الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: سعيد زايد
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

بل يكفى لها محرك واحد ثابت ، ويصلح أن تكون أصناف (١) ما يحدث من المناسبات المختلفة بين ذلك المتحرك وبين الأجسام الأخرى ، أسبابا لانبعاث حركات واستحالات أخرى.

فبين من هذا أن أقدم الحركات ما كان على الاستدارة ، فإنها أقدم الحركات المكانية والوضعية ، وهذا الصنف من الحركات أقدم (٢) من سائر الحركات الأخرى بالشرف (٣) أيضا ، لأنه لا يوجد إلا بعد استكمال الجوهر جوهرا بالفعل ، ولا يخرجه (٤) عن جوهريته بوجه من الوجوه ، ولا يزيل أمرا له فى ذاته ، بل يزيل (٥) نسبة (٦) له إلى أمر من (٧) خارج ، ويخص (٨) المستديرة بأنها تامة لا تقبل الزيادة ، ولا يجب فيها الاشتداد والضعف ، كما يجب فى الطبيعة (٩) أن تشتد أخيرا فى السرعة ، والقسرية أن تشتد ، كما يقال وسطا ، ولا شك أنها تضعف أخيرا (١٠). والجرم الذي له الحركة المستديرة بالطبع هو أقدم الأجرام ، وبه تتحدد (١١) جهات الحركات الطبيعية للأجرام الأخرى.

وإذ قد (١٢) استوفينا تحقيق هذه المعانى ، فبالحرى أن نجمع الفصول التي للحركات ، ونقول : أولا (١٣) كل ما ينسب إليه صفة فإما أن يقال تلك الصفة التي (١٤) له بذاته ، بأن تكون الصفة موجودة فيه كله ، مثل ما يقال أن الثلج أبيض.

وإما أن لا تكون (١٥) بالحقيقة موجودة فى كله ، ولكنها بالحقيقة فى جزئه ، مثل ما يقال إن الإنسان يرى وإن العين سوداء. وإما أن تقال بالعرض على الإطلاق بأن لا تكون فيه ، بل فى شيء يقارنه ، كما يقال إن البناء يكتب وكما يقال للبياض إنه ينتقل عند ما ينتقل الأبيض. فالمتحرك والمحرك إما أن يقال له ذلك لذاته مطلقا أو للجزء ، كما يقال فلان يكتب وإنما تكتب يده أو فلان يتحرك وإنما تتحرك يده. وإما أن يقال بالعرض مطلقا كما يقال للساكن فى السفينة أنه يتحرك. فمنه ما ليس من شأنه البتة أن يوصف بذلك ، كالبياض إذا قيل إنه يتحرك ، ومنه ما شأنه ذلك (١٦) ، كالمسمار المسمر فى السفينة. وكذلك المحرك قد يكون بالعرض وغير (١٧) مطلق ، على ما قيل فى (١٨) أبواب سلفت (١٩). والحركة إذا كانت فى ذات الشيء فقد (٢٠) تنبعث عن طبيعته ، لا من خارج ولا بإرادة ولا قصد (٢١) ، كنزول الحجر. وقد تنبعث عنه بالإرادة ، وقد تكون بسبب (٢٢) قسرى من خارج كصعود الحجر. والطبيعى والإرادى

__________________

(١) أصناف : أصنافه ط.

(٢) الحركات المكانية ... أقدم : ساقطة من سا.

(٣) بالشرف : وبالشرف سا ، ط ، م.

(٤) ولا يخرجه : فلا يخرجه م

(٥) يزيل : مزيل ط (٦) نسبة : نسبته ط

(٧) من : ساقطة من سا. (٨) ويخص : ويختص ط

(٩) الطبيعة : + من سا ، ط ، م.

(١٠) أخيرا : آخر د ، سا. (١١) تتحدد : ينحدر ط.

(١٢) وإذ قد : وإذا سا (١٣) أولا : + أن ط.

(١٤) التي : ساقطة من د ، سا ، ط ، م.

(١٥) لا تكون : يكون م. (١٦) ذلك : كذلك سا

(١٧) وغير : أو غير ط ، م (١٨) فى : على سا.

(١٩) سلفت : سبقت ط (٢٠) فقد : وقد ط (٢١) ولا قصد : ولا يقصد سا.

(٢٢) بسبب : ساقطة من د.

٣٠١

يشتركان دائما فى أن يطلق عليهما لفظة (١) الحركة الكائنة (٢) من تلقاء المتحرك ، وذلك (٣) لأنها ليست من خارج ، وربما قيل ذلك خاصة (٤) للذى يكون بإرادة (٥). والحركة الطبيعية والقسرية قد تكون فى غير المكانية والوضعية ، فإن هاهنا استحالة طبيعية ، كصحة من يصح بالبحران (٦) الطبيعى ، وتبرد الماء الحار إذا استحال بطبيعة إلى البرد ، واستحالة قسرية كاستحالة الماء إلى الحر (٧) ، وهاهنا (٨) كون طبيعى ، مثل تكوين الجنين من المنى (٩) والنبات من البذور ، وكون قسرى ، مثل إحداث النار بالقدح ، وفساد طبيعى مثل الموت الهرمى ؛ وفساد قسرى ، كالموت عن القتل ، والموت عن السم. وهاهنا زيادة فى مقدار الجسم طبيعة ، كنمو الصبى ؛ وأخرى قسرية كالنمو الذي يستجلب بالأدوية المسمنة (١٠). وهاهنا ذبول طبيعى كما فى الهرم ، وذبول قسرى كما بالأمراض.

ويجب أن يعلم أن قولنا حركة طبيعية ليس يعنى به أن الحركة تصدر البتة عن الطبيعة ، والطبيعة بحالها (١١) التي لها (١٢) ، فإن الطبيعة ذات ثابتة قارة ، وما يصدر عنها لذاتها فهو أيضا ثابت قار قائم (١٣) موجود مع وجود الطبيعة ، والحركة التي هى الحركة القطعية (١٤) تعدم دائما وتتجدد بلا استقرار ، والحركة التي حققناها لا محالة فإنها تقتضى ترك شيء ، والطبيعة إذا اقتضت لذاتها ترك شيء فتقتضى لا محالة ترك شيء خارج عن الطبيعة. وإذا (١٥) كان كذلك فما لم يعرض أمر خارج عن الطبيعة ، لم يعرض قصد ترك لها بالطبع. فإذن (١٦) الحركة الطبيعية ، لا تصدر عن الطبيعة إلا وقد عرضت حال غير طبيعية ؛ ولا تكون حال غير طبيعية ، إلا وبإزائها حال طبيعية ، إذ (١٧) كانت هذه غير تلك ، فتلك طبيعية (١٨) ، فتكون غير الطبيعية تترك تركا متوجها (١٩) إلى الطبيعة (٢٠). فكل حركة طبيعية إذا لم تعق ، فهى تنتهى إلى غاية طبيعية ، ويستحيل إذا حصلت تلك الغاية أن يتحرك المتحرك بالحركة الطبيعية ، لأن الحركة ترك ما وهرب (٢١). والغاية الطبيعية ليست متروكة ولا مهروبا عنها بالطبع ، فكل (٢٢) حركة طبيعية إذن فهى لأجل طلب سكون (٢٣) ، إما فى أين أو فى كيف ، أو فى كم ، أو فى وضع ، فكل حركة لا تسكن ، فليست بطبيعية ، فالحركة المستديرة المتصلة إذن لا تكون

__________________

(١) لفظة : لفظ ط (٢) الكائنة : المكانية سا ، م

(٣) وذلك : فى ذلك م. (٤) خاصة : خاصا سا

(٥) بإرادة : بالإرادة ط. (٦) بالبحران : بالبحر مكان سا.

(٧) الحر : الجزء د ؛ الحرى ط

(٨) وهاهنا : وهنا ط (٩) من المنى : ساقطة من سا.

(١٠) المسمنة : المستمينة د. (١١) بحالها : ساقطة من سا.

(١٢) لها : ساقطة من د (١٣) قائم : ساقطة من سا.

(١٤) القطعية : ساقطة من م.

(١٥) وإذا : فإذا سا ، ط ، م.

(١٦) فإذن : فإن ط. (١٧) إذ : إذا سا.

(١٨) ولا تكون حال ... فتلك طبيعة : ساقطة من ب.

(١٩) متوجها : + به ط (٢٠) الطبيعية : الطبيعة سا ، ط ، م.

(٢١) وهرب : + ما ط. (٢٢) فكل : وكل د ، ط (٢٣) سكون : السكون ط.

٣٠٢

طبيعية ، وكيف تكون (١) وليس شيء من الأوضاع والأيون التي تفرض (٢) مهروبا عنه (٣) بالطبع بتلك الحركة إلا وهو بعينه مقصود إليه بالطبع بتلك الحركة (٤) ، ومحال أن تهرب الطبيعة بالطبع عن أمور تؤمها (٥) بالطبع فالحركات المستديرة تكون إما من أسباب من (٦) خارج ، وإما عن (٧) قوة غير الطبع ، بل عن قوة إرادية. وقد يجوز أن لا يختلف ما يكون عن القوة الإرادية ، إذا لم تختلف الدواعى والموانع والغايات والأغراض (٨) ، فلم تتجدد الإرادات وكانت (٩) الواحدة منها (١٠) مبلوغا بها (١١) المراد فى الحركة ، ولا يمنع كون الحركة المستديرة لجسم بسيط أن (١٢) يكون ذلك الجسم ذا نفس على ما يشكك (١٣) به بعضهم قائلا : إن المشائين يوحون أن لا تكون النفس إلا للجسم (١٤) المركب ، ثم يقولون لحركة (١٥) مستديرة بسيطة هى صادرة عن نفس وأنها لجرم بسيط. وذلك لأن المشائين لم يمنعوا أن يكون فى البسائط كلها متنفس (١٦) ، بل إنما منعوا (١٧) أن يكون ذلك الجسم من البسائط الأسطقسية الموضوعة للتركيب. فإن هذه البسائط ما لم تتركب (١٨) ولم تعتدل ولم تسقط غلبات التضاد لم (١٩) يقبل الحياة ، فإن كان جسم بسيط لا ضد له فى طبعه (٢٠) ، فهو أقبل للحياة.

