قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٣ ]

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٣ ]

90/299
*

للتوب. (وَإِنْ يَتَوَلَّوْا) بالإصرار على النفاق. (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بالقتل والنار. (وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) فينجيهم من العذاب.

(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(٧٦)

(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) نزلت في ثعلبة بن حاطب أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ادع الله أن يرزقني مالا فقال عليه الصلاة والسلام : يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، فراجعه وقال : والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه ، فدعا له فاتخذ غنما ، فنمت كما ينمى الدود حتى ضاقت بها المدينة ، فنزل واديا وانقطع عن الجماعة والجمعة ، فسأل عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقيل كثر ماله حتى لا يسعه واد فقال : يا ويح ثعلبة ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مصدقين لأخذ الصدقات فاستقبلهما الناس بصدقاتهم ومرا بثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه الكتاب الذي فيه الفرائض فقال : ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية فارجعا حتى أرى رأيي فنزلت ، فجاء ثعلبة بالصدقة فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله منعني أن أقبل منك فجعل يحثو التراب على رأسه فقال هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني ، فقبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجاء بها إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه فلم يقبلها ، ثم جاء إلى عمر رضي الله تعالى عنه في خلافته فلم يقبلها وهلك في زمان عثمان رضي الله تعالى عنه.

(فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ) منعوا حق الله منه. (وَتَوَلَّوْا) عن طاعة الله. (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) وهم قوم عادتهم الإعراض عنها.

(فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)(٧٨)

(فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ) أي فجعل الله عاقبة فعلهم ذلك نفاقا وسوء اعتقاد في قلوبهم ، ويجوز أن يكون الضمير للبخل والمعنى فأورثهم البخل نفاقا متمكنا في قلوبهم. (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) يلقون الله بالموت أو يلقون عملهم أي جزاءه وهو يوم القيامة (بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) بسبب إخلافهم ما وعدوه من التصدق والصلاح. (وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) وبكونهم كاذبين فيه فإن خلف الوعد متضمن للكذب مستقبح من الوجهين أو المقال مطلقا وقرئ «يكذّبون» بالتشديد.

(أَلَمْ يَعْلَمُوا) أي المنافقون أو من عاهد الله وقرئ بالتاء على الالتفات. (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ) ما أسروه في أنفسهم من النفاق أو العزم على الإخلاف. (وَنَجْواهُمْ) وما يتناجون به فيما بينهم من المطاعن ، أو تسمية الزكاة جزية. (وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) فلا يخفى عليه ذلك.

(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٧٩)

(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ) ذم مرفوع أو منصوب أو بدل من الضمير في سرهم. وقرئ «يلمزون» بالضم. (الْمُطَّوِّعِينَ) المتطوعين. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ) روي : أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حث على الصدقة ، فجاء عبد الرحمن ابن عوف بأربعة آلاف درهم وقال كان لي ثمانية آلاف فأقرضت ربي أربعة وأمسكت لعيالي أربعة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت» فبارك الله له حتى صولحت إحدى امرأتيه عن نصف الثمن على ثمانين ألف درهم ، وتصدق عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر ، وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع