحل.

٤١٠

خاصّ في موضع الضمير ، تظليما له.

[٣٨] ـ (وَعاداً) عطف على «هم» في «جعلناهم» أو «الظّالمين» إذ المعنى وعدناهم (وَثَمُودَ) ونوّن بتأويل الحيّ ومنعه «حمزة» و «حفص» بتأويل القبيلة (وَأَصْحابَ الرَّسِ) هو البئر الغير المطويّة (١) وكانت لعبدة أصنام ، فبعث إليهم شعيب فكذّبوه ، فانهارت بهم وبدارهم.

أو قرية بفلج اليمامة (٢) وكان فيها بقيّة ثمود فقتلوا نبيّهم فاهلكوا ، أو بئر بأنطاكية ، قتلوا فيها حبيبا النّجار.

أو هم قوم رسّوا نبيّهم أي دفنوه في بئر. أو أصحاب الأخدود. أو أصحاب النّبيّ حنظلة بن صفوان قتلوه فاهلكوا (وَقُرُوناً) أهل أعصار (بَيْنَ ذلِكَ) المذكور (كَثِيراً).

[٣٩] ـ (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) بيّنّا له القصص العجيبة فلم يعتبروا (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) كسّرنا تكسيرا ، ومنه التبر لكسار الذّهب والفضة أي أهلكناهم ، ونصب «كلّا» الأوّل بما دلّ عليه «ضربنا» كحذّرنا والثاني ب «تبّرنا».

[٤٠] ـ (وَلَقَدْ أَتَوْا) أي مرّ قريش (عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) الحجارة وهي «سدوم» من قرى قوم لوط (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) في مرورهم فيعتبرون ، استفهام تقرير (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) لا يتوقّعون بعثا لكفرهم ، ولذلك لم يعتبروا أو لا يأملونه كما يأمله المؤمنون للثّواب أو لا يخافونه.

[٤١] ـ (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ) ما (يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) محلّ هزؤ ، أي : مهزوا به ، يقولون : (أَهذَا) استحقارا (الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) لم يقيدوه بزعمه بل أخرجوه في معرض الإقرار مع فرط انكارهم استهزاء.

__________________

(١) البئر الغير المطويّة : البئر التي لم تبن بالحجارة.

(٢) فلج ـ بفتح اوله وثانيه ـ مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة وقشير وكعب «مراصد الاطلاع».

٤١١

[٤٢] ـ (إِنْ) المخفّفة أي انّه (كادَ لَيُضِلُّنا) يصرفنا ، واللّام فارقة (عَنْ آلِهَتِنا) عن عبادتها ببذل جهده في دعائنا (لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها) ثبتنا (١) على عبادتها لصرفنا عنها (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ) عيانا في الآخرة ، وعيد يفيد انّه يلحقهم لا محالة وان اخّر (مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) اخطأ طريقا أهم أم أنت حيث زعموك مضلّا والمضلّ ضالّ.

[٤٣] ـ (أَرَأَيْتَ) أخبرني (مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) لطاعته له في دينه.

وقدّم المفعول الثاني عناية به (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) حافظا تجبره على الإسلام والاستفهام الأوّل للتّقرير والثّاني للإنكار.

[٤٤] ـ (أَمْ) بل أ(تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ) سماع تفهّم (أَوْ يَعْقِلُونَ) يتدبّرون ما تأتى به من الحجج ، اضرب عن ذمهم السّابق الى ما هو أشنع.

وخصّ الأكثر إذ فيهم من عقل وكابر حبّا للرّئاسة (أَنَ) ما (هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) في عدم تفهّم قولك وتدبّر حججك (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) منها ، لأنّها تعرف المحسن إليها من المسيء ، وتطلب المنافع وتجتنب المضارّ.

وهؤلاء لا يعرفون احسان ربّهم من اساءة الشيطان ، ولا يطلبون نفع الثّواب ، ولا يتّقون ضرر العقاب ، ولأنّها لم تمكن من المعرفة وهم تمكّنوا فقصّروا.

[٤٥] ـ (أَلَمْ تَرَ) تنظر (إِلى رَبِّكَ) الى صنعه (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) بسطه من الفجر الى طلوعها ، وهو أعدل الأحوال ، إذ الظلمة تسدّ البصر والشّعاع يبهره.

