الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]

الشّفاء ـ طبيعيّات - ج ١

المؤلف:

أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا [ شيخ الرئيس ابن سينا ]


المحقق: سعيد زايد
الموضوع : العلوم الطبيعيّة
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

بعد فهو قبل ، فالآن واصل لا فاصل ، فالزمان لا يكون له آن بالفعل موجودا (١) بالقياس إلى نفسه ، بل بالقوة ، أعنى به (٢) القوة (٣) القريبة من الفعل ، وهو أن الزمان يتهيأ أن يفرض فيه الآن دائما إما بفرض الفارض أو بموافاة الحركة حدا مشتركا غير منقسم ، كمبدإ (٤) طلوع أو غروب أو غير ذلك. وذلك بالحقيقة ليس إحداث فصل فى ذات الزمان نفسه ، بل فى إضافته إلى الحركات ، كما يحدث من (٥) الفصول الإضافية فى المقادير الآخر (٦) ، كما ينفصل جزء جسم من جزء آخر بموازاة أو مماسة أو فرض فارض ، من غير أن يكون قد حصل فيه بالفعل فصل فى نفسه بل حصل فيه (٧) فصل مقيسا إلى غيره. وهذا الآن إذا حصل بهذه النسبة فليس يكون عدمه إلا فى جميع الزمان بعده. وقول القائل إنه إما أن يفسد فى آن يليه أو آن (٨) لا يليه ، هو بعد أن يسلم (٩) أن له فسادا (١٠) مبتدأ فى آن بلا ابتداء فساده هو فى (١١) طرف الزمان الذي هو (١٢) فى جميعه يعدم (١٣) ، فإنه لا يفهم من الفساد غير أن يكون الشيء معدوما بعد وجوده. ووجوده فى هذا الموضع هو أنه (١٤) طرف الزمان الذي هو فيه معدوم. كأنك قلت إنه فى طرف الزمان الذي هو معدوم فيه موجود ، وليس لفساده (١٥) مبدأ فساد هو أول آن فسد فيه ، بل بين وجوده وعدمه فصل هو وجوده لا غير. وأنت ستعلم (١٦) أنه ليس للمتحرك والساكن والمتكون والفاسد أول آن هو فيه (١٧) متحرك أو ساكن أو متكون أو فاسد ، إذ الزمان (١٨) منقسم (١٩) بالقوة إلى غير النهاية. والذي يظن من أنه يمكن أن (٢٠) يقال على هذا أن الآن إما أن يعدم قليلا قليلا فيمتد أخذه (٢١) إلى العدم مدة أو يعدم دفعة ، فيكون عدمه فى آن هو قول يحتاج أن يبين فساده.

فنقول : إن المعدوم أو الموجود دفعة بمعنى الذي يحصل فى آن واحد ، ليس لازما لمقابل (٢٢) الذي يعدم قليلا قليلا أو الذي يوجد قليلا قليلا ، بل هو أخص من ذلك المقابل. وذلك المقابل (٢٣) هو الذي ليس يذهب إلى الوجود أو إلى العدم أو الاستحالة أو غير ذلك قليلا قليلا ، وهذا يصدق على ما يقع عليه دفعة ، ويصدق على الأمر الذي يكون فى جميع زمان ما معدوما ، وفى طرفه الذي ليس بزمان موجودا ، أو الأمر الذي يكون فى جميع زمان ما (٢٤) موجودا (٢٥) وفى طرفه الذي ليس بزمان معدوما. فإن هذين ليسا يوجدان أو يعدمان قليلا قليلا ، والأول أيضا

__________________

(١) موجودا : موجود م. (٢) به : ساقطة من سا ، ط ، م

(٣) القوة : ساقطة من ب. (٤) كمبدإ : كبدأ ط.

(٥) من : فى سا (٦) الأخر : الأول ط.

(٧) فيه : + بالفعل ط. (٨) أو آن : وآن د

(٩) يسلم : يتسلم ب ، سا (١٠) فسادا : فساد ب ، سا.

(١١) فى (الأولى) : ساقطة من م

(١٢) هو (الثانية) : وهو م (١٣) يعدم : معدوم هامش د.

(١٤) أنه : أن د. (١٥) لفساده : إفساده سا.

(١٦) ستعلم : تعلم ط (١٧) فيه : ساقطة من م.

(١٨) إذ الزمان : فالزمان سا (١٩) منقسم : ينقسم سا ، ط

(٢٠) أن (الأولى) : ساقطة من م. (٢١) أخذه : أخذا ط ، م.

(٢٢) لمقابل : لقابل ط. (٢٣) وذلك المقابل : ساقطة من م.

(٢٤) معدوما .... زمان ما : ساقطة من سا. (٢٥) أو الأمر .... موجودا : ساقطة من م.

١٦١

كذلك وهو الذي يكون وجوده أو عدمه فى آن. لكن هذا الوجه يباين ذلك (١) الوجه الأول ، لأن (٢) الوجه الأول قد فرض (٣) فيه الحكم فى أن الزمان الذي هو نهايته بالذات ، كالحكم فى جميع الزمان ، وفى هذا الوجه قد فرض الحكم فى الآن مخالفا للحكم فى الزمان من غير أن يوضع آن (٤) بعد الآن المخالف (٥) ، وإلا لوقعت مشافعة (٦) بين آنات ، ولكان ذلك الآن هو الطرف بالذات وليس كلامنا فى أن هذا الوجه الثاني يصح وجوده أو لا يصح ، فإنا لا نتكلم فيه من حيث يصدق بوجوده ، بل نتكلم فيه من حيث هو محمول عليه سلب ما ، وذلك السلب هو أنه ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا (٧) ، وله فى ذلك شريك. فذلك (٨) الشريك أخص من هذا السلب ، والأخص لا يلزم الأعم ، وليس يجب أن يكون الشيء من حيث يتصور موضوعا أو محمولا بحيث يصدق بوجوده (٩) أو لا يصدق ، قد علم هذا فى صناعة المنطق.

فإذا كان قولنا ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، أعم من قولنا يوجد دفعة ، أو يعدم دفعة ، بمعنى أنه يكون حاله ذلك فى آن مبتدأ فليس قول القائل إنه (١٠) إما أن يكون قليلا قليلا أو يكون دفعة بهذا (١١) الوجه ، صادقا (١٢) صدق المنفصل المحيط بطرفى النقيض أو المحيط بنقيض ، وما يلزم نقيضه وأيضا فإن مقابل ما يوجد دفعة هو ما لا يوجد دفعة ، أى لا يوجد فى آن مبتدأ. وليس يلزمه لا محالة أنه يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، بل قد يصدق معه الذي بحسب الوجه المذكور ، اللهم إلا أن يعنى بالموجود دفعة الذي لا يوجد آن إلا وهو (١٣) فيه حاصل الوجود ، ولا يوجد آن هو فيه بعد فى السلوك. وكذلك (١٤) فى المعدوم دفعة بحسبه (١٥) ، فإن كان عنى هذا ، كان هذا لازم (١٦) المقابل وصحت القضية ، ولكن لم يجب أن يكون وجوده المبتدأ دفعة أو عدمه. وهاهنا شيء (١٧) وإن كان لا يليق بهذا الموضع فينبغى أن نذكره ليكون سبيلا إلى تحقق (١٨) ما قلناه ، وهو أنه بالحرى أن نتعرف لنعرف هل الآن المشترك بين زمانين (١٩) فى أحدهما الأمر بحال وفى الآخر بحال أخرى ، قد يخلو الأمر فيه (٢٠) عن الحالين جميعا ، أو يكون (٢١) فيه على إحدى (٢٢) الحالين دون الأخرى.

فإن كان الأمران (٢٣) فى قوة المتناقضين كالمماس وغير المماس والموجود والمعدوم وغير ذلك ، فمحال (٢٤) أن يخلو الشيء فى الآن المفروض عنهما جميعا ، فيجب أن يكون لا محالة على أحدهما ، فليت شعرى على أيهما يكون.

فنقول إن الأمر الموجود لا محالة يرد عليه أمر فيعدمه (٢٥) فلا نحلو إما أن يكون ذلك (٢٦) الوارد مما يصح وروده

__________________

(١) ذلك : ساقطة من سا (٢) لأن : + فى سا. (٣) فرض : يفرض هامش د. (٤) آن : آنا ط ، آناء م

(٥) المخالف : المخالفة م (٦) مشافعة : مسافة سا. (٧) قليلا قليلا : قليلا د (٨) فذلك : بذلك سا.

(٩) بوجوده : وجوده سا. (١٠) إنه : ساقطة من م (١١) بهذا : وبهذا م (١٢) صادقا : صادق ط.

(١٣) هو : ساقطة من م (١٤) وكذلك : ولذلك ب (١٥) بحسبه : بحسب د ، م (١٦) لازم : اللازم د.

