تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣١
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

درجته لا يصفي نظره إلى الغزالي سترا (١) لإنافته عليه في سرعة (٢) العبادة ، وقوة الطبع ، ولا يطيب له تصدّيه للتصانيف ، وإن كان منتسبا إليه ، كما لا يخفي من طباع البشر ، لكنه يظهر التبجح به والاعتداد بمكانه ظاهرا خلاف ما يضمره (٣) ثم بقي كذلك إلى انقضاء أيام الإمام ، فخرج من نيسابور وصار إلى المعسكر ، واحتل من مجلس نظام الملك محل القبول ، وأقبل عليه الصاحب لعلو درجته وظهور اسمه ، وحسن مناظرته ، وجري عبارته ، وكانت تلك الحضرة محط (٤) رحال العلماء ، ومقصد الأئمة والفصحاء (٥) ، فوقعت للغزالي اتفاقات حسنة من الاحتكاك بالأئمة ، وملاقاة الخصوم اللد ومناظرة الفحول ومناقرة الكبار ، فظهر اسمه في الآفاق ، وارتفق بذلك أكمل الارتفاق ، حتى أدّت الحال به إلى أن رسم للمصير إلى بغداد للقيام بالتدريس بالمدرسة الميمونة النّظّامية بها ، فصار إليها وأعجب الكل بتدريسه ومناظرته ، وما لقي مثل نفسه ، وصار بعد إمامة خراسان إمام العراق ، ثم نظر في علم الأصول وكان قد أحكمها فصنّف فيها تصانيف وحرر (٦) المذهب في الفقه فصنّف فيه تصانيف ، وسبك الخلاف فحرر فيه أيضا تصانيف ، وعلت حشمته ودرجته في بغداد حتى كان يغلب حشمة الأكابر والأمراء ، ودار الخلافة ، فانقلب الأمر من وجه آخر ، وظهر عليه بعد مطالعة العلوم الدقيقة وممارسة الكتب المصنّفة فيها طريق التزهّد والتألّه ، وترك الحشمة وطرح ما نال من الدرجة والاشغال بأسباب التقوى ، وزاد الآخرة ، فخرج عما كان فيه ، وقصد بيت الله تعالى ، وحجّ ، ثم دخل الشام وأقام في تلك الديار قريبا من عشر سنين يطوف ويزور المشاهد المعظمة ، وأخذ في التصانيف المشهورة التي لم يسبق إليها مثل : «إحياء علوم الدين» ، والكتب المختصرة منها مثل : «الأربعين» وغيرها من التي من تأمّلها علم محل الرجل من فنون العلم ، وأخذ في مجاهدة النفس ، وتغيير الأخلاق وتحسين الشمائل ، وتهذيب المعاش ، فانقلب شيطان الرعونة ، وطلب الرئاسة ، والجاه والتخلق بالأخلاق الذميمة (٧) ، إلى سكون النفس ، وكرم الأخلاق ، والفراغ عن الرسوم والترغيبات والتزيي بزيّ الصّالحين وقصر الأمل ،

__________________

(١) تقرأ بالأصل و «ز» : «سرا» والمثبت عن المختصر.

(٢) بالأصل : «وسرعة العبادة» والمثبت عن «ز».

(٣) تحرفت بالأصل إلى : «يضره» والمثبت عن «ز».

(٤) تحرفت في المختصر إلى : محل.

(٥) في «ز» : والعظماء.

(٦) من هنا إلى قوله : وسبك ، سقط من «ز».

(٧) كذا بالأصل ، وفي «ز» : الأخلاق العظيمة.

٢٠١

ووقف الأوقاف على هداية الخلق ودعا بهم إلى ما يعنيهم من أمر الآخرة ، وتبغيض الدنيا والاشتغال بها على السالكين ، والاستعداد للرحيل في الدار الباقية ، والانقياد لكل من يتوسم فيه أو يشمّ فيه رائحة المعرفة أو التيقّظ لشيء من أنوار المشاهدة ، حتى مرن على ذلك ولان.

ثم عاد إلى وطنه لازما بيته ، مشتغلا بالتفكّر ، ملازما للوقت ، مقصودا نفيسا وذخرا (١) للقلوب ولكلّ من يقصده ويدخل عليه ، إلى أن أتى على ذلك مدة ، وظهرت التصانيف ، وفشت الكتب ، ولم يبد في أيامه مناقضة لما كان فيه ولا اعتراض على أحد على ما .... (٢) حتى انتهت نوبة الوزارة إلى الأجل فخر الملك جمال الشهداء ، تغمده الله برحمته ، وتزينت خراسان بحشمته ودولته ، وقد سمع وتحقق بمكان الغزالي ودرجته ، وكمال فضله وحالته وصفاء عقيدته ، ونقاء سريرته ، فتبرّك به وحضره وسمع كلامه ، فاستدعى منه أن لا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة لا استفادة (٣) منها ، ولا اقتباس من أنوارها ، وألحّ عليه كلّ الإلحاح ، وتشدّد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج وحمل (٤) إلى نيسابور وكان الليث غائبا عن عرينه والأمر خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه ، فاشتدّ عليه في التدريس في المدرسة الميمونة النظامية ـ عمّرها الله ـ فلم يجد بدّا من الإذعان للولاة ، ونوى (٥) إظهار ما اشتغل به هداية الشداة (٦) وإفادة القاصدين دون الرجوع إلى ما انخلع عنه ، وتحرّز عن رقة من طلب الجاه ومماراة الأقران ، ومكابدة المعاندين ، وكم قرع عصاه بالخلاف والوقوع فيه والطعن فيما يذره ويأتيه والسعاية به والتشنيع عليه ، فما تأثر به ولا اشتغل بجواب الطاعنين ، ولا أظهر استيحاشا بغميزة المخلطين ولقد (٧) زرته مرارا ، وما كنت أحدّس (٨) في نفسي مع ما عهدته في سالف الزمان عليه من الزعارة (٩) والجاش البأس ، والنظر إليهم بعين الازدراء ، والاستخفاف بهم كبرا وخيلاء ، واغترارا (١٠) بما رزق من البسطة في النطق ، والخاطر ،

__________________

(١) عن «ز» ، وبالأصل : ودخر.

(٢) كذا لم يكتب من الكلمة في الأصل و «ز» إلّا حرف الألف ، وبعده بياض فيهما.

(٣) بالأصل : «لاستفادة» والمثبت عن «ز».

(٤) في «ز» : وعمل.

(٥) في «ز» : ويرى.

(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وكتب فوقها في «ز» : ضبة.

(٧) من هنا الخبر في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٣٢٤.

(٨) بالأصل : «أحدث» والمثبت عن «ز» ، وسير الأعلام.

(٩) بالأصل و «ز» : «الذعارة» والمثبت عن سير أعلام النبلاء والزعارة بتشديد الراء ، وبتخفيف الراء : الشراسة (القاموس).

(١٠) كذا بالأصل و «ز» ، وفي سير أعلام النبلاء : واعتزازا.

