الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: سعيد زايد
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

بسبب وجود الكم لها (١) ، ويشبه (٢) أن (٣) يكون الناس يرون أن للهيولى (٤) صورة تهيئها للانقسام الدائم المفرق وهو (٥) الجسمية ، وصورة أخرى تمنع من ذلك ، أو لا تثبت عليه إذا وقع (٦). كما يقولون : إن الجسم (٧) إذا قسم دائما فإنه لا يبقى لحما ، بل تبطل اللحمية ، وتبقى الجسمية ، وهذا يجب أن ينظر فيه. ثم ليس إذ قلنا : إن الصورة (٨) الكمية تهيئ (٩) المادة للانقسام الذي يخص المادة ، وجب أن يكون ذلك لاستعداد الصورة. فليس ما يفعل (١٠) فعلا يجب أن يكون فى نفسه بفعل ولا أيضا يجب أن تكون تلك الصورة باقية مع خروج ما تهيئه (١١) إلى الفعل ، فإن لحركة هى التي تقرب الجسم من السكون الطبيعى وتهيئه له (١٢) ، ولا تبقى مع ذلك ، لأن فعلها (١٣) هو التهيئة ، فيجب أن توجد مع التهيئة وكذلك (١٤) فعل لكمية والتهيئة (١٥) (١٦) ، وأما القسمة فهى (١٧) عن شيء آخر ، والثاني يقبله المقدار لذاته (١٨) ، فقد علم نحو وجود ما لا يتناهى ، فالعدد يعرض له ذلك (١٩) فى التضعيف ، ويتناهى (٢٠) من تلقاء الوحدة ، والمقدار يعرض له ذلك فى التضعيف والنقصان ، ويتناهى من قبل (٢١) التضعيف اذ (٢٢) كان تنصيفه من حيث هو (٢٣) مقدار تضعيفا له من حيث هو عدد أوله هو واحد ، واو واحد مبدأ عدد فإنه (٢٤) يبتدئ من واحد ويصير اثنين ، والحركة (٢٥) يعرض لها لانقسام (٢٦) غير (٢٧) المتناهى بسبب المقدار الذي هى عليه (٢٨) ، وأما الزمان فإن ستعدد لموهوم من القسمة فيه فإنما يعرض له من حيث هو مقدر ولذته (٢٩) ، وأما المعين بالفعل فيعرض له بسبب الحركة. وفرق بين الوقع بالفعل وبين لموهوم (٣٠) ولاستعداد ، فإن لمقادير موضوعة بذاتها ، لأن يعرض لها القسمة الوهمية إلى غير نهاية (٣١) ومستعدة لها (٣٢) (٣٣). وأما خروج ذلك إلى الفعل فيكون بسبب شيء آخر. وحيث يقال : إن الزمان يعرض له ذلك بسبب الحركة فنعنى العارض الذي يوقع بالفعل شيئا بعد شيء بلا نهايه ، وأما طبيعة الاستعداد فهو الزمان (٣٤) من حيث هو مقدار ، والحركة لا نفيده ذلك ، بل يوجد الزمان وهو على نحو من الوجود

__________________

(١) لها : له ط (٢) ويشبه : فيشبه سا ، ط ، م (٣) أن : ساقطة من د ، سا

(٤) للهيولى : الهيولى م (٥) وهو : وهى م. (٦) وقع : + القسمة ط

(٧) الجسم : اللحم ب ، د. (٨) الصورة : صورة م

(٩) تهيئ : تهيؤ سا. (١٠) يفعل : ينفعل ط.

(١١) ما تهيئة : ما تهيئ له ب ، د ، ما تهيؤ له سا.

(١٢) له : ساقطة من م (١٣) فعلها : فعله سا

(١٤) وكذلك : فكذلك سا ، ط. (١٥) فيجب ... التهيئة : ساقطة من م.

(١٦) والتهيئة : التهيئة سا ، ط ، م (١٧) فهى : فهو ب ، د ، م ، ساقطة من سا

(١٨) والثاني ... لذاته : ساقطة من سا.

(١٩) ذلك : ساقطة من م (٢٠) ويتناهى : وينهتى م

(٢١) قبل : تلقاء ط ، م. (٢٢) إذ : إذا سا

(٢٣) هو : ساقطة من ط. (٢٤) فإنه : وإنه م.

(٢٥) ، الحركة : بالحركة سا ، فالحركة ط ، م (٢٦) الانقسام : الأقسام سا

(٢٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط (٢٨) هى عليه : هو علتة م.

(٢٩) ولذاته : لذاته ط. (٣٠) الموهوم : المفهوم سا.

(٣١) نهاية : النهاية ط. (٣٢) ومستعدة لها : ساقطة من سا.

(٣٣) لها : له سا ، ط ، م. (٣٤) الزمان : للزمان م.

٢٢١

يلزمه ذلك الاستعداد. وكما أن العاد مثلا إذا أوجد بالتعديد أو يعمل (١) آخر عشرة (٢) ، فليس هو الذي يجعله زوجا ، بل يوجده ويلزم وجوده أن يكون هو زوجا. وأما (٣) الحركة من حيث هى قطع ، فإنها (٤) كما يعرض لها أن لا تتناهى فى القسمة ، كذلك يعرض لها أن لا تتناهى فى التضعيف والزيادة ، وإذ خاصية التناهى وعدم التناهى ليس إنما تلحق الحركة بسبب كمية لذاتها فتلحقها بسبب كمية أخرى ، وليس تلحقها بسبب كمية المسافة ، إذ المسافة متناهية ، فتلحقها إذن بسبب الكمية الأخرى التي هو الزمان.

فالحركة علة لوجود الزمان ، والزمان علة لكون الحركة متناهية المقدار أو غير متناهية ، والمحرك علة لوجود الحركة (٥) ، فهو علة أولى لوجود الزمان ، وعلته لثبات (٦) الحركة التي هى كمال أول ، فيتبع ثباته (٧) ازدياد امتداد (٨) كميتة (٩) التي هى الزمان ، وليس علة بوجه (١٠) الكون الزمان مستعدا لأن يمتد إلى ما لا نهاية (١١) ، وعلة لكون الزمان ممتدا بلا نهاية (١٢) حتى تصير الحركة بلا نهاية ، فإن ذلك للزمان لذاته ، كما كان فى الانقسام أيضا. لكن وجود هذا المعنى بالفعل للزمان ، فهو بسبب المحرك بوساطة الحركة ، كما كان وجود الانقسام له بالفعل بسبب شيء من خارج قاسم فالحركة سبب لوجود هذا العارض للزمان ، والزمان سبب لوجود هذا العارض للحركة ، لكن هذا بوجه وذلك بوجه. أما الحركة فهى علة بعد العلة المحركة لوجود هذا العارض للزمان بالحقيقة ، إذا (١٣) كان المحرك لا يقطع الحركة ، بل يصلها. وأما الزمان فهو علة لكون الحركة ذات (١٤) مقدار غير متناه ، فالزمان علة لتقدر (١٥) الحركة ، فإذا عرض له أن لا يتناهى عروضا أوليا بإيجاب (١٦) الحركة ذلك (١٧) وايجاده الزمان على ذلك ، عرض بوساطته أن قيل على الحركة ليس عروضا أوليا ، بل لأجل أن عارضه الذي هو الزمان كذلك ، فالحركة جعلت نفسها بالعرض كذلك ، أى (١٨) جعلت عارضها كذلك ، ولأجل العارض يقال (١٩) لها ذلك ، وذلك مما يكون كثيرا ، فإن كثيرا من الأشياء يوجد أمرا لذلك الأمر صفة أولية ، ويكون له من جهة ذلك تلك الصفة صفة ثانية ، وبالقصد الثاني ، وليست أولية ، فهذا (٢٠) ما نقوله فى تحقيق كيفية وجود غير (٢١) المتناهى.

فأما (٢٢) الحجج المقولة فى إثباته فما قيل فيها من أمر التضعيف وأمر القسمة وأمر الكون والفساد والزمان وغير

__________________

(١) بعمل : + شيء سا (٢) عشرة : غيره د.

(٣) وأما : أما سا ، م (٤) فإنها : وإنها سا. (٥) الحركة (الأولى): + والحركة علة لوجود الزمان ط

(٦) لثبات : أسباب سا (٧) ثباته : ثباتها د

(٨) امتداد : ساقطة من م (٩) كميتة : كميتها د.

(١٠) بوجه : موجبة ط (١١) ما لا نهاية : لا نهاية ب ، د ، سا ، م

(١٢) وعلة ... بلا نهاية : ساقطة من م.

(١٣) إذا : إذ م. (١٤) ذات : ذا د ، سا ، م

(١٥) لتقدر : تقدر ط. (١٦) بايجاب : فايجاب سا

(١٧) ذلك : ساقطة من م. (١٨) أى : إذا ط ، أو م.

(١٩) يقال : فقال سا. (٢٠) فهذا : وهذا ط.

(٢١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (٢٢) فأما : وأما ط.

٢٢٢

ذلك ، فمعلوم أنه لا يوجد المتناهى وجودا على غير النحو الذي نقوله. وأما ما قالوه من أمر (١) أن كل متناه فإنه يتناهى إلى شيء آخر ، فإنه ليس بمسلم ، لأنه إذا اتفق أيضا أن (٢) كان شيء واحد متناهيا ونهايته عند شيء آخر فهو متناه وملاق ، ومن حيث هو متناه فله نهاية فقط ، ومعنى أنه متناه هو ذلك. وأما من حيث هو ملاق فنهايته عند شيء آخر ، فتكون نهايته عند شيء آخر (٣) أمرا (٤) تقتضيه الملاقاة ، وليس هو مقتضى تناهيه ، فإن مقتضى تناهيه هو أنه (٥) ذو نهاية فقط. وأما إن نهايته عند شيء آخر ، فهو معنى آخر أزيد من معناه ، فلو كان كل متناه يلزمه أن يكون ملاقيا لشيء من جنسه أو غير جنسه ، كان ربما يصح (٦) قولهم ، وكان كل جسم يتناهى إلى جسم. ولكن فليس (٧) يجب أن يكون كل متناه ملاقيا لجنسه ، حتى يلاقى الجسم لا محالة جسما ، فأنت تعلم أن الحركة تتناهى إلى السكون وهو عدم فقط أو ضد (٨). وأما حديث التوهم فليكن ذلك مسلما ، لكن لا يلزم من ذلك أن الموجودات لا تتناهى فى الوجود ، بل إن الموجودات لا تتناهى (٩) فى التوهم.

