الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٢

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي

الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: نگين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٨

[٧٣] ـ (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) يقتدى بهم (يَهْدُونَ) النّاس الى الحقّ (بِأَمْرِنا) لهم بذلك (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) أي : أن تفعل (وَإِقامَ الصَّلاةِ) وأن تقام وحذف تاء «اقامة» تخفيفا (وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) وأن تؤتى ، وعطف الخاص على العام للأفضليّة (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) مخلصين في العبادة.

[٧٤] ـ (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً) فصلا بين النّاس أو حكمة أو نبوّة (وَعِلْماً) بما يحتاج إلى العلم به (وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ) سدوم (الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ) أي أهلها (الْخَبائِثَ) من اللّواط وغيره (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ) حال من «قوم» أو خبر ثان.

[٧٥] ـ (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) في أهلها أو الجنّة (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) عملا ، تعليل لما قبله.

[٧٦] ـ (وَنُوحاً) واذكره (إِذْ نادى) بدل منه ، وكذا في الآتي ذكرهم ، أي دعا ربّه على قومه بالنّقمة (مِنْ قَبْلُ) قبل من ذكر (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) دعاءه (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ) من معه في الفلك (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الغرق وأذى قومه.

[٧٧] ـ (وَنَصَرْناهُ) منعناه أو جعلناه منتصرا أي منتقما (مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) الدّالّة على صدقه (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) بالطّوفان.

[٧٨] ـ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) الزّرع أو الكرم (إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) رعته ليلا (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) لحكم الحاكمين والخصوم عالمين ، حكم داود بالغنم لأهل الحرث.

وقال سليمان ـ وهو ابن احدى عشرة سنة ـ :

الأرفق أن ينتفع أهل الحرث بدرّها ونسلها وصوفها ، ويقوم أهلها على الحرث حتّى يعود كما كان ، ثمّ يترادّان وحكمهما بوحي من الله تعالى ، والثّاني ناسخ

٣٢١

للأوّل لا بالاجتهاد لقيام الدّليل على نفيه عن الأنبياء (١) ويعضده :

[٧٩] ـ (فَفَهَّمْناها) أي الحكومة (سُلَيْمانَ) وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال في حائط افسدته ناقة البراء : (٢) «على أهل الماشية حفظها ليلا ، وعلى أهل الحرث حفظه نهارا» (٣). (وَكُلًّا) منهما (آتَيْنا حُكْماً) حكمة أو نبوّة (وَعِلْماً) بأمور الدّين (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ) ينزّهن الله معه بإنطاقه ايّاها ، أو بلسان حالها كما فسّر ب «يسرن معه» (٤) سمّاه تسبيحا لأنه آية تدعوا إليه وهو حال أو استئناف و «مع» متعلّق به أو ب «سخّرنا» (وَالطَّيْرَ) عطف على «الجبال» أو مفعول معه (وَكُنَّا فاعِلِينَ) لمثل ذلك وإن استغربتموه.

[٨٠] ـ (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ) أي الدّرع لأنها تلبس وكانت صفائح فحلّقها وسردها (٥) (لَكُمْ) صفة «لبوس» أو متعلق ب «علّم» (لِتُحْصِنَكُمْ) أي داود ، أو : اللبوس ، وقرأ «ابن عامر» و «حفص» بالتاء (٦) والضمير لل «صنعة» أو : ل «لبوس» بتأويل الدّرع و «أبو بكر» بالنون (٧) والضمير لله (مِنْ بَأْسِكُمْ) حربكم بالسلاح (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) نعمي؟ ، استفهام أريد به الأمر ـ مبالغة ـ.

[٨١] ـ (وَلِسُلَيْمانَ) وسخّرنا له (الرِّيحَ عاصِفَةً) شديدة الهبوب في عملها ، طيّبة في نفسها ، كما قال «رخاء» (٨) أو يختلف حالها حسب ارادته (تَجْرِي بِأَمْرِهِ)

__________________

(١) على ما فصّله الطبرسي عند تفسيره لهذه الآية ـ ينظر تفسير مجمع البيان ٤ : ٥٧.

(٢) اي : البراء بن عازب.

(٣) تفسير مجمع البيان ٤ : ٥٨ وتفسير البيضاوي ٣ : ١٩٧.

(٤) نقله البيضاوي في تفسيره ٣ : ١٩٧.

(٥) سردها : اي نسجها.

(٦) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «لتحصنكم».

(٧) حجة القراآت : ٤٦٩.

(٨) سورة ص : ٣٨ / ٣٦.

٣٢٢

حال مرادفة أو مداخلة (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهي الشام (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) فلا نفعل إلّا ما تقتضيه الحكمة.

[٨٢] ـ (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) في البحر ، فيخرجون جواهره و «من» موصوفة عطف على «الرّيح» أو : مبتدأ ، خبره ما قبله (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) سوى الغوص من البناء وغيره (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) أن يمتنعوا عليه أو يفسدوا ما عملوا.

