الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: سعيد زايد
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

وهو (١) في نفس الأمر غاية يصلح أن ينصبها غاية ويرفض (٢) ماسواها. أليس لو كان هذا الإنسان (٣) شاعرا بمقام (٤) الغريم هناك ، فخرج يرومه (٥) فظفر به ، لم يقل (٦) إن ذلك واقع منه بالبخت ، بل قيل لما عداه إنه بالبخت أو بالاتفاق فيرى (٧) أن (٨) جعله أحد الأمور التي يؤدى إليها خروجه غاية تصرف الخروج عن أن يكون في نفسه سببا لما هو سببه فكيف (٩) يظن أن ذلك يتغير بجعل جاعل (١٠).

فهؤلاء طائفة ، وقد قام بإزائهم طائفة أخرى عظموا أمر البخت جدا وتشعبوا فرقا. فقال قائل (١١) منهم : إن البخت سبب إلهى مستور يرتفع عن أن تدركه العقول ، حتى أن بعض من يرى رأى هذا القائل أحل البخت محل الشيء يتقرب إليه أو إلى الله تعالى (١٢) بعبادته ، وأمر فبنى له هيكل واتخذ باسمه صنم يعبد على نحو ما تعبد عليه (١٣) الأصنام.

وفرقة قدمت البخت من وجه على الأسباب الطبيعية ، فجعلت كون العالم بالبخت. وهذا هو ديمقراطيس وشيعته فإنهم يرون أن مبادئ الكل هى أجرام صغار لا تتجزأ لصلابتها ولعدمها الخلاء ، وأنها غير متناهية بالعدد (١٤) ومبثوثة في خلاء غير متناهى القدر ، وأن جوهرها في طباعه (١٥) متشاكل وبأشكالها مختلف ، وأنها دائمة الحركة في الخلاء فيتفق أن يتصادم منها جملة فتجتمع على هيئة فيكون منه عالم ، وأن في الوجود عوالم مثل هذا العالم غير متناهية بالعدد مترتبة في خلاء غير متناه ، ومع ذلك فيرى أن الأمور الجزئية مثل الحيوانات والنباتات (١٦) كافية (١٧) لا بحسب الاتفاق.

وفرقة أخرى لم تقدم (١٨) على أن تجعل العالم بكليته كائنا بالاتفاق ، ولكنها جعلت الكائنات متكونة عن المبادئ الاسطقسية بالاتفاق ، فما اتفق أن كان هيئة اجتماعه على نمط يصلح للبقاء ـ ـ والنسل بقى (١٩) ونسل ، وما اتفق أن لم يكن كذلك لم ينسل ، وأنه قد كان في ابتداء النشوء ربما تتولد حيوانات مختلطة (٢٠) الأعضاء من أنواع مختلفة وكان يكون حينئذ (٢١) حيوان نصفه أيّل ونصفه عنز ، وأن أعضاء الحيوان ليست هى على ما هى عليه من

__________________

(١) وهو : وهى ط (٢) ويرفض : فيرفض سا

(٣) الإنسان : إنسان د (٤) بمقام : مقام سا.

(٥) يرومه : ليرومه ط (٦) يقل : يقبل د.

(٧) فيرى : لترى م (٨) أن : بأن سا.

(٩) فكيف : وكيف د ، سا ، ط ، م.

(١٠) جاعل : عاجل سا.

(١١) فقال قائل : فقائل ب ، د م ؛ فقال سا.

(١٢) تعالى : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.

(١٣) عليه : ساقطة من ط. (١٤) بالعدد : ساقطة من م.

(١٥) طباعه : طباعها ط. (١٦) والنباتات : والنبات سا ، م

(١٧) كافية : كائنة سا ، م. (١٨) تقدم : تقدر م.

(١٩) بقى : وبقى م.

(٢٠) مختلطة : مخلفة م.

(٢١) حينئذ : ساقطة من سا ، ط ، م.

٦١

المقادير والخلق والكيفيات لأغراض ، بل اتفقت كذلك ، مثلا قالوا : ليست الثنايا حادة لتقطع ، ولا الأضراس (١) عريضة لتطحن ، بل اتفق (٢) أن كانت (٣) المادة تجتمع على هذه الصورة ، واتفق أن كانت هذه الصورة نافعة في مصالح البقاء (٤) ، فاستفاد (٥) الشخص بذلك بقاء ، وربما (٦) اتفق له من آلات النسل نسل (٧) لا ليستحفظ (٨) به النوع بل اتفاق (٩).

فنقول : إن الأمور منها ما هى دائمة ، ومنها ما هى في أكثر الأمر (١٠) ، مثل أن النار في أكثر الأمر تحرق الحطب إذا لاقته ، وأن الخارج من بيته إلى بستانه في أكثر الأمر يصل إليه ، ومنها ما ليس دائما ولا في أكثر الأمر (١١) ، والأمور التي تكون في أكثر (١٢) الأمر (١٣) هى التي لا تكون في أقل الأمر. وكونها (١٤) إذا كانت لا تخلو إما أن يكون عن اطراد في طبيعة السبب إليها وحده أو لا يكون كذلك. فإن لم يكن كذلك ، فإما أن يحتاج السبب إلى قرين من سبب أو شريك أو زوال مانع أو لا يحتاج ، فإن لم يكن كذلك ولم يحتج السبب إلى قرين ، فليس كونها عن السبب أولى من لا كونها ، إذ ليس في نفس الأمر لا فيه وحده ، ولا فيه وفي مقارن له ، ما يرجح الكون على اللاكون ، فيكون كون هذا الشيء عن الشيء ليس أولى من لا كونه ، فليس كائنا على الأكثر. فإذن إن (١٥) لم يحتج إلى الشريك المذكور ، فيجب أن يكون مطردا بنفسه إليه إلا أن يعوق عائق ويعارض معارض ولمعارضنه ما تخلف (١٦) في الأقل. ويجب من ذلك أنه إذا لم يعق عائق ولم يعارض معارض وسلمت طبيعته أن يستمر إلى ما ينحوه ، فحينئذ يكون الفرق بين الدائم والأكثرى أن الدائم لا يعارضه معارض البتة وأن الأكثرى يعارضه معارض (١٧) هو يتبع (١٨) ذلك (١٩). إن الأكثرى بشرط دفع الموانع وإماطة العوارض واجب ، وذلك في الأمور الطبيعية ظاهر وفي الأمور الإرادية أيضا. فإن الإرادة إذا صحت وتمت وواتت (٢٠) الأعضاء للحركة والطاعة ، ولم يقع سبب مانع أو سبب ناقص للعزيمة. وكان المقصود من شأنه أن يوصل إليه فبين (٢١) أنه يستحيل أن لا يوصل إليه.

وإذا كان الدائم من حيث هو دائم لا يقال إنه كائن بالبخت ، فالأكثرى (٢٢) أيضا لا يقال إنه كائن بالبخت ،

__________________

(١) ولا الأضراس : والأضراس د. (٢) اتفق : اتفقت ب ، د

(٣) كانت (الأولى) : كان د. (٤) البقاء : البقايا م

(٥) فاستفاد : واستفاد سا (٦) وريما : وبما د ؛ ربما سا ، ط ، م

(٧) نسل : نسلا سا ، ط ، م (٨) لهستخفظ : استحفظ سا.

(٩) اتفاق : اتفاقا د ، سا ، م. (١٠) الأمر (الأولى) : الأمور د.

(١١) الأمر ... دائما ولا في أكثر الأمر : ساقطة من سا.

(١٢) أكثر (الأولى) : الأكثر د

(١٣) والأمور ... أكثر الأمر : ساقطة من م

(١٤) وكونها : فكونها سا ، ط ، م. (١٥) إن : ساقطة من م.

(١٦) ما تخلف : ما يختلف د. (١٧) معارض : ساقطة من م

(١٨) هو يتبع : ويتبع د ، سا ، ط ، م (١٩) ذلك : + على ط.

(٢٠) وواتت : واتت د. (٢١) فبين : من سا ؛ فتبين ط.

(٢٢) فالأكثرى : والأكثر ط.

٦٢

فإنه من جنسه وفي مثل حكمه. نعم إذا عورض فصرف (١) ، فربما قيل إن انصرافه عن وجهه كائن بالبخت أو بالاتفاق ، وأنت تعلم أن الناس لا يقولون لما يكون كثيرا عن سبب واحد بعينه أو دائما (٢) أنه كائن اتفاقا أو بالبخت (٣).

