تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

مع ضمان نقص الزيادة الأولى ، كما لو كانا من جنسين ، فإنّ ملك الإنسان لا ينجبر بملكه ، والزيادة الثانية غير الأولى.

أمّا لو تعلّمت فبلغت ألفا ، ثمّ نسيت ، ثمّ تعلّمت ما نسيته ، وبلغت الألف مائة فإنّه يردّها بغير شي‌ء ، لأنّ العلم الثاني هو الأوّل.

ولو تعلّمت علما آخر غير الأوّل ، أو صنعة غير الصنعة الّتي نسيتها أوّلا ، ففي التّغاير نظر.

ولو مرض المغصوب ثمّ برأ ، أو ابيضّت عينه ثمّ ذهب بياضها ، ردّه ولا شي‌ء عليه ، وكذا لو حملت (١) فنقصت ، ثمّ وضعت وزال نقصها.

ولو ردّ المغصوب ناقصا بمرض أو عيب ، فعليه ارشه ، فإن زال عيبه في يد مالكه ، لم يلزمه ردّ ما أخذ من أرشه ، وكذا إن أخذ المغصوب دون أرشه ، ثمّ زال العيب قبل أخذ أرشه ، لم يسقط ضمانه.

ولو زادت القيمة لزيادة الصفة ، ثمّ زالت الصّفة ، ثمّ عادت الصّفة ناقصة عن قيمة الأولى ، ضمن التفاوت.

٦١٥٩. الثاني عشر : لو باع الغاصب فالأقرب أنّه كان كالفضوليّ ، يقف على الإجازة ، ويضمن المشتري العين والمنافع ، ولا يرجع على الغاصب مع علمه ، ويرجع مع الجهل.

ويتخير المالك في الرجوع على من شاء منهما ، فإن رجع على الغاصب رجع الغاصب على المشتري العالم لا الجاهل.

__________________

(١) في «ب» : لو حبلت.

٥٤١

وإن رجع على المشتري ، رجع المشتري على الغاصب بما دفعه من الثمن إن كان المشتري جاهلا ، وإلّا فلا ، وللمالك مطالبته بالمثل أو القيمة ، ولا يرجع بذلك على الغاصب.

وما يغرمه المشتري ما لم يحصل له في مقابلته نفع كالنفقة والعمارة ، فله الرّجوع على البائع ، وما يحصل له نفع في مقابلته ، كسكنى الدار ، وثمرة الشجرة ، والصوف ، واللّبن ، ففيه قولان :

أحدهما أنّ الضمان على الغاصب خاصّة ، لأنّه سبب ، والمباشرة ضعيفة بالغرور.

والثاني التخيير ، فإن رجع على الغاصب لمكان الحيلولة ، رجع على المشتري ، وإن رجع على المشتري لاستقرار التلف في يده ، لم يرجع على الغاصب.

ولو وطئها المشتري فعليه العشر مع البكارة ونصفه مع الثيوبة ، وأرش ما ينقص بالولادة ، وينعقد الولد حرّا وعليه فداؤه يوم سقوطه حيّا لا يوم المطالبة ، ويفديه بقيمته لا بمثله ، ويرجع بذلك كلّه على البائع.

ولو أقامت عنده مدّة لمثلها أجرة ، فعليه الأجرة.

وكلّ ضمان يجب على المشتري فللمالك الرجوع على من شاء منهما ، فإن رجع على المشتري وكان عالما بالغصب ، لم يرجع على الغاصب على ما بيّناه ، وإن كان جاهلا ، فأقسامه ثلاثة :

قيمتها وأرش بكارتها وبدل جزء من أجزائها ، فهذا لا يرجع به ، لأنّه

٥٤٢

دخل مع البائع على أن يكون ضامنا لذلك بالثمن ، فإذا ضمنه لم يرجع به.

وبدل الولد ، فهذا يرجع به ، لأنّه دخل على أن لا يكون الولد مضمونا عليه ، ولم يحصل من جهته إتلاف ، وإنّما الشرع أتلفه بحكم بيع الغاصب ، وكذا نقص الولادة.