أو ألم تنظر الى الظّلّ كيف مدّه ربّك على القلب ، (٢) أو ألم تعلم أي ينته علمك الى ربّك كيف مدّه (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) لا يتقلّص (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) إذ لا يعرف وجوده ولا يتفاوت إلّا بطلوعها وحركاتها ، وفيه التفات الى التكلّم.

__________________

(١) في «ج» : أثبتنا.

(٢) اي القلب في الكلام.

٤١٢

[٤٦] ـ (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا) أي أزلنا الظّلّ الممدود (قَبْضاً يَسِيراً) قليلا ، قليلا ، بحسب ارتفاع الشّمس لمنافع جمّة ، وحرفا «ثمّ» للتّفاضل بين الأمور ، كأنّ اللّاحق أعظم ممّا قبله.

وقيل ، مدّ ظلّ السّماء على الأرض حين خلقهما ، ولو شاء لجعله ثابتا على تلك الحال ثم خلق الشمس وجعلها دليلا مسلّطا عليه يتبعها كما يتبع السّائر الدّليل يتفاوت بحركتها ثم قبضه تدريجا الى غاية نقصانه ، أو قبضا سهلا عند قيام الساعة بقبض أسبابه (١).

[٤٧] ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً) ساترا بظلامه كالّلباس (وَالنَّوْمَ سُباتاً) راحة للأبدان بقطع الأعمال.

والسبت : القطع ، أو موتا لأنّه قطع الحياة (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) منتشرا فيه للمعاش وغيره ، أو بعثا من النّوم إذ هو واليقظة كالموت والبعث.

[٤٨] ـ (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) ووحّدها «ابن كثير» (٢) (بُشْراً) (٣) منتشرة ، جمع نشور كرسول وسكّنه «ابن عامر» تخفيفا وكذا «حمزة» و «الكسائي» وفتحا نونه مصدرا و «عاصم» بالباء مخفّفا جمع بشير أي مبشّرات (٤) (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) قدّام المطر (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) مطهّرا لقوله : (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) (٥) وهو اسم لما يتطهّر به كالوقود لما يوقد به ، أو بليغا في الطّهارة ، والمبالغة لأنّه مطهّر.

[٤٩] ـ (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) بالنّبات وذكّر «ميتا» بتأويل البلد (وَنُسْقِيَهُ)

__________________

(١) تفسير الكشّاف ٣ : ٢٨٣.

(٢) حجة القراآت : ٥١١.

(٣) في المصحف الشريف بقراءة حفص «بشرا» ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.

(٤) حجة القراآت : ٢٨٥ مع اختلاف.

(٥) سورة الأنفال : ٨ / ١١.

٤١٣

بالضّمّ (مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) جمع إنسىّ أو انسان ، وأصله أناسين ، قلبت النّون ياء ، وهم : المتعيشون بالحيا (١) كأهل البوادي ، ولذا نكّرهم والأنعام.

وتخصيصهم لأنّ أهل القرى وأشباههم منيخون بقرب المنابع والأنهار ، فهم وأنعامهم (٢) في غنى عن سقي السّماء وباقي الحيوانات تبعد في طلب الماء فلا يعوزها (٣) الشّرب ، ولأنّ الأنعام قنية (٤) الاناسي وعامّة منافعهم متعلّقة بها ، فسقيها إنعام عليهم ، ومن ثمّ قدّم على سقيهم كتقديم احياء الأرض عليهما لأنّه سبب لحياتهما.

[٥٠] ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) أي المطر (بَيْنَهُمْ) بين الناس في البلدان والأوقات والصّفات من وابل وطلّ (٥) وغيرهما أو صرّفنا ما ذكر من الدّلائل في القرآن وسائر الكتب (لِيَذَّكَّرُوا) ليتفكّروا ويعرفوا سعة القدرة وحقّ النّعمة به ويشكروا ، وخفّفه «حمزة» و «الكسائي» من ذكر بمعنى تذكر (٦) (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) جحودا للنّعمة ، فيقولون : أمطرنا بنوء (٧) كذا ، ويرون استقلال الأنواء بالمطر بخلاف من يراها وسائط وامارات بجعله تعالى.

[٥١] ـ (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) نبيّا يخوّف أهلها ، فتخفّف عليك أعباء الرّسالة لكن خصّصناك بعموم الدّعوة إجلالا لك وتعظيما لأجرك ، فقابل ذلك بالتّشدّد في الدّين.

__________________

(١) الحيا : المطر.

