الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: سعيد زايد
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

[الفصل الثامن]

ز ـ فصل (١)

فى كيفية بحث العلم الطبيعى ومشاركاته

لعلم آخر (٢) ان كانت (٣) له مشاركة(٤)

وإذا (٥) قد (٦) عرفت الطبيعة ، وعرفت الأمور الطبيعية فقد اتضح لك فضل اتضاح (٧) أن العلم الطبيعى عن أى الأشياء يبحث ، ولما كان المقدار المحدود من لوازم هذا الجسم الطبيعى وعوارضه الذاتية أعنى الطول والعرض والعمق المشار إليها وكان الشكل من لوازم المقدار كان الشكل أيضا من عوارض الجسم الطبيعى. ولما كان المهندس موضوعه المقدار فموضوعه عارض (٨) من عوارض (٩) الطبيعى ، والعوارض التي يبحث عنها هى (١٠) من عوارض هذا العارض.

فمن هذه الجهة تصير الهندسة جزئية بوجه ما عند العلم الطبيعى ، ولكن (١١) الهندسة الصرفة لا تشارك (١٢) الطبيعى في المسائل. وأما علم الحساب فهو أبعد من (١٣) المشاركة وأشد بساطة ، بل هاهنا علوم أخرى تحتها (١٤) كعلم الأثقال وعلم الموسيقى وعلم الأكر المتحركة ، وعلم المناظر وعلم الهيئة. وهذه العلوم أقرب مناسبة إلى العلم الطبيعى ، وعلم الأكر المتحركة أبسطها ، وموضوعه كرة متحركة. والحركة شديدة المناسبة للمقادير لاتصالها وإن كان (١٥) اتصالها لا لذاتها ، بل لسبب (١٦) مسافة أو زمان ، كما نبين نحن من بعد. ثم البراهين الموردة (١٧) في علم الأكر المتحركة لا تستعمل فيها المقدمات الطبيعية البتة.

وأما علم الموسيقى فموضوعه النغم والأزمنة وله مبادئ من علم الطبيعى (١٨) ومبادئ من علم الحساب. وكذلك (١٩) علم الأثقال وعلم المناظر أيضا موضوعه مقادير منسوبة إلى وضع ما من البصر وله مبادئ من الطبيعيات ومن الهندسة.

__________________

(١) فصل : فصل ح ب ؛ الفصل الثامن ط ، م ؛ ساقطة من د.

(٢) لعلم آخر : لعلوم أخر م

(٣) كانت له مشاركة : كان د

(٤) له مشاركة : تشاركة سا ، م.

(٥) وإذ : فإذ م

(٦) قد : ساقطة من م

(٧) اتضاح : إيضاح سا ، م.

(٨) عارض : ساقطة من سا

(٩) عوارض : + الجسم ط

(١٠) هى : هو سا.

(١١) ولكن : لكن د ، ط ، م.

(١٢) لا تشارك : + العلم ط.

(١٣) من : + هذا ط

(١٤) تحتها : تحتهما م.

(١٥) كان : كانت ط (١٦) لسبب : بسبب ط

(١٧) الموردة : ساقطة من سا ، م.

(١٨) الطبيعى : الطبيعيين سا ، م.

(١٩) وكذلك : فكذلك م.

٤١

وهذه العلوم لا تشارك كلها (١) العلم الطبيعى في المسائل البتة ، وكلها ينظر في الأشياء التي لها من حيث هى ذوات كم ، ومن حيث لها عوارض الكم التي لا يوجب تصور عروضها للكم أن يجعلها (٢) كما في جسم طبيعى فيه مبدأ حركة وسكون لا يحتاج إلى ذلك.

وأما علم الهيئة فموضوعه أعظم أجزاء موضوع العلم (٣) الطبيعى ، ومبادئه طبيعية وهندسية. أما الطبيعية فمثل أن حركة الأجرام السماوية يجب أن تكون محفوظة على نظام واحد وما أشبه ذلك مما استعمل كثير منه فى أول المجسطى. وأما الهندسية فما (٤) لا يخفى ويخالف سائر تلك العلوم في أنه يشارك الطبيعى في المسائل أيضا ، فيكون موضوع مسائله شيئا من موضوعات مسائل العلم الطبيعى ، والمحمول فيه أيضا عارض من عوارض الجسم الطبيعى ومحمول في مسائل العلم الطبيعى ، مثل أن الأرض كرية والسماء كرية وما أشبه ذلك. فهذا العلم كأنه ممتزج من طبيعى ومن تعليمى ، فإن (٥) التعليمى المحض مجرد لا في مادة البتة ، وكان هذا موقع لذلك المجرد في مادة معينة. لكن المقدمات المبرهن بها على المسائل المشتركة لصاحب الهيئة والطبيعى مختلفة. أما مقدمات (٦) التعليمى فرصدية مناظرية أو هندسية ، وأما مقدمات الطبيعى فمأخوذة مما توجه طبيعة (٧) الجسم الطبيعى وربما خلط الطبيعى فأدخل (٨) المقدمات التعليمية (٩) في براهينه ، وخلط التعليمى فأدخل المقدمات الطبيعية في براهينه. وإذا (١٠) سمعت الطبيعى يقول : لو لم تكن الأرض كرية لم يكن فصل الكسوف القمرى هلاليا ، فاعلم أنه قد خلط (١١). وإذا سمعت التعليمى (١٢) يقول : وأشرف الأجرام له أشرف الأشكال وهو المستدير وأن أجزاء الأرض يتحرك إليها (١٣) على الاستقامة وما أشبه ذلك ، فاعلم أنه قد (١٤) خلط.

وانظر كيف يختلط الطبيعى والتعليمى في البرهان على أن جرما ممّا (١٥) من البسائط كرى. أما التعليمى فيستعمل فى بيان ذلك ما يجد عليه حال الكواكب (١٦) في شروقها وغروبها وارتفاعها عن الأفق وانخفاضها ، وان ذلك

__________________

(١) لا تشارك كلها : كلها لا تشارك سا ، م.

(٢) يجعلها : يجعله ط.

(٣) العلم : علم ط ، م.

(٤) فما : فمما ط.

(٥) فإن : كان ب د ، سا ، م.

(٦) مقدمات : ساقطة من د ، سا

(٧) طبيعة : ساقطة من م.

(٨) فأدخل : وأدخل د ، سا

(٩) التعليمية : الطبيعية سا.

(١٠) وإذا : فإذا ط.

(١١) خلط : خلطه ب

(١٢) التعليمى : الطبيعى م.

(١٣) إليها إليه سا. (١٤) قد : ساقطة من سا.

(١٥) ما : ساقطة من سا ، م.

(١٦) الكواكب : ساقطة من سا.

٤٢

لا يمكن إلا أن تكون الأرض كرية. والطبيعى (١) يقول إن الأرض جرم (٢) بسيط ، فشكله الطبيعى الذي يجب ، طبيعة (٣) متشابهة يستحيل (٤) ان يكون مختلفا فيه ، فيكون في بعضه زاوية وفي بعضه خط مستقيم ، أو يكون بعضه على ضرب من الانحناء والآخر على خلافه ، فنجد الأول قد أتى بدلائل مأخوذة من مناسبة (٥) المقابلات والأوضاع والمحاذيات ، من غير أن تكون محتاجة (٦) إلى أن يكون فيها تعرض (٧) لقوة (٨) طبيعية موجبة فيها لمعنى. وتجد الثاني قد أتى بمقدمات مأخوذة من مقتضى طبيعة الجسم الطبيعى بما هو طبيعى ، والأول (٩) أن يكون قد أعطى الإنية ولم يعط العلة (١٠) والثاني (١١) العلة واللمية. والأعداد بما هى أعداد قد توجد في الموجودات الطبيعية ، إذ يوجد فيها واحد وواحد آخر. وكون كل واحد منهما (١٢) واحد ليس كونه (١٣) ذاته (١٤) من ماء أو نار أو أرض أو شجرة (١٥) أو غير ذلك ، بل الوحدة أمر لازم له خارج عن ماهية. واعتبار ذينك الواحدين من حيث هما في نحو من أنحاء الوجود معا هو صورة الاثنينية في ذلك (١٦) الوجود ، وكذلك في غير ذلك من الأعداد وهذا هو العدد المعدود.

وقد توجد في (١٧) الموجودات غير الطبيعية التي سيتضح أن (١٨) لها إنية وقواما فليس العدد داخلا في العلم الطبيعى ، لأنه لا هو جزء ولا هو نوع من موضوعه ، ولا هو (١٩) عارض خاص به ، فهويته لا تقتضى تعلقا لا بالطبيعيات (٢٠) ولا بغير الطبيعيات (٢١). ومعنى التعلق أن يكون وجوده خاصا بما قيل إنه متعلق به مقتضيا إياه ، بل هو مباين لكل واحد منهما بالقوام وبالحد ، ويتعلق إن كان ولا بد بالموجود (٢٢) العام فيكون من الأمور اللازمة له.