[الفصل (١٠) العاشر]

ى ـ فصل

فى أن الأجسام متناهية من حيث التاثير والتاثر

ونقول إنه لا يجوز أن يكون جسم فاعل فى جسم أو منفعل عن جسم فعلا وانفعالا زمانيا وهو غير متناه.

أما لا يجوز أن يكون جسم فاعل فى جسم كذلك ، فلأن ذلك الجسم المنفعل لا يخلو إما أن يكون متناهيا أو يكون غير (١١) متناه ، فإن كان متناهيا ولا شك أن الفعل والانفعال يجرى بينهما الطبيعة كل واحد منهما ، لا لأنه متناه أو يكون غير متناه

__________________

(١) أمر : ساقطة من سا ، ط.

(٢) أن : ساقطة من سا.

(٣) فتكون ... آخر : ساقطة من د ، سا

(٤) أمرا : أمر ب ، د ، سا.

(٥) أنه : أنها د.

(٦) يصح : صح ط ، م

(٧) فليس : ليس د ، سا ، ط ، م.

(٨) أو ضد : + فقط ط.

(٩) فى الوجود ... لا تتناهى : ساقطة من م.

(١٠) فصل : فصل ى ب ، الفصل العاشر م.

(١١) أو يكون غير : أو غير ط.

٢٢٣

فإن كان انفعال (١) المنفعل عن الفاعل لطبيعتهما (٢) ، فمن شأن جزء من أحدها الذي هو المنفصل أن ينفعل عن جزء من الآخر ، فإذا فعل جزء من غير (٣) المتناهى فى المتناهى أو فى جزء منه فى زمان ، فتكون نسبة ذلك الزمان إلى الزمان الذي يفعل فيه بعينه غير المتناهى ، كنسبة قوة غير المتناهى إلى قوة المتناهى. فإن لأجسام كلما كانت أعظم صارت قوتها أشد ، وكانت أفعل (٤) وزمانها أقصر. فيجب من ذلك أن يكون فعل غير (٥) المتناهى لا فى زمان ، وقد فرض فى زمان. وإن (٦) كان ذلك المنفعل غير متناه ، فإن نسبة انفعال جزء منه إلى انفعال الكل كنسبة الزمانين ، فيجب أن يقع انفعال كل جزء منه لا فى زمان ، ويكون انفعال الجزء الأصغر من ذلك أسرع من انفعال الجزء الأكبر ، إذ (٧) كان الصغر (٨) مقتضيا للسرعة ، فيكون شيء أسرع من الكائن لا فى زمان. وأيضا إذا فرضنا للمنفعل جزءا فانفعل لا فى زمان (٩) ، فلا يخلو إما أن يقع انفعال ما يليه مع انفعاله فيكون انفعال الجميع واقعا لا فى زمان ، وإما أن يقع بعده. فلنفرض جزء آخر (١٠) بعده فلا يخلو إما (١١) أن يكون ذلك الجزء انفعل معه فيعرض ما قلنا (١٢) ، أو انفعل (١٣) بعده أيضا لا فى زمان فتكون لآنات تتتالى ، والحق (١٤) يمنع هذا. وإذ (١٥) قد عرفت هذا من جهة الفعل ، فلك أن تعرف مقابل ذلك من جهة لانفعال ، فمعلوم من هذا أن الاسطقسات التي (١٦) يفعل بعضها فى بعض (١٧) فعلا زمانيا ، وتكون كلما (١٨) عظمت ازدادت قوة كلها متناهية.

وليس لقائل أن يقول : إن قوة الأجسام صورها والصورة لا تشتد ولا تضعف ، وذلك لأنها وإن كانت لا تشتد فى جوهرها ، فيشتد تأثيرها فى الزيادة ، أعنى أنه وإن كان لا يجوز أن تكون (١٩) الصورة التي فى هذه النار تشتد وتضعف ، لا فى (٢٠) هذه النار ولا فى مثلها ، فإنها فى ضعف النار تكون أقوى ، وفى ضعف المدرة تكون أثقل.

وليس هذا بمعنى (٢١) زيادة الشدة فى الجوهر ، بل فى زيادة الأثر. على أن الصور نفعل بأعراض تشتد وتضعف (٢٢) مع تكثر السور وتضعفها (٢٣) تبعا للمقدار ، وهذا نوع من التزايد (٢٤) فى (٢٥) الصور غير التزايد الكائن بالاشتداد ، وأنت تعلم هذا بعد. ومن هذه الأشياء يعلم أنه لا يكون فى جسم من الأجسام قوة على التحريك القسرى أو الطبيعى غير

__________________

(١) انفعال : افعال م (٢) لطبيعتهما : بطبيعتهما ط.

(٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٤) أفعل : الفعل م (٥) غير : الغير ط.

(٦) وإن : فإن سا. (٧) إذ : إذا سا ، م

(٨) الصغر : الصغير سا. (٩) فيكون ... زمان : ساقطة من سا.

(١٠) جزء آخر : جزء الآخر ط (١١) إما : ساقطة من سا ، م

(١٢) ما قلنا : ما قلناه م (١٣) أو انفعل : وانفعل ط.

(١٤) والحق : ونحن سا (١٥) وإذ : فإذ م.

(١٦) التي : الذي سا (١٧) بعض : ساقطة من سا.

(١٨) وتكون كلما : وكلما سا. (١٩) تكون : ساقطة من د.

(٢٠) لا فى : فى سا. (٢١) بمعنى : المعنى سا ، معنى ط

(٢٢) وتضعف : + فى هذه النار سا. (٢٣) وتضعفها : وتضعيفها ط

(٢٤) التزايد (الأولى والثانية) : الزائد د ، سا ، م (٢٥) فى : وفى سا.

٢٢٤

متناهية الشدة كالميل الثقيل أو الخفيف ، فإن ذلك يوجب وقوع فعله لا فى زمان ، ويستحيل أن تكون حركة لا فى زمان ، وإنما يجب أن يقع لا فى (١) زمان ، لأنه كما (٢) اشتدت القوة قصرت المدة ، وإذا (٣) لم تتناه فى الاشتداد بلغت من الصغر ما لا نهاية له.

فيجب أن ينظر فى حال القوى وتناهيها ولا تناهيها ، وقبل ذلك نقول إن القوة يقع بينها وبين قوة أخرى تفاوت فى أمور : منها سرعة ما تفعله (٤) وبطؤه ، ومنها طول مدة استبقاء ما تفعله وقصرها ، ومنها كثرة عدة ما تفعله (٥) وقلتها (٦). مثال الأول أن أشد الراميين (٧) قوة فهو أسرعهما بالرمى لمسافة معينة قطعا (٨) ، ومثال الثاني أن أشد الراميين قوة هو أطولهما زمان (٩) نفوذ الرمية فى الجو مع تساوى المعانى الأخر ، ومثال الثالث أن أشد الراميين قوة هو أكثرهما (١٠) قدرة على رمى بعد رمى. وإذا كان التفاوت يقع من هذه الوجوه ، فالتزايد (١١) يقع على هذه الوجوه ، والأزيد يقع على هذه الوجوه. فالذاهب (١٢) فى الزيادة إلى غير غاية يقع على هذه الوجوه. ولأن القوة فى نفسها لا كمية لها وإنما كميتها بالعرض ، إما بالقياس إلى الشيء الذي فيه القوة ، وإما (١٣) بالقياس إلى الشيء الذي عليه القوة. والشيء الذي فيه القوة يكون أبدا (١٤) متناهيا ، إذ (١٥) الأجسام متناهية ، ولو كانت غير متناهية لكانت القوة تكون نسبتها غير متناهية ، فبقى أن تكون القوة إنما هى متناهية وغير متناهية بالقياس إلى كمية ما عليه القوة. فإذا كان ذلك الشيء جائزا فيه أن يكون غير متناه على نحو الجواز (١٦) الذي لغير المتناهى ، كانت القوة بالقياس إليه غير متناهية. فلينظر أنه هل يجب أن يكون لو كان جسم يقوى على أمر من (١٧) الثلاثة ، وكان غير (١٨) متناه ، أن تكون قوته أيضا غير متناهية (١٩) بالقياس إلى ذلك الأمر من الأمور الثلاثة ، فنقول إنه إن كان يجب أن يكون الجسم الأعظم أوفر قوة وأكثر فى الأمر المقيس إليه من الأمور الثلاثة ، فيجب إذا كان غير متناه أن تكون قوته غير متناهية. وأنت تعلم أن قوة جملة محركين وفاعلين اثنين (٢٠) أى فعل كان ، أكثر من قوة أحدهما ، فإن الجملة تقوى على ما يقوى عليه الواحد وعلى أمر خارج

__________________

(١) لا فى : فى سا (٢) كلما : كما د

(٣) وإذا : فإذا سا ، ط ، م. (٤) ما تفعله : ما يفعل ط ، م.

(٥) وبطؤه ... عدة ما تفعله : ساقطة من سا.

(٦) وقلتها : وقلته سا ، ط (٧) الراميين : الرامية ط

(٨) قطعا : ساقطة من م. (٩) زمان : + ما د.

(١٠) أكثرهما : أكثرها سا. (١١) فالتزايد : فالزايد د ، سا ، ط ، م.

(١٢) فالذاهب : والذاهب ط.

(١٣) بالقياس ... وإما : ساقطة من سا

(١٤) أبدا : ساقطة من سا.

(١٥) إذ : إذا سا.

(١٦) الجواز : الوجود بخ.

(١٧) من : + الأمور ط

(١٨) وكان غير : وغير م

(١٩) متناهية : متناه د.

(٢٠) اثنين : + على ط.