وقد بقى لنا ما يكون بالتساوى وما يكون على الأقل ، والأمر مشتبه في الكائن بالتساوى أنه (٤) يقال فيه إنه اتفق اتفاقا وكان بالبخت أو لا يقال. قد اشترط (٥) متأخر والمشائين أن ما يكون بالاتفاق والبخت فإنما يكون فى الأمور الأقلية الكون عن أسبابها والذي رسم لهم هذا النهج (٦) لم يشترط ذلك ، بل اشترط أن لا يكون دائما ولا أكثريا ، وإن ما دعا المتأخرين إلى أن جعلوا الاتفاق متعلقا (٧) بالأمور الأقلية دون المتساوية صورة (٨) الحال فى الأمور الإرادية. فإن هؤلاء المتأخرين يقولون إن الأكل واللاأكل والمشي واللامشى وما أشبه ذلك هى من الأمور المتساوية الصدور عن مبادئها ، ثم إذا مشى ماش أو أكل آكل بإرادته لم يقل إنه اتفق ذلك. وأما نحن فلا نستصوب زيادة اشتراط (٩) على ما اشترطه معلمهم ، ونبين بطلان قولهم بشيء يسير وهو أن الشيء الواحد قد يكون بقياس واعتبار أكثريا ، بل (١٠) واجبا ، وبقياس آخر واعتبار آخر متساويا ، بل الأقلى إذا اشترطت فيه شرائط واعتبرت أحوال صار واجبا ، مثل أن يشترط أن المادة في كون (١١) كف الجنين فضلت عن المصروف منها إلى الأصابع الخمس ، والقوة الإلهية الفائضة في الأجسام صادفت استعدادا تاما في مادة طبيعية لصورة (١٢) مستحقة ، وهى إذا (١٣) صادفت ذلك لم تعطلها (١٤) عنها ، فيجب هناك أن يتخلق إصبع زائدة ، فيكون هذا الباب وإن كان هو (١٥) أقلى الوجود (١٦) ونادرا بالقياس إلى الطبيعة الكلية فليس أقليا ونادرا بالقياس إلى الأسباب التي ذكرناها بل هو واجب.

ولعل الاستقصاء في البحث (١٧) يتبين لنا أن الشيء ما لم يجب أن يوجد من أسبابه ولم يخرج عن طبيعة الإمكان لم يوجد عنها. ولكن بيان هذا وأمثاله مؤخر إلى الفلسفة الأولى. وإذا (١٨) كان الأمر على هذا فغير بعيد أن تكون طبيعة

__________________

(١) فصرف : وصرف سا ، ط ، م.

(٢) دائما : + عنه م.

(٣) أو بالبخت : وبالبخت د.

(٤) أنه : + هل ط.

(٥) اشترط : أشرط م ؛ ساقطة من سا.

(٦) النهج : المنهج ب. (٧) متعلقا : معلقا ب

(٨) صورة : صور سا. (٩) اشتراط : إشراط سا.

(١٠) بل : ساقطة من م.

(١١) كون : تكون ط. (١٢) لصورة : بصورة ط.

(١٣) إذا : أيضا ب

(١٤) تعطلها : يعطلى ط.

(١٥) هو : ساقطة م

(١٦) الوجود : الإمكان سا ، ط ، م.

(١٧) فى البحث : بالحث م.

(١٨) وإذا : فإذا د ، سا ، ط ، م.

٦٣

واحدة بالقياس إلى شيء أكثرية (١) وبالقياس إلى شيء آخر متساوية (٢). فإن البعد بين الأكثرى والمتساوى أقرب من البعد ما بين الواجب والأقلى. ثم الأكل والمشي إذا قيسا إلى الإرادة ، وفرضت الإرادة حاصلة ، خرجا عن حد الإمكان المتساوى إلى الأكثرى ، وإذا خرجا من ذلك لم يصح (٣) البتة أن يقال إنهما اتفقا أو كانا بالبخت وأما إذا لم يضافا إلى الإرادة ونظر إليهما (٤) في وقت يتساوى كون (٥) الأكل ولا كونه ، فصحيح أن يقال دخلت عليه واتفق (٦) أن كان يأكل ، وذلك بالقياس إلى الدخول لا إلى الإرادة. وكذلك قول القائل : صادفته واتفق أن كان يمشى ، ولقيته (٧) واتفق أن كان قاعدا ، فإن هذا كله متعارف مقبول ، ومع ذلك صحيح. وبالجملة إذا كان الأمر الكائن في نفسه غير متطلع ولا متوقع إذ ليس دائما ولا أكثريا ، فصالح (٨) أن يقال للسبب المؤدى إليه أنه اتفاق أو بخت ، وذلك إذا كان من شأنه أن يؤدى إليه وليس مؤديا إليه (٩) لا دائما ولا أكثريا. وأما إذا لم يكن مؤديا إليه (١٠) البتة ولا موجبا له مثل قعود فلان عند كسوف القمر ، فلا يقال إن قعود فلان اتفق أن كان سببا لكسوف القمر ، بل يصلح أن يقال اتفق إن كان معه ، فيكون القعود لا سببا للكسوف ، بل سببا بالعرض للكون مع الكسوف وليس الكون مع الكسوف هو (١١) الكسوف وبالجملة إذا كان الشيء ليس من شأنه أن يؤدى إلى شيء (١٢) البتة ، فليس سببا اتفاقيا (١٣) له ، إنما يكون سببا اتفاقيا له إذا كان من شأنه أن يؤدى إليه وليس دائما ولا في أكثر الأمر حتى لو فطن الفاعل بما تجرى عليه (١٤) حركات الكل وصح أن يريد ويختار لصح أن يجعله غاية.

كما لو فطن الخارج إلى السوق أن الغريم في الطريق لصح أن (١٥) يجعله غاية وكان حينئذ خارجا عن حد التساوى والأقلى ، لأن خروج العارف بحصول الغريم في جهة مخرجه يؤدى في أكثر الأمر إلى مصادفته ، وأما خروج غير (١٦) العارف من حيث هو غير عارف فربما ادى وربما لم يؤد وانما يكون اتفاقيا (١٧) بالقياس الى الخروج لا بشرط (١٨) زائد ويكون غير اتفاقى (١٩) بالإضافة إلى خروج بشرط زائد.

__________________

(١) أكثرية : أكثر به ب. (٢) متساوية : متساو به ب.

(٣) يصح : + ذلك م.

(٤) إليهما : + نفسيهما سا ، م ؛ + نفسها ط

(٥) كون : وكون ط. (٦) واتفق : فاتفق سا ، ط ، م.

(٧) ولقيته : لقيته ب ، م ؛ وكذلك لقيته د. (٨) فصالح : وصالح سا.

(٩) إليه (الثالثة) : ساقطة من م. (١٠) لا دائما .... إليه : ساقطة من د.

(١١) هو : + سبب ط. (١٢) شيء : الشيء سا ، م.

(١٣) اتفاقيا (الأولى): + بل ط ، م. (١٤) عليه : + من ط.

(١٥) أن (الثانية) : وأن م.

(١٦) غير (الأولى) : الغير سا.

(١٧) اتفاقيا : اتفاقا سا ، ط ، م

(١٨) لا بشرط : لا يشترط م.

(١٩) اتفاقى : ب ، ، اتفاق ، م د.

٦٤

وتبين من (١) هذا أن الأسباب الاتفاقية تكون من حيث (٢) يكون من أجل شيء إلا أنها أسباب فاعلية لها بالعرض والغايات غايات بالعرض فهى داخلة في جملة الأسباب التي بالعرض. فالاتفاق سبب من الأمور الطبيعية والإرادية بالعرض ليس دائم الإيجاب ولا أكثرى الإيجاب (٣) ، وهو فيما يكون من أجل شيء وليس (٤) له سبب أوجبه بالذات. وقد تعرض أمور لا بقصد وليست بالاتفاق مثل تخطيط القدم على الأرض عند الخروج إلى أخذ الغريم ، فإن ذلك وإن لم يقصد فضرورى في المقصود.

لكن لقائل أن يقول : إنا ربما قلنا إن كذا كان بالاتفاق وإن كان الأمر أكثريا ، كقول القائل إن فلانا قصدته لحاجة كذ ا فاتفق أن وجدته في البيت ، ولا يمنعه (٥) عن هذا القول كون زيد في أكثر الأمر في البيت.