فطبيعة العدد بحيث (٢٣) تصلح أن تعقل مجردة عن المادة أصلا ، والنظر فيها من حيث هى طبيعة العدد وما يعرض لها من هذه الجهة نظر مجرد عن المادة ، ثم قد (٢٤) تعرض لها أحوال ينظر فيها الحاسب ، وتلك (٢٥) الأحوال لا تعرض لها إلا وقد وجب تعلقها (٢٦) بالقوام بالمادة ، وإن لم يجب تعلقها بها بالحد ، ولم تكن مما (٢٧) تخصها (٢٨) بمادة معينة

__________________

(١) والطبيعى : فالطبيعى م. (٢) جرم : حسم د ، ط.

(٣) طبيعة : طبيعته د ، ط (٤) يستحيل : مستحيل ب ، سا.

(٥) مناسبة : مناسبات ط. (٦) محتاجة : محتاجا م

(٧) يكون فيها تعرض : يتعرض فيها م

(٨) لقوة : بقوة ط. (٩) والأول : فالأول ط ، م.

(١٠) العلة (الأولى والثانية) : العلية ط ، م

(١١) والثاني : + أعطى سا ، م. (١٢) منهما : منها ب ، سا

(١٣) كونه : كون م (١٤) ذاته : ذاتا ط

(١٥) شجرة : شجر ط. (١٦) ذلك : + النحو من ط.

(١٧) فى (الأولى) : ساقطة من سا ، ط ، م

(١٨) أن : أنها د ، ط. (١٩) ولا هو : ولا سا ، م.

(٢٠) لا بالطبيعيات : إلا بالطبيعيات د ، ط.

(٢١) ولا بغير الطبيعيات : ساقطة من م.

(٢٢) بالموجود : بالوجود م. (٢٣) بحيث : ساقطة من ط.

(٢٤) قد : ساقطة من ط (٢٥) وتلك : تلك ب سا ، م.

(٢٦) تعلقها (الأولى والثانية) : تعليقها سا ، ط ، م.

(٢٧) مما : بما م (٢٨) تخصها : نخصصها ، ط ، م.

٤٣

فيكون النظر في طبيعة العدد من حيث هى كذلك نظرا رياضيا ، وأما (١) المقادير فإنها تشارك المتعلقات بالمادة وتباينها (٢) ، أما مشاركتها للمتعلقات بالمادة فلأن المقادير هى من (٣) المعانى القائمة في المادة لا محالة ، وأما مباينها فمن جهات. من ذلك (٤) أن من الصور الطبيعية ما يظهر من أمره في أول الأمر أنه لا يصلح أن يكون عارضا لكل مادة اتفقت مثل الصورة التي للماء من حيث هى (٥) ماء ، فإنها مستحيلة (٦) أن توجد في المادة الحجرية من حيث هى على مزاجها لا كالتدوير الذي يصح (٧) أن يحل المادتين جميعا وأى مادة كانت ، والصورة (٨) الإنسانية وطبيعتها فإنها مستحيلة (٩) أن توجد في المادة الخشبية ، وهذا أمر لا يلزم الذهن في تحققه (١٠) كثير تكلف ، بل يقرب (١١) مناله (١٢) ، ومنها ما لا يستحيل في بادى النظر أن يعرض لأى مادة اتفقت مثل البياض والسواد وأشياء من هذا الجنس ، فإن الذهن لا يستوحش من إحلالها أية مادة اتفقت ، لكن العقل والنظر يوجبان من بعد أن طبيعة البياض والسواد (١٣) غير عارضة إلا لمزاج واستعداد مخصوص ، وأن المستعد للتسود بمعنى التلون لا بمعنى التصبغ ليس قابلا للبياض الذي بذلك المعنى لأمر في مزاجه وغريزته ، لكنهما وإن كانا (١٤) كذلك فلا يتصور ولا واحد منهما في الذهن إلا مقارنا لأمر ليس هو هو ، وذلك الأمر هو السطح أو المقدار المباين للون في المعقول. ثم قد يتشارك أيضا هذان القسمان المذكوران في أمر ، وهو أن الذهن لا يعقل (١٥) واحدا منهما إلا وقد (١٦) لحقه خاصية نسبة إلى أمر آخر يقارن (١٧) ذاته كالموضوع. فإن الذهن إذا أحضر صورة الإنسان (١٨) لزمه أن يحضر معها نسبة لها إلى مادة مخصوصة لا تتخيل إلا كذلك. والبياض أيضا إذا أحضره التصور أحضر معه انبساطا هو فيه ضرورة وأبى (١٩) أن يتصور بياضا (٢٠) إلا تصور (٢١) قدرا. ومعلوم أن البياضية غير القدرية ، ونجعل نسبة البياضية (٢٢) إلى القدرية شبيهة بنسبة شيء إلى أمر موضوع له. ثم المقدار يفارق هذين الصنفين فيما يشتركان فيه ، إذ الذهن يقبل (٢٣) المقدار على أنه مجرد ، وكيف لا يقبله (٢٤) وهو محتاج إلى استقصاء (٢٥) في البحث حتى ينكشف له أن المقدار لا يوجد إلا في مادة ويفارق القسم الأول (٢٦) بشيء يخصه ، وهو أن الذهن إذا تكلف نسبة المقدار إلى المادة لم يضطر إلى (٢٧) أن يعد له (٢٨) مادة مخصوصة

__________________

(١) وأما : أن ط. (٢) وتباينها : + له ب (٣) من : ساقطة من ط. (٤) ذلك : تلك ط.

(٥) هى (الأولى) : هو م (٦) مستحيلة : مستحيل م.

(٧) يصح : يصلح ط (٨) والصورة : والصور ب.

(٩) مستحيلة : مستحيل م (١٠) تحققه : تحقيقة ط

(١١) يقرب : يعرف د (١٢) مناله : تناوله ط.

(١٣) وأشياء .... والسواد : ساقطة من م. (١٤) كانا : كان ط.

(١٥) لا يعقل : لا يقبل ب ، سا ، م (١٦) إلا وقد : الآن قد سا.

(١٧) يقارن : ساقطة من سا (١٨) الإنسان : الإنسانية د ، سا ، ط ، م.

(١٩) وأبى : وإلى م. (٢٠) بياضا : بياض ط

(٢١) تصور : أن يتصور ط (٢٢) غير ... البياضية : ساقطة من ط.

(٢٣) يقبل : قبل م. (٢٤) لا يقبله : لا يقبل د

(٢٥) استقصاه : الاستقصا ط. (٢٦) القسم الأول : هذا القسم د ، ط

(٢٧) إلى (الثانية) : ساقطة من سا ، م (٢٨) له : لها سا

٤٤

ويفارق القسم الثاني بأن (١) الذهن وإن لم يضطر في تصور المقدار إلى أن يجعل له مادة مخصوصة ، فالقياس والعقل لا يضطره إليها (٢) أيضا ، إذ الذهن يستغنى في نفس تصور المقدار عن (٣) تصوره في المادة. والقياس لا يوجب أيضا أن يكون للمقدار اختصاص بمادة نوعية معينة ، لأن المقدار لا يفارق شيئا من المواد ، فليس مما يكون خاصا بمادة (٤) ، ومع ذلك فهو مستغن في التوهم والتحديد (٥) عن المادة. وقد ظن (٦) أن البياض والسواد هذا حكمه (٧) أيضا ، وليس كذلك ، فإنه لا التصور التخيلى (٨) ولا الرسوم ولا الحدود المعطاة لها (٩) تغنى عن ذلك إذا حقق واستقصى ، وإنما يتجردان بمعنى آخر وهو أن المادة ليس (١٠) جزء قوامهما كما هو (١١) جزء قوام المركب (١٢) ، لكنه (١٣) جزء حديهما. وكثير من الأشياء يكون جزء حد الشيء ولا يكون جزءا من قوامه إذا كان حده يتضمن نسبة ما إلى شيء خارج عن وجود الشيء.

وقد شرح هذا المعنى (١٤) في كتاب البرهان ، فصناعة الحساب وصناعة الهندسة صناعتان لا تحتاجان في إقامتهما البراهين أن تتعرضا (١٥) للمادة الطبيعية أو تأخذا مقدمات تتعرض للمادة بوجه ، لكن صناعة الكرة (١٦) المتحركة وأشد منها صناعة الموسيقى ، وأشد منها صناعة المناظر ، وأشد من ذلك صناعة الهيئة تأخذ المادة أو شيئا (١٧) من عوارض المادة ، وذلك لأنها (١٨) تبحث عن أحوالها (١٩) ، فمن الضرورة أن (٢٠) تأخذها (٢١). وذلك لأن هذه الصناعات إما أن تبحث عن عدد لشيء (٢٢) أو مقدار (٢٣) أو شكل (٢٤) في شيء ، والعدد والمقدار والشكل عوارض لجميع الأمور الطبيعية. ويعرض مع العدد والمقدار (٢٥) اللواحق الذاتية أيضا بالعدد والمقدار ، فإذا أريد أن يبحث عما يعرض من أحوال العدد والمقدار في أمر من الأمور الطبيعية لزم ضرورة أن يلتفت (٢٦) إلى ذلك الأمر الطبيعى وكأن الصناعة الطبيعية (٢٧) صناعة بسيطة والصناعة (٢٨) التعليمية التي هى حساب صرف وهندسة صرفة صناعة بسيطة ويتولد ما بينهما صنايع موضوعاتها من صناعة ومحمولات المسائل فيها من صناعة. وإذا (٢٩) كان بعض العلوم

__________________

(١) بأن : فى سا. (٢) إليها : إليهما سا.

