تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ويستحبّ للمولى الصبر عليه ، ولو لم يعجز لم يكن للمولى الفسخ.

ولو اتّفقا على التقايل جاز (١).

ولا تبطل الكتابة بموت المالك ، وللوارث المطالبة بالمال ، فإن أدّى إليه عتق كالمولى.

٥٨٠٨. الثالث والثلاثون : لو كاتبه ثمّ حبسه مدّة ، قيل : يجب أن يؤجّله مثل تلك المدّة ، والوجه عندي إلزامه بالأجرة عن تلك المدّة. (٢)

٥٨٠٩. الرابع والثلاثون : لا يدخل حمل الموجود وقت الكتابة في كتابة الأمّ ، ولو حملت بعد الكتابة من مملوك كان حكم الولد حكم الأمّ يعتق منه بحسابها ، ولو كان من حرّ كان الولد حرّا.

ولو حملت من مولاها لم تبطل الكتابة ، فإن مات مولاها وعليها شي‌ء من مال الكتابة ، عتقت من نصيب ولدها ولو لم يكن ولد سعت في مال الكتابة للوارث.

٥٨١٠. الخامس والثلاثون : لو أبرأه أحد الورّاث من نصيبه من مال الكتابة ، أو أعتق نصيبه صحّ ، وعتق ، ولا يقوّم عليه على الأقوى.

٥٨١١. السادس والثلاثون : العبد لا مال له عندنا وإن ملّكه مولاه ، وعند الشيخ يملك مع التمليك فإذا كاتبه وله مال ، فالأقوى على قول الشيخ أنّه للمولى ما لم يشترطه المكاتب ، ولو كان له ولد فهو للمولى أيضا.

__________________

(١) في «أ» : جاز له.

(٢) وكلا القولين للشيخ في المبسوط : ٦ / ١٣٢.

٢٨١

٥٨١٢. السابع والثلاثون : لا يعتق المكاتب إلّا بالأداء إذا لم يبرأه المالك ، سواء كان معه مال الكتابة أو لا ، ولو كان بيده مال الكتابة ، ولم يؤدّه إلى المالك كان باقيا على الرقية ، وإن تلف وحلّ النجم وعجز لم يعتق ، ولا يثبت المال في ذمّته إلّا أن يشاء المالك بقاء الكتابة.

ولو كان المال باقيا ، وحلّ مال الكتابة ، وامتنع من الأداء ، احتمل أن لا يكون عجزا ، بل يؤدّيه الإمام منه ، واحتمل أن يكون عجزا فيعجّزه المولى ، ويسترقّه إن شاء.

٥٨١٣. الثامن والثلاثون : لو كاتب بإذن مولاه صحّ ، فإن شرط الولاء وعجز الأوّل وأدّى الثاني ، فولاؤه للسيّد الأوّل ، ولو أدّى الثاني قبل عجز الأوّل وقبل الأداء ، فالوجه أنّ الولاء موقوف ليس للسيّد إلّا أن يعجّز الأوّل ، ولو مات الثاني قبل عتق المكاتب فميراثه موقوف أيضا.

٥٨١٤. التاسع والثلاثون : لو أوصى بعتقه عند عجزه ، فادّعى العجز قبل حلول النجم ، لم يعتق ، لأنّه لم يجب عليه شي‌ء يعجز عنه ، وإن ادّعاه بعد الحلول ، وكان معه ما يؤدّيه ، لم يلتفت إليه ، لانتفاء العجز ، وإن لم يكن معه مال ظاهر ، فإن صدّقه الورثة عتق ، وإن كذّبوه حلف وأعتق ، وكان ما في يده للورثة.

٥٨١٥. الأربعون : العجز لا تنفسخ به الكتابة ، بل يثبت به استحقاق الفسخ ، فإن فسخ مولاه ملكه وما معه ، وإلّا كان باقيا على الكتابة ، والوجه أنّ للمولى انتزاع ما في يده مع العجز وإبقاء الكتابة بحالها.

٥٨١٦. الحادي والأربعون : لو اشترى المكاتب من يعتق عليه بإذن مولاه صحّ ، وكسبه للمكاتب ، ونفقته عليه ، وإن أعتقهم السيّد لم يصحّ ، كما لا يصحّ

٢٨٢

لو أعتق مملوك المكاتب ، ولو أعتقه المكاتب ، فإن كان بإذن المولى صحّ ، وإلّا فلا.