(١٧) شيء : + آخر هو ط. (١٨) تحقق : تحقيق ط ، م (١٩) زمانين : الزمانين ط. (٢٠) فيه (الأولى) : ساقطة من م (٢١) أو يكون : أن يكون م (٢٢) إحدى : أحد د ، ساقطة من سا. (٢٣) الأمران : الآخر د

(٢٤) فمحال : فيحال م. (٢٥) فيعدمه : ساقطة من سا (٢٦) ذلك : + الشيء د ، ط ، م.

١٦٢

فى آن ، وهو الشيء الذي تتشابه حاله فى أى آن أخذت فى زمان وجوده ، ولا يحتاج فى آن يكون إلى أن يطابق مدة. وما كان هكذا فالشيء فى الفصل المشترك موصوف به (١) ، كالمماسة وكالتربيع وغير ذلك من الهيئات القارة التي يتشابه وجودها فى كل آن زمان وجودها. وإما أن يكون الشيء بخلاف هذه الصفة (٢) فيقع وجوده فى زمان ولا يقع (٣) فى آن فيكون وجوده فى الزمان الثاني وحده ، والآن الفاصل بينهما (٤) لا يحتمله ، فتكون فيه مقابلة مثل المفارقة وترك المماسة والحركة. فمن ذلك ما يجوز أن تتشابه حاله فى آنات من زمانه دون آنات الوقوع ابتداء (٥) ومنه ما لا يجوز (٦) أن تتشابه حاله (٧) البتة. أما (٨) الذي يجوز فمثل اللامماسة التي هى المباينة ، فإنها لا تقع إلا بحركة واختلاف حال ولكنها تثبت (٩) لا مماسة ، بل مباينة زمانا تتشابه فيه. وإن اختلفت (١٠) أحوالهما من جهات (١١) أخرى ، فليس ذلك من جهة أنهما (١٢) مباينة ولا مماسة ، وأما الذي لا يجوز ذلك فيه فكالحركة (١٣) ، فإنها لا تتشابه حالها فى آن من الآنات ، بل يكون فى آن من الآنات ، بل يكون فى كل آن تجدد قرب وبعد جديد هما من أحوال الحركة. فالشيء غير (١٤) المتحرك إذا تحرك والمماس إذا لم يماس (١٥) فالآن الفاصل بين زمانيه. إذ لا ابتداء مفارقة فيه ولا حركة ، ففيه مماسة وعدم حركة.

وهذا وإن كان خارجا عن غرضنا ، فإنه نافع فيه وفى مسائل أخرى. فهذا الذي تكلمنا فيه هو الآن المحفوف بالماضى والمستقبل كأنه حدث زمان ، فحد بعد حصوله بهذا الآن. وقد يتوهم آن آخر على صفة أخرى فكما أن طرف المتحرك وليكن نقطة ما يفرض بحركته وسيلانه مسافة ما ، بل خطا ما ، كأنه أعنى ذلك الطرف هو المنقل ، ثم ذلك الخط تفرض فيه نقط (١٦) لا الفاعلة (١٧) للخط ، بل المتوهمة واصلة (١٨) له كذلك ، يشبه أن يكون فى الزمان وفى الحركة بمعنى القطع شيء كذلك ، وشيء كالنقط (١٩) الداخلة فى الخط (٢٠) التي (٢١) لم تفعله (٢٢) ، وذلك إنه يتوهم منتقل وجد فى المسافة وزمان ، فالمنتقل بفعل نقلة (٢٣) متصلة على مسافة متصلة (٢٤) يطابقه (٢٥) زمان متصل. فكان (٢٦) المنتقل ، بل حالته التي تلزمه فى الحركة هو طرف غير منقسم فعال (٢٧) بسيلانه (٢٨) اتصالا ويطابقه من المسافة نقطة ومن الزمان آن ، فإنه لا يكون معه لا خط المسافة ، فقد خلفه ولا الحركة بمعنى القطع ، فقد انقضت ، ولا الزمان ، فقد سلف ، إنما يكون معه من كل واحد

__________________

(١) به : ساقطة من سا. (٢) الصفة : القصة د (٣) ولا يقع : فلا يقع م.

(٤) بينهما : + لا محالة ط. (٥) ابتداء : + منه سا ، ط. (٦) ما لا يجوز : لا يجوز م.

(٧) فى آنات ..... حاله : ساقطة من سا. (٨) أما : وأما ط. (٩) تثبت : لا تثبت سا

(١٠) اختلفت : اختلف ب ، د ، سا ، ط (١١) جهات : جهة ط ، م. (١٢) أنهما : أنها م

(١٣) فكالحركة : وكالحركة د. (١٤) غير : الغير ب ، د ، سا ، ط. (١٥) يماس : يتماس ط.

(١٦) نقط : نقطة د ، ط (١٧) الفاعلة : الفاعل ط (١٨) واصلة : حاصلة ط.

(١٩) كالنقط : كالنقطة د ، ط (٢٠) فى الخط : ساقطة من م (٢١) التي : الذي سا

(٢٢) تفعله : + بل المتوهمة بعد حدوث الخط ط. (٢٣) نقلة : ساقطة من م

(٢٤) على مسافة متصلة : ساقطة من ط. (٢٥) يطابقه : وطابقه د

(٢٦) فكان : كان د ، وكان م. (٢٧) فعال : فعالا فقال م (٢٨) بسيلانه : لسيلانه ط.

١٦٣

طرف له غير منقسم انقسامه ، فيكون معه دائما من الزمان الآن ، ومن القطع الشيء الذي بينا أنه بالحقيقة هو الحركة ما دام الشيء يتحرك ، ومن المسافة الحد إما نقطة وإما غير ذلك. وكل (١) واحد من هذه نهاية ، والمنتقل أيضا نهاية لنفسه (٢) من حيث انتقل ، كأنه شيء ممتد (٣) من المبدأ فى المسافة إلى حيث وصل. فإنه من حيث هو منتقل شيء ممتد من المبدأ إلى المنتهى ، وذاته الموجودة المتصلة الآن حد ونهاية لذاته من حيث قد (٤) انتقل إلى هذا الحد ، فحرى بنا أن ننظر هل كما أن المنتقل ذاته واحدة وبسيلانه (٥) فعل ما هو حده ونهايته وفعل المسافة أيضا ، كذلك فى الزمان شيء هو (٦) الآن يسبل فتكون هى (٧) ذاتا غير منقسمة من حيث هو هو ، وهو بعينه باق من حيث ذلك ، وليس باقيا من حيث هو الآن (٨) ، لأنه إنما يكون آنا إذا أخذ محددا (٩) للزمان كما أن ذلك يكون منتقلا إذا كان محددا لما يحدده ويكون فى نفسه نقطة أو شيئا آخر. وكما أن المنتقل يعرض له من حيث هو منتقل أن يمكن أن يوجد مرتين بل هو يفوت بفوات انتقاله كذلك الآن من حيث هو (١٠) آن لا يوجد مرتين لكن الشيء الذي لأمر ما صار آنا عسى أن يوجد مرارا كما أن المنتقل من حيث هو (١١) أمر عرض له الانتقال عسى أن يوجد مرارا ، فإن كان شيء (١٢) مثل هذا موجودا (١٣) فيكون حقا ما يقال إن الآن يفعل بسيلانه (١٤) الزمان ولا يكون هذا الآن هو الذي يفرض (١٥) بين زمانين يصل (١٦) بينهما ، كما أن النقطة المتوهمة فاعلة بحركتها مسافة هى غير نقطة المسافة المتوهمة فيه فإن كان لهذا الشيء وجود فهو وجود الشيء (١٧) مقرونا بالمعنى الذي حققنا فيما سلف أنه حركة ، من غير متقدم ولا متأخر ولا تطبيق. وكما أن كونه ذا أين إذا استمر سائلا فى المسافة أحدث الحركة (١٨) ، كذلك كونه ذا ذلك المعنى الذي سميناه الآن إذا استمر فى متقدم الحركة ومتأخرها أحدث الزمان. فنسبة (١٩) هذا الشيء إلى المتقدم والمتأخر هى كونه آنا ، وهو فى نفسه شيء يفعل الزمان ، ويعد الزمان (٢٠) بما يحدث إذا أخذ (٢١) آنا من حدود فيها ، فيحدث تقدمات (٢٢) وتأخرات معدودة ، كالنقط (٢٣) تعد الخط بأن تكون كل نقطة مشتركة بين خطين بإضافتين (٢٤) ، والعاد الحقيقى هو الذي هو أول معط للشيء وحدة (٢٥) ومعط له الكثرة والعدد بالتكرير. فالآن (٢٦) الذي (٢٧) بهذه الصفة يعد الزمان فإنه ما لم يكن آن لم يعد (٢٨) الزمان ،

__________________

(١) وكل : فكل م. (٢) لنفسه : نفسه م (٣) ممتد : ساقطة من سا ، م. (٤) قد : ساقطة من ط.