٢٠٢

والعبارة ، وطلب الجاه ، والعلوّ في المنزلة أنه صار على الضدّ (١) وتصفّى عن تلك الكدورات ، وكنت أظن أنه متلفع بجلباب التكلف ، متنمّس بما صار إليه ، فتحققت بعد السّبر والتقتير أن الأمر على خلاف المظنون ، وأن الرجل أفاق (٢) بعد الجنون ، وحكى لنا في ليال له فيه أحواله من ابتداء ما ظهر له سلوكه طريق التألّه وغلبة الحال عليه بعد تبحّره في العلوم ، واستطالته على الكل بكلامه والاستعداد الذي خصّه الله به في تحصيل أنواع العلوم ، وتمكّنه في البحث والنظر حتى تبرم من الاشتغال بالعلوم العريّة (٣) عن المعاملة ، وتفكّر في العاقبة ، وما يجري وينفع في الآخرة ، فابتدأ بصحبة الفارمذي (٤) وأخذ منه استفتاح الطريقة ، وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات ، والإمعان في النوافل ، واستدامة الأذكار ، والجد والاجتهاد طلبا للنجاة ، إلى أن جاز تلك العقاب ، وتكلّف تلك المشاق ، وما يحصل على ما كان يطلبه من مقصود. ثم حكى أنه راجع العلوم وخاض في الفنون ، وعاود الجد والاجتهاد في كتب العلوم الدّقيقة ، والتقى بأربابها حتى انفتح له أبوابها ، وبقي مدة في الوقائع وتكافؤ الأدلة وأطراف المسائل ، ثم حكى أنه فتح عليه باب من الخوف بحيث شغله عن كل شيء ، وحمله على الإعراض عمّا سواه ، حتى سهل ذلك ، وهكذا هكذا إلى أن ارتاض كل الرياضة ، وظهرت له الحقائق ، وصار ما كان نظن به ناموسا وتخلقا طبعا وتحققا ، وإن ذلك أثر السعادة المقدرة له من الله.

ثم سألناه عن كيفية ترعيته والخروج من بيته والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور ، فقال معتذرا عنه : ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة ، ومنفعة الطالبين بالإفادة ، وقد حقّ (٥) عليّ أن أبوح بالحق ، وأنطق به ، وأدعو إليه ، وكان صادقا في ذلك ، ثم ترك ذلك قبل أن يترك ، وعاد إلى بيته واتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم ، وخانقاه للصوفية ، وكان قد وزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والعقود للتدريس بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات من معه عن فائدة إلى أن أصابه غير وضن الأيام به على أهل عصره ، فنقله الله إلى كريم جواره بعد مقاساة أنواع من القصد والمناوأة من الخصوم والسعي به إلى

__________________

(١) بالأصل : «الصدق» والمثبت عن «ز» ، وسير أعلام النبلاء.

(٢) بالأصل : فاق ، والمثبت عن «ز» ، وسير أعلام النبلاء.

(٣) تحرفت في «ز» إلى : العربية.

(٤) هو أبو علي الفضل بن محمد بن علي الفارمذي لسان خراسان وشيخها وهذه النسبة إلى فارمذ ، قرية من قرى طوس ، كما في الأنساب.

(٥) في سير أعلام النبلاء : خفّ.

٢٠٣

الملوك ، وكفاية الله وحفظه وصيانته عن أن تنوشه أيدي النكبات أو ينتهك ستر دينه بشيء من الزلات وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومجالسة أهله ومطالعة الصحيحين للبخاري ومسلم اللذين هما حجة الإسلام ولو عاش لسبق في ذلك الفن بيسير من الأيام يستفرغه في تحصيله ، ولا شك أنه سمع الأحاديث في الأيام الماضية ، واشتغل في آخر عمره بسماعها ولم يتفق له الرواية ، ولا ضرر فيما خلفه من الكتب المصنفة في الأصول والفروع وسائر الأنواع ، فخلد ذكره ، وتقرر عند المطالعين المصنفين المستفيدين منها أنه يخلف مثله بعده ، ومضى إلى رحمة الله تعالى يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة ، ودفن بظاهر قصبة طابران (١) والله تعالى يخصه بأنواع الكرامة في آخرته كما خصه بقبول العلم في دنياه بمنّه ، ولم يعقب إلّا البنات ، وكان له من الأسباب إرثا وكسبا ما يقوم بكفايته ونفقة أهله وأولاده فما كان يباسط أحدا في الأمور الدنيوية. وقد عرضت عليه أموال فما قبلها ، وأعرض عنها واكتفى بالقدر الذي يصون به دينه ولا يحتاج معه إلى التعرض لسؤال ومنال من غيره.

ذكر أبو محمد بن الأكفاني : أن الإمام أبا حامد الغزالي (٢) توفي في جمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة بمدينة طوس.

٦٩٦٥ ـ محمّد بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسماعيل

أبو حامد الطوسي التروي (٣) الفقيه الشافعي

سمع أبا المعالي محمّد بن إسماعيل الفارسي ، وأبا محمّد عبد الجبّار (٤) بن محمّد البيهقي ، وأبا (٥) بكر وجيه بن طاهر الشّحّامي ، وأبا الفتوح عبد الوهّاب بن شاه الشادياخي ، وأبا الأسعد هبة الرّحمن بن عبد الواحد القشيري ، وأبا سعيد محمّد بن يحيى الجنزي الفقيه.

وعنه أخذ علم الخلاف وبه تخرج ، وقدم علينا دمشق في جمادى الأوّلى سنة خمس وستين وخمسمائة ، ونزل (٦) دويرة السّميساطي ، وكان حسن المناظرة ، فقيه النفس ، وسألته

__________________

(١) طابران : إحدى مدينتي طوس ، والأخرى نوقان (معجم البلدان).

(٢) قال عبد الغافر الفارسي : وقولهم : الغزّالي والعطاري والخبازي نسبة إلى الصنائع بلسان العجم ، بجمع ياء النسبة والصيغة. وقال ابن خميس : قال لي الغزالي : الناس يقولون لي الغزّالي ولست الغزّالي ، وإنما أنا الغزالي منسوب إلى قرية يقال لها غزالة. راجع سير أعلام النبلاء ١٩ / ٣٤٣.

(٣) كذا رسمها بالأصل ، وفي «ز» : اليروي.

(٤) بالأصل : «أبا محمد بن عبد الجبّار ...» والمثبت عن «ز» ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٧١.

(٥) بالأصل : «وأبو».

(٦) بالأصل : تولى ، والمثبت عن «ز».

٢٠٤

عن مولده فقال : يوم الثلاثاء خامس وعشرين ذي القعدة سنة سبع عشرة وخمسمائة ، قرئ (١) عليه شيء من أماليه عن شيوخه الذين ذكرتهم ، ثم توجّه إلى بغداد ، فأقام بها وعقد مجلس التذكير ، فحصل له بها قبول عند الخاصّ والعام إلى أن توفي رحمه‌الله في العشر الآخر من شهر رمضان من سنة سبع وستين وخمسمائة ، ودفن بمقبرة باب أبرز بحضرة الشيخ أبي إسحاق ومن عنده من الأئمة رحمة الله عليهم أجمعين.