ولو أعتق المولى المكاتب صحّ العتق ، وعتق من يعتق عليه تبعا له.

ولو مات المكاتب ولم يخلف وفاء عادوا رقيقا.

ولو كانت الكتابة مطلقة ، عتق منهم بنسبة ما عتق منه.

ولو اشترى المكاتب زوجته أو المكاتبة زوجها ، صحّ الشراء ، وبطل النكاح.

٢٨٣
٢٨٤

[المقصد] الرابع : في أمّهات الأولاد

وفيه سبعة عشر بحثا :

٥٨١٧. الأوّل : أمّ الولد هي الّتي ولدت من سيّدها في ملكه ، فإذا وطئ أمته فأتت له بولد بعد وطئه لستّة أشهر فصاعدا ، لحق نسبه (١) وكان الولد حرّا ، وصارت بذلك أمّ ولد ، ولا تسري حرّية الولد إلى الأمّ ، وإن أتت به تامّا لأقلّ من ذلك لم يلحقه النسب ، ولم تصر أمّ ولد.

٥٨١٨. الثاني : إنّما تصير الأمة أمّ ولد بشروط ثلاثة :

أحدها : أن تعلق منه بحرّ ، وذلك بأن يطأ الحرّ جاريته ، ويخلق من مائه ولد ، سواء كان الواطئ مسلما أو ذميّا ، فلو علقت أمة الذمّي منه ، ثمّ أسلمت ، بيعت عليه ، وقيل : يحال بينه وبينها ، وتجعل على يد امرأة ثقة (٢). ولو لم تبع حتّى مات مولاها ، فالوجه عتقها من نصيب الولد.

أمّا المملوك إذا ملّكه مولاه جارية ، وقلنا إنّه يملك ، فإنّه إذا وطئ أمته واستولدها ، فولده مملوك ، ولا يثبت للأمة حكم الاستيلاد ، وإن أذن له المولى في التسرّي.

__________________

(١) في «أ» : ألحق نسبه.

(٢) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٦ / ٤٢٥ ، المسألة ٢ من كتاب أمّهات الأولاد.

٢٨٥

ولو اشترى المكاتب أمة للتجارة فأحبلها ، كان الولد موقوفا ، أمّا الأمّ فإنّها لا تنعتق بموت المكاتب قبل أداء ما عليه ، ولا يثبت لها حكم الاستيلاد مع عجزه ، وأطلق الشيخ صيرورتها أمّ ولد (١).

وهل يملك المكاتب بيعها والتصرف فيها؟ الوجه عدم ذلك ، ولو عتق لحقها حكم الاستيلاد.

الثاني : أن تعلق منه في ملكه ، سواء كان الوطء مباحا أو محرّما ، كالوطء في الحيض ، أو النفاس ، أو الصوم ، أو الإحرام ، أو الظهار.

ولو وطئ المولى المرهونة بغير إذن المرتهن فأحبلها ، فإنّها تصير أمّ ولد في حقّ الراهن والمرتهن.

ولو علقت منه في غير ملكه ، لم تصر بذلك أمّ ولد إذا علقت منه بمملوك ، مثل أن يطأها (٢) في ملك غيره بنكاح ، ويشترط المولى الولد ، أو يطئها زنا ، سواء ملكها بعد ذلك أو لا ، وسواء ملكها بعد انفصال الولد أو قبله.

ولو علقت منه في غير ملكه بحرّ ، بأن يطئها للشبهة أو يغرّ من أمة فيتزوّجها على أنّها حرّة أو يشتريها فيظهر استحقاقها فلا تصير أمّ ولد في الحال فإن ملكها بعد ذلك قال الشيخ : تصير أمّ ولد. (٣) وعندي فيه نظر.

الثالث : أن تضع خلق آدميّ ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة من القوابل ، فلو وضعت مضغة لم يظهر فيها شي‌ء من خلق الآدميّ فشهد الثقات من القوابل أنّ فيها صورة خفيّة ، تعلّقت بها أحكام أمّهات الأولاد ، ولو لم يشهدن بذلك

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ١٨٧.

