كتاب المكاسب - ج ١

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ١

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٧
ISBN: 964-5662-11-7
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤٠٩

إنّ المحرّم هو الغش والمبيع عين مملوكة ينتفع بها ، ومن أنّ المقصود بالبيع هو اللّبن ، والجاري عليه العقد هو المشوب.

ثم قال : وفي الذكرى في باب الجماعة ما حاصله ، أنّه لو نوى الاقتداء بإمامٍ معيّن على أنّه زيد فبان عمرواً ، أنّ في الحكم نظراً ، ومثله ما لو قال : بعتك هذا الفرس ، فإذا هو حمار (١) وجعل منشأ التردد تغليب الإشارة أو الوصف (٢) ، انتهى.

نقد ما ذكره المحقّق الثاني

وما ذكره من وجهي الصحّة والفساد جارٍ في مطلق العيب ؛ لأنّ المقصود هو الصحيح ، والجاري عليه العقد هو المعيب ، وجعله من باب تعارض الإشارة والوصف مبنيّ على إرادة الصحيح من عنوان المبيع ، فيكون قوله : «بعتك هذا العبد» بعد تبين كونه أعمى بمنزلة قوله : «بعتك هذا البصير».

وأنت خبير بأنّه ليس الأمر كذلك كما سيجي‌ء في باب العيب ـ ، بل وصف الصحة ملحوظ على وجه الشرطية وعدم كونه مقوّماً للمبيع ، كما يشهد به العرف والشرع.

ثم لو فرض كون المراد من عنوان المشار إليه هو الصحيح ، لم يكن إشكال في تقديم العنوان على الإشارة بعد ما فرض رحمه‌الله أنّ المقصود بالبيع هو اللّبن والجاري عليه العقد هو المشوب ؛ لأنّ ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ؛ ولذا اتفقوا على بطلان الصرف فيما إذا تبين أحد العوضين معيباً من غير الجنس.

__________________

(١) الذكرى : ٢٧١.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٢٥.

٢٨١

وأمّا التردد في مسألة تعارض الإشارة والعنوان ، فهو من جهة اشتباه ما هو المقصود بالذات بحسب الدلالة اللفظية ، فإنّها مرددة بين كون متعلق القصد (١) أولاً وبالذات هو العين الحاضرة ويكون اتصافه بالعنوان مبنياً على الاعتقاد ، وكون متعلقه هو العنوان والإشارة إليه باعتبار حضوره.

أما على تقدير العلم بما هو المقصود بالذات ومغايرته للموجود الخارجي كما فيما نحن فيه فلا يتردد أحد في البطلان.

توجيه ما عن الذكرى في مسألة الاقتداء

وأما وجه تشبيه مسألة الاقتداء في الذكرى بتعارض الإشارة والوصف في الكلام مع عدم الإجمال في النيّة ، فباعتبار عروض الاشتباه للناوي بعد ذلك في ما نواه ؛ إذ كثيراً ما يشتبه على الناوي أنّه حضر في ذهنه العنوان ونوى الاقتداء به معتقداً لحضوره المعتبر في إمام الجماعة ، فيكون الإمام هو المعنون بذلك العنوان وإنّما أشار إليه معتقداً لحضوره ، أو (٢) أنّه نوى الاقتداء بالحاضر وعنونه بذلك العنوان لإحراز معرفته بالعدالة ، أو تعنون به بمقتضى الاعتقاد من دون اختيار.

الاستدلال على فساد بيع المغشوش بورود النهي عنه

هذا ، ثم إنّه قد يستدل على الفساد كما نسب إلى المحقق الأردبيلي رحمه‌الله (٣) بورود النهي عن هذا البيع ، فيكون المغشوش منهياً عن بيعه ، كما أُشير إليه في رواية قطع الدينار والأمر بإلقائه‌

__________________

(١) في «ف» و «خ» ونسخة بدل سائر النسخ : العقد.

(٢) في «ص» ، «ن» ، «خ» و «م» : وأنّه.

(٣) مجمع الفائدة ٨ : ٨٣.

٢٨٢

في البالوعة ، معلّلاً بقوله : «حتى لا يباع بشي‌ء» (١) ولأنّ نفس البيع غش منهي عنه.

المناقشة في هذا الاستدلال

وفيه نظر ، فإنّ النهي عن البيع لكونه مصداقاً لمحرم هو الغش لا يوجب فساده ، كما تقدم في بيع العنب على من (٢) يعمله خمراً (٣).

وأما النهي عن بيع المغشوش لنفسه فلم يوجد في خبر.