فالجواب أن هذا القائل إنما يقول ذلك لا بحسب الأمر في نفسه ، بل بحسب اعتقاده فيه. فإنه (٦) إذا كان أغلب ظنه أن زيدا ينبغى أن يكون في البيت ، فلا يقول إن (٧) ذلك اتفق ، بل إن لم يجده يقول إن ذلك اتفق ، ولكن إنما يقول هذا إذا كان يتساوى عنده في ظنه وفي ذلك الوقت وفي (٨) تلك الحالة أنه كائن في البيت يقول هذا إذا كان يتساوى عنده في ظنه وفي ذلك الوقت وفي تلك الحالة (٩) أنه كان في البيت أو غير كائن.

فيكون ظنه في ذلك الوقت يحكم بالتساوى دون الأكثرى والواجب ، وإن كان بالقياس إلى الوقت المطلق أكثريا.

وقد ظن (١٠) في كثير من الأمور الطبيعية النادرة الوجود مثل الذهب الثابت على وزن من الأوزان أو الياقوتة المجاوزة للمقدار المعهود أنه موجود بالاتفاق لأنه أقلى وليس كذلك. فإن كون الشيء في الأقل إنما يدخل الشيء في الاتفاق ، لا إذا قيس إلى الوجود المطلق ، بل إذا قيس إلى السبب الفاعل (١١) له ، فكان (١٢) وجوده عنه أقليا والسبب الفاعل (١٣) لهذا الذهب والياقوت إنما صدر عنه ذلك لقوته ووجدان (١٤) المادة الوافرة. وإذا كان كذلك فيصدر عنه (١٥) مثل هذا الفعل عن ذاته (١٦) دائما أو في الأكثر صدورا طبيعيا. ويقول إن السبب الاتفاقى قد يجوز أن يتأدى إلى غايته الذاتية ، وقد يجوز أن لا يتأدى ، مثل أن الرجل إذا خرج متوجها إلى متجره فلقى غريمه اتفاقا فربما انقطع بذلك عن غايته الذاتية ، وربما لم ينقطع ، بل توجه نحوها ووصل إليها ، والحجر الهابط إذا شج رأسا فربما (١٧) وقف (١٨) وربما هبط إلى مهبطه ، فإن وصل إلى غايته الطبيعية فيكون بالقياس إليها سببا ذاتيا وبالقياس إلى الغاية العرضية

__________________

(١) من (الأولى) : ساقطة من ب ، سا

(٢) من حيت : حتى م. (٣) ولا أكثرى الإيجاب : والأكثرى للإيجاب م

(٤) وليس : سا ، م. (٥) ولا يمنعه : ولم يمنعه ط.

(٦) فإنه : بأنه سا.

(٧) إن (الأولى) : ساقطة من ب ، د ، ط

(٨) وفي : فى سا ، ط. (٩) الحالة : الحال سا ، م.

(١٠) ظن : نظن سا ، ط ، م. (١١) الفاعل : الفاعل ط

(١٢) فكان : وكان وجوده : وجود م. (١٣) الفاعل : الفاعل ط

(١٤) ووجدان : ولوجدان سا ، ط ، م. (١٥) عنه : ساقطة من سا ، م

(١٦) ذاته : ذات د. (١٧) فربما : ساقطة من م

(١٨) وقف : وقعت د ؛ فوقف م.

٦٥

سببا اتفاقيا ، وأما إن (١) لم يصل إليها فيكون (٢) بالقياس إلى الغاية العرضية سببا اتفاقيا وبالقياس إلى الغاية الذاتية باطلا كقولهم شرب الدواء ليسهل فلم يسهل (٣) ، فكان شربه باطلا. والغاية العرضية بالقياس إليها تكون اتفاقيا. وقد يظن أنه قد يكون وتحدث أمور لا لغاية ، بل على سبيل العبث ، ولا يكون (٤) اتفاقا كالولوع (٥) باللحية وما أشبه ذلك ، وليس كذلك (٦). وسنبين (٧) في الفلسفة الأولى حقيقة الأمر فيها.

ثم الاتفاق أعم من البخت في لغتنا هذه ، فإن كل بخت اتفاق ، وليس كل اتفاق بختا. فكانهم لا يقولون بخت إلا لما يؤدى إلى شيء يعتد به ، ومبدؤه إرادة عن ذى اختيار من الناطقين البالغين. فإن قالوا لغير ذلك كما يقال للعود الذي يشق (٨) نصفه لمسجد ونصفه لكنيف ، إن نصفا منه سعيد ونصفا منه شقى ، فهو مجاز وأما ما بدؤه طبيعى فلا يقال إنه كائن بالبخت ، بل عسى أن يخص باسم الكائن من تلقاء نفسه إلا إذا قيس إلى مبدأ آخر إرادى ، فإن الأمور الاتفاقية تجرى على مصادمات تحصل بين شيئين أو أشياء ، وكل مصادمة (٩) فإما أن يكون فيها (١٠) كلا المتصادمين متحركين إلى أن يتصادما ، أو يكون أحدهما ساكنا والآخر متحركا إليه ، فإنه إذا سكن كلاهما على حال غير التصادم الذي كانا عليها لم ينتج (١١) ما بينهما تصادم. وإذا كان كذلك فجائز أن تتفق حركتان من مبدئين ، أحدهما طبيعى والآخر إرادى يتصادمان عند غاية واحدة تكون بالقياس إلى الإرادى خيرا يعتد به أو شرا (١٢) يعتد به ، فيكون حينئذ بختا له لا محالة (١٣) ، ولا يكون بالقياس إلى حركة (١٤) الطبيعى بختا.

وفرق بين رداءة البخت وسوء التدبير فإن سوء التدبير (١٥) هو اختيار سبب في أكثر (١٦) الأمور (١٧) يؤدى إلى غاية مذمومة ، ورداءة البخت هى (١٨) أن يكون السبب في أكثر الأمر غير مؤد (١٩) إلى غاية مذمومة ، ولكن يكون عند متولّيها السيّئ البخت يؤدى إليها (٢٠). والشيء الميمون هو الذي (٢١) تكرر حصول أسباب مسعدة بالبخت عند حصوله ، والشيء المشئوم هو الذي تكرر حصول أسباب مشقية بالبخت عند حصوله ، فيستشعر من حصول (٢٢) الأول عود ما اعتيد تكرره من

__________________

(١) وأما إن : وإن د ؛ وأما إذا سا ، ط ، م (٢) فيكون : فإنه يكون سا ، ط ، م.

(٣) فلم يسهل : ساقطة من م. (٤) ولا يكون : فلا يكن ا

(٥) كالولوع : لولوع د (٦) وليس كذلك : ساقطة من سا.

(٧) وسنبين : + ذلك سا. (٨) يشق : شق ط.

(٩) مصادمة : مصادفة م. (١٠) فيها : ساقطة من سا.

(١١) ينتج : يسنح ط. (١٢) أو شرا : وشراب ، د ، ط

(١٣) لا محالة : ساقطة من سا ، م

(١٤) حركة : الحركة ط. (١٥) فإن سوء التدبير : ساقطة من م

(١٦) أكثر : الأكثر د (١٧) الأمور : الأمر سا ، م.

(١٨) هى : هو سا ، م (١٩) مؤد : مؤدية ط.

(٢٠) إليها : إليه ط (٢١) الذي : + قد ط.

(٢٢) حصول (الثانية) : حضور سا ، م.

٦٦

الخير ، ومن حصول (١) الثاني عود ما اعتيد تكرره من الشر. وقد يكون للسبب (٢) الواحد الاتفاقى غايات اتفاقية غير محددة ، ولذلك (٣) لا يتحرز عن الاتفاق التحرز عن الأسباب الذاتية ونستعيذ (٤) بالله من الشقاوة.

[الفصل (٥) الرابع عشر]

ن ـ فصل

فى نقض حجج من اخطا فى باب الاتفاق

والبخت ونقض مذاهبهم

وإذ قد بينا ماهية الاتفاق ووجوده ، فحرى بنا أن نشير إلى نقض حجج المذاهب الفاسدة فى باب (٦) لاتفاق وإن كان الأحرى أن نؤخر هذا البيان إلى ما بعد الطبيعة وإلى الفلسفة الأولى. وإن المقدمات التي نأخذها فى هذا البيان أكثرها مصادرات. لكنا ساعدنا فى هذا الواحد ، وفى (٧) بعض الأشياء الأخرى (٨) مجرى العادة.