[٨٣] ـ (وَأَيُّوبَ) هو من ولد عيص بن إسحاق (إِذْ نادى رَبَّهُ) لما ابتلى بفقد أولاده وأمواله وتناثر لحمه وإلقائه على كناسة (١) خارج القرية لا يقربه أحد سوى زوجته «رحمة بنت افراثيم بن يوسف» عليه‌السلام وكانت تأتيه بالقوت سبع سنين أو ثماني عشرة ، فصبر (أَنِّي) أي بأنّي (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) الجهد والشدّة وسكن «حمزة» الياء (٢) (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ألطف في سؤاله بذكر نفسه بما يوجب الرّحمة وربّه بتناهيه فيها.

[٨٤] ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) نداءه (فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) بإذهاب مرضه (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) بأن ولد له ضعف ما هلك ، أو أحياهم وولد له مثلهم (رَحْمَةً) مفعول له ، كائنة (مِنْ عِنْدِنا) عليه (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) ليصبروا كما صبر ، فيثابوا كما أثيب.

[٨٥] ـ (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ) قيل هو «الياس» وقيل «يوشع» (٣)

__________________

(١) أنكر السيّد المرتضى ابتلاء أيوب في جسمه بما تستقذره الطباع ، لمنافاته مقام العصمة ـ ينظر تنزيه الأنبياء : ٧٥ ـ ٨٢ ـ وهناك من قال : بأن أيوب انما امتحن في نفسه بضعف البدن وانعدام الأموال مما لا يميل اليه المشغوفون بالدنيا ولم يكن بالشكل الذي يتصوره العامة قطّ.

(٢) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١١٥.

(٣) نقله البيضاوي في تفسيره ٣ : ١٩٨.

٣٢٣

وقيل : رجل صالح وليس بنبيّ.

وعن الباقر عليه‌السلام : انّه نبيّ مرسل اسمه «عدويا بن ادارين» (١) سمّي به لأنّه تكفّل بصيام نهاره وقيام ليله وأن يقضي بالحقّ ولا يغضب ، فوفى به.

أو لأنّه ذو حظّ عند الله ، أو له ضعف ثواب أنبياء زمانه (كُلٌ) كلّ المذكورين (مِنَ الصَّابِرِينَ) على بلاء الله وطاعته وعن معصيته.

[٨٦] ـ (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا) من النّبوّة ونعم الآخرة (إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) عملا.

[٨٧] ـ (وَذَا النُّونِ) صاحب الحوت وهو يونس بن متى (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) لقومه أي غضبان عليهم لما كابد منهم وهاجر قبل أن يؤذن له ، فترك الاولى ، وهو الصّبر حتّى يؤذن له (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) نضيّق عليه بشدة أو نقضي عليه ما قضينا من حبسه ببطن الحوت ، وبناه «يعقوب» للمفعول بالياء (٢) (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) ظلمات الليل وبطن الحوت أو الظلمة المتكاثفة (٣) (أَنْ) بأنّه (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ) عما لا يليق بك (إِنِّي كُنْتُ) في ذهابي بلا إذن (مِنَ الظَّالِمِينَ) أنفسهم بترك الأولى.

[٨٨] ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِ) ببطن الحوت ، بأن قذفه الى السّاحل بعد ثلاثة ايّام أو أكثر (وَكَذلِكَ) كما نجّيناه (نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) من غمهم ، إذا دعونا مخلصين وشدّد «ابن عامر» و «أبو بكر» الجيم بنون واحدة على أن أصله «ننجي» من التنجية ، فحذفت الثانية (٤).

__________________

(١) في «ب» : ادرين والصحيح ما في «ج» ويؤيده ما في تفسير مجمع البيان ٤ : ٦٠.

(٢) تفسير البيضاوي ٣ : ١٩٨.

(٣) المتكاثفة : المتراكمة.

(٤) حجة القراآت : ٤٦٩.

٣٢٤

وقيل هو ماض مجهول أسند الى ضمير مصدره وسكّن آخره ، وردّ بمنع جوازه.

[٨٩] ـ (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ) قال : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً) بلا ولد يرثني (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) الباقي بعد فناء خلقك.

[٩٠] ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى) ولدا (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) بجعلها ولودا بعد عقمها ، أو بتحسين خلقها وكان سيئا (إِنَّهُمْ) أي زكريّا وأهله ، أو من ذكر من الأنبياء (كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) الطّاعات (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) راغبين في ثوابنا وراهبين من عقابنا (وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) خاضعين أو ثابتين (١) الخوف.

وبهذه الخصال استحقوا ما منحناهم.

[٩١] ـ (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) من حلال وحرام ـ اي : مريم ـ (فَنَفَخْنا فِيها) في «عيسى» فيها (٢) (مِنْ رُوحِنا) أي : أحييناه في بطنها ، أو فعلنا النّفخ فيها من جهة روحنا جبرئيل حيث نفخ في جيبها ، فحملت ب «عيسى» (وَجَعَلْناها وَابْنَها) أي حالهما حيث ولدته من غير أب (آيَةً لِلْعالَمِينَ) دالّة على كمال قدرتنا.

[٩٢] ـ (إِنَّ هذِهِ) أي ملّة الإسلام (أُمَّتُكُمْ) ملّتكم التي يجب أن تكونوا عليها (أُمَّةً واحِدَةً) حال أي : مجتمعة غير متفرّقة (وَأَنَا رَبُّكُمْ) لا غيري (فَاعْبُدُونِ) وحدي.