ويجب أن يعرف هاهنا أن الطبيعى على كم أوجه يقال ، بحسب ما ينتفع به فى الموضع (٢١) الذي نحن فيه ، ثم نتمم الكلام فى الحركة الطبيعية ، فنقول : إن الطبيعى قد يقال بالقياس إلى الشيء (٢٢) الذي له لأمر الطبيعى وحده ، وقد يقال لا بالقياس إليه وحده ، بل بالقياس إلى طباع الكل بالشركة ، مثال هذا القسم هو أن كون (٢٣) الأرض غير حقيقة التدوير ، وانكشافها عن الماء ليس طبيعيا ، بالقياس إلى طبيعة الأرض نفسها (٢٤). فإن طبيعة كل بسيط لا تقتضى اختلافا فيه ، بل تقتضى التشابه ، فيجب أن يكون الشكل الطبيعى البسيط (٢٥) كريا. ولكن الأمر الذي تقتضيه طبيعة الأرض من استعدادها وفعلها معا إذا قرن به طبيعة الكل ، كان وجود هذا الشكل له طبيعيا ، أى (٢٦) أمرا يجب عن (٢٧) طباعه وطباع الكل ، وما عليه مجرى الأمر الجزئى (٢٨) فى الكل ، على ما سنوضح هذا فى موضعه. وكذلك (٢٩) تصرف

__________________

(١) تكون : ساقطة من سا ؛ + طبيعية ط (٢) تفرض : تفترض سا ، ط ،

(٣) عنه : عنها م. (٤) الحركة : الحالة سا

(٥) أمور تؤمها : أمر تؤمه ط ، م. (٦) من (الثانية) : ساقطة من ب

(٧) عن (الأولى) : من سا. (٨) والأغراض : والإرادات سا

(٩) وكانت : ساقطة من م.

(١٠) منها : منه سا (١١) بها : به سا

(١٢) أن : بل سا. (١٣) ما يشكك : ما سئل سا ، م

(١٤) للجسم : الجسم ط

(١٥) لحركة : بحركة ط. (١٦) متنفس : تنفس نفس ط.

(١٧) منعوا : يمنعون ط ؛ + من سا

(١٨) تتركب : يركب ط. (١٩) لم : ولم ط

(٢٠) طبعه : طبيعته د ، ط.

(٢١) الموضع : الوضع د. (٢٢) الشيء : شيء د.

(٢٣) كون : تكون م. (٢٤) نفسها : ساقطة من م.

(٢٥) البسيط : للبسيط ط ، م. (٢٦) أى : أو ط

(٢٧) عن : من سا. (٢٨) الجزئى : الخيرى د (٢٩) وكذلك : فكذلك ط.

٣٠٣

الغذاء بحسب تدبير القوة الغاذية ، هو لنفس الغذاء غير طبيعى ، ولكن إذا قيس إلى الطبيعة المشتركة للكل كان طبيعيا. وأما (١) الطبيعى الخاص بالشيء ، فهو أن يكون صادرا عن قوة طبيعية فيه (٢) وحده ، ونعنى بالقوة الطبيعية هاهنا كل قوة من ذات الشيء تحرك لا بالإرادة ، كانت (٣) طبيعية صرفة (٤) ، أو كانت كنفس (٥) النبات ، فيكون أحد قسمى هذا الباب على نحو (٦) تحرك الحجر إلى أسفل ، وهو الذي يكون لا عن إرادة ، ولا أيضا مختلف الجهة ؛ والثاني على نحو تحرك النامى إلى نموه ، فإن ذلك ليس بإرادة ، ولكنه مختلف الجهة وقد تكون حركة (٧) بإرادة غير (٨) مختلفة الجهة ولا تسمى طبيعية إلا باشتراك الاسم كالحركة الأولى. فالحركة الطبيعية بحسب هذا الموضع هى التي تكون عن قوة فى الجسم نفسه تتوجه إلى الغاية التي لطبيعة (٩) ذلك الجسم ، وعلى الوجه (١٠) الذي تقتضيه طبيعة ذلك الجسم إذا لم يكن عائق ، مثل تكون يد (١١) الإنسان ذات خمس أصابع فى مدة مثلها يتكون ، وعلى نحو من التوجه لا غير زائغ (١٢) عن الحدود الواجبة ، فإنه قد تكون (١٣) حركة عن الطبيعة ، ولكن (١٤) لا إلى غاية طبيعية ، مثل تكون الإصبع (١٥) الزائدة والسن الشاغية (١٦) ، وقد تكون حركة لا عن الطبيعة ، ولكن إلى الغاية الطبيعية ، كما (١٧) يرمى حجر (١٨) إلى أسفل على خط مستقيم ، رميا لا نصدر مثل الحركة التي فيه عن الطبيعة التي فى الحجر (١٩) وحدها. وقد يتفق أن يكون من المبدأ إلى الغاية ولكن معوقا ، مثل أن تكون حركته (٢٠) أبطأ من الواجب أو ذات كيفية غير موافقة للاستمرار إلى الغاية. فهذه قد يقال لها طبيعية.

ولكن الحقيقى هو ما قلناه (٢١) أولا ، وقد تكون الحركة طبيعية لا بالقياس إلى الطبيعية ، الخاصة بالشيء ، بل بالقياس إلى أمور من خارج. فإن الاحتراق طبيعى للكبريت عند ملاقاة النار ، والانجذاب طبيعى للحديد عند مقاربة المغناطيس.

__________________

(١) وأما : + هو ط (٢) فيه : منه ط.

(٣) كانت : وكانت ط

(٤) صرفة : صرفا ب ، د ، سا

(٥) كنفس : لنفس د. (٦) نحو : ساقطة من سا.

(٧) حركة : الحركة ط

(٨) غير : وغير سا ، م.

(٩) لطبيعة : + فى د

(١٠) الوجه : وجه ط.

(١١) يد : بدن م (١٢) زائغ : ذائغ ط.

(١٣) تكون : تتكون ط ، م

(١٤) ولكن : لكن م (١٥) الإصبع : الأصابع ط.

(١٦) الشاغية : الشناعية ط

(١٧) كما : كمن سا ، ط ، م

(١٨) حجر : حجرا سا ، ط ، م.

(١٩) الحجر : الحركة سا. (٢٠) حركته : حركة ط.

(٢١) ما قلناه : ما قلنا ب ، د ، سا ، م.

٣٠٤

[الفصل العاشر]

ى ـ فصل (١)

فى كيفية كون الخير طبيعيا للجسم وكذلك كون اشياء أخرى طبيعية

فنقول : إن كل جسم ، فسنبين أنه يقتضى حيزا يخصه ، والمقتضى لذلك صورته التي بها يتجوهر أو صورة الغالب فيه ، وقد يقتضى كما أو كيفا أو وضعا أو غير ذلك. فإن (٢) كان الحيز الذي يقتضيه موقوفا عليه لا يفارقه لم تكن له حركة طبيعية ناقلة إلى الحيز ؛ وكذلك (٣) إن كان (٤) كيفية (٥) بهذه الصفة أو كمية (٦) ، فإن كان حيزه حيزا يمكن أن يفارقه ، بأن يزال عنه قسرا فإنه يكون له عود بالطبع إن لم يمتنع (٧) قسرا ، أو كان (٨) لم يزل عن حيزه ، بل كان (٩) أول حدوثه فى غير حيزه ، فإنه بالطبع ، ينتقل إليه إن لم يمنع (١٠) قسرا (١١). فإن كانت كيفيته مما يجوز أن يسلب بالقسر ككيفية الماء ، أعنى (١٢) برودته فإنه إذا زال القاسر (١٣) ، توجه إليها الشيء بالطبع ، فاستحال الماء المسخن مثلا باردا. وإن كانت كميته مما يجوز أن يسلب بقسر مثلا كما يخلخل (١٤) الهواء بالقسر ، حتى يصير أعظم ، أو يضغط بالقسر ، حتى يصير أصغر ، على ما أخبرنا عنه فى باب الخلاء ، فإنه إذا زال القاسر انتقل الجوهر إلى حجمه ، أو كانت كميتة مما لا تحصل له في أول وجوده ، بل يكون (١٥) أول وجوده وجودا غير مستكمل وإنما يستكمل بالاستمداد ، فإنه يتحرك إلى كماله فى حجمه بالغذاء طبعا ، أو كان وضع أجزائه وضعا مقسورا كما يحنى (١٦) الخشب المستقيم بالقسر ، فإنه إذا خلى سبيله من غير كسر أو رض ، رجع بحركته (١٧) إلى الوضع الأول.

لكنه قد يشكل فى الحيز ، مما لا يشكل فى أمر غيره ، فإن الجسم المتحرك فى جهة (١٨) ما تعرض له أمور : من ذلك

__________________

(١) فصل : فصل ى ب الفصل العاشر ط ، م.

(٢) فإن : وإن م.

(٣) وكذلك : ولذلك د

(٤) كان : كانت سا ، ط ، م

(٥) كيفية : كيفيته م

(٦) كميته : كميته م.

(٧) يمتنع : يمنع سا ، ط ، م

(٨) أو كان : وكان ط

(٩) بل كان كان : + أول د.

(١٠) يمنع : يمتنع د

(١١) قسرا : ساقطة من م.

(١٢) أعنى : + به ط

(١٣) القاسر : القياسى سا.

(١٤) يخلخل : يتخلخل سا ، ط.

(١٥) يكون : كون ب.

(١٦) يحنى : ينحنى ط.

(١٧) بحركته : بحركة د.

(١٨) جهة : وجه م.