وأما خبر الدينار ، فلو عمل به خرجت (٤) المسألة عن مسألة الغش ؛ لأنّه إذا وجب إتلاف الدينار وإلقاؤه في البالوعة كان داخلاً في ما يكون المقصود منه حراماً ، نظير آلات اللهو والقمار ، وقد ذكرنا ذلك في ما يحرم الاكتساب به لكون المقصود منه محرّماً (٥) ، فيحمل «الدينار» على المضروب من غير جنس النقدين أو من غير الخالص منهما لأجل التلبيس على الناس ، ومعلوم أنّ مثله بهيئته لا يقصد منه إلاّ التلبيس ، فهو آلة الفساد لكل من دفع إليه ، وأين هو من اللّبن الممزوج بالماء وشبهه؟

__________________

(١) تقدمت الرواية في الصفحة : ٢٧٧.

(٢) في «ش» : ممن ، (خ ل).

(٣) راجع المسألة الثالثة ، في حرمة بيع العنب ممّن يعمله خمراً بقصد أن يعمله ، في الصفحة : ١٢٩ وما بعدها.

(٤) في النسخ : خرج.

(٥) راجع البحث حول ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرّمة ، في الصفحة : ١٢١ وما بعدها.

٢٨٣

الأقوى صحّة البيع في جميع أقسام المغشوش ، إلّا في صورةٍ واحدة

فالأقوى حينئذٍ في المسألة : صحة البيع في غير القسم الرابع ، ثم العمل على ما تقتضيه القاعدة عند تبيّن الغش. فإن كان قد غُش في إظهار وصف مفقود كان فيه خيار التدليس ، وإن كان من قبيل شوب اللبن بالماء ، فالظاهر هنا خيار العيب ؛ لعدم خروجه بالمزج عن مسمّى اللبن ، فهو لبن معيوب. وإن كان من قبيل التراب الكثير في الحنطة ، كان له حكم تبعّض الصفقة ، ونَقَص الثمنُ بمقدار التراب الزائد ؛ لأنّه غير متموَّل ، ولو كان شيئاً متموَّلاً بطل البيع في مقابله.

٢٨٤

المسألة الثالثة عشر

حرمة الغناء

الغناء ، لا خلاف في حرمته في الجملة ، والأخبار بها مستفيضة ، وادعى في الإيضاح تواترها (١).

الأخبار المستفيضة الدالّة على الحرمة

منها : ما ورد مستفيضاً في تفسير «قول الزور» في قوله تعالى (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)(٢) ففي صحيحة الشحام (٣) ومرسلة ابن أبي عمير (٤) وموثقة أبي بصير (٥) المرويات عن الكافي ، ورواية عبد الأعلى المحكيّة‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٤٠٥.

(٢) الحجّ : ٣٠.

(٣) الكافي ٦ : ٤٣٥ ، باب النرد والشطرنج ، الحديث ٢ ، وعنه في الوسائل ١٢ : ٢٢٥ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢.

(٤) الكافي ٦ : ٤٣٦ ، باب النرد والشطرنج ، الحديث ٧ ، وعنه في الوسائل ١٢ : ٢٢٧ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٨.

(٥) الكافي ٦ : ٤٣١ ، باب الغناء ، الحديث الأوّل ، وعنه في الوسائل ١٢ : ٢٢٧ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٩.

٢٨٥

عن معاني الأخبار (١) وحسنة هشام المحكيّة عن تفسير القمي رحمه‌الله (٢) : تفسير «قول الزور» بالغناء.

ومنها : ما ورد مستفيضاً في تفسير «لهو الحديث» ‌(٣) ، كما في صحيحة ابن مسلم (٤) ورواية مهران بن محمد (٥) ورواية الوشاء (٦) ورواية الحسن ابن هارون (٧) ورواية عبد الأعلى السابقة (٨).

ومنها : ما ورد في تفسير «الزور» في قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)(٩) كما في صحيحة ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام تارة بلا واسطة وأُخرى بواسطة أبي الصباح الكناني (١٠).

وقد يخدش في الاستدلال بهذه الروايات بظهور الطائفة الاولى‌

__________________

(١) معاني الأخبار : ٣٤٩ ، وعنه في الوسائل ١٢ : ٢٢٩ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢٠.

(٢) راجع تفسير القمي ٢ : ٨٤ ، والوسائل ١٢ : ٢٣٠ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢٦.

(٣) في قوله تعالى (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) لقمان : ٦.

(٤) الوسائل ١٢ : ٢٢٦ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٦.

(٥) نفس المصدر ، الحديث ٧.

(٦) الوسائل ١٢ : ٢٢٧ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١١.