٦٩٦٦ ـ محمّد بن محمّد بن المبارك الصوري

حدّث عن أبيه.

روى عنه : أبو محمّد بن أبي حاتم.

قرأت بخط أبي الفتح سليم بن أيوب ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم عنه.

أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن الحسن البصير ، ثنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، ثنا محمّد بن محمّد بن المبارك الصوري ـ بمكة ـ ثنا محمّد بن المبارك ، ثنا إسماعيل ابن عيّاش عن عبد العزيز بن عبيد الله ، عن ابن عقبة ـ يعني : ثمامة (٢) ـ عن الحارث بن سويد أنه حدّث عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما من رجل يكون في قوم فيعمل فيهم بالمعاصي ، وهم أكثر منهم وأعزّ ثم لم يدهنوا» (٣) [١١٦٧٥].

٦٩٦٧ ـ محمّد بن محمّد بن مرزوق البعلبكيّ

حدّث عن الوليد بن مسلم.

روى عنه : أبو بكر الباغندي.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون النّرسي ، أنبأنا أبو القاسم موسى بن عبد الله السرّاج ، ثنا محمّد بن محمّد بن سليمان ، ثنا محمّد بن محمّد بن مرزوق البعلبكيّ ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمّد ، عن سالم الخيّاط ، عن محمّد بن سيرين أنه حدّثهم عن أبي بكرة أنه دخل المسجد والناس ركوع ، فركع ، ثم دبّ راكعا حتى دخل الصّف فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «زادك الله حرصا ولا تعد» [١١٦٧٦] ، قال : فذكرت هذا الحديث لسعيد بن بشير ، فأخبرني عن قتادة عن الحسن ، عن أبي بكرة بنحو ذلك.

__________________

(١) رسمها بالأصل : «فرا» والمثبت عن «ز».

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٢٦٧.

(٣) كذا رسمها بالأصل ، وفي «ز» : «يذهبوا».

٢٠٥

قال : وحدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي ، ثنا محمود بن محمّد بن مرزوق ، ثنا الوليد بن مسلم ، أخبرني عبد الرّحمن بن ثابت ، عن مكحول والزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [قال :] «تفضّل صلاة الرجل في جماعة على صلاته خمسا وعشرين درجة» [١١٦٧٧].

[قال ابن عساكر :](١) كذا سمّاه في حديث : محمّدا وفي حديث : محمودا ، والله أعلم بالصواب.

٦٩٦٨ ـ محمّد بن محمّد ، المعروف بالمسلم الهاشمي الملقّب بالمنتضي

له شعر لا بأس به ، فمما وجدت من شعره ما مدح به بعض الكتّاب فقال :

لذاك الصدود وذاك البعاد (٢)

معفصا الأسى وأضعنا الجلد

وما طاب بعدك إلّا السّقام

وإلّا الغرام وإلّا الكمد

فليت الذي من حبكم [بي](٣) إذا

كان لم ينتقض لم يزد

وليتك إذا لم تجد لم تجز

وليتك إن لا تفي (٤) لم تعد

وقالوا : أنغشاك (٥) عند المنام؟

فقلت : يرى حلما من رقد

وكم طاف طرفي بذاك العذار

فقال فؤادي فيه (٦) : لا تعد

أفي كلّ يوم أرى لاعجا

من الشوق يعتادني محتشد

هوى يتناهى ولا ينتهي

ويقصدني وهو لا يقتصد

غزاني مع (٧) الدهر في عسكر

كثير العديد كثيف العدد

وإنّي لآمل بالعارفات إلّا

أضام ولا اضطهد

أأخشى ودوني أبا سعيد (٨)

بن معلى المعالي أسد

أغرّ له (٩) رغبة في الثّناء

إذا ما اللئيم (١٠) أبى أو زهد

وأروع غرّ به (١١) للعيون جلاء

القذى وشفاء الرمد

__________________

(١) زيادة منا للإيضاح. (٢) في «ز» : البعد.

(٣) مكانها بياض بالأصل ، واستدركت اللفظة عن ز»،وقد كتبت فيها فوق الكلام ، وجاءت بعد «الذي».

(٤) في «ز» : «إذ لم تفي».

(٥) بالأصل : «إن غشاك» والمثبت عن «ز».

(٦) في «ز» : له. (٧) في الأصل : «من» والمثبت عن «ز».

(٨) في «ز» : أيادي أي سعيد.

(٩) في «ز» : أجزله.

(١٠) في «ز» : لقيتم.

(١١) بالأصل : «غرته» والمثبت عن «ز».

٢٠٦

إذا زرته طالبا للنوال

أنفذ (١) حلمك فيما وجد

بنى الشرف الفخم فوق النجوم

ووطّد أركانه والعمد

تعالى إلى رتبة في العلى

مربعة لم ينلها أحد

وحاز من المجد ما لا يلام

على مثله حاسد إن حسد

فداؤك مني امرؤ شكره

يدوم (٢) ويبقى بقاء الأبد

أتاك لتصلح من أمره

بالأيك الغرّ ما قد فسد

وإنّي لأشكر منك الجميل كما

يشكر الولدين الولد

ولست أرى أنني بالغ

مداه على أنني مجتهد

وغيرك يأبى الفعال الحميد

ومثلك جاه بأمر حمد

فلا زال نجمك نجم الفلاح

ولا زهمك سهم سهم الرشد

٦٩٦٩ ـ محمّد بن محمّد بن المسلم بن هلال بن الحسن

أبو المفضّل (٣) الأزدي الشاهد

سمعه أبوه في صغره من أبي الفضل بن الفرات ، وعبد الكريم بن أبي الفضل الكفر طابي ، وسهل بن بشر ، ونصر المقدسي.

وسمع هو بنفسه فأكثر السماع ، وحصلت له نسخ كثيرة ، وكتب حسان مع خلوه من المعرفة ، سمع منه بعض أصحابنا شيئا يسيرا ، ولم أسمع منه إلّا حكاية واحدة رواها لي عن [ابن](٤) الأكفاني ، وكان مولده عن ما ذكر لي أخوه أبو المكارم عبد الواحد سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، وتوفي وقت صلاة المغرب ليلة الجمعة الخامس أو السادس من صفر سنة سبع وثلاثين وخمسمائة ، ودفن في داره عند باب الجامع الشامي ، ثم نقل بعد مدة إلى مقبرة باب الفراديس.

٦٩٧٠ ـ محمّد بن محمّد بن مكّي بن يوسف أبو أحمد الجرجاني القاضي (٥)

سمع بدمشق أبا الطيّب أحمد بن إبراهيم بن عبادل ، وعبد الله بن إسماعيل البيروتي ،

__________________

(١) في «ز» : أبعد.

(٢) تقرأ بالأصل : «أمر وشكره ويدوم» والمثبت عن «ز».

(٣) في «ز» : الفضل.

(٤) زيادة للإيضاح عن «ز».

(٥) ترجمته في تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٢ والعبر ٢ / ٣٧٢ وشذرات الذهب ٣ / ٨٢ وتاريخ جرجان ص ٤٤٩ وكناه : أبا محمد وذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٨٨.