٢٢٥

عن ذلك لا محالة ، إذ لها (١) قوة خارجة عن قوة الواحد ، فلذلك قوة الأعظم أكبر وأشد ، فيجب أن يكون كلما صار أعظم (٢) صارت القوة أكثر وأزيد. والذي (٣) يذهب إلى غير نهاية (٤) فى العظم ، فكذلك (٥) قوته تزداد إلى غير نهاية (٦) فى الأمر المقيس إليه القوة ، ولو (٧) كان المقيس إليه القوة متناهيا ، لكان لقوة جزء ما من الجسم نسبة إلى جزء ما (٨). فإذا ضوعف من المنفعل جزء ومن الفاعل جزء ، إلى أن يفنى المنفعل المتناهى ويحصل بإزائه من الجسم غير (٩) المتناهى جملة أجزاء متناهية ، فكانت (١٠) نسبة قوة الجزء الواحد من ذى القوة إلى قوى جميع (١١) تلك الأجزاء المتناهية كنسبة الجزء من المنفعل إلى جميع المنفعل ، وذلك كقوة الجزء من الجرم المفروض غير متناه إلى قوة جميع غير (١٢) المتناهى ، فتكون قوة جزء متناه من هذا الجسم القوى (١٣) غير (١٤) المتناهى مساوية (١٥) لقوة الجسم كله الذي يفضل عليه بقوته (١٦) الموجودة فى الأجزاء غير (١٧) المتناهية الخارجة عن ذلك الجسم (١٨) ، هذا خلف. فالواجب أن يكون أزيد منه بحسب النسبة ، بل ربما أوجب الاجتماع (١٩) اشتداد قوة فوق الذي توجبه النسبة. فبين أنه لو كان جسم غير متناهى العظم لكان غير متناهى القوة بالقياس إلى المقوى عليه. ولما لم يجز أن يكون جسم غير متناه. لم يجز أن تكون (٢٠) قوة غير متناهية من هذا القبيل.

فلينظر هل يجوز أن توجد قوة غير متناهية (٢١) لا فى جسم غير متناه ، ولينظر هل يمكن وجود قوة غير متناهية بالقياس (٢٢) إلى سرعة الفعل ، فنقول : إن هذا لا يوجد ، وإلا لكان فعلها فى السرعة واقعا لا فى زمان ، وكل سرعة فى زمان ، لأن كل سرعة هى فى قطع لمسافة (٢٣) أو نظير (٢٤) مسافة ، وكل ذلك فى زمان. فلو كانت حركة لا نهاية لها فى السرعة (٢٥) ، لكان زمان لا نهاية له فى القصر ، وهذا محال كما يعلم. وبالجملة إنما تعتبر السرعة فى الامور التي لها ، فى وجود زمان ، وأما (٢٦) الأمور الواقعة فى الآن ، فلا يقال فيها سرعة ولا بطء. فإن قال قائل (٢٧) : إن القوة غير (٢٨) المتناهية تفعل

__________________

(١) لها : لهما م. (٢) صار أعظم : ساقطة من م.

(٣) والذي : فالذى سا ، ط ، م. (٤) نهاية (الأولى) : ذلك نهاية د ، النهاية ط

(٥) فكذلك : وكذلك سا (٦) نهاية (الثانية) : النهاية ط.

(٧) ولو : فلو ط (٨) ما (الثانية): + من الذي عليه القوة غير متناهية ط.

(٩) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (١٠) فكانت : لكانت د ، وكانت ط

(١١) جميع : + الجرم ط ، م. (١٢) غير (الثانية) : الغير ط.

(١٣) القوى : ساقطة من ط ، م (١٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(١٥) مساوية : متساوية ط (١٦) بقوته : بقوة م.

(١٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط (١٨) الجسم : الجزء م.

(١٩) الاجتماع : اجتماع د. (٢٠) جسم ... تكون : ساقطة من م.

(٢١) ولينظر ... متناهية : ساقطة من م.

(٢٢) بالقياس : وبالقياس م. (٢٣) لمسافة : المسافة م

(٢٤) نظير : لنظير ط ، م. (٢٥) السرعة (الأولى) : ساقطة من سا.

(٢٦) وأما : + أن م (٢٧) قائل : القائل د (٢٨) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

٢٢٦

فى آن وسائر القوى تفعل فى زمان ، فلنضع القوة غير (١) المتناهية على أن يكون فعلها لا سرعة فيه. فالجواب عن (٢) ذلك إنما نعتبر فى هذا الباب أمثال الحركات المكانية التي توجب قطع مسافة ما (٣). وتختلف فيها فى السرعة والبطء ، ولا تمكن إلا فى زمان ، إذ لا يمكن قطع مسافة فى آن وإلا لانقسم الآن بإزاء انقسام المسافة. وكذلك (٤) ما يجرى مجرى الحركات المكانية (٥) مما يقع فيه سرعة وبطء ، لضرورة (٦) حاجة وقوع ذلك إلى زمان. فإن كان شيء يحتمل أن يقع فى آن وأن يقع فى زمان ، فليس كلامنا الآن فيه ، بل كلامنا فى الأمور التي تختلف بالسرعة والبطء (٧) ولا يخلو فى وقوعها عن زمان ، فإنها كما تشتد قوتها يقصر زمانها ، فإن كان منها شيء واقعا عن قوة غير متناهية ، كان إما فى آن ، وذلك محال. لأن المسافة وأمثالها لا تقطع فى آن أو فى زمان فيكون له نسبة ما إلى زمان فعل واقع من (٨) قوة متناهية ، فيعود إلى أن تصير نسبة الزمان إلى الزمان كنسبة القوة إلى القوة ، فتصير القوة (٩) التي لا تتناهى ما تقوى عليه نسبة إلى المتناهية (١٠) التي يتناهى ما تقوى عليه ، فإذن إن كانت قوة غير متناهية ، فيكون ما تقوى عليه أحد الأمرين الآخرين ، أعنى المدة والكثرة. فلينظر هل يمكن أن يكون لهذه القوة التي لا تتناهى ، ما تقوى عليه كثرة أو مدة وجود فى جسم ، حتى يعرض لها انقسام بانقسام الجسم. لكن الكثرة إما كثرة متوالية من مبدأ محدود على ترتيب محدود يحاذى (١١) المدة ، وإما كثرة مختلطة من أشياء مختلفة فى (١٢) تراتيب (١٣) مختلفة. فيجب أن نترك الآن النظر فى القوة على كثرة مختلطة غير متناهية ، فلا كلام لنا فيها ، ولنبحث عن قوة على كثرة متصلة وترتيب (١٤) واحد محاذية (١٥) للمدة.

فلينظر هل يجوز أن يكون فى الأجسام قوة على كثرة بهذه الصفة وعلى مدة غير متناهية فنقول : إن ذلك لا يمكن ، لأن هذا الجسم لا محالة يتجزأ وتتجزأ (١٦) معه القوة ، وجزء هذه القوة لا يخلو إما أن يقوى على ما يقوى عليه الكل فى الكثرة والمدة من (١٧) آن معين ، فيكون المقوى عليه فيهما جميعا فى القوة شيئا واحدا ، فيكون لا فضل للكل على الجزء فى المقوى عليه ، وهذا محال. وإما أن يكون لا يقوى عليه ، فحينئذ إما أن يقوى على شيء من جنسه ، أولا يقوى على شيء من جنسه البتة ، ومحال أن لا يقوى على شيء من جنسه ، فإن القوة تكون (١٨) سارية فى الجسم ذى

__________________

(١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٢) عن : من ب ، د ، سا ، ط.

(٣) ما : ساقطة من سا. (٤) وكذلك : فكذلك د ، ط.

(٥) ولا تمكن ... المكانية : ساقطة من د.

(٦) لضرورة : بضرورة د ، ط.

(٧) مما يقع ... والبطء : ساقطة من د.

(٨) من : عن ط ، م. (٩) القوة (الثانية) : للقوة د ، ط ، م.

(١٠) المتناهية : المتناهى ط.

(١١) يحاذى : يتحاذى ط

(١٢) فى : وفى ط ، م (١٣) تراتيب : ترتيب ط.

(١٤) وترتيب : ومن ترتيب ط (١٥) محاذية : محاذ ط ، م.

(١٦) وتتجرأ : ساقطة من د. (١٧) من : فى م.

(١٨) تكون : ساقطة من سا.

٢٢٧

القوة ، فيكون للجزء قوة من جنس قوة الكل ، ومقوى (١) عليه من ذلك الجنس الذي للكل ، فلا يخلو إما أن يكون مثلا المقوى عليه الذي (٢) يحركانه شيئا واحدا ، أو يكون ما يقوى عليه الجزء أصغر من ذلك ، فإن كان شيئا واحدا ، وكان جميع ما فى القوة مما لا نهاية له كثرة ومدة من آن معين يقوى عليه كل واحد منهما ، فهما سواء فى المقوى عليه ، وهذا محال.

وإن كان ما يقوى الجزء على تحريكه أصغر ، والكل (٣) أيضا يقوى على ذلك الأصغر ، فإما أن يكون المقوى عليه فى الكثرة والمدة من آن معين فيهما سواء وذلك محال ، أو يكون (٤) الجزء أقل وأنقض. وإذا كان ما يقوى عليه للجزء (٥) أنقص ، لم يكن نقصانه فى اتصاله من الآن الذي فرضنا الاعتبار منه ، بل من الطرف الآخر. فإذا (٦) نقص عن (٧) غير المتناهى فى جهة كونه غير متناه ، زاد غير المتناهى عليه فى تلك الجهة (٨) ، وما زاد عليه شيء فى جهة فهو متناه فى تلك الجهة ، فيكون إذن الجزء المفروض متناهى القوة بالقياس إلى مدة الفعل. لكن جملة الجسم المتناهى تناسب الجزء المفروض مناسبة محدودة ، والقوة (٩) التي فى الجملة تناسبها مناسبة محدودة ، وهذه المناسبة بالقياس إلى المقوى عليه ، فالمقوى عليه الذي للجملة يناسب المقوى عليه الذي (١٠) للجزء مناسبة محدودة ، فزمان الجملة (١١) أيضا محدود ، وكذلك عدده. والكلام فى هذه التقديرات كالكلام فى التقديرات التي فرضناها فى قوام الملاء والخلاء ، وذلك لأنا لسنا نحتاج إلى اعتبار وجود هذه المناسبات بالفعل ، بل نقول إن ما تقدير (١٢) مناسبته يوجب هذا الحكم ، فهو متناه على التقديرات التي يفعلها المهندسون. وبالجملة ليس العائق فى ذلك من طبيعة القوة (١٣) ، ولكن من طبيعة الأمور التي ليست توحد ، فنحن نقول إن هذه القوة بحيث لو كانت الأمور توجد على نحو ما ، لكان طباعها توجب كذا وكذا ، ولو كانت قوة غير متناهية فى جسم متناه ، لما كانت تكون بحيث لو كانت الأمور توجد كذا لكان طباعها توجب كذا وكذا ، وذلك واجب لها أن تكون (١٤).