والثالث مهر مثلها وأجر نفعها ، ففي الرّجوع به قولان : أحدهما يرجع به ، لأنّه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض. والثاني لا يرجع به ، لأنّه غرم ما استوفى بدله ، كقيمة الجارية ، وإن رجع بذلك كلّه على الغاصب ، فكلّ ما لو رجع به على المشتري لم يرجع به على الغاصب ، يرجع به الغاصب ، وكلّ ما لو رجع على المشتري رجع به على الغاصب ، لا يرجع به الغاصب ، وقد تقدّم بيان ذلك كلّه ولو ردّها حاملا فماتت من الوضع ، ضمن الغاصب.

ولا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد ، سواء كان البائع المالك أو الغاصب أو غيرهما ، ويضمنه وما يتجدّد من نمائه وما يزداد (١) به قيمته لزيادة صفته (٢) فإن تلف عنده ضمن العين بأعلا القيم من حين قبضه إلى حين تلفه إن لم يكن مثليّا ، والوجه عندي أنّه يضمنه بقيمته يوم التلف.

٦١٦٠. الثالث عشر : لو وطئها الغاصب جاهلين بالتحريم لزمه مهر المثل ، وقيل : العشر مع البكارة ونصفه مع عدمها ، ولا يجب إلّا مهر واحد وإن تعدّد الوطء ، ولا حدّ عليه.

ولو افتضّها بإصبعه لزمه أرش البكارة ، فإن وطئها بعد ذلك لزمه الأمران.

__________________

(١) في «أ» : وما يزاد.

(٢) في «أ» : كزيادة صفة.

٥٤٣

ولو ذهبت البكارة بالوطء لم يجب عليه أكثر من المهر أو العشر ، وإن حملت فالولد حرّ لا حقّ به للشبهة.

فإن وضعته ميّتا لم يضمنه ، لأنّ التقويم إنّما يجب للحيلولة ولم تحصل هنا ، وإن وضعته حيّا فعليه قيمته يوم الولادة وأرش ما ينقص منها بالولادة وأجرتها مدّة بقائها في يده.

ولو ضربها الغاصب فألقته ميّتا ، ضمن لمولاها دية جنين أمة.

ولو ضربها أجنبيّ فألقته ميّتا ، ضمن الضارب للغاصب دية جنين حرّ ، وضمن الغاصب للمالك دية جنين أمة.

ولو كانا عالمين بالتحريم ، فإن طاوعته حدّا معا ، ولا مهر ، وقيل : يجب عوض الوطء للمالك ، لأنّه حقّه ، فلا يسقط برضا الأمة.

ولو كانت بكرا لزمه أرش البكارة على القولين ، ولو أكرهها على الوطء اختصّ الحدّ به ، ووجب المهر للمالك.

وهل يتعدّد المهر بتعدّد الوطء بالإكراه؟ نظر ، فإن حملت فالولد رقّ لمولاها ، ولا يلحق بالواطئ ، فإن وضعته حيّا وجب ردّه معها ، وإن أسقطته ميّتا ، لم يضمن ، لعدم العلم بحياته ، ولو وضعته حيّا ضمنه الغاصب لو مات بقيمته ، وعليه أرش ما نقص بالولادة ، ولا يتخيّر بالولد.

ولو ضربها الغاصب فألقته ميتا ضمن عشر قيمة أمّه ، وإن ضربها أجنبيّ فكذلك ، وللمالك تضمين من شاء منهما ، ويرجع الغاصب على الضارب إن يرجع عليه.

٥٤٤

ولو كان الغاصب عالما وهي جاهلة ، فعليه الحدّ والمهر ، ولا يلحق به الولد ، ولو كان بالعكس لحق به الولد ، وسقط عنه الحدّ والمهر ، وحدّت هي.

٦١٦١. الرابع عشر : لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها ، فالزّرع والغرس للغارس والزارع ، وعليه أجرة الأرض للمالك وإزالة الغرس والزرع وطمّ الحفر وأرش الأرض إن نقصت ، ولو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس أو الزرع ، لم يجب على الغاصب القبول ، وكذا لو بذل الغاصب قيمة الأرض للمالك.