[٩٣] ـ (وَتَقَطَّعُوا) ألتفت من الخطاب الى الغيبة تقبيحا لفعلهم الى غيرهم (أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) جعلوا أمر دينهم قطعا متفرّقة ، فتفرّقوا فيه (كُلٌ) كلّ الفرق (إِلَيْنا راجِعُونَ) فنجازيهم.

[٩٤] ـ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ) فلا جحود ،

__________________

(١) كذا في النسخ والصحيح : ثابتي.

(٢) كذا في النسخ وفي تفسير البيضاوي ٣ : ١٩٩ ما يلي : «فنفخنا فيها» اي في عيسى عليه الصلاة والسّلام «فيها» اي أحييناه في جوفها. وقيل : فعلنا النفخ فيها.

٣٢٥

استعير لمنع الثّواب كالشكر لإعطائه ونفي جنسه مبالغة (وَإِنَّا لَهُ) لسعيه (كاتِبُونَ) مثبتون في صحيفته ، فنجزيه به.

[٩٥] ـ (وَحَرامٌ) ممتنع ، وكسر «أبو بكر» و «حمزة» و «الكسائي» : «الحاء» وسكّنوا «الرّاء» (١) (عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) قدّرنا إهلاك أهلها (أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) مبتدأ ، خبره «حرام» ، أو فاعل له ، سادّ مسدّ خبره أي ممتنع عليهم عدم رجوعهم للجزاء ، أو رجوعهم الى الدّنيا على زيادة «لا».

أو تعليل ، أو «حرام» خبر محذوف أي ما ذكر.

قيل : حرام على قرية وجدناها هالكة بالكفر لأنّهم لا يرجعون عنه.

وقيل : حرام : واجب وحكم عليهم عدم رجوعهم الى الدّنيا.

[٩٦] ـ (حَتَّى) متعلق ب «حرام» أو ب «لا يرجعون» أي يبقى الامتناع أو عدم الرّجوع الى قرب السّاعة (إِذا فُتِحَتْ) وشدّده «ابن عامر» (٢) و «يعقوب» (يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) أي سدّهما ، وتأنيث الفعل لأنّهما قبيلتان ، وسبق ما فيهما في الكهف (٣) (وَهُمْ) أي يأجوج ومأجوج أو الخلق (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) نشز (٤) من الأرض (يَنْسِلُونَ) يسرعون.

[٩٧] ـ (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) أي القيامة (فَإِذا هِيَ) الفاء جواب الشرط و «إذا» الفجائيّة تنوبها ، فإذا اجتمعتا تأكّد ربط الجزاء بالشرط ، والضمير للقصّة وخبره جملة (شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أو مبهم ، يفسّره «أبصار» وخبره «شاخصة» أي لا تطرف لهول المطّلع (يا وَيْلَنا) أي قائلين : يا هلاكنا (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) الأمر (بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) لأنفسنا بعبادة الأوثان وترك النّظر.

__________________

(١) حجة القراآت : ٤٧٠.

(٢) حجة القراآت : ٤٧٠.

(٣) عند تفسير الآية (٩٤) من سورة الكهف.

(٤) النشز من الأرض : المكان المرتفع.

٣٢٦

[٩٨] ـ (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره من الأوثان والشّياطين فإنّهم عبدوهم بطاعتهم ، لهم (حَصَبُ جَهَنَّمَ) محصوبها ـ وهو ما يحصب فيها ، أي ـ :

يرمى يعني : وقودها (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) داخلون.

[٩٩] ـ (لَوْ كانَ هؤُلاءِ) المعبودون (آلِهَةً) كما زعمتم (ما وَرَدُوها) إذ دخولها ينافي الألوهيّة (وَكُلٌ) من العبدة والمعبودين (فِيها خالِدُونَ) دائمون.

[١٠٠] ـ (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) تنفّس بشدّة ، نسبت (١) الى الكلّ تغليبا لغير الجماد (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) ما يسرّهم ، أو شيئا لشدّة العذاب.

ولما نزلت الآيات قال «ابن الزّبعري» : قد عبد «عزيز» و «عيسى» والملائكة فهم في النار؟ فقال النبيّ (ص) : انّما عبدوا الشياطين التي امرتهم بذلك ، (٢) ونزل :

[١٠١] ـ (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) الخصلة الحسنى وهي : العدة بالجنّة ، أو السّعادة أو التوفيق للطاعة ومنهم المذكورون (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) ، (٣) والآية جواب ابن الزّبعري ، كأنّه قيل : نمنع انّهم عبدوا حقيقة ، ولئن سلّم فالآية تخصّصهم. وقد يجاب ـ أيضا ـ : بأن ما تعبدون لا يتناول العقلاء ، ويردّه : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) (٤) ونحوه.

[١٠٢] ـ (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) حال من ضمير «مبعدون» (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ) من الملاذّ (خالِدُونَ) أبدا.

[١٠٣] ـ (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) النّفخة الأخيرة ، أو : الانصراف الى النّار ،

__________________

(١) اي نسب التنفس الصادر من ذي نفس الى الكل الذي يعم من الجماد ـ وهي الأوثان التي عبدوها من جهة تغليب غير الجماد على الجماد.

(٢) تفسير مجمع البيان ٤ : ٦٤.

(٣) في النسخ هنا زيادة : «فتم من الحديث» ولم يتضح لنا وجهها.

(٤) سورة الشمس : ٩١ / ٥.