(٧) الوسائل ١٢ : ٢٢٨ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١٦.

(٨) المتقدمة آنفاً.

(٩) الفرقان : ٧٢.

(١٠) الوسائل ١٢ : ٢٢٦ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٥ و ٣.

٢٨٦

المناقشة في دلالة الروايات على حرمة الكيفيّة

بل الثانية في أنّ الغناء من مقولة الكلام ، لتفسير قول الزور به.

ويؤيّده ما في بعض الأخبار ، من أنّ من قول الزور أن تقول للذي يغنّي : أحسنت (١). ويشهد له قول علي بن الحسين عليهما‌السلام في مرسلة الفقيه الآتية في الجارية التي لها صوت : «لا بأس (٢) لو اشتريتها فذكّرتك الجنة ، يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء» (٣) ، ولو جعل التفسير من الصدوق دلّ على الاستعمال أيضاً.

وكذا «لهو الحديث» بناءً على أنّه من إضافة الصفة إلى الموصوف ، فيختص الغناء المحرّم بما كان مشتملاً على الكلام الباطل ، فلا تدلّ على حرمة نفس الكيفية ولو لم يكن في كلامٍ باطل.

ومنه تظهر الخدشة في الطائفة الثالثة ، حيث إنّ مشاهد الزور التي مدح الله تعالى من لا يشهدها ، هي مجالس التغنّي بالأباطيل من الكلام.

اشعار بعض النصوص بكون اللّهو على إطلاقه مبغوضاً لله تعالى

فالإنصاف ، أنّها لا تدلّ على حرمة نفس الكيفيّة إلاّ من حيث إشعار «لَهوَ الحديثِ» بكون اللهو على إطلاقه مبغوضاً لله تعالى.

__________________

(١) الوسائل ١٢ ، ٢٢٩ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢١ ، وإليك نصّه : «قال : سألته عن قول الزور ، قال : منه قول الرجل للذي يغنّي : أحسنت».

(٢) في المصدر : ما عليك.

(٣) الفقيه ٤ : ٦٠ ، الحديث ٥٠٩٧ ، وعنه في الوسائل ١٢ : ٨٦ ، الباب ١٦ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢.

٢٨٧

وكذا الزور بمعنى الباطل ، وإن تحقّقا (١) في كيفية الكلام ، لا في نفسه ، كما إذا تغنّي في كلام حق ، من قرآن أو دعاء أو مرثية.

وبالجملة ، فكل صوت يُعدّ في نفسه مع (٢) قطع النظر عن الكلام المتصوّت به لهواً وباطلاً فهو حرام.

الروايات الدالّة على حرمة الغناء من حيث كونه لهواً وباطلاً ولغواً

ومما يدلّ على حرمة الغناء من حيث كونه لهواً وباطلاً ولغواً : رواية عبد الأعلى وفيها ابن فضّال قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الغناء ، وقلت : إنّهم يزعمون : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخّص في أن يقال : جئناكم جئناكم ، حيّونا حيّونا نحيّكم ، فقال : كذبوا ، إنّ الله تعالى يقول (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ. لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا إِنْ كُنّا فاعِلِينَ. بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ) (٣) ، ثم قال : ويل لفلان مما يصف! رجل لم يحضر المجلس .. الخبر (٤)» (٥).

فإنّ الكلام المذكور المرخَّص فيه بزعمهم ليس بالباطل واللهو اللذين يكذّب الإمام عليه‌السلام رخصة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، فليس الإنكار الشديد المذكور وجعل ما زعموا الرخصة فيه من اللهو والباطل‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، وعلى فرض مطابقتها لما صدر من قلم المؤلّف قدس‌سره ، فمرجع ضمير التثنية هو «اللهو» و «الزور».

(٢) في «ف» ، «ن» و «خ» : ومع.

(٣) الأنبياء : ١٦ ١٧ ١٨.

(٤) كذا في النسخ والظاهر زيادة : «الخبر» ؛ لأنّ الخبر مذكور بتمامه.

(٥) الوسائل ١٢ : ٢٢٨ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١٥.

٢٨٨

إلاّ من جهة التغنّي به.

ورواية يونس ، قال : «سألت الخراساني عليه‌السلام عن الغناء ، وقلت : إنّ العباسي زعم أنّك (١) ترخّص في الغناء ، فقال : كذب الزنديق! ما هكذا قلت له ، سألني عن الغناء ، فقلت له : إنّ رجلاً أتى أبا جعفر عليه‌السلام فسأله عن الغناء فقال له : إذا (٢) ميّز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء؟ قال : مع الباطل ، فقال : قد حكمت» (٣).