فبين من هذا أنه لا يجوز أن يكون فى جسم متناه قوة غير متناهية (١٥) ، بالقياس إلى المدة والعدة المنتظمة المذكورة.

وأما بالقياس إلى العدة المختلطة ، فعسى الأمر أن يشكل فيه ، ولا يمكن (١٦) استعمال هذا البيان بعينه فيها ، وذلك لأنه

__________________

(١) ومقوى : ويقوى ط.

(٢) الذي : ساقطة من د. (٣) والكل : فالكل ط.

(٤) أو يكون : إذ يكون م

(٥) للجزء : الجزء سا ، ط.

(٦) فإذا : وإذا ط (٧) عن : من ط.

(٨) وما زاد ...... الجهة : ساقطة من م.

(٩) والقوة : فالقوة سا ، ط ، م. (١٠) الذي : ساقطة من ط ، م.

(١١) تناسبها ... الجملة : ساقطة من م.

(١٢) ما تقدير : ما تقدر د ، م. (١٣) القوة : بالقوة سا.

(١٤) أن يكون : ساقطة من م. (١٥) متناهية : متناه م.

(١٦) ولا يمكن : فلا يمكن سا ، ط ، م.

٢٢٨

لا يلزم أن تكون العدة (١) المعدومة التي فى المستقبل إذا كانت أنقص ، من عدة أخرى أن تكون متناهية ، فيجوز أن يكون فى المستقبل أمور بلا نهاية ، لكن (٢) بعضها أنقص من بعض ، كحركات بلا نهاية هى أسرع ، وحركات بلا نهاية هى أبطأ. فإن دورات الأسرع لا محالة أكثر من دورات الأبطأ ، وكذلك العشرات غير (٣) المتناهية أكثر (٤) من الوحدات (٥) غير (٦) المتناهية وأقل (٧) من المئين والألوف غير المتناهية. فأما (٨) فى الزمان المتصل من الآن ، فلا يجوز أن يكون زمان معتبر من الآن أقل من غير المتناهى المبتدئ من الآن (٩) إلا متناهيا. ولكنه إذا كان ما يقوى على كثرات مختلطة غير متناه (١٠) كل ترتيب منها فقد يقوى على ترتيب واحد منها ، مبتدئا من وحدة معينة وآن (١١) معين. فإذا (١٢) كان الجسم لا يقوى على ترتيب واحد (١٣) غير متناه. فكذلك لا يقوى (١٤) على خلط من تراتيب (١٥) مختلفة. وأما أنها لا تقوى على ترتيب غير (١٦) متناه. فذلك بين بما (١٧) قلناه. وأما إذا كان كل كثرة فيها (١٨) غير منتظمة فى ترتيب (١٩). أو تكون (٢٠) الكثرة جنسا واحدا لا ترتيب فيه ، فلا يتبين لنا من هذا العلم امتناعه ، فقد بان أنه يستحيل أن (٢١) تكون لجسم (٢٢) قوة بلا نهاية فى الشدة وفى المدة وفى العدة (٢٣).

فإن قال قائل : إن القوة التي فى الفلك الأقرب إلينا تقوى على تحريك النار على الدور قسرا من غير انقطاع وهى جسمانية. فنقول أولا : إن تلك الحركة ، كما ستعلمه فى موضعه ، حركة بالعرض لتحرك ما المتحرك بها فيه ، ومع ذلك فهو عن السبب المحرك للفلك (٢٤) دائما بتوسط حركة الفلك. ونحن لا نمنع أن تكون قوة غير متناهية (٢٥) تحرك جسما وتحرك بتوسطه شيئا آخر حركات غير (٢٦) متناهية ، ولا تكون القوة غير المتناهية مستقرة فى أحد الجسمين ، إنما يمنع أن تكون قوة غير متناهية هى (٢٧) جسم تحرك ذلك الجسم أو جسما آخر (٢٨). فأما إن كانت لا فى جسم ، وتحرك جسما (٢٩) ، ويحرك ذلك الجسم بسبب تحركه عنها جسما (٣٠) آخر حركة غير متناهية ، فذلك مما هو موجود وليس عليه كلام. فإنه لا مانع أن تكون قوة غير متناهية على الكون الذي يجوز لها ، الذي هو (٣١) برئ (٣٢) عن مخالطة

__________________

(١) العدة : للعدة م. (٢) لكن : ولكن ط. (٣) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٤) أكثر : أقل م. (٥) الوحدات : الواحد سا

(٦) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، د ، سا ، م

(٧) وأقل : وأكثر م (٨) فإما : وأما سا ، ط ، م.

(٩) الآن (الثانية) : أن سا ، ط ، م.

(١٠) متناه : متناهية ب ، د ، سا ، ط ، + كل واحد ط

(١١) وآن : أو آن ط ، م (١٢) فإذا : وإذا سا.

(١٣) واحد : ساقطة من د (١٤) على ترتيب .... لا يقوى : ساقطة من م.

(١٥) تراتيب : الترتيب م. (١٦) متناه ...... غير : ساقطة من د

(١٧) بما : مما ط (١٨) فيها : منها ط ، م

(١٩) ترتيب : + واحد ط (٢٠) أو تكون : تكون سا.

(٢١) أن : ساقطة من م (٢٢) لجسم ، للجسم ط

(٢٣) وفى المدة وفى العدة : والمدة والعدة سا. (٢٤) للفلك : ساقطة من ط.

(٢٥) متناهية : متناه م (٢٦) غير (الثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(٢٧) هى : ساقطة من د (٢٨) آخر : + حركة غير متناهية ط. (٢٩) وتحرك جسما : ساقطة من م

(٣٠) جسما : ساقطة من د. (٣١) على ... هو : ساقطة من م (٣٢) بزئ برية م.

٢٢٩

الأجسام ، يحرك جسما فتتحرك له أجسام كثيرة ، ملتحمة (١) به ، ويتولد عنها نظام فى أعداد متكونة لا تنقطع. إنما كلامنا فى القوة غير (٢) المتناهية التي هى أصل ومبدأ لنظام الترتيب غير المتناهى مدة كان أو عدة فى التكون أو حركة متصلة وكان بواسطة ، أو بغير واسطة ، فإنا نحكم أن ذلك المبدأ لا يكون فى جسم.

فإن قال قائل : إنه ليس من المستحيل أن يكون للجسم قوة على ما يلزم وجود ذلك الجسم ، ثم يكون ذلك الجسم مما من شأنه أن يبقى دائما فيصدر عنه ذلك التحريك أو ذلك العدد دائما. فالجواب عن هذا أن ذلك من المستحيل لما بيناه ، بل يلزم مما بيناه (٣) أن لا يكون (٤) لجسم من الأجسام قوة يفعل بها فيما (٥) يماسه دائما ، بل قوة كل جسم قوة يفعل بها فيما يماسه تحريكا منقطعا من تبعيد وتقريب ، ولا جسم من الأجسام يمكن أن تكون فيه قوة تبقى دائما مع بقاء الجسم يكون فعلها واحدا مستمرا متشابها ، بل يجب أن (٦) تكون قوة الجسم قوة إنما يصدر عنها فعل تقتضى نفسه التناهى (٧) ، وإن بقى الجسم دائما فيكون مثلا دافعا أو جاذبا أو محيلا أو شيئا مما يجرى هذا المجرى.

فإن قال قائل : إنا نشاهد الأرض لو بقيت دائما ولم يعرض لها عارض ، لكان يوجد عن قوتها سكون متصل فى مكانه (٨) الطبيعى. فنقول : أما السكون فعدم فعل لا فعل ، ومع ذلك فبقاء الأرض والأجرام القابلة للكون والفساد دائما وبقاء قواها كذلك ، مما سنبين (٩) استحالته. ثم لقائل (١٠) أن يقول : إنه يجوز أن تكون هذه القوة غير (١١) المتناهية إنما توجد لجملة لجسم ، فإذا قسم الجسم بطلت ، فلم يوجد من تلك القوة شيء للجزء ، فلم يقو الجزء على شيء مما يقوى عليه الكل ، لأن كل (١٢) هذه القوة للكل (١٣) ، كما يوجد من القوى فى الأجسام المركبة بعد المزاج ، ولا تكون موجوده لشيء من الأركان التي امتزجت عنه (١٤) ، وكما أن المحركين للسفينة فإن الواحد منهم لا يحركها البتة. فنقول : إن الأمر ليس على ما قدرت (١٥) ، إذ (١٦) القوة (١٧) وإن كانت للجسم (١٨) بحال اجتماع أجزائه وبحال مزاجه ، فإنها مع ذلك تكون سارية فى جملته ، وإذ كانت قوة لبعض الجملة دون الكل. وإذا كانت سارية فى جملته ، كان لبعضها بعض القوة. فيكون البسيط إذن فى حال (١٩) المزاج حاملا للقوة الحاصلة بعد المزاج السارية فى الكل ، وإنما لا يحملها فى حال الانفراد. وليس يجب (٢٠) أن يكون فرضنا (٢١) للجسم بعضا يلجئنا إلى أن نأخذ ذلك البعض بشرط

__________________

(١) ملتحمة : تلتحم ط ، م. (٢) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، ساقطة من د.

(٣) بل يلزم مما بيناه : ساقطة من م (٤) أن لا يكون : ساقطة من سا

(٥) فيما : ساقطة من د. (٦) يجب أن : ساقطة من م.

(٧) التناهى : المتناهى ط ، م. (٨) مكانه : مكانها ط ، م.