(٢) في «ب» : قبل أن يطأها.

(٣) المبسوط : ٦ / ١٨٦.

٢٨٦

لكن علم أنّه مبدأ خلق آدميّ إمّا بشهادتهنّ أو غير ذلك ، تعلّق به الأحكام أيضا.

٥٨١٩. الثالث : أمّ الولد مملوكة لا تتحرّر بموت المولى ، بل من نصيب ولدها ، ويجوز للمولى التصرّف فيها بالوطء والاستخدام وغير ذلك ، إلّا البيع والهبة ، ولا يجوز بيعها ما دام ولدها حيّا ، إلّا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها ، وليس له سواها ، وفي اشتراط موت المولى حينئذ خلاف والسيّد رحمه‌الله منع من بيعها مطلقا (١).

ولو مات الولد قبل مولاها جاز بيعها وهبتها ، وصارت ملكا طلقا.

٥٨٢٠. الرابع : لو مات المولى وولدها حيّ عتقت من نصيب ولدها وإن استوعبته ، ولو لم يف أو لم يكن سواها عتق نصيبه منها ، وسعت في الباقي.

وفي رواية : إن كان الولد موسرا قوّمت عليه (٢) والمعتمد الأوّل ، ولا تعتق من أصل التركة عندنا.

٥٨٢١. الخامس : أمّ الولد هل تجوز كتابتها؟ فيه إشكال ينشأ من أنّها عقد على الرقبة فأشبه البيع ، ومن عدم التصادم لو سبقت الكتابة.

٥٨٢٢. السادس : لو أوصى لأمّ ولده ، فالأقرب عندي أنّها تعتق من الوصيّة ، فإن فضل شي‌ء عتق من نصيب ولدها ، وقيل : تعتق من نصيب الولد وتعطى الوصيّة (٣).

__________________

(١) الانتصار : ٣٨٣ ، المسألة ٢٢٦ في بيع أمّهات الأولاد.

(٢) الوسائل : ١٦ / ١٠٨ ، الباب ٦ من أبواب الاستيلاد ، الحديث ٤.

(٣) ذهب إليه المحقّق في نكت النهاية. لاحظ النهاية ونكتها : ٣ / ١٥١.

٢٨٧

٥٨٢٣. السابع : لا فرق بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى ، ولو تعدّد الولد عتقت من نصيبهما (١) معا على النسبة.

ولو أتت بولد من زوج أو زنا فالولد رقّ للمولى ، ولا يثبت له حكم الاستيلاد ، ولا ينعتق بموت السيّد ، وكذا ما تكسبه أمّ الولد في حال حياة المولى ، فإنّه لمولاها.

٥٨٢٤. الثامن : لو تزوّج أمة فأحبلها ، فالولد مملوك للبائع إن اشترط رقيّته ، وإلّا فهو حرّ ، فإن اشتراهما معا ، تحرّر الولد ، قال الشيخ : وتصير الأمّ أمّ ولد (٢) ، وكذا تصير أمّ ولد لو اشتراها قبل الولادة.

٥٨٢٥. التاسع : إذا جنت أمّ الولد خطأ تعلّقت الجناية برقبتها ، وللمولى الخيار كالقنّ بين تسليمها للبيع ، وبين فدائها إمّا بالأقلّ من أرش الجناية والقيمة أو بالأرش ، على الخلاف.

وكذا يتخيّر المولى لو جنت على جماعة بين تسليمها إليهم أو إلى ورثتهم على قدر الجنايات وبين الفداء ، ولو ماتت قبل الفداء ، فلا شي‌ء على المولى مع عدم التفريط.

ولو نقصت قيمتها قبل فدائها ، وجب فداؤها بقيمتها يوم الفداء ، فيسقط التالف (٣) إن قلنا بالأقلّ ، ولو زادت القيمة زاد الفداء.

ولو كسبت بعد جنايتها ، فهو لسيّدها ، وتقوّم معيبة بعيب الاستيلاد ، ولو أتلفها سيّدها فعليه قيمتها.

__________________

(١) في «ب» : من نصيبها.

(٢) المبسوط : ٦ / ١٨٧.