(٥) وبسيلانه : فبسيلانه سا ، وسيلانه م. (٦) هو : ساقطة من م (٧) هى : هو ط. (٨) الآن : آن ط

(٩) محددا : محدد ط. (١٠) هو (الثانية) : ساقطة من ط. (١١) هو : هو هو ط (١٢) شيء : بشيء ط.

(١٣) موجودا : موجود ط (١٤) بسيلانه : لسيلانه د (١٥) يفرض : يعرض م (١٦) يصل : فصل سا.

(١٧) الشيء : لشيء ط. (١٨) الحركة : بالحركة م. (١٩) فنسبة : فيشبه م. (٢٠) ويعد الزمان : ساقطة من م

(٢١) أخذ : أخذنا د ، ط ، م (٢٢) تقدمات : + أخرى د. (٢٣) كالنقط : كالنقطة د ، ط (٢٤) بإضافتين : ساقطة من سا. (٢٥) وحدة : الوحدة ط (٢٦) فالآن : لأن م

(٢٧) الذي : + هو ط ، م. (٢٨) يعد (الثانية) : يبعد ب ، سا ، م ، يتعد د. ط.

١٦٤

والمتقدم والمتأخر يعد الزمان على الوجه الثاني ، أى بأنه جزوه ، ويحصل (١) جزأيه بوجود الآن ، ولأن المتقدم والمتأخر أجزاء (٢) الزمان ، وكل جزء منه (٣) من شأنه الانقسام كأجزاء الخط ، فالآن أولى بالوحدة ، والوحدة (٤) أولى بالتعديد ، فالآن يعد على الجهة التي تعد النقطة ولا ينقسم ، والحركة (٥) تعد الزمان بأن يوجد المتقدم والمتأخر بسبب المسافة ، فبمقدار (٦) الحركة يكون عدد المتقدم والمتأخر ، فالحركة تعد الزمان (٧) على أنها توجد عدد الزمان وهو المتقدم والمتأخر ، والزمان يعد الحركة بأنه عدد لها نفسها (٨). مثال هذا أن الناس لوجودهم هم (٩) أسباب وجود عددهم الذي هو مثلا عشرة (١٠) ، ولوجودهم (١١) وجدت عشريتهم ، والعشرية جعلت الناس لا موجودين وأشياء (١٢) ، بل معدودين (١٣) ، أى ذوى عدد. والنفس إذا عدت الناس كان المعدود ليس هو طبيعة الإنسان ، بل العشرية (١٤) التي حصلها افتراق طبيعة الإنسان مثلا فالنفس بالإنسان (١٥) تعد العشرية (١٦) ، فكذلك الحركة (١٧) بعد الزمان على المعنى المذكور. ولو لا الحركة بما يفعل فى المسافة من حدود التقدم والتأخر لما وجد للزمان (١٨) عدد ، لكن الزمان يقدر (١٩) الحركة ، والحركة تقدر الزمان. والزمان يقدر الحركة على وجهين : أحدهما أنه يجعلها ذا قدر ، والثاني أنه يدل على كمية قدرها والحركة تقدر الزمان على أنها تدل (٢٠) على قدره بما يوجد فيه من المتقدم والمتأخر (٢١) ، وبين الأمرين فرق. أما الدلالة على القدرة فتارة تكون (٢٢) مثل (٢٣) ما يدل المكيال على الكيل ، وتارة تكون مثل ما يدل الكيل على المكيال. ، وكذلك (٢٤) تارة تدل المسافة على قدر الحركة ، وتارة الحركة على قدر المسافة ، فيقال تارة مسيرة فرسخين ، وتارة مسافة رمية. لكن الذي يعطى المقدار للآخر هو أحدهما ، وهو الذي هو بذاته (٢٥) قدر. ولأن الزمان متصل فى جوهره صلح (٢٦) ، أن يقال طويل وقصير ولأنه عدد بالقياس إلى المتقدم والمتأخر على ما أوضحناه صلح (٢٧) أن يقال : قليل وكثير. وكذلك الحركة فإنها يعرض لها اتصال وانفصال ، فيقال (٢٨) عليها خواص المتصل وخواص المنفصل ، لكن يعرض ذلك لها من غيرها ، والذي (٢٩) هو (٣٠) أخص بها السريع والبطيء ، فقد دللنا على نحو وجود الآن بالفعل إن كان له وجود بالفعل ، وعلى نحو وجوده بالقوة.

__________________

(١) ويحصل : ومحصل م. (٢) أجزاء : آخر سا

(٣) منه : فيه م (٤) والواحدة : ساقطة من م.

(٥) والحركة : فالحركة ط (٦) فبمقدار : ومقدار سا.

(٧) تعد الزمان : ساقطة من سا. (٨) لها نفسها : له نفسه سا ، م

(٩) هم : ساقطة من م (١٠) عشرة : العشرة م.

(١١) ولوجودهم : فلوجودهم ط ، م

(١٢) وأشياء : أشياء م (١٣) معدودين : معددين م.

(١٤) العشرية : العشرة م. (١٥) بالإنسان : الإنسانية ط

(١٦) العشرية : العشرة د (١٧) الحركة : بالحركة سا ، ط ، م.

(١٨) للزمان : الزمان م (١٩) يقدر (الأولى) : يعد د.

(٢٠) أنها تدل : أنه يدل م. (٢١) والمتأخر : المتأخر د

(٢٢) تكون : ساقطة من د (٢٣) مثل : مثلا ط.

(٢٤) وكذلك : ولذلك سا. (٢٥) بذاته : بداية د

(٢٦) صلح : صالح ب ، د. (٢٧) صلح : صالح ب ، د.

(٢٨) فيقال : فقال م (٢٩) والذي : الذي د (٣٠) هو : ساقطة من سا.

١٦٥

[الفصل الثالث عشر]

م ـ فصل (١)

فى حل الشكوك المقولة فى الزمان واتمام القول فى مباحث

زمانية مثل الكون فى الزمان والكون لا فى الزمان وفى

الدهر والسرمد ونعته وهوذا وقبيل وبعيد (٢) والقديم (٣)

فأما (٤) الزمان فإن جميع ما قيل فى أمر إعدامه وأنه لا وجود له ، فهو مبنى على أن لا وجود له فى الآن. وفرق بين أن يقال لا وجود له مطلقا ، وبين أن يقال لا وجود له فى آن حاصلا. ونحن نسلم ونصحح أن الوجود المحصل على هذا النحو لا يكون للزمان إلا فى النفس والتوهم ، وأما (٥) الوجود المطلق المقابل (٦) للعدم المطلق فذلك صحيح له ، فإنه إن لم يكن ذلك صحيحا له ، صدق سلبه ، فصدق أن نقول : إنه ليس بين (٧) طرفى المسافة مقدار إمكان (٨) لحركة (٩) على حد من السرعة يقطعها ، وإن (١٠) كان (١١) هذا السلب كاذبا ، بل كان للحركة على ذلك الحد من السرعة مقدار فيه يمكن قطع هذه المسافة ، ويمكن قطع غيرها بأبطإ (١٢) وأسرع (١٣) على ما قد بينا قبل. فالإثبات الذي يقابله صادق ، وهو أن هناك مقدار هذا الإمكان ، والإثبات دلالة (١٤) على (١٥) وجود الأمر مطلقا ، وإن لم يكن (١٦) دالا على نحو وجوده محصلا فى آن أو على جهة ما. وليس هذا الوجه له بسبب التوهم ، فإنه وإن لم يتوهم ، كان هذا النحو من الوجود وهذا النحو من الصدق حاصلا. ومع هذا فيجب أن يعلم أن الموجودات منها ما هى متحققة الوجود محصلته (١٧). ومنها ما هى أضعف فى الوجود. والزمان يشبه أن يكون أضعف وجودا من الحركة ومجانسا لوجود أمور (١٨) بالقياس إلى أمور ، وإن لم يكن الزمان من حيث هو زمان مضافا ، بل قد تلزمه الإضافة (١٩). ولما كانت المسافة موجودة ، وحدود

__________________

(١) فصل : فصل ١٣ ب ، الفصل الثالث عشر م.

(٢) وقبيل وبعيد : وقبل وبعد م

(٣) والقديم : والتقديم م. (٤) فأما : أما ط.

(٥) وأما أما سا (٦) المقابل : القابل سا.

(٧) بين : ساقطة من م (٨) إمكان : ساقطة من د

(٩) لحركة : الحركة د ، ط ، بحركة سا.

(١٠) وإن : وإذا ط. (١١) وإن كان : ساقطة من د

(١٢) بأبطإ : ساقطة من م

(١٣) وأسرع : أو أسرع ط.

(١٤) دلالة : دالا ط

(١٥) على : + نحو ط.

(١٦) يكن : يمكن م (١٧) محصلته : ومحصلته ط.

(١٨) أمور : أمر د.