٢٠٧

وأبا العباس محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي السرخسي ، وإبراهيم بن خريم (١) الشاشي بها ، وطاهر بن يحيى النيسابوري ، ويحيى بن محمّد بن صاعد (٢) ، ومحمّد بن يوسف الفربري ، وحدّث عنه بكتاب الصّحيح ، وأبا عبد الله الحكيمي ، وعلي بن محمّد الصائغ الجرجاني.

روى عنه : أبو نعيم الحافظ ، وأبو تمام عبد الملك بن أحمد بن علي بن عبدوس الأهوازي ، وأبو الحسن محمّد بن علي بن صخر الأزدي البصري.

كتب إليّ أبو علي الحداد ، ثم حدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن حمد عنه.

ح وأخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : ثنا ـ وأبو منصور ابن زريق ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، قالا : أنبأنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، ثنا أبو أحمد محمّد ابن محمّد بن مكّي بن يوسف الجرجاني ، ثنا علي بن محمّد الصائغ بجرجان ، ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث الكسائي ، ثنا مالك بن أنس ، عن حميد ، عن أنس قال : جاء عليّ إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه ناقة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما هذه الناقة؟» قال : حملني عليها عثمان ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اتّق الدنيا فإن من كثر شيئه (٥) كثر شغله ، ومن كثر شغله اشتد حرصه ، ومن اشتد حرصه كثر همّه ونسي ربّه ، فما ظنك يا عليّ بمن نسي ربّه» [١١٦٧٨].

قال الخطيب : هذا حديث منكر بإسناده تفرّد بروايته الصائغ ، وهو ضعيف جدا عن الكسائي ، وهو مجهول.

كتب إليّ أبو علي الحدّاد ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنبأنا أبو نعيم (٦) الحافظ ، ثنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن مكّي بن يوسف الجرجاني ، ثنا أبو الحسن محمّد ابن إسماعيل المروزي ، ثنا علي بن حجر ، ثنا عبد الله بن جعفر (٧) ، عن عبد الله بن دينار ، قال : ولا أعلمه إلّا ذكره عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا دعوتم لأحد من اليهود والنصارى فقولوا : أكثر الله مالك وولدك» [١١٦٧٩].

قرأت بخط أبي القاسم بن صابر ، وأخبرناه أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل عنه ، ثنا

__________________

(١) بالأصل : «خذيم» ، وفي «ز» : «خديم» والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٨٦.

(٢) أقحم بعدها : ومحمد بن صاعد.

(٣) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٢.

(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في كتاب ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٨٩.

(٥) في ذكر أخبار أصبهان : تشبه.

(٦) ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٨٩.

(٧) قوله : «ثنا عبد الله بن جعفر» ليس في ذكر أخبار أصبهان.

٢٠٨

أبو بكر محمّد بن عمر الكرجي ، ثنا الشيخ الفاضل أبو تمام عبد الملك بن أحمد الأهوازي ـ بالأهواز ـ ثنا القاضي أبو أحمد محمّد بن محمّد بن مكّي الجرجاني ، قدم علينا الأهواز إملاء من لفظه يوم الجمعة للنصف من شهر شعبان سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة ، ثنا أبو الطيّب أحمد بن إبراهيم الشيباني ـ بدمشق ـ ثنا أبو اليمن ، ثنا سفيان (١) بن عبد الأعلى بحديث ذكره.

[قال ابن عساكر :](٢) كذا في الأصل ، والصواب ياسين بن عبد الأحد ، وهو مصري.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف (٣) قال : أبو أحمد (٤) محمّد بن محمّد بن يوسف بن مكّي الجرجاني ، روى عن البغوي ، وابن صاعد ، ورحل إلى الشام ومصر ، وروى صحيح البخاري عن الفربري بالبصرة ، وبشيراز.

أنبأنا أبو علي الحدّاد ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، قال : قال لنا أبو نعيم الحافظ (٥) : محمّد بن محمّد بن يوسف بن مكّي الجرجاني أبو أحمد ، قدم علينا سنة خمسين وثلاثمائة ، ورأيته ببغداد سنة تسع وخمسين ، سمعنا منه أصل كتاب البخاري عن الفربري عنه.

قال غير عبد الرحيم : سنة سبع.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو منصور بن زريق ، قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٦) : محمّد بن محمّد بن مكّي بن يوسف أبو أحمد القاضي الجرجاني ، قدم بغداد ، وروى بها عن محمّد بن يوسف الفربري كتاب الصحيح للبخاري ، ولم يحدّثنا عنه أحمد من شيوخنا البغداديين ، لكن حدّثنا عنه أبو نعيم الأصبهاني ، ومحمّد بن الحسن الأهوازي ، قال لي أبو نعيم : سمعت محمّد بن محمّد بن مكّي بأصبهان بعض كتاب الصحيح ، وسمعت منه بقيته ببغداد ، وقد تكلموا فيه ، وضعّفوه.

قال الخطيب (٧) : وأنشدني محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازي ، أنشدنا القاضي أبو أحمد محمّد بن محمّد بن مكّي الجرجاني لنفسه :

__________________

(١) كذا بالأصل هنا مصحفة ، وجاءت هنا على الصواب : «ياسين» في «ز». فلعل الناسخ كتبها صحيحة دون أن ينتبه إلى تعقيب المصنف في آخر الخبر.

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) تاريخ جرجان ص ٤٤٩ باختلاف عما ورد هنا عنه في الأصل ، و «ز».

(٤) في تاريخ جرجان : أبو محمد.

(٥) ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٨٨.

(٦) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٢.

(٧) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٣.

٢٠٩

إذا المرء لم يحسن مع الناس عشرة

وكان ـ بجهل منه ـ بالمال معجبا

ولم تره يقضي الحقوق فإنه

حقيق بأن يقلى وأن يتجنّبا

قال : وأنشدني الأهوازي ، أنشدني القاضي أبو أحمد أيضا لنفسه :

مضى زمن وكان الناس فيه

كراما لا يخالطهم خسيس

فقد دفع الكرام إلى زمان

أخسّ رجالهم فيه رئيس

تعطلت المكارم يا خليلي

وصار الناس ليس لهم نفوس

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف أن أبا أحمد مات بأرّجان (١) سنة ثلاث أو أربع وسبعين وثلاث ومائة.

٦٩٧١ ـ محمّد بن محمّد بن علي بن الحسين (٢) بن علي بن إبراهيم بن علي بن

عبد (٣) الله بن الحسين (٤) الأصغر (٥) بن علي بن الحسين (٦) بن علي بن أبي طالب

أبو الحسن بن أبي جعفر العلويّ الحسينيّ النسّابة البغدادي

قدم دمشق سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.