٣٢٧

أو : إطباقها على أهلها (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) تستقبلهم بالتّهنئة ، قائلين : (هذا يَوْمُكُمُ) وقت ثوابكم (الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) في الدنيا.

[١٠٤] ـ (يَوْمَ) مقدر ب «اذكر» أو : ظرف «لا يحزنهم» أو «تتلقّاهم» (نَطْوِي السَّماءَ) طيّا (كَطَيِّ السِّجِلِ) الطومار (١) (لِلْكُتُبِ) (٢) لأجل الكتابة.أو لما كتب فيه ، ويعضده قراءة «حمزة» و «الكسائي» و «حفص» : «للكتب» (٣) جمعا ، أي : للمعاني المكتوبة فيه.

وقيل : السجل : ملك يطوى كتب بني آدم إذا ماتوا (٤) (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) الكاف صفة مصدر محذوف و «ما» مصدريّة و «اوّل» مفعول «بدانا» أو فعل يفسّره «نعيده» أي نعيد ما خلقناه أولا اعادة مثل بدأنا له في كونهما إيجادا عن العدم أي قدرتنا على الإعادة كقدرتنا على الإبداء.

وقيل : «ما» موصولة و «الكاف» مفعول فعل يفسره «نعيده» أي : نعيد مثل الذي بدأناه. و «اوّل خلق» ظرف «بدأنا» أو حال من العائد المقدّر (وَعْداً) وعدنا وعدا وهو يؤكّد ما قبله (عَلَيْنا) إنجازه (إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) ما وعدنا (٥).

[١٠٥] ـ (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) جنس الكتاب ، أي : الكتب المنزلة (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) أي امّ الكتاب وهي اللوح.

وقيل : الزّبور : كتاب داود ، والذّكر : التّوراة (٦) (أَنَّ الْأَرْضَ) أرض الجنّة أو الدّنيا

__________________

(١) الطومار : الصحيفة يجمع على طوامير.

(٢) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «للكتب» ـ كما سيشير اليه المؤلف ـ.

(٣) حجة القراآت : ٤٧٠.

(٤) حجة القراآت : ٤٧٠ عن ابن عباس مع اختلاف يسير.

(٥) كلمة «ما» غير موجودة في «ج».

(٦) قاله الشعبي كما في تفسير مجمع البيان ٤ : ٦٦.

٣٢٨

(يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) المطيعون ، أو امة «محمّد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالفتوح.

وقال «الباقر» عليه‌السلام : هم اصحاب «المهدي» عليه‌السلام ، (١).

ويدلّ عليه ما استفاض من قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو لم يبق في الدّنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا من أهل بيتي ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (٢) وسكّن «حمزة» «الياء» (٣).

[١٠٦] ـ (إِنَّ فِي هذا) المذكور (لَبَلاغاً) لكفاية ، أو : لوصلة الى البغية (لِقَوْمٍ عابِدِينَ) لله بإخلاص.

[١٠٧] ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) الملائكة والثّقلين للبرّ في الدّارين والفاجر في الدّنيا لأمنه به من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال.

[١٠٨] ـ (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أي ما يوحى إليّ في شأن الإله ، إلّا انّه مقصور على الوحدانيّة لا يتّصف بضدها (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) منقادون للموحى اليّ من وحدانيّة الله فتخلصوا له العبادة؟ وهو أبلغ من : فأسلموا.

[١٠٩] ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن ذلك (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ) أعلمتكم بالحرب أو بما كلّفتم (عَلى سَواءٍ) مستوين أنتم في الإيذان. أو : أنا وأنتم في علمه. أو : إيذانا على سواء (وَإِنْ) وما (أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) من نصر المسلمين أو البعث ما لم

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٤ : ٦٦ ونظيره في تفسير التبيان ٧ : ٢٨٤.

(٢) هذا حديث مشهور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وله مصادر كثيرة ينظر تفسير مجمع البيان ٤ : ٦٦ وصحيح ابى داود ٤ : ١٠٦ ـ ونظيره في فردوس الاخبار لابن شيرويه الديلمي ٤ : ٤٩٦ عن حذيفة بن اليمان.

(٣) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١١٥.

٣٢٩

يعلمنيه (١) الله تعالى.

[١١١٠] ـ (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ) منكم ومن غيركم (وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) تسرّونه أنتم وغيركم ، فيجازيكم به.

[١١١] ـ (وَإِنْ) وما (أَدْرِي لَعَلَّهُ) أي تأخير «ما توعدون» أو إبهام وقته أو نعيم الدّنيا (فِتْنَةٌ) امتحان (لَكُمْ) ليظهر صنيعكم (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) وتمتيع الى انقضاء آجالكم.

[١١٢] ـ (قالَ) (٢) وقرأ «حفص» : «قال» (٣) (رَبِّ احْكُمْ) بيني وبين مكذّبي (بِالْحَقِ) بما يظهر به الحق من تعذيبهم والنّصر عليهم ، فعذّبوا ببدر ونصر عليهم (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ) ذو الرّحمة البالغة (الْمُسْتَعانُ) المسؤول المعونة (عَلى ما تَصِفُونَ) من شرككم وكذبكم على الله تعالى بنسبة الولد إليه ، وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّه ساحر ، وعلى القرآن بأنّه سحر.