٣٠٥

أنه متحرك إلى تلك الجهة ، ومن ذلك أنه متحرك إلى (١) مكان ما ، ومن ذلك أنه متحرك إلى حيث كليته. فيشتبه (٢) الأمر ويشكل فلا ندرى أنه إلى أى واحد من هذه الأشياء يتحرك. ولو كان الماء يطلب الجهة ، والنهاية فى نزوله إلى أسفل ، لما وقف دون حد وقوف (٣) الأرض ، ولما طفا على الأرض (٤) ولما رسب فى الأرض. وكذلك حال الهواء ، لو توهم (٥) جزء منه مقسورا إلى حيز (٦) النار ، فوجد (٧) ينتقل من حيز النار إلى حيز نفسه.

وستعلم أنه لا يكون لحيز واحد جسمان بالطبع ، حتى يكون لك أن تقول : إن الأرض والماء يطلبان جهة واحدة وحيزا واحدا ، لكن الأرض أغلب وأسبق ، وكذلك الهواء والنار يطلبان جهة واحدة وحيزا واحدا ، لكن الأرض أغلب وأسبق ، ولو كان الهواء يطلب ما تطلب (٨) النار لكنه يعجز عن مساوقتها (٩) إليه (١٠). لكنا إذا وضعنا أيدينا على شطر من الهواء ، أحسسنا باندفاعه إلى فوق ، كما إذا حبسناه (١١) فى إناء تحت الماء. ولو كان يطلب المتحرك المكان فقط ، والمكان هو سطح الجسم الذي يحويه ، والطبيعى هو سطح الجسم (١٢) الذي يحويه بالطبع ، لكان (١٣) الماء يقف فى الهواء حيث كان لأنه فى سطح الجسم الطبيعى الذي يحويه ، ولكانت النار المتصعدة تطلب أن يشتمل (١٤) عليها مكان هو سطح فلك (١٥). وهذا الطلب محال ، لأنه إنما يماس طائفة من سطح الفلك من جهة ، ولو كان يطلب الكلية لكان الحجر المرسل من رأس البئر (١٦) يلتصق بشفيرها (١٧) ، ولا يذهب (١٨) غورا ، فإن الاتصال بالكل هناك أقرب مسافة ولكان الحجر يصعد ، لو توهمنا إن كليته زال عن موضعه. فكان (١٩) حينئذ لا يخلو إما أن يكون بالطبع ، يميز جهة دون جهة ، (٢٠) وهذا محال ، أو يكون قد انفعل عن الكلية انفعالا آخر من جهة أخرى ، فتكون حركته إلى الكلية ليس عن طباعه ولكن تجذب الكلية إياه. وقد فرضنا حركته طبيعية ، وعلى أنه يستحيل أن يفعل الشيء فى شبيهه فعلا وأثرا بالطبع ، من حيث هو شبيهه (٢١) إلا بالعرض ، ولكانت الأرض الصغيرة كالمدرة أسرع انجذابا من الكبيرة.

فالذى يجب أن يعتقد فى هذا ، هو أن الحركة الطبيعية تطلب الحيز الطبيعى وتهرب من غير الطبيعى ، لا مطلقا ولكن مع ترتيب من أجزاء الكل مخصوص ، ووضع مخصوص من الجسم الفاعل للجهات. فإن (٢٢) الجهة عينها (٢٣) غير

__________________

(١) تلك .... إلى : ساقطة من م (٢) فيشتبه : فيشبه ط.

(٣) وقوف : وفوق م (٤) ولما طفا على الأرض : ساقطة من سا.

(٥) لو توهم : وتوهم م

(٦) حيز (الأولى) : حجر د

(٧) فوجد : نوجب م. (٨) ما تطلب : ساقطة من م

(٩) مساوقتها : مساوقته سا (١٠) إليه : إليها ط.

(١١) حبسناه : احتبسناه سا. (١٢) الجسم (الثانية): + الطبيعى ط ، م.

(١٣) لكان : فكان م. (١٤) يشتمل : يشمل ط.

(١٥) فلك : ذلك ط ؛ الفلك م. (١٦) البئر : + بل د (١٧) بشفيرها : بشفيرتها ط

(١٨) ولا يذهب : فلا نذهب ط. (١٩) فكان : وكان د.

(٢٠) دون جهة : ساقطة من م. (٢١) شبيهه : شبهه ب ، د ، ط. (٢٢) فإن : وإن م

(٢٣) عينها : عنه د ؛ عليها ط.

٣٠٦

مقصودة إلا لأجل كون هذا المعنى فيها ، وإن الكلية التي لكل بسيط ليست مقصودة فى الحركة الطبيعية التي لأجزائها بذاتها ، ولكنها موضوعة (١) حيث المقصود ، بل المقصود ما ذكرناه. فالطلب يتوجه إلى هذه الغاية المتحققة فقط ، ولا يصح إلى (٢) غيرها. وأما الهرب فيصح من مقابلاتها أيها (٣) اتفق ، فإنه إذا كان المكان غير طبيعى ، وإن كان الترتيب طبيعيا هرب منه (٤) الهواء المنتشف المحصور فى آجرة (٥) مرفوعة فى الهواء ، فإن الآجرة (٦) تنشف الماء من أسفل لشدة (٧) هرب الهواء عن محيط غريب ، واستحالة وقوع الخلاء ، ووجوب تلازم الصفائح ، فيخلفه (٨) الماء فى مسام الآجرة (٩) متصعدا فيها ، لهرب (١٠) الهواء عنها ، وإن كان الترتيب فى البعد والقرب قريبا من الواجب ، وكهرب الماء من الهواء ، وإن كان المكان طبيعيا ، وليس (١١) الترتيب حاصلا. وبالحرى أن نعرف هل الهرب هو الذي يحركه أو الطلب (١٢). لكنه لو كان (١٣) الأمر ليس إلا الهرب ولا طلب ، لم تتعين جهة إليها الهرب دون الطلب ، وحال الماء مثلا فى أن طبيعته تحدث ميلا فى جوهره ، وذلك الميل يحدث ميلا واندفاعا فيما يلاقيه ، لو لا أنه أحدثه فى نفسه لم يحدث الميل عنه فى غيره ، كحال الماء فى أنه إنما تفعل صورته الطبيعية التبريد فى غيره مما (١٤) يفيض عنها من برد فى جسمها التي هى فيه ، لو لم يفض ذلك أولا فيها لم يبرد (١٥) غيره ، وإن بقيت الصورة. وإذا (١٦) استفاد حرارة غريبة ، فعل ضد فعله (١٧) فأحرق ، وكذلك (١٨) إذا اشتدت سخونته ، عرض فيه العرض الذي توجبه صورة النارية ، فيفعل فعل (١٩) النار من الإحراق والصعود فأحرق وصعد. فلا يوجب ذلك أن يكون فى هذا الجسم قوتان يتضاد (٢٠) مقتضاهما ، إحداهما تلك الصورة ، والأخرى هذا العارض ، وذلك لأن تلك الصورة لا تقتضى الحركة والإحراق اقتضاء أوليا ، بل بوساطة عارض ، وهو الذي بطل ، وحصل ضده الذي هذا الفعل يصدر عنه صدورا أوليا. فإن الصورة أيضا إنما هى مبدأ للحركة إلى فوق ، بوساطة (٢١) عارض يشبه أن يكون (٢٢) بالقياس إليها ملكة وقتية ، وهو الميل.

ولا يجب أن نظن ، أن ذلك ليس لأجل العارض ، بل لما يخالط الماء مثلا من ناريات. تلك الناريات تتقضى وتفارق (٢٣) وتصعد ، ويبقى (٢٤) الماء باردا. ولو كان كذلك لكان يجب إذا طبخنا الماء والدهن أن يتصعد الدهن (٢٥) أولا ،

__________________

(١) ولكنها موضوعة : ولكنه موضوع سا ، ط. (٢) إلى : ساقطة من سا (٣) أيها : ساقطة من د.

(٤) منه : عنه سا ، ط ، م ؛ + ميل سا ، ط ، م

(٥) آجرة : جرة م (٦) الآجرة : الجرة م.

(٧) لشدة : الشدة ط (٨) فيخلفه : فيتخلفه سا.

(٩) الآجرة : الجرة سا ، م (١٠) لهرب : الهرب ط.

(١١) وليس : إذ ليس سا ، ط ، م.

(١٢) أو الطلب : أم الطلب م (١٣) كان : + الأمر ط.

(١٤) مما : بما سا. (١٥) يبرد : برد د

(١٦) وإذا : فإذا ط. (١٧) فعله : فعلته د ؛ ساقطة من م

(١٨) وكذلك : ولذلك سا ، ط ، م. (١٩) فيفعل فعل : يفعل د ؛ ففعل فعل سا.

(٢٠) يتضاد : يتضادان فى ط. (٢١) بوساطة : لوساطة م

(٢٢) يكون : ساقطة من م. (٢٣) وتفارق : فتفارق سا

(٢٤) ويبقى : فتبقى سا ، ط ، م.

(٢٥) أن يتصعد الدهن : ساقطة من د.

٣٠٧

لأنه أقبل لطبيعة النار ولمخالطتها والاستحالة إليها. وعلى أنه (١) من الجائز أن تكون بعض الأجسام المقسورة (٢) تتحرك إلى خلاف الطبيعة لمخالط غالب ، وبعضها لنفس تأكد هذه الاستحالة ، كما فى البخار المائى ، فإنه لو كان (٣) للنارية للزم ما قلناه. وأنت تعلم أنه لا علة ولا سبب لامتناع النارية من التخلص عن الماء ، حتى يحتاج إلى أن يستصحب الماء ، اللهم إلا أن يكون الماء صار بحيث يتحرك نحو حركتها موافقة (٤) لها ، لكنه بالحرى أن يبرهن على أن لكل جسم حيزا يخصه.