(٣) في «ب» : فيسقط بقدر التالف.

٢٨٨

٥٨٢٦. العاشر : أمّ الولد إذا أعتقها مولاها ، وجب عليها الاستبراء بثلاثة أقراء إن كانت من ذوات الحيض ، وإلّا فثلاثة أشهر ، وإن مات مولاها قبل العتق ، استبرأت بأربعة أشهر وعشرة أيّام.

٥٨٢٧. الحادي عشر : للمولى أن يزوّج أمّ الولد بغير رضاها ويملك المولى المهر ، وكذا للمولى إجارتها للخدمة وجميع التصرّفات من الوطء وغيره إلّا البيع ، وله أرش ما يجنى عليها.

ولو تلفت في يد غاصب ضمن القيمة لمولاها.

٥٨٢٨. الثاني عشر : لو شهد على إقراره بالاستيلاد رجلان وحكم به ، ثمّ رجعا ، غرما قيمة الولد إن استندت حرّيّته إلى الشهادة ، ولم يغرما في الحال قيمة الجارية ، لأنّهما أزالا تسلّط البيع خاصّة ، ولا قيمة له ، فإذا مات المولى فإن قلنا بوجوب التقويم على من ملك جزءا واحدا من أبويه مطلقا ، فلا غرامة أيضا ، وإلّا غرما ما يقوّم على الولد.

٥٨٢٩. الثالث عشر : إذا وطئ الأب جارية ابنه ، فإن كان صغيرا وقوّمها ، صارت أمّ ولد مع الإحبال ، وإن كان كبيرا ولم يقوّمها كان زانيا ، لكن لا حدّ عليه ، ولا تصير الجارية أمّ ولد ، وعلى الأب المهر ، ولا تلزمه قيمتها.

ولو وطئ الابن جارية الأب حدّ مع عمله بالتحريم ، وإلّا تصير أمّ ولد له ، وعليه المهر ، وولده يعتق على جدّه ، وتحرم على الأب مؤبّدا على إحدى الروايتين (١) ، ولا يجب على الابن قيمتها ، لأنّه لم يمنعه من غير الاستمتاع ، فإن

__________________

(١) الوسائل : ١٤ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٢٨٩

وطئها الأب ، فعل محرّما ، ولا حدّ عليه ، ولا تصير أمّ ولد ، لأنّه وطء صادف ملكا.

ولو زوّج أمته ثمّ وطئها ، فعل حراما ، وتصير أمّ ولد إن أولدها تعتق بموته ، وما تلده بعد ذلك من الزوج حكمه حكم أمّه.

٥٨٣٠. الرابع عشر : لو ملك أحد المحرّمات عليه بالرّضاع ، فإن قلنا : إنّه كالنسب في العتق ، فلا بحث ، وإن قلنا : إنّه لا يقتضي العتق ، لم يحلّ له الوطء إجماعا ، فإن وطئ فالولد حرّ ، وهي أمّ ولد ، وكذا لو ملك أمة وثنيّة فاستولدها.

ولو وطئ المرهونة فاستولدها ، احتمل أن يقال : خرجت من الرّهن ، وعليه قيمتها للمرتهن يجعل رهنا ، والأقوى خلافه.

ولو قذف أمّ الولد قاذف عزّر بغير حدّ ، ولا يقتص من الحرّة لها ، وتصلّي مكشوفة الرأس.

ولو قتلت سيّدها عمدا أو خطأ ، عتقت من نصيب ولدها ، وكان عليها موجب الجناية من دية أو قصاص.

٥٨٣١. الخامس عشر : لو باع أمّ ولده بطل الشراء ، فإن تلفت في يد المشتري كان ضامنا ، لأنّه بيع فاسد.

٥٨٣٢. السادس عشر : قال الشيخ : لو أسقطت نطفة ، كانت أمّ ولد. (١) وتظهر الفائدة هنا في الاعتداد (٢) خاصّة.

__________________

(١) النهاية : ٥٤٦.

(٢) في «أ» : بالاعتداد.