__________________

(١) في هامش «أ» في هذا الموضع ما يلي :

التقييد بقولنا «ما لم يعلّمنيه الله لدفع ما لو قيل لا يصحّ تفسير» ما توعدون بالبعث لأنه علم انه قريب بقوله تعالى : «اقترب للناس حسابهم» و «اقترب الوعد الحق» فتدبر (منه).

(٢) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «قال» ـ كما سيذكره المؤلف ـ.

(٣) حجة القراآت : ٤٧١.

٣٣٠

سورة الحج

[٢٢]

نيّف وسبعون آية مكية إلّا آيات ، أو مدنية إلّا آيات.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

[١] ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) بفعل الطّاعات وترك المعاصي (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) من اضافة المصدر الى فاعله المجازيّ ، أي : تحريكها للأشياء. أو : الى ظرفه ، أي : تحريك الأشياء فيها.

وقيل : هي زلزلة تتقدّم «السّاعة» فأضيفت إليها لأنّها من أشراطها (١) (شَيْءٌ عَظِيمٌ) فظيع ، علّل بذلك أمرهم بالتّقوى حثّا عليها فإنّها خير زاد الى المعاد.

[٢] ـ (يَوْمَ تَرَوْنَها) أي الزّلزلة (تَذْهَلُ) تغفل بدهشة (كُلُّ مُرْضِعَةٍ) بالفعل.

والمرضع أعمّ وهي ما من شأنها الإرضاع (عَمَّا أَرْضَعَتْ) «ما» مصدريّة أو موصولة ، والمراد تصوير هولها بأنّه بحيث لو ألقمت المرضعة الرّضيع ثديها نزعته عن فيه ونسيته لدهشتها (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) جنينها (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) من شدّة الفزع ، وأفرد بعد جمعه لأنّ الزّلزلة يراها الكلّ ، والسّكر انّما يراه كلّ واحد من

__________________

(١) قاله علقمة والشعبي ـ كما في تفسير مجمع البيان ٤ : ٧٠ ـ.

٣٣١

غيره ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» : «سكرى» فيهما (١) كان السّكر علّة ، فجمع جمع أهل العلل كمرضى ونحوه (وَما هُمْ بِسُكارى) من الشراب (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) فأفزعهم بحيث أزال عقولهم.

[٣] ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) في شأنه ، ويعمّ كل مجادل وإن نزل في «النضر بن الحارث» وكان جدلا ، (٢) يقول : الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأوّلين وينكر البعث ، واعرابه مرّ في البقرة (٣) (بِغَيْرِ عِلْمٍ) برهان (وَيَتَّبِعُ) في جداله أو الأعمّ منه (كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) متجرّد للفساد.

[٤] ـ (كُتِبَ عَلَيْهِ) على الشيطان في علم الله (أَنَّهُ) أي الشّأن (مَنْ تَوَلَّاهُ) تبعه (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) خبر أو جواب ل «من» (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) بدعائه الى ما يوجبه.

[٥] ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) شكّ (مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) اي فنظركم في بدأ خلقكم يزيل ريبكم ، فإنّا خلقنا أصلكم آدم وما يتكوّن منه المنيّ (مِنْ تُرابٍ ثُمَ) خلقنا نسل آدم (مِنْ نُطْفَةٍ) منّي ، من نطف : سال (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) دم جامد (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) لحمة قدر ما يمضغ (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) تامّة الخلق وغير تامّة ، أو مصوّرة بالتّخطيط وغير مصوّرة (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) بتقليبكم قدرتنا ، فإنّ من قدر عليه اوّلا ، قدر على إعادتكم ثانيا.

وحذف المبيّن إيذانا بأنّه ممّا لا يحيط به الوصف (وَنُقِرُّ) عطف على «خلقناكم» أو مستأنف (فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو وقت وضعه (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) حال ، ووحّد ارادة للجنس ، أو كلّ واحد منكم (ثُمَ) نربّيكم شيئا

__________________

(١) حجة القراآت : ٤٧٢.

(٢) الجدل : اللدد في الخصومة.

(٣) عند تفسير الآية (١٩٧) من سورة البقرة.

٣٣٢

فشيئا (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) كمال قوّتكم ، جمع شدّة ك «أنعم» لنعمة ، وهو من ثلاثين سنة الى أربعين ، أو الحلم (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى) عند بلوغ الأشدّ أو قبله (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) اردأه ، وهو الهرم والخرف (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) ليصير كالطّفل في النّسيان وسوء الفهم.

وتعاقب هذه الأحوال عليه يدلّ أيضا على انّ من قدر عليها قدر على البعث (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) دراسة يابسة ، من همد الثوب : بلى (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ) تحرّكت بالنّبات (وَرَبَتْ) انتفخت (وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) بعض كلّ صنف (بَهِيجٍ) حسن نضر ، وهذا أيضا من دلائل البعث.

[٦] ـ (ذلِكَ) المذكور من احوال الإنسان والأرض (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) بسبب انّه الثّابت المحقّ للأشياء (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) بقدرته وإلّا لما أحيى موتى النّطف والأرض (وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لاستواء نسبة قدرته الذّاتيّة الى كلّ ممكن ، وهذا كالبيان لما قبله إذ إحياء الموتى ممكن فتناله القدرة الشّاملة.