ورواية محمد بن أبي عباد وكان مستهتراً (٤) بالسماع ، ويشرب (٥) النبيذ قال : «سألت الرضا عليه‌السلام عن السماع ، قال : لأهل الحجاز (٦) فيه رأي ، وهو في حيز الباطل واللهو ، أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً)» (٧).

والغِناء من السماع ، كما نص عليه في الصحاح (٨) ، وقال أيضاً‌

__________________

(١) في المصدر : إنّ العباسي ذكر عنك أنّك.

(٢) في المصدر : يا فلان إذا ..

(٣) الوسائل ١٢ : ٢٢٧ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١٣.

(٤) في العيون : مشتهراً.

(٥) في «ش» ، «ف» ، «ن» والعيون : بشرب.

(٦) في الوسائل زيادة : العراق (خ ل).

(٧) الوسائل ١٢ : ٢٢٩ ، الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١٩ ، والآية من سورة الفرقان : ٧٢. وأُنظر عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٢٨ ، الحديث ٥.

(٨) الصحاح ٦ : ٢٤٤٩ ، مادة «غنى».

٢٨٩

جارية مُسمعة ، أي مغنّية (١).

وفي رواية الأعمش الواردة في تعداد الكبائر قوله : «والملاهي التي تصدّ عن ذكر الله (٢) كالغناء وضرب الأوتار» (٣).

وقوله عليه‌السلام وقد سئل عن الجارية المغنّية ـ : «قد يكون للرجل جارية تُلهيه ، وما ثمنها إلاّ كثمن الكلب» (٤).

وظاهر هذه الأخبار بأسرها حرمة الغناء من حيث اللهو والباطل ، فالغناء وهي من مقولة الكيفية للأصوات ، كما سيجي‌ء ـ ، إن كان مساوياً للصوت اللهوي والباطل كما هو الأقوى ، وسيجي‌ء فهو ، وإن كان أعم وجب تقييده بما كان من هذا العنوان ، كما أنّه لو كان أخص وجب التعدي عنه إلى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو.

المحرّم هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي

وبالجملة ، فالمحرّم هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي التي (٥) ورد النهي عن قراءة القرآن بها (٦) سواء كان مساوياً للغناء‌

__________________

(١) الصحاح ٣ : ١٢٣٢ ، مادة «سمع».

(٢) في المصدر زيادة : مكروهة.

(٣) الخصال : ٦١٠ ، أبواب المائة فما فوقه ، ذيل الحديث ٩ ، وعنه الوسائل ١١ : ٢٦٢ ، الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ٣٦.

(٤) الوسائل ١٢ : ٨٨ ، الباب ١٦ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٦ ، وإليك نصّه : «سئل أبو الحسن الرضا عليه‌السلام عن شراء المغنّية ، قال : قد تكون للرجل الجارية تُلهيه ، وما ثمنها إلاّ ثمن كلب .. الحديث».

(٥) كذا في «ش» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : الذي.

(٦) الوسائل ٤ : ٨٥٨ ، الباب ٢٤ من أبواب قراءة القرآن ، الحديث الأوّل.

٢٩٠

أو أعم أو أخص ، مع أنّ الظاهر أنْ ليس الغناء إلاّ هو وإن اختلفت فيه عبارات الفقهاء واللغويين :

كلمات اللغويين في معنى الغناء

فعن المصباح : أنّ الغناء الصوت (١). وعن آخر : أنّه مدّ الصوت (٢) ، وعن النهاية عن الشافعي : أنّه تحسين الصوت (٣) وترقيقه. وعنها أيضاً : أنّ كل من رفع صوتاً ووالاه فصوته عند العرب غناء (٤).

وكلّ هذه المفاهيم مما يعلم عدم حرمتها وعدم صدق الغناء عليها ، فكلها إشارة إلى المفهوم المعين عرفاً.

تعريف المشهور للغناء

والأحسن من الكل ما تقدم من الصحاح (٥) ، ويقرب منه المحكي عن المشهور بين الفقهاء (٦) من أنّه مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب.

معنى «الطرب»

والطرَب على ما في الصحاح ـ : خفّة تعتري الإنسان لشدّة حزن أو سرور (٧) وعن الأساس للزمخشري : خفّة لسرور أو همّ (٨).

__________________

(١) المصباح المنير : ٤٥٥ ، مادة «غنن».

(٢) لم نظفر على قائله ، وجعله المحقق النراقي ثامن الأقوال من دون إسناد إلى قائلٍ معيّن ، انظر المستند ٢ : ٣٤٠.