وذكره أبو الغنائم النسّابة ، وذكر أنه اجتمع به بدمشق وطبرية ومصر ، وسمع منه علما كثيرا ، وذكر أنّ له كتبا كثيرة من تصنيفه ، وشعرا ، وذكر أنه انتقل من بغداد إلى الموصل ، ثم رجع إلى بغداد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ، وله إذ ذاك مائة سنة إلّا سنتين ، وكان يعرف بين الأشراف بشيخ الشرف ، ومولده سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

٦٩٧٢ ـ محمّد بن محمّد بن هبة الله أبو جعفر الحسينيّ الافطسي الأطرابلسيّ

كان (٧) من أهل الأدب ، وله معرفة بأنساب قريش ، وله أشعار مدح بها بني عمّار ، وتوجه إلى مصر ، ومدح بها الأفضل ابن أمير الجيوش ، وكان قدم دمشق سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

__________________

(١) أرّجان مدينة كبيرة بين شيراز والأهواز.

(٢) في «ز» : الحسن.

(٣) في «ز» : عبيد الله.

(٤) من هنا إلى قوله : البغدادي سقط من «ز».

(٥) بالأصل : الحسين بن الأصغر.

(٦) بالأصل : الحسن.

(٧) من هنا إلى قوله : «ومدح بها» سقط من «ز».

٢١٠

أنشدني أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن البقار مما أنشده لنفسه :

بنفسي ممنوع المزار محجب

وإن لام فيه عاذل أو مؤنب

وقال أسل (١) عنه أو تسلّ بغيره

وما كل ملثوم ثناياه أشنب (٢)

لي الصّبر إلّا أن تعود كليلة

قطعنا دجاها والرقيب مغيب

جعلنا التشاكي موضع العيب بيننا

فأصدق في دعوى الغرام ويكذب

وأنشدني له من قصيدة يرثي بها فخر الملك ابن عمّار :

أم المعالي بعد يومك ثاكل

والدّهر حرب والتّجلّد خاذل

يا نصل قلل غربة من بعدها

طلبت به عند الأنام طوائل

الآن بعدك لا أراعي لنازل

فليفعل الحدثان ما هو فاعل

وقال لي : توفي بمصر بعد سنة عشر وخمسمائة.

٦٩٧٣ ـ محمّد بن محمّد بن يحيى بن محمّد بن عبد الله بن زكريّا

أبو علي السّلميّ الحبيشيّ الأديب

أخو أبي القاسم السّميساطي (٣).

كتب كثيرا من كتب الأدب ، وحدّث عن أبي علي الحسن بن عبد الله الكندي.

روى عنه : عبد العزيز بن أحمد.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، ثنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا أبو علي محمّد بن محمّد ابن يحيى بن محمّد بن عبد الله بن زكريّا السّلميّ الحبيشيّ ـ قراءة عليه ـ ثنا أبو علي الحسن بن عبد الله الكندي (٤) ، ثنا محمّد بن جعفر [بن](٥) زريق (٦) العطّار ، ثنا إبراهيم بن العلاء

__________________

(١) في «ز» : تسلى.

(٢) الشنب : برد الفم والأسنان ، وقيل : تحزيز أطراف الأسنان ، وقيل : صفاؤها ونقاؤها ، وقيل : تفليجها. (راجع تاج العروس بتحقيقنا : شنب).

(٣) اسمه علي بن محمد بن يحيى السلمي السميساطي. والسميساطي نسبة إلى سميساط ، من بلاد الشام ، كما في الأنساب.

(٤) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٤١٥.

(٥) زيادة لازمة عن «ز».

(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وجاء في تهذيب الكمال : محمد بن جعفر بن يحيى بن رزين العطار الحمصي. ترجمة إبراهيم ابن العلاء الزبيدي ١ / ٣٩٩ وفي كتابنا تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٢٤ ترجمة الحسن بن عبد الله الكندي رقم ١٣٥٤.

٢١١

الزّبيدي ، ثنا إسماعيل بن عيّاش ، ثنا ليث بن أبي سليم ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : ما كان نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينام حتى يقرأ : (الم) السجدة (١) ، و (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)(٢) [١١٦٨٠].

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال : سمعت الشريف القاضي مستخصّ الدولة ذا الشرفين أبا الحسين إبراهيم بن العباس الحسيني والذي نصر الله وجهه ينشد هذين البيتين وذكر لي أنهما لأبي علي السّميساطي أخي شيخنا أبي القاسم السّميساطي وهما :

فضيلة الإنسان في نفسه

وفعله الصادر عن حسّه

وإنّما الغبطة أو ضدّها

بعد حلول المرء في رمسه

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، ثنا عبد العزيز الكتاني ، حدّثني هشام بن محمّد الكوفي قال :

توفي أبو علي محمّد بن محمّد السّلميّ الحبيشيّ بدمشق يوم الجمعة الثامن والعشرين من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة.

قال عبد العزيز : وكان من أهل الأدب والشعر ، حدّث بشيء يسير عن الحسن بن عبد الله الكندي البعلبكي عن محمّد بن جعفر بن رزيق (٣) بأحاديث من هذه النسخة نسخة ابن رزيق عن إبراهيم بن العلاء ، زبريق ، سمعنا منه.

٦٩٧٤ ـ محمّد بن محمّد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ـ صخر بن حرب

ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي

أمّه أمّ ولد ، له ذكر.

٦٩٧٥ ـ محمّد بن محمّد بن يعقوب بن إسماعيل بن الحجّاج بن الجرّاح

أبو الحسين (٤) النيسابوريّ الحجاجي الحافظ المقرئ (٥)

أحد علماء أهل نيسابور وثقاتهم.

__________________

(١) سورة السجدة ، الآية الأولى.

(٢) سورة الملك ، الآية الأولى.

(٣) كذا بالأصل و «ز» هنا : رزيق ، وتقدم : «زريق» انظر ما لاحظنا حوله.

(٤) في «ز» : الحسن.

(٥) ترجمته في تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٣ والأنساب (الحجاجي) واللباب ١ / ٣٤١ وسير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٤٠ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٩٤٤ والوافي بالوفيات ١ / ١٢٨ والعبر ٢ / ٣٥٥ وشذرات الذهب ٣ / ٦٧ والحجاجي نسبة إلى حجاج من قرى بيهق من أعمال نيسابور.

٢١٢

رحل وسمع بدمشق ومصر والعراق ، ومكة ، وخراسان أبا الهيثم بن طلاب ، وأبا الحسن بن جوصا ، وأبا علي الحصائري ، ومحمّد بن يوسف بن بشر الهروي ، وعلّان (١) علي ابن أحمد الصّيقل ، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان ، ومحمّد بن جرير الطبري ، وعبد الله بن إسحاق المدائني (٢) ، وأبا الليث نصر بن القاسم الفرائضي ، وعلي بن العبّاس المقانعي ، وأبا جعفر الدّيبلي ، وأبا بكر بن خزيمة ، وأبا العبّاس الثقفي ، وأحمد بن الحسين الماسرجسي ، وأحمد بن محمّد بن الأزهر ، وأسامة بن علي الرازي نزيل مصر.

