تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ولو فضل عن جميعهم ما يحتاج إلى مصرف ، فنفقته على الجميع.

٦١١٧. السابع : أقسام الآبار ثلاثة : ما يحفر في ملك.

وما يحفر في الموات للتملّك ، وفي هذين القسمين يملك الحافر البئر وماءها ، ويجوز بيعه إذا أحرزه في آنية ، وعيّنه بالقدر ، ولو باع ماء البئر ، لم يجز لعدم التميّز.

وما يحفر في الموات لا للتملك ، قال الشيخ : إنّ الحافر لا يملكه ، لأنّه لم يقصد به التملك (١). وانّما يملك بالإحياء ما يقصد تملّكه به ، نعم يكون أولى من غيره مدّة مقامه ، فإذا رحل كان السابق أولى فإن عاد المالك ، فالوجه عدم أولويّته.

قال الشيخ رحمه‌الله : وكلّ موضع قلنا إنّه يملك البئر فإنّه أحقّ من مائها بقدر حاجته لشربه وشرب ماشيته وسقي زرعه ، فإن فضل بعد ذلك شي‌ء ، وجب عليه بذله بلا عوض للمحتاج إليه لشربه وشرب ماشيته من السابلة (٢) وغيرهم ، ولا يجبل لسقي زرعه بل يستحبّ. (٣) والوجه عندي عدم الوجوب في الجميع.

٦١١٨. الثامن : إحياء البئر حفرها إلى أن يظهر الماء ، فإن لم يصل إليه فهو كالمحجّر ، والبئر الّتي لها ماء ينتفع به المسلمون وليست ملكا لأحد فلا يجوز

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٨١.

(٢) قال الفيومي : السابلة : الجماعة المختلفة في الطرقات في حوائجهم. المصباح المنير : ١ / ٣٢١.

(٣) المبسوط : ٣ / ٢٨١.

٥٠١

لأحد الاختصاص بها ، وكذا العيون النابعة في المباحة ، وماء الغيوث وكلّ ما لم يظهر بعمل ولا جرى بحفر نهر ، بل لكلّ أحد أخذ ساقية منه فيجري الماء إلى أرضه.

٦١١٩. التاسع : القناة المشتركة كالنهر المملوك ، يملكه الحافرون لها بحسب الاشتراك في العمل ، ولهم القسمة بنصب خشبة فيها ثقب متساوية ، وتصحّ المهاياة ، والوجه عدم لزومها.

الفصل الرابع : في المنافع

وفيه ثلاثة عشر بحثا :

٦١٢٠. الأوّل : منفعة الطرق الاستطراق فيها ، والناس فيها شرع سواء ، ولا يجوز الانتفاع فيها بغير الاستطراق مما يضرّ المارّة ، ويجوز بما لا يفوت فيه منفعة الاستطراق ، كالجلوس الّذي لا ضيق فيه ، ثمّ السابق إلى الجلوس فى المباح أولى ، فلا يجوز (له) (١) إزعاجه ، فإن قام بطل حقّه ، فإن عاد بعد أن سبق إلى مكانه ، لم يكن له الدفع ، ولو قام قبل استيفاء غرضه بعزم العود ، فالوجه عدم الاختصاص.

ولو جلس للبيع والشراء احتمل المنع إلى المواضع المتّسعة كالرحاب ،

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «أ».

٥٠٢

وفي موضع الجواز (١) لو قام ورحله باق فهو أولى من غيره ، ولو رفعه بنيّة العود فالوجه عدم الأولويّة وإن استضرّ بتفريق معامليه.

ولو سافر أو قعد في موضع آخر ، أو ترك الحرفة ، أو طال مرضه ، زال اختصاصه قطعا.

ولا يجوز إقطاع مثل هذه المواضع ، إذ الملك ليس مطلوبا منه ، وكذا لا يجوز تحجيره ولا إحياؤه.

٦١٢١. الثاني : منفعة المساجد الكون للعبادة ، ويجوز الجلوس فيها لغيرها ، فمن سبق إلى مكان من مسجد ، فهو أحقّ به مدّة جلوسه ، فإن قام بطل اختصاصه ، ولو عاد كان كغيره.