(٩) سنبين : نبين سا. (١٠) أما السكون ... لقائل : ساقطة من م.

(١١) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٢) كل : محل سا ، ط ، ساقطة من م (١٣) الكل : لكل سا ، ط.

(١٤) عنه : عنها ط. (١٥) ما قدرت : ما قدرتم سا ، ما قررت ط

(١٦) إذ : فإن سا ، ط ، م (١٧) إذ القوة : ساقطة من م (١٨) للجسم : ساقطة من ط.

(١٩) حال : ساقطة من م. (٢٠) يجب : الواجب سا (٢١) فرضنا : فرضا م.

٢٣٠

قطعه وإبانته ، حتى يكون للقائل أن يقول إن (١) البعض المباين (٢) لا يحمل من (٣) القوة شيئا ، بل (٤) يكفينا (٥) أن نعين بعضا منه وهو بحاله فيتعرف حال ما يصدر عن ذلك البعض وعن القوة التي (٦) فيه وحدها التعرف (٧) المفروغ منه على سبيل التقدير. والمحركون للسفينة فإن الواحد منهم وإن لم (٨) يمكنه أن يحرك كل السفينة فيمكنه أن يحرك أصغر منها (٩) لا محالة ، ويلزم (١٠) ما قلنا.

ولقائل أن يقول : فالمحرك غير (١١) المتناهى القوة غير الجسمانى الذي (١٢) يحرك جسما لا يخلو إما أن يفيد حركة وإما أن يفيد قوة بها يتحرك ، فإن أفاد قوة (١٣) فقد أفاد قوة (١٤) غير متناهية للجسم ، فيلزمها أن تنقسم ، ويعرض (١٥) ما ذكرتم ، وإن أفاد حركة ، ولم يفد شوقا غريزيا وميلا لها ، فهو قسر ، وعندكم أن القسرى (١٦) لا يدوم. فالجواب أنه (١٧) إن أفاده (١٨) ميلا فإن الميل (١٩) وإن كان مبدأ قريبا للحركة فليس مبدأ قريبا لها من حيث هى غير متناهية ، بل من حيث هى تلك الحركة. فالميل وحده ليس بحيث تصدر عنه الأفعال غير (٢٠) المتناهية ، بل عن تأثير من مستبقيه على الدوم (٢١) ويدوم (٢٢) به ، وهو فى ذاته متناهى (٢٣) المقوى عليه إن كان له مقوى عليه وإن لم يفد ميلا ، فليس الحركة بقسرية أيضا كما حسبوا ، إذ القسرية هى التي تحالف الميل الطبيعى فى الشيء ما كان ، فإذا (٢٤) لم يكن ميل لما أفيد من الحركة لم يكن بالقسر (٢٥). فقد اتضح أنه من المستحيل أن تكون قوة الجسم هى التي يقتضى لذاتها أمورا بلا نهاية. ولقائل أن يقول : إن (٢٦) البرهان الذي ادعيتم إنما قام على قوة غير متناهية يحرك جسما غريبا خارجا عنها ولم يقم على قوة غير متناهية يحرك (٢٧) الجسم الذي هى (٢٨) فيه فإنه ليس لكم أن تقولوا : إن جميع القوة يحرك (٢٩) الشيء الأصغر الذي فرضنا أن بعض القوة يحركه ، لأن بعض القوة يحرك ما هو فيه وجميع القوة يحرك ما هو فيه ، وليس جميع القوة محركا فى وقت من الأوقات لما يحركه الجزء ، لأنه ليس فيه (٣٠). وإذا كان كذلك ، لم يتسق الكلام إلى الخلف ، فيكون الجواب

__________________

(١) إن : ساقطة من م (٢) المباين : المبان سا ، ط

(٣) من : ساقطة من د (٤) بل : ساقطة من م

(٥) يكفينا : كفينا ب. (٦) التي : الذي ط

(٧) التعرف : بالتعرف د ، للتعرف ط ، لتعرف م.

(٨) لم : ساقطة من م (٩) منها : منه سا ، ط ، م.

(١٠) ويلزم : ويلزمه ط. (١١) غير (الأولى والثانية) : الغير ب ، د ، سا ، ط

(١٢) الذي : التي سا. (١٣) أفاد قوة : أفاده قوة سا ، أفاد القوة ط

(١٤) قوة (الثالثة) : ساقطة من د

(١٥) ويعرض : ويوجب طا ، فكذب م.

(١٦) القسرى : القسر سا

(١٧) أنه : له م (١٨) أفاده : أفاد د ، سا.

(١٩) فإن الميل : فالميل سا. (٢٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٢١) الدوم : الدوام ط ، م (٢٢) ويدوم : يدوم سا ، م.

(٢٣) متناهى : متناه سا. (٢٤) فإذا : وإذا ط.

(٢٥) بالقسر : قسرا ط. (٢٦) إن : ساقطة من م.

(٢٧) جسما ... يحرك : ساقطة من سا ، م.

(٢٨) هى : هو م (٢٩) يحرك : + ما هو فيه وليس جميع القوة محركا ط.

(٣٠) فيه : فيها م.

٢٣١

عنه أن تتذكر ما اشترطناه من حديث (١) اعتبار هذا على حسب قضية شرطية متصلة تقديرية (٢) ، لا بحسب الوجود.

وإذ قد فتشنا عن هذا البحث حق التفتيش ، وبيناه (٣) على غير الوجه السخيف الذي يذكره من يخرف فى العلوم وأخذ القوة غير (٤) المتناهية كأنها فى نفسها غير متناه ، ويخرج خلفا بأنها يلزم أن تتضعف أو تنتصف (٥) (٦) أو تكون لها (٧) نسبة أخرى ، ولا يعلم أن القوة فى نفسها لا متناهية ولا غير متناهية (٨) ، بل معنى قوة غير متناهية أن مقابلها من المقوى عليه غير متناه فى القوة لا بالفعل ، وأن غير المتناهى فى القوة قد يعرض له ما يصير أكثر وأقل ، وأن تكون أشياء كثيرة كل واحد منها فى طبقة (٩) غير متناهية ، فيكون غير المتناهى مرتين وثلاثة وأربعة وأكثر من ذلك ويكون ذلك من جنس واحد ومن أجناس مختلفة ، فلا يستحيل تضعيف غير (١٠) المتناهى فى القوة فلا يستحيل تضعيف القوة التي هى قوة على ما لا يستحيل ، بل يجب أن يحام حول (١١) ما بيناه (١٢). فإذ (١٣) بينا ذلك ، فلينظر هل من الممكن أن تكون حركات وأكوان (١٤) متصلة بلا نهاية ، وهى (١٥) وإن كانت بلا نهاية فلها بداية زمانية هى طرف لم يكن قبله قبل.

[الفصل الحادى عشر]

ك ـ فصل (١٦)

فى أنه ليس للحركة والزمان شيء يتقدم عليهما (١٧)

الا ذات البارى تعالى (١٨) وانهما لا اول لهما من ذاتهما (١٩)

فلينظر أنه هل يمكن أن تبتدى الحركة من (٢٠) وقت ما من الزمان لم يكن له قبل ، أو الحركة (٢١) إبداعية ، وكل طرف من الزمان فله قبل وأن ذات البارى تعالى (٢٢) هو قبل كل شيء. فنقول : إن كل معدوم فإنه قبل وجوده هو (٢٣)

__________________

(١) حديث : ساقطة من سا

(٢) تقديرية : تقديره م. (٣) وبيناه : بيناه ط.

(٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط

(٥) أو تنتصف : وتنتصف م (٦) تتضعف أو تنتصف : تنصف د.

(٧) لها : ساقطة من د (٨) ولا غير متناهية : ساقطة من م.

(٩) طبقة : طبيعة ط. (١٠) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١١) حول : حوم سا ، ط

(١٢) ما بيناه : ما قد بيناه سا

(١٣) فإذ : وإذ قد سا ، وإذ ط.

(١٤) وأكوان : وألوان م (١٥) وهى : وهل ب ، د ، سا ، م.

(١٦) فصل : فصل ك ب ، الفصل الخامس ط ، الفصل الحادى عشر م.

(١٧) عليهما : ساقطة من من م.

(١٨) تعالى : ساقطة من سا (١٩) من ذاتهما : ساقطة من د.

(٢٠) من (الأولى) : فى د ، ط (٢١) أو الحركة : أو الحركات ط أم الحركة م.

(٢٢) تعالى : ساقطة من ب ، د ، سا ، م (٢٣) هو (الثانية) : ساقطة من سا ، م.

٢٣٢

جائز الوجود ، فجواز وجوده موجود قبل وجوده ، فإنه لو (١) لم يكن موجودا أنه جائز الوجود ، كان معدوما أنه جائز الوجود ، وكان ليس بجائز الوجود فكان ممتنع الوجود فجواز الوجود موجود قبل الوجود وجواز الوجود للموجود (٢) أمر محصل لا محالة ، ليس هو نفس العدم. فكم من معدوم غير جائز الوجود ، فهو إما جوهر قائم بنفسه وإما أمر هو موجود فى شيء ، ولو (٣) كان أمرا قائما بنفسه (٤) لا فى محل ولا فى موضوع ، لكان من حيث هو كذلك هو غير مضاف. لكنه من حيث هو جواز وجود هو مضاف إلى شيء ، ومعقول (٥) بالقياس ، فليس هو (٦) جوهرا قائما بذاته بل عسى أن يكون إضافة ما وعرضا ما لجوهر ، ولا يجوز أن يكون (٧) جوهرا له إضافة ، لأن تلك الإضافة تكون نسبة إلى الشيء المفروض معدوما ، ولا يمكن أن تكون (٨) تلك الإضافة (٩) نسبة مطلقة كيف اتفقت ، بل نسبة معينة ، ولا تتعين تلك النسبة إلا بأنها جواز فقط ، فيكون إذن الجواز نفس الإضافة لا جوهرا يلزمه إضافة هى غير الجواز ، ومجموعهما هو الجواز ، وليس وجوده بالحقيقة فيما يجوز وجوده وهو معدوم بعد ، فإن الصفة الموجودة لا تعرض لمعدوم ، ولا هو صفة للمبدإ الفاعل (١٠) حتى تكون هى القدرة ، فإن القدرة على الإيجاد أو جواز (١١) الإيجاد ليس هو جواز الوجود (١٢). ولذلك يصح أن يقول القائل : إن القدرة على الممتنع محال (١٣) ، وعلى ما ليس فى نفسه جائر الوجود محال. وليس يكون (١٤) ذلك هو (١٥) قولنا : إن القدرة على ما ليس جائر الإيجاد محال (١٦) ، أو جواز (١٧) إيجاد ما ليس بجائز الإيجاد محال ، فإن الأول من القولين يؤدى مفهوما (١٨) غير مفهوم القول الثاني ، فإن قائل القول الأول يفيد معنى غير هذر ، وقائل القول الثاني يفيد هذرا ، أى إذا قال إن (١٩) ما لا يجوز إيجاده ، لا يجوز إيجاده ، فإن قوله قول هذر (٢٠) لا كقول من يقول : إن ما لا يجوز وجوده فى نفسه لا يجوز إيجاده عن (٢١) غيره ، فإن هذا قول صحيح مستعمل فى القياس مقبول. وكذلك (٢٢) فإن الناظرين ينظرون فى الأمور هل هى جائزة الوجود ، حتى يحكموا أنها جائز إيجادها ، أو هل هى غير جائزة (٢٣) الوجود ، حتى يحكموا أنها غير جائز إيجادها. ويستحيل أن ينظروا أنها هل هى جائز إيجادها (٢٤)