(٣) عن : عند م. (٤) مادة : + معينة ط

(٥) والتحديد : والتجديد بخ (٦) ظن : يظن م

(٧) حكمه : حكمها ط. (٨) التخيلى : التحيل ط

(٩) لها : لهما ط. (١٠) ليس : ليست ط

(١١) هو : هى ب ، ط (١٢) المركب : المركبات ط

(١٣) لكنه : لكنها م. (١٤) المعنى : ساقطة من سا.

(١٥) تتعرضا : تعرض ب (١٦) الكرة : الكثرة د.

(١٧) شيئا : شيء ط. (١٨) لأنها : لأنه سا

(١٩) أحوالها : أحواله سا (٢٠) أن : أنها ب ؛ أنه سا ، م

(٢١) تأخذها : تأخذه سا. (٢٢) لشيء : الشيء د ، ط

(٢٣) أو مقدار : أو عن مقدار ط (٢٤) أو شكل : وشكل م.

(٢٥) والمقدار (الأولى): + والشكل م.

(٢٦) يلتفت : ساقطة من م. (٢٧) الطبيعيه : المتبقية د

(٢٨) والصناعة : والصناعات ط.

(٢٩) وإذا : إذا م.

٤٥

المنسوبه إلى الرياضة مما يحوج الذهن إلى التفات نحو المادة لمناسبة بينه وبين الطبيعيات ، فكيف ظنك بالعلم الطبيعى نفسه وما أفسد ظن من يظن أن الواجب أن يشتغل في العلم الطبيعى بالصورة ويخلى عن المادة أصلا.

[الفصل التاسع]

ط ـ فصل (١)

فى تعريف اشد العلل اهتماما للطبيعى في بحثه

قد رفض بعض الطبيعيين ومنهم أنطيقون (٢) مراعاة أمر الصورة رفضا كليا ، واعتقد أن المادة هى (٣) التي يجب أن تحصل وتعرف ، فاذا حصلت هى تحصيلا فما بعد ذلك أغراض ولواحق غير متناهية لا تضبط.

ويشبه أن تكون هذه المادة التي قصر عليها هؤلاء نظرهم هى المادة المتجسمة المنطبعة (٤) دون (٥) الأولى ، وكأنهم (٦) عن الأولى غافلون.

وربما احتج هؤلاء ببعض الصنائع ، وقايس بين الصناعة الطبيعية (٧) وبين الصناعة المهنية ، فقال : إن مستنبط (٨) الحديد وكده تحصيل الحديد وما عليه من صورته (٩) ، والغواص وكده تحصيل الدرة وما عليه من صورتها والذي يظهر لنا فساد هذا الرأى إفقاده إيانا الوقوف على خصائص الأمور الطبيعية ونوعياتها التي هى صورها (١٠) ومناقضة صاحب المذهب نفسه نفسه (١١) ، فإنه إن أقنعه الوقوف على الهيولى غير (١٢) المصورة ، فقد قنع من العلم بمعرفة شيء لا وجود له بالفعل ، بل كأنه أمر بالقوة. ثم من أى الطرق (١٣) يسلك إلى إدراكه ، إذ قد أعرض عن المصور والأعراض صفحا ، والصور (١٤) والأعراض هى التي تجر أذهاننا إلى إثباته ، فإن لم يقنعه الوقوف على الهيولى غير (١٥)

__________________

(١) فصل : فصل ط ب ، الفصل التاسع ط ، م.

(٢) انطيقون : انطيفون ط

(٣) هى : ساقطة من سا ، م.

(٤) المنطبعة : المنطبقة د

(٥) دون : + الحسبة د ، ط

(٦) وكأنهم : فكأنهم سا ، ط ، م.

(٧) الطبيعية : + النظرية ط

(٨) مستنبط : يستنبط سا.

(٩) صورته : صورة ط.

(١٠) صورها : صورتها م.

(١١) نفسه نفسه : نفسه ط

(١٢) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٣) الطرق : الطريق ط

(١٤) الصور : الصورة م.

(١٥) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

٤٦

المصورة ، ورام للهيولى صورة مثل صورة المائية أو الهوائية ، أو غير ذلك فما خرج (١) عن النظر في الصورة وظنه أن (٢) مستنبط الحديد غير مضطر إلى مراعاة أمر الصورة ظن فاسد. فإن مستنبط الحديد ليس موضوع صناعته (٣) هو الحديد ، بل هو غاية في صناعته وموضوعه (٤) الأجسام المعدنية التي يكب (٥) عليها بالحفر والتذويب. وفعله ذلك هو (٦) صورة صناعته ، ثم تحصيل الحديد غاية صناعته ، وهو موضوع لصنائع أخرى أربابها لا يعنيهم (٧) مصادقة الحديد عن التصرف فيه بإعطائه صورة أو عرضا.

وقد قام بإزاء هؤلاء طائفة أخرى من الناظرين في علم الطبيعة ، فاستخفوا (٨) بالمادة أصلا وقالوا : إنها إنما قصدت في الوجود لتظهر فيها الصورة بآثارها ، وأن المقصود الأول هو الصورة ، وأن من أحاط بالصورة علما فقد استغنى عن الالتفات إلى المادة إلا على سبيل شروع فيما لا يعنيه.

وهؤلاء أيضا مسرفون في جنبة اطراح (٩) المادة ، كما أولئك كانوا مسرفين في جنبة اطراح الصورة (١٠). وبعد تعذر ما يقولونه في علوم الطبيعة (١١) على ما أومأنا إليه قبل هذا الفصل ، فقد قنعوا بأن يجهلوا (١٢) المناسبات التي بين الصور وبين المواد ، إذ ليس (١٣) كل صورة مساعدة لكل مادة ، ولا كل مادة متمهدة لكل صورة ، بل تحتاج الصورة (١٤) النوعية الطبيعية في أن تحصل موجودة في الطباع إلى مواد نوعية متخصصة (١٥) بصور لأجلها ما استتم استعدادها لهذه الصورة (١٦) إلى وكم من عرض إنما يحصل عن الصورة بحسب مادتها (١٧) وإذا (١٨) كان العلم التام الحقيقى هو الإحاطة بالشيء كما هو وما يلزمه ، وكانت ماهية الصورة النوعية أنها مفتقرة إلى مادة معينة أو لازم لوجودها وجود مادة معينة ، فكيف يستكمل علمنا بالصورة ، إذ لم يكن هذا من حالها متحققا عندنا ، أو كيف (١٩) يكون هذا من حالها متحققا من عندنا ، ونحن لا نلتفت إلى المادة ولا مادة أعم اشتراكا فيها وأبعد عن الصورة (٢٠) من المادة الأولى. وفي علمنا بطبيعتها وأنها بالقوة كل شيء ، نكتسب علما بأن الصورة التي في مثل هذه المادة إما واجب زوالها بخلافة أخرى (٢١) غيرها أو ممكن غير موثوق به (٢٢). وأى معنى أشرف من هذه (٢٣) المعانى التي من

__________________

(١) خرج : يخرج سا. (٢) أن : أنه سا.

(٣) صناعته : صناعة ب ، د ، ط

(٤) وموضوعه : وموضوعها ط

(٥) يكب : يكتب م. (٦) هو : هى سا ، م

(٧) لا يعنيهم : لا يعنيها سا.

(٨) فاستخفوا : واستخفوا ط.

(٩) اطراح : اطواح د (١٠) الصورة : الصور ب ، د ، ط.

(١١) علوم الطبيعة : العلوم الطبيعية سا ، م

(١٢) يجهلوا : يجهل ط. (١٣) إذ ليس : وليس د ؛ ليس م.

(١٤) الصورة : الصور سا ، ط ، م (١٥) متخصصة : مخصصة سا.

(١٦) الصورة (الأولى) : الصور سا ، ط ، م

(١٧) مادتها : مادته سا ، م (١٨) وإذا : فإذا ط.

(١٩) أو كيف : وكيف م. (٢٠) الصورة : الصور د.

(٢١) أخرى : ساقطة من د (٢٢) به : ساقطة من د

(٢٣) هذه : ساقطة من سا ، م.

٤٧

حقها أن تعلم من معنى حال الشيء في وجود نفسه وأنه وثيق أو قلق ، بل الطبيعى مفتقر في براهينه ومحتاج فى استتمام صناعته إلى أن يكون محصلا للإحاطة بالصورة (١) والمادة جميعا. لكن الصورة تكسبه علما بما هو به (٢) الشيء بالفعل (٣) أكثر من المادة ، والمادة تكسبه العلم بقوة وجوده في أكثر الأحوال ، ومنهما جميعا يستتم العلم بجوهر الشيء.

