الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٥٨
وأمّا المفلّس فإنّه يمضى إقراره ، وفي مشاركة المقرّ له الغرماء نظر.
ولا تعتبر عدالة المقرّ ، فلو أقرّ الفاسق ، حكم عليه بمقتضى إقراره.
وكلّ من لا يتمكّن من الإنشاء لا ينفذ إقراره.
ولو أقرّ المريض بأنّه وهب حالة الصحّة ، لم ينفذ من الأصل.
ولو أقرّ بدين مستغرق ومات وأقرّ (١) وارثه بدين مستغرق ، فإن جوّزنا الإقرار من الأصل أو لم يكن متّهما ، قدّم إقرار الموروث ، لوقوع إقرار الوارث بعد الحجر.
ولو كان متّهما ، فالوجه نفوذ إقراره في الثلث ، وإقرار الوارث في الباقي.
ولو أقرّ بعين ماله لشخص ، ثمّ أقرّ بدين مستغرق ، لم يكن للثاني شيء ، وكذا لو أقرّ بالعين أخيرا ، لم يكن للأوّل شيء.
ولو ادّعى المقرّ الإكراه ، لم يقبل إلّا ببيّنة ، ولو كان هناك أمارة ، كقيد أو حبس أو توكيل ، ففي قبول قوله مع اليمين نظر.
ولو ادّعى الجنون حال الإقرار ، افتقر الى البيّنة.
والمكاتب المشروط حكمه حكم القنّ ، وكذا المطلق ، إذا لم يتحرّر منه ، ولو تحرّر منه شيء ، قبل بإزاء ما تحرّر منه وكان الباقي موقوفا على العتق.
__________________
(١) في «ب» : فأقرّ.
المقصد الثاني : في المقرّ له
ويشترط فيه أمران : أهليّة التملّك وعدم التكذيب ، فلو أقرّ للدابّة بطل ، ولو قال : بسببها ، صحّ للمالك ، وحمل على الاستيجار ، ولو فسّره بغير ذلك قبل ، كما لو قصد أرش الجناية بالركوب ، وعندي فيه نظر ، والأقرب بطلان الإقرار ، لأنّه لم يذكر لمن هو.
وشرط صحّة الإقرار ذكر المقرّ له ، نعم لو قال : بسببها لمالكها أو لزيد عليّ بسببها ، صحّ.
ولو أقرّ لعبد ، لزمه الحقّ لمولاه.
ولو أقرّ للحمل ، صحّ أطلق السبب أو فصّله كالإرث أو الوصية.
ولو أسنده إلى سبب باطل ، كالجناية عليه ، لم يبطل الإقرار ، ويملك الحمل ما أقرّ له إن خرج حيّا لدون ستّة أشهر من حين الإقرار ، وإن سقط ميّتا ، وكان المقرّ قد فسّره بالميراث ، رجع إلى باقي الورثة ، وإن فسر بالوصيّة. رجع إلى ورثة الموصي ، وإن كان قد أطلق طولب بالتفسير ، فإن تعذّر بموت أو غيره بطل ، كمن أقرّ لرجل لا يعرف.
وإن ولدته بعد الإقرار بما يزيد عن أكثر مدّة الحمل بطل ، وإن وضعته فيما بين الأكثر والأقلّ ، ولم يكن لها زوج ولا مالك ، حكم له به.
ولو كان لها زوج أو مالك ، لم يحكم له لإمكان تجدّده بعد الإقرار ، ويمكن القول بالحكم بناء على العادة.
ولو تعدّد الحمل تساويا سواء كانا ذكرين أو ذكرا وأنثى إن أسنده إلى الوصيّة المطلقة ، وإن أسنده إلى الميراث أو الوصيّة المفصّلة تفاوتا.
ولو سقط أحدهما ميّتا استحق الآخر جميع ما أقرّ به.
ولو قال : للمسجد أو لمقبرة المولّى عليّ كذا ، قبل إن أضاف إلى من وقف عليه أو أطلق ، وكذا إن أسنده إلى السبب الباطل على إشكال ، ولو كذّب المقرّ له ، لم يسلّم إليه ، ويترك في يد المقرّ أو يحتفظه الحاكم.