فنقول أما المذهب المبطل للاتفاق أصلا ، المحتج بأن كل شيء يوجد (٩) له سبب معلوم. ولا نضطر إلى اختلاف سبب هو الاتفاق ، فإن احتجاجه ليس ينتج المطلوب (١٠) ، لأنه ليس إذا وجد لكل شيء سبب ، لم يكن للاتفاق وجود ، بل كان السبب الموجب (١١) للشيء الذي لا توجبه على الدوام أو الأكثر هو السبب الاتفاقى نفسه من حيث هو كذلك. وأما قوله إنه قد يكون لشيء واحد غايات كثيرة (١٢) معا ، فإن المغالطة فيه لاشتراك الاسم فى الغاية ، فإن الغاية تقال لما ينتهى إليه الشيء كيف كان. ويقال لما يقصد بالفعل والمقصود بالحركة الطبيعية

__________________

(١) حصول : حضور سا ، م

(٢) للسبب : السبب سا.

(٣) ولذلك : فلذلك ط

(٤) ونستعيذ : ونستعاذ بخ ؛ ويستعاذ سا ، ط ، م.

(٥) فصل : فصل ن ب ؛ الفصل الرابع عشر م.

(٦) فى باب : ساقطة من م.

(٧) وفى : فى د

(٨) الأخرى : الأخر سا ؛ الآخر م.

(٩) يوجد : فيوجد ط.

(١٠) المطلوب : للمطلوب م.

(١١) الموجب : الموجود سا ، م.

(١٢) كثيرة : كبيرة ب.

٦٧

محدود ، والمقصود بالإرادة أيضا محدود ، ونحن نعنى بالغاية الذاتية هاهنا هذا. وقوله : إنه ليس يجب أن تصير الغاية غير غاية (١) بالجعل ، حتى إذا جعل الظفر بالغريم غاية صار الأمر غير بختى ، وإن جعل الوصول (٢) إلى المكان غاية صار الأمر بختيا. فإن الجواب عنه أن قوله : إن الجعل لا يغير الحال فى هذا الباب ، هو (٣) غير مسلم. ألا ترى أن الجعل يجعل الأمر فى أحدهما أكثريا وفى الآخر أقليا؟ فإن الشاعر بمقام الغريم الخارج إليه (٤) ليغفر به من حيث هو كذلك ، فإنه فى أكثر الأمر يظفر به ، وغير الشاعر الخارج إلى الدكان من حيث هو كذلك (٥) ، فإنه فى أكثر الأمر يظفر بغريمه. فإن كان الجعل المختلف يختلف له حكم الأمر فى أكثريته وغير أكثريته فكذلك يختلف له حكم الأمر فى أنه اتفاقى أو غير اتفاقى.

وأما ديمقراطيس الذي يجعل تكون العالم بالاتفاق ، ويرى أن الكائنات تكون بالطبيعة ، فمما يكشف فساد رأيه هو أن نبين له ماهية الاتفاق وأنه (٦) غاية عرضية لأمر طبيعى أو إرادى بل أو لقمرى (٧) ، ولقمر (٨) ينتهى إلى طبيعة أو إرادة ، فإنه سيظهر أنه لا يستمر قسر على قسر إلى غير النهاية فتكون الطبيعة والإرادة ذاتهما (٩) أقدم من الاتفاق ، فيكون السبب الأول للعالم طبيعة أو إرادة (١٠). على أن الأجرام التي يقول بها (١١) ويراها صلبة ويراها متفقة الجواهر (١٢) مختلفة بالأشكال ويراها متحركة بذاتها فى الخلاء إذا اجتمعت وتماست ، ولا قوة عنده ولا صورة إلا الشكل فقط ، فإن اجتماعها (١٣) ومقتضى أشكالها لا يلصق بعضها ببعض ، بل يجوز لها الانفصال واستمرار حركتها التي لها بذاتها ، فيجب لذاتها أن تتحرك فتنفصل ولا يبقى لها الاتصال. ولو كان ذلك (١٤) لما وجدت (١٥) السماء مستمرة الوجود على هيئة واحدة فى أرصاد متتابعة بين طرفى زمان طويل. ولو كان يقول إن فى هذه الأجرام قوى مختلفة فى جواهرها يتفق لها أن تتصادم ، ويضغط ما بينها (١٦) ، ويقف الضعيف (١٧) منها بين الضاغطين ويتكافأ ميل الضاغطين بحسب القوتين فيبقى كذلك ، لكان ربما أوهم أنه يقول شيئا إلى أن نبين أن هذا لا يكون (١٨) ولا يتفق ، وسنشير إليه بعد. والعجب أنه يجعل الأمر الدائم الذي لا يقع فيه خروج عن نظام واحد ولا أمر حادث كائن ببخت أو اتفاق فيه البتة (١٩) اتفاقيا ، ويجعل الأمور الجزئية لغاية (٢٠) ، وفيها ما يرى بالاتفاق (٢١).

__________________

(١) غاية : ساقطة من سا (٢) الوصول : الحصول سا ، ط.

(٣) هو : فهو ط. (٤) الخارج إليه : ساقطة من م.

(٥) فإنه ... كذلك : ساقطة من م.

(٦) وأنه : ساقطة من م. (٧) لقسرى : قسرى ط

(٨) والقسر : والقسرى ط. (٩) ذاتهما : ذاتها د ، سا ، م

(١٠) أو إرادة : وإرادة م

(١١) بها : + فى ذاتها أقدم من الاتفاق ط.

(١٢) الجواهر : أو يراها ط. (١٣) اجتماعها : اجتماعهما م.

(١٤) ذلك : كذلك سا ، ط ، م. (١٥) لما وجدت : ساقطة من م.

(١٦) ما بينها : ما بينهما ط (١٧) الضعيف : الضعف م.

(١٨) لكان ... لا يكون ، ساقطة من م. (١٩) البتة : ساقطة من د

(٢٠) لغاية : كفاية سا (٢١) بالاتفاق : الاتفاق سا ، م.

٦٨

وأما أنبادقليس ومن جرى مجراه فإنهم جعلوا الجزئيات تكون بالاتفاق ، بل خلطوا الاتفاق بالضرورة (١) فجعلوا حصول المادة بالاتفاق وتصورها بصورتها بالضرورة لا لغاية. مثلا قالوا : إن الثنايا لم تستحد للقطع بل اتفق أن حصلت هناك مادة لا تقبل إلا هذه الصورة ، فاستحدت بالضرورة ، وقد أخلدوا فى هذا الباب إلى حجج واهية ، وقالوا : كيف تكون الطبيعة تفعل لأجل شيء وليس لها روية ، ولو كانت الطبيعة تفعل لأجل شيء (٢) لما كانت التشويهات (٣) والزوائد والموت فى الطبيعة البتة ، فإن هذه الأحوال ليست بقصد ، ولكن يتفق أن تكون المادة بحالة (٤) تتبعها هذه الأحوال. فكذلك الحكم فى سائر الأمور الطبيعية التي اتفقت أن كانت على وجه يتضمن المصلحة ، فلم ينسب إلى الاتفاق ، وإلى ضرورة المادة ، بل ظن أنها إنما (٥) تصدر عن فاعل يفعل لأجل شيء. ولو كان كذلك لما كان إلا أبدا ودائما (٦) لا يختلف. وهذا كالمطر الذي يعلم يقينا (٧) أنه كائن لضرورة المادة ، لأن الشمس إذا بخرت فخلص البخار إلى الجو البارد برد فصار ماء ثقيلا ، فنزل ضرورة فاتفق أن يقع (٨) فى مصالح ، فظن أن الأمطار مقصودة فى الطبيعة لتلك المصالح. قالوا (٩) : ولم يلتفت إلى إفسادها للبيادر (١٠). وقالوا (١١) : وقد عرض (١٢) فى هذا الباب أمر آخر وهو النظام الموجود فى تكون الأمور الطبيعية وسلوكها إلى ما توجبه الضرورة التي فى المواد. وليس ذلك مما يجب أن يغتر به (١٣) ، فإنه وإن سلم أن لنشو (١٤) والتكون نظاما فإن للرجوع والسلوك إلى الفساد نظاما ليس دون ذلك النظام (١٥) ، وهو نظام الذبول من أوله إلى آخره بعكس من نظام النشو. فكان (١٦) يجب أيضا أن يظن أن (١٧) الذبول لأجل شيء هو الموت ، ثم إن كانت الطبيعة تفعل لأجل شيء فالسؤال (١٨) ثابت فى ذلك الشيء نفسه وأنه لم فعل فى الطبيعة على ما هو عليه وتستمر المطالبة إلى غير النهاية.