[الفصل العاشر]

ى ـ فصل (٤)

فى تعريف (٥) اصناف علة علة من الأربع

قد استعملنا (٦) فيما تقدم (٧) إشارات دلت على أن الجسم (٨) الطبيعى علة عنصرية وعلة فاعلية ، وعلة صورية ، وعلة غائية. فحرى بنا الآن أن نعرف أحوال هذه العلل فنستفيد منها سهولة سلوك السبيل إلى معرفة المعلولات الطبيعية. أما أن لكل كائن فاسد أو لكل واقع في الحركة أو لكل ما هو مؤلف من مادة وصورة عللا موجودة وأنها هذه الأربع لا غير ، فأمر لا يتكلفه (٩) نظر الطبيعى (١٠) ، وهو إلى الإلهى. وأما تحقيق ماهيتها والدلالة على أصولها وضعا ، فأمر لا يستغنى عنه الطبيعى.

فنقول : إن العلل الذاتية للأمور الطبيعية أربع : الفاعل ، والمادة ، والصورة ، والغاية.

والفاعل في الأمور الطبيعية قد يقال لمبدإ الحركة في آخر غيره من جهة ما هو آخر. ونعنى بالحركة هاهنا كل خروج من قوة إلى فعل في مادة. وهذا المبدأ هو الذي يكون سببا لإحالة غيره وتحريكه عن قوة إلى فعل والطبيب أيضا إذا عالج نفسه فإنه مبدأ حركة في آخر بأنه آخر ، لأنه إنما يحرك العليل ، والعليل غير الطبيب من جهة ما هو عليل ، وهو إنما (١١) يعالج من جهة ما هو هو ، أعنى من جهة ما هو طبيب. وأما (١٢) تعالجه وقبوله

__________________

(١) بالصورة : بالصور د ، ط.

(٢) علما بما هو به : علم هو به سا ، م ؛ علما بهوية. (٢) ط

(٣) بالفضل : بالعقل د.

(٤) فصل : فصل ى ب ؛ : الفصل العاشر ط ، م.

(٥) تعريف : ساقطة من ب.

(٦) استعملنا : استعملها د

(٧) تقدم : سلف ب ، سا ، م

(٨) للجسم. الجسم م.

(٩) لا يتكلفه : يتكلفه بخ.

(١٠) الطبيعى : الطبيعيين د ، سا ، م.

(١١) إنما (الثانية) : ساقطة من د

(١٢) وأما : فأما د ، سا.

٤٨

العلاج وتحركه بالعلاج ، فليس من جهة (١) ما هو طبيب ، بل من جهة ما هو عليل. ومبدأ الحركة إما مهيئ وإما متمم ، والمهيئ هو الذي يصلح المادة كمحرك (٢) النطفة (٣) في الإحالات المعدة ، والمتمم هو الذي يعطى الصورة ويشبه أن يكون (٤) الذي يعطى الصورة المقومة للأنواع الطبيعية خارجا عن الطبيعيات. وليس (٥) على الطبيعى أن يتحقق ذلك بعد أن يضع أن هاهنا مهيئا وهاهنا معطى صورة. ولا شك أن المهيئ مبدأ حركة ، والمتمم أيضا هو مبدأ الحركة لأنه المخرج بالحقيقة (٦) من القوة إلى الفعل ، وقد يعد المعين والمسير في مبادئ الحركة. أما المعين فيشبه أن يكون جزءا من مبدأ الحركة ، كأن مبدأ الحركة جملة الأصل والمعين ، إلا أن الفرق بين المعين والأصل أن الأصل يحرك لغاية له ، والمعين يحرك لغاية ليست له ، بل للأصل (٧) أو لغاية ليست نفس غاية الأصل الحاصلة بالتحريك ، بل غاية أخرى كشكر أو أجر أو بر. وأما المشير فهو مبدأ الحركة بتوسط ، فإنه سبب الصورة (٨) النفسانية التي هى مبدأ الحركة (٩) الأولى (١٠) لأمر إرادى ، فهو مبدأ المبدأ. فهذا هو الفاعلى بحسب (١١) الأمور الطبيعية.

فأما (١٢) إذا أخذ المبدأ الفاعلى لا بحسب الأمور الطبيعية ، بل بحسب الوجود نفسه ، كان معنى أعم من هذا ، وكان كل ما هو سبب لوجود مباين لذاته من حيث هو مباين ومن حيث ليس ذلك الوجود لأجله علة فاعلية.

ولنقل الآن في المبدأ المادى ، فنقول : إن المبادئ المادية تشترك في معنى ، وهى (١٣) أنها في طبائعها حاملة (١٤) لأمور غريبة عنها ، ولها نسبة إلى المركب منها ومن تلك الماهيات (١٥) ، ولها نسبة إلى تلك الماهيات نفسها (١٦). مثلا أن الجسم له نسبة إلى المركب ، أى إلى الأبيض ، ونسبة البسيط (١٧) أى إلى البياض. ونسبته إلى المركب نسبة (١٨) علية (١٩) أبدا ، لأنه جزء من قوام (٢٠) المركب ، والجزء في ذاته أقدم من الكل (٢١) ومقوم لذاته. وأما (٢٢) نسبته إلى تلك الأمور فلا تعقل إلا على أجسام ثلاثة : إما أن يكون لا يتقدمها في الوجود ولا يتأخر عنها ، أعنى لا هى محتاجة إلى الأمر الآخر في التقوم (٢٣) ولا ذلك الأمر محتاج (٢٤) إليها في التقوم. والقسم الثاني أن تكون المادة محتاجة إلى مثل

__________________

(١) جهة : + ما هو هو أعنى من جهة ط ، م.

(٢) كمحرك : كمتحرك د (٣) النطفة : النطف ط.

(٤) يكون : + هو ط. (٥) وليس : إذ ليس سا ، ط ، م.

(٦) بالحقيقة : ساقطة من سا. (٧) للأصل : الأصل م.

(٨) الصورة : للصورة د (٩) الحركة : + التي هى ط ، م

(١٠) الأولى : العلة الأولى م (١١) بحسب د ، م. (١٢) فأما : وأما سا ، م.

(١٣) وهى : وهو م (١٤) حاملة : حاصلة سا.

(١٥) الماهيات : الهيئات ط (١٦) نفسها : أنفسها سا.

(١٧) إلى البسيط أى : ساقطة من سا (١٨) نسبة : نسبته م.

(١٩) علية : علة ، م سا. (٢٠) قوام : ساقطة من م

(٢١) الكل : الكل سا (٢٢) وأما : فأما ط.

(٢٣) التقوم (الأولى والثانية) : التقويم سا ، ط ، م

(٢٤) محتاج : يحتاج م.

٤٩

ذلك الأمر في التقوم (١) بالفعل ، والأمر (٢) يكون مقدما (٣) عليها في الوجود الذاتى ، كأن وجوده ليس متعلقا بالمادة بل بمبادئ أخرى ، ولكنه يلزمه إذا وجد أن يقوم مادتها (٤) ويحصلها (٥) بالفعل ، كما أن كثيرا من الأشياء تكون مقومة (٦) بشيء ويلزمها (٧) بعد تقومها (٨) أن يقوم شيئا آخر ، ربما كان ما يقومه بمفارقة (٩) لذاتها (١٠) ، وربما كان تقومها (١١) بمخالطة من ذاته ، ومثل هذا الأمر يسمى صورة ، وله قسط في تقويم المادة بمقارنة ذاته ، وهو (١٢) كل المقوم القريب وبيان ذلك في الصناعة الأولى (١٣).

والقسم الثالث هو أن تكون المادة متقومة في ذاتها وحاصلة بالفعل ، وأقدم من ذلك الشيء ، ويقوم (١٤) ذلك الشيء. وهذا الشيء هو الذي نسميه عرضا بالتخصيص وإن كنا ربما سمينا جميع هذه الهيئات أعراضا.

فيكون القسم الأول يوجب إضافة المعية ، والقسمان الآخران إضافة تقدم وتأخر. لكن في الأول منهما التقدم لما في المادة ، وفي الثاني منهما التقدم (١٥) للمادة. والقسم الأول ليس بظاهر الوجود ، وكأنه إن كان له مثال فهو النفس (١٦) والمادة الأولى إذا اجتمعا في تقويم الإنسان. وأما (١٧) القسمان الآخران فقد أخبرنا عنهما مرارا :

وللمادة (١٨) مع المتكون عنها التي (١٩) هى جزء من وجوده (٢٠) نوع آخر من اعتبار المناسبة ، ويصلح أيضا أن تنقل (٢١) هذه المناسبة إلى الصورة ، فإن المادة قد تكفى وحدها في أن تكون هى الجزء المادى لما هو ذو مادة (٢٢) ، وذلك فى (٢٣) صنف من الأشياء ، وقد لا تكفى ما لم تنضم إليها مادة أخرى ، فتجتمع منها (٢٤) ومن الأخرى ، كالمادة الواحدة (٢٥) لتمامية صورة الشيء ، وذلك في صنف من الأشياء ، كالعقاقير للمعجون والكيموسات للبدن. وإذا كانت المادة إنما يحصل منها الشيء بأن يكون معها غيرها ، فإما أن يكون بحسب الاجتماع فقط (٢٦) كأشخاص الناس للعسكرية والمنازل للمدينة ، وإما بحسب الاجتماع والتركيب معا فقط كاللبن والخشب للبيت ، وإما بحسب الاجتماع والتركيب والاستحالة كالأسطقسات (٢٧) للكائنات. فإن الاسطقسات (٢٨) لا يكفى نفس اجتماعها ولا نفس

__________________

(١) التقوم : التقويم د ، سا ، ط ، م (٢) والأمر : فالأمر ط.