(١٩) الإضافة : + من حيث كونه مقدار الشيء وكونه زمانا غير كونه مقدارا ط.

١٦٦

المسافة موجودة ، صار الأمر الذي من شأنه أن يكون عليها ومطابقا لها أو قطعا لها أو مقدار قطع لها نحو من الوجود ، حتى إن قيل إنه ليس له (١) البتة وجود ، كذب. فإن أريد أن يجعل للزمان وجود لا على (٢) هذه (٣) السبيل ، بل على سبيل التحصيل ، لم يكن إلا فى التوهم. فإذن المقدمة المستعملة فى أن الزمان لا وجود له ثابتا ، معناه لا وجود (٤) له فى آن واحد مسلمة. ونحن لا نمنع أن يكون له وجود ، وليس فى آن ، بل وجوده على سبيل التكون (٥) بأن يكون أى آنين فرضتهما كان بينهما الشيء الذي هو الزمان ، وليس فى آن واحد البتة.

وبالجملة طلبهم إن الزمان إن كان موجودا فهو موجود فى آن أو فى زمان أو طلبهم متى (٦) هو موجود ، مما ليس يجب أن يشتغل به ، فإن الزمان موجود لا فى آن ولا فى (٧) زمان (٨) ولا له متى ، بل هو موجود مطلقا وهو نفس الزمان ، فكيف يكون له وجود فى زمان. فليس إذن قولهم : إن الزمان إما أن لا يكون (٩) موجودا أو يكون وجوده فى آن أو يكون وجوده باقيا فى زمان ، قولا صحيحا ، بل ليس مقابل قولنا : إنه ليس بموجود ، هو أنه موجود فى آن ، أو موجود باقيا (١٠) فى زمان ، بل الزمان موجود ولا واحد من الوجودين (١١) ، فإنه لا فى آن ولا باقيا فى زمان وما هذا إلا كمن يقول : إما أن يكون المكان غير موجود أو يكون موجودا فى مكان أو فى حد من مكان (١٢). وذلك لأنه ليس يجب إما أن يكون (١٣) موجودا فى مكان أو فى جزء مكان (١٤) ، وإما غير موجود بل من الأشياء ما ليس موجودا البتة (١٥) فى مكان ، ومن الأشياء ما ليس البتة موجودا فى الزمان. والمكان من جملة القسم الأول ، والزمان من جملة القسم الثاني ، وستعلم هذا بعد. والذي قيل : إنه إن كان للزمان وجود وجب أن يتبع كل حركة زمان فتكون كل حركة تستتبع زمانا ، فالجواب عن ذلك أنه (١٦) فرق بين أن يقال : إن الزمان مقدار لكل حركة ، لكل حركة وبين أن يقال (١٧) إن إنيته متعلقة بكل حركة ، وأيضا فرق بين أن يقال : إن ذات الزمان متعلقة بالحركة على سبيل العروض (١٨)

__________________

(١) له : ساقطة من د ، ط (٢) لا على : إلا على ط

(٣) هذه : هذا د ، سا ، ط. (٤) لا وجود : ولا وجود سا ، م.

(٥) التكون : الذي يكون د ، سا ، الكون م.

(٦) متى : فمتى سا ، ط. (٧) فى (الثانية) : ساقطة من د.

(٨) آن ولا فى زمان : لا فى زمان م (٩) لا يكون : يكون م.

(١٠) فى آن أو موجود باقيا : ساقطة من م

(١١) الوجودين : الموجودين م.

(١٢) أو فى حد من مكان : أو فى جزء من مكان د ، أو فى حد م ، ساقطة من سا.

(١٣) إما أن يكون : أن يكون ما د ، أن يكون إما سا

(١٤) أو فى جزء مكان : أو حد مكان سا ، م ، أو فى حد مكان ط.

(١٥) البتة : ساقطة من د ، سا.

(١٦) أنه : بأنه ط.

(١٧) يقال : نقول سا ، ط ، م.

(١٨) المسافة ... العروض : ساقطة من ب.

١٦٧

لها ، وبين أن يقال : إن ذات الحركة متعلق (١) بها الزمان على سبيل أن الزمان يعرض لها. لأن الأول معناه أن شيئا يعرض بشيء ، والثاني أن شيئا يستتبع شيئا (٢). أما الأول فلأنه ليس من شرط ما يقدر الشيء أن يكون عارضا له وقائما (٣) به ، بل ربما قدر المباين بالموافاة والموازاة لما هو مباين له. وأما الثاني فلأنه ليس إذا تعلق ذات الشيء بطبيعة شيء ، يجب أن لا تخلو طبيعة الشيء عنه. ونحن إنما يبرهن لنا من أمر الزمان أنه متعلق بالحركة ، وهيئته (٤) لها.

ومن (٥) أمر الحركة أن كل حركة تقدر بزمان ، فليس (٦) أن تكون كل حركة متعلق (٧) بها زمان يخصها ، ولا أن (٨) كل ما قدر شيئا فهو عارض له ، حتى يكون لكل حركة زمان عارض لها (٩) بعينه ، بل الحركات التي لها ابتداء وانتهاء لا يتعلق بها الزمان ، وكيف يتعلق بها الزمان. ولو كان لها زمان لكان مفصولا بآنين ، وقد ومنعنا ذلك. نعم إذا وجد (١٠) الزمان بحركة (١١) على صفة يصلح أن يتعلق بها وجود الزمان ، تقدر به سائر الحركات. وهذه الحركة حركة يصح عليها الاستمرار ولا يتحدد لها بالفعل (١٢) أطراف. فإن قال قائل : أرأيت إن لم توجد تلك الحركة لكان يفقد الزمان حتى تكون حركات أخرى غيرها بلا تقدم ولا تأخر (١٣) أو قيل ما ذكرناه فى الشكوك : إن الجسم فى آن يوجد متحركا غير محتاج إلى حركة جسم آخر ، فيجور أن يتحرك ، ولا يجوز أن يكون له زمان. فالجواب عن ذلك إنه سنبين لك أنه إن لم تكن حركة مستديرة لجرم مستدير ، لم تعرض (١٤) للمستقيم (١٥) جهات فلم تكن حركات مستقيمة طبيعية ، فلم تكن قسرية ، فيجوز أن تكون حركة جسم من الأجسام وحده ولا أجسام أخرى مستحيلا (١٦) وإن لم يكن بين (١٧) الاستحالة فليس كل محال يعرض (١٨) يكون بين عروض الاستحالة ، بل كثير من المحالات لا تظهر ولا تستبين (١٩) استحالتها إلا ببيان وبرهان. وأما إن اعتمدنا التوهم فإذا رفعنا المستديرة بالتوهم وأثبتنا المستقيمة المتناهية فى الوهم أمكن وثبت فى التوهم زمان محدود لا يستنكره التوهم (٢٠) ، وليس نظرنا فى هذا ، بل فيما يصح فى الوجود.

فالزمان إذن وجوده متعلق بحركة واحدة يقدرها ، ويقدر أيضا الحركات التي يستحيل أن توجد دون (٢١)

__________________

(١) متعلق : يتعلق سا ، ط. (٢) لأن .... يستتبع شيئا : ساقطة من سا.

(٣) وقائما : أو قائما ط. (٤) وهيئته : وهياة سا م.

(٥) ومن : من سا. (٦) فليس : + إذا ط.

(٧) متعلق : يتعلق د ، سا (٨) ولا أن : فلا أن د.

(٩) لها : لذاتها سا ، م ، لذاته د. (١٠) وجد : وجدنا ط.

(١١) بحركة : لحركة د ، م. (١٢) بالفعل : + بل م.

(١٣) ولا تأخر : وتأخر د ، ط. (١٤) تعرض : تفرض د ، سا ، ط

(١٥) المستقيم : للمستقيمة م. (١٦) مستحيلا : مستحيلة د.

(١٧) بين : نبين م (١٨) يعرض : يفرض ط.

(١٩) لا تظهر ولا تستبين : لا يستبين د ، سا ، لا يظهر ويستبين م.

(٢٠) التوهم (الثانية) : المتوهم ط. (٢١) لها ... دون : ساقطة من ب.

١٦٨

حركة الجسم الفاعل بحركته للزمان (١) إلا فى التوهم ، وذلك كالمقدار الموجود فى جسم يقدره ويقدر ما يحاذيه ويوازيه.