(٣) في المصدر : تحسين القراءة.

(٤) النهاية ؛ لابن الأثير ٣ : ٣٩١.

(٥) في الصفحة : ٢٨٩.

(٦) انظر مفاتيح الشرائع ٢ : ٢٠.

(٧) الصحاح ١ : ١٧١ ، مادة «طرب».

(٨) أساس البلاغة : ٢٧٧ ، مادة «طرب».

٢٩١

وهذا القيد (١) هو المدخل للصوت في أفراد اللهو ، وهو الذي أراده الشاعر بقوله : «أطَرَباً وأنت قِنّسريّ» (٢) أي شيخ كبير ، وإلاّ فمجرّد السرور أو الحزن لا يبعد عن الشيخ الكبير.

مجرّد مدّ الصوت لا مع الترجيع المطرب لا يعدّ لهواً

وبالجملة ، فمجرد مدّ الصوت لا مع الترجيع [المطرب ، أو ولو مع الترجيع (٣)] لا يوجب كونه لهواً.

ومن اكتفى (٤) بذكر الترجيع كالقواعد (٥) أراد به المقتضي للإطراب.

قال في (٦) جامع المقاصد في الشرح ـ : ليس مجرد مدّ الصوت محرماً وإن مالت إليه النفوس ما لم ينته إلى حدّ يكون مطرباً بالترجيع المقتضي للإطراب (٧) ، انتهى.

__________________

(١) في شرح الشهيدي (٦٨) ما يلي : في التعبير مسامحة ، والمراد من القيد الخفة الناشئة من السرور أو الحزن.

(٢) وتمام البيت :

والدهر بالإنسان دوّاريّ

أفنى القرون ، وهو قَعْسَري

قاله العجّاج كما في ديوانه : ٣١٤ ، وفي لسان العرب : الطرب خفّة تلحق الإنسان عند السرور وعند الحزن ، والمراد به في هذا البيت السرور ، يخاطب نفسه فيقول : أتطرب إلى اللهو طرب الشبّان وأنت شيخ مسنّ؟ انظر لسان العرب ٥ : ١١٧ ، مادّة «قنسر».

(٣) الزيادة من «ش».

(٤) في «ف» : اكتفى في التعريف.

(٥) القواعد ٢ : ٢٣٦ ، باب الشهادات.

(٦) وردت «في» في «ص» و «ع» فقط.

(٧) جامع المقاصد ٤ : ٢٣.

٢٩٢

هل المراد بالمطرب كونه مطرباً فعلاً؟

ثم إنّ المراد بالمطرب ما كان مطرباً في الجملة بالنسبة إلى المغنّي أو المستمع ، أو ما كان من شأنه الإطراب ومقتضياً له لو لم يمنع عنه مانع من جهة قبح الصوت أو غيره.

وأمّا لو اعتبر الإطراب فعلاً خصوصاً بالنسبة إلى كلّ أحد ، وخصوصاً بمعنى الخفّة لشدّة السرور أو الحزن فيشكل بخلوّ أكثر ما هو غناء عرفاً عنه.

وكأنّ هذا هو الذي دعا الشهيد الثاني إلى أن زاد في الروضة والمسالك بعد تعريف المشهور قوله : «أو ما يسمى في العرف غناء» (١) وتبعه في مجمع الفائدة (٢) وغيره (٣).

ما زعمه صاحب مفتاح الكرامة من أنّ الإطراب غير الطرب

ولعل هذا أيضاً دعا صاحب مفتاح الكرامة إلى زعم أنّ «الإطراب» في تعريف الغناء غير «الطرب» المفسر في الصحاح بخفّة لشدة سرور أو حزن (٤) وإن توهّمه (٥) صاحب مجمع البحرين وغيره من أصحابنا.

__________________

(١) الروضة البهية ٣ : ٢١٢ ، المسالك ٣ : ١٢٦.

(٢) مجمع الفائدة ٨ : ٥٧ ، نقله عن بعض الأصحاب ، وظاهره تلقّيه بالقبول.

(٣) الحدائق ١٨ : ١٠١.

(٤) تقدّم في الصفحة : ٢٩١.

(٥) في شرح الشهيدي (٦٨) : قضية الإتيان ب «إن» الوصلية والتعبير بالتوهم مخالفة الطريحي في ما ذكره من المغايرة حيث إنّ هذا التعبير لا يكون إلاّ في مقام ذكر المخالف وعليه يكون مرجع ضمير المفعول في «تَوهَّمَه» : الاتحاد المدلول عليه بالكلام السابق ، ولكن لا يخفى عليك أنّه ليس في المجمع ما يدلّ على الاتحاد وعدم المغايرة ، انتهى ، وأُنظر مجمع البحرين ٢ : ١٠٩.