[الفصل الحادى عشر]

ك ـ فصل (٥)

فى اثبات أن لكل جسم (٦) حيزا واحدا طبيعيا وكيفية وجود الحيز

لكلية جسم ولأجزائه وللبسيط والمركب (٧)

نقول (٨) : إن كل معنى ، وكل صفة للجسم ، لا بد لذلك الجسم من أن يكون له ، فإن له منه شيئا طبيعيا. وهذا مثل الحيز ، فإنه لا جسم إلا ويلحقه أن يكون له حيز إما مكان ، وإما وضع ترتيب (٩). ومثل الشكل ، فإن كل جسم متناه ، وكل متناه فله شكل ضرورة ، وإن كل جسم فله كيفية ما أو صورة غير الجسمية لا محالة ، لأنه لا يخلو إما أن يسهل قبوله للتأثير والتشكيل ، أو يعسر ، أو لا يقبل. وكل هذا شيء غير الجسمية.

وقد يمكن أن نبين ملازمة الجسم لكيفيات أخرى فنقول : إن هذه الأشياء وما يجرى مجراها ، لا بد (١٠) أن يكون للجسم منها شيء طبيعى ضرورى ، وذلك لأن الواقع بالقهر والقسر عارض بسبب يعرض من خارج. وجوهر

__________________

(١) أنه : أن سا

(٢) المقسورة : المقصورة ط.

(٣) لو كان : لون د.

(٤) موافقة : موافقا سا.

(٥) فصل : فصل آب ؛ الفصل الحادى عشر ط ، م.

(٦) جسم : الجسم ط.

(٧) والمركب : وللمركب سا ، ط ، م.

(٨) نقول : فنقول ط.

(٩) ترتيب : وترتيب ط.

(١٠) لا بد : + من سا.

٣٠٨

الشيء قد يمكن أن يعقل (١). ولا تعرض له (٢) الأسباب التي لوجوده منها بد ، إلا ما كان منها لازما لطباعه. وليس واجبا ضرورة أن يكون الجسم لا يعقل ، إلا ويلحقه فعل قاسر (٣) فيه. فإذا كان كذلك ، فطبيعة الجسم قد يمكن أن يفرض موجودا ، وهو على ما هو (٤) عليه فى نفسه ، وليس يقسره قاسر. وإذا (٥) فرض كذلك بقى وطباعه ، وإذا بقى كذلك (٦) ولم يكن بد من أن يكون له أين وشكل ، وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون له من طباعه أو من سبب (٧) خارج.

لكنا (٨) قد (٩) فرضنا أنه لا سبب من خارج ، فبقى (١٠) أنه (١١) من طباعه ، والذي من طباعه يوجد له ، ما دامت طبيعة موجودة ولم يقسر ، فإن (١٢) كانت طبيعته بحيث تقبل القسر ، أمكن أن يزول ذلك عنه بالقسر ، وإن كانت طبيعته بحيث لا تقبل القسر لم يزل ذلك عنه بالقسر.

فإن قال قائل : إنه يجوز أن يكون كل قاسر يرد فإنه يعطى شكلا ومكانا ، ثم (١٣) يبقى ذلك ، فلا يزول إلا بقاسر آخر يرد (١٤) فلا يخلو دائما عن قاسر على التعاقب ، كما لا يخلو عن الأعراض بالتعاقب. وليس يلزم من (١٥) ذلك أن يكون واحد منها ذاتيا لا تفارقه.

فنقول : إن الجسم تعرض له الأعراض التي ليست (١٦) بلازمة على وجهين : أعراض تلحقه (١٧) فى ذاته ، وأعراض (١٨) تلزمه (١٩) من مجاوراته. مثل كونه فوق وتحت ومماسا ومحاذيا ، والأعراض التي تلزمه لمجاوراته (٢٠) لا تكون ضرورية له باعتبار ذاته. والأعراض الأخرى فإنه لا يجب أن يخلو (٢١) منها ، بل يجوز أن يكون فيه عدمها فقط ، ولو كانت مما يستحيل خلوها عنه ، بحيث لا يقوم إلا بوجود شيء منها فيه ، لكانت صورا لا أعراضا ، بل الأعراض هى التي تعرض بعد تجوهر الشيء بحيث يجوز أن يوجد الشيء ، وكل واحد منها (٢٢) معدوم ، فيمكن فرض جوهر الجسم دون شيء البتة منها. وأما المجاورات والمماسات وما يجرى مجرى ذلك ، فليس تلزم الجسم لطبيعته ، بل لوجوده مع جسم آخر. فليس إذن يجب لا محالة أن يكون الجسم لذاته ، حاملا بالفعل لحال مما لا (٢٣) يقوم ماهيته ، ولا يلزم (٢٤) ما يقوم ماهيته ، فقد انحل التشكك (٢٥).

__________________

(١) يمكن أن يعقل : يكون أن الفعل د

(٢) له : + من م. (٣) قاسر : بالقسر ط.

(٤) وهو على ما هو : وهى على ما هى سا

(٥) وإذا : فإذا ط. (٦) كذلك : ذلك سا

(٧) سبب : + من ط ، م.

(٨) لكنا : لكنه ب ، د ، م

(٩) قد : ساقطة من م (١٠) فبقى : فيبقى م

(١١) أنه : أن يكون له سا ، ط ، م.

(١٢) فإن : وإن سا ، ط. (١٣) ثم : ساقطة من د.

(١٤) يرد : ساقطة من ط (١٥) من : ساقطة من ب ، د.

(١٦) ليست : لبس ط ، م (١٧) أعراض تلحقه : ساقطة من د

(١٨) وأعراض : أو أعراض ط. (١٩) تلزمه : تلزم د ؛ تلحقه ط ، م

(٢٠) لمجاوراته : بمجاورته ط. (٢١) يخلو : لا يخلو د ، ط.

(٢٢) منها : فيها ط ، م. (٢٣) مما لا : ما لا سا

(٢٤) ولا يلزم : ويلزم سا. (٢٥) التشكك : التشكيك ط.

٣٠٩

وحال القواسر حال هذه الأعراض ، لأن القواسر لا تقوم ماهيته ، ولا تلزم ما يقوم ماهيته. فإن القاسر هو الذي يرد من خارج ، فيفيد حالا لولاه لما كان لذلك الجسم تلك الحال. وليس شيء من هذه واجبا أن يكون من الماهية أو لازما للماهية ، فتوهم الجسم ولا قاسر يقسره ، ليس ممتنعا بالقياس إلى طبيعة الجسم ، وتوهم الجسم غير ذى أين يخصه أو حيز ممتنع بالقياس إلى طبيعة الجسم (١). فالجسم تلزمه فى طبيعته التي له أن يكون (٢) له حيز ، ذلك الذي لو لا القاسر الذي يجوز أن لا يكون ، لكان له. وكذلك الشكل ـ ـ والكيف وغير ذلك ، وكذلك وضع الأجزاء إن كان له أجزاء بالفعل. فكل (٣) جسم ، فله حيز طبيعى ، فإن كان ذا مكان كان حيزه مكانا.

ولقائل أن يقول : إن الأرض جرم (٤) بسيط وتقتضى طبيعته اليبس (٥) الذي فيه ، فلا يخلو إما أن يقتضى له شكلا أو لا يقتضى ، فإن اقتضى له شكلا فيجب أن يقتضى شكلا (٦) مستديرا لبساطته ، فحينئذ إما أن يكون اليبس يساعد مقتضى طبيعته ، فيجب أن تكون الأرض إذا سلب جزء منها الشكل المستدير بأن يشكل شكلا (٧) آخر ، أن يعود بطبيعته فيستدير. وليس الموجود كذلك ، وإن كان اليبس يمنع ذلك ، ويجول بين طبيعة ذلك الجزء ومقتضاه واليبس صادر عن طبيعته ، فيجب أن تكون طبيعة واحدة تقتضى معنيين متفاوتين (٨) متقابلين ، وليس هذا بجائز.

فنقول إن اليبس إنما يفيض (٩) عنه ليحفظ ما تقتضيه طبيعته من الشكل الطبيعى حفظا قويا جدا ، فإذا حفظ شكله ، لزم من ذلك أن يحفظ فى كل جزء ما توجبه طبيعته إيجابا أوليا من انبساط (١٠) الذاهب إلى شكله. فإذا ثلم شيء من شكله بقسر القاسر ، لم يكن للباقى (١١) منه حس وشعور (١٢) بما حدث ، بل كان عليه أن يستحفظ ما (١٣) أوجبته الطبيعة. وإن (١٤) عادت الطبيعة فأوجبت انبساطا آخر كانت الطبيعة هى المناقضة لموجبها الأول ، فكان (١٥) حينئذ مقتضى الطبيعة بهذه (١٦) الحال ، ضد مقتضاها الأول ، ومخالفا لمقتضى اليبس الذي تقتضيه الطبيعة. ولا يبعد أن تكون الطبيعة تقتضى فى حال عارض ، أمرا مناقضا ومقابلا لما تقتضيه فى حال كونه سالما. فليس إذن المقتضيان (١٧) متضادين متمانعين (١٨) صادرين عن قوة واحدة بحال واحدة حتى يكون محالا ، بل أحدهما يصدر عن القوة وهى على حالها (١٩)

__________________

(١) تلك .... الجسم : ساقطة من م.

(٢) يكون : ساقطة من م. (٣) فكل : وكل د.

(٤) جرم : جسم م (٥) اليبس : ليس ط.

(٦) شكلا (الثالثة) : ساقطة من م.

(٧) شكلا : تشكلا م ؛ ساقطة من م. (٨) متفاوتين : ساقطة من م.

(٩) يفيض : يقتضى سا. (١٠) انبساط : انبساطه م.

(١١) للباقى : الثاني ط ؛ الباقى م (١٢) وشعور : شعور ب ، د ، م

(١٣) ما : لما سا. (١٤) وإن : فإن سا (١٥) فكان : وكان ط.

(١٦) بهذه : فهذه ب ؛ بهذا ط. (١٧) المقتضيان : مقتضيان م.

(١٨) متضادين متمانعين : بمتضادين متمانعين ط ، سا ؛ متضادان متمانعان م

(١٩) حالها : حالتها ط ، م.