وليس يوجب تقديره وهو واحد بعينه للجسمين أن يكون متعلقا بالجسمين ، بل يجوز أن يتعلق بأحدهما ويقدره (٢) ويقدر أيضا الآخر (٣) الذي (٤) لم (٥) يتعلق به. والحركة (٦) اتصالها (٧) ليس إلا لأن المسافة متصلة ، ولأن اتصال المسافة يصير علة لوجود تقدم وتأخر فى الحركة ، تكون الحركة بهما علة لوجود (٨) عدد لها هو الزمان فتكون الحركة متصلة من جهتين : من جهة المسافة ومن جهة الزمان. فأما (٩) هى فى ذاتها فليست إلا كمال ما بالقوة ، وليس يدخل فى ماهية هذا المعنى اتصال أو تقدر ، فإنه لا يفهم من كمال ما بالقوة أو انتقال من شيء إلى شيء ومن خروج من قوة إلى فعل أن هناك بعدا ما بين المبتدأ (١٠) والمنتهى متصلا قابلا للقسمة التي يقبلها المتصل ، بل هذا يعلم بنوع من النظر يعلم به أن هذا المعنى يكون على المقدار المتصل لا غير. فلو أنا توهمنا ثلاثة أجزاء لا تتجزأ ، وكان المتحرك حين يتحرك فى الأوسط منها لكان فيه عند حركته من الأول إلى الثالث كمال ما بالقوة ولم يكن على متصل ، فنفس كونها حقيقة كمال ما بالقوة لا يوجب أن تكون منقسمة. وكذلك (١١) ما لم تعرف أشياء أخرى لا يعرف وجوب ذلك ، فإنها (١٢) لا تكون إلا على متصل قابل لقسمة كذا. فبين أن الاتصال (١٣) أمر عارض يلزم الحركة من جهة المسافة أو من جهة الزمان ، لا يدخل فى ماهيتها. وبالجملة فإنا لو لم (١٤) نلتفت (١٥) إلى مسافة أو إلى زمان ، لم نجد للحركة اتصالا.

وكذلك (١٦) متى احتجنا إلى تقدير (١٧) الحركة احتجنا إلى ذكر مسافة أو زمان. وأما اتصال الزمان فعلته القريبة اتصال الحركة بالمسافة ، لا اتصال (١٨) المسافة وحدها ، فإن اتصال المسافة وحدها ما لم يكن حركة موجودة ، لا يوجب (١٩) اتصال الزمان ، كما تكون مسافة يتحرك فيها المتحرك ويقف ثم يبتدئ من هناك ويتحرك حتى يفنيها ، فيكون هناك اتصال المسافة موجود أو لا يكون الزمان متصلا ، بل يجب أن تكون علة الزمان اتصال المسافة بتوسط الحركة ، ولأن اتصال (٢٠) الزمان اتصال (٢١) المسافة ، بشرط أن لا يكون فيها سكون. فعلة اتصال الزمان أحد اتصالى (٢٢) الحركة من جهة (٢٣)

__________________

(١) للزمان : الزمان سا. (٢) ويقدره : ساقطة من د.

(٣) الآخر : الأجزاء د (٤) الذي : التي سا

(٥) لم : ساقطة من سا (٦) والحركة : الحركة م

(٧) اتصالها : أيضا م. (٨) تقدم ... لوجود : ساقطة من م.

(٩) فأما : وأما ط ، م. (١٠) المبتدأ : المبدأ ط.

(١١) وكذلك : ولذلك ط ، فكذلك م. (١٢) فإنها : وإنها سا ، ط ، م

(١٣) الاتصال : الاتصالات ط. (١٤) لم (الاولى) : ساقطة من م.

(١٥) نلتفت : نلفت د. (١٦) وكذلك : ولذلك ط ، م

(١٧) تقدير : تقدر د. (١٨) لا اتصال : لاتصال سا

(١٩) لا يوجب : ولا يوجب سا ، ولا وإما م. اتصال. (٢٠) اتصالى (الأولى) : الاتصال ط

(٢١) اتصال (الثانية) : باتصال ط (٢٢) اتصالى : اتصال سا.

(٢٣) حركة ... جهة : ساقطة من ب.

١٦٩

ما هو اتصال الحركة. وليس هذا إلا اتصال (١) المسافة مضافا (٢) إلى الحركة ، وهذا لا يكون وهناك سكون ، وليس هذا الاتصال علة لصيرورة الزمان متصلا ، بل لاتحاد (٣) الزمان ، فإنه ليس الزمان شيئا يعرض الاتصال الخاص به ، بل هو نفس ذلك (٤) الاتصال. فلو كان شيء يجعل للزمان اتصالا على معنى اتحاد ذات الزمان المتصل لكان الاتصال عارضا للزمان لا جوهر الزمان. وكما أنا نقول : إن (٥) لونا كان سبب لون ، أو حرارة كانت سبب حرارة ، ونعنى (٦) بذلك أنها كانت سببا لوجود اللون أو الحرارة ، لا لكون الكيفية حرارة ، كذلك (٧) نقول : إن اتصالا هو سبب لوجود اتصال ، لا أنه سبب لصيرورة ذلك الشيء اتصالا (٨) ، فإنه اتصال بذاته كما أن ذلك (٩) حرارة لذاتها.

وليس لقائل أن يقول : إنا لا نفهم للحركة اتصالا إلا (١٠) بسبب المسافة أو الزمان ، وأنتم أبيتم أن يكون الاتصال المسافى سببا للزمان ، ولا يجوز أن تقولوا إن الاتصال الزمانى (١١) هو سبب للزمان ، ثم تقولون إن اتصال الحركة سبب للزمان ، وليس هناك اتصال (١٢) غير هذين. فإنا نجيبه ونقول : إنا نجعل الاتصال المسافى سببا للزمان ، ولكن لا مطلقا (١٣) ، بل من حيث صار لحركة (١٤) فصارت الحركة بها متصلة ، واعتبار اتصال المسافة بنفسه شيء واعتباره مقارنا للحركة شيء. فافهم الآن أن (١٥) اتصال المسافة من حيث هى للحركة علة لوجود ذات الزمان الذي هو بذاته متصل أو اتصال لا أنه علة لكون ذات الزمان متصلا ، فذلك أمر لا علة له. فبهذا يصح أن الزمان أمر عارض للحركة وليس بجنس ولا فصل لها ولا سبب من أسبابها ، بل أمر لازم لها بقدر جميعها.

ومن المباحث فى أمر الزمان أن نعرف كون الشيء فى الزمان ، فنقول : إنما يكون الشيء فى الزمان على الأصول التي سلفت ، بأن (١٦) يكون له معنى المتقدم والمتأخر ، وكل ماله فى ذاته (١٧) معنى المتقدم والمتأخر فهو إما حركة وإما ذو حركة. أما الحركة فذلك (١٨) لها من تلقاء جوهرها ، وأما المتحرك فذلك له من تلقاء الحركة. ولأنه قد يقال لأنواع الشيء ولأجزائه ولنهاياته إنها شيء فى الشيء ، فالمتقدم والمتأخر والآن أيضا والساعات والسنون يقال إنها في الزمان. فالآن فى الزمان كالوحدة فى العدد ، والمتقدم والمتأخر (١٩) كالزوج والفرد فى العدد ، والساعات

__________________

(١) اتصال (الثانية) : لاتصال سا (٢) مضافا : مضافة سا ، ط ، م.

(٣) لاتحاد : لإيجاد سا ، ط ، م. (٤) الاتصال .... ذلك : ساقطة من سا.

(٥) إن : ساقطة من م (٦) ونعنى : نعنى ط.

(٧) كذلك : لذلك د. (٨) هو سبب ... اتصالا : ساقطة من د ، م.

(٩) ذلك : ذاك ط. (١٠) إلا : لا سا.

(١١) الزمانى : الزمان ط. (١٢) اتصال : ساقطة من د.

(١٣) لا مطلقا : مطلقا سا (١٤) لحركة : الحركة ط.

(١٥) الآن أن : إلا أن ط. (١٦) بأن : أن م

(١٧) فى ذاته : ساقطة من ط. (١٨) فذلك : بذلك د ، سا.

(١٩) ما هو ... والمتأخر : ساقطة من ب.

١٧٠

والأيام كالاثنين والثلاثة والأربعة والعشرة فى العدد ، والحركة فى الزمان كالعشرة الأعراض فى العشرية ، والمتحرك فى الزمان مثل الموضوع للأعراض العشرة فى العشرية ، ولأن السكون إما أن يتوهم مستمرا ثابتا أبدا ، وإما أن يتوهم بحيث يعرض له تقدم وتأخر بالعرض ، وذلك بسبب الحركتين اللتين يكتفيانه ، إذ السكون عدم حركة (١) فيما من شأنه أن يتحرك لا عدم الحركة مطلقا ، فلا يبعد أن يكون (٢) بين (٣) حركتين ، فمثل هذا السكون له بوجه ما تقدم وتأخر ، فهو أدخل (٤) وجهى السكون فى الزمان دخولا بالعرض والتغيرات (٥) التي تشبه الحركة (٦) المكانية فى أنها تبتدئ من طرف إلى طرف ، كما تأخذ التسخن (٧) من طرف إلى طرف (٨) ، هى (٩) داخلة فى الزمان لأجل أن لها تقدما وتأخرا. فإذا كان تغير ما يأخذ المتغير (١٠) كله جملة فيذهب إلى الاشتداد أو النقص (١١) ، فإن (١٢) له من الاتصال الاتصال الزمانى فقط ، فإن (١٣) له تقدما وتأخرا فى الزمان فقط. ولذلك (١٤) ليس له فاعل الزمان الذي هو اتصال الحركة فى مسافة أو شبه مسافة وهو مع ذلك ذو تقدم وتأخر (١٥) ، فهو متعلق بالزمان ، فوجوده بعد وجود علة الزمان وهو الحركة التي (١٦) فيها انتقال. فهذه (١٧) التغيرات (١٨) تشارك الحركات المسافية فى أنها تتقدر (١٩) بالزمان ، ولا تشاركها فى أن الزمان متعلق الوجود بها معلول لها ، فإن هذا للمسافيات وحدها.