(٢) في «ج» : اغنامهم.

(٣) اي لا تحتاج او لا يلزمها.

(٤) القنية : النعمة او الرزق.

(٥) الوابل : المطر الشديد ـ والطّل : المطر الخفيف.

(٦) حجة القراآت : ٥١١.

(٧) النوء : النجم ، كان اهل الجاهلية يرون انه إذا غرب نجم منها وطلع آخر فإنه يوجب نزول المطر.

٤١٤

[٥٢] ـ (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) فيما يدعونك إليه ، تهيج له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) بالقرآن أو بترك طاعتهم الدّالّ عليه فلا تطع.

والمراد : انّهم يجتهدون في توهين أمرك فاجتهد في أن تغلبهم (جِهاداً كَبِيراً) تتحمل فيه المشاقّ بإقامة الحجج أو بجهاد أهل جميع القرى.

[٥٣] ـ (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) خلّاهما متلاصقين ، (١) من مرج الدّابّة :

خلّاها (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) بليغ العذوبة (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) شديد الملوحة أو مرّ (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) حاجزا من قدرته يمنعهما التّمازج (وَحِجْراً مَحْجُوراً) كلمة المتعوّذ ، كأن كلّا منهما يتعوّذ من الآخر ك (لا يَبْغِيانِ) (٢).

أو أريد بالبحر العذب : النّهر العظيم كالنّيل ، وبالبحر الملح : البحر المعروف.

والبرزخ بينهما : الحائل من الأرض ، فاختلافهما مع اقتضاء الطّبيعة التّساوي انّما يكون بصنع قادر مختار.

[٥٤] ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ) الّذي هو العنصر أو النّطفة (بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) أي قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينتسب إليهم وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهنّ ، نحو : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣) (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) على كلّ شيء اراده (٤).

[٥٥] ـ (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ) بعبادته (وَلا يَضُرُّهُمْ) تبركها وهو الأصنام (وَكانَ الْكافِرُ) أي جنسه أو ابو جهل (عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) عوينا للشيطان باتّباعه أو هيّنا مهينا من قولهم ظهرت به أي جعلته خلف ظهرك.

__________________

(١) في «ج» خلاهما متلاطتين ، اي متلاصقين.

(٢) سورة الرحمن : ٥٥ / ٢٠.

(٣) سورة القيامة : ٧٥ / ٣٩.

(٤) في شواهد التنزيل ١ / ١٤٤ انّها : «نزلت في النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي بن أبي طالب ، زوّج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا».

٤١٥

[٥٦] ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً) لمن آمن (وَنَذِيراً) لمن كفر.

[٥٧] ـ (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) على تبليغ ما أرسلت به (مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ) إلّا فعل من يشاء (أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ) الى ثوابه (سَبِيلاً) بالتّقرّب إليه بالإيمان والطّاعة.

واستثنى من الأجر حسما (١) لشبهة الطّمع وإظهارا للشّفقة باعتداده ما ينفعون به أنفسهم اجرا له.

وقيل : الاستثناء منقطع ، أي : ولكن من شاء أن يتّخذ الى ربّه سبيلا بالإنفاق في مرضاته فليفعل.

[٥٨] ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) في دفع المضارّ وجلب المنافع فإنّه الكافي لمن توكّل عليه لا غيره ممّن يموت (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) ونزّهه عمّا لا يليق به ، مثنيا عليه بنعوت كماله ، شاكرا له على افضاله (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) عليما ، فيجازيهم بها.

[٥٩] ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) في قدرها إذ لا شمس حينئذ.

والخلق التّدريجي مع القدرة على الدّفعي دليل الإختيار وتعليم للتّثبّت (ثُمَّ اسْتَوى) بالنسبة الى كلّ شيء ، أو استقام امره أو استولى (عَلَى الْعَرْشِ) هو الجسم المحيط بالعالم ، شبّه بسرير الملك (الرَّحْمنُ) خبر محذوف أو بدل من ضمير «استوى» (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) فاسئل عن المذكور من الخلق أو الإستواء عالما وهو الله أو جبرائيل يخبرك به ، أو فاسئل عن الرّحمان ان أنكروه من يخبرك به من أهل الكتاب ليعرفوا انّه مذكور في كتبهم.

والسّؤال يعدّى بعن و «الباء» لتضمّنه معنى البحث والاهتمام.

__________________

(١) الحسم : القطع.