٣١٠

الطبيعية ، والآخر (١) يصدر عنها وهى بحال غير طبيعية. وذلك مثل السكون يعرض (٢) عن الطبيعة إذا كانت على حال (٣) طبيعية ثم تعرض عنها الحركة إذا كانت بحال غير طبيعية. وأما الجزء (٤) من عنصر غير الأرض ، إذا استحال إلى الأرض ، فاستحال أول استحالته إلى شكل غير كرى (٥) ، فذلك لموانع من خارج ، ولاختلاف (٦) الأجزاء فى التكون أرضا ، اختلافا (٧) فى التقدم والتأخر والمجاورات.

وإذ قد أوضحنا غرضنا هذا ، فبالحرى أن نبين أن المكان الطبيعى كيف يكون للجسم ، وكيف يكون للبسيط منه وللمركب. ونقول : إنه يخلق (٨) بنا أن نعرف أنه (٩) هل يجوز أن يكون جسم من الأجسام له مكانان طبيعيان أو مكان واحد وله جسمان يسكنانه (١٠) بالطبع ، وأن نعرف حال الأجسام (١١) البسيطة التي لها أجزاء متمايزة ولكل واحد منها مكان آخر بالعدد يخصه لا محالة ، فيكون لكل واحد منها (١٢) مكان طبيعى غير الذي للآخر ، أنه (١٣) كيف يصير مكان هذا غير مكان ذلك ، ويختص به دون الآخر ، وكيف تشبه (١٤) تلك الأمكنة إلى المكان (١٥) الذي للكل. وأن نعرف حال الجسم المركب فى إنية الطبيعى ، فإن له مكانا طبيعيا لا محالة ، فما ذلك المكان. فإنه إن كان مكان جزء واحد ، كانت الأجزاء الأخرى فى غير مكانها.

فنقول : إنه لا يجوز أن يكون لجسم واحد مكانان طبيعيان ، إلا على جهة أن فى جملة مكان الكل أحيازا بالقوة ، أيها وقع فيه بسبب مخصص كان طبيعيا له ، كالمدرة ، فإن أقرب حيز من حيز الأرض يليها هو طبيعى لها ، والأبعد لو حصل فيه لكان يصير أيضا أقرب وكان (١٦) طبيعيا لها. فأما (١٧) مكانان يتباينان (١٨) ، فليس يمكن ذلك ، فإن مقتضى الواحد بالشخص من حيث هو واحد بالشخص أمر واحد بالشخص ، ومقتضى الكل المتشابه الأجزاء جملة مقتضى جميع الأجزاء ، والأجسام (١٩) المتشابهة الطبائع لا يستحيل عليها الاتصال لطبيعتها ، بل إن استحال فإنما يستحيل لعرض (٢٠) يعرض ، وهى فى طبيعتها بحيث يجوز عليها أن لو كانت متصلة (٢١). وإذ لا يستحيل اتصالها (٢٢) فكيف يستحيل تماسها (٢٣) ، ولو اتصلت وتماست (٢٤) لم يعرض شيء مستحيل ، وإذا اتصلت وتماست كانت الجملة ، وهى تطلب (٢٥) المكان الطبيعى من حيث هى (٢٦) طبيعة (٢٧) واحدة هى (٢٨) جملة هذه الطبائع ، بل هذه الجملة من الطبائع (٢٩). فيجب (٣٠) أن تطلب

__________________

(١) والآخر : والأخرى ب ، د ، سا (٢) يعرض : يحدث سا. (٣) حال : حالة ط ؛ ساقطة من د

(٤) الجزء : جزء ب ، د ؛ الجنس سا. (٥) كرى : جزى سا ؛ كروى ط (٦) ولاختلاف : لاختلاف ط.

(٧) فى التكون أرضا اختلافا : ساقطة من م. (٨) يخلق : يخلو م

(٩) أنه : ساقطة من ط. (١٠) يسكناته : يسلبانه سا

(١١) الأجسام : ساقطة من م. (١٢) منها (الثانية) : ساقطة من م

(١٣) أنه : ساقطة من ط. (١٤) تشبه : تشتبه ط

(١٥) إلى المكان : للمكان سا. (١٦) وكان : فكان ب

(١٧) فأما : وأما سا ، ط ، م (١٨) يتباينان : متباينان سا ، ط ، م.

(١٩) والأجسام : والأجزاء سا. (٢٠) لعرض : يعرض ط

(٢١) متصلة : + واحدة ط (٢٢) اتصالها : اتصالا م.

(٢٣) تماسها : تماسهما ط (٢٤) وتماست : أو تماست ط

(٢٥) تطلب : تطلب تطلب م. (٢٦) هى (الأولى) : ساقطة من م

(٢٧) طبيعة : طبيعية د (٢٨) هى (الثانية) : وهى م (٢٩) الطبائع : الطباع د (٣٠) فيجب : يجب ط.

٣١١

جملة من الحيز ، هى حيز هذه الجملة ، بل هذا الحيز لهذه الجملة (١) كأنه جملة تجتمع من أحياز واحد واحد. فإذن الأجسام المتشابهة الطبائع ، فإن أحيازها كأنها أجزاء حيز واحد ، ويكون لجسم معين من تلك الجملة حيز يتعين له من تلك الجملة (٢) لعلة تلك العلة (٣) (٤). أما وجوده فيه أولا عند ما حدث وهو موافق له في الطبع ، فوجب لزومه ، وأما اختصاصه بالقرب ، فإن النار إنما تتحرك إلى فوق إلى جزء من حيز (٥) كلية النار بعينه ، لأنه هو أقرب إليه.

ولسائل أن يسأل إنا لو توهمنا النار في مركز الفلك ، لا ميل لجزء منها إلى جهة ، فإذا كان يعرض لها في طبعها ، أسكون بالطبع وذلك محال ، أو حركة (٦) إلى جهة ولا مخصص لجهة.

فنقول : كان يعرض لها سكون (٧) ، ولكن بالقسر ، لأنها كانت تقتضى أن تفرج عن فرجة في واسطتها تنبسط عنها إلى الجهات بالسواء ، إلى أن يلقى كل جزء من المنبسط ما هو أقرب إليه من المكان الطبيعى. لكن الهواء المحيط وغير ذلك كان حينئذ لا يمكنها من أن تداخلها (٨) نافذة (٩) من النفوذ ، إذ هذا النفوذ لا يتأنى بالخرق ، لأن الخرق يكون من جهة دون جهة ، وهذا انبساط في كل جهة ، فتكون ساكنة بالقسر. وأيضا فإن الخلاء مما لا يجوز أن يحدث في الوسط عند الخراقة (١٠) ، وهذا القسر قسر عارض (١١) عن الطبع ، وهو عجيب جدا ، فإن الطبع يقتضى أمرا صار غير ممكن لعارض (١٢) عرض ، فأدى ذلك إلى حكم غريب. ونحن لا ندرى استحالة هذا العارض ، ولا نمنعها لأنا لم ندر (١٣) بعد استحالة المعروض في الموضوع مقدما ولا نمنعها (١٤) ، ولكن إذا جاز المقدم جاز التالى ، فإن (١٥) امتنع التالى امتنع المقدم. فقد ظهر أنه كيف يكون للجسم الواحد مكان واحد بالطبع ، أو حيز واحد بالطبع ، وأنه كيف نسبة حيز الكل إلى حيز الأجزاء بعضها إلى بعض ، وهذا (١٦) للبسائط. وأما للمركبات (١٧) ، فإن تركيبها لا يخلو إما أن يكون عن بسيطين ، أو عن (١٨) أكثر من بسيطين ، فإن كان عن بسيطين ، فإما أن يكونا متساويين ، القوة أو أحدهما أغلب ، فإن كانا متساويين في القوة (١٩) ، ولم يتفق أن كان وضع أحدهما بحذاء جهة الآخر (٢٠) تفرقا ، ولم يحتبسا ، إلا بقسر جامع وإن (٢١) تواجهت حركاتهما (٢٢) وبعد كل (٢٣) من مكانه (٢٤) كبعد الآخر تقاوما (٢٥) ، وقسر كل واحد (٢٦) الآخر توقفا إلا أن يطرأ

__________________

(١) الجملة : الجهة سا. (٢) الجملة : الجهة سا

(٣) لعلة تلك العلة : ساقطة من سا (٤) تلك العلة : ساقطة من د.

(٥) حيز : ساقطة من سا. (٦) أو حركة : أم حركة م.

(٧) سكون : السكون ط ، م. (٨) تداخلها : + العقلة ط

(٩) نافذة : نافذا د ، سا ، ط. (١٠) الخرافة : انخراقه د ، م

(١١) عارض : خارج سا. (١٢) لعارض : العارض سا.

(١٣) لم ندر : لا ندرى ط (١٤) ولا نمنعها : ساقطة من سا

(١٥) فإن : وإن سا ، ط ، م. (١٦) وهذا : وهذه ط

(١٧) للمركبات : المركبات سا ، م. (١٨) عن (الثانية) : ساقطة من سا ، م.

(١٩) فى القوة : بالقوة ط (٢٠) الآخر : الأخرى ب ، د.

(٢١) وإن : فإن ط (٢٢) حركاتهما : حركتاهما د ، سا ، ط ، م

(٢٣) كل : + واحد سا ، ط (٢٤) مكانه : فكان ط (٢٥) تقاوما : تقاربا م (٢٦) واحد : + منهما ط.

٣١٢

على أحدهما معين ، أو يكونا في الحد المشترك بين الحيزين فيجوز أن تقفا فيه بالطبع ، وإن (١) غلب قوة أحدهما والقسر على المراح (٢) حاصل ، كان (٣) المكان للطبيعى مكان الغالب ، وإن كان أكثر من بسيطين وفيهما (٤) غالب فالحيز للغالب ، وإن تساوت غلب البسيطان اللذان جهتهما واحدة بالقياس إلى الموضع (٥) الذي فيه التركيب وحصل المركب فى أقرب الحيزين من حيز وقوع التركيب ولم يتجاوزه. إذ الجذب عنه إلى الجانبين سواء ، والإمساك فيه عن البسيط الذي يطلب ذلك الحيز لا يبطله تخالف الجذبين. وعسى أن لا يصح امتزاج من الأجسام البسيطة يتلازم به ، إلا وهناك غالب يجمع ويقسر الأجزاء الأخرى ، مانعا إياها عن الحركة إلى أحيازها الخاصة ، أو تكون الأجزاء قد تصغرت تصغرا لا يمكنها أن يفعل في الأجسام التي بينها وبين كلياتها خرقا ، أو يكون قوة قاسرة على الاجتماع غير قوى تلك البسائط.