ولو قام بنيّة العود ، فإن كان رحله باقيا فيه ، فهو أولى ، وإلّا فلا ، سواء قام لتجديد طهارة ، أو إزالة نجاسة ، أو غيرهما.

ولو سبق اثنان إلى موضع ، فإن أمكن الاجتماع ، وإلّا أقرع.

ولو جلس في موضع منه ليقرأ عليه القرآن أو العلم ويألفه (٢) أصحابه ، فهو كمقاعد الأسواق.

٦١٢٢. الثالث : منفعة المدارس والربط الاستيطان فيها كما اشترطه الواقف ، فمن سكن بيتا ممّن له السكنى ، فهو أحقّ به وإن طالت المدّة ، ولو شرط الواقف سكنى مدّة لم يتجاوزها ، ولو شرط الاشتغال بالعلم لزم ، فإن أهمل أخرج ، وإلّا لم يجز إزعاجه.

__________________

(١) في «ب» : وفي مواضع الجواز.

(٢) في «أ» : وتألّفه.

٥٠٣

ولو شرط الواقف في سكنى البيت عددا لم تجز الزيادة عليه ، وإلّا كان له المنع من المشاركة في السكنى ما دام متّصفا بما يستحقّ به السكنى ، ولو فارق لعذر ففي الأولويّة مع عوده إشكال.

ولو طال الاستيطان على هذه الانتفاعات المشتركة ، وصار كالتملّك الّذي أبطل أثر الاشتراك ، ففي الإزعاج إشكال.

٦١٢٣. الرابع : الطرق النافذة هواؤها كالموات فيما لا يضرّ بالمارّة ، فلكلّ أحد (١) أن يتصرّف في هوائه بما لا ضرر فيه على المارّة ، كإخراج الرواشن والأجنحة والساباط إذا كانت عالية ، ولو عارض فيه مسلم فالوجه عدم قلعه.

ثمّ الضّرر يحصل بمنع المحمل مع الكنيسة ، ولو كانت مضرّة وجب إزالتها إجماعا ، وهل يجب لو أظلم بها الطريق؟ الوجه ذلك.

ويجوز فتح الأبواب والروازن والشبابيك فيها ، ولو علا الدرب بعد الوضع ، وجب إزالته.

ولو أخرج بعض روشنا لم يكن لمقابله معارضته وإن استوعب عرض الدّرب ، فإن سقط ذلك الروشن جاز لمقابله إخراج روشن ، فإن سبق لم يكن للأوّل منعه ، ولو سبق الأوّل إلى إعادة روشنه ، لم يكن لمقابله منعه.

ولا يجوز غرس شجرة ولا بناء دكّة في الطرق النافذة وإن لم يضيّق الطريق ، نعم لو بنى في الزائد عن المقدار الّذي حدّدناه لم أستبعد جوازه.

ولا يجوز أن يحفر في النافذة بئرا لنفسه ، سواء جعلها لماء المطر أو ليستخرج منها ما ينتفع به.

__________________

(١) في «أ» : ولكلّ واحد.

٥٠٤

ولو أراد حفرها للمسلمين ونفعهم ، أو نفع الطريق مثل أن يحفرها ليستقي الناس من مائها ويشرب منه المارّة ، أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق ، فإن كان ممّا يضرّ بالمارّة لم يجز ، وإن حفرها في زاوية من طريق واسع ، ويجعل عليها ما يمنع السقوط فيها ، ولا يضيق الممرّ على المسلمين جاز.

ويجوز نصب الميازيب إلى الطريق الأعظم لقضاء العادة به ، وقد نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميزاب العبّاس ، وقلعه عمر فمنعه علي عليه‌السلام ، وأخبره بأنّه فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فردّه كما كان. (١)

٦١٢٤. الخامس : الطّرق المرفوعة لا يجوز لأحد إحداث باب فيها متجدّدا إلّا بإذن جميع أربابها ، وكذا لا يجوز إخراج روشن ، ولا ساباط ، ولا إخراج جناح ، ولا بناء دكّان ، ولا حفر بالوعة ، ولا نصب ميزاب فيها إلّا بإذن جميع أربابها ، سواء كان فاعل ذلك من أرباب الدّرب أو من غيرهم ، ويجوز جميع ذلك بإذن أربابه ، ولو صالحهم من ذلك على عوض معلوم ، جاز بشرط كون ما يخرجه معلوم المقدار في الخروج والعلوّ ، وكذا البحث فيما يخرجه إلى ملك إنسان معيّن ، ولا فرق في الدّرب المرفوع بين إحداث ما يضرّ وما لا يضرّ (٢)