(٣) مقدما : متقدما سا ، ط ، م. (٤) مادتها : + مادة ما طا

(٥) ويحصلها : ويجعلها سا ، ط ، م. (٦) مقومة : تقومه سا ، ط ، م

(٧) ويلزمها : ويلزم سا ؛ ويلزم ط ، م (٨) تقومها : تقومه سا ، ط ، م ؛ + لكنه د ، سا ، ط ، م.

(٩) بمفارقة : بمفارقته سا ، ط ، م (١٠) لذاتها : لذاته سا ، ط ، م ،

(١١) تقومها : تقويمها د ؛ تقويمه سا ، ط ، م (١٢) وهو : أو هو د ، سا ، ط ، م.

(١٣) الصناعة الأولى : صناعة الأولى د ، ط ؛ صناعة الفلسفة الأولى طا.

(١٤) ويقوم : + بها ط. (١٥) التقدم (الثانية) : المقدم د.

(١٦) فهو النفس : فالنفس سا. (١٧) وأما : أما سا. (١٨) وللمادة : ساده دزسا (١٩) التي : الذي م

(٢٠) وجوده : وجوه م. (٢١) تنقل : تنتقل ط. (٢٢) مادة : عدة ط. (٢٣) فى : ساقطة من سا.

(٢٤) منها : منه سا (٢٥) الواحدة : الواحد د.

(٢٦) فقط : ساقطة من ط. (٢٧) كالأسطقات : كالأستقصات سا

(٢٨) الأسطقسات : الأستقصات سا.

٥٠

تركيبها بالتماس والتلاقى وقبول الشكل ، لأن تكون منها الكائنات ، بل بأن يفعل بعضها في بعض ، وينفعل بعضها من بعض (١) ، وتستقر للجملة كيفية متشابهة تسمى (٢) مزاجا ، فحينئذ تستعد للصورة النوعية. ولهذا ما كان الترياق وما أشبهه إذا خلطت أخلاطه واجتمعت وتركبت ، لم يكن ترياقا بعد ولا له صورة الترياقية ، إلى أن يأتى عليها (٣) مدة في مثلها بفعل بعضها في بعض بكيفياتها فتستقر لها كيفية واحدة كالمتشابهة (٤) في جميعها فيصدر عنها فعل المشاركة. فهذه (٥) ، فإن صورتها (٦) الذاتية تكون ثابتة محفوظة ، والأعراض التي (٧) بها يتفاعل التفاعل الاستحالى فيعتبر ويستحيل استحالة بأن ينتقص كل إفراط يكون في كل مفرد منها إلى أن تستقر فيها كيفية الغالبات أنقص مما في الغالب. وقد جرت العادة بأن يقال إن المقدمات نسبتها إلى النتيجة مشاكلة لمناسبة المواد والصور والأشبه أن تكون صورة المقدمات شكلها ، وتكون (٨) المقدمات بشكلها تشاكل (٩) السبب الفاعل (١٠) ، فإنها كسبب (١١) فاعل (١٢) للنتيجة (١٣) ، والنتيجة من حيث هى نتيجة شيء خارج عنها.

لكنهم لما وجدوا الحد الأصغر والحد الأكبر إذا التأما حصلت النتيجة ، وقد كانا قبل ذلك في القياس وقع الظن بأن (١٤) في القياس موضوع النتيجة. فيخطى (١٥) ذلك إلى (١٦) أن ظن أن القياس نفسه موضوع النتيجة. لكن الحد الأصغر والحد الأكبر طبيعتا هما موضوعتان لصور ، فإنهما موضوعتان (١٧) لصورة (١٨) النتيجة ، وليستا حينئذ الحد الأصغر والحد الأكبر ، وموضوعتان لأن تكونا حدا أصغر وحدا أكبر ، وليستا حينئذ موضوعتين للنتيجة لأن كل واحد منهما إذا كان على نمط من النسبة إلى الآخر كان حدا أصغر وحدا أكبر ، وذلك النمط هو أن ينسب (١٩) معا بالفعل نسبة معينة إلى الأوسط ، وأن يكون لهما إلى النتيجة نسبة إلى شيء بالقوة. وإذا كانا على نمط آخر كانا موضوعين للنتيجة بالفعل ، وذلك النمط (٢٠) هو أن ينسب كل واحد منهما إلى الآخر نسبة الحمل والوضع أو التلو والتقديم (٢١) ، بعد نسبة كانت لهما. ومع ذلك فليس أيضا عين (٢٢) ما هو في القياس حدا أكبر أو أصغر (٢٣) هو بالقوة موضوع النتيجة ، بل آخر من نوعه. فليس يمكن أن نقول إن شيئا واحدا بالعدد يعرض له أن يكون موضوعا لكونه حدا أكبر وحدا أصغر ، وموضوعا (٢٤) لكونه جزء (٢٥) النتيجة.

__________________

(١) من بعض : ساقطة من م (٢) تسمى : فتسمى سا.

(٣) عليها : عليه سا ، ط ، م (٤) كالمتشابهة : كالمشابهة م.

(٥) فهذه : هذه د ، سا ، ط ، م (٦) صورتها : صورها سا ، م

(٧) الى : ساقطة من د. (٨) وتكون : وقد تكون د

(٩) تشاكل : تتشاكل ط (١٠) الفاعل : الفاعل د ، ط.

(١١) كسبب : ساقطة من سا (١٢) فاعل : فاعل ب ، د ، م

(١٣) للنتيجة : ذاتية ط. (١٤) بأن : + الحدود ط

(١٥) فيخطى : + من ط (١٦) إلى : ساقطة من ط.

(١٧) الصور فإنهما موضوعتان : ساقطة من سا (١٨) الصورة : الصور د.

(١٩) ينسبا : ينسبها د. (٢٠) النمط : نمط د.

(٢١) والتقديم : والتقدم د. (٢٢) عين : غير سا.

(٢٣) أو أصغر : وأصغر سا. (٢٤) وموضوعا : وموضوعها د

(٢٥) جزء : حد سا.

٥١

فلست أفهم كيف ينبغى أن تجعل المقدمات موضوعة للنتيجة ، فإذا قسنا (١) المادة إلى ما عنها يحدث فقط فقد تكون المادة مادة لقبول الكون ، وقد تكون لقبول الاستحالة ، وقد تكون لقبول الاجتماع والتركيب ، وقد تكون لقبول التركيب والاستحالة معا.

فهذا ما نقوله في العلة المادية (٢). وأما الصورة فقد تقال للماهية التي إذا حصلت في المادة قومتها نوعا. ويقال صورة لنفس النوع ، ويقال صورة للشكل والتخطيط خاصة ، ويقال صورة لهيئة الاجتماع كصورة (٣) العسكر وصورة المقدمات المقترنة ، ويقال صورة للنظام المستحفظ كالشريعة ، ويقال صورة لكل هيئة كيف كانت ، ويقال صورة لحقيقة كل شيء كان جوهرا أو عرضا ويفارق النوع ، فإن هذا قد يقال للجنس الأعلى ، وربما قيل صورة للمعقولات (٤) المفارقة للمادة والصورة المأخوذة إحدى (٥) المبادئ (٦) هى بالقياس إلى المركب منها ومن المادة أنها جزء له (٧) يوجبه (٨) بالفعل في مثله ، والمادة جزء لا يوجبه (٩) بالفعل. فإن وجود المادة لا يكفى في كون الشيء بالفعل ، بل في كون الشيء بالقوة ، فليس الشيء هو ما هو بمادته (١٠) ، بل بوجود الصورة يصير الشيء بالفعل. وأما تقويم الصورة للمادة فعلى نوع آخر ، والعلة الصورية قد (١١) تكون بالقياس إلى جنس أو نوع وهو الصورة التي تقوم المادة ، وقد تكون بالقياس إلى الصنف ، وهو الصورة التي قد قامت المادة دونها نوعا وهو طارئ (١٢) عليها كصورة الشكل للسرير ، والبياض بالقياس إلى جسم أبيض.

وأما الغاية فهى المعنى الذي لأجله تحصل الصورة في المادة ، وهو الخير الحقيقى (١٣) أو الخير المظنون. فإن كل تحريك يصدر عن فاعل لا بالعرض ، بل بالذات فإنه يروم به ما هو خير بالقياس إليه. فربما كان بالحقيقة (١٤) ، وربما كان بالظن ، فإنه إما أن يكون كذلك ، أو يظن به ذلك (١٥) ظنا.