فلنبين الآن (٦) أن لكل جسم طبيعى مبدأ حركة طبيعية ، حتى يكون لكل جسم حركة طبيعية وأنه على نوع واحد فقط.

[الفصل الثاني عشر]

ل ـ فصل (٧)

فى اثبات أن لكل جسم طبيعى مبدأ حركة وضعية أو مكانية

نقول : إن كل (٨) جسم لا يخلو إما أن يكون قابلا للنقل عن موضعه الذي هو فيه بالقسر ، أو غير قابل. فإن كان قابلا للنقل عن موضعه الذي هو فيه ، فإما أن يكون له في جوهره ميل إلى حيز ، أو لا يكون له ميل إليه البتة (٩). لكن كل (١٠) جسم فله مكان طبيعى ، أو حيز طبيعى تقتضى طبيعته الكون فيه ، وإنما خالف سائر الأجسام في

__________________

(١) وإن : فإن د ، سا.

(٢) المراح : المزاح د ؛ المرج سا ، ط ؛ المزح م

(٣) كان : + عن ط ، م

(٤) وفيهما : وفيها م.

(٥) الموضع : الموضوع ط.

(٦) الآن : ساقطة من د.

(٧) فصل : فصل ب ؛ الفصل الثاني عشر ط ، م.

(٨) كل : لكل م.

(٩) البتة : ساقطة من د

(١٠) كل : لكل ط.

٣١٣

ذلك لا بجسميته (١) ، بل لأن فيه مبدأ أو قوة معدة نحو ذلك المكان. فإن (٢) كانت تلك القوة مقتضية لذلك المكان ، وجرميته (٣) غير ممتنعة بما هى جرمية (٤) عن الانتقال والحركة ، فلا مضادة (٥) فيه لقوته ، ولا لمقتضى (٦) قوته تقتضى حيزا آخر. لأنه لا يجوز أن يكون في جسم واحد غير مختلف الأجزاء قوتان تتضادان (٧) وتقتضيان (٨) فعلين متمانعين ، إذ القوى كونها قوى بحسب فعلها ، وإذا تمانعت أفعالها ، تمانعت طبائعها ، فاستحالت (٩) أن تكون معا لجسم (١٠). فإن الجسم الذي فيه قوة ما ، هو أن فيه مبدأ فعل ما يصدر (١١) لا محالة إن لم يكن عائق ، وإن (١٢) لم يكن الجسم بحيث يصدر عنه ذلك الفعل ، إن لم يمنع مانع من خارج ، فليس فيه تلك القوة ، وإذا (١٣) كان (١٤) فيه قوتان تتضادان ، صح صدور فعلين متضادين ، وهذا محال. فإذن من المحال أن يكون في جسم بسيط مفرد (١٥) ، أو في غالب جسم مركب ، قوتان : واحدة تقتضى مكان والأخرى تمنع عنه. ثم الجسم قابل للحركة من مقتضى الحركة ، فيلزم أن الجسم إذا قسر على مفارقة مكانه الطبيعى (١٦) ، أن يتحرك إلى مكانه الطبيعى ، عند ما يفارق القاسر من خارج. ومما يبين هذا (١٧) آن كل جسم ليس فيه مبدأ ميل ما ، فإن نقله عما هو عليه من أين أو وضع يقع لا في زمان ، وذلك محال ، بل يجب أن يكون كل جسم يقبل تحريكا وإمالة طارئة ، ففيه مبدأ ميل طبيعى في نفس ما يقبله ، كان أينا أو وضعا.

ولنعين الكلام على (١٨) التحريك المكانى (١٩) على سبيل إيضاح المقصود فيما (٢٠) هو أظهر ، وإن كان المكانى والوضعى فى مذهب البيان واحدا (٢١). إن (٢٢) الأجسام الموجودة ذوات الميل ، كالثقيلة ، والخفيفة. أما الثقيلة فما يميل إلى أسفل ، وأما الخفيفة فما (٢٣) يميل إلى فوق. فإنها كلما ازدادت ميلا كان قبولها للتحريك النقلى أبطأ ، فإن نقل الحجر العظيم الشديد الثقل أو جره ، ليس كنقل الحجر الصغير القليل الثقل وجره (٢٤) ، وزج الهواء القليل في الماء ، ليس كزج الهواء الكثير. وأما ما يعترى الأجسام الصغيرة. مثل الخردلة ومثل التبنة ونحاتة الخشب ، من أنها لا تنفذ عند الرمى فى الهواء نفوذ الثقيل ، فليس السبب فيه أن الأثقل أقبل للرمى والجر ، بل لأن بعض هذه لصغرها لا يقبل من الدافع قوة محركة لها ولما يليها يبلغ من شدتها أنها يقدر بها على خرق الهواء ومع ذلك فيكون سريع الاستحالة

__________________

(١) بجسميته : لجسميته سا ؛ بجسميه ط. (٢) فإن : فإذا سا (٣) وجرميته : وجرمية ط.

(٤) جرمية : جزء منه د (٥) فلا مضادة : ولا مضادة سا

(٦) لمقتضى : مقتضى سا. (٧) تتضادان : متضادان ط

(٨) وتقتضيان : أو تقتضيان سا ، ط ، م.

(٩) فاستحالت : فاستحال د ، م (١٠) لجسم : للجسم ط. (١١) يصدر : + عن ه ط

(١٢) وإن : فإن سا. (١٣) وإذا : فإذا سا ، ط ، م

(١٤) كان : كانت سا ، ط. (١٥) مفرد : منفرد م.

(١٦) أن ... الطبيعى : ساقطة من سا. (١٧) هذا : + أيضا أن يتبين سا ، ط ، م.

(١٨) على : أولا في سا ، ط ، (١٩) المكانى : + أولا م

(٢٠) فيما : بما م. (٢١) واحدا : + فنقول ط (٢٢) إن : لأن د.

(٢٣) فما : فمما ط.

(٢٤) وجره : أوجره ط ، م.

٣١٤

إلى البطلان من السبب الذي يعرف في موضعه ، وهو السبب الذي يبطل القوى المستفادة العرضية من القوى المحركة. كما أن الشررة (١) تطفأ من السبب الذي يبطل الحرارة المستفادة قبل النار الكثيرة ، وبعضها يكون متخلخلا لا يقدر على خرق الهواء ، بل يداخله الهواء الذي ينفذ فيه ، ويكون سببا لإبطال قوته المستفادة. فإنك ستعلم أن مقاومة المنفوذ فيه ، هو المبطل لقوة الحركة (٢) ، وهذا كالنار المتخلخلة ، والماء المتخلخل (٣) ، فإنه أقبل للاستحالة. ولو كان السبب في قبول (٤) الرمى (٥) الأنفذ (٦) هو الكبر وزيادة الثقل ، لكان كلما (٧) ازداد المرمى ثقلا وكبرا ، كان أقبل للرمى (٨).

والأمر بخلاف ذلك ، بل إذا اعتبر الثقل والخفة ، ولم تعتبر أسباب أخرى ، كان الأقل (٩) مقدارا أقبل للتحريك القسرى وأسرع حركة ، فتكون (١٠) نسبة مسافات (١١) المتحركات بالقسر ولها ميل طبيعى ، ونسبة أزمنتها ، على نسب الميل إلى الميل. لكن النسبة في المسافات بعكس النسبة في الأزمنة. أما في المسافات فيكون الأشد ميلا أطول مسافة ، وأما في الزمان فيكون ذلك أقصر زمانا. وإذا لم يكن ميل أصلا ، وتحرك المقسور في زمان ، ولذلك الزمان نسبة إلى زمان حركة ذى الميل بالقسر ، وتكون على نسبة ميل ، لو وجد إلى ميل ذى ميل المتحرك بالقسر ، فيكون قبول ما لا ميل فيه أصلا للقسر كقبول ذى ميل ممّا لو وجد ، فيكون الذي لا مانع له على نسبة وذى (١٢) مانع ممّا (١٣) لو وجد ويعرض ، مثل ما قلنا في باب الخلاء من الخلف ، وعلى ذلك الوجه بعينه.

ومما يبين ذلك ، أن المقسور على الحركة المستقيمة أو المستديرة يختلف عليه تأثير الأقوى والأضعف ، وإذا اختلف ذلك (١٤) ، فظاهر أن القوى مطاوع ، والضعيف (١٥) معاوق. وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم ، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله من المكان أو الوضع (١٦) ، وهذا هو المبدأ الذي نحن في بيانه. وكل جسم ينتقل بالقسر ففيه مبدأ ميل ما ، أما الانتقال المكانى فقد بيناه ، وأما الانتقال القسرى الوضعى فلأن ذلك الجسم إن كان قابلا للنقل عن مكانه فقد ظهر ، وإن كان غير قابل فله لا محالة قوة بها يثبت في مكانه وتلزمه وتختص به وهى (١٧) غير جسمية.

فنقول : إن هذا الجسم فيه مبدأ حركة أيضا ، وسنبين (١٨) إذا اعتبر قريبا (١٩) مما اعتبر به أمر الجسم القابل للنقل عن موضعه ، وذلك لأن له وضعا ما بالعدد فيما يحويه ، أو حول ما هو يشتمل (٢٠) عليه أو في ذلك وحول هذا. فلا

__________________

(١) الشررة : الشرر سا. (٢) لقوة الحركة : للقوة المحركة ط

(٣) والماء المتخلخل : ساقطة من سا. (٤) قبول : قول د

(٥) الرمى : المرمى ط (٦) الأنفذ : الأبعد ب ، د ؛ الأكبر سا

(٧) كلما : كما ط (٨) للرمى : لمرمى ط.