قالوا : وكيف تكون الطبيعة فاعلة لأجل شيء ، والطبيعة الواحدة يختلف أفعالها لاختلاف المواد ، كالحرارة تحل شيئا كالشمع (١٩) ، وتعقد شيئا كالبيض والملح ، ومن العجائب أن تكون الحرارة تفعل الإحراق لأجل شيء ، بل إنما يلزمها ذلك بالضرورة ، لأن المادة بحال يجب فيها عند مماسة الحار الاحتراق ، فكذلك (٢٠) حكم سائر القوى الطبيعية (٢١).

__________________

(١) بالضرورة : + وكذلك الأضراس فى أنها عريضة لا للطحن ط.

(٢) تفعل لأجل شيء : ساقطة من م.

(٣) التشويهات : التشويات م.

(٤) بحالة : محالة م. (٥) إنما : ساقطة من م.

(٦) ودائما : دائما سا ، م (٧) يقينا : بيننا سا.

(٨) أن يقع : أو يقع سا (٩) قالوا : وقالوا سا ، ط ، م.

(١٠) للبيادر : للتبادر م (١١) وقالوا : قالوا سا ، ط ، م

(١٢) عرض : عن سا. (١٣) به : ساقطة من م

(١٤) للنشو : المنشو سا. (١٥) النظام : ساقطة من سا ، ط ، م.

(١٦) فكان : وكان سا ، ط (١٧) أن (الثانية) : ساقطة من م.

(١٨) فالسؤال : بالسؤال سا.

(١٩) كالشمع : كالشمس م.

(٢٠) فكذلك : وكذلك د

(٢١) القوى الطبيعية : قوى الطبيعة ط.

٦٩

والذي يجب علينا أن نقوله فى هذا الباب ونعتقده هو أنه لا كثير مناقشة الآن فى أن للاتفاق. مدخلا فى أن تكون الأمور الطبيعية ، وذلك (١) بالقياس إلى أفرادها. فإنه ليس حصول هذه المدرة عند هذا الجزء من الأرض ولا حصول هذه الحبة من البر فى هذه البقعة من الأرض ، ولا حصول هذه النطفة فى هذه الرحم أمرا دائما ولا أكثريا ، بل لتسامح أنه وما يجرى (٢) مجراه اتفاقى ، ولنمعن (٣) النظر فى مثل تكون السنبلة عن البرة (٤) باستمداد المادة من الأرض والجنين عن (٥) النطفة باستمداد المادة عن الرحم ، هل هذا بالاتفاق (٦). فنجده (٧) ليس باتفاقى (٨) بل أمرا توجبه الطبيعة وتستدعيه قوة ، وكذلك لتساعدوا أيضا على قولهم إن المادة التي للثنايا لا تقبل إلا هذه الصورة (٩) ، لكنا نعلم أنها لم يحصل (١٠) لهذه المادة هذه الصورة لأنها لا تقبل إلا هذه الصورة ، بل حصلت هذه المادة لهذه الصورة لأنها لا تقبل إلا هذه الصورة ، فإنه ليس البيت إنما رسب فيه الحجر وطفا الخشب لأن الحجر أثقل والخشب أخف ، بل هناك صنعة صانع لم يصلح لها (١١) إلا أن تكون بسبب (١٢) مواد ما تفعله هذه النسبة فجاء بها على هذه النسبة. والتأمل الصادق يظهر صدق ما قلناه وهو أن البقعة الواحدة إذا سقط فيها حبة برة أنبتت سنبلة برة أو حبة شعير أنبتت سنبلة شعير. ويستحيل أن يقال إن الأجزاء الأرضية والمائية تتحرك بذاتها وتنفذ فى جوهر البرة وتربيه فإنه سيظهر أن تحركهما (١٣) عن مواضعهما (١٤) ليس لذاتهما (١٥) والحركات التي لذاتهما معاومة فيجب أن يكون تحركهما (١٦) إنما هو لجذب (١٧) قوى مستكنة فى الحبات جاذبة بإذن الله. ثم لا يخاو إما أن تكون فى تلك البقعة أجزاء تصلح لتكون البرة وأخرى صالحة (١٨) لتكون (١٩) الشعيرة (٢٠) ، أو يكون (٢١) الصالح لتكون البرة صالحا لتكون الشعيرة (٢٢). فإن كان الصالح لهما أجزاء واحدة فقط (٢٣) ، سقطت (٢٤) الضرورة المنسوبة إلى المادة ، ورجع الأمر إلى أن الصورة (٢٥) طارئة على المادة من مصور يخصها بتلك الصورة ويحركها إلى تلك الصورة ، وأنه دائما أو فى (٢٦) أكثر الأمر يفعل ذلك. فقد (٢٧) بان أن ما كان كذلك فهو فعل يصدر عن ذات الأمر متوجها إليه (٢٨) ، إما دائم (٢٩) فلا يعاق ، وإما أكثرى (٣٠) فيعاق ، وهذا هو مرادنا بالغاية فى الأمور الطبيعية. وإن كانت الأجزاء مختلفة ، فلمناسبة ما بين القوة التي فى البرة وبين تلك المادة ما يجذب (٣١)

__________________

(١) وذلك : وتلك ط. (٢) وما يجرى : وما جرى سا ؛ ما جرى م. (٣) ولنمعن : ولنعين ب ، د ، سا ، م (٤) البرة : البر ط. (٥) عن : من سا ، م (٦) بالاتفاق : بالاتفاقى د (٧) فنجده : ونجده ط (٨) فنجده ليس باتفاقى : ساقطة من د. (٩) الصورة (الأولى) : ساقطة من ب (١٠) تحصل : تصل سا. (١١) لها : ساقطة من سا ، م (١٢) بسبب : نسب ب ، د ، سا ، ط. (١٣) تحركهما : تحركها سا ، ط (١٤) مواضعها : مواضعها سا ، ط (١٥) لذاتهما (الأولى والثانية) : لذاتها ط. (١٦) تحركهما : تحركها ط ، م (١٧) لجذب : يجذب سا ، م ؛ مجذب ط. (١٨) صالحة : تصلح ب ، د ، سا (١٩) البرة وأخرى صالحة لتكون : ساقطة من م (٢٠) الشعيرة (الأولى) : الشعير سا ، م (٢١) أو يكون : ويكون ط (٢٢) أو يكون ... الشعيرة : ساقطة من سا. (٢٣) فقط : فقد سا ، م (٢٤) سقطت : سقط ط (٢٥) الصورة : الضرورة سا. (٢٦) أو فى : وفى سا. (٢٧) فقد : وقدم. (٢٨) إليه : ساقطة من م (٢٩) دائم : دائما م

(٣٠) أكثرى : أكثريا م.

(٣١) ما يجذب : ما يحدث م.

٧٠

تلك المادة بعينها ويحركها إلى حيز مخصوص فى الدوام أو الأكثر (١). فهناك (٢) تكسبها صورة ما ، فتكون أيضا القوة التي فى البرة تحرك بذاتها هذه المادة إلى تلك الصورة من الجوهر والكيف والشكل والأين ، ولا يكون ذلك لضرورة المادة ، وإن كان لا بد من أن تكون تلك (٣) المادة على تلك الصفة لتنقل (٤) إلى تلك الصورة. فلنضع أن طباع المادة صالحة لهذه الصورة أو غير قابلة لغيرها مثلا ، فهل بدمن أن يكون انتقالها إلى حيث تكسب هذه الصورة بعد ما لم تكن لها ليس (٥) لضرورة (٦) فيها (٧) ، بل عن سبب آخر يحركها إليه (٨) ، فيحصل لها ما هى صالحة لقبوله أو لا يصلح لقبول غيره. فبين (٩) من هذا كله أن تحريكات الطبيعة للمواد هى على سبيل قصد طبيعى منها إلى حد محدود ، وأن ذلك مستمر على الدوام أو على الأكثر ، وذلك ما نعنيه بلفظة (١٠) الغاية ..

ثم (١١) من الظاهر أن الغايات الصادرة عن الطبيعة حال ما تكون الطبيعة (١٢) غير معارضة ، ولا معوقة كلها خيرات وكمالات ، وأنه إذا تأدت إلى غاية ضارة كان ذلك التأدى ليس عنها دائما (١٣) ولا أكثريا ، بل فى حال تتفقد النفس منافيها (١٤) سببا عارضا ، فيقال ما ذا (١٥) أصاب هذا الغسيل حتى ذوى ، وما ذا أصاب هذه المرأة حتى أسقطت.