ولو أراد فتح باب لا يستطرق فيه منع دفعا للشبهة ، ويجوز فتح الروازن والشبابيك من غير إذنهم ، ولو أذنوا في الممنوع جاز ، ولم يكن لغيرهم المنع ،

__________________

(١) قصّة ميزاب العباس مشهورة طويلة نقلها العلّامة المجلسي رضي‌الله‌عنه في بحار الأنوار : ٣٠ / ٣٦٢ ـ ٣٦٥ ، وسفينة البحار : ٢ / ١٤٩ (مادة عبس) وفي مستدرك سفينة البحار : ٧ / ٧٢ ـ ٧٣ ، ولاحظ المغني لابن قدامة : ٥ / ٣٥.

(٢) في «أ» : ما يضرّه وما لا يضرّه.

٥٠٥

ولو أراد حفر البالوعة في الدّرب المرفوع كان لأربابه المنع ، سواء كان لنفعه أو لنفعهم.

ولو أحدث في الطريق المرفوع حدثا بغير إذن أربابه ، جاز لكلّ أحد له فيه حقّ إزالته ، ولو أذنوا في فتح الباب ، أو حفر البالوعة ، أو إخراج روشن أو جناح أو ميزاب ، فالأقرب جواز الرجوع لهم بعد الوضع ما لم يكن بعقد صلح لازم ، أمّا قبل الفعل فإنّه يجوز قطعا ، وعلى تقدير الرجوع بعد الفعل ، ففي لزوم الأرش لهم نظر ، أقربه أنّه عارية.

٦١٢٥. السادس : إذا كان لاثنين بابان في درب مرفوع أحدهما أقرب إلى رأسه ، فهما مشتركان فيه إلى باب الأوّل ، وينفرد الثاني بما بين البابين ، ولو كان في الزقاق فاضل (١) إلى صدره وتداعياه ، فهما سواء فيه.

ويجوز لكلّ منهما أن يقدّم بابه إلى رأس الدّرب ، ولو أراد بعد النقل الرجوع إلى موضعه الأوّل جاز.

ولو أراد كلّ منهما نقل بابه إلى داخل الدرب ، لم يكن له ذلك ، ويحتمل ذلك ، لأنّ له جعل بابه في أوّل البناء في أيّ موضع شاء ، والأوّل أولى ، ولو قيل للثاني الدخول إلى صدر الدرب كان قويّا ، لأنّه على ما اخترناه أوّلا لا منازع له فيه ، وعلى الاحتمال لكلّ منهما ذلك.

ولو أراد كلّ منهما أن يفتح في داره بابا آخر ، أو يجعل داره دارين يفتح لكلّ واحدة بابا ، جاز إذا وضع البابين في موضع استطراقه.

__________________

(١) في «أ» : فاصل.

٥٠٦

ولو كان ظهر دار أحدهما إلى شارع نافذ ففتح في حائطه بابا إليه جاز ، أمّا لو كان بابه في الشارع وظهر داره في الزقاق المرفوع ، فأراد أن يفتح بابا في المرفوع ، لم يكن له ذلك.

ولو كان له داران ظهر كلّ واحد منهما إلى ظهر الآخر ، ولكلّ منهما باب في زقاق مرفوع جاز له فتح باب في الحائط الفاصل (١) بينهما.

٦١٢٦. السابع : الحائط المشترك لا يجوز فتح باب منه ولا طاق إلّا بإذن شريكه ، وكذا لا يغرز فيه وتدا ، ولا يا بني عليه حائطا ، ولا ستره ولا فتح روزنة ولا شباك ، ولا يتصرّف فيه بشي‌ء إلّا بإذن شريكه ، ولو فعل شيئا من ذلك بغير إذنه كان للشريك إزالة ما أحدثه ، وإلزامه بالأرش ، وكذا لا يجوز فعل شي‌ء من ذلك في حائط الجار إلّا بإذنه ، وأمّا الاستناد إليه أو استناد ما لا يضرّ به فلا بأس ، لعدم التحرّز منه ، فصار كالاستظلال.