ولو رجع المقرّ له عن الإنكار سلّم إليه ، ولو رجع المقرّ في حال إنكار المقرّ له ، فالوجه أنّه لا يقبل ، لأنّه أثبت الحقّ لغيره ، بخلاف المقرّ له ، فإنّه اقتصر على الإنكار.
المقصد الثالث : في المقرّ به :
وفيه ثلاثة عشر بحثا :
٥٩٨٩. الأوّل : لا يشترط تعيين المقرّ به ، بل يصحّ الإقرار بالمجهول ، كما يصحّ بالمعلوم ، ولا أن يكون ملكا للمقرّ بل لو كان ملكا له بطل إقراره ، كما لو قال : داري أو مالي لفلان.
ولو قال الشاهد : إنّه أقرّ له بدار وكانت ملكه إلى أن أقر ، بطلت الشهادة.
ولو قال : هذه الدار لفلان ، وكانت ملكي إلى وقت الإقرار ، حكم عليه بأوّل إقراره ، لكن يشترط كون المقرّ به تحت تصرّفه ، فلو أقرّ بما في يد غيره ، لم ينفذ.
ولو أقرّ بحرية عبد غيره ، لم يقبل ، فلو اشتراه ، صحّ وعتق عليه ، وكان فداء من جانبه وبيعا من جهة البائع ، ولا يثبت هنا خيار الشرط والمجلس ، كما لا يثبت في بيع العبد على من ينعتق عليه. ولا ولاء للمشتري عليه ولا للبائع.
فإن مات العبد وله كسب ، فللمشتري أخذ قدر الثمن من تركته ، لأنّه إن كذب فالتركة له ، وإن صدق فللبائع من حيث الولاء ، وقد استعاد ما ظلمه البائع به.
٥٩٩٠. الثاني : إذا عيّن المقرّ به ألزم بما عيّنه ، وإن أبهم فقال : له عليّ مال ألزم
التفسير بما يتموّل ، ويقبل بما يفسّره وإن قلّ ، ولو فسّر بما لا يملك عادة كالحبّة من الحنطة ، وقشر الجوزة ، والسرجين النجس ، وكلب العقور ، وردّ السلام ، لم يقبل وألزم ببيان آخر.
وكذا لو فسّره بما لا يملك المسلم ، كالخمر ، والخنزير ، وجلد الميتة ، ويقبل ذلك من الكافر لمثله.
ولو فسّره بكلب الصيد ، أو الزرع ، أو الماشية ، أو الحائط قبل.
أمّا لو قال : له عليّ شيء وفسّره بجلد الميتة ، أو السرجين النجس ، أو الخمر ، لم يقبل.
لعدم ثبوته في الذمّة ، وكذا لو فسّر بحبّة الحنطة.
ولو فسّره بحدّ قذف أو حقّ شفعة قبل.
ولو قال : غصبتك أو غبنتك لم يلزمه شيء ، لأنّه قد يغصبه نفسه ويغبنه في غير المال.
ولو قال : غصبتك شيئا وفسّره بنفسه ، لم يقبل ، لتغاير المفعول الأوّل والثاني ، ولو فسّره بمال قبل وإن قلّ.
ولو فسّره بكلب أو سرجين ، احتمل القبول ، ولو فسّره بما لا نفع فيه أو لا يباح الانتفاع به ، لم يقبل.
٥٩٩١. الثالث : إذا عيّن الوزن ، انصرف إلى ما عيّنه ، وإن أطلق انصرف إلى ميزان البلد ، وكذا الكيل والنقد ، ولو تعدّد انصرف إلى الغالب.
ولو تساوى النقدان أو الوزنان في الاستعمال رجع إليه في التفسير.
ولو قال : له عليّ مال جليل ، أو عظيم ، أو نفيس ، أو خطير ، أو مال أي مال ، أو عظيم جدّا ، قبل تفسيره بالقليل.