وقد علمت غرضنا فى قولنا الحركات المسافية. وأما الأمور التي لا تقدم فيها ولا تأخر بوجه فإنها ليست فى زمان ، وإن كانت مع الزمان ، كالعالم فإنه مع الخردلة وليس (٢٠) فى الخردلة (٢١). وإن كان شيء (٢٢) له من جهة تقدم وتأخر ، مثلا من جهة ما هو متحرك وله جهة أخرى لا تقبل التقدم والتأخر ، مثلا من جهة ما هو ذات وجوهر فهو من جهة ما لا يقبل تقدما وتأخرا ليس فى زمان ، وهو من الجهة الأخرى فى الزمان. والشيء الموجود مع الزمان وليس فى الزمان فوجوده مع استمرار الزمان كله هو الدهر ، وكل استمرار وجود واحد فهو فى الدهر (٢٣) ، وأعنى بالاستمرار وجوده (٢٤) بعينه كما هو مع كل وقت بعد وقت على الاتصال ، فكأن الدهر هو قياس ثبات إلى غير ثبات ، ونسبة هذه المعية إلى الدهر كنسبة تلك الفينة (٢٥) من الزمان ونسبة الأمور الثابتة بعضها إلى بعض.

__________________

(١) حركة : الحركة ب ، د. (٢) أن يكون : ساقطة من سا

(٣) بين : ساقطة من د. (٤) أدخل : + فى سا

(٥) والتغيرات : والتغييرات ط (٦) الحركة : الحركات ط.

(٧) التسخن : التسخين م (٨) كما ... إلى طرف : ساقطة من د

(٩) هى : وهى. سا ، ط ، م.

(١٠) المتغير : التغير ط (١١) أو النقص : والنقص د ، سا ، ط

(١٢) فإن : فإنه ط. (١٣) فإن : وإن ط

(١٤) ولذلك : وكذلك د ، فكذلك م.

(١٥) نقدم وتأخر : متقدم ومتأخر د ، سا.

(١٦) التي : الذي سا (١٧) فهذه : بهذه سا

(١٨) التغيرات : التغييرات ط. (١٩) تتقدر : مقدر ط.

(٢٠) وليس : وليست ط. (٢١) وليس فى الخردلة : ساقطة من د

(٢٢) شيء : شيئا ط ، م. (٢٣) الدهر (الثانية) : الدهن م.

(٢٤) وجوده : وجود د. (٢٥) الفينة : المعبة د ، ط ، ساقطة من سا.

١٧١

والمعية التي لها من هذه الجهة هو معنى فوق الدهر ، ويشبه أن يكون (١) أحق ما سمى (٢) به السرمد ، وكل (٣) استمرار وجود بمعنى سلب التغير مطلقا من غير قياس إلى وقت فوقت (٤) فهو السرمد ، والعجب (٥) من قول (٦) من يقول إن الدهر مدة السكون أو زمان غير معدود بحركة ، ولا يعقل مدة ولا زمان ليس فى ذاته قبل ولا بعد ، وإذا كان فيه قبل وبعد وجب تجدد حال على ما قلنا فلم يخل من (٧) حركة.

والسكون يوجد فيه التقدم والتأخر ، على نحو ما قلنا سالفا لا غير ، والزمان ليس بعلة لشيء من الأشياء ، لكنه إذا كان الشيء مع استمرار الزمان يوجد أو يعدم ولم نر له (٨) علة ظاهرة نسب الناس ذلك إلى الزمان ، إذ (٩) لم يجدوا هناك مقارنا غير الزمان أولم يشعروا به. فإن كان الأمر محمودا مدحوا الزمان ، وإن كان مذموما ذموه. لكن الأمور الوجودية فى أكثر الأمر ظاهرة العلل ، والعدم والفساد خفى العلة ، فإن سبب البناء معقول وسبب الانتقاص والاندراس (١٠) مجهول فى الأكثر. وكذلك إن شئت استقريت جزئيات كثيرة ، فيعرض لذلك أن يكون أكثر (١١) ما ينسب إلى الزمان هو من الأمور العدمية (١٢) الفسادية (١٣) كالنسيان والهرم والانتقاص وفناء المادة وغير ذلك ، فلذلك صار الناس يولعون (١٤) بذم الزمان وهجوه.

والزمان له عوارض وأمور تدل عليها ألفاظ ، فحرى بنا أن نذكرها ونعدها ، فمن ذلك الآن ، وقد يفهم منه الحد المشترك بين الماضى والمستقبل الذي فيه الحديث لا غيره ، وقد يفهم منه كل فصل مشترك ولو فى أقسام الماضى والمستقبل ، وقد يفهم منه طرف الزمان ، وإن لم يدل على اشتراك ، بل كان صالحا لأن يجعل طرفا فاصلا فى الوهم غير واصل ، وإن كان يعلم من خارج المفهوم إنه لا بد من أن يكون مشتركا ولا يمكن أن يكون فصلا ، وذلك بنوع من النظر غير تصور معنى لفظه. وقد يقولون آن لزمان (١٥) قريب جدا من الآن الحاضر قصير.

وتحقيق سبب هذا القول هو أن كل زمان يحدث عنه فله حدان لا محالة هما آنان يفترضان (١٦) فى الذهن له ، وإن لم يشعر به. وهذان الآنان يكونان فى الذهن حاضرين معا لا محالة ، لكنه قد يشعر الذهن فى بعض الأوقات بتقدم آن فى الوجود ، وتأخر آن (١٧) ، وذلك لبعد المسافة بينهما ، كما يشعر بالآن المتقدم من آنى الساعة واليوم ، وفى بعضها يكون الآنان من القريب بحيث لا يشعر الذهن بما بينهما فى أول وهلة ، ما لم يستند إلى استبصار ، فيكون الذهن يشعر بهما

__________________

(١) يكون : ساقطة من ب د ، سا ، ط (٢) ما سمى : ما يسمى ط

(٣) وكل : فكل ب ، سا (٤) فوقت : مؤقت د ، سا.

(٥) والعجب : والتعجب ط (٦) من قول : ساقطة من ط.

(٧) من : عن م. (٨) نرله : يزله م

(٩) إذ : إذا د ، سا. (١٠) والاندراس : ساقطة من سا

(١١) أكثر : ساقطة من م.

(١٢) العدمية : ساقطة من سا

(١٣) الفسادية : والفساد م. (١٤) يولعون : مولعون سا.

(١٥) لزمان : الزمان ط. (١٦) يفترضان : يعترضان د ، سا.

(١٧) آن (الثانية): + فى الوجود د.

١٧٢

كأنهما وقعا معا ، وكأنهما آن واحد ، وإن كان (١) التعقب والاستقصاء يمنع الذهن عن ذلك فى أدنى تأمل ، ولكن إلى أن يراجع الذهن نفسه يكون الآنان كأنهما (٢) وقعا معا.

ومن الألفاظ الزمانية قولهم : بغتة. وبغتة ، هو (٣) نسبة الأمر الواقع فى زمان غير مشعور بمقداره قصرا (٤) إلى زمانه ، بعد أن لا يكون الأمر منتظرا متوقعا. ومن هذه الألفاظ قولهم : دفعة ، وهو يدل على حصول شيء فى آن ، وقد يدل على مقابل (٥) قولنا : قليلا قليلا ، وقد شرحنا ذلك. ومن هذه الألفاظ قولهم : هو ذا (٦) ، وهو يدل (٧) على آن قريب فى المستقبل من الآن الحاضر لا يشعر بمقدار البعد بينهما قصرا شعورا يعتد به. ومن ذلك قولهم : قبيل وهو يدل على نسبة إلى آن فى الماضى قريب من الآن الحاضر ، إلا أن المدة بينهما مشعور بها. وبعيد فى المستقبل نظير قبيل فى الماضى. والمتقدم إما فى الماضى فيدل على ما هو أبعد من الآن الحاضر ، والمتأخر على مقابله ، وأما فى المستقبل فيدل على ما هو أقرب من الحاضر ، والمتأخر على مقابله. وإذا أخذ مطلقا فالمتقدم هو الماضى ، والمتأخر هو المستقبل ، والقديم زمان يستطال ما بينه وبين الآن بالقياس إلى الحدود المتعللة (٨) للزمان ، وأيضا القديم فى الزمان مطلقا وبالحقيقة (٩) هو الذي ليس لزمانه ابتداء (١٠).