ولا يجوز وضع خشبة على الحائط المشترك ولا على حائط الجار إلّا بإذن الشريك والمالك ولو كان خشبة واحدة ، ولو التمس ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته لكن يستحبّ ، سواء كان مضرّا بالحائط أو لم يكن ، وسواء مع عدم الضّرر الاحتياج إلى الوضع وعدمه ولو لم يمكن التسقيف إلّا به مع الحاجة إليه.

ولو أذن الجار في الوضع ، جاز له الرجوع قبل الوضع إجماعا ، وبعد الوضع الجواز أولى مع الأرش ، ولو انهدم لم يعد الطرح إلّا بإذن مستأنف ،

__________________

(١) في «ب» : الفاضل.

٥٠٧

ويجوز له أن يصالحه ابتداء على الوضع ، بشرط ذكر عدد الخشب ووزنه وطوله.

ولا يجوز وضعه على جدار المسجد أيضا ، سواء كان مضرّا به أو نافعا له.

ولو إذن الجار في الوضع فوضعه أو صالحه على وضعه ، ثمّ سقط ، أو قلعه ، أو أسقط الحائط ثمّ أعيد لم يكن له إعادة خشبة إلّا أن يكون الصلح لمدّة باقية ، فله الوضع إلى انتهائها.

ومن استحقّ وضع خشبة على [حائط] جاره (١) فأراد إعارته أو إجارته لذلك ، جاز إذا لم يكن الضرر أكثر ، ولو أراد صاحب الحائط إعارة حائطه أو إجارته على وجه يمنع هذا المستحقّ عن وضع خشبة لم يكن له ذلك ، ولو أراد هدم الحائط لغير حاجة لم يملك ذلك ، ولو أراد هدمه للخوف من سقوطه ، كان له ذلك وعليه إعادته ، ولو أراد تحويل الحائط لم يملك ذلك إلّا بإذن صاحب الخشبة.

ولو إعارة الحائط لوضع الخشب ، فوضعه ، ثمّ أراد صاحب الحائط هدمه بغير حاجة ، فالوجه أنّه ليس له ذلك إلّا مع الأرش ، أمّا لو انهدم أو استهدم فنقضه ، لم يجب عليه الإعادة ، فإن أعاده لم يملك المستعير ردّ خشبته إلّا بإذن مستأنف ، وكذا لو انقلعت خشبة المستعير ، لم يكن له إعادتها إلّا بإذن جديد ، وكذا لو أزالها أجنبيّ عدوانا.

ولو آجره الحائط مدّة من الزمان ليا بني عليه ، جاز بشرط أن يكون البناء

__________________

(١) في «ب» : على جادّة ، والصحيح ما في المتن.

٥٠٨

معلوم العرض والطول والسمك والآلات من الطين واللبن والآجر ، وإذا زال قبل المدّة ، فله إعادته ، سواء زال بسقوطه أو سقوط الحائط.

ولو سقط الحائط سقوطا لا يعود ، انفسخت الإجارة في الباقي ، ورجع من الأجرة بنسبة ما يخلف من المدّة ، ولو صالحه المالك على رفع بنائه أو خشبته جاز ، كما يصحّ على الوضع ، وكذا لو كان له مسيل ماء في أرض غيره ، أو ميزاب ، فصالح صاحب الأرض مستحقّ ذلك على إزالته بعوض جاز.

ولو سقط الخشب أو الحائط ، فصالحه على أن لا يعيده بشي‌ء جاز.

ولو وجد بناءه أو خشبته على حائط مشترك أو على حائط جاره ، أو وجد ميزابه يقذف في ملك غيره ، أو مجازه (١) فيه ، ولم يعلم سببه ، ففي استحقاقه الاستمرار نظر ، وكذا الإشكال في إعادته بعد زواله.

ولو اختلفا في استحقاق ذلك ، احتمل تقديم صاحب الخشب والبناء والميزاب والمسيل ، لأنّ الظاهر أنّه بحقّ (٢) وعدمه ، لأنّ الأصل عدم الاستحقاق.