وإذا كان كذلك ، فالطبيعة تتحرك لأجل الخيرية ، وليس هذا فى نشو (١٦) الحيوان والنبات (١٧) فقط ، بل وفى (١٨) حركات الأجرام البسيطة وأفعالها التي تصدر عنها بالطبع ، فإنها تنحو نحو غايات تتوجه إليها دائما ما لم (١٩) يعق توجها (٢٠) على (٢١).

نظام محدود ولا يخرج عنه إلا بسبب معارض. وكذلك الإلهامات التي للأنفس الحيوانية البانية والناسجة والمدخرة (٢٢) فإنها تشبه الأمور الطبيعية ، وهى (٢٣) لغاية ، وإن كانت الأمور تجرى اتفاقا ، فلم لا تنبت البرة شعيرة ، ولم لا تتولد شجرة مركبة من تين وزيتون كما يتولد عندهم بالاتفاق عنز أيل ، ولم لا تتكرر هذه النوادر ، بل تبقى الأنواع محفوظة على الأكثر.

ومما يدل على أن الأمور الطبيعية لغاية ، أنا إذا أحسسنا بمعارض أو قصور من الطبيعة (٢٤) أعنا الطبيعة بالصناعة

__________________

(١) الدوام أو الأكثر : الدوم أو الأكثر ب ، د ؛ الدوام والأكثر ط

(٢) فهناك : فهنالك ط ، م. (٣) تلك (الأولى) : ساقطة من سا ، م

(٤) لتنقل : لتنتقل د ، سا ، ط ، م. (٥) لها ليس : ليس لها ط

(٦) لضرورة : بضرورة ، د ، سا ، م (٧) فيها : منها سا

(٨) إليه : إليها ط. (٩) فبين : فيستبين م.

(١٠) بلفظة : بلفظ سا ، ط. (١١) ثم : + إن د ، ط

(١٢) الطبيعية : + فى د ، ط. (١٣) دائما : دائميا ط.

(١٤) منافيها : فيها د ؛ منها ط (١٥) ما ذا (الأولى) : ماذى ب ، د ، سا ، ما إذا م.

(١٦) نشو : نش. م (١٧) الحيوان والنبات : الحيوانات والنباتات ط

(١٨) وفى : فى سا. (١٩) ما لم : لم م

(٢٠) توجها : توجهها سا (٢١) على : إلى ط.

(٢٢) والمدخرة : والمعقرة ط. (٢٣) وهى : هى د.

(٢٤) من الطبيعة : ساقطة من م.

٧١

على الأكثر (١) كما يفعله الطبيب معتقدا أنه إذا زال العارض المعارض أو اشتدت (٢) القوة توجهت الطبيعة إلى الصحة والخير. وليس إذا عدمت (٣) الطبيعة الرؤية وجب من ذلك (٤) أن يحكم بأن الفعل الصادر عنها غير متوجه إلى غاية فإن الرؤية ليست لتجعل الفعل ذا غاية ، بل لتعين الفعل الذي (٥) يختاره (٦) من بين سائر الأفعال (٧) جايز اختيارها لكل واحد منها غاية تخصه ، فالرؤية لأجل تخصيص الفعل لا لجعله ذا غاية. ولو كانت (٨) النفس مسلمة عن النوازع المختلفة والمعارضات المتفننة (٩) ، لكان يصدر عنها فعل يتشابه (١٠) على نهج واحد من غير روية ، وإن شئت أن تستظهر فى هذا الباب ، فتأمل حال الصناعة ، فإن الصناعة لا نشك (١١) فى (١٢) أنها لغاية (١٣) ، والصناعة إذا صارت ملكة لم يحتج فى استعمالها إلى الروية وصارت بحيث إذا أحضرت الروية تعددت (١٤) وتبلد الماهر فيها عن النفاذ فيما يزاوله كمن يكتب أو يضرب بالعود فإنه إذا أخذ يروى (١٥) فى اختيار حرف حرف أو نغمة نغمة وأراد أن يقف على عدده تبلد وتعطل. وإنما يستمر على نهج واحد فيما يفعله بلا روية فى كل واحد واحد (١٦) مما يستمر فيه ، وإن كان ابتداء ذلك الفعل وقصده (١٧) إنما وقع بالروية. وأما المبنى على ذلك الأول والابتداء فلا يروى فيه (١٨). وكذلك حال اعتصام الزالق بما يعصمه ومبادرة اليد إلى حك (١٩) العضو المستحك من غير فكرة (٢٠) ولا روية ولا استحصار لصورة ما يفعله فى الخيال.

وأوضح من هذه القوة النفسانية إذا حركت عضوا ظاهرا يختار تحريكه وتشعر بتحريكه (٢١). فليس تحريكه (٢٢) بالذات وبلا واسطة ، بل إنما يحرك بالحقيقة الوتر والعضل (٢٣) فيتبعه تحريك ذلك العضو. والنفس لا يشعر بتحريكها للعضلة (٢٤) ، مع أن ذلك الفعل اختيارى وأول. وأما حديث التشويهات وما يجرى مجراها ، فإن بعضها هو نقص وقبح وقصور عن المجرى الطبيعى ، وبعضها زيادة. وما كان نقصا وقبحا فهو عدم فعل لعصيان المادة. ونحن لم نضمن أن الطبيعة يمكنها أن يحرك كل مادة إلى الغاية ، ولا ضمنا أن لإعدام أفعالها غايات ، بل (٢٥)

__________________

(١) على الأكثر : ساقطة من سا ، م (٢) اشتدت : استدت سا.

(٣) عدمت : عدت سا. (٤) وجب من ذلك : ومن ذلك م.

(٥) الذي : ساقطة من م (٦) يختاره : يجتا ب ، د ، سا ، م

(٧) الأفعال : أفعال سا. (٨) ولو كانت : وإن كانت سا.

(٩) المتفننة : المعينة سا (١٠) يتشابه : متشابهة ط ، م.

(١١) لا نشك : لا شك ط (١٢) فى (الثانية) : فيها ط

(١٣) لغاية : الغاية م. (١٤) تعددت : تعذرت سا ، م.

(١٥) يروى : روى سا. (١٦) واحد واحد : واحد د ، م.

(١٧) وقصده : وقصد م (١٨) فيه : ساقطة من سا.

(١٩) حك : + فليس تحريكه د (٢٠) فكرة م.

(٢١) بتحريكه : تحريكه م. (٢٢) فليس تحريكه : ساقطة من د.

(٢٣) الوتر والعضل : العضو والوتر م. (٢٤) للعضلة : العضلة د ، ط ، م.

(٢٥) بل : + إنما ط.

٧٢

ضمنا أن أفعالها فى المواد (١) المطيعة التي (٢) لها هى لغايات ، وهذا لا يزاحم ذلك. والموت والذبول هو لقصور الطبيعة البدنية عن إلزام (٣) المادة صورتها وحفظها إياها عليها بإدخال بدل ما يتحلل ، ونظام الذوبل ليس أيضا غير متأد إلى غاية البتة. فإن لنظام الذبول سببا غير الطبيعة الموكلة بالبدن (٤) ، وذلك السبب هو الحرارة وسببا هو الطبيعة ولكن (٥) بالعرض. ولكل واحد منهما (٦) غاية. فالحرارة (٧) غايتها تحليل (٨) الرطوبة وإحالتها. فتسوق المادة إليه على النظام ، وذلك غاية. فالطبيعة التي فى البدن غايتها حفظ البدن ما أمكن بإمداد بعد إمداد ، لكن كل مدد (٩) يأتى فإن الاستمداد منه أخيرا يقع أقل من الاستمداد منه بديا لعلل نذكرها فى العلوم الجزئية ، فيكون ذلك الإمداد بالعرض سببا لنظام الذبول. فإذن الذبول من حيث هو ذو نظام ومتوجه إلى غاية فهو فعل الطبيعة (١٠). وإن لم يكن فعل طبيعة البدنى (١١). ونحن لم نضمن أن كل حال للأمور الطبيعية يجب أن يكون غاية للطبيعة التي فيها بل قلنا إن كل طبيعة تفعل فعلها (١٢) لغاية لها. وأما فعل غيرها فقد لا يكون لغاية لها والموت والتحليل والذبول وكل ذلك إن لم يكن غاية نافعة بالقياس إلى بدن زيد فهى غاية واجبة فى نظام الكل.