__________________

(١) قسنا : نسبنا سا.

(٢) المادية : المادة م.

(٣) كصورة : كهيئة ط.

(٤) المقولات : المقولات م

(٥) إحدى : أحد سا ، ط ، م

(٦) المبادئ : + التي سا.

(٧) جزء له : حركة د

(٨) يوجبه : يوجه م

(٩) لا يوجبه : ولا يوجبه د.

(١٠) بمادته : بمادة سا.

(١١) قد : ساقطة من سا ، م.

(١٢) وهو طارئ : وهى طارئة ط.

(١٣) الحقيقى : ساقطة من م.

(١٤) أو الخير ... بالحقيقة : ساقطة من م.

(١٥) ذلك : ساقطة من سا.

٥٢

[الفصل الحادى عشر]

ك ـ فصل (١)

فى مناسبات (٢) العلل

الفاعل من جهة سبب للغاية. وكيف لا يكون كذلك ، والفاعل هو الذي يحصل الغاية موجودة. والغاية من جهة هى سبب الفاعل ، وكيف لا تكون كذلك وإنما يفعل الفاعل لأجلها وإلا لما كان يفعل. فالغاية تحرك الفاعل إلى أن يكون فاعلا ، ولهذا إذا قيل : لم ترتاض؟ فيقول لأصح (٣) ، فيكون هذا جوابا ، كما إذا قيل : لم صححت؟ فيقول لأنى ارتضت ، ويكون جوابا. والرياضة سبب فاعلى للصحة (٤) ، والصحة سبب غائى للرياضة. ثم إن قيل : لم تطلب الصحة فقيل (٥) : لأرتاض ، لم يكن جوابا صحيحا عن صادق الاختيار (٦) ثم إن قيل : لم تطلب الرياضة ، فقيل (٧) لكى أصح ، كان الجواب صحيحا.

والفاعل ليس علة لصيرورة الغاية غاية ، ولا لماهية الغاية في نفسها ، ولكن علة لوجود ماهية الغاية فى الأعيان : وفرق بين الماهية والوجود كما علمته (٨). والغاية علة لكون الفاعل فاعلا ، فهى (٩) علة له في كونه علة ، وليس الفاعل علة للغاية في كونها علة. وهذا سيتضح في الفلسفة الأولى.

ثم الفاعل والغاية كأنهما مبدءان غير قريبين من المركب المعلول ، فإن الفاعل إما أن يكون مهيئا للمادة فيكون سببا لإيجاد المادة القريبة من المعلول ، لا سببا قريبا من المعلول ، أو يكون معطيا للصورة. فيكون سببا لإيجاد (١٠) الصورة القريبة.

والغاية سبب للفاعل في أنه فاعل ، وسبب للصورة (١١) والمادة بتوسط (١٢) تحريكها (١٣) للفاعل المركب (١٤). فالمبادئ

__________________

(١) فصل : فصل ك ب ؛ الفصل الحادى عشر ط ، م ؛ ساقطة من د.

(٢) مناسبات : مناسب د.

(٣) لأصح : ليصح ب ، د ، سا ، م.

(٤) للصحة : الصحة سا.

(٥) فقيل : فقال م.

(٦) ثم ان ... الاختبار : ساقطة من سا

(٧) فقيل : فقال م.

(٨) علمته : علمت د

(٩) فهى : فهو سا.

(١٠) لإيجاد : لاتحاد م.

(١١) للصورة : الصورة د

(١٢) بتوسط : بسبب م

(١٣) تحريكها : تحريكه سا.

(١٤) المركب : للمركب ب ، د ، ط.

٥٣

القريبة من الشيء هى الهيولى والصورة ، ولا واسطة بينهما وبين الشيء ، بل هما علتاه (١) ، على أنهما جزءان يقومانه بلا واسطة ، وإن اختلف تقويم كل واحدة (٢) منهما ، وكان (٣) هذا علة غير العلة التي هى ذاك.

لكنه ربما عرض أن كانت المادة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين (٤) ، والصورة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين (٥). أما المادة ، فإذا كان المركب ليس نوعا ، بل صنفا ، وكانت الصورة لا التي تخص (٦) باسم الصورة ، بل هيئة عرضية ، فحينئذ تكون المادة مقومة لذات ذلك العرض الذي يقوم ذلك الصنف من حيث (٧) هو صنف ، فتكون علة ما للعلة. لكن وإن كان كذلك فمن حيث المادة جزء من المركب وعلة مادية فلا واسطة (٨) بينهما ، وأما الصورة ، فإذا كانت الصورة صورة (٩) حقيقية ومن مقولة الجوهر وكانت تقوم المادة بالفعل والمادة علة للمركب ، فتكون هذه الصورة علة لعلة المركب. لكنه وإن كان كذلك فمن حيث الصورة جزء من المركب وعلة صورية فلا واسطة بينهما. فالمادة إذا كانت علة علة المركب فليس من حيث هى علة مادية للمركب ، والصورة ، إذا كانت علة علة المركب فليس من حيث هى علة صورية للمركب. وقد يتفق أن تكون ماهية الفاعل والصورة والغاية ماهية واحدة ، فتكون هى التي تعرض لها إما (١٠) أن تكون فاعلا (١١) وصورة وغاية فإن في الأب (١٢) مبدأ لتكون الصورة الإنسانية من النطفة وليس ذلك كل شيء من الأب ، بل صورته (١٣) الإنسانية ، وليس الحاصل في النطفة إلا الصورة الإنسانية ، وليست الغاية التي تتحرك إليها النطفة إلا (١٤) الصورة الإنسانية ، لكنها من حيث تقوم مع المادة (١٥) نوع الإنسان (١٦) فهى صورة ، ومن حيث تنتهى إليها حركة (١٧) النطفة فهى غاية ، ومن حيث يبتدئ منه (١٨) تركيبها (١٩) فاعلة. فإذا (٢٠) قيست إلى المادة والمركب كانت صورة. وإذا قيست إلى الحركة كانت غاية مرة وفاعلة مرة ، إما غاية فباعتبار انتهاء الحركة وهى الصورة التي في الابن ، وإما فاعلة فباعتبار ابتداء الحركة وهى الصورة التي في الأب.

__________________

(١) علتاه : قلناه م. (٢) واحدة : ساقطة من سا ، م

(٣) وكان : فكان ط.

(٤) المادة ... وجهين : للمادة وللصورة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين ولذلك الصورة بما عرض ذلك م.

(٥) والصورة ... ووجهين : ساقطة من ب ، د ، سا (٦) تخص : تختص ط.

(٧) حيث : + أن ط. (٨) فلا واسطة : بلا واسطة سا

(٩) صورة : ساقطة من م. (١٠) إما : ساقطة من سا ، م

(١١) فاعلا : للفاعلة ط. (١٢) الأب (الأولى) : الآن م

(١٣) صورته : صورة سا. (١٤) إلا : + أن م.

(١٥) مع المادة : بالمادة سا (١٦) الإنسان : للإنسان م.

(١٧) حركة : الحركة م.

(١٨) منه : ساقطة من سا ، ط ، م

(١٩) تركيبها : تركبها ط ؛ + منه سا ؛ + منها ط ، م

(٢٠) فإذا : وإذا ب د ، سا.

٥٤

[الفصل الثاني عشر]

ل ـ فصل (١)

فى اقسام احوال العلل

إن كل واحد من العلل قد يكون بالذات وقد يكون بالعرض ، وقد يكون قريبا وقد يكون بعيدا (٢) ، وقد يكون خاصا ، وقد يكون عاما ، وقد يكون جزئيا ، وقد يكون كليا ، وقد يكون بسيطا ، وقد يكون مركبا وقد يكون بالقوة ، وقد يكون بالفعل ؛ وقد يتركب (٣) بعض هذه مع بعض.

ولنصور هذه الأحوال أولا في العلة الفاعلية ، فنقول : إن العلة الفاعلة (٤) بالذات هى (٥) مثل الطبيب إذا عالج والنار إذا سخنت ، وهو أن تكون العلة مبدأ لذات الفعل وأخذت (٦) من حيث هى مبدأ له. والعلة الفاعلة (٧) بالعرض ما خالف ذلك. وهو على أصناف : من ذلك أن يكون الفاعل يفعل فعلا ، فيكون (٨) ذلك الفعل مزيلا لضد ممانع ضده ، فيقوى الضد الآخر فينسب إليه فعل الضد الآخر ، مثل السقمونيا إذا برد بإسهال الصفراء ، أو يكون الفاعل مزيلا لمانع شيئا عن فعله الطبيعى ، وإن لم يكن يوجب مع المنع ضدا مثل مزيل الدعامة عن هدف فإنه يقال إنه هو هادم الهدف (٩). ومنه أن يكون الشيء الواحد معتبرا باعتبارات لأنه ذو صفات ، ويكون من حيث له واحدة منها مبدأ بالذات لفعل (١٠) فلا ينسب إليها ، بل إلى بعض المقارنة لها ، كما يقال : إن الطبيب يبنى ، أى الموضوع الذي للطبيب هو بناء ، فيبنى لأنه بناء لا لأنه طبيب. أو يؤخذ (١١) الموضوع وحده غير مقرون (١٢) بتلك الصفة ، فيقال : إن الإنسان يبنى ، ومن ذلك أن يكون الفاعل بالطبع أو الإرادة متوجها إلى غاية ما (١٣)

__________________

(١) فصل : فصل ل ب ؛ الفصل الثاني عشر م.