٤١٦

وقيل : «الباء» صلة «خبيرا».

[٦٠] ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) سؤال عن المسمّى به ، جهلوا انّه من أسمائه تعالى أو عرفوه وجحدوا (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) أي تأمرنا بالسّجود له ، أو لأمرك لنا ولم نعرفه ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» «بالياء» (١) كأنّهم قالوه بينهم (وَزادَهُمْ) أي المقول وهو «اسجدوا للرّحمان» (نُفُوراً) عن الإيمان.

[٦١] ـ (تَبارَكَ) تعظّم وتعالى (الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) هي الإثنى عشر ، شبّهت بالقصور العالية.

والبرج من التّبرّج لظهوره (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) هو الشمس ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» «سرجا» (٢) وهي الشمس وكبار الكواكب (وَقَمَراً مُنِيراً) مضيئا باللّيل.

[٦٢] ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) يخلف كلّ منهما صاحبه بقيامه مقامه فيما يحتاج أن يعمل فيه ، أو بتعاقبهما أو يخالفه كيفا أو كمّا (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) يتذكّر ، وخفّفه «حمزة» من ذكر بمعنى تذكّر (٣) (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) شكرا لله ، اي : ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين من فاته ورده في أحدهما فعله في الآخر.

أو داعيين للمتفكّرين في صنع الله الى العلم بوجوده وقدرته وحكمته ، وللشّاكرين الى شكره على نعمه فيهما.

[٦٣] ـ (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) مبتدأ مضاف الى «الرّحمان» للتّشريف وخبره «أولئك يجزون» وما بينهما صفات سوى ما اعترض فيه ، أو (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) مصدر وصف به أي هينيّن ، أو مشيا هيّنا أي بسكينة (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ) بما يكرهونه (قالُوا سَلاماً) تسلّما منكم ، ومتاركة لكم أو قولا يسلمون

__________________

(١) حجة القراآت : ٥١١.

(٢) حجة القراآت : ٥١٢.

(٣) حجة القراآت : ٥١٣.

٤١٧

فيه من الإثم والإيذاء. ولا تنسخه آية السيف لعدم المنافاة (١).

[٦٤] ـ (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) في الصلاة جمع «قائم» أو مصدر وصف به واخّر للرّوى.

[٦٥] ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) لازما ومنه الغريم لملازمته ، وصفوا بحسن السّيرة مع الخلق والاجتهاد في طاعة الحقّ وهم مع ذلك فرقون (٢) من العذاب ، يسألون ربّهم صرفه عنهم غير معتدّين بأعمالهم.

[٦٦] ـ (إِنَّها ساءَتْ) بئست ، وضميره مبهم يميّزه (مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) موضع استقرار واقامة هي (٣) والتّعليلان (٤) متداخلان أو مترادفان من قولهم أو قوله تعالى.

[٦٧] ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) لم يجاوزوا الحدّ في النّفقة ولم يضيّقوا فيها ، أو : لم ينفقوا في المعاصي ولم يمنعوا الحقوق ، وضمّ «الياء» «نافع» و «ابن عامر» من «اقتر» وفتحها الباقون مع كسر التّاء لابن كثير و «ابي عمرو» وضمّها لغيرهم (٥) (وَكانَ) انفاقهم (بَيْنَ ذلِكَ) بين الإسراف والإقتار (قَواماً) وسطا ، من استقامة الطّرفين كالسّواء من استوائهما ، خبر ثان أو حال مؤكّدة.

[٦٨] ـ (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) قتلها ، وبه يتعلّق (إِلَّا بِالْحَقِ) أو ب «يقتلون» (وَلا يَزْنُونَ) نفى عنهم اصول السّيّئات بعد وصفهم بأصول الحسنات إيذانا بأنّ الجزاء الموعود مختصّ بمن جمع ذلك

__________________

(١) قال في تفسير التبيان ٧ : ٥٠٥ : وقال قوم : هذا منسوخ بآية القتال وليس الأمر على ذلك لأنّ الأمر بالقتال لا ينافي حسن المجاورة في الخطاب وحسن العشرة.

(٢) يقال : فرق فرقا : إذا جزع واشتد خوفه ـ.

(٣) هذا الضمير مخصوص بالذّم ورابط للجملة.

(٤) اي قوله : انّ عذابها وانّها ساءت.

(٥) حجة القراآت : ٥١٣.