[٧] ـ (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) هذا سببان غائبان لخلق الإنسان وما يتعيّش به ، فإنّه انّما خلق وكلّف لجزاء الآخرة ، ولا يصل إليه إلّا ببعثه في السّاعة وما سبق من حقّيّته تعالى واحيائه الموتى وعموم قدرته فأسباب فاعليّته لذلك.

[٨] ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) كرّر تأكيدا أو الأوّل في الأتباع وهذا في المتبوعين (وَلا هُدىً) ولا دلالة عقليّة معه (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) ذي نور أي : ولا حجة سمعيّة من جهة الوحي.

[٩] ـ (ثانِيَ عِطْفِهِ) متكبّرا أو معرضا عن الحقّ.

و «ثني العطف» كناية عن التّكبّر والإعراض عن الشيء (لِيُضِلَ) النّاس ، علّة

٣٣٣

للجدال ، وفتح الياء «ابن كثير» و «أبو عمرو» (١) و «ورش» على انّ ضلاله كالغرض لجداله الّذي خرج به من الهدى الى الضّلال (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) بوقعة بدر (وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) النّار المحرقة.

[١٠] ـ (ذلِكَ) أي يقال له يوم القيامة : ذلك الخزي والعذاب (بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) أي قدّمته من الكفر.

وعبّر عنه بهما لأنّهما آلة لأكثر الأفعال (وَأَنَ) عطف على «ما» (اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فيأخذ بغير جرم ، والمبالغة لكثرة العبيد.

[١١] ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) طرف من الدّين مضطربا فيه كالقائم على طرف جبل ، وباقي الآية بيان هذا المجمل (فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ) نعمة ورخاء (اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) محنة وبلاء (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) عاد الى كفره.

قيل : نزلت في قوم قدموا المدينة وكان أحدهم إذا صحّ جسمه ونتجت فرسه وولد له غلام وكثر ماله قال : ما أصبت بديني هذا إلّا خيرا واطمأنّ.

وان كان الأمر بخلافه قال : ما أصبت إلّا شرّا وانقلب (٢) (خَسِرَ الدُّنْيا) بفقد عصمته (وَالْآخِرَةَ) بدخول النّار بكفره (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) البيّن.

[١٢] ـ (يَدْعُوا) يعبد (مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) أي : جمادا عاجزا عن الضرّ والنفع (ذلِكَ) الدّعاء (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) عن الرّشد.

[١٣] ـ (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ) بكونه معبودا من إيجابه عذاب الدّارين (أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) الّذي زعمه من الشّفاعة ، واللّام معلّقة ل «يدعو» لتضمّنه معنى الزّعم وهو قول باعتقاد أو داخلة على جملة محكيّة لأنّ «يدعو» بمعنى يقول أي يقول ذلك بصراخ حين يرى استضراره به ، أو مستأنفة و «يدعو» تكرير للاوّل و «من» في الكلّ مبتدأ ، خبره

__________________

(١) حجة القراآت : ٤٧٢.

(٢) قاله ابن عباس ـ كما في تفسير التبيان ٧ : ٢٩٦ ـ.

٣٣٤

(لَبِئْسَ الْمَوْلى) النّاصر (وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) الصّاحب.

[١٤] ـ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) من نفع المؤمن المطيع وضرر المنافق العاصي لا يعجزه شيء.

[١٥] ـ (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ [فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)] ـ (١) الهاء «لمحمد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ كان اعداؤه يغيظهم ، نصر الله له ويتوقعون خلافه ، أو ل «من» ويراد بالنّصر : الرّزق (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) بحبل (إِلَى السَّماءِ) سماء بيته يشدّه فيه وفي عنقه (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) كسر اللّام «أبو عمرو» و «ابن عامر» و «ورش» وسكّنها الباقون (٢) أي ليختنق ، من قطع : اختنق ، إذ الاختناق قطع النّفس بسدّ مجراه ، والمعنى : ليجهد في دفع غيظه أو جزعه بأن يفعل فعل المغتاظ أو الجازع بنفسه.

وقيل : فليمدد حبلا الى السّماء المظلمة ثم ليقطع المسافة إليها ، فيجهد في دفع نصره (٣) أو نيل رزقه (٤) (فَلْيَنْظُرْ) فليتفكّر (هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ) صنعه ذلك (ما يَغِيظُ) غيظه.

[١٦] ـ (وَكَذلِكَ) الإنزال لما سبق (أَنْزَلْناهُ) أي القرآن (آياتٍ بَيِّناتٍ) ظاهرات (وَأَنَ) ولأنّ (اللهَ يَهْدِي) يوفّق به أو يثبت على الهدى (مَنْ يُرِيدُ) توفيقه أو تثبيته ، أنزله كذلك مبيّنا.

[١٧] ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) يميّز بينهم في أحوالهم ومحالّهم ، فيكرم

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في النسخ.

(٢) حجة القراآت : ٤٧٣.

(٣) اي نصر الله له.

(٤) تفسير مجمع البيان ٤ : ٧٥.

٣٣٥

المؤمنين ويدخلهم الجنّة ، ويهين غيرهم ويدخلهم النار ، وكرّرت «انّ» في الخبر زيادة تأكيد (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) مطّلع عليهم.