روى عنه : الحاكم أبو عبد الله وهو نسبه ، وأبو علي الحافظ ، وأبو بكر بن المقرئ ، وهو من أقرانه ، وأبو بكر البرقاني ، وأبو عبد الله بن مندة ، وأبو عمرو محمّد بن أحمد البحيري ، وأبو محمّد إسماعيل بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الرّحمن الفقيه الهروي القراب المقرئ ، وإسماعيل بن إبراهيم بن محمّد النصرآباذي ، وأبو حازم عمر بن إبراهيم العبدوي (٣).

أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن بن أحمد الأسدي ، أنبأنا أبو عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد بن أبي القاسم بن محمّد بن أحمد بن داود بن عبد الرّحمن المليحي ـ بهراة ـ أنبأنا أبو محمّد إسماعيل بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الرّحمن الفقيه المقرئ القراب ، أنبأنا أبو الحسين (٤) محمّد بن محمّد بن يعقوب الحجّاجي ، أنبأنا الحسن بن حبيب بن عبد الملك ـ بدمشق ـ ثنا جعفر بن محمّد القلانسي ، ثنا عمرو بن الحصين ، ثنا يحيى بن العلاء ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا معشر الفقراء ألا أبشركم أن فقراء المسلمين يدخلون [الجنة](٥) قبل أغنيائهم بنصف يوم ـ خمس مائة عام ـ» [١١٦٨١].

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرّجاء بن أبي منصور ، أنا أبو الفتح منصور بن الحسين ، وأبو طاهر بن محمود ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمّد بن محمّد بن الحجّاج أبو الحسين الحجاجي على باب أبي عروبة ، نا محمّد بن إسحاق السراج ، نا هنّاد بن السري ، نا أبو الأحوص ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال عمر : إيّاكم

__________________

(١) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن «ز».

(٢) بالأصل : الميداني ، والمثبت عن «ز» ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٣٧.

(٣) في «ز» : العبدوني.

(٤) في «ز» : أبو الحسين الحافظ.

(٥) زيادة لازمة للإيضاح.

٢١٣

أن تهلكوا عن آية الرجم ، فقد رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجمنا بعده [١١٦٨٢].

وذكر الحديث لم يزد عليه.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : ثنا ـ وأبو منصور بن زريق ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب ، قال (١) : فحدّثني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنبأنا محمّد بن نعيم الضبّي ، حدّثني محمّد بن محمّد بن يعقوب ـ يعني : أبا الحسين الحجّاجي ـ ثنا أبو العباس محمّد بن إسحاق ، ثنا هنّاد بن السّري ، ثنا أبو الأحوص ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : خطب عمر بالمدينة فقال : إيّاكم أن تهلكوا الناس يمينا وشمالا ، أن تضلوا عن آية الرجم ، فيقول قائل : حدّان في كتاب الله ، فقد رأيتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجم ، ورجمنا بعده ، الحديث.

قال أبو نعيم : سمعت أبا الحسين يقول : لم نكتبه إلّا عن أبي العبّاس ؛ كتبه عن زبير الحافظ في مجلس ابن أبي داود.

أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح ، حدّثني أبي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، أنبأنا محمّد بن محمّد بن يعقوب الحافظ ، أنبأنا محمّد بن يوسف الهروي بدمشق بحديث ذكره.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ [قال : محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ](٢) المقرئ أبو الحسين الحجّاجي العبد الصالح الصدوق ، والثبت ، قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد ، وسمع بنيسابور ، والريّ ، وبغداد ، والكوفة ، ومكة ، ومصر ، والشام ، والجزيرة ، وصنّف العلل والشيوخ والأبواب.

أخبرنا أبو القاسم الحسيني ، وأبو الحسن بن قبيس (٣) ، وأبو منصور بن زريق ، قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : محمّد بن محمّد بن يعقوب بن إسماعيل بن الحجّاج بن الجرّاح أبو الحسين النيسابوريّ المعروف بالحجّاجي ، كان أحد قرّاء القرآن ، [قرأ](٥) على أبي بكر بن مجاهد ، وسمع أبا بكر بن خزيمة ، ومحمّد بن إسحاق السراج ، وأبا العبّاس الماسرجسي ،

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤.

(٢) زيادة للإيضاح عن «ز».

(٣) تحرفت بالأصل إلى : قيس ، والمثبت عن «ز» ، والسند معروف.

(٤) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٣.

(٥) زيادة عن «ز» ، وتاريخ بغداد.

٢١٤

ومحمّد بن المسيّب الأرغياني ، وأحمد بن محمّد الأزهري ، وأقرانهم من أهل نيسابور ، وسمع بالريّ من أحمد بن جعفر بن نصر ، ومحمّد بن صالح السروي (١) ، وسمع ببغداد من محمّد بن جرير الطبري ، وعمر بن أبي غيلان الثقفي ، وعبد الله بن إسحاق المدائني (٢) وطبقتهم ، وسمع بالكوفة من علي بن العبّاس المقانعي ، ونظرائه ، وسمع بمكة : من محمّد ابن جعفر الديبلي ، وسمع بمصر من علي بن أحمد [بن سليمان المعروف بعلان وأشباهه ، وسمع بالشام من أحمد بن عمير بن جوصا ، وأبي الجهم بن طلاب](٣) المشغرائي (٤) ، وسمع بالجزيرة من أبي عروبة الحراني وغيره ، وكان عبدا صالحا ، ثبتا حافظا ، صنّف العلل والشيوخ والأبواب ، وحدّث ببغداد قديما في أيّام أبي بكر بن أبي داود ، ثنا عن الحجّاجي أبو حازم العبدوي ، وأبو بكر البرقاني ، أنبأنا أبو عبد الله الفراوي وغيره عن أبي بكر البيهقي.

أنبأنا محمّد بن عبد الله الحافظ ، قال (٥) : كان أبو الحسين الحجّاجي من الصالحين المجتهدين في العبادة ، وكان يمتنع وهو كهل عن الرواية ، فلمّا بلغ الثمانين لازمه أصحابنا (٦) بالليل والنهار حتى سمعوا : «العلل» ، وهو نيّف وثمانون جزءا ، والشيوخ وسائر المصنّفات ، صحبت أبا الحسين نيّفا وعشرين سنة بالليل والنهار ، فما أعلم أنّي علمت أن الملك كتب عليه خطيئة.

وحدّثنا أبو علي الحافظ في مجلسه للإملاء [قال :] حدّثني أبو الحسين بن يعقوب ، وهو أثبت من حدّثنا عنه اليوم ، فذكر عنه حديثا (٧).

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يقول : ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت من أبي الحسين ، وأنا ألقبه بعفّان لثبته ، ولعمري أنه كما قال أبو علي ، فإن فهمه كان يزيد على حفظه (٨).

أخبرنا أبو القاسم ، وأبو الحسن قالا : ثنا ـ وأبو منصور بن زريق ، أنبأنا ـ أبو بكر

__________________

(١) بالأصل : البيروتي ، والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٢) بالأصل : الميداني ، والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٤) بالأصل : «الشغراني» تصحيف ، والمثبت عن «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٥) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٤١.

(٦) في «ز» : أصحابه.

(٧) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٤١.

(٨) المصدر السابق.