٦١٢٧. الثامن : لو تداعيا جدارا وكان متّصلا ببناء أحدهما ، فهو أولى مع اليمين وعدم البيّنة ، ولو كان متّصلا بهما أو غير متّصل بأحدهما ولا بيّنة ، قضي للحالف منهما ، فإن حلفا أو نكلا ، فهو لهما.

ولو كان لأحدهما عليه بناء ، أو عقد معتمد عليه (٣) أو قبّة ، أو سترة ، أو

__________________

(١) الظاهر أنّ «مجازه» عطف على «ميزابه» والضمير في الظرف «فيه» يرجع إلى ملك الغير ، والمراد : وجد مسير ماء الميزاب في ملك الغير.

(٢) في «أ» : يجوز.

(٣) في «أ» : أو عقد عليه أو معتمد.

٥٠٩

كان في أصل الحائط خشبة طرفها الآخر تحت حائطه ينفرد به ، فهو أولى ، وكذا لو كان لأحدهما عليه خشب موضوع ، فإنّه أرجح من الآخر ولو كان خشبة واحدة.

ولا اعتبار بالخوارج ووجوه الآجر ولا كون الآجرة الصّحيحة ممّا يلي [ملك] أحدهما ، ولا التزويق ، ولا التحسين ، ولا الروازن.

فلو اختلفا في خصّ (١) ، قضي لمن إليه معاقد قمطه على رواية (٢).

ولو تنازع صاحب العلوّ والسّفل في جدران البيت ، فهي لصاحب السفل.

ولو تنازعا في جدران الغرفة ، فهي لصاحب العلوّ.

ولو تنازعا في سقف الغرفة ، فهو لصاحبها ، وكذا لو تنازعا في سطحها.

ولو تنازعا في الدرجة ، فهي لصاحب العلو.

ولو تنازعا في الخزانة الّتي تحت الدرجة ، فهي لهما والعرصة الّتي عليها الدّرجة لصاحب العلوّ.

ولو تنازع صاحب السفل في الخان ، وصاحب العلوّ في الصحن ، قضي بما يسلك فيه إلى العلوّ بينهما ، واختص صاحب السفل بالباقي.

ولو تنازعا مسناة (٣) بين نهر أحدهما وصحراء الآخر ، فهي لهما بعد التحالف.

__________________

(١) قال الطريحي قدس سرّه في مجمع البحرين : الخصّ ـ بالضم والتشديد ـ البيت من القصب ، ومنه الحديث : الخصّ لمن إليه القمط. يعني شدّ الحبل.

(٢) الوسائل : ١٣ / ١٧٣ ، الباب ١٤ من أبواب الصلح ، الحديث ٢.

(٣) في «أ» : في مسناة.

٥١٠

ولو تنازع راكب الدابّة وقابض لجامها ، قيل (١) : هي لهما والأقوى الحكم بها للراكب مع اليمين.

ويتساويان لو تنازعا في ثوب في يد أحدهما أكثر ، أو في عبد ولأحدهما عليه ثياب.

أمّا لو تنازعا دابّة ولأحدهما عليه حمل ، فإنّه يحكم بها لصاحب الحمل مع يمينه.

ولو تداعيا غرفة على بيت أحدهما ، وبابها إلى غرفة الآخر ، حكم بها لصاحب البيت.

٦١٢٨. التاسع : لو انهدم الحائط المشترك لم يجبر الممتنع من الإعادة عليها ، ولو طلب شريكه البناء لم يكن له منعه ، وله بناؤه بأنقاضه أو بالآت من عنده ، فإن بناه بأنقاضه ، فالحائط على الشركة ، وإن بناه بآلات من عنده ، فالحائط للباني.

ولو أراد الشريك منعه من بنائه بالآت من عنده ، فالوجه ذلك ، فإذا بناه بأنقاضه ، لم يكن للشريك نقضه ولا للباني ، وإن بناه بالآت من عنده فللباني نقضه وليس للشريك ذلك ، ولا له وضع خشبته ورسومه عليه.

ولو أراد الباني النقض ، فقال للشريك : أنا أدفع نصف قيمة البناء ولا تنقضه ، لم يجبر.

__________________

(١) القائل هو الشيخ في الخلاف : ٣ / ٢٩٥ ، المسألة ٤ من كتاب الصلح ، والحلّي في السرائر : ٢ / ٦٧.