ولو وهب (١) الغاصب الزرع والغرس لم يجب على المالك قبوله ، سواء كان في قلعه غرض صحيح أو لم يكن.

ولو غصب الأرض والغرس من واحد ، فغرسها في الأرض ، أجبر على قلعه إن طالبه المالك ، وعليه تسوية الأرض وأرش النقصان ونقص الغرس والأجرة ، وإن لم يكن في قلعه غرض صحيح ، فالوجه أنّه كذلك أيضا.

ولو أراد الغاصب قلعه ومنعه المالك ، لم يكن له القلع ، وكذا البحث لو بنى في الأرض.

ولو جصّص الدار وزوّقها كان للمالك مطالبته بإزالة ذلك ، سواء كان له فيه غرض صحيح أو لم يكن ، وعلى الغاصب أرش النقصان ، ولو طلب الغاصب قلعه ، فله ذلك ، سواء كان له قيمة بعد الكشط (٢) أو لم يكن.

__________________

(١) في «أ» : ولو وهبه.

(٢) قال الفيومي في المصباح المنير : ٢ / ٢٢٢ : كشطت البعير كشطا من باب ضرب مثل سلخت الشاة إذا نحّيت جلده ، وكشطت الشي‌ء كشطا : نحّيته.

٥٤٥

ولو كشط تراب الأرض ، لزمه ردّه وفرشه على ما كان ، ولو منعه المالك وكان في ردّه غرض من إزالة ضرر أو ضمان (١) فله فرشه وردّه.

ولو ضرب التراب لبنا ، لم يكن له أجرة ، ولو جعل فيه تبنا ، كان له حلّه وأخذ تبنه ، ولو جعله آجرا أو فخّارا لزمه ردّه بغير أجرة ، وللمالك إجباره على كسره ، ويحتمل عدمه ، لأنّه سفه.

ولو حفر في الأرض المغصوبة بئرا لزمه طمّها ، ولو منعه المالك لم يكن له الطّم ، وضمان سقوط الغير فيها يزول برضا المالك ، وعلى الغاصب أجرة الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها ، وكذا كلّ ماله أجرة ، سواء استوفى المنفعة أو تركها.

ولو بناها من آلاته ضمن أجرة الأرض خاصّة ، ولو بناها من الآلات المغصوب منه ، ضمن أجرة دار مبنيّة.

ولو غصب دارا فنقصها فعليه أجرة دار إلى حين نقصها وأجرة مهدومة إلى حين ردّها وأرش النقص.

ولو لم يزرع الغاصب الأرض فنقصت لترك الزرع ، كأرض البصرة ، ضمن النقصان.

ولو أخذ المالك الأرض وهي مزروعة ، كان له إجبار الغاصب على قلعه كالغرس ، ولو أراد المالك إبقاء الزرع إلى وقت حصاده بأجرة ، ورضي الغاصب صحّ ، ولو أراد أخذ الزرع ودفع القيمة لم يجبر الغاصب على القبول.

__________________

(١) في «أ» : وضمان.

٥٤٦

ولو أثمرت الشجرة ، كانت الثمرة للغاصب ، وللمالك قلعها قبل إدراكها ، وليس للمالك شي‌ء من الثمرة ، وإن كانت موجودة في النخل ، بل له الأجرة والإلزام بقلع الغرس وطمّ الحفر وأرش النقص.

ولو غصب شجرا فالثمرة للمالك ، وعلى الغاصب أرش ما ينقص من الثمرة بالتجفيف ، وليس عليه أجرة الشجرة ، إذ لا أجرة له.

٦١٦٢. الخامس عشر : لو آجر الغاصب العين ، فالإجارة باطلة ، وللمالك إلزام من شاء بأجرة المثل ، فإن ضمن المستأجر لم يرجع (المستأجر به) (١) ، لأنّه دخل في العقد على أنّه يضمن المنفعة ويسقط عنه المسمّى ، فإن كان دفعه إلى الغاصب رجع به إن كان جاهلا بالغصب ، ولو تلفت العين في يده فإن غرمه المالك ، رجع على الغاصب ، وإن كان عالما لم يرجع على أحد.