ولو قال : مال كثير ، قال الشيخ : يكون ثمانين. (١) وليس بمعتمد بل يرجع إليه بالتفسير وإن قلّ.
ولو قال : غصبت شيئا لم يقبل تفسيره بالخمر والخنزير ونفس المقرّ له على إشكال.
ولو قال : له عليّ أكثر ممّا لفلان ألزم بقدر ما لفلان وزيادة ، ويرجع إليه في تعيين الزيادة.
وكذا يرجع إليه في ظنّه مقدار مال فلان ، فلو قال : كنت أظنّه عشرة قبل وإن كان أزيد ، وكذا لو قال : أكثر ممّا شهد به الشهود على فلان ، (٢) ولو قال : لم أراد الكثرة في المقدار بل أنّ الدّين أكثر بقاء من العين ، والحلال أكثر بقاء من الحرام ، قبل وله التفسير بالأقل ممّا لفلان وممّا يشهد به الشهود في المقدار.
٥٩٩٢. الرابع : إذا امتنع من تفسير المبهم ، حبس حتّى يبيّن ، ولو مات فسّر الوارث. ولو قال : أنسيت احتمل الرجوع إلى المدّعي مع اليمين ، ولو فسّر بدرهم ، فقال المدعي : بل أردت عشرة ، لم يقبل دعوى الإرادة بل عليه أن يدّعي نفس (٣) العشرة ، والقول قول المقرّ في عدم الإرادة وعدم اللزوم ، ولو فسّر بالمستولدة ، فالوجه القبول.
__________________
(١) المبسوط : ٣ / ٦ ؛ الخلاف : ٣ / ٣٥٩ ، المسألة ١ من كتاب الإقرار.
(٢) في «أ» : أكثر ممّا يشهد به الشهود على فلان.
(٣) في «أ» «تفسير» بدل «نفس».
٥٩٩٣. الخامس : لو قال : له عليّ درهم من نقد الإسلام ألزم بدرهم فيه ستّة دوانيق ، عشرة منه تساوي سبعة مثاقيل ، ولو أطلق ألزم ما يتعامل به الناس ، زاد أو نقص. ويقبل تفسيره لغيره.
ولو قال : له درهم درهم ، لزمه واحد ، ولو قال : له درهم ودرهم أو فدرهم أو ثمّ درهم ، لزمه درهمان ، ولو قال ، في «فدرهم :» أردت فدرهم لازم له لا يلزمه أكثر من واحد.
ولو قال : له درهم ودرهمان لزمه ثلاثة.
ولو قال : له درهم ودرهم ودرهم ، لزمه ثلاثة ، فإن قال : أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل منه ، ولو قال : أردت تأكيد الأوّل ، لم يقبل للفصل ، وكذا لا يقبل التأكيد. ولو غاير في حروف العطف ، مثل : له درهم فدرهم ثم درهم.
ولو قال : درهم مع درهم أو تحت درهم أو فوق درهم ، لزمه واحد لاحتمال مع درهم لي.
ولو قال : درهم قبل درهم أو بعد درهم ، احتمل الدرهم والدرهمان ، لأنّ التقدّم والتأخّر لا يحتمل إلّا في الوجوب.
ولو قال : له درهم قبله درهم وبعده درهم ، لزمه الثلاثة مع احتمال الواحد. (١)
٥٩٩٤. السادس : لو قال : له درهم بل درهم لزمه واحد ، ويحتمل إيجاب درهمين لتغاير ما بعد الإضراب وما قبله ، فيجبان ، كما لو قال : بل دينار.
__________________
(١) في «أ» : مع احتمال للواحد.
ولو قال : له قفيز حنطة بل قفيز شعير ، لزمه القفيزان.
ولو قال : درهم بل درهمان ، لزمه درهمان لا غير ، وكذا لو قال : قفيز شعير بل قفيزان.
أمّا لو قال : قفيز شعير بل قفيزان حنطة ، لزمه ثلاثة ، والأصل أنّ الإضراب إن كان إلى ما يدخل فيه الأوّل لزمه الثاني ، وإن كان إلى المخالف لزمه الأوّل والثاني ، فلو قال : له هذا الدرهم بل هذان لزمه الثلاثة ، لأنّ الأوّل ليس بعض الثاني.