(٢) وقد يكون بعيدا : ساقطة من م.

(٣) يتركب : تركب م.

(٤) الفاعلة : الفاعلية ، م.

(٥) هى : هو د ، سا.

(٦) وأخذت : وأخذ سا ، ط ، م

(٧) الفاعلة : الفاعلية ط.

(٨) فيكون : ويكون سا ، ط ، م.

(٩) الهدف : + وإنما انهدم لنقله بالذات ط.

(١٠) لفعل : + فعلا ط.

(١١) يؤخذ : يوجد سا ، م

(١٢) مقرون : مقترن سا ، ط ، م.

(١٣) ما : ساقطة من سا.

٥٥

فبلغها أولا يبلغها ، لكن يعرض معها غاية أخرى مثل الحجر ليشج (١) ، وإنما عرض (٢) له ذلك لأنه بذاته يهبط (٣) فاتفق (٤) أن وقعت (٥) هامة في ممره فأتى (٦) عليها بثقله (٧) فشجها.

وقد يقال للشيء إنه فاعل بالعرض ، وإن كان ذلك الشيء لم يفعل أصلا ، إلا أنه يتفق أن يكون في أكثر الأمور (٨) يتبع حضوره أمر محمود أو مذموم (٩) ، فيعرف بذلك ، فيستحب قربه إن كان يتبعه أمر ، محمود ويتيامن (١٠) به أو يستحب بعده إن كان يتبعه أمر محذور ، ويتطير منه ويظن أن حضوره سبب لذلك الخير أو لذلك الشر.

وأما الفاعل القريب ، فهو الذي لا واسطة بينه وبين المفعول ، مثل الوتر لتحريك الأعضاء.

والبعيد هو الذي بينه وبين المفعول واسطة ، مثل النفس لتحريك الأعضاء.

وأما الفاعل الخاص فهو الذي إنما ينفعل عن الواحد منه وحده شيء بعينه ، مثل الدواء الذي يتناوله زيد في بدنه. والفاعل العام فهو (١١) الذي يشترك في الانفعال عنه أشياء كثيرة ، مثل الهواء المغير لأشياء كثيرة ، وإن كان بلا واسطة.

وأما الجزئى فهو إما العلة الشخصية لمعلول (١٢) شخصى ، كهذا الطبيب لهذا العلاج ، أو العلة (١٣) النوعية لمعلول (١٤) نوعى مساو له في مرتبة (١٥) العموم والخصوص ، مثل الطبيب للعلاج. وأما الكلى فأن (١٦) تكون تلك الطبيعة غير موازية (١٧) لما بإزائها من المعلول ، بل (١٨) أعم ، مثل الطبيب لهذا العلاج أو الصانع للعلاج. وأما البسيط (١٩) فأن (٢٠) يكون صدور الفعل عن قوة فاعلية واحدة ، مثل الجذب والدفع في (٢١) القوى البدنية. وأما المركب فأن يكون صدور الفعل عن عدة قوى ، إما متفقة النوع كعدة يحركون سفينة ، أو مختلفة النوع كالجوع الكائن عن القوة الجاذبة والحاسة (٢٢). وأما الذي بالفعل فمثل النار بالقياس إلى ما اشتعلت فيه. وأما الذي بالقوة ، فمثل النار بالقياس إلى ما لم يشتعل فيه ويصح اشتعالها فيه.

والقوة قد تكون قريبة ، وقد تكون بعيدة ، والبعيدة كقوة الصبى على الكتابة ، والقريبة كقوة الكاتب

__________________

(١) ليشج : يشج سا ، م (٢) عرض : يعرض ط

(٣) يهبط : انهبط سا. (٤) فاتفق : فيتفق ط

(٥) وقعت : رفعت سا ؛ وقع على ط (٦) فأتى : فأنحى سا ، طا

(٧) بثقله : بثقلها سا. (٨) الأمور : الأمر سا ، ط ، م

(٩) مذموم : محذور سا ، م.

(١٠) ويتيامن : ويتيمن د. (١١) فهو : هو م.

(١٢) لمعلول : بمعلول م (١٣) أو العلة : والعلة د.

(١٤) لمعلول : بمعلول م. (١٥) مرتبة : رتبة ط

(١٦) فأن : فإنه سا ؛ فبأن ط. (١٧) موازية : موازنة سا ، م

(١٨) بل : بلاد (١٩) البسيط : البسيطة ط

(٢٠) فأن : بأن سا ؛ فبأن ط.

(٢١) أعم ... والدفع في : ساقطه من م.

(٢٢) والحاسة : والحساسة ط.

٥٦

المقتنى للملكة الكتابية (١) على الكتابة. وقد يمكنك أن تركب (٢) بعض هذه مع بعض ، وقد وكلناه إلى ذهنك.

ولنورد هذه الاعتبارات أيضا في المبدأ المادى ، فأما المادة التي (٣) بالذات ، فهى (٤) التي لأجل نفسها تقبل الشيء مثل الدهن للاشتعال. وأما التي (٥) بالعرض ، فعلى أصناف من ذلك أن تؤخذ (٦) المادة مع صورة مضادة لصورة وتزول بحلولها ، فتؤخذ (٧) مع الصورة الزائلة (٨) مادة الصورة الحاصلة ، كما يقال إن الماء موضوع للهواء والنطفة موضوعة للإنسان والنطفة (٩) ليست موضوعة بما هى نطفة ، لأن النطفة تبطل عند كون الإنسان. أو يؤخذ (١٠) الموضوع مع صورة ليست داخلة في كون الموضوع موضوعا وإن لم يكن ضدا للصورة الأخرى المقصودة ، فيجعل موضوعا مثل قولنا (١١) : إن الطبيب يتعالج ، فإنه ليس إنما يتعالج من حيث هو طبيب ، ولكن من حيث هو عليل ، فالموضوع (١٢) للعلاج هو العليل (١٣) لا الطبيب.

وأما الموضوع القريب ، فمثل الأعضاء للبدن (١٤) ، والبعيد مثل الأخلاط بل الأركان. والموضوع الخاص فمثل جسم الإنسان بمزاجه لصورته ، والعام ، مثل الخشب للسرير والكرسى ولغير هما (١٥). وفرق بين القريب والخاص ، فقد يكون السبب المادى قريبا وعاما مثل الخشب للسرير (١٦). والموضوع الجزئى مثل هذا الخشب لهذا الكرسى أو هذا (١٧) الجوهر لهذا الكرسى ، والكلى (١٨) مثل الخشب لهذا والجوهر (١٩) للكرسى. والموضوع البسيط فمثل الهيولى للأشياء كلها والخشب عند الحس للخشبيات ، والمركب مثل الأخلاط للبدن ومثل العقاقير للترياق. والموضوع بالفعل مثل بدن الإنسان لصورته ، وبالقوة مثل النطفة لها أو الخشب غير (٢٠) المصور بالصناعة لهذا الكرسى. وهاهنا أيضا قد تكون القوة قريبة وقد تكون بعيدة.

وأما هذه الاعتبارات من جهة الصورة ، فالصورة التي بالذات مثل شكل الكرسى للكرسى والذي (٢١) بالعرض فمثل (٢٢) البياض أو السواد (٢٣) له. وربما كان نافعا في الذي (٢٤) بالذات مثل صلابة الخشب لقبول (٢٥) شكل الكرسى

__________________

(١) لملكة الكتابية : لملكة الكاتبية ط ؛ لملكة الكتابة م

(٢) تركب : يتركب ط. (٣) التي (الأولى) : ساقطة من سا ، م

(٤) فهى : فهو م. (٥) التي : الذي ط

(٦) تؤخذ : توجد م. (٧) فتؤخذ : فيوجد سا

(٨) الزائلة : النائلة د. (٩) النطفة : النطفية سا ، م

(١٠) يؤخذ : يوجد سا ، م. (١١) مثل قولنا : كقولنا م.

(١٢) فالموضوع : بالموضوع سا (١٣) العليل : العلل م.

(١٤) للبدن : البدل د. (١٥) ولغيرهما : ولغيره ب ، د ، م.

(١٦) والكرسى ... للسرير : ساقطة من سا. (١٧) أو هذا : وهذا م

(١٨) والكلى : العام بخ ، سا (١٩) لهذا الجوهر : لهذا الكرسى أو الجوهر ط ، م ، أو الجوهر لهذا سا.

(٢٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٢١) والذي : والتي سا ، م. (٢٢) فمثل : مثل م

(٢٣) أو السواد : والسواد ط

(٢٤) الذي : التي ط ، م.