__________________

(١) وإن كان : وكان م.

(٢) كأنهما : كلها م.

(٣) هو : هى ط

(٤) قصرا : قصر م.

(٥) مقابل : مقابله سا

(٦) هو ذا : هو ذى سا

(٧) يدل : ما يدل ى.

(٨) المتعالة : المتعاملة د ، ط.

(٩) وبالحقيقة : ساقطة من ط

(١٠) ابتداء : + تمت المقابلة الثانية من الفن الأول بحمد الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين م.

١٧٣
١٧٤

المقالة الثالثة

من الفن الأول (١)

فى الأمور التي للطبيعيات من جهة ما لها كم

وهى أربعة عشر فصلا (٢)

الأول فى كيفية البحث الذي يختص بهذه المقالة.

الثاني فى التتالى ، والتماس ، والتشافع ، والتداخل ، والتلاحق ، والاتصال ، والوسط ، والطرف ، ومعا ، وفرادى.

الثالث فى حال الأجسام فى انقسامها ، وذكر ما اختلف فيه وتعلق به المبطلون من الحجج.

الرابع فى إثبات الرأى الحق منها وإبطال الباطل.

الخامس فى حل شكوك المبطلين فى الجزء.

السادس فى مناسبات المسافات والحركات والأزمنة فى هذا الشأن ويتبين أن ليس لشيء منها أول جزء.

السابع فى ابتداء الكلام فى تناهى الأجسام ولا تناهيها وذكر ظنون الناس فى ذلك.

الثامن فى أنه لا يمكن أن يكون جسم أو مقدار أو عدد ذو ترتيب غير متناه وأنه لا يمكن أن يكون جسم متحرك بكلية أو جزئية غير متناه. (٣)

__________________

(١) من الفن الأول : ساقطة من ب ، سا.

(٢) وهى أربعة عشر فصلا : ثلاثة عشر فصلا م ، ساقطة من ب ، د ، سا.

(٣) الأول ... متناه : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.

١٧٥

التاسع فى تبيين كيفية دخول ما لا يتناهى فى الوجود ، وغير دخوله فيه ، ونقض حجج من قال بوجود ما لا يتناهى بالفعل.

العاشر فى أن الأجسام متناهية من حيث التأثير والتأثر.

الحادى عشر فى أنه ليس للحركة والزمان شيء يتقدم عليهما إلا ذات البارى تعالى وأنه لا أول لهما من ذاتهما.

الثاني عشر فى تعقيب ما يقال إن الأجسام الطبيعية تنخلع عند التصغر المفرط ، بل لكل واحد منها لا يحفظ صورته فى أقل منه ، وكذلك تعقيب ما قيل من أن الحركات ما لا أقصر منه.

الثالث عشر فى جهات الأجسام.

الرابع عشر فى النظر فى أمر جهات الحركات الطبيعية وهى المستقيمة (١).

__________________

(١) السابع ... المستقيمة : ساقطة من ب.

١٧٦

[الفصل الأول] ـ

فصل (١)

فى كيفية البحث الذي (٢) يختص بهذه المقالة

إن الطبيعيات هى أجسام وأحوال الأجسام ، وللكمية (٣) مخالطة مسّا (٤) للصنفين ، فالكمية التي للأجسام هى الأقطار (٥) ، وأما التي لأحوال الأجسام فمثل الزمان ومثل أشياء أخرى تلحقها بالذات أو بالعرض. وأحوال الأجسام يلحقها الكم ، إما من جهة كمية الأجسام التي لها أو معها ، وإما من جهة الزمان كما يلحق الحركة ، وإما من جهة القياس إلى عدد ما يصدر عنها أو مقدار ، وهذا أبعد أنحاء لحوق الكم. وهذا كما يقال قوة متناهية وقوة غير متناهية والأحوال التي تعتبر للأجسام من كميتها إما أحوال يصح أن تكون بانفراد جسم جسم ، مثل حال التناهى واللاتناهى فى العظم ، وحال (٦) التناهى واللاتناهى (٧) فى الانقسام (٨) والصغر ، وإما أحوال تكون بقياس بعضها إلى بعض ، مثل التتالى والتماس والتشافع والاتصال وما يجرى مجراها ، وإما أحوال الأجسام. فالحركة والزمان منها تعتبر من أحوال كميتها أنهما هل لهما ابتداء زمانى (٩) ، وهل ينقطعان ، أو ليس (١٠) كذلك ، بل لا نهاية (١١) لها. وأما القوى منها فيعتبر من أحوال الكميات فيها (١٢) أنها كيف يحاذى أمورا ذوات نهاية أو غير ذوات نهاية ، وكيف يمكن ذلك فيها.

__________________

(١) فصل : فصل ا ب ، الفصل الأول م.

(٢) الذي : التي سا.

(٣) وللكمية : والكمية سا ، م

(٤) ما : ساقطة من م

(٥) الأقطار : الأنظار ط.

(٦) وحال : ساقطة من سا

(٧) فى ... واللاتناهى : ساقطة من د

(٨) فى الانقسام : والانقسام م.

(٩) ابتداء زمانى : ابتدآن ب ، ابتداء د ، سا

(١٠) أو ليس : لم ليس ط.

(١١) هل ... لا نهاية : ساقطة من م

(١٢) فيها (الأولى) : منها سا.

١٧٧

[الفصل الثاني]

ب ـ فصل (١)

فى التتالى والتماس (٢) والتشافع والتلاحق

والاتصال والوسط والطرف ومعا وفرادى

وقبل أن نتكلم فى أمر تناهى الأجسام وأحوالها فى الإعظام ، فحقيق بنا (٣) أن نتكلم فى تناهيها ولا تناهيها (٤) فى الصغر والانقسام. وقبل ذلك فحقيق بنا أن نعرف التتالى والتماس والتداخل التشافع والتلاصق والاتصال (٥) ، وأن نعرف الوسط والطرف ، وأن نعرف معا فى المكان وفرادى. فنقول إن المتتاليين هما اللذان ليس بين أولهما وثانيهما شيء (٦) من جنسهما مثل البيوت المتتالية. فإن التالى منهما للأول هو الذي ليس (٧) بينه وبين الأول شيء من جنسهما ، وقد تكون متفقة مثل بيت وبيت ، وتكون مختلفة النوع مثل صف (٨) (٩) من إنسان وفرس وحبل وشجرة (١٠) ، فحينئذ لا تكون (١١) متتالية من حيث هى مختلفة النوع ، بل (١٢) من حيث يجمعها (١٣) أمر عام ذاتى كالجسمية ، أو عرضى كالبياض ، أو القيام صفا ، أو الشخوص حجما. وإذا (١٤) لم يكن بينهما من المقول عليه الأمر المعتبر عاما شيء ، قيل (١٥) للمأخوذ منهما (١٦) ثانيا : إن هذا يتلو صاحبه مثلا ، إذا أخذت هذه الأشياء من حيث (١٧) هى أشخاص منتصبة ، كان الفرس يتلو الإنسان والجبل والشجرة ، وإن أخذت من حيث هى حيوانات (١٨) ، كان الفرس يتلو الإنسان (١٩) ، ولم يكن الجبل والشجرة يتلوان ، وإن أخذت من حيث هى ناس ، لم يكن هناك شيء يتلو شخص الإنسان إلا الإنسان.

وأما المماس (٢٠) فهو الشيء الذي ليس بين طرفه (٢١) وطرف (٢٢) ما قيل إنه مماس له ، شيء ذو وضع ، فالمتماسان (٢٣) هما اللذان

__________________

(١) فصل : فصل ب ب ، الفصل الثاني م.

(٢) والتماس : ساقطة من د. (٣) بنا : ساقطة من ب ، د ، سا ، ط

(٤) ولا تناهيها : ساقطة من م. (٥) والاتصال : ساقطة من م.

(٦) شيء : + واحد د. (٧) ليس : ساقطة من سا.

(٨) مثل صف : من صنف م (٩) صف : صنف سا

(١٠) وشجرة : وشجر م (١١) لا تكون : لا توجد ط ، م.

(١٢) بل : مثل د (١٣) يجمعها : يجمعهما ب ، سا.

(١٤) وإذا : فإذا سا ، ط ، م. (١٥) قيل : لم يقل ط

(١٦) منهما : ط. (١٧) من حيث : ساقطة من ط.

(١٨) حيوانات : حيوان م. (١٩) والجبل .... الإنسان : ساقطة من د

(٢٠) المماس : التماس ط ، م

(٢١) طرفه : طرفيه ط

(٢٢) وطرف : بطرف سا

(٢٣) فالمتماسان : والمتماسان ط.