٢٩٣

واستشهد (١) على ذلك بما في الصحاح من أنّ التطريب في الصوت : مدّه وتحسينه (٢).

وما عن المصباح من أنّ طرّب في صوته : مدّه ورجّعه (٣).

وفي القاموس : الغِناء ككِساء من الصوت ما طُرِّب به ، وأنّ التطريب : الإطراب ، كالتطرب والتغني (٤).

قال رحمه‌الله : فتحصّل من ذلك أنّ المراد بالتطريب والإطراب غير الطرب بمعنى الخفة لشدة حزن أو سرور كما توهمه صاحب مجمع البحرين وغيره من أصحابنا (٥) فكأنّه قال في القاموس : الغناء من الصوت ما مُدّ وحُسّن ورُجّع ، فانطبق على المشهور ؛ إذ الترجيع تقارب ضروب حركات الصوت والنفَس ، فكان لازماً للإطراب والتطريب (٦) ، انتهى كلامه رحمه‌الله (٧).

نقد ما أفاده في مفتاح الكرامة

وفيه : أنّ الطرب إذا كان معناه على ما تقدم من الجوهري والزمخشري (٨) هو ما يحصل للإنسان من الخفّة ، لا جرم يكون المراد‌

__________________

(١) أي صاحب مفتاح الكرامة.

(٢) الصحاح ١ : ١٧٢ ، مادة «طرب».

(٣) المصباح المنير : ٣٧٠.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ٣٧٢ ، و ١ : ٩٧.

(٥) انظر الهامش ٥ في الصفحة السابقة.

(٦) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : التطرب.

(٧) مفتاح الكرامة ٤ : ٥٠.

(٨) تقدم عنهما في الصفحة : ٢٩١.

٢٩٤

بالإطراب والتطريب إيجاد هذه الحالة ، وإلاّ لزم الاشتراك اللفظي ، مع أنّهم لم يذكروا للطرب معنى آخر ليشتق منه لفظ «التطريب» و «الإطراب».

مضافاً إلى أنّ ما ذكر في معنى التطريب من الصحاح والمصباح إنّما هو للفعل القائم بذي الصوت ، لا الإطراب القائم بالصوت ، وهو المأخوذ في تعريف الغناء عند المشهور ، دون فعل الشخص ، فيمكن أن يكون معنى «تطريب الشخص في صوته» : إيجاد سبب الطرب بمعنى الخفّة بمدّ الصوت وتحسينه وترجيعه ، كما أنّ تفريح الشخص : إيجاد سبب الفرح بفعل ما يوجبه ، فلا ينافي ذلك ما ذكر في معنى الطرب.

وكذا ما في القاموس من قوله : «ما طُرِّب به» يعني ما أُوجد به الطرب.

مع أنّه لا مجال لتوهم كون التطريب بمادته بمعنى التحسين والترجيع ؛ إذ لم يتوهم أحد كون الطرب بمعنى الحسن والرجوع ، أو كون التطريب هو نفس المدّ ، فليست هذه الأُمور إلاّ أسباباً للطرب يراد إيجاده من فعل (١) هذه الأسباب.

هذا كلّه ، مضافاً إلى عدم إمكان إرادة [ما ذكر من (٢)] المدّ والتحسين والترجيع من «المطرب (٣)» في قول الأكثر : «إنّ الغناء مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب» كما لا يخفى. مع أنّ مجرّد المدّ‌

__________________

(١) في النسخ : يراد من إيجاده فعل.

(٢) مشطوب عليه في «ف».

(٣) كذا في «ف» ، «ن» ، وفي سائر النسخ : الطرب.

٢٩٥

والترجيع والتحسين لا يوجب الحرمة قطعاً ؛ لما مر وسيجي‌ء.

فتبيّن من جميع ما ذكرنا أنّ المتعيّن حمل «المطرب» في تعريف الأكثر للغناء على الطرب بمعنى الخفّة ، وتوجيه كلامهم : بإرادة ما يقتضي الطرب ويعرض له بحسب وضع نوع ذلك الترجيع ، وإن لم يطرب شخصه لمانع ، من غلظة الصوت ومجّ (١) الأسماع له.

ولقد أجاد في الصحاح حيث فسَّر الغناء بالسماع ، وهو المعروف عند أهل العرف ، وقد تقدم في رواية محمد بن أبي عباد المستهتِر بالسماع ـ (٢).