ولو غرم الغاصب الأجر والقيمة ، رجع بالأجر على المستأجر مطلقا ، وبالقيمة مع العلم.

ولو أودع المغصوب أو وكّل وكيلا في بيعه فتلف ، ضمّن المالك من شاء ، فإن ضمّن الغاصب رجع على المستودع والوكيل إن كانا عالمين ، ولا يرجع أحدهما لو ضمنه المالك ، وإن كانا جاهلين ، ورجع على الغاصب ، لم يرجع عليهما بقيمة ولا أجرة وإن رجع عليهما رجعا على الغاصب.

ولو أعاره فتلفت عند المستعير ، تخيّر المالك ، فإن غرم المستعير مع علمه لم يرجع ، وإن غرم الغاصب رجع ، وإن كان جاهلا رجع بقيمة العين على

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».

٥٤٧

الغاصب إن غرمه ، ولا يرجع الغاصب عليه بها إن رجع المالك عليه ، وهل يرجع المستعير على الغاصب بالأجرة لو غرمها للمالك؟ فيه احتمال من حيث إنّه دخل على أنّ المنافع له غير مضمونة ، ومن حيث إنّه انتفع بما غرمه ، وكذا البحث فيما يتلف من الأجزاء بالاستعمال.

ولو ردّها المستعير أو المستودع على الغاصب ، فللمالك تضمينه ، ويستقرّ الضمان على الغاصب.

ولو وهبه لعالم بالغصب استقرّ الضمان على المتّهب ، ولو كان جاهلا تخيّر المالك ، فإن ضمّن المتّهب ، رجع على الغاصب بالقيمة والأجر ، لأنّه غيره ، وإن ضمّن الواهب لم يرجع على المتّهب ، وفيه احتمال.

ولو اتّجر بالمغصوب ، فالربح للمالك إن اشترى بالعين وإلّا فله وعليه الضمان ، ولو ضارب به فكذلك ، وعليه أجرة العامل إن كان العامل جاهلا.

ولو غصبه في بلد فطالبه في آخر ، لزمه دفعه إليه ، سواء كان أثمانا أو عروضا ، وسواء كانت القيمة في البلدين واحدة أو اختلفت ، بأن كانت أزيد في بلد الغصب أو أنقص ، وسواء كان في حمله مئونة أو لم يكن.

والمتزوّج (١) من الغاصب لا يرجع بالمهر (٢).

٦١٦٣. السادس عشر : لو غصب أمة حاملا ، فالولد مضمون ، وكذا الدّابّة ، ولو غصبها حائلا فحملت عند الغاصب وولدت ، ضمن ولدها ، فإن أسقطته

__________________

(١) في «ب» : والتزوج.

(٢) في «ب» : به المهر.

٥٤٨

ميّتا لم يضمنه ، لعدم العلم بحياته على إشكال ، نعم يجب ما نقص من الأمّ بالولادة ، سواء ولدته حيّا أو ميّتا.

٦١٦٤. السابع عشر : لو غصب فصيلا فكبر في داره ولم يخرج من الباب ، وجب نقضه وردّ الفصيل ولا ضمان على صاحبه ، وكذا لو دخلت دابّة دار آخر بسبب من صاحب الدار ، ولم يمكن إخراجها إلّا بالنقض ، وإن كان بسبب من صاحب الدّابة ، أو لم يمكن منهما تفريط ، ضمن صاحب الدّابّة النقض ، وكذا لو غصب خشبة ولم يمكن إخراجها إلّا بالنقض ، سواء كان النقض أقلّ ضررا من كسر الخشبة أو أكثر.

ولو غصب دارا فأدخلها فصيلا له أو خشبة ولم يمكن إخراجها إلّا بالنقض أو الكسر ، ذبح الفصيل وأخرج لحمه وكسرت الخشبة.