__________________

(١) لو : ساقطة من م. (٢) للموجود : الموجود د ، م.

(٣) ولو : فلو سا ، ط.

(٤) وإما أمر ... بنفسه : ساقطة من سا.

(٥) ومعقول : ومعقوله د (٦) هو : ساقطة من ط.

(٧) يكون (الثانية): + جواز الوجود سا ، ط ، م.

(٨) ولا يمكن أن تكون : ولا تكون سا.

(٩) تكون ... الإضافة : ساقطة من د.

(١٠) الفاعل : الفاعل سا ، ط ، م

(١١) أو جواز : وجواز د. (١٢) الوجود : الإيجاد سا

(١٣) محال : ساقطة من م. (١٤) يكون : ساقطة من سا

(١٥) هو : عن سا. (١٦) محال : بمحال سا ، ط

(١٧) أو جواز : إذ جواز سا (١٨) مفهوما : معنى ما سا.

(١٩) إن : ساقطة من سا (٢٠) قول هذر : هذا ط.

(٢١) عن : من سا ، ط. (٢٢) وكذلك : ولذلك ط ، ساقطة من سا.

(٢٣) جائزة : جائز د (٢٤) ويستحيل ... إيجادها : ساقطة من سا.

٢٣٣

أو غير جائز إيجادها (١) ، ليتعرفوا من ذلك على سبيل الإنتاج أنها جائز إيجادها أو غير جائز إيجادها ، فبقى أن يكون جواز (٢) الوجود وهو القوة على (٣) الوجود قائما فى جوهر غير المحرك (٤) وغير قدرته ، والجوهر الذي فيه جواز وجود الحركة هو الذي من شأنه أن يتحرك. فظاهر (٥) من هذا أن الذي لم يتحرك ، ومن شأنه أن يتحرك ، يسبق (٦) ابتداء (٧) حركته ، فإذا كان ذلك الشيء موجودا ولا يتحرك ، وجب أن (٨) لا تكون العلة المحركة أو الأحوال (٩) والشرائط التي لأجلها يصدر التحريك من المحرك فى المتحرك (١٠) موجودات ثم وجدت ، فيكون قد تغير حال قبل تلك الحركة (١١).

فإن الحركة وكل ما لم يكن ثم كان ، فله علة توجب وجوده بعد عدمه ، ولو لاها لم يكن عدمه ليس (١٢) بأولى من وجوده ، ولا يتميز له (١٣) أحد الأمرين لذاته ، فيجب أن يتميز لأمر (١٤). وذلك الأمر إن كان تميز ذلك الوجود عنه عن العدم ولا (١٥) تميزه (١٦) سواء ، كان الأمر بحاله ، بل يجب أن يكون الأمر يترجح فيه (١٧) تمييز (١٨) الوجود عن العدم. والترجح إما أن يكون ترجحا يوجب أو ترجحا (١٩) لا يبلغ أن يوجب فيكون (٢٠) الكلام (٢١) بحاله ، بل يجب لا محالة أن يوجب ، وعلى (٢٢) كل حال فيجب أن يكون سبب مرجح أو موجب قد حدث. والكلام فى حدوثه ذلك الكلام بعينه ، فإما أن يكون لحدوثه أسباب ذات ترتيب بالطبع لا نهاية لها موجودة معا ، أو موجودة على التتالى. فإن كانت موجودة معا فقد وجد المحال ، وإن كانت موجودة على التتالى فإما (٢٣) أن يكون كل واحد منها (٢٤) يبقى زمانا أو تتالى الآنات ، فإن بقيت زمانا كانت حركة بعد حركة على التشافع لا تنقطع ، وكان قبل الحركة الأولى حركة وكانت (٢٥) الحركات قديمة وقد جعلنا لها مبدأ ، هذا خلف. وإن بقيت آنات فتتالت الآنات بلا توسط زمان ، وذلك أيضا محال ، فبين (٢٦) أنه إذا حدث فى جسم أمر لم يكن ، فقد حصل لعلة ذلك الأمر إلى الجسم نسبة (٢٧) لم تكن ، وتلك النسبة نسبة وجود (٢٨) بعد عدم لذات أو لحال ، إما حركة توجب قربا أو بعدا أو موازاة أو خلافها ، وإما حدوث قوة محركة لم تكن (٢٩) وإما إرادة حادثة. وكل ذلك فلحدوثه سبب الاتصال شيئا بعد شيء ، وذلك لا يمكن إلا بحركة تنظم الزمان شيئا بعد شيء ، وتحفظ الاتصال لامتناع تتالى الآنات ، ولأنه إن لم تكن حركة تنقل أمرا إلى أمر وجب أن تقع

__________________

(١) أو غير جائز إيجادها : ساقطة من د. (٢) جواز (الأولى) : جائز سا (٣) على : حتى م (٤) المحرك : المتحرك سا. (٥) فظاهر : وظاهر د ، ط (٦) يسبق : سبق سا (٧) ابتداء : + وجود ط.

(٨) أن : ساقطة من د ، سا (٩) أو الأحوال : والأحوال ط.

(١٠) فى المتحرك : ساقطة من د (١١) الحركة : الحالة سا.

(١٢) ليس : ساقطة من م. (١٣) له : ساقطة من ط

(١٤) لأمر : لا به سا. (١٥) ولا : أو لا سا

(١٦) تميزه : يميز د (١٧) فيه : ساقطة من سا

(١٨) تمييز : تميز ط ، م. (١٩) يوجب أو ترجحا : ساقطة من م

(٢٠) فيكون : + ذلك ط (٢١) الكلام : + فى حدوثه بعينه والكلام ط

(٢٢) وعلى : على م. (٢٣) فإما : وإما د (٢٤) منها : منهما م. (٢٥) وكانت : فكانت سا.

(٢٦) فبين : فتبين ط. (٢٧) نسبه : نسبتة م (٢٨) وجود : وجودية ط.

(٢٩) لم تكن : ساقطة من سا.

٢٣٤

العلل والمعلولات معا. فإن السبب الحادث الموجب أو المرجح إن كان قار الوجود (١) فإنه إما أن يكون بطبيعته يوجب ويرجح ، أو يكون (٢) لأمر (٣) يعرض له ، فإن كان ذلك لطبيعته تميز (٤) عنه وجود ما هو علته (٥) ، وإن كان لعارض فليس هو لذاته علة ، بل مع ذلك العارض. فيجب إن كانت قارة الوجود أن يجب معها المعلول بلا تأخر (٦) وإن (٧) كانت حادثة غير متجددة (٨) لزم بعينه الكلام (٩) الأول. فإذا كانت العلل والأحوال (١٠) التي بها العلل عللا قارة الوجود حادثة أو غير حادثة ، لم يتم للحادث (١١) بها وحدها وجود. فإن القار إن كان دائما كان موجبه لا يتأخر فيصير (١٢) حادثا ، وإن كان حادثا كان لكونه علة علة (١٣) أخرى. فيجب إذن أن تكون فى العلل أو أحوال العلل (١٤) علة غير قارة الوجود ، بل وجودها على التبدل (١٥) وعلى النقل (١٦) من أمور إلى أمور ، وليس هذا غير الحركة أو (١٧) الزمان ، والزمان فى نفسه لا يفعل فعلها. فالحركة (١٨) تقرب وتبعد فتكون سببا وعلة بوجه (١٩) ما إذ (٢٠) تقرب العلة ، فقد بان إنه إن كان كما فرضنا للحركة مبدأ بهذه الصفة كان قبلها حركة ، فلا يكون للحركة المطلقة مبدأ إلا الإبداع ، ولا قبلها شيء (٢١) إلا ذات المبدع ، جل كبرياؤه (٢٢) ، قبلية بالذات لا بالزمان. وكيف يكون قبلها (٢٣) إلا ذات المبدع ، وقد منعنا أن يكون للزمان فى نفسه آن أول متقدم عليه ، أو شيء (٢٤) أول (٢٥) إلا ذات البارى المبدع. فلذلك (٢٦) لا يكون للحركة ابتداء زمانى إلا على جهة (٢٧) الإبداع ، ولا شيء يتقدم (٢٨) عليها (٢٩) إلا ذات المبدع.

وليس لقائل أن يقول : إنكم قد جعلتم الحركة واجبة الوجود ، وواجب (٣٠) الوجود لا يحتاج إلى موجد ، فالجواب أن الواجب (٣١) الوجود على نحوين : أحدهما واجب الوجود مطلقا ولذاته (٣٢) ، والآخر (٣٣) واجب (٣٤) الوجود بشرط وبغيره ، مثل كون الزوايا مساوية لقائمتين ، وذلك ليس واجبا مطلقا ، بل واجب إذا كان الشكل مثلثا وكذلك وجوب

__________________

(١) الوجود : الزمان سا.(٢) أو يكون : أن يكون ط

(٣) الأمر : الأمر م (٤) تميز : ثم ب ، د

(٥) علته : عليه ب ، د. (٦) تأخر : تأخير ط

(٧) وإن : وإذا سا ، ط ، وأما إذا م.