(٩) الأقل : الأول سا. (١٠) فتكون : وتكون سا

(١١) مسافات : مساواة ط. (١٢) وذى : ذى م

(١٣) ما : ساقطة من م. (١٤) وإذا ... والضعيف : ساقطة من م.

(١٥) ذلك : ساقط من سا. (١٦) أو الوضع : والوضع سا.

(١٧) وهى : وهو ط. (١٨) وسنبين : ويستبين ط ، م.

(١٩) اعتبر قريبا : ساقطة من د. (٢٠) يشتمل مشتمل م ؛ + هو ط.

٣١٥

يخلو إما أن يكون ذلك له عن علة له (١) في ذاته وعن (٢) صورته الطبيعية (٣) ، أو عن علة خارجة عن الطبيعة. ومحال أن تقتضى ذلك ذاته ، فإن الأجزاء التي تفرض فيه والجهات (٤) المختلفة التي تكون له ، والأجزاء التي تفرض فيما يماسه ، ليس شيء منها أولى بشيء (٥) منها ، أعنى أنه ليس جزء يكون منه في جهة ، أولى بمماسة جزء بعينه إذ الجميع غير مختلف فيه. فطبيعة (٦) الجسم ليس تقتضى ذلك الوضع بعينه ، إذ (٧) المتشابهات لا يستحق بعضها بطبعه (٨) شيئا (٩) من المتشابهات بعينه دون بعض ، بل يكون جميع ذلك جائزا لكل واحد منها. وليس هذا كما يكون لأجزاء (١٠) الأجسام القابلة للتفرق ، فإن كل جزء يفرض فيه (١١) تجده متخصصا بما يخصص به (١٢) ، لأن أول وجوده وقع (١٣) هناك ، أو لأنه أقرب المواضع من موضع وجد فيه أو نقل إليه (١٤) خارجا عن حيزه الطبيعى ، إما لوجود يكون الأول فيه أو وقوع (١٥) الانتقال بقسر إليه ، فيكون اختصاص كل جزء بما هو فيه لا بالطبع المجرد ولا بالقسر ، بل للطبع (١٦) المقترن (١٧) بمعنى مخصص (١٨). وأما الذي لا يقبل مفارقة مكانه ، فليس حكمه هذا الحكم ، ولا يجرى عليه ذلك التأويل.

فإذا كان كذلك ، لا يكون جزء من أجزاء ذلك الجسم متخصصا بما يخصص به بالطبع مفردا ، بل ولا بالطبع (١٩) مقارنا لحالة قسرية أوجبها سبب. ولو كان هناك أيضا شوب من سبب قاسر ومقتض (٢٠) من طبعه أمرا اقتضاء أسباب تخصص (٢١) أجزاء الأسطقسات بأحيازها ، لكان (٢٢) في طبعه أن لا يكون متخصصا به ، لو لم يكن ذلك السبب أو كان ثم زال (٢٣) ، فيكون في طبعه على كل حال وكيف تصير (٢٤) الأقسام جواز أن تكون على تلك المحاذاة (٢٥) والمماسة. وأن لا تكون ، ففى طبعه أن يقبل نقلا في الوضع (٢٦). وقد بينا أن كل قابل نقل عن أمر ما أين أو وضع ففيه مبدأ حركة وميل طبيعى ، فيجب أيضا (٢٧) أن يكون في هذا الجسم مبدأ ميل في الوضع.

واعلم أن المقصود فيما وضح بما (٢٨) شرحناه من البيان ، والمكشوف به عنه هو (٢٩) أن كل جسم تطرأ عليه إمالة ، لم يكن مبدؤها فيه بالطبع ، بل تصدر عن سبب خارج ، أو نفس مواصلة تحرك بحسب القصد وتحدث ميلا لم يكن

__________________

(١) له (الثانية) : ساقط من سا (٢) وعن : أو عن ط (٣) الطبيعة : الطبيعية م.

(٤) والجهات : الجهات م. (٥) بشيء : لشيء ط.

(٦) قطبيعة : بطبيعة م (٧) إذ : أو ط (٨) بطبعه : بطبيعته م (٩) شيئا : أشياء ط.

(١٠) لأجزاء : الأجزاء ط. (١١) فيه : ساقطة من م

(١٢) به : ساقطة من سا ؛ + إما ط (١٣) وقع : موقع م.

(١٤) أو نقل إليه : ساقطة من ب ، د ، ط ، م

(١٥) وقوع : لوقوع سا. (١٦) للطبع : بالطبع ط ، م

(١٧) المقترن : المقرن د. (١٨) مخصص : + له ط.

(١٩) ولا بالطبع : بالطبع سا. (٢٠) ومقتض : أو مقتض سا.

(٢١) تخصص : تخصيص سا (٢٢) لكان : ولكان سا.

(٢٣) أو كان ثم زال : أو زوال ب ؛ أو زال د ، سا ، م (٢٤) تصير : تصرفت ب ، د ، م ؛ تصرف سا

(٢٥) المحاذاة : المجازات د. (٢٦) الوضع : الموضع ط ، م. (٢٧) أيضا : ساقطة من د.

(٢٨) بما : مما ط (٢٩) هو : ساقطة من م.

٣١٦

فى الجسم. فليس يصح أن يتحرك الجسم عن ذلك ، إلا وفيه ميل متقدم ، فإن الكلام في التحريك (١) المبتدأ (٢) الواقع بقصد النفس ، كالكلام في ميله الواقع لسبب من خارج ، فإنك ترى نفس الحيوان يختلف تحريكه (٣) لبدنه والقوة واحدة بحسب ما في بدنه من الميل الثقيل الزائد والناقص ، وتجد للزائد مقاومة ما ، فنجد الكلام قائما. ثم في هذا مباحث يجب أن يرجع فها إلى اللواحق فنجد ما يمتنعك فيها (٤) إن كنت في الإسهاب أرغب.

فقد بان (٥) أن كل جسم طبيعى ففيه مبدأ حركة وأن الجسم الذي لا يفارق (٦) مكانه الطبيعى ففيه مبدأ حركة وضعية مستديرة. ونقول إنه لا يجوز أن يكون في جسم واحد مبدأ حركة مستقيمة ، ومبدأ حركة مستديرة ، حتى يكون إذا كان في موضعه الطبيعى تحرك في الوضع ، وإذا كان في غير موضعه (٧) الطبيعى تحرك إليه على الاستقامة ، لأنه عند ما يتحرك إلى مكانه بعينه بالاستقامة لا يخلو إما أن يكون فيه مبدأ ميل إلى حركة مستديرة ، أو لا يكون ، فإن لم يكن ، فإذا حصل في مكانه الطبيعى ولم يحدث هذا الميل ، وجب من (٨) ذلك أن لا يكون فيه مبدأ حركة مستديرة ، لا في (٩) مكانه ولا خارجا عن مكانه ، وإن حدث فيه هذا الميل ، كان هذا الميل ليس غريزيا له تابعا لجوهره ، بل أمر يحدث له في مكانه الطبيعى ، ولا تكون العلة فيه إلا مماسة لمكانه الطبيعى على وضع ما (١٠) ، أو حصوله في حيز طبيعى على وضع ما ، وتلك المماسة ، وذلك الحصول لا يجب ميلا عن حال إلى مثلها ، بل لا يوجب هربا عن ذاته إلى مثل ذاته فليس إذن موجب (١١) ذلك الميل موافاة الحيز سواء كان أحدث الإيجاب إيجابا بلا توسط طبيعة ، أو أحدثه إيجابا بتوسط طبيعة ، إذا حصل (١٢) جسمها في حيز طبيعى صدر عنها (١٣) حينئذ هذا الميل ، فإن البحث في ذلك كله واحد والكلام واحد. ولا أيضا لك أن تقول : إن النفس المحركة تأخذ هناك في التحريك والإمالة (١٤) أخذ مبتدأ بعد ما لم يكن ، بحدوث القصد والإرادة بعد ما لم يكن. فقد منع هذا أيضا ، وتبين (١٥) أنه غير ممكن أن يقع مثله إلا وهناك مبدأ ميل في الطبع ، فيجب أن يكون ذلك الميل لازما ، وإن كان عن نفس فيكون لزومه (١٦) عن إرادة طبيعية دائمة ، ما دام ذلك الجسم موجودا. ولا يلزم على (١٧) هذا حال المستقيم من أنه تارة يتحرك وتارة يسكن ، يتحرك في غير

__________________

(١) فى التحريك : بالتحريك سا

(٢) المبتدأ : المبدأ ب. (٣) تحريكه : تحريكها م.

(٤) فيها (الثانية) : منها سا ، ط.

(٥) بأن : + لك واتضح سا

(٦) لا يفارق : يفارق م. (٧) موضعه (الثانية) : مكانه بخ ، سا.

(٨) من : ساقطة من م.

(٩) لا في : ولا في ط. (١٠) ما : ساقطة من د ، ط ، م.

(١١) موجب : يوجب ب ، م.

(١٢) حصل : ساقطة من م

(١٣) عنها : عنه ط. (١٤) والإمالة : أو الإمالة سا.

(١٥) وتبين : وبين د ، سا ، م.

(١٦) نفس فيكون لزومه : نفس لزومه ب ؛ نفس له سا ؛ نفس لزومه لزوما ط ؛ نفس لزوم م.

(١٧) على : ساقطة من م.

٣١٧

مكانه ويسكن فى مكانه (١) ، وكلاهما طبيعى له. فكذلك ربما جاز أن يكون هذا الجسم تستقيم حركته فى غير مكانه ، وتستدير حركته فى مكانه (٢) ، ويكونان كلاهما طبيعيين فى اختلاف الحالين. وإنما لا تلزم (٣) هذه (٤) ، لأن الحركة المستقيمة ليست طبيعية (٥) على الإطلاق على ما شرحناه (٦) ، بل الطبيعى هو الأين الذي تقتضيه طبيعة الشيء إذا لم يكن عائق ، فإذا فارق اقتضت هذه الطبيعة الرد (٧) إليه وإلى موضع معين منه ، ويكون المبدأ (٨) فيهما واحدا.