وقد أومأنا إلى ذلك فيما سلف ، وعلمك بحال النفس سينبهك على غاية فى الموت واجبة ، وغايات فى تناسب الضعف واجبة. وأما الزيادات فهى أيضا كائنة (١٣) لغاية ما. فإن المادة إذا فضلت (١٤) حركت الطبيعة فضلها (١٥) إلى الصورة التي (١٦) تستحقها بالاستعداد (١٧) الذي فيها ولا تعطلها ، فيكون فعل الطبيعة فيها لغاية ، وإن كان المستدعى إلى تلك الغاية اتفاق سبب غير طبيعى.

وأما أمر المطر (١٨) وما قيل فيه فليس ينبغى أن نسلم (١٩) ما قيل فيه ، بل نقول إن قرب الشمس وبعدها وحدوث السخونة بقربها والبرودة ببعدها ، على ما تعلمه بعد ، سبب ذو نظام لأمور كثيرة من الغايات الجزئية (٢٠) فى الطبيعة ، ووقوع الشمس مقربة فى حركاتها المائلة (٢١) يصدر عن ذاته (٢٢) التبخر (٢٣) المصعد إلى حيث (٢٤) تبرد فيهبط (٢٥) للضرورة. وليس يكفى في ذلك ضرورة المادة ، بل هذا الفعل الإلهى المستعمل للمادة إلى أن ينتهى إلى ضرورتها فيلزمها الغاية ،

__________________

(١) المواد : الطبيعية ط (٢) التي : ساقطة من ط ، م.

(٣) إلزام : التزام سا. (٤) بالبدن : للبدن ط.

(٥) ولكن : لكن سا (٦) منهما : ساقطة من سا

(٧) فالحرارة : والحرارة ط (٨) تحليل : لتحليل د ، ط.

(٩) مدد : + ثان سا ، ط. (١٠) الطبيعة : لطبيعة سا ، م.

(١١) البدنى : البدن سا ، م. (١٢) فعلها : + فإنما تفعله ط.

(١٣) كائنة : كانت ط (١٤) فضلت : فصلت سا ، م.

(١٥) فضلها : فصلها سا ، م. (١٦) التي : إلى م

(١٧) بالاستعداد : الاستعداد م.

(١٨) المطر : النظر سا (١٩) نسلم : + له ط.

(٢٠) الجزئية : الخيرية سا. (٢١) المائلة : + سبب ط

(٢٢) عن ذاته : لذاته سا (٢٣) التبخر : التبخير ط ، م

(٢٤) حيث : بحيث سا (٢٥) فيهبط : فهبط ط.

٧٣

فإن كل غاية أوجل الغايات يلزم ضرورة فى مادة ، ولكن العلة المحركة ترتاد (١) المادة وتجعلها بحيث تتصل بالضرورة (٢) التي فيها إن كانت بما (٣) هو الغاية المقصودة ، تأمل ذلك فى الصناعات كلها. ونقول لهم أيضا وليس (٤) إذا كانت الحركة غاية وللفعل غاية وجب أن يكون لكل غاية غاية (٥). وأن لا تقف المسألة عن لم ، فإن الغاية فى الحقيقة تكون (٦) مقصودة لذاتها وسائر الأشياء يقصد لها وما يقصد لأجل شيء آخر ، فحرى أن يسأل عنه باللم المقتضى (٧) للجواب بالغاية. وأما ما يقصد لذاته ، فإنه لا يليق به السؤال عن أنه لم قصد ، ولهذا لا يقال لم طلبت الصحة ، ولم طلبت الخيرية ، ولم هربت عن المرض ، ولم نفرت عن الشر. ولو كانت الحركة والإمالة (٨) تقتضى الغاية لأنها موجودة أو لأنها غاية ، لكان يجب أن تكون لكل غاية غاية (٩) ، لكنها تقتضى ذلك من حيث هناك زوال وتجدد صادر عن سبب طبيعى أو إرادى. وليس يجب أن يتعجب من أن الحرارة تفعل لإحراق (١٠) شيء بل حقا أن الحرارة تفعل لتحرق وتفنى المحترق (١١) ويحيله إلى مشاكلتها أو مشاكلة (١٢) الجوهر الذي فيها (١٣). إنما (١٤) يكون الاتفاق والغاية العرضية فى مثل أن يحرق ثوب فقير وذلك (١٥) ليس له بغاية (١٦) ذاتية ، فإنها (١٧) ليست (١٨) يحرقه لأجل أنه ثوب فقير ولا فى النار هذه القوة المحرقة لأجل هذا الشأن ، بل لكى يحيل ما يماسه إلى جوهرها (١٩) ، ولكى (٢٠) يحل ما يكون بحال وتقعد ما يكون بحال. وقد اتفق الآن أن ماسها (٢١) هذا الثوب فلفعل النار فى الطبيعة غاية ، وإن لم يكن مصادفتها (٢٢) هذا المشتعل (٢٣) إلا بالعرض ، ووجود الغاية بالعرض لا يمنع وجود الغاية بالذات ، بل الغاية بالذات متقدمة على الغاية بالعرض (٢٤) (٢٥).

فبين من هذا كله أن المادة لأجل الصورة ، وأنها (٢٦) تتوخى لتحصل ، فتحصل فيها الصورة ، وليست الصورة

__________________

(١) ترتاد : بزيادة د ؛ زياد سا.

(٢) تتصل بالضرورة : تتصل بالصورة د ؛ تتصل بالضرورة بالصورة ط.

(٣) بما : مما ط (٤) وليس : + أيضا ط.

(٥) غاية غاية : غاية د ، م. (٦) تكون : ساقطة من سا.

(٧) المقتضى : المقضى م. (٨) والإمالة : والإحالة سا ، ط ، م.

(٩) غاية غاية : + يجب د. (١٠) لإحراق : الإحراق م.

(١١) المحترق : المحرق ب ، سا ، م ؛ المحروق د (١٢) أو مشاكلة : ومشاكلة : ومشاكلة م

(١٣) الذي فيها : التي فيه ب ، د ، سا ؛ الذي فيه م

(١٤) إنما : وإنما ط. (١٥) وذلك : ذلك م

(١٦) له بغاية : له لغاية سا ؛ لها لغاية ط

(١٧) فإنها : سا ، م (١٨) ليست : ليس د ، سا ، م.

(١٩) جوهرها : جوهر ، سا ، م (٢٠) ولكى : ولكن سا ، ط.

(٢١) ما سها : ما سه سا ، م. (٢٢) مصادفتها : مصادفته سا ، م

(٢٣) المشتعل : المنفعل ط. (٢٤) لا يمنع ... بالعرض : ساقطة من سا.

(٢٥) بالعرض : + لا يمنع وجود م. (٢٦) وأنها : فإنها سا.

٧٤

لأجل المادة ، وإن كان (١) لا بد من المادة حتى توجد فيها الصورة. ومن تأمل منافع أعضاء الحيوان وأجزاء النبات لم يبق له شك فى أن الأمور الطبيعية لغاية ، وستشم من ذلك شيئا فى آخر كلامنا فى الطبيعيات. ومع هذا كله (٢) فلا ينكر أن يكون فى الأمور الطبيعية أمور ضرورية بعضها يحتاج إليها للغاية ، وبعضها يلزم الغاية.

[الفصل (٣) الخامس عشر]

س ـ فصل

فى (٤) دخول العلل فى المباحث

وطلب اللم والجواب عنه

وإذ قد بان لنا عدة الأسباب وأحوالها ، فنقول إنه يجب أن يكون الطبيعى متعينا (٥) بالإحاطة بكليتها وخصوصا بالصورة حتى يتم احاطته بالمعلول وأما الأمور التعليمية فلا يدخل فيها مبدأ حركة ، إذ لا حركة لها. وكذلك لا يدخل فيها غاية حركة ولا مادة البتة ، بل يتأمل فيها العلل الصورية فقط.

واعلم أن السؤال عن الأمور المادية باللم ربما تضمن (٦) علة من العلل ، فإن تضمن الفاعل كقولهم : لم قاتل فلان فلانا ، فيجوز أن يكون جوابه الغاية ، كقولهم : لكى ينتقم منه. ويجوز أن يكون جوابه المشير والفاعل (٧) المتقدم للفاعل ، وهو الداعى إلى الفعل (٨) ، مثل أن يقال : لأن فلانا أشار عليه أو لأنه غصبه حقه ، وهذا هو الفاعل لصورة الاختيار الذي ينبعث (٩) منه الفعل الأخير (١٠). وما أنه هل يجيب (١١) بالصورة أو هل (١٢) يجبب بالمادة ففيه (١٣)

__________________

(١) كان : كانت ب.