(٨) غير متجددة : متجددة غير قارة بخ ، سا

(٩) الكلام : الزمان سا (١٠) والأحوال : أو الأحوال سا ، ط ، م.

(١١) بها ... للحادث : ساقطة من سا. (١٢) فيصير : ساقطة من سا ، م.

(١٣) علة علة : علة سا (١٤) أو أحوال العلل : ساقطة من م.

(١٥) التبدل : التبديل سا (١٦) النقل : التنقل ط

(١٧) الحركة أو : ساقطة من سا. (١٨) فالحركة : الحركة سا ، ط ، م

(١٩) بوجه : لوجه د ، ط (٢٠) إذ : أو د. (٢١) حركة ... شيء : ساقطة من م.

(٢٢) جل كبرياؤه : ساقطة من ب ، د (٢٣) جل ... قبلها : ساقطة من سا.

(٢٤) شيء : ساقطة من ب ، د (٢٥) أول : ساقطة من م

(٢٦) فلذلك : وكذلك سا ، ولذلك ط ، فكذلك م.

(٢٧) جهة : وجه م (٢٨) يتقدم : متقدم ط.

(٢٩) ولا شيء يتقدم عليها : ساقطة من سا ، م

(٣٠) وواجب : والواجب م. (٣١) الواجب : واجب ط ، م

(٣٢) ولذاته : لذاته ط ، ساقطة من سا (٣٣) والآخر : الآخر د ، م.

(٣٤) واجب : ساقطة من ط.

٢٣٥

النهار مع (١) طلوع الشمس فهو واجب بعلة (٢) ، وليس وجوب النهار (٣) ولا طلوع الشمس واجبا بذاته. ونحن أوجبنا وجوب (٤) قدم الحركة إن فرض للحركة ابتداء لا على نحو الإبداع ، وذلك محال. فهذا بشرط (٥) ولم نوجب لها وجوب الوجود لذاته (٦) ، وليس إذا جعل للشيء وجوب وجوده مرسلا أو عند شرط ، فقد جعل له (٧) ذلك لذاته. فقولنا (٨) إنه يجب أن (٩) تكون حركة ، لا يمنع أن يكون ذلك الوجوب عن (١٠) مبدأ ، ولا قولنا وإنه يجب أن تكون الحركة دائمة (١١) الفيضان (١٢) عن (١٣) محرك ، لو قلناه ، يوجب (١٤) أن تكون تلك الحركة واجبة الوجود لذاتها ، بل إذا قلنا لا يمكن أن لا تكون حركة ، تكون كأنا نقول : لا يمكن أن لا يكون محرك حرك. فإنا إذا قلنا : لا يمكن أن تكون (١٥) حركة تحدث فى الزمان إلا وقد كان فى القبل لذلك الزمان حركة ، نكون كأنا قلنا : لا يمكن أن يكون (١٦) محرك حرك فى الزمان إلا ويكون قد حرك قبله محرك هو أو غيره. فإن قال قائل : إن تجويزكم (١٧) فى قدرة الله تعالى (١٨) أن تكون ، كأن يخلق قبل كل خلق خلقا ، وقبل كل حركة حركة ، كمن (١٩) شاء تجويز منكم (٢٠) بأن يكون الله جائزا عليه إن كان (٢١) يخلق خلقا قبل (٢٢) خلق ، على وجه جعلكم الحركة لا بداية لها ، وهذا يوجب أن تقولوا بوجود حركات بلا نهاية (٢٣) فى الماضى ، فتكون الحركات التي إلى الطوفان أقل ، والتي إلى (٢٤) زماننا أكثر. ولا شك فى كون الأقل مما لا نهاية له متناهيا (٢٥) ، فيكون ما ليس له نهاية (٢٦) متناهيا. وأيضا فإن الحركة الأخيرة (٢٧) يكون وجودها موقوفا على وجود حركات بلا نهاية وما توقف وجوده على ما لا يتناهى (٢٨) لا يوجد (٢٩). وأيضا (٣٠) فإنكم تكونون قد أوجدتم بالفعل ما لا نهاية له فى الحركات ، إذ كل (٣١) حركة منها فقد وجد (٣٢) بالفعل لا محالة. وأيضا فإنه إذا كانت كل حركة حادثة ، فكل (٣٣) الحركات وجملتها حادث (٣٤) ، فالجواب عن التشكك (٣٥) الأول أن تلك الحركات إذا (٣٦) فرضناها (٣٧) قد خلقها الله عزوجل (٣٨) ، فإنها إذا اعتبرت (٣٩) من (٤٠) الآن كان لا وجود

__________________

(١) مع : ومع سا (٢) بعلة : لعلة ط ، م. (٣) مع ... النهار : ساقطة من م (٤) وجوب : وجود د ، سا ، ط ، م (٥) بشرط : لشرط د. (٦) لذاته (الأولى) : لذاتها م (٧) له : ساقطة من م (٨) فقولنا : وقولنا سا ، ط ، م. (٩) أن : أن لا سا (١٠) عن : من ط (١١) دائمة : دائم سا. (١٢) الفيضان : والنقصان م (١٣) عن : غير د ، من ، ط (١٤) يوجب : لوجب ط. (١٥) أن تكون : أن لا يكون سا. (١٦) يكون : ساقطة من د. (١٧) تجويزكم : تجوزكم د ، سا (١٨) تعالى : ساقطة من ب ، د ، سا ، م. (١٩) كمن : كم سا ، ط ، م

(٢٠) تجويز منكم : تجويزكم م (٢١) كان : ساقطة من ط (٢٢) قبل : + كان ط. (٢٣) بلا نهاية : لا نهاية سا. (٢٤) والتي إلى : وإلى ط ، م (٢٥) متناهيا : متناهية ط (٢٦) له نهاية : ساقطة مى من م. (٢٧) الحركة الأخيرة : ساقطة من سا. (٢٨) ما لا يتناهى م : ما يتناهى م (٢٩) لا يوجد : لا بوجه سا (٣٠) وأيضا : أيضا ط (٣١) إذ كل : أو كل سا. (٣٢) وجد : وجدت م (٣٣) فكل : أو كل د (٣٤) حادث : حادثة ط.

(٣٥) التشكك : الشك سا ، ط ، التشكل م (٣٦) إذا (الأولى) : إذ د (٣٧) فرضناها : فرضنا د ، سا

(٣٨) عزوجل : ساقطة من سا ، م (٣٩) اعتبرت : اعتبر ب ، د (٤٠) من ساقطة من سا ، ط ، م.

٢٣٦

لها البتة بل (١) معدومة. فإذا قيل لها إنها غير متناهية ، فليس على أن (٢) لها كم حاصلا غير متناه ، بل على أن أى عدد للحركات توهمناه (٣) وجدنا قبله عدة (٤) كانت ، وإذا هى معدومة فلا يخلو إما أن يجوز أن يقال فى المعدومات إنها أكثر وأقل (٥) ومتناهية وغير متناهية ، أو لا يجوز. فإن لم يجز فقد زال الاعتراض ، وإن جوز فسيجوز (٦) ضرورة أن المعدومات بلا نهاية معا وأن بعضها أقل من بعض ، كالمعدومات فى المستقبل التي هى كسوفات القمر ، فإنها أقل من دورات القمر ، وعودات عدة أفلاك منها أقل من عودات فلك (٧) واحد. والتي (٨) من زمان الطوفان أكثر من التي من (٩) زماننا ، ومع ذلك فهى غير متناهية. وهاهنا قوم يرون (١٠) للمعدومات (١١) ذواتا حاصلة ، متميزة (١٢) بعضها عن بعض والصنف الواحد منها كالسواد والبياض غير متناهى العدد. وإن لم نقل فى هذه المعدومات التي فى المستقبل إن كل واحد منها كذا ، بسبب أنها معدومة ، فلا يقال فى المعدومات التي فى الماضى : إن كل واحد منها كذا وإن قيل فى المستقبل (١٣) : كل واحد (١٤) ولم يوجب كلا ولا جملة (١٥) فكذلك لنقل فى الماضى ، ولا يوجب جملة. وبالحرى أن لا يقال : جملة مستقبلة ، ولا جملة ماضية ، فإن الجملة لا وجود لها البتة لا فيما مضى ولا فيما يستقبل ولا هى أكثر ولا هى أقل ، ولا هى متناهية ولا غير (١٦) متناهية ، لا التي (١٧) (١٨) بمعنى السلب ، بل بمعنى كم ليس له نهاية. نعم الجملة الماضية والمستقبلة غير متناهية بمعنى السلب المطلق ، كما يسلب عما لا وجود له البتة ، وكما يسلب الوجود.

ولا عذر يقبل لمعتذر يقول : إن الماضى دخل فى الوجود فلذلك يستحيل أن لا يتناهى والمستقبل لم يدخل فإنه لا يسلم له أن الماضى دخل فى الوجود ، بل كل واحد من الماضى قد دخل فى الوجود ، وليس الحكم على كل واحد حكما على كلية الماضى. كما أنه قد يسلم فيه أن كل واحد من المستقبل يجوز أن يدخل فى الوجود ، وليس الحكم على كل واحد (١٩) حكما على (٢٠) كلية تكون (٢١) للمستقبل حتى تكون كلية المستقبل تدخل فى الوجود ، ويكون له كلية البتة ، بل (٢٢) والمتناهيات التي (٢٣) دخل فى الوجود كل واحد منها أو يدخل على أن الثاني يعقب عدم الأول لا يوجد (٢٤) لها جملة ، لأن الجملة يفهم منها الاجتماع ، وهذه لم يجتمع فى الوجود البتة (٢٥) ، وإن كان كل واحد موجودا بانفراده

__________________

(١) بل : + هى سا ، ط ، م (٢) أن : ساقطة من م.

(٣) توهمناه : توهمنا ط (٤) عدة : غيره سا ، م.