[١٨] ـ (أَلَمْ تَرَ) تعلم (أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ينقاد لقدرته وتدبيره (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ) ان عمّت «من» غير العقلاء فإفراد هذه بالذّكر لظهورها (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) عطف عليه ـ ان سوّغ استعمال المشترك في معنييه معا ـ ، إذ المراد بسجودهم : وضع الجبهة لا المعنى المذكور ، لشموله لكلّ النّاس (١).

أو فاعل لمقدّر أي : ويسجد له بوضع الجبهة كثير ، أو : مبتدأ حذف خبره بقرينة خبر قسيمه وهو (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) بإبائه أن يسجد طاعة.

وقيل : «وكثير» تكرير للسّابق مبالغة في كثرة من حقّ عليه العذاب (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ) يشقه بالعقاب (٢) (فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) مسعد بالثّواب (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) من اهانة وإكرام.

[١٩] ـ (هذانِ) الجمعان من المؤمنين والكفّار ، أهل الملل الخمس (خَصْمانِ) كلّ منهما خصم للآخر (اخْتَصَمُوا) جمع ، نظرا الى المعنى (فِي رَبِّهِمْ) في دينه.

وقيل : نزلت في ستّة تبارزوا ببدر : «عليّ» و «حمزة» و «عبيدة» ـ من المسلمين ـ ، وعتبة وشيبة والوليد ـ من المشركين ـ (٣).

وقيل : في المسلمين واليهود حين قال كلّ منهما : نحن أحقّ بالله (٤) (فَالَّذِينَ كَفَرُوا)

__________________

(١) أي لشمول المعنى.

(٢) في «ج» بالعذاب.

(٣) للحديث مصادر كثيرة ، ينظر كتاب العمدة لابن البطريق الفصل السادس والثلاثون.

(٤) معناه في تفسير مجمع البيان ٤ : ٧٧ عن ابن عباس.

٣٣٦

فصل خصومتهم المعنّى بقوله : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) (١). (قُطِّعَتْ لَهُمْ) قدرت على مقاديرهم (ثِيابٌ مِنْ نارٍ) نيران تشملهم كالثّياب (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) الماء المغليّ.

قيل : لو نقطت منه نقطة على الجبال لأذابتها (٢).

[٢٠] ـ (يُصْهَرُ) يذاب (بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) من الأحشاء (وَالْجُلُودُ) فباطنهم كظاهرهم في التّأثّر به.

[٢١] ـ (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) يضربون بها.

والمقمعة : ما يقمع به أي : يردع.

[٢٢] ـ (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها) من النّار (مِنْ غَمٍ) يأخذ بأنفاسهم فقاربوا الخروج (أُعِيدُوا فِيها).

قيل : يضربهم لهبها فيرفعهم الى أعلاها فيضربون بالمقامع فيهوون فيها (٣) (وَذُوقُوا) وقيل لهم : ذوقوا (عَذابَ الْحَرِيقِ) النّار المحرقة.

[٢٣] ـ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ما مرّ حال أحد الخصمين ، وهذا حال الآخر أي : المؤمنين (يُحَلَّوْنَ فِيها) يلبسون حليّا (مِنْ أَساوِرَ) جمع أسورة وهي جمع سوار و «من» للابتداء (مِنْ ذَهَبٍ) بيان لها (وَلُؤْلُؤاً) (٤) عطف عليها أو على «ذهب» بأن يرصّع به ، ونصبه «نافع» و «عاصم» عطفا على محلّها ، أو بتقدير «ويؤتون» (٥) (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ).

__________________

(١) في الآية (١٧) من هذه السورة.

(٢) قاله ابن عباس ـ كما في تفسير الكشّاف ٣ : ١٥٠.

(٣) تفسير الكشّاف ٣ : ١٥٠ عن الحسن.

(٤) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «ولؤلؤا» ـ بالنصب ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.

(٥) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٥ والنشر في القراآت : ٣٢٦ ـ وفيه العاصم والمدنيان.

٣٣٧

[٢٤] ـ (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) هو كلمة التوحيد وقول «الحمد لله».

أو القرآن (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) دين المحمود وهو الله ، أو طريق المحلّ المحمود وهو الجنة.

[٢٥] ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ) عطف على الماضي بقصد الاستمرار أو حال من واو «كفروا» وخبر «انّ» مقدّر أي : معذّبون. بدليل عجز الآية (١) (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عن طاعته (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً) (٢) بالرّفع خبر ، مبتدأه (الْعاكِفُ فِيهِ) المقيم (وَالْبادِ) الطّارئ والجملة ثاني مفعولي «جعلناه» و «للنّاس» حال من الهاء ، أو هو المفعول أي جعلناه متعبّدا أو مستقرّا لهم ، والجملة حال أو بدل من «جعلناه» ونصبه «حفص» على انّه المفعول أو الحال (٣) و «العاكف» فاعله.

والمراد استواؤهما في العبادة في المسجد ، ليس لأحدهما منع الآخر.

وقيل : في السّكنى (٤). ويراد بالمسجد : مكة ، أي لا يمنع احد غيره سكنى دورها وللسّاكن اولويّة السّبق ولا يملك إلّا ما يعمله فيها واثبت «ابن كثير» الياء مطلقا و «ورش» و «أبو عمرو» وصلا (٥) (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) حالان مترادفان ، والباء فيهما للملابسة ، و «الإلحاد» عدول عن القصد ، وترك مفعول «يرد» ليعمّ أي من يرد فيه امرا ما ، ملابسا للعدول عن القصد والظّلم (نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) جواب «من».