١٧٨

طرفاهما معا لا فى المكان ، بل فى الوضع الواقع عليه الإشارة. فإن الأطراف ليست فى مكان البتة ولها وضع ما والنقطة أيضا لها وضع ، فإن الوضع هو (١) أن يكون الشيء بحيث ممكن أن يشار إليه أنه جهة مخصوصة. والمتماسان تقع هذه الإشارة على طرفهما (٢) معا.

وإذا كان شيئان يتعدى لقاء كل منهما طرف الآخر حتى يلقى ذات الآخر بأسره لم (٣) يكن ذلك مماسة ، بل كان مداخلة ، فإنه ليست المداخلة (٤) إلا أن تدخل كلية ذات فى الآخر (٥) ، وليس ذلك الدخول (٦) إلا أن يلقى أحدهما كل ما قيل إنه مداخل فيه ، فإن ساواه كان لا شيء من هذا إلا وهو ملاق للآخر ، وإن فصل أحدهما لم يكن داخله كله بل داخله ما يساويه (٧) منه. فحقيقة المداخلة أن يكون لا شيء من ذات هذا إلا ويلقى ذات الآخر ، فلا يرى (٨) شيء لا يلقى الآخر وأما كون المتداخلين فى مكان واحد فهو أمر يلزم المداخلة ، وليس هو مفهومها بل مفهومها الملاقاة بالأسر. وإذا كان شيء يلاقى الآخر بالأسر ، والآخر لا يفضل عليه ، فما يلقى الآخر يلقى الأول ، وإلا فسيوجد فيه بالملاقاة شيء خاليا عن الأول. وقيل إن الأول لاقاه كله ، ولم يفضل عن الثاني عليه ، هذا خلف. فالمتلاقيات (٩) بالأسر ، أى شيء لاقى أحدهما لاقى الآخر ، ولا يحجب واحد منهما عن مماسة الآخر ، ولا يزداد الحجم باجتماع ألف منها (١٠) ، وهذا هو (١١) سبيل ألف نقطة لو (١٢) اجتمعت. وإذا كاد شيء يلاقى شيئا ، ويلقى (١٣) الملاقى شيء لا يلقى (١٤) الأول ، فهناك فضل فى ذاته عما لاقى الأول ، ذلك (١٥) الفضل (١٦) يناله الملاقى الثاني فارغا عن الملاقاة الأولى. وهذه الأشياء كلها بينة فى العقل. وكذلك إذا كان الشيء مشغولا بالملاقاة (١٧) حتى تكون الملاقاة تمنعه عن ملاقاة شيء آخر ، فإما أن يكون مشغولا ، كله أو بعضه. فإن كان كله لم يماسه ثالث ، وإن كان بعضه الأول فلا يكون لا الشغل ولا المماسة شغلا بالأسر أو مماسة بالأسر وهذه مقدمات بينة بنفسها ، وما ورد (١٨) من النقض لها فهو نقض مقدمات أعم منها ، وهو ما يقال من أن الشيء قد يكون كله معلوما بالقياس (١٩) إلى شيء ، وعند شيء مجهولا بالقياس إلى آخر ، وعند آخر من غير انقسام ، ويكون الشيء يمين شيء وليس يمين شيء من غير انقسام ، ولذلك (٢٠) يكون مشغولا بأسره بالقياس إلى شيء ، فارغا بالقياس إلى شيء آخر من غير انقسام فأول ما يغلطون فى هذا أن هذا ينقض (٢١) قول قائل من (٢٢) جهة أخرى (٢٣) إنه لا يجوز أن يكون

__________________

(١) وضع فإن الوضع هو : وضع هو سا ، م ، وضع ما والوضع ط.

(٢) طرفهما : طرفيهما ط ، م.

(٣) لم : ولم ط. (٤) المداخلة : المدخل د

(٥) الآخر : الأخرى د (٦) الدخول : المدخول سا.

(٧) ما يساويه : ما ساواه ا ط. (٨) يرى : يتراءى د ، يبق م.

(٩) فالمتلاقيات : فالمتلاقيان ط. (١٠) منها : منهما د ، م (١١) هو : + على م

(١٢) لو : إذا ط (١٣) ويلقى : ويلاقى ط

(١٤) لا يلقى : لا يلاقى ط. (١٥) ذلك : وذلك ط ، م

(١٦) الفضل : ساقطة من سا. (١٧) بالملاقاة : فالملاقاة سا.

(١٨) وما ورد : وما يورد د ، سا ، ط ، م. (١٩) بالقياس (الأولى) : بقياس ب ، د ، سا ، م.

(٢٠) ولذلك : فكذلك سا ، ط ، م. (٢١) ينقض : نقض سا ، ط ، م

(٢٢) من : ساقطة من م. (٢٣) من جهة أخرى : ساقطة من سا

١٧٩

الشيء بأسره ذا أمرين متقابلين بالقياس إلى شيء (١) ، وهذا مسلم. إنما المنكر ما نسبته إلى هذه (٢) المقدمة نسبة النوع (٣) مثلا ، وهو أنه إذا اشتغل بأسره عن أن يماس لم يمس فى جهة دون جهة مماسة تخصه ، فإن (٤) فرغ من جهة واشتغل فى جهة ففى ذاته فضل عن الاشتغال. وهذه المقدمة لم تناقض ولم تبطل ، بل دل على أن جنسها ليس بواجب ، ولها أشباه ليست بواجبة. وهذه المقدمة لم تجب ولم تثبت فى العقل الأول من حيث المعنى الجنسى لها ، بل من حيث هى (٥) مخصوصة بالملاقاة ، فإن الملاقاة هذا موجبها. ولو (٦) كان بدل الملاقاة معنى آخر لكان يجوز أن يكون (٧) كل الشيء (٨) بالقياس إلى جهة بحال ، وبالقياس إلى جهة أخرى بحال (٩) مخالفة لتلك الحال إذا (١٠) كانت تلك (١١) الحال لا توجب شغلا ومنعا أصلا ، وكان (١٢) لا يوجب شغلا يتعاطى بحال الكل وبحال البعض ، إذ كان (١٣) الشغل للكل أمرا بالقياس ليس أمرا فى نفسه. فإن المشغول الممنوع عن مماسة شيء آخر لا يكون مشغولا عن شيء دون شيء ، فإنه من حيث هو مشغول لا يماسه شيء البتة ، ومن حيث هو فارغ يماسه كل شيء. فأما (١٤) المجهول فكونه مجهولا ليس أمرا يستقر فيه البتة ، بل هو مضاف إلى شيء ، ولذلك لا يمنع (١٥) أن يعلمه أى عالم كان بأي عدد كان من العلم ، لا كالجزء الذي لهم ، فإنهم قصروا إمكان مماسته على أشياء معدودة. وبالجملة لا يوجب ذلك فى العلم منعا البتة ، ولو أوجب منعا متناولا (١٦) (١٧) لأمر غير متجزئ بوجه من الوجوه لما علم شيء.

على (١٨) أنه لا حاجة بنا إلى إبانة هذا الفرق ، فإن الذي نقوله فى أمر الملاقاة بالأسر من أنه إذا شغل (١٩) شغل الجميع ، وإن لم يشغل لم يشغل شيئا هو بين بنفسه وبين خلافه ، فى أمر العلم. وما أوردوه (٢٠) من الأمثلة للمناقضة يناقض غير المطلوب ، ويوجب تجويزا فى أمر أعم (٢١) من المطلوب ، فيجعل تجويزا فى المطلوب. وبالحرى أن تكون الملاقاة بالأسر (٢٢) لا تشغل (٢٣) البتة عن المماسة ، فإن الوارد المماس إذا شغله المتقدم السابق إلى المماسة امتنع عن المشغول ولم يمتنع (٢٤)

__________________

(١) شيء : شيئين ط. (٢) هذه : هذا م

(٣) النوع : بالنوع م. (٤) فإن : وإن ط ، م.

(٥) هى : هو ط (٦) ولو : فلو ط

(٧) يكون : ساقطة من د. (٨) الشيء : شيء ط

(٩) بحال (الثانية) : بحالة ط (١٠) إذا : إذ بخ

(١١) تلك : ساقطة من م. (١٢) وكان : وكانت ط ؛ لو كانت م

(١٣) إذ كان : أو كان ط ، م.

(١٤) فأما : وأما سا ، ط ، م. (١٥) لا يمنع : لا يمتنع ط.

(١٦) منعا متناولا : أمرا سا (١٧) متناولا : + ولا د.

(١٨) على : وعلى ب ، سا ، ط (١٩) شغل (الأولى) : اشتعل م.

(٢٠) وما أوردوه : وما أورده ط. (٢١) أعم : ساقطة من ط

(٢٢) بالأسر : ساقطة من سا. (٢٣) لا تشغل : لا تشتغل م

(٢٤) ولم يمتنع : ولم يمنع ط.

١٨٠