٤١٨

وتعريضا بما عليه اضدادهم (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) جزاء اثم أو إثما بإضمار الجزاء.

[٦٩] ـ (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) بدل من «يلق» ورفعه «أبو بكر» استئنافا وكذا : (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) كابن عامر في «يضعّف» مشددا وشدده أيضا «ابن كثير» جازما وقرأ «أبو عمرو» و «يخلد» مجهولا من اخلد و «ابن كثير» و «حفص» «فيه» بالإشباع ، (١) ومضاعفة العذاب لضمّ المعاصي الى الشرك بدليل :

[٧٠] ـ (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) بمحوها بالتّوبة واثبات حسناتهم اللاحقة مكانها أو بالتّوفيق لأضداد ما اسلفوا أو بإبدال العقاب ثوابا (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لمعاصي عباده (رَحِيماً) منعما عليهم.

[٧١] ـ (وَمَنْ تابَ) عن ذنوبه بتركها والنّدم عليها ، تعميم بعد تخصيص (وَعَمِلَ صالِحاً) بدلها (فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) يرجع إليه بذلك مرجعا مرضيّا دافعا للعقاب ، جالبا للثّواب أو يتوب متابا الى الله الّذي يحبّ التّائبين ويكرمهم أو يرجع الى ثوابه مرجعا حسنا.

[٧٢] ـ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) لا يحضرون محاضر الباطل ، أو لا يقيمون شهادة الكذب (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) بأهله وهو السّاقط من قول أو فعل (مَرُّوا كِراماً) معرضين عنهم ، مكرمين أنفسهم عن الخوض معهم فيه.

[٧٣] ـ (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) بالقرآن أو الوعظ (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) نفي للحال دون الفعل أي لم يكبّوا عليها غير منتفعين بها كالصّمّ والعميان بل أكبّوا عليها وأعين لها متبصّرين ما فيها.

[٧٤] ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا) ووحّدها «أبو عمرو»

__________________

(١) اي أمالا الهاء بإشباع الكسرة الى الياء ـ حجة القراآت : ٥١٤.

٤١٩

و «حمزة» و «الكسائي» (١) (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) بأن نراهم مطيعين لك ، فإنّ المؤمن يسّر بأهله وتقرّ عينه بهم إذا رآهم صلحاء معاونين له في دينه ، راجيا لقائهم في الجنّة و «من» للابتداء أو البيان ك «لقيت منك أسدا» ونكّرت «أعين» كتنكير «القرّة» تعظيما وقلّلت (٢) لقلّة «أعين» المتّقين بالنّسبة الى عيون غيرهم (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) يقتدون بنا في الدارين بأن توفّقنا للعلم والعمل.

ووحّد لدلالته على الجنس أو لإرادة كلّ واحد منّا أو لأنّ أصله مصدر.

وقيل : جمع آم كقائم وقيام اي قاصدين لهم ، ويعضده قراءة أهل البيت عليهم‌السلام : «واجعل لنا من المتقين اماما» (٣).

[٧٥] ـ (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) جنسها وهي أعلى منازل الجنّة (بِما صَبَرُوا) بصبرهم على الطّاعات وقمع الشّهوات (وَيُلَقَّوْنَ) وقرأ «أبو بكر» و «حمزة» و «الكسائي» «يلقون» من لقى (٤) (فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) دعاء بالتّعمير والسّلامة من الملائكة أو من بعضهم لبعض.

[٧٦] ـ (خالِدِينَ فِيها) بلا موت ولا زوال (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) اعرابه ك «ساءت مستقرّا» ويقابله :

[٧٧] ـ (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي) ما يصنع أو ما يكترث بكم (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) عبادتكم له ، أو دعاؤه ايّاكم الى الدّين و «ما» مصدر ان جعلت استفهاميّة اي أيّ عبء يعبأ بكم (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) بما أعلمتكم به إذ خالفتم (فَسَوْفَ يَكُونُ) جزاء تكذيبكم أو اثره (لِزاماً) لازما لكم في الآخرة ، وقيل : هو قتل يوم بدر (٥).

__________________

(١) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٤٨ ـ وليس فيه اسم الأشخاص.

(٢) اي أتى بجمع القلّة.

(٣) تفسير مجمع البيان ٤ : ١٨٠.

(٤) حجة القراآت : ٥١٥.

(٥) نقله البيضاوي في تفسيره ٣ : ٢٥٣.

٤٢٠