٥١١

ولو قال : إمّا أن تأخذ نصف قيمته لانتفع بوضع خشبي ، أو تقلعه لنعيد البناء بيننا ، لزمته الإجابة.

ولو لم يرد الشريك الانتفاع ، فطالبه الباني بالغرامة أو القيمة ، لم يلزمه ذلك ، ولو كان قد أذن له في الإنفاق وضمنه ، كان له المطالبة.

ولو لم يكن بين ملكيهما حائط ، وطلب أحدهما من الآخر بناء حاجز ، لم يجبر الممتنع ، ولو أراد البناء وحده ، لم يكن له البناء إلّا في ملكه.

ولو كان العلوّ لرجل والسّفل لآخر ، فانهدم السقف ، وطلب أحدهما المباناة من الآخر ، لم يجبر الممتنع ، ولو انهدمت حيطان السفل ، لم يكن لصاحب العلوّ مطالبته بإعادتها.

ولو طلب صاحب العلوّ بناءه ، لم يكن لصاحب السفل منعه ، فإن بناه صاحب العلوّ بالإنقاض ، فهو كما كان ، وإن بناه بآلة من عنده لم يكن لصاحب السفل الانتفاع به من طرح الخشب ورسم الوتد ، وله السكنى في السفل.

ولو طلب صاحب السفل البناء ، فإن امتنع صاحب العلوّ لم يجبر على البناء.

٦١٢٩. العاشر : لو انهدم الحائط المشترك بفعل أحدهما ، فإن كان قد خيف سقوطه ، وجب هدمه ، فلا شي‌ء على الهادم ، وإن كان لغير ذلك ، وجب عليه إعادتها ، سواء هدمه لحاجة أو غيرها.

والشريك في الحائط لا يجوز له التصرّف فيه ببناء وغيره إلّا بإذن شريكه ، سواء قلّ الضّرر أو كثر ، ولو هدمه بإذن شريكه ، وشرط إعادته ، وجب عليه الإعادة.

٥١٢

ولو أذن في الهدم ولم يشترط الإعادة ، لم يلزم الهادم ، ولو قيل بلزوم الأرش مع الهدم بغير الإذن لا الإعادة كان وجها.

ولو كان الحائط نصفين فاتّفقا على بنائه على الثلث جاز ، ولو اصطلحا على أن يحمله كلّ واحد منهما ما شاء ، بطل الصلح للجهالة.

٦١٣٠. الحادي عشر : لو كان بينهما نهر ، أو قناة ، أو دولاب ، أو ناعورة ، أو عين ، فاحتاج إلى عمارة لم يجبر الممتنع ، ولو أنفق أحدهما عليه ، لم يكن له منع شريكه من الانتفاع بالماء.

ولو كان بينهما عرصة جدار فاتّفقا على قسمتها ، جاز طولا وعرضا.

ولو اختلفا فطلب أحدهما القسمة طولا والآخر عرضا ، أجبر الممتنع على ما لا ضرر فيه ، ولو كان فيهما ضرر لم تجز القسمة.

ولو طلب القسمة عرضا ولا يفي العرض بحائطين ، لم يجبر الممتنع ، وإن وفى بهما احتمل الإجبار ، لانتفاء الضرر ، وعدمه ، لانتفاء القرعة [في هذه القسمة] ، إذ معها ربّما يحصل لكلّ منهما ما يلي ملك جاره ، فلا ينتفع به ، فلو أجبرناه [على القسمة] لأجبرناه على أخذ ما يليه من غير قرعة ، ولا مثل لذلك (١) في الشرع.

ولو اقتسماه عرضا فبنى كلّ منهما حائطا وبقيت بينهما فرجة لم يجبر أحدهما على سدّها ، ولا يمنع منه لو أراده.

ولو كان بينهما حائط فاتّفقا على قسمته طولا جاز ، ويعلم بين نصيبهما

__________________

(١) في «ب» : «كذلك».