٢١٥

الخطيب (١) ، قال : وسمعت البرقاني يقول : توفي أبو الحسين محمّد بن محمّد الحجّاجي في سنة ثمان وستين وثلاثمائة.

قال الخطيب : وحدّثني محمّد بن أحمد بن يعقوب عن محمّد بن عبد الله الحافظ. ح وقرأت على أبي القاسم الشحامي عن أبي بكر البيهقي.

أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال : توفي أبو الحسين الحجّاجي ليلة الخميس الخامس من ذي الحجّة سنة ثمان وستين وثلاثمائة ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة ، والله أعلم.

٦٩٧٦ ـ محمّد بن مارح بن محمّد بن جيش أبو عبد الله المقدسي الفقيه

قدم دمشق وأقام بها في صحبة الفقيه نصر المقدسي مدة.

وسمع أبا القاسم بن أبي العلاء ، وكان قد سمع ببيت المقدس أبا عثمان محمّد بن أحمد بن محمّد بن ورقاء الأصبهاني وغيره.

كتب عنه غيث بن علي شيخنا.

وكان ابن مارح صديقا لأبي رحمه‌الله.

قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي ، وأجازه لي ، أنشدني أبو عبد الله محمّد بن مارح لابن أبي السّخباء (٢) الأديب :

ومهفهف عبث السقام بطرفه

وسرى فخيّم في معاقد خصره

يعطيك منطقه قلائد لفظه

فتكون أثمن من قلائد نحره

مزّقت أثواب الظلام بنحره

ثمّ انثنيت أحوكهن بشعره

٦٩٧٧ ـ محمّد بن ما شاء الله أبو الحسن المقرئ الضرير

حكى عن أبي بكر ابن الأنباري.

روى عنه : عبد الغني بن سعيد.

أنبأنا أبو طاهر بن الحنّائي ، عن أبي الفضل السلامي ، أنبأنا عبد الغني بن سعيد ـ إجازة ـ حدّثني أبو الحسن محمّد بن ما شاء الله الضرير (٣) المقرئ بدمشق ، قال : سئل (٤) أبو

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ٢٢٤.

(٢) كذا رسمها بالأصل والمختصر ، وتقرأ في «ز» : الشحناء.

(٣) بالأصل : «الضرير بن المقرئ» والمثبت عن «ز».

(٤) سقطت من «ز».

٢١٦

بكر ابن الأنباري عن رجل شكر رجلا في نعمة أنعم بها عليه فقال : إن الله عزوجل يحبّ من العبد إذا أوتي نعمة أن يشكرها ، لأنّ الله عزوجل قال : (اشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)(١) وأنشد :

فلو كان يستغني عن الشكر منعم

لعزّة مجد أو علوّ مكان

لما أمر الله العباد بشكره

فقال : اشكروا لي أيها الثقلان

٦٩٧٨ ـ محمّد بن مالك

أخبرتنا أمّ البهاء البغداديّة قالت : أنبأنا أبو طاهر الثقفي ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو الطيب المنبجي ، ثنا عبيد الله بن سعد قال سنة أربع وخمسين شتّى محمّد بن مالك بأرض الروم.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أحمد بن عمران ، ثنا موسى ، ثنا خليفة قال (٢) : وفيها ـ يعني ـ سنة أربع وخمسين شتى محمّد بن مالك.

٦٩٧٩ ـ محمّد بن مانك أبو عبد الله السّجستانيّ

أحد الصوفية الصّالحين.

سكن أنطاكية ، وحكى عن إبراهيم بن نصر الكرماني (٣) ، والحسن بن صالح بن الفضل الرازي.

حكى عنه أبو القاسم بكير بن محمّد المنذري ، وأبو الحسن بن جهضم ، وأبو بكر محمّد بن إبراهيم بن محمّد الهمذانيان.

وقدم دمشق وذكر قدومه في ترجمة إبراهيم بن نصر.

قرأت في كتاب عبد العزيز ، وعبد الصّمد ابني محمّد الشيرازيين ، سمعت أبا القاسم المنذري (٤) قال : قال أبو عبد الله بن مانك : ركبت في مركب [في](٥) البحر من يافا ومعي

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ١٥٢.

(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٢٣ (ت. العمري).

(٣) تحرفت في «ز» ، إلى : المكرماني.

(٤) تحرفت في «ز» ، إلى : الكندري.

(٥) زيادة عن «ز».

٢١٧

رفيق لي ، فلما سار بنا المركب هدأت الريح ، فطلبوا مرسى فقرّبوا المركب من الساحل ، وكان إلى جنبي شاب حسن الوجه ، فخرج من المركب إلى الساحل ، فصعد إلى شط البحر ، فدخل بين أشجار (١) هناك ثم رجع فدخل في المركب ، فلما غابت الشمس قال لي ولصاحبي : إنّي ميت السّاعة ولي إليكما حاجة ، قلنا : وما هي؟ قال : إذا أنا متّ فكفّنوني بما في هذه الرزمة وهذه الثياب التي عليّ ومخلاتي ، إذا دخلتم مدينة صور فأوّل من يلقاكم فيقول لكم : هاتم الأمانة فادفعوها إليه ، فلما صلينا المغرب حرّكنا الرجل فإذا هو قد مات ، فحملناه إلى الشط ، وأخذنا في غسله ففتحت الرزمة التي فيها الكفن فإذا فيها ثوبان أخضران مكتوبان بالذهب ، وثوب أبيض فيه صرّة فيها شيء كأنه الكافور ورائحته المسك ، فغسلناه وكفنّاه في ذلك الكفن ، وحنّطناه بما كان في الصرّة من الطيب ، وصلّينا عليه ، ودفناه ـ رحمه‌الله ـ فلمّا صرنا إلى صور استقبلنا غلام أمرد حسن الوجه ، عليه ثوب شرب (٢) على رأسه منديل دبيقي (٣) ، فسلّم علينا وقال : هاتم الأمانة ، فقلنا : نعم ، ولكن تدخل معنا إلى هذا المسجد نسألك عن مسألة ، قال : نعم ، فدخل معنا ، فقلنا له : أخبرنا من الميت؟ ومن أنت؟ ومن أين كان له ذلك الكفن؟ فقال : أمّا الميّت فكان من البدلاء الأربعين ، وأنا بديله ، وأمّا الكفن فإنه جاءه به الخضر عليه‌السلام ، وعرّفه بأنه ميّت ، ثم لبس الثياب التي كانت معنا ، ودفع لنا الكسوة التي كانت عليه ، فقال : بيعوها ، وتصدّقوا بثمنها إنّ لم تحتاجوا إليه ، فأخذناها ودخلنا إلى صور ، فدفعنا السراويل وفيه التكة إلى المنادي يبيعه ، فلم نشعر إلّا والمنادي قد جاء ومعه جماعة ، فأخذونا إلى دار كبيرة ، فإذا فيها جماعة ، وإذا شيخ يبكي ، وصراخ النساء في الدار ، فلمّا صرنا إلى الشيخ سألناه عن السراويل والتكة ، فحدّثناه الحديث ، فخرّ لله ساجدا ، ثم رفع رأسه فقال : الحمد لله الذي أخرج من صلبي مثله ، ثم صاح بأمّه وقال لنا : حدّثوها ، فحدّثناها الحديث ، فقال لها الشيخ : احمدي الله الذي رزقنا مثله ، فلما كان بعد سنين (٤) كنت واقفا بعرفات فإذا أنا بشاب حسن الوجه عليه مطرف خزّ ، فسلّم عليّ ، وقال : تعرفني؟ فقلت : لا ، قال : أنا صاحب الأمانة الصوري ، ثم ودّعني وقال : لو لا أن أصحابي ينتظروني لأقمت معك ، ثم مضى وتركني ، فإذا أنا بشيخ خلفي من أهل المغرب كنت أعرفه

__________________

(١) بالأصل : الشجار ، والمثبت عن «ز».