ولو أدخلت دابّة رأسها في قدر ولم يمكن إخراجه إلّا بكسرها ، كسرت ، وضمن صاحب الدّابّة إن كانت يده عليها أو فرّط في حفظها ، ولو لم تكن يده عليها ، وفرّط صاحب القدر بأن جعلها في الطريق ، فلا ضمان ، ولو لم يفرّط أحدهما ولم يكن المالك معها ، ضمن صاحب الدّابة ، لأنّ ذلك لمصلحته.

ولو باع دارا وفيها حيوان أو أوان (١) لا يخرج إلّا بنقض الباب ، نقض وضمن البائع.

ولو غصب جوهرة فابتلعتها دابّة ذبحت ودفعت الجوهرة إلى مالكها ، وضمن الغاصب قيمة الدّابّة ، ولو كان الحيوان آدميّا ضمن الغاصب قيمة الجوهرة.

__________________

(١) في «ب» : أو أواني.

٥٤٩

ولو ابتلعت شاة رجل جوهرة غير مغصوبة ، ذبحت وضمن صاحب الجوهرة النقص ، إلّا ان يكون التفريط من صاحب الشاة ، ولو قال من عليه الضمان : أنا أتلف مالي ولا أغرم شيئا فله ذلك.

٦١٦٥. الثامن عشر : لو اختلف المالك والغاصب في القيمة بعد التلف ولا بيّنة ، فالقول قول الغاصب ، لأنّه الغارم مع يمينه ، وقال أكثر علمائنا : القول قول المالك مع اليمين (١).

ولو ادّعى الغاصب ما يعلم كذبه بأن يدّعي : أنّ ثمن العبد حبّة ، لم يلتفت إليه ، ويطالب بالمحتمل.

ولو ادّعى المالك بعد تلفه صفة تزيد بها القيمة ، كتعلّم صنعة ، وأنكر الغاصب ، فالقول قول الغاصب مع يمينه ، إذا لم يكن للمدّعي بيّنة.

ولو ادّعى الغاصب عيبا ، فأنكر المالك ولا بيّنة ، فالقول قول المالك مع اليمين.

ولو اختلفا بعد زيادة قيمة المغصوب في وقت زيادته ، فقال المالك : زادت قبل تلفه ، وقال الغاصب : بعد التلف ، فالقول قول الغاصب.

ولو وجد معيبا ، فقال الغاصب : كان معيبا قبل غصبه ، وقال المالك : تعيّب عندك ، فالقول قول المالك ، لأنّ الأصل الصّحة ، ويحتمل تقديم قول

__________________

(١) قال المحقق في الشرائع : ٣ / ٢٤٩. إذا تلف المغصوب واختلفا في القيمة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وهو قول الأكثر ، وقيل : القول قول الغاصب ، وهو الأشبه. لاحظ المسالك : ١٢ / ٢٤٨ ، وجواهر الكلام : ٣٧ / ٢٢٣.

٥٥٠

الغاصب ، عملا بالبراءة ، وبأنّ الظاهر عدم التغيّر. ولو غصب خمرا ، فقال المالك : تخلّل عندك ، وأنكر الغاصب ، فالقول قوله ، لأنّ الأصل بقاؤه على حاله.

ولو اختلفا في ردّ المغصوب أو ردّ مثله أو ردّ قيمته. فالقول قول المالك مع يمينه.

ولو اختلفا في التلف ، فالقول قول الغاصب ، فإذا خلف طالبه المالك بالبدل ، لتعذّر العين.

ولو مات العبد ، فقال المالك : رددته بعد موته ، وقال الغاصب : قبل موته ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وقال في الخلاف : لو عملنا في هذه بالقرعة كان جائزا (١).

ولو اختلفا فيما على العبد من ثوب أو خاتم ، فالقول قول الغاصب مع يمينه ، لأنّ يده على الجميع.