(٥) وأقل : أو أقل ط ، م (٦) فسيجوز : فيجوز ط.

(٧) فلك : فكل سا (٨) التي : الذي د.

(٩) من : فى ط (١٠) يرون : + أن ط

(١١) للمعدومات : المعدومات ب

(١٢) متميزة : متميزا ط ، م. (١٣) فى المستقبل : للمستقبل ب ، د

(١٤) كذا ... كل واحد : ساقطة من م.

(١٥) ولا جملة : وجملة سا ، ط ، م. (١٦) ولا غير : ولا هى غير ط

(١٧) لا التي : ليس التي ط ، م (١٨) التي : + ليس سا.

(١٩) واحد : + يكون ط ، م (٢٠) كلية ... حكما على : ساقطة من م.

(٢١) تكون : ساقطة من ط. (٢٢) البتة بل : الشريك سا

(٢٣) التي : ساقطة من د (٢٤) لا يوجد : ولا يوجد م.

(٢٥) البتة : ساقطة من م.

٢٣٧

وقتا لا وجود للآخر فيه. نعم (١) قد اجتمعت فى وصف العقل لها بأنها كانت موجودة ، والاجتماع فى الحمل وفى وصف العقل غير الاجتماع فى الوجود ، مثل اجتماع كل إنسان فى أنه حيوان ، ولا جملة لهم البتة.

وأما الاعتراض الثاني فلا يخلو إما أن نعنى بالتوقف (٢) المذكور فيه أن يكون أمران معدومان فى وقت ، وشرط وجود أحدهما فى المستقبل أن يوجد المعدوم الثاني قبله ، حتى يكون موقوف الموجود عليه. فإن كان الأمر على هذا ، وكان أمرا فى الماضى معدوما ، ومن شرط وجوده أن توجد أمور بغير نهاية فى ترتيبها وكلها معدومة (٣) ، فيبتدئ فى الوجود من (٤) وقت ما يشترط ، استحال أن يوجد أمر موقوف الوجود على أمور غير متناهية لا موجود فيها. وأما أن يعنى به (٥) أنه ليس يوجد إلا وقد وجد قبله أمور ، واحدا قبل آخر لا نهاية لها من غير أن يكون وقت كلها فيه معدومة ، فإن أرادوا هذا فهذا (٦) نفس المطلوب ، فلا يجوز (٧) أن تكون مقدمته قياس على إبطاله ، وأما ما بعد هذا الاعتراض ، فإنما جهلوا فيه الفرق بين كل واحد وبين الكل ، فإنه ليس إذا كان كل واحد من الأشياء بصفة ، يجب أن يكون الكل (٨) يتلك الصفة ، بل لا يجب أن يكون له كل حاصل ، ولو كان كذلك لكان الكل جزءا ، إذ كل واحد جزء. ولا يرون أن (٩) الأمور التي فى المستقبل (١٠) كل واحد منها جائز الوجود ، والكل غير جائز الوجود ، فليس حقا ما قالوه : إنه إذا (١١) خرج كل واحد إلى الوجود بالفعل حاصلا فالكل (١٢) قد خرج ، ليس (١٣) فى غير (١٤) المتناهى ، بل الأمر على ما قلناه : إنه لو كانت عشرة متناهية تتوالى فى الوجود واحدا (١٥) بعد بطلان الآخر ، فلا يشك أن هذه العشرة يكون كل واحد منها موجودا بالفعل وقتا ، والكل غير موجود بالفعل البتة ، فإنه لا يكون لمثل هذا الكل من حيث هو كل وجود البتة. وقد يلزم هؤلاء الذين يمنعون (١٦) أن يكون لذات الخالق هذا الاقتدار غير (١٧) المتناهى ما أقوله ، وهو أنهم يجوزون لا محالة أن يكون قبل الحركة الأولى عدة حركات متناهية يوجدها (١٨) الموجد ، لكل واحد منها (١٩) حال من غير البقاء ، والبقاء محصل ويوالى (٢٠) عليه من غير انقطاع ، وعددها عشرة مثلا.

فلا يخلو إما أن يكون عندهم جائزا مع جواز إيجاد أولها إلى إيجاد الحركة الموجودة الآن أن توجد عشرون (٢١) حركة

__________________

(١) نعم : ساقطة من م. (٢) بالتوقف : بالوقف سا. (٣) وكلها معدومة : وكلها معدوما ط ، وكل معدومة م.

(٤) من : ساقطة من د. (٥) به : ساقطة من سا ، م. (٦) فهذا : ساقطة من م ؛ + هو سا

(٧) فلا يجوز : ولا يجوز ط. (٨) الكل : ساقطة من م. (٩) أن : إلى سا

(١٠) المستقبل : + أن سا. (١١) إذا ؛ إذ م

(١٢) فالكل : والكل ب (١٣) ليس : فليس ب

(١٤) غير : ساقطة من م. (١٥) واحدا : واتحدوا سا.

(١٦) يمنعون : لا يمنعون ب ، د. (١٧) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط.

(١٨) يوجدها : يوجد هما سا. (١٩) منها : منهما د

(٢٠) ويوالى : يتوالى سا ، ط ، م. (٢١) عشرون : عشرين ب ، سا ، م.

٢٣٨

على التوالى المذكور ، على أن بقاء كل واحد منها أو لا بقاؤه (١) على نحو ما فرضناه لهذه العشرة ، أو لا يكون ذلك عندهم جائزا. فإن جوزوا لم يمتنع أن توجد تلك (٢) العشرة فى أجسام وهذه العشرون فى أجسام أخرى فتكون فى مدة تلك العشرة وجدت هذه العشرون (٣) ، وحال كل واحد فى البقاء وغير البقاء كحال الآخر ، وهذا محال. وإن لم يجوزوا ، لزم أن يكون فى حال (٤) العدم عدد لجواز وقوع الحركات وإيجادها مرتب (٥) ويلزم (٦) لا محالة أن يكون ذلك مما لا يتناهى ، إذ لا حال هو حال أول جواز ، فتكون موجودات بالفعل على طريقتهم ليس لها نهاية فى الماضى ، وقد منعوا (٧) هذا. ويلزم أمور أخرى مما ألزمناه (٨) فى باب الزمان أن تكون هناك تغييرات (٩) متتالية ، وإلا لما كان وجود بعد وجود ، وأن يكون الموضوع لها موجودا ، إذ لا تغير إلا بموضوع (١٠) ، وأن يكون (١١) الموضوع ذات الأحد الحق عندهم ، إذ لا شيء غيره ، وهذا إلحاد ، سبحانه وتعالى عما يقول الملحدون.

__________________

(١) أو لا بقاؤه : ولا بقاؤه د ، ط ، م.

(٢) تلك : هذه د.

(٣) العشرون : + فوجدت عشرون حركة تجتمع مع عشر حركات وحالهما فى السرعة والبطء واحد وطبيعتها ط.

(٤) حال : حالة ط

(٥) مرتب : يرتب د ؛ مرتبا ط

(٦) ويلزم : ويلزمه م.

(٧) منعوا : + من سا

(٨) ألزمناه سا

(٩) تغييرات : تغيرات د ، سا ، ط ، م.

(١٠) بموضوع : لموضوع د ، ط ؛ الموضوع م

(١١) يكون : يكن م.

٢٣٩

[الفصل الثاني عشر]

ل ـ فصل (١)

فى تعقب (٢) ما يقال ان الأجسام الطبيعية تنخلع (٣) عند التصغر المفرط

صورها بل لكل واحد (٤) منها حد لا تحفظ صورته (٥) فى أقل منه

وكذلك تعقب ما قيل ان من الحركات ما لا اقصر (٦) ) منه

ومما يليق إلحاقه بهذه الفصول ، النظر فى حفظ الأجسام للصور خلال الاتصال ، وأنها هل تبقى لها مع انقسامها إلى غير النهاية ، أى هل كما أن الأجسام (٨) لا تتناهى فى الصغر انقساما وتحفظ (٩) صورة الجسمية ، كذلك تحفظ سائر الصور التي لها (١٠) مثل المائية والهوائية (١١) وغير ذلك.

أما الصور التي لها بحسب المزاج فيشبه أن تكون ضرب من التحليل يردها إلى بسائطها العادمة للصورة (١٢) المستفادة بالمزاج ، وإن كان قد يتوهم ضرب آخر لا يجب معه الرجوع إلى (١٣) البسائط ، وذلك بأن تكون القسمة تتناول البسائط أيضا ، لا أن (١٤) تحل (١٥) إليها.

لكن الأولى أن يجعل كلامنا فى انقسام الصور البسيطة ، فنقول : إن الظاهر من (١٦) المذاهب المنسوبة إلى صدور المشائين ، أن هذه الأجسام تنتهى إلى أجزاء إذا (١٧) جزئت بعد ذلك لم تكن الصورة فيها (١٨) موجودة (١٩) ، حتى يكون عندهم أن للماء شيئا هو أصغر صغير (٢٠) الماء (٢١) ، وكذلك للهواء (٢٢) ، وكذلك لسائر العناصر. وإذا كان قولهم فى البسائط

__________________

(١) فصل : فصل ل ب ، الفصل السادس ط ؛ الفصل الثاني عشر م.

(٢) تعقب : تعقيب ط

(٣) تنخلع : تخلع د ؛ تنخلق م.

(٤) واحد : ساقطة من ب ، سا ، م

(٥) صورته : صورة د.

(٦) لا أقصر ... لأقصر سا

(٧) أقصر : أخت ب ، د.

(٨) الأجسام : الانقسام م

(٩) وتحفظ : تحفظ ط.

(١٠) لها : التي : ساقطة من م

(١١) والهوائية : والترابية سا.

(١٢) للصورة : للصور سا ، ط.

(١٣) إلى : ساقطة من ط.

(١٤) لا أن : لأن م (١٥) تحل : يتحل ط.

(١٦) من : فى سا. (١٧) إذا : ساقطة من م

(١٨) فيها : ساقطة من (١٩) موجودة سا ، ط ، م.

(٢٠) صغير : صغيرا ط ؛ صغر م (٢١) الماء : للماء ط ، م

(٢٢) للهواء ، الهواء سا.

٢٤٠