(٢٥) لقبول : لقبوله سا ، ط ، م.

٥٧

وربما كانت الصورة بالعرض وبسبب (١) المجاورة كحركة الساكن في السفينة ، فإنه يقال للساكن في السفينة (٢) متحرك ومنتقل (٣) بالعرض ، والصورة القريبة فمثل (٤) التربيع لهذا المربع ، والبعيدة (٥) مثل (٦) ذى الزاوية له ، والصورة الخاصة لا تخالف الجزئية ، وهو مثل حد الشيء أو فصل (٧) الشيء أو خاصة الشيء والعامة فلا يفارق الكلية ، وهو (٨) مثل الجنس للخاصة. والصورة البسيطة فمثل (٩) صورة الماء والنار التي (١٠) هى (١١) صورة لم تتقوم من عدة صور مجتمعة ، والمركبة مثل صورة الإنسان (١٢) التي تحصل من عدة قوى وصورة (١٣) تجتمع. والصورة بالفعل معروفة والصورة بالقوة من وجه ما فهى (١٤) القوة مع العدم.

وأما اعتبار هذه المعانى من جهة الغاية ، فالغاية بالذات هى التي تنحوها الحركة الطبيعية (١٥) أو الإرادية لأجل نفسها لا غيرها ، مثل الصحة للدواء. والغاية بالعرض على (١٦) أصناف.

فمن ذلك ما يقصد ، ولكن لا لأجله ، مثل دق الدواء لأجل شرب الدواء لأجل (١٧) الصحة (١٨). وهذا هو النافع أو المظنون نافعا ، والأول هو الخير أو المظنون خيرا.

ومن ذلك ما يلزم الغاية أو يعرض لها. أما ما يلزم الغاية فمثل الأكل غايته التغوط ، وذلك لازم للغاية لا غاية ، بل الغاية هى (١٩) كف الجوع. وأما ما يعرض للغاية فمثل الجمال للرياضة ، فإن الصحة قد يعرض لها (٢٠) الجمال ، وليس الجمال هو المقصود بالرياضة.

ومن ذلك ما تكون الحركة متوجهة لا إليه فيعارضها هو ، مثل الشجة للحجر الهابط ومثل من يرمى طيرا (٢١) فيصيب إنسانا. وربما كانت الغاية الذاتية موجودة معها وربما لم يوجد.

وأما الغاية القريبة فكالصحة للدواء ، والبعيدة فكالسعادة للدواء.

وأما الغاية الخاصة فمثل لقاء زيد صديقه فلانا. وأما العامة فكإسهال الصفراء لشرب الترنجبين ، فإنه غاية له ، ولشرب البنفسج أيضا.

__________________

(١) وبسبب : ولسبب ط (٢) للساكن في السفينة : لساكن السفينة ب ، د ، سا.

(٣). (١ ـ ٢) متحرك ومنتقل : ينتقل ويتحرك سا.

(٤) فمثل : مثل م (٥) والبعيدة : والبعيد د

(٦) مثل : فمثل ط. (٧) أو فصل : وفصل م

(٨) وهو : وهى م. (٩) فمثل : مثل م

(١٠) التي : الذي سا ، م (١١) هى : هو سا ، م.

(١٢) الإنسان : الإنسلية ط

(١٣) صورة : وصور ط ، م.

(١٤) فهى : فهو سا.

(١٥) الطبيعية : للطبيعية م.

(١٦) للدواء ... على : ساقطة من م.

(١٧) لأجل (الثانية) : لأجل ط.

(١٨) أصناف ... الصحة : ساقطة من م.

(١٩) هى : هو ب ، د.

(٢٠) لها : له م.

(٢١) طيرا : طائرا م.

٥٨

وأما الغاية الجزئية فكقبض زيد على فلان الغريم المقصود كان في سفره.

وأما الكلية فكانتصافه (١) من الظالم مطلقا.

وأما الغاية البسيطة فمثل الأكل للشبع. والمركبة مثل لبس الحرير (٢) للجمال ولقتل القمّل (٣). وهما بالحقيقة غايتان.

وأما الغاية بالفعل والغاية بالقوة ، فمثل الصورة بالفعل والصورة بالقوة.

واعلم أن العلة والغاية بالقوة (٤) ، بإزاء المعلول بالقوة ، فما دام العلة (٥) بالقوة علة ، فالمعلول بالقوة معلول. ويجوز (٦) أن يكون كل واحد منهما بالفعل ذاتا أخرى ، مثل أن تكون العلة إنسانا والمعلول خشبا ، فيكون الإنسان نجارا بالقوة ، والخشب منجورا بالقوة. ولا يجوز أن تكون ذات المعلول موجودة (٧) والعلة معدومة البتة. والذي يشكل في هذا من أمر (٨) البناء وبقائه بعد البانى ، فيجب أن يعلم أن البناء ليس يبقى بعد البانى ، على أن البناء معلول البانى ، فإن معلول البانى هو (٩) تحريك أجزاء (١٠) البناء إلى الاجتماع وهو لا يتأخر عنه. وأما ثبات (١١) الاجتماع وحصول الشكل فيثبت عن (١٢) علل موجودة ، إذا فسدت فسد (١٣) البناء. وتحقيق هذا المعنى وما يجرى مجراه مما سلف (١٤) موكول إلى الفلسفة الأولى ، فليتربص به إلى ما هناك.

__________________

(١) فكانتصافه : فانتصافه م.

(٢) الحرير : الحرب سا

(٣) القمل : العمل سا.

(٤) بالقوة (الأولى) : ساقطة من م

(٥) العلة (الثانية) : للعلة د

(٦) ويجوز : فيجوز ط.

(٧) موجودة : موجودا ب ، د ، سا.

(٨) أمر : ساقطة من م.

(٩) هو : ساقطة من ط

(١٠) أجزاء : آخر م.

(١١) ثبات : إثبات م.

(١٢) عن : + عدة ط

(١٣) فسد : فسدت م.

(١٤) مما سلف : ساقطة من ط.

٥٩

[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى ذكر البخت والاتفاق والاختلاف فيهما

وايضاح حقيقة حالهما

وإذ قد تكلمنا عن الأسباب ، وكان البخت والاتفاق وما يكون من تلقاء (٢) نفسه قد (٣) ظن (٤) بها أنها من الأسباب فحرى بنا أن لا نغفل أمر النظر في هذه المعانى ، وأنها هل هى في الأسباب أو ليست في الأسباب (٥) ، وإن كانت فكيف هى في الأسباب.

وأما القدماء الأقدمون فقد كانوا اختلفوا في أمر البخت والاتفاق. ففرقة أنكرت أن يكون للبخت والاتفاق مدخل في العلل ، بل أنكرت أن يكون لهما معنى في (٦) الوجود البتة. وقالت : إنه من المحال أن نجد للأشياء أسبابا موجبة (٧) ونشاهدها فنعدل عنها ونعزلها عن أن تكون عللا ونرتاد لها عللا مجهولة من البخت والاتفاق ، فإن الحافر بئرا إذا عثر على كنز ، جزم أهل الغباوة القول بأن البخت السعيد قد لحقه ، وإن زلق فيه (٨) فانكسر رجله (٩) ، جزموا القول بأن البخت الشقى قد (١٠) لحقه. ولم يلحقه هناك بخت البتة ، بل كان من يحفر إلى الدفين يناله ، ومن (١١) يميل على زلق في شفير يزلق عنه. ويقولون إن فلانا لما خرج إلى السوق ليقعد في دكانه لمح غريما له فظفر بحقه ، فذلك من فعل البخت وليس كذلك ، بل ذلك لأنه قد توجه إلى مكان به غريمه وله حس بصر (١٢) فرآه (١٣). قالوا : وليس (١٤) وإن كان غايته في خروجه غير هذه الغاية ، يجب أن لا يكون الخروج إلى السوق سببا حقيقيا للظفر بالغريم ، فإنه يجوز أن يكون لفعل واحد غايات شتى ، بل أكثر الأفعال كذلك لكنه يعرض أن يجعل المستعمل لذلك الفعل أحد (١٥) تلك الغايات غاية ، فتتعطل (١٦) الأخرى بوضعه (١٧) لا في نفس الأمر

__________________

(١) فصل : فصل م ب ؛ الفصل الثالث عشر م.

(٢) تلقاء : لقاء م (٣) قد : فقد سا

(٤) قد ظن : يظن د. (٥) أو ليست في الأسباب : ساقطة من م.

(٦) في (الثانية) : من سا ، م.

(٧) موجبة : موجدة ط.

(٨) فيه : فيها د ، ط ، م

(٩) رجلة : ساقطة من سا ، م

(١٠) الشقى قد : ساقطة من م.

(١١) يناله ومن : يناوله من ط.

(١٢) بصر : نظر سا

(١٣) فرآه : نراه ب ، د ، ط

(١٤) وليس : ساقطة من م.

(١٥) أحد : إحدى ط

(١٦) فتتعطل : فتعطل سا ، م

(١٧) بوضعه : موضعه سا.

٦٠