وأما الحركة المستديرة ، فإن المبدأ الذي أثبتنا (٩) أنه يوجبها بالطبع ، يوجبها كيف كان ودائما ، إن كانت طبيعية على الإطلاق ، وإن كانت ليست بطبيعية مطلقة ، بل هى كالمستقيمة التي تقتضيها الطبيعة عند عارض ، كان ذلك (١٠) عند فقدان الوضع الطبيعى ، فيجب أن تقف عند وجدانه. وكان يجب أن يكون الطبيعى هو (١١) وضع ما بعينه إلا أنه ليس كذلك ، فإنه ليس كما أن أينا أولى بالجسم من أين ، كذلك (١٢) من الوضع الذي له في الأين (١٣) المتشابه وضع أولى به من وضع. فبين أن هذا الميل لا يكون حادثا عند الوصول إلى المكان الطبيعى ، بل إن كان فيكون على القسم الآخر ، وهو أنه يكون معه دائما. فإذا كان في الجسم مبدأ حركة مستقيمة ، وجب أن تجوز (١٤) مفارقة هذا الجسم لمكانه الطبيعى ، حتى يتحرك عن غير الطبيعى إليه (١٥) بالاستقامة ، وأن يكون في جسم واحد بسيط إذا كان فى غير مكانه الطبيعى ميلان : ميل إلى الاستقامة ، وميل عنه إلى الاستدارة. فيكون في جوهر واحد أمور متقابلة موجودة معا ، وليست مما يجرى مجرى متقابلات تمتزج حتى يكون بينها وسط ، فإن الوسائط أمور كأنها (١٦) تمتزج من (١٧) الطرفين. وإنما تمتزج القوى امتزاجا يؤدى إلى الوسط ، إذا (١٨) كان من شأن كل واحد (١٩) منها أن يقبل الأقل والأكثر قبولا لا يصرف إلى الجهة الأخرى ، فيكون الحاصل ليست قوتين ، بل قوة واحدة هى (٢٠) أضعف وأنقص من الطرفين.

ولكن الاستقامة والاستدارة لا تقبلان الاشتداد والتنقص (٢١) ، بأن تأخذ الاستقامة قليلا قليلا إلى الاستدارة

__________________

(١) ويسكن في مكانه : ساقطة من م.

(٢) وتستدير حركته في في مكانه : ساقطة من د

(٣) لا تلزم : يلزم م (٤) هذه : هذا سا.

(٥) طبيعية : طبيعة ب

(٦) شرحناه : شرحنا سا ، ط ، م.

(٧) الرد : بالرد م (٨) المبدأ : المبتدأ م.

(٩) أثبتنا : أثبتناه ط. (١٠) ذلك : + العارض ط.

(١١) هو : وهو م. (١٢) كذلك (الثانية) : فكذلك سا ، ط ، م

(١٣) الأين : أمر سا ، م ؛ أمر الأين ط.

(١٤) تجوز : جوز سا. (١٥) إليه : البته د.

(١٦) كأنها : فكأنها سا. (١٧) تمتزج من : مزج من سا ، م ؛ يمزج عن ط

(١٨) إذا : إذ م (١٩) واحد : + واحد ط.

(٢٠) هى : وهى ب ، د. (٢١) والتنقص : والنقص م.

٣١٨

أو الاستدارة (١) قليلا قليلا (٢) إلى الاستقامة. وهو في زمان ذلك الأخذ والوجود في المتوسط لا في مستقيم ولا في منحن بل المستقيم إن أمكنه أن يفارق الاستقامة ويصير بعقبه مستديرا ، كان مفارقته الاستقامة (٣) دفعة (٤) ، ومواصلته الاستدارة دفعة ، من غير أن يقال قد فارق الاستقامة وهو ذا قد استدار قليلا وهو يمعن فيه ، أو فارق الاستدارة إلى الاستقامة كذلك.

وأما الانحناء الموجود في القطوع ، فليس سبيلا من الاستقامة والاستدارة (٥) يؤدى إلى أحدهما. فإذا (٦) كانت الاستقامة والاستدارة لا تقبلان الأشد والأضعف فكذلك (٧) لا تقبلهما القوتان عليهما. فلا تحدث قوة متوسطة بين المقيم (٨) وبين المدبر (٩) ، فلا يكون أيضا هذا الاجتماع على سبيل الامتزاج فيظهر أنه لا يكون في جسم واحد مبدأ حركة مستقيمة ومبدأ حركة مستديرة معا ، ويجتمع من هذا ومما قبله أن الجسم المحدد للجهات فيه مبدأ حركة مستديرة ، وليس فيه مبدأ حركة مستقيمة ، لأن هذين المبدئين لا يجتمعان ، ولأن ذلك الجسم قد بان أمره أنه لا يصح (١٠) على كليته ولا على أجزائه مفارقة موضعه الطبيعى. وأما الأجسام الموضوعة فيه ، ففيها مبادئ حركات مستقيمة عنه وإليه (١١) ، فتكون حيث يكون جهة في الطبع ثلاثة أصناف من الحركات : واحدة حول وسط ، وأخرى (١٢) عن الوسط ، وثالثة (١٣) إلى الوسط.

وإذ قد بالغنا في تعريف حال (١٤) الحركة الطبيعية ، فحقيق بنا أن نتعرف حال الحركة غير (١٥) الطبيعية. وأما إذا اعتبرت الجهات بالعرض (١٦) والوضع فتزيد الحركات على هذا العدة (١٧) ، ولكن لا تكون طبيعية.

__________________

(١) أو الاستدارة : والاستدارة د ، ط

(٢) أو الاستدارة قليلا قليلا : ساقطة من م.

(٣) ويصير ... الاستقامة : ساقطة من م

(٤) دفعة : ساقطة من سا.

(٥) والاستدارة : + ولا استدارة سا ؛ + ولا الاشتداد ط

(٦) فإذا إذا ب.

(٧) فكذلك : وكذلك ط.

(٨) المقيم : المستقيم ط

(٩) وبين المدبر : والمستدير ط.

(١٠) لا يصح : لا يصلح ط.

(١١) وإليه : وآنية ط.

(١٢) وأخرى : والأخرى سا ؛ أخرى م.

(١٣) وثالثة : وثالثها ط ، م.

(١٤) حال : ساقطة من م.

(١٥) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٦) بالعرض : بالفرض سا ، ط ، م

(١٧) العدة : العدد ط.

٣١٩

[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى الحركة التي بالعرض

نقول (٢) : إن الحركة غير (٣) الطبيعية ، منها ما يقال بالذات ، ومنها ما يقال بالعرض. أما التي (٤) بالعرض فهو أن يكون الشيء لم يلحقه في نفسه مفارقة أين (٥) أول أو وضع أول أو كيف أو كم ، بل هو مقارن لشيء آخر مقارنة لازمة ، فإذا تبدل لذلك الشيء حال ينسب (٦) إليه كانت له بالعرض. أما في الأين والوضع فهو على وجهين ، على ما علمت ، فإنه إما أن يكون ما قيل إنه متحرك بالعرض ، هو في نفسه في مكان وذو وضع وقابل للحركة ، إلا أنه لم يفارق مكانه ووضعه ، بل الشيء الذي هر محمول فيه قد فارق مكانه. وهذا ملازم له ، فيلزم أن يقع له لأجل حركة ما هو فيه حصول في جهة تقع إليها إشارة (٧) غير (٨) الجهة التي كان يقع عليه (٩) الإشارة فيها (١٠) أو يقع له وضع آخر بالقياس إلى الجهات ، وأما أن لا يكون من شأنه أن يكون له أين ووضع (١١) ، ومن (١٢) شأنه أن يتحرك ، مثال الذي يعرض له ما يعرض للمنتقل ، ومن (١٣) مفارقة أين ووضع (١٤) ، وهو (١٥) من شأنه أن يتحرك ، إما في الأين كالمنقول في الصندوق وهو ساكن فيه حافظ لمكانه والقاعد في السفينة (١٦) والسفينة تنقله (١٧). وإما (١٨) في الوضع (١٩). فإنا إذا توهمنا كرة فى كرة ، وقد ألصقت بها (٢٠) بمسامير أو بغراء أو بالطبع أو بغير ذلك ، فحركت الكرة الخارجة حتى تغير نسبة أجزائها إلى أجزاء المحيط بها تغيرا هو حقيقة الحركة في الوضع. فإن الكرة الداخلة الملصقة (٢١) قد (٢٢) يعرض لها متابعة لها (٢٣) في أن كل جزء منها يلزم جزأ ينتقل فينتقل (٢٤) ، ولكن (٢٥) بالعرض ، إذ لا تنتقل (٢٦) نسبة ما بين أجزاء (٢٧) الكرة الداخلة وأجزاء

__________________

(١) فصل : فصل ح ب ؛ الفصل الثالث عشر ط ، م.

(٢) نقول : فنقول ط (٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٤) التي : الذي سا ، ط ، م. (٥) أين : ساقطة من م.

(٦) ينسب : فنسب م. (٧) إشارة : الإشارة ط

(٨) غير : عن م (٩) عليه : عليها ط

(١٠) فيها : منها سا ، م ؛ ساقطة من ط.

(١١) ووضع : أو وضع ط (١٢) ومن : ولا من ط.

(١٣) ومن : من د ، سا ، ط ، م

(١٤) ووضع : أو وضع ط (١٥) وهو : ساقطة من م.

(١٦) والقاعد في السفينة : ساقطة من ط

(١٧) تنقله : منتقلة ط (١٨) وإما : أمام

(١٩) الوضع : الموضوع د. (٢٠) بها : به سا.

(٢١) الملصقة : الملتصقة سا ، ط (٢٢) قد : به ط ، م ؛ ساقطة من سا.

(٢٣) لها : له سا ، م (٢٤) فينتقل : فيقل سا ؛ ساقطة من ط

(٢٥) ولكن : + ذلك ط (٢٦) لا تنتقل : تنتقل بخ

(٢٧) أجزاء : جزء ط.

٣٢٠