[٢٦] ـ (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) أي واذكر إذ بيّنّاه له ليبنيه.

قيل : رفع البيت وانطمس زمن الطّوفان فبعث الله ريحا فكنست مكانه فبناه ، (٦)

__________________

(١) اي آخرها.

(٢) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «سواء» ـ بالنصب ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.

(٣) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٥.

(٤) قاله ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير ـ كما في تفسير مجمع البيان ٤ : ٨٠.

(٥) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٢٤ و ١٢٣.

(٦) تفسير مجمع البيان ٤ : ٨٠ مع اختلاف يسير.

٣٣٨

وقيل : اللام زائدة و «مكان» ظرف أي : أنزلناه فيه (أَنْ) مفسرة ل «بوّأنا» لتضمّنه معنى تعبدنا أو بتقدير وأمرناه أن (لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) من الأوثان ، وفتح «نافع» و «حفص» و «هشام» ياء «بيتي» (١) (لِلطَّائِفِينَ) حوله (وَالْقائِمِينَ) المقيمين عنده أو القائمين في الصّلاة (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) المصلّين ، جمع راكع وساجد.

[٢٧] ـ (وَأَذِّنْ) ناد (فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) بالأمر به ، روى أنّه صعد أبا قبيس فقال : ايّها النّاس حجوا بيت ربّكم (٢).

وقيل : الخطاب لنبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع (٣) (يَأْتُوكَ رِجالاً) مشاة جمع راجل ، كقيام لقائم (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) بعير مهزول أي ركبانا (يَأْتِينَ) صفة «كلّ ضامر» لأنّه بمعنى الجمع (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) طريق بعيد.

[٢٨] ـ (لِيَشْهَدُوا) ليحضروا (مَنافِعَ لَهُمْ) دينيّة ودنيويّة ، والتّنكير للتعظيم أو التكثير (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) هي أيام النحر الأربعة أي ليسمّوا الله فيها (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أي على ذبح ونحر ما رزقهم من الإبل والبقر والغنم ، هدايا أو ضحايا ، وقيل كنّى بالذّكر عن الذّبح ؛ إذ لا ينفكّ ذبح المسلمين عنه إيذانا بأنّه الغرض ممّا يتقرّب به الى الله (٤).

وقال «الصادق» عليه‌السلام : هو التّكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة ، اوّلها : ظهر العيد (٥).

وقيل : الأيام : عشر ذي الحجة (٦) وهو خلاف الظّاهر (فَكُلُوا مِنْها) وجوبا

__________________

(١) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٢٣.

(٢) قاله ابن عباس ـ كما في تفسير مجمع البيان ٤ : ٨١ وتفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٦.

(٣) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٦.

(٤) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٦.

(٥) تفسير مجمع البيان ٤ : ٨١.

(٦) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٦.

٣٣٩

في الواجبة وندبا في المندوبة وكذا (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ) من مسّه : بؤس ، أي : ضرّ (الْفَقِيرَ) المحتاج.

[٢٩] ـ (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ليزيلوا شعثهم بقصّ الشّارب والظّفر وحلق الشّعر والغسل إذا أحلّوا ، وكسر اللّام «ورش» و «قنبل» و «أبو عمرو» و «ابن عامر» (١) (وَلْيُوفُوا) وشدّده «أبو بكر» (٢) (نُذُورَهُمْ) ما نذروا من البرّ في حجّهم (وَلْيَطَّوَّفُوا) طواف الزّيارة أو النّساء أو الوداع أو ما يعمّها ، وكسر «ابن ذكوان» اللّامين (٣) (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) القديم لأنّه أوّل بيت وضع.

أو : الكريم ، أو : المعتق من الغرق ، أو : من تسلّط الجبابرة ، فمن قصده بهدم هلك ، ولم يهلك الحجّاج ببركة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعصمة امّته من عذاب الاستئصال (٤).

[٣٠] ـ (ذلِكَ) أي الأمر ، ذلك المذكور (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) وهي ما لا يحلّ هتكه من جميع التّكاليف ، أو ما يتعلّق بالحجّ.

وتعظيمها : رعايتها وحفظها (فَهُوَ) أي تعظيمها (خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ثوابا (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) كلّها أكلا (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) تحريمه في (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (٥) ـ الآية ـ ونحوها ، فلا تحرّموا منها (ما أَحَلَّ اللهُ) كالبحيرة (٦) (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) «من» بيانيّة أي الّذي هو الأوثان (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) هو الكذب أو شهادة الزّور أو قولهم : «هذا حلال وهذا حرام» (٧).

__________________

(١) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١١٦.

(٢) تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٦.

(٣) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١١٦.

(٤) تفسير التبيان ٧ : ٣١١ ـ ونظيره في تفسير البيضاوي ٣ : ٢٠٦.

(٥) سورة المائدة : ٥ / ٣.

(٦) تقدم الكلام عنها في سورة المائدة : ٥ / ٨٧ وهي الناقة والشاة التي كانوا يحرمونها في الجاهلية.

(٧) سورة النحل : ١٦ / ١١٦

٣٤٠