(٢) أشرب اللون : أشبعه (القاموس).

(٣) الدبيقي نسبة إلى بلد يجلب منها الثياب الدبيقية (القاموس).

(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : سنتين.

٢١٨

يحج كلّ سنة ، فقال لي : من أين تعرف هذا الشباب؟ فقلت : هذا يقال : إنه من الأربعين ، فقال لي : هو اليوم من العشرة ، وبه يغاث العباد.

أنبأنا أبو علي الحدّاد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال : ومنهم أبو عبد الله بن مانك (١) من المرافقين ، لزم الثغر ملتزما للشهود والحضور ، سئل عن المراقبة فقال : إذا كنت فاعلا فانظر نظر الله إليك ، وإذا كنت قائلا ، فانظر سمع الله إليك ، وإذا كنت ساكتا فانظر علم الله فيك ، قال الله تعالى : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى)(٢) وقال : (يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)(٣) وكان يقول الرجال ثلاثة : [رجل شغل](٤) بمعاشه عن معاده فهذا هالك ، ورجل شغل بمعاده عن معاشه فهذا فائز (٥) ، ورجل اشتغل بهما فهذا مخاطر ، مرّة له ومرّة عليه.

حج أبو عبد الله هذا سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.

٦٩٨٠ ـ محمّد بن المبارك بن عبد الرّحمن بن يحيى بن سعيد

أبو عبد الله القرشي الجوبري المعروف بابن أبي ميمون مولى بني أميّة

حدّث عن من [لم](٦) تبلغني روايته عنه.

كتب عنه أبو (٧) الحسين الرازي.

قرأت بخط نجا بن أحمد ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه في قرى دمشق : أبو عبد الله محمّد بن المبارك بن عبد الرّحمن بن يحيى بن سعيد القرشي (٨) ، ويعرف بابن أبي الميمون من موالي بني أميّة ، من أهل قرية يقال لها جوبر (٩) ، مات في ذي الحجّة سنة سبع وعشرين وثلاثمائة في غوطة دمشق.

٦٩٨١ ـ محمّد بن المبارك بن يعلى أبو عبد الله القرشيّ الصوريّ (١٠)

سكن دمشق ، وحدّث عن مالك بن أنس ، وسعيد بن عبد العزيز ، وصدقة بن خالد ،

__________________

(١) تحرفت في «ز» إلى : مالك.

(٢) سورة طه ، الآية : ٤٦.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٥.

(٤) الزيادة لازمة للإيضاح عن «ز».

(٥) بالأصل و «ز» : «فائق» والمثبت عن «ز».

(٦) زيادة لازمة للإيضاح عن «ز».

(٧) من هنا ... إلى قوله : «في قرى» سقط من «ز».

(٨) ليست في «ز».

(٩) تقدم التعريف بها.

(١٠) ترجمته في تهذيب الكمال ١٧ / ١٨٥ وتهذيب التهذيب ٥ / ٢٧٠ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٩٠ والتاريخ الكبير ١ / ١ / ٢٤١ والجرح والتعديل ٤ / ١ / ١٠٤ وتذكرة الحفاظ ١ / ٣٨٦ واللباب ٢ / ٢٥٠ والعبر ١ / ٣٦٧ وشذرات الذهب ٢ / ٣٥.

٢١٩

ويحيى بن حمزة ، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، والهيثم بن حميد ، وخالد بن يزيد المرّي ، ومسلمة بن علي الخشني ، وعبد الرزّاق بن عمر الثقفي ، وإبراهيم بن أبي شيبان العبسي (١) ، ومدرك بن أبي سعد ، والوليد بن مسلم ، ومحمّد بن شعيب ، ومعاوية بن سلام ، وأبي مطيع معاوية بن يحيى ، وعيسى بن يونس ، وإسماعيل بن عياش ، وسفيان بن عيينة ، والمغيرة بن عبد الرّحمن الحزامي (٢) ، وبقية بن الوليد ، والحسن بن يحيى الخشني ، وهشام ابن يحيى بن يحيى ، وأبي كامل يزيد بن ربيعة الرحبي ، وعمرو (٣) بن واقد ، ومحمّد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس.

روى عنه : يحيى بن معين ، ومحمّد بن يحيى الذهلي ، وأبو النضر إسحاق بن إبراهيم ، وشعيب بن شعيب ، وأبو زرعة النصري ، ويزيد بن محمّد بن عبد الصّمد ، والهيثم ابن مروان بن الهيثم ، ومحمّد بن عوف الحمصي ، والعباس بن عبد الله التّرقفي ، وأبو سليم إسماعيل بن حصن الجبيلي ، وأبو بكر الحسن (٤) بن السّميدع (٥) بن إبراهيم البجلي الأنطاكي ، ويوسف بن سعيد بن مسلّم ، ومحمّد بن خلف الداري (٦) ، ومحمّد بن عبد الملك ابن زنجويه ، وسعدان بن يزيد البزّار (٧) ، وأحمد بن يوسف السّلمي ، ومحمّد بن محمّد بن مصعب ، وحشي ، وعبد السلام بن عتيق ، وأبو الوليد محمّد بن أحمد بن برد ، وعمران (٨) بن بكّار البرّاد ، وأحمد بن أبي الحواري ، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود ، وأبو ثوبان مزداد بن جميل البهراني.

أخبرنا أبو (٩) الحسن الفقيهان ، وأبو المعالي بن الشعيري ، قالوا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا أبو بكر الخرائطي ، ثنا سعدان بن يزيد ، ثنا محمّد بن المبارك الصوريّ ، ثنا يحيى بن حمزة ، عن عبد العزيز [بن عمر بن عبد العزيز](١٠) ، عن

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «العنسي» وفي تهذيب الكمال : الضبي.

(٢) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : الخزامي ، والمثبت عن تهذيب الكمال.

(٣) في «ز» : عمر.

(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي تهذيب الكمال : الحسين.

(٥) في «ز» : السميع.

(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وفي تهذيب الكمال : الرازي.

(٧) في «ز» : البزاز.

(٨) تحرفت بالأصل إلى : «عمار» والمثبت عن «ز» ، وتهذيب الكمال.

(٩) بالأصل و «ز» : أبو.

(١٠) الزيادة للإيضاح عن «ز» ، وفيها : عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز.

٢٢٠