ولو قال : له درهمان بل درهم ، لزمه الدرهمان بخلاف الاستثناء.
٥٩٩٥. السابع : لو قال : له عليّ من واحد إلى عشرة ، فإن قلنا بدخول الغاية في الغاية لزمته عشرة ، وإلّا تسعة ، ويحتمل ثمانية (١) ، ولو قال : أردت مجموع الأعداد ، لزمته خمسة وخمسون ، واختصار حسابه أن يزيد الواحد على العشرة [فيصير أحد عشرة] ثمّ يضربها في نصف العشرة.
ولو قال : درهم في عشرة ولم يرد الضرب ، لزمه واحد.
ولو قال : درهم ناقص ووصل ، قبل ، ويرجع إليه في قدر النقصان ، ولو فصّل لم يقبل ، وكذا لو كان التعامل بالناقص غالبا احتمل القبول ، وكذا لو فسّر الدراهم بالمغشوشة ، ولو فسّر بالفلس لم يقبل.
ولو قال : عليّ دريهمات أو دراهم صغار وفسّر بالناقص لم يقبل.
ولو قال : ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية.
__________________
(١) وذلك لأنّ الأوّل والعاشر حدّان فلا يدخل في الإقرار.
٥٩٩٦. الثامن : يحمل الجمع المنكّر والمعرّف على أقلّ مراتبه وهو الثلاثة ، فلو قال : له عندي دراهم أو الدراهم لزمته ثلاثة ، ولو قال : أردت بالجمع معنى الاجتماع ، احتمل القبول.
ولو قال : له عليّ ثلاثة آلاف ، ولم يعيّن طولب بتفسر الجنس ، فإن فسّر بما يملك قبل ، ولا فرق بين جمع القلّة والكثرة في ذلك كلّه.
٥٩٩٧. التاسع : لو قال : له عندي زيت في جرّة ، أو سيف في غمد ، أو غصبته ثوبا في منديل ، أو حنطة في سفينة ، لم يدخل الظرف في الإقرار (١) ولو قال : له عندي عبد عليه عمامة ، كان إقرارا بالعمامة أيضا مع احتمال ضعيف ، أمّا لو قال : له عندي دابّة عليها سرج ، لم يكن مقرّا بالسرج ، لأنّ للعبد أهليّة اليد بخلاف الدّابّة.
ولو قال : له عندي جرة فيها زيت ، أو غمد فيه سيف ، فالوجه عدم دخول المظروف.
ولو قال : له دابّة بسرجها أو سفينة بطعامها ، دخل الظرف والمظروف. (٢)
ولو قال : له عندي خاتم ، وجاء به وفيه فصّ ، وقال : ما أردت الفصّ ، ففي قبول قوله إشكال ، وكذا الإشكال لو أقرّ بجارية ، فجاء بها وهي حامل استثنى الحمل.
ولو قال : له ألف في هذا الكيس ، ولم يكن فيه شيء ، لزمه الألف ، ولو
__________________
(١) لأنّه يمكن ان يكون الظرف للمقرّ.
(٢) لأنّ الباء تعلّق الثاني بالأوّل.
كان الألف ناقصا ، ففي لزومه الإتمام إشكال ، ولو قال : الألف الّتي في الكيس ، لم يلزمه الإتمام ، فإن لم يكن فيه شيء ، احتمل لزومه وعدمه.
ولو قال : له في هذا العبد ألف درهم ، فإن فسّره بأرش الجناية قبل ، وإن فسّر بكون العبد مرهونا بالألف ، فالوجه القبول.
ولو قال : وزن في شراء عشرة ألفا واشتريت جميع الباقي بألف قبل سواء وافق القيمة أو خالفها ولم يلزمه أكثر من عشر العبد (١).
ولو قال : نقد عنّي ألفا في ثمنه كان قرضا.