(٢) كله : ساقطة من سا ، م.

(٣) فصل : فصل س آ ب ؛ الفصل الخامس عشر ط ، م.

(٤) فى : + كيفية ط.

(٥) متعينا : معينا سا ، م.

(٦) تضمن (الأولى) : يتضمن ط.

(٧) والفاعل : أو الفاعل ط.

(٨) الفعل : العمل د.

(٩) ينبعث : نبعث م

(١٠) الأخير : الآخر م

(١١) يجيب (الأولى) : يجب م

(١٢) أو هل : وهل د ، سا

(١٣) ففيه : ومنه م.

٧٥

نظر. أما الصورة فإنها صورة الفعل وهو القتال ، وليس السؤال إلا عن علة وجودها عن الفاعل فلا يصلح أن يجاب لها ، فإنها ليست علة لوجود نفسها عن الفاعل إلا أن تكون تلك الصورة هى غاية الغايات ، كالخير ملا ، فتكون لذاتها لا لسبب ما هى محركة للفاعل إلى أن يكون فاعلا (١) على النحو (٢) الذي أومأنا إليه فى بيان نسبة ما بين الفاعل والغاية ، ومع ذلك فلا تكون علة قريبة لوجودها فى تلك المادة عن الفاعل بل علة لوجود الفاعل فاعلا فلا تكون من حيث هى موجودة فى المادة علة للفاعل ، بل من حيث هى (٣) معنى وماهية. فإذا كان السؤال عن كونها موجودة لم يصلح الجواب بها من حيث هى موجودة ، بل من حيث هى معنى وماهية ، وربما كانت الصورة (٤) المسئول عنها ذات معنى داخل فيها أو عارض لها ذاهب مذهبها ، فيكون يصلح أن يكون ذلك المعنى جوابا ، لما يقال : لم عدل فلان ، فيقال : لأن العدل حس ، فيكون الحسن معنى فى العدل وجاريا مجرى الصورة ، ولا تكون الصورة المسئول عنها جوابا ، بل صورة غيرها ، فإن الحسن هو جزء حد أو عارض لها ، فإن (٥) الحسن معنى أعم من العدل إما عارض لازم وإما جزء حد له مقوم. وإذا صلحت الصورة أن يجاب بها هاهنا فقد دخلت من حيث هى كذلك فى جملة الداعى المحرك للاختيار وحكم المادة هذا الحكم بعينه. فإنه إذا قيل : لم نجر فلان هذا الخشب سريرا ، فقيل : لأنه كان عنده خشب ، لم يكن مقنعا ، إلا أن يزاد فيقال : كان عنده خشب صلب صالح لأن ينجر منه سرير ، وكان لا يحتاج إليه فى أمر آخر. لكن الأمور الإرادية يصعب أن تؤدى بعلة (٦) بتمامها فيها ، فإن الإرادة تنبعث بعد توافى أمور لا يسهل إحصاؤها ، وربما لم يشعر بكثير منها فيخبر عنها (٧). وأما الأمور الطبيعية فيكفى فيها من المادة الاستعداد والملاقاة للقوة الفاعلة فيكون حصول نسبة المادة فيها جوابا وحده إذا ذكر فى السؤال حضور الفاعل ، وأما إذا تضمن السؤال الغاية كما يقال : لم صح فلان؟ فيصلح أن يجاب بالمبدإ الفاعلى فيقال : لأنه شرب الدواء. ويصلح أن يجاب بالمبدإ المادى مضافا إلى الفاعل : فيقال : لأن مزاج بدنه قوى الطبيعة. ولا يكفى ذكر المادة وحدها ، وأما الصورة فقلما يقنع ويقطع السؤال بذكرها (٨) وحدها بأن يقال : لأن مزاجه اعتدل : بل يحوج إلى سؤال آخر يؤدى (٩) إلى مادة أو فاعل. وأما إذا كان السؤال عن المادة واستعدادها بأن يقال مثلا : لم بدن الإنسان قابل للموت؟ فقد يجوز أن يجاب بالعلة الغائية ، فيقال : جعل ذلك لتتخلص النفس عند الاستكمال عن البدن. وقد يجوز أن يجاب بالعلة المادية ، فيقال : لأنه مركب من الأضداد ، ولا يجوز أن يجاب بالفاعل فى الاستعداد الذي ليس كالصورة ، لأن الفاعل لا يجوز أن يعطى المادة الاستعداد ، كأنه إن لم يعط لم تكن مستعدة (١٠) اللهم إلا أن يعنى

__________________

(١) فاعلا : مفاعلا د (٢) النحو : ساقطة من د.

(٣) موجودة ... هى : ساقطة من د.

(٤) الصورة : للصورة ط. (٥) فإن : وإن م.

(٦) بعلة : العلة سا ، م. (٧) عنها : عنه د ، سا ، م.

(٨) يذكرها : ذكرها سا ، م (٩) يؤدى : مؤدى ب ، د ، ط.

(١٠) ستعدة : مستعدا م.

٧٦

بالاستعداد التهيؤ التام ، فقد يعطيه الفاعل ، كما يقال للمرآة إذا سئل عنها (١) لم تقبل الشبح ، فيقال (٢) : لأن الصاقل صقلها (٣) ، وأما الاستعداد الأصلى فلازم للمادة ويجوز (٤) أن يجاب بالصورة إذا كانت هى المتممة للاستعداد ، فيقال فى المرآة مثلا لأنها ملساء صقيلة (٥). وبالجملة السؤال لا يتوجه إلى المادة إلا وقد أخذت مع صورة فيسأل عن علة وجود الصورة فى المادة. وأما إذا تضمن السؤال الصورة ، فالمادة (٦) وحدها لا يكفى أن يجاب بها ، بل يجب أن يضاف إليها استعداد وينسب إلى الفاعل والغاية يجاب بها ، والفاعل يجاب به. فإذا (٧) شئت أن ترفض ما يقال على سبيل المجاز وتذكر الأمر الحقيقى ، فإن الجواب الحقيقى (٨) أن تذكر جميع العلل التي لم تتضمنها المسألة فإذا ذكرت وختمت بالغاية الحقيقية وقف السؤال (٩).

__________________

(١) عنها : أنها د ، سا

(٢) فيقال : يقال د ، سا ، م.

(٣) صقلها : صقلة سا

(٤) ويجوز : وقد يجوز ط.

(٥) صقيلة : صيقلية ط.

(٦) فالمادة : والمادة سا.

(٧) فإذا : وإذا د ، سا ، م.

(٨) فإن الجواب الحقيقى : ساقطة من سا ، م.

(٩) السؤال : + تم الفن الأول من الطبيعيات والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين د ؛ تمت المقالة الأولى من الفن الأول بحمد الله وعونه والحمد لله وحده والصلاة على من لا نبى بعده م.

٧٧
٧٨

المقالة الثانية

من الفن الأول (١) (٢)

فى الحركة وما يجرى معها

وهى (٣) ثلاثة عشر فصلا (٤)

الأول فى الحركة الثاني فى نسبة الحركة إلى المقولات الثالث فى بيان المقولات التي تقع الحركة وحدها لا غيرها.

الرابع فى تحقيق تقابل الحركة والسكون.

الخامس فى ابتداء القول فى المكان وإيراد حجج مبطليه ومثبتيه.

السادس فى ذكر مذاهب الناس فى المكان وإيراد حججهم.

السابع نقض مذاهب من ظن أن المكان هيولى أو صورة أو سطح كان أو بعد.

الثامن فى مناقضة القائلين بالخلاء.

التاسع فى تحقيق القول فى المكان وبعض حجج مبطليه والمخطئين فيه (٥).

__________________

(١) من الفن الأول : ساقطة من م

(٢) الأول : + من الطبيعيات م.

(٣) وهى : ساقطة من م

(٤) وهى ثلاثة عشر فصلا : ساقطة من د.

(٥) الأول ... فيه : ساقطة من د ، ب ، سا ، م.

٧٩

العاشر فى ابتداء القول فى الزمان واختلاف الناس فيه ومناقضة المخطئين فيه.

الحادى عشر فى تحقيق ماهية الزمان وإثباتها.

الثاني عشر فى بيان أمر الآن.

الثالث عشر فى حل الشكوك المقولة فى الزمان وإتمام القول فى مباحث زمانية مثل الكون فى الزمان ، والكون لا فى الزمان ، وفى الدهر والسرمد وتعينه ، وهو ذا وقبيل وبعيد والقديم (١).

__________________

(١) العاشر ... والقديم : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

٨٠