ولو باع شيئا ثمّ ادّعى أنّه كان غاصبا له وقت بيعه ، وأنّه انتقل إليه بعد ذلك بسبب صحيح ، إمّا ميراث أو بيع أو غيرهما ، وأقام بيّنة ، قيل : لا تسمع ، لتكذيبه إيّاها بمباشرة البيع ، وقيل (٢) : تسمع بيّنته إن لم يضمّ إلى لفظ البيع ما يدلّ على الملكيّة ، وإلّا ردّت ، وكذا لو قال بعد البيع ما يدلّ على ذلك ، كأن يقول : قبضت ثمن ملكي ، أو اقبضته ملكي ، أو نحو ذلك ، وهو حسن.

__________________

(١) الخلاف : ٣ / ٤١٨ ، المسألة ٣٤ من كتاب الغصب.

(٢) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٣ / ١٠٠.

٥٥١

٦١٦٦. التاسع عشر : لو باع عبدا فادّعى ثالث أنّ البائع غصبه ، وأقام بيّنة ، بطل البيع ، ورجع المشتري على البائع بالثمن ، ولو لم تكن بيّنة ، فأقرّ له البائع والمشتري فكذلك ، وإن أقرّ البائع وحده ، لم يقبل في حقّ المشتري ، وغرم القيمة ، وللبائع إحلافه ، فإن لم يكن قبض الثمن ، فليس له المطالبة به ، لأنّه لا يدّعيه ، والوجه المطالبة بأقلّ الأمرين من الثمن وقيمة العبد ، وإن كان قبضه ، لم يكن للمشتري استرجاعه.

فإن عاد العبد إلى البائع بفسخ أو غيره ، وجب ردّه على المالك ، ويسترجع ما أعطاه ، ولو كان إقرار البائع في مدّة خياره انفسخ البيع.

ولو أقرّ المشتري وحده لم يقبل في حقّ البائع ، وردّ العبد ، فإن كان قد دفع الثمن لم يكن له استرجاعه ، وإن لم يكن دفعه ، وجب ردّه عليه.

ولو ضمّ البائع وقت البيع إلى لفظه ما يدلّ على الملكيّة ، لم تسمع بيّنته ، فإن أقامها المدّعي قبلت ، ولا تقبل شهادة البائع ، ولو أنكراه جميعا ، كان له إحلافهما ، وإن كان المشتري قد أعتق العبد لم يقبل إقرارهما.

ولو وافقهم العبد ، احتمل القبول ، لأنّه مجهول النسب أقرّ بالرقّ لمن يدّعيه ، وعدمه لأنّ الحرّية حقّ الله تعالى ، ولهذا لو اعترف بالحرّية إنسان ثمّ أقرّ بالرّق لم يقبل ، وكذا لو شهد شاهدان بالعتق مع اعتراف العبد والسيّد بالرّق سمعت ، والأوّل أقوى.

وإذا حكم بالحرّية فللمالك تضمين أيّهما شاء بقيمة يوم العتق ، فإن ضمّن البائع ، رجع على المشتري ، لأنّه أتلفه ، وإن رجع على المشتري رجع على البائع بالثمن خاصّة.

٥٥٢

ولو مات العبد وخلّف مالا ، فهو للمدّعي إن لم يخلّف وارثا ، ولا ولاء عليه.

ولو شهد بالغصب اثنان واختلفا ، فشهد أحدهما أنّه غصبه يوم الخميس ، والآخر يوم الجمعة ، لم تتمّ البيّنة ، وحلف مع من شاء منهما (١).

أمّا لو شهد أحدهما أنّه أقرّ بالغصب يوم الخميس ، وشهد الآخر أنّه أقرّ به يوم الجمعة (٢) تثبت البيّنة (٣).

(ولو شهد أحدهما أنّه أقرّ أنّه غصبه يوم الخميس ، وشهد الآخر أنّه أقرّ انّه غصبه يوم الجمعة ، لم تثبت البيّنة) (٤).

٦١٦٧. العشرون : لو بنى المشتري مع جهله بالغصب ، فقلع بناءه ، فالأقرب أنّه يرجع بأرش نقص الآلات على البائع ، ولو تعيّب المبيع في يده ، احتمل الرجوع على البائع بما يغرمه ، لأنّ العقد لا يوجب ضمان الأجزاء بخلاف الجملة.