٥١٣

بعلامة ، ولو اتّفقا على القسمة عرضا ، احتمل جوازه ، لانحصار الحقّ فيهما ، وعدمه ، لعدم تميز نصيب أحدهما من الآخر ، بحيث يمكنه الانتفاع بنصيبه دون صاحبه ، فإنّه لو وضع خشبة على أحد جانبيه ، كان ثقله على الحائط أجمع ، ولو طلبا (١) قسمة الحائط لم يجبر الممتنع.

٦١٣١. الثاني عشر : للرّجل أن يتصرّف في ملكه وإن استضرّ جاره ، فله أن يا بني حمّاما بين الدور ، ويفتح خبّازا بين العطّارين ، ويجعله دكّان قصارة ، ويحفر بئرا إلى جانب بئر جاره ، ولو كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر لم يجب على صاحب الأعلى بناء سترة ، نعم يحرم عليه الشرف. (٢)

ولو حصلت أغصان شجرته في هواء ملك غيره ، أو هواء جدار له فيه شركة ، أو على نفس الجدار ، وجب على مالك الشجرة إزالة تلك الأغصان إمّا بردّها إلى ناحية أخرى ، أو بالقلع ، ولو امتنع من إزالته أجبر ، ولو تلف بها شي‌ء بعد الأمر بالإزالة ضمنه ، ولصاحب الهواء إزالته إمّا بالقطع أو بالعطف ، وليس له القطع مع إمكان العطف ، فإن أتلفها مع إمكان عدولها عنه بغيره ضمن ، ولا يفتقر في ذلك إلى إذن الحاكم.

ولو صالحه على إبقائه على الجدار أو في الهواء صحّ ، سواء كان الغصن رطبا أو يابسا ، بشرط تقدير الزيادة وانتهائها والعوض.

ولو صالحه على ذلك بجزء من ثمرها أو بجميعه لم يجز ، وكذا الحكم لو

__________________

(١) كذا في النسختين ولعل الصواب «ولو طلب أحدهما».

(٢) في «ب» : التشرّف.

٥١٤

امتدّ من عروق شجرة إنسان إلى أرض جاره ، سواء أثّرت ضررا أولا ، أو مال حائطه إلى ملك جاره ، أو زلق من أخشابه إليه.

٦١٣٢. الثالث عشر : لو صالحه على موضع قناة من أرضه يجري فيها ماء ، وبيّنا موضعها وعرضها وطولها جاز ، ولا حاجة إلى بيان العمق ، لأنّ ملك الموضع يستلزم ملكه إلى تخومه ، فله أن ينزل ما شاء ، وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض مالك الأرض مع بقاء ملكه عليها ، جاز مع تقدير المدّة والعلم بالموضع الّذي يجري الماء منه ، وكذا لو كانت الأرض التي فيها الساقية مستأجرة مع المصالح إذا لم يزد على مدّته ، وكذا لو كانت الأرض وقفا على المصالح ، وسواء كانت الساقية محفورة أولا.

ولو مات الموقوف عليه ، كان لمن انتقل الوقف إليه فسخ ردّ الصلح ، فإذا فسخه ، رجع المصالح على ورثة الميّت بقسط ما بقي من المدّة.

ولو صالحه على إجراء ماء سطحه من المطر على سطحه ، أو في أرضه عن سطحه ، أو في أرضه عن أرضه ، جاز إذا علما مقدار جريان الماء بالمشاهدة أو المساحة ، لاختلاف الماء بصغر السطح وكبره ، بشرط ذكر المدّة ، ولا يملك صاحب الماء المجرى ولو كان السطح معه مستأجرا أو عارية لم يكن له المصالحة على إجراء الماء فيه ، لأنّه يستضرّ بذلك ، بخلاف الساقية في الأرض المستأجرة.

ولو أراد أن يجري ماء في أرض غيره بغير إذنه لم يجز ، وإن انتفى الضرر ، سواء كان هناك ضرورة أولا.

ولو صالحه على أن يسقي أرضه من نهره أو من عينه مدة معلومة جاز.

٥١٥

ولا يجوز بيع حقّ الهواء لإشراع جناح من غير أصل يعتمده البناء ، وكذا بيع حقّ مسيل الماء ومجراه ، وحقّ الممرّ ، وكلّ الحقوق المقصودة على التأبيد ، وإن جاز الصلح عليها ، لأنّ الجهالة لا يمنع من الصلح بخلاف البيع ، فلو صالحه على حقّ البناء على أرض ، وجب ذكر قدر البناء وكيفيّة الجدار لاختلاف الأغراض (١) في تثاقله. (٢)

__________________

(١) في «أ» : لاختلاف الأعراض.