المتحصّل من الأدلّة حرمة الصوت المرجّع فيه على سبيل اللهو

وكيف كان ، فالمحصَّل من الأدلّة المتقدمة حرمة الصوت المُرَجَّع فيه على سبيل اللهو ؛ فإنّ اللهو كما يكون بآلة من غير صوت كضرب الأوتار ونحوه وبالصوت في الآلة كالمزمار والقصب ونحوهما فقد يكون بالصوت المجرّد.

فكل صوت يكون لهواً بكيفيته ومعدوداً من ألحان أهل الفسوق والمعاصي فهو حرام ، وإن فرض أنّه ليس بغناء. وكل ما لا يُعدّ لهواً فليس بحرام ، وإن فرض صدق الغناء عليه ، فرضاً غير محقق ؛ لعدم الدليل على حرمة الغناء إلاّ من حيث كونه باطلاً ولهواً ولغواً وزوراً.

اللّهو يتحقّق بأمرين

ثم إن «اللهو» يتحقق بأمرين :

أحدهما قصد التلَهّي وإن لم يكن لهواً.

والثاني كونه لهواً في نفسه عند المستمعين وإن لم يقصد به‌

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : مجة.

(٢) تقدمت في الصفحة : ٢٨٩.

٢٩٦

التلهّي.

المرجع في «اللّهو» هو العرف

ثم إنّ المرجع في «اللهو» إلى العرف ، والحاكم بتحققه هو الوجدان ؛ حيث يجد الصوت المذكور مناسباً لبعض آلات اللهو وللرقص (١) ولحضور ما تستلذه القوى الشهوية ، من كون المغنّي جارية أو أمرداً ونحو ذلك ، ومراتب الوجدان المذكور مختلفة في الوضوح والخفاء ، فقد يحس (٢) بعض الترجيع من مبادي الغناء ولم يبلغه.

لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حقٍّ أو باطل

وظهر مما ذكرنا أنّه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حقٍّ أو باطل ، فقراءة القرآن والدعاء والمراثي بصوت يُرجَّع فيه على سبيل اللهو لا إشكال في حرمتها ولا في تضاعف عقابها ؛ لكونها معصية في مقام الطاعة ، واستخفافاً بالمقروّ والمدعوّ والمرثي.

ومن أوضح تسويلات الشيطان : أنّ الرجل المتستّر (٣) قد تدعوه نفسه لأجل التفرّج والتنزّه والتلذذ إلى ما يوجب نشاطه ورفع الكسالة عنه من الزمزمة الملهية ، فيجعل ذلك في بيت من الشعر المنظوم في الحِكم والمراثي ونحوها ، فيتغنى به ، أو يحضر عند من يفعل ذلك.

وربّما يُعِدّ مجلساً لأجل إحضار أصحاب الألحان ، ويسمّيه «مجلس المرثية» فيحصل له بذلك ما لا يحصل له من ضرب الأوتار من النشاط والانبساط ، وربّما يبكي في خلال ذلك لأجل الهموم المركوزة‌

__________________

(١) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : والرقص.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر : يحسب.

(٣) المتستّر : وهو مقابل المستهتر.

٢٩٧

في قلبه ، الغائبة (١) عن خاطره ، من فقد (٢) ما تستحضره القوى الشهويّة ، ويتخيّل أنّه بكى في المرثية وفاز بالمرتبة العالية ، وقد أشرف على النزول إلى دركات الهاوية ؛ فلا ملجأ إلاّ إلى الله من شرّ الشيطان والنفس الغاوية.

عروض بعض الشبهات في الحكم أو الموضوع

وربّما يجرّئ (٣) على هذا عروض الشبهة في الأزمنة المتأخرة في هذه المسألة ، تارة من حيث أصل الحكم ، وأُخرى من حيث الموضوع ، وثالثة من اختصاص الحكم ببعض الموضوع.

کلام الکاشان ف جواز الغناء ف نفسه

أما الأوّل : فلأنّه حكي عن المحدث الكاشاني أنّه خصّ الحرام منه بما اشتمل على محرّم من خارج مثل اللعب بآلات اللهو ، ودخول الرجال ، والكلام بالباطل وإلاّ فهو في نفسه غير محرّم.

والمحكي من كلامه في الوافي أنّه بعد حكاية الأخبار التي يأتي بعضها قال : الذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة اختصاص حرمة الغناء وما يتعلق به من الأجر والتعليم والاستماع والبيع والشراء ، كلها بما (٤) كان على النحو المتعارف (٥) في زمن الخلفاء (٦) ، من دخول الرجال‌

__________________

(١) في «ف» : الفائتة.