__________________

(١) في «ب» : وحلف على من شاء منهما.

(٢) كذا في «ب» ولكن في «أ» : وشهد الآخر أنّه غصبه يوم الجمعة.

(٣) واستدلّ الشيخ في المبسوط على الصّحة بأنّ المقرّ به واحد ولكن وقع الإقرار به في وقتين.

لاحظ المبسوط : ٣ / ١٠١.

(٤) ما بين القوسين يوجد في «ب» وليس بموجود في «أ».

٥٥٣
٥٥٤

كتاب الشفعة

٥٥٥
٥٥٦

وفصوله ثلاثة

[الفصل] الأوّل : [في] المحلّ

وفيه ستّة مباحث :

٦١٦٨. الأوّل : الشفعة استحقاق أحد الشريكين حصّة شريكه في عقار ثابت للقسمة بسبب انتقالها بالبيع ، وإنّما تثبت في الأرضين : كالبساتين ، والدّور ، والعراص (١) وأشباه ذلك.

وهل تثبت في المنقول؟ قولان : أقربهما السقوط ، نعم تثبت في الشجر ، والنخل ، والأبنية ، والأخشاب ، تبعا للأرض ، ولو بيع ذلك منفردا يا بنى على القولين.

ومن علمائنا من أوجب الشفعة في العبد دون غيره من الحيوان (٢).

وكذا لا شفعة في حجرة عالية مشتركة مبنيّة على سقف لصاحب السّفل ، لأنّه لا أرض لها ، فلا ثبات ، ولو كان السقف للشريكين في العلوّ احتمل الشفعة وعدمها ، لأنّ السّقف في الهواء ، فلا ثبات له.

__________________

(١) العرصة : كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء ، والجمع : العراص والعرصات. الصحاح : ٣ / ١٠٤٤.

(٢) وهو خيرة المصنّف في المختلف قال : «والمعتمد أنّ الشفعة انّما تثبت فيما تصحّ قسمته خاصّة إلّا المملوك» مختلف الشيعة : ٥ / ٣٤٩.

٥٥٧

٦١٦٩. الثاني : لا شفعة فيما لا يقبل القسمة إلّا بإبطال منفعة المقصودة ، كالنهر ، والحمّام ، والطريق ، والطاحونة ، وبئر الماء ، ولو كان الحمّام ، أو الطريق ، أو النهر ممّا لا تبطل منفعته بعد القسمة تثبت الشفعة ، وكذا لو كان مع البئر بياض أرض بحيث يسلم البئر لأحدهما ، أو كانت البئر متّسعة يمكن أن يقسّم بئرين ، يرتقي الماء منهما ، أو كان للرّحى حصن يمكن قسمته ، بحيث يحصل الحجران في أحد القسمين ، أو كان فيها أربعة أحجار دائرة يمكن أن ينفرد كلّ منهما بحجرين.

٦١٧٠. الثالث : لا تثبت الشفعة في الزرع ، والثمرة الظاهرة ، وإن بيع مع الأرض ، أمّا الدولاب والناعورة ، فالأقرب دخوله في الشفعة إذا بيع مع الأرض ، ولا تدخل الحبال الّتي تركّب (١) عليها الدلاء في الشفعة إلّا عند القائلين بالتعميم.

ولو بيعت الشجرة مع قرارها من الأرض ، مفردة عمّا يتخلّلها من الأرض ، فحكمها حكم ما لا ينقسم من العقارات.

٦١٧١. الرابع : تثبت الشفعة في الأرض المقسومة بالاشتراك في الطريق أو الساقية ، إذا بيع معها ، ولو بيعت الأرض منفردة عن الطريق أو الشرب فلا شفعة ، وتثبت في الطريق والشرب خاصة إن كانا قابلين للقسمة وإلا فلا.

ولا تثبت للجار (٢) إلّا بالاشتراك في الطريق والشرب إذا بيع مع أحدهما ، ولو باع المقسوم والمشترك بثمن واحد تثبت الشفعة في المشترك خاصّة بحصته من الثمن.