ولو قال : أوصي له بألف من ثمنه ، بيع وصرف إليه من ثمنه ألف ، ولو أراد أن يعطيه ألفا من ماله من غير ثمن العبد لم يلزمه القبول.
وإن قال جنى العبد بألف تعلّقت برقبته قبل.
ولو أنكر المقرّ له شيئا من تفسيره ، كان القول قول المقرّ مع يمينه.
ولو قال : له في هذا المال ألف أو في ميراث أبي (أو من ميراث أبي) (٢) ألف ، قبل.
ولو قال : له في مالي ، أو في ميراثي من أبي ، أو من ميراثي من أبي ، ألف ، لم يلزمه ، للتّناقض.
ولو قال في هذه المسائل : بحقّ واجب أو بسبب صحيح أو ما جرى مجراه ، صحّ في الجميع.
__________________
(١) في «أ» : من عشرة العبد.
(٢) ما بين القوسين يوجد في «ب».
٥٩٩٨. العاشر : لو قال : له عشرة ودرهم ألزم بدرهم ، ورجع في تفسير العشرة إليه ، ويقبل ما يفسّره وإن قل ممّا يتموّل من العشرات ، وكذا عشرة ودرهمان.
ولو قال : عشرة وثلاثة دراهم ، أو خمسة عشر درهما ، أو مائة وخمسة عشر درهما ، أو ألف ومائة وخمسة وعشرون درهما ، أو خمسون وألف درهم ، أو خمسون ومائة درهم ، فالجميع دراهم.
ولو قال : أردت بالألف وما بعدها غير الدراهم وميّزت بالدرهم العدد الأخير ، فالوجه قبول قوله مع الاحتمال.
ولو قال : عليّ درهم وألف ، أو ثلاثة دراهم وألف ، كانت الألف مجهولة.
ولو قال : درهم ونصف ، ففي النصف احتمال ضعيف للإجمال.
ولو قال : له عليّ معظم ألف ، أو جلّ ألف ، أو قريب من ألف ، أو أكثر الألف ، لزمه أكثر من النصف.
٥٩٩٩. الحادي عشر : إذا أقرّ بالدراهم وأطلق ، ألزم الوافية الجيّدة الحالّة ، ولو فسّر بأضداد ذلك متّصلا قبل إلّا في التأجيل ، وإن كان منفصلا لم يقبل وإن كان وديعة أو غصبا ، ولو قيل بمساواة التأجيل لغيره كان وجها ، وإلّا لزم سدّ باب الإقرار بها على صفتها لو كانت ثابتة على هذه الصفة.
ولو أطلق الإقرار في بلد دراهمه ناقصة أو مغشوشة ، فالأقرب الحمل على دراهم البلد ، ولو فسّر بسكّة غير البلد ، وهي أجود قبل ، وكذا مساويه أو أدون.
ولو قال : له عشرة معدودة لزمه وزنه ، ولو كان في بلد يتعاملون به عددا حمل قوله عليه.
٦٠٠٠. الثاني عشر : إذا قال : له عليّ كذا درهم بالرفع ، لزمه درهم ، وتقديره :
شيء وهو درهم ، وبالجرّ يلزمه جزء درهم يرجع إليه في قدره ، وقيل : يلزمه مائة درهم (١) وبالنّصب يلزمه درهم ، ونصب على التمييز. وقيل : يلزمه عشرون درهما ، (٢) ولو لم يعربه قبل تفسيره بجزء الدرهم.
وكذا البحث لو قال : كذا كذا ، كأنّه قال : شيء (شيء) (٣) هو درهم ، وتقديره بالجرّ جزء درهم.
وقيل : لو قال : كذا كذا درهما ، لزمه أحد عشر (٤).