٢٩٠

٥٨٣٣. السابع عشر : قال الشيخ : إذا مات المولى ولم يخلّف غيرها ، وكان ثمنها دينا على مولاها ، قوّمت على ولدها ، ويترك إلى أن يبلغ ، فإذا بلغ ، أجبر على ثمنها ، فإن مات قبل البلوغ ، بيعت في ثمنها ، وقضي به الدين. (١) والحكم الأوّل غير معتمد.

__________________

(١) النهاية : ٥٤٧.

٢٩١
٢٩٢

كتاب الأيمان

وتوابعها

٢٩٣
٢٩٤

وفيه مقاصد

[المقصد] الأوّل : في نفس اليمين

وفيه ستّة عشر بحثا :

٥٨٣٤. الأوّل : اليمين عبارة عن تحقيق ما يحتمل المخالفة بذكر اسم الله تعالى أو صفاته المختصّة أو الغالبة.

ومشروعيّتها ثابتة بالنصّ (١) والإجماع.

٥٨٣٥. الثاني : لا تنعقد اليمين إلّا بالله ، كقوله : مقلّب القلوب ، والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، والّذي نفسي بيده ، والّذي أصلّي له وأصوم ؛ أو بأسمائه المختصة به ، كقوله : والله ، والرحمن ؛ أو الغالبة فيه ، كقوله : والرّبّ ، والخالق ، والبارئ ، والرّازق ، والرّحيم ، وكلّ هذه تنعقد بها اليمين مع القصد.

ولو أراد بهذه غير الله لم يكن يمينا ، ولو حلف بما لا ينصرف إطلاقه إليه لم تنعقد ، وإن نوى بها الحلف ، لاشتراكها ، فليس لها حرمة اليمين ، كقوله : والموجود ، والحيّ ، والسميع ، والبصير ، والقادر.

__________________

(١) كقوله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ). المائدة : ٨٩.

٢٩٥

وتنعقد لو قال : وجلال الله ، وعظمة الله ، وكبرياء الله مع القصد.

ولو قال : وقدرة الله ، وعلم الله ، انعقد إن قصد الصفات ، وهو كونه قادرا عالما ، وإن قصد المعاني لم تنعقد.

ولو قال : وكلام الله ، لم تنعقد ، وكذا لو قال : وخلق الله ، ورزق الله ، ومعلوم الله.

ولو حلف بالقرآن لم تنعقد ، وكذا لا تنعقد لو قال : وحقّ الله ، مطلقا وتنعقد لو قصد به اليمين.

ولو قال : عهد الله عليّ ، كان عهدا لا يمينا.

ولو قال : وميثاق الله ، وكفالته ، وأمانته ، لم تنعقد.

ولو قال : أستعين بالله ، أو أعتصم بالله أو أتوكّل على الله ، لم يكن يمينا وإن قصد بها الحلف إجماعا.

٥٨٣٦. الثالث : لا تنعقد اليمين عندنا إلّا بالقصد ، سواء نطق بما ثبت له العرفان (١) كقوله : والله ، والرّحمن ، أو ثبت له العرف الشرعيّ ، كقوله : أقسم بالله ، أو العاديّ كقوله : وحقّ الله ، أو لم يثبت له عرف أصلا ، كقوله : أعزم بالله.

٥٨٣٧. الرابع : ألفاظ القسم ثلاثة : بالله ، وتالله ، وو الله ، وينعقد بما يتبعها ، كقوله : الله لأفعلنّ (٢) ، مع قصد حذف حرف الخفض ، ولو قال : الله ، لم ينعقد.

وينعقد لو قال : لعمر الله ، وأيمن الله ، وأيم الله ، وم الله ، أو أقسم بالله ، أو

__________________

(١) عرف الشرع وعرف العادة.

(٢) في «أ» : الله تعالى لأفعلنّ.

٢٩٦

أحلف بالله ، أو أقسمت بالله ، أو حلفت بالله ، ولو قال : أردت الإخبار عن الماضي ، أو الوعد بالمستقبل ، قبل ، ولم يلزمه حكم اليمين.

ولو قال : أقسم أو أحلف ، ولم يقل بالله ، أو حلفت ، أو أقسمت ، ولم يقل بالله ، لم ينعقد وان قصد به اليمين.

ولو قال : أشهد بالله ، وأطلق لم ينعقد ، ولو نوى به اليمين ، قال الشيخ : ينعقد. (١) وفيه قوّة للعرف.