(٢) في شرح الشهيدي (٧١) : الظاهر أنّه من متعلقات الهموم ، يعني الهموم الناشئة من فقد .. إلخ.

(٣) كذا في «ف» ، «ن» و «ش» ، وفي «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : يجري ، وفي هامش «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ش» : يجترئ (خ ل).

(٤) في «ف» ، «خ» ، «ع» و «ص» : ممّا.

(٥) ص» و «ش» : المعهود المتعارف.

(٦) في هامش «ص» وفي المصدر : في زمن بني أُمية وبني العباس.

٢٩٨

عليهنّ وتكلّمهنّ بالباطل ولعبهنّ بالملاهي من العيدان والقصب وغيرهما ، دون ما سوى ذلك من أنواعه ، كما يشعر به قوله عليه‌السلام : «ليست بالتي يدخل عليها الرجال» (١) إلى أن قال ـ : وعلى هذا فلا بأس بالتغنّي (٢) بالأشعار المتضمّنة لذكر الجنة والنار والتشويق إلى دار القرار ، ووصف نعم الله الملك الجبار ، وذكر العبادات ، والترغيب (٣) في الخيرات ، والزهد في الفانيات ، ونحو ذلك ، كما أُشير إليه في حديث الفقيه بقوله : «فذكّرتك (٤) الجنّة» (٥) وذلك لأنّ هذا كلّه ذكر الله ، وربّما (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٦).

وبالجملة ، فلا يخفى على أهل الحجى بعد سماع هذه الأخبار تمييز حق الغناء عن باطله ، وأنّ أكثر ما يتغنى به الصوفية (٧) في محافلهم من قبيل الباطل (٨) ، انتهى.

نقد ما أفاده المحدّث الكاشاني

أقول : لولا استشهاده بقوله : «ليست بالتي يدخل عليها الرجال»

__________________

(١) هذا قسم من رواية أبي بصير ، الآتية في الصفحة : ٣٠٥.

(٢) في «ص» والمصدر : بسماع التغني.

(٣) كذا في «ص» والمصدر ، وفي سائر النسخ : والرغبات.

(٤) كذا في «ص» ، وفي النسخ : ذكرتك.

(٥) راجع الصفحة : ٢٨٧.

(٦) اقتباس من سورة الزمر ، الآية ٢٣.

(٧) في «ص» والمصدر : المتصوفة.

(٨) الوافي ١٧ : ٢١٨ ٢٢٣.

٢٩٩

أمكن بلا تكلّف تطبيق كلامه على ما ذكرناه من أنّ المحرم هو الصوت اللهوي الذي يناسبه اللعب بالملاهي والتكلّم بالأباطيل ودخول الرجال على النساء ، لحظّ (١) السمع والبصر من شهوة الزنا ، دون مجرد الصوت الحسن الذي يذكّر أُمور الآخرة وينسى شهوات الدنيا.

إلاّ أنّ استشهاده بالرواية : «ليست بالتي يدخل عليها الرجال» ظاهر في التفصيل بين أفراد الغناء لا من حيث نفسه ، فإنّ صوت المغنّية التي تزفّ العرائس على سبيل اللهو لا محالة ؛ ولذا لو قلنا بإباحته فيما يأتي كنّا قد خصّصناه بالدليل.

نسبة ما قاله المحدّث الكاشاني إلى صاحب الكفاية

ونسب القول المذكور إلى صاحب الكفاية أيضاً ـ ، والموجود فيها بعد ذكر الأخبار المتخالفة جوازاً ومنعاً في القرآن وغيره ـ : أنّ الجمع بين هذه الأخبار يمكن بوجهين :

كلام صاحب الكفاية في الجمع بين الأخبار

أحدهما تخصيص تلك الأخبار الواردة المانعة بما عدا القرآن ، وحمل ما يدلّ على ذم التغنّي بالقرآن على قراءة تكون على سبيل اللهو ، كما يصنعه الفساق في غنائهم. ويؤيّده رواية عبد الله بن سنان المذكورة : «اقرأوا القرآن بألحان العرب ، وإيّاكم ولحون أهل الفسق والكبائر [وسيجي‌ء من بعدي أقوام (٢)] يرجّعون القرآن ترجيع الغناء» (٣).

__________________

(١) كذا في «ش» ، وفي سائر النسخ : لحق.

(٢) في ما عدا «ش» بدل ما بين المعقوفتين : وقوله.

(٣) الوسائل ٤ : ٨٥٨ ، الباب ٢٤ من أبواب قراءة القرآن ، الحديث الأوّل ، مع تفاوت يسير.

٣٠٠