__________________

(١) في «ب» : «تركت» وهو مصحّف.

(٢) في «ب» : فله تثبت الشفعة للجار.

٥٥٨

٦١٧٢. الخامس : إنّما تثبت الشفعة إذا انتقلت الحصّة بالبيع ، فلا تثبت فيما انتقلت بغيره من العقود ، سواء كان بعوض معلوم كالصداق ، وعوض الخلع والصلح وغيرها من العقود ، أو بغير عوض كالهبة ، والصّدقة ، وغيرهما.

٦١٧٣. السادس : لو كان الشقص مشتركا مع الوقف ، وبيع ، لم يكن للموقوف عليه شفعة ، وإن كان واحدا إن قلنا انّه غير مالك على الخصوص ، وإن قلنا انّه يملك الرقبة تثبت الشفعة ، وهو اختيار السيّد المرتضى (١) وهو جيّد.

ولو بيع الوقف لوقوع الخلف الموجب للخراب على ما اختاره بعض علمائنا (٢) كان للشريك أخذه بالشفعة.

الفصل الثاني : في المستحقّ

وفيه ثمانية مباحث :

٦١٧٤. الأوّل : إنّما يستحقّ الشفعة الشريك بالحصّة المشاعة القادر على الثمن ، فلا تثبت الشفعة بالجوار ، ولا فيما قسّم وميّز إلّا مع الاشتراك بالطريق والشرب ، ولا مع عجز الشفيع عن الثمن ، ولو ماطل أو هرب بطلت شفعته.

ولو ادّعى غيبة الثمن أنظر ثلاثة أيّام ، فإن لم يحضره بطلت شفعته ، ولو

__________________

(١) الانتصار : ٤٥٧ ، كتاب الشفعة ، المسألة ٢٦٠.

(٢) وهو خيرة الشيخ في المبسوط : ٣ / ٢٨٧ و ٣٠٠ كتاب الوقف.

٥٥٩

قال : إنّ الثمن في بلد آخر ، أنظر بقدر وصوله إليه وزيادة ثلاثة أيّام ما لم يتضرّر المشتري.

ولو دفع العاجز عن الثمن رهنا أو ضمينا ، لم يجب على المشتري القبول ، وكذا لو بذل عوضا عنه.

وإذا أخذ بالشفعة لم يلزم المشتري تسليم الشقص حتّى يقبض الثمن ، وإذا أجّل مدّة ، ولم يحضر الشفيع الثمن فيها ، فسخ الحاكم الأخذ ، وكذا لو هرب الشفيع بعد الأخذ ، وللمشتري الفسخ من غير حكم حاكم.

٦١٧٥. الثاني : لا تثبت الشفعة للذّمّي على المسلم ، وكذا الحربيّ ، وتثبت للمسلم على الذّمّي وللذّمّي على مثله وعلى غيره من الكفّار ، وكذا لغير الذّمّي على مثله وعلى الذّمي ، فإن تبايعاه بخمر أو خنزير ، وكان الشفيع مسلما ، أخذ بالقيمة عندهم ، وإن كان منهم وأخذ الشفيع المثل ، لم ينقض ما فعلوه.

وإن تقابض المتبايعان دون الشفيع ، وترافعوا إلينا ، فالوجه ثبوت الشفعة ، ويأخذ بالقيمة لا المثل.

وتثبت لكلّ مسلم ، وإن اختلفوا في الآراء والمذاهب ، وتثبت للبدويّ على القرويّ وبالعكس.

٦١٧٦. الثالث : تثبت الشفعة للغائب ، سواء قربت غيبته أو بعدت ، فإن لم يعلم بالبيع إلّا وقت قدومه ، فله المطالبة ، وإن طالت غيبته ، وكذا لو علم ولم يتمكّن من المطالبة في الغيبة ولا من التوكيل ، ولو تمكّن بطلت شفعته.

وحكم المريض وكلّ من لم يعلم بالبيع لعذر حكم الغائب.

٥٦٠