ولو قال : أعزم بالله ، ولم يقصد اليمين لم ينعقد ، ولو قصد اليمين فكذلك.

ولو قال : بلّه ، وقصد الرطوبة فليس بيمين إجماعا ، ولو قصد اليمين فالأقوى انعقاده ، وحمل حذف الألف على اللحن.

ولو قال : لاها الله ، (٢) ونوى اليمين ففي الانعقاد نظر.

٥٨٣٨. الخامس : لا ينعقد اليمين عندنا بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته على ما تقدّم ، فلو حلف بالقرآن ، أو بكلام الله تعالى ، لم ينعقد ، وكذا بالمصحف ، أو بالنبيّ ، أو بأحد من الأئمة ، أو بالصدقة ، أو بالحج ، أو بالتبرّي من الله ، أو من رسوله ، أو من القرآن ، أو أحد الأئمة ، أو قال : هو يعبد الصليب ، أو غير الله ، أو

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ١٩٧. وفي «أ» : «لم ينعقد» ، قال في المسالك : وللشيخ قولان : أحدهما في المبسوط أنّه إن أراد به اليمين كان يمينا. وإن أطلق ولم يرد لم يكن يمينا ، والثاني في الخلاف أنّه لا يكون يمينا مطلقا. مسالك الأفهام : ١١ / ١٨٧ ؛ ولاحظ الخلاف : ٦ / ١٢٨ ، المسألة ١٩ من كتاب الأيمان.

(٢) قال ثاني الشهيدين في المسالك : ١١ / ٢٠٠ ؛ ممّا يقسم به لغة : ها الله ، فإذا قيل : لاها الله ما فعلت ما فعلت ، فتقديره : لا والله ، و «ها» للتنبيه يؤتى بها في القسم عند حذف حرفه ، ويجوز فيها : ها الله بقطع الهمزة ووصلها.

٢٩٧

هو مستحلّ الخمر ، أو الميتة ، أو حلف بالطّلاق ، أو التحريم ، أو الظّهار ، أو العتاق ، أو قال : أيمان البيعة تلزمني ، وأيمان البيعة هي الّتي رتّبها الحجّاج ليستحلف بها عند البيعة والأمر المهمّ للسلطان ، وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمصافحة ، فلمّا ولي الحجّاج رتّبها أيمانا تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال ، سواء عرفها أو لم يعرفها ، ولا يلزمه بذلك كفّارة.

وللشيخين (رحمهما‌الله) قول إنّ من حلف بالبراءة من الله أو من رسوله أو من أحد الأئمّة عليهم‌السلام أثم إن خالف ما علّق البراءة به ، وتجب عليه كفّارة ظهار (١).

وقول الرجل : يا هناه ولا بل شانيك ، أي لا أب لشانيك ، وغير ذلك من أيمان الجاهلية لا تنعقد به اليمين.

٥٨٣٩. السادس : متعلّق اليمين إن كان واجبا ، كما إذا حلف أنّه يصلّي الفرائض ، أو يصوم شهر رمضان ، أو يحجّ حجّة الإسلام ، أو لا يزني ، أو لا يظلم ، أو لا يشرب الخمر ، أو غير ذلك من الواجبات ، انعقدت اليمين ، وتجب بالحنث فيها الكفّارة.

وكذا إن كان مندوبا ، كما إذا حلف أنّه يصلّي النافلة ، أو يصوم تطوّعا ، أو يتصدّق ندبا ، أو يحجّ مستحبّا ، لا فرق بينهما في الانعقاد وتعلّق الكفّارة مع الحنث.

__________________

(١) المقنعة : ٥٥٨ ؛ النهاية : ٥٧٠.

٢٩٨

وإن كان مباحا ، كما إذا حلف أنّه يدخل الدار أو لا يدخلها ، أو يسلك طريقا دون آخر ، وما أشبه ذلك ، فإن كان البرّ أرجح في الدنيا وجب الوفاء ، فإن حنث ، كفّر وأثم ، وكذا إن تساوى الفعل والترك ، وإن كان الترك أولى في الدنيا ، جاز الحنث ولا كفّارة ولم تنعقد اليمين (١).