(٢) ولا يخفى أنّ البحث في أحكام النزاع في الأملاك وتزاحم الحقوق قد عنونه أكثر الفقهاء في آخر كتاب الصلح ، وقد تعرّض له المصنّف في كتاب إحياء الموات ، نعم في الدروس جعله كتابا ، مستقلّا سمّاه ب «كتاب تزاحم الحقوق» والأمر في ذلك سهل.

٥١٦

كتاب الغصب

٥١٧
٥١٨

وفيه مقصدان

[المقصد] الأوّل : في أسباب الضمان

وفيه خمسة عشر بحثا :

٦١٣٣. الأوّل : أسباب الضمان ثلاثة :

مباشرة الإتلاف ، وهو إيجاد علّة التّلف ، كالقتل والأكل والإحراق.

والتسبّب ، وهو إيجاد ملازم العلّة ، بأن يوجد ما يحصل الهلاك عنده بعلّة أخرى ، إذا كان السبب يقصد لتوقّع تلك العلّة ، كالحافر في محلّ العدوان فيتردّى فيه إنسان.

وإثبات اليد ، إمّا مع العدوان كالغصب ، أو بدونه كاللّقطة.

٦١٣٤. الثاني : الغصب هو الاستيلاء على مال الغير بغير حقّ ، وهو محرّم بالنصّ والإجماع ، قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (١) وقال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (٢).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قضى مناسكه ووقف بمنى في حجّة الوداع : أيّها الناس اسمعوا ما أقول لكم واعقلوه فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم في هذا

__________________

(١) البقرة : ١٨٨.

(٢) النساء : ٢٩.

٥١٩

الموقف بعد عامنا هذا ، ثمّ قال : أيّ يوم أعظم حرمة؟ قالوا : هذا اليوم. ثمّ قال : أيّ شهر أعظم حرمة؟ قالوا : هذا الشهر. ثمّ قال : أيّ بلدة أعظم حرمة؟ قالوا : هذه البلدة. قال : فإنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تلقونه ، فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلّغت؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : اللهم اشهد ، ألا ومن كانت عنده أمانة فليردّها إلى من ائتمنه عليها ، فإنّه لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفسه ، فلا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفّارا. (١)

وقال عليه‌السلام : من غصب شبرا من الأرض بغير حقّه طوق به يوم القيامة من سبع أرضين (٢) وقد أجمع العقلاء كافّة على تحريم الغصب.

٦١٣٥. الثالث : لا يكفى في الغصب رفع يد المالك بل لا بدّ من إثبات يد الغاصب ، فلو منع المالك عن إمساك دابّته المرسلة فتلفت ، أو من القعود على بساطه فتلف ، أو من بيع متاعه فتلف ، أو نقصت قيمته السوقيّة ، أو تعيّبت ، لم يضمن ، وكذا لو مدّ بمقود دابّة عليها مالكها فتلفت بغير المدّ.

ولو حبس صانعا مدّة عن عمله ، فكذلك لا يضمن أجرته ، ولا يضمن الحرّ لو غصبه وإن كان صغيرا ، ولو تلف بسبب كالحرق ، ولدغ الحيّة والعقرب ، ووقوع الحائط ، قال الشيخ رحمه‌الله يضمنه الغاصب إذا كان صغيرا ، وإن لم يكن بسببه (٣).

__________________

(١) دعائم الإسلام : ٢ / ٤٨٤ برقم ١٧٢٩ ، مستدرك الوسائل : ١٧ / ٨٧ ، الباب ١ من أبواب كتاب الغصب ، الحديث ١.

(٢) جامع أحاديث الشيعة : ١٩ / ٧٢ ، الباب من أبواب الغصب ، الحديث ٢ ، (عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم).

(٣) المبسوط : ٧ / ١٨ ، كتاب الجراح ؛ ولاحظ الخلاف : ٣ / ٤٢١ ، المسألة ٤٠ من كتاب الغصب ـ ذيل المسألة ـ.

٥٢٠