وإن كان مكروها ، مثل أن يحلف أن لا يفعل النوافل ، ولا يتصدّق تطوّعا ، لم تنعقد اليمين ولا كفّارة مع الحنث (٢).

وإن كان محرّما ، مثل أن يحلف ليقتلنّ مؤمنا ، أو ليفعلنّ الزّنا ، أو ليقطعنّ رحمه ، أو ليهجونّ المسلمين ، لم تنعقد اليمين ، ويحرم البقاء عليها ، ويجب الحنث ولا كفّارة.

٥٨٤٠. السابع : قال بعض الناس : اليمين كلّها مكروهة (٣) لقوله [سبحانه] : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) (٤) ، وليس بمعتمد ، لما ثبت أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلف ، والآية محمولة على ترك البرّ لقوله : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) الآية (٥).

فاليمين على الطاعة مستحبّة ، ويمين اللغو غير منعقدة ، وهي : أن يحلف من غير نيّة ، ولا يجب بها كفّارة ، سواء كان بصريح أو كناية ، وسواء كان على الماضي أو على المستقبل.

٥٨٤١. الثامن : لا تنعقد اليمين على الماضي ، سواء كان نفيا أو إثباتا ، وسواء

__________________

(١) في «أ» : ولا ينعقد اليمين.

(٢) في «ب» : «وكفّارة مع الحنث» والصحيح ما في المتن.

(٣) لاحظ المغني لابن قدامة : ١١ / ١٦٤ ، والمسالك : ١١ / ٢٩٠.

(٤) البقرة : ٢٢٤.

(٥) النور : ٢٢.

٢٩٩

كان صادقا في يمينه أو كاذبا ، إمّا مع قصد الكذب ويسمّى الغموس (١) أو مع ظنّ الصدق.

وتكره اليمين عند الحاكم على الحقّ مع الصدق ، وتحرّم مع الكذب إلّا مع الضّرورة ، فتجب التوراة إن عرفها.

٥٨٤٢. التاسع : يمين المناشدة لا تنعقد ، وهي أن يقسم عليه غيره ، فلو قال :

أسألك بالله ، أو أقسم عليك بالله ، وقصد اليمين لم تنعقد ، ولا تجب الكفّارة لو أحنثه المحلوف عليه لا على الحالف ولا على المحلوف عليه. (٢)

٥٨٤٣. العاشر : يجوز الاستثناء بمشيئة الله تعالى وليس بواجب ، فإذا استثنى به ، رفع حكم اليمين ، ويشترط فيه الاتّصال أو حكمه ، بأن يستثني بعد القطع ، لانقطاع النفس ، أو الصوت ، أو للعيّ ، أو للسعال ، أو للتذكر ، ولو أخّر الاستثناء من غير عذر انعقدت اليمين ، وسقط أثره ، ورواية عبد الله بن ميمون عن الصادق عليه‌السلام الصحيحة الدالّة على جواز استثناء الناسي إلى أربعين يوما (٣) متأوّلة (٤).

ويشترط في الاستثناء أيضا النطق ، فلو حلف ونوى الاستثناء بالمشيئة انعقدت يمينه ولم يؤثّر الاستثناء.

__________________

(١) في مجمع البحرين : اليمين الغموس ـ بفتح العين ـ ؛ هي اليمين الكاذبة الفاجرة الّتي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه أنّ الأمر بخلافه ، وليس فيها كفّارة لشدّة الذنب فيها ، سمّيت بذلك لأنّها تغمس صاحبها في الإثم ثمّ في النار فهي فعول للمبالغة.

(٢) أمّا المحلوف عليه فلأنّه لم يوجد منه لفظ ولا قصد. وأمّا القائل الحالف فلأنّ اللفظ ليس صريحا في القسم ، لأنّه عقد اليمين لغيره لا لنفسه ، ولكن يستحب للمخاطب إبراره في قسمه.

لاحظ المسالك : ١١ / ٢١٢.

(٣) الوسائل : ١٦ / ١٥٨ ، الباب ٢٩ من كتاب الأيمان ، الحديث ٦.

(٤) لاحظ في تأويلها المسالك : ١١ / ١٩٤.

٣٠٠