ولو قال : كذا [و] كذا درهم بالرفع ، لزمه واحد ، لأنّه ذكر شيئين وأبدل منهما درهما تقديرهما درهم ، وكذا لو نصب ، لأنّ كذا يحتمل أقلّ من درهم ، فإذا عطف مثله ثم فسّرها بدرهم جاز. وقيل : يلزمه أحد وعشرون. (٥)
٦٠٠١. الثالث عشر : لو قال : له هذا الثوب ، أو هذا العبد ، ألزم بالبيان ، ويقبل قوله ، فإن أنكر المقرّ له كان القول قول المقرّ مع اليمين ، وللحاكم انتزاع ما أقرّ به وحفظه عنده ، وله إقراره في يد المقرّ ، ولا يدفعه إلى المقرّ له ، فلو عاد المقرّ له إلى تصديق المقرّ ففي القبول نظر.
ولو امتنع المقرّ من التعيين فعيّنه المقرّ له ، طولب بالجواب ، فإن أنكر حلف ، وإن نكل عن اليمين قضي عليه مع يمين المدّعي.
__________________
(١) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٣ / ١٣.
(٢) نسبة الشيخ إلى بعض العامة. لاحظ المبسوط : ٣ / ١٣.
(٣) ما بين القوسين يوجد في «ب».
(٤) المغني لابن قدامة : ٥ / ٣١٩.
(٥) المصدر السابق.
المقصد الرابع : في الصيغة
وهي اللّفظ الدالّ على الإخبار عن حقّ ثابت ، مثل لك عندي ، أو عليّ ، أو في ذمّتي ، أو قبلي أو لك عندي فيما أعلم أو في علمي ، وما أشبه ذلك بأيّ لسان كان.
ولو قال المدّعي : لي عليك ألف فقال : نعم ، أو أجل ، أو بلى ، أو صدقت ، أو أنا مقرّ به أو بدعواك أو بما ادّعيت ، أو لست منكرا له ، فهو إقرار على إشكال في الأخير ، لاحتمال السكوت المتوسط بين الإقرار والإنكار.
ولو قال المدّعي : لي عليك ألف ، فقال : زنها ، أو خذها ، أو زن ، أو خذ ، لم يكن إقرارا ، وكذا لو قال : أنا مقرّ ، ولم يقل به.
ولو قال : أنا أقرّ ، فالوجه أنّه وعد وليس بإقرار.
ولو قال : أليس عليك ألف لي؟ فقال : بلى لزمه ، ولو قال : نعم ، قيل لا يلزمه ، والوجه اللزوم.
ولو قال : اشتر منّي هذا العبد أو استوهب ، فقال : نعم : فهو إقرار.
ولو قال : لي عليك ألف ، فقال : قبضتها أو رددتها أو أبرأتني منها ، كان إقرارا ، ولو علّق الإقرار بشرط ، بطل ، فلو قال : لك كذا إن شئت أو شاء زيد ، أو
إن شاء الله إلّا أن يقصد هنا التبرك ، لم يكن إقرارا ، وكذا لو قال : إن قدم زيد أو رضي فلان أو شهد ، أو إذا جاء رأس الشهر فلك عليّ كذا.
ولو قال : لك عليّ كذا إذا جاء رأس الشهر لزمه ، وكذا يلزمه لو قال : إن شهد لك فلان فهو صادق في الحال وإن لم يشهد ، بخلاف ما لو قال : إن شهد لك فلان صدقته ، لأنّه قد يصدق الكاذب.
ولو قال : ملكت هذه الدار من فلان ، أو غصبتها منه ، أو قبضتها منه ، كان إقرارا له بالدار بخلاف تملّكتها على يده ، لاحتمال المعونة.
ولو قال : كان لفلان عليّ ألف ، ألزم به ، وكذا إن قال : كان له عليّ ألف وقضيته ، وله اليمين ، وكذا لو قال : وقضيته منها مائة.
ولو قال : لي عليك مائة ، فقال : قضيتك منها خمسين ، ألزم بالخمسين بعد اليمين ، ولا يلزمه الخمسون الأخرى ، لاحتمال رجوع الضمير إلى المائة الّتي يدّعيها.
ولو قال : له عليّ ألف وقضيته إيّاها ، ألزم ، والوجه عدم توجّه اليمين في القضاء ، لاعترافه في الحال ، وكذا لو قال : وقضيته بعضها ، والإقرار بالإقرار إقرار.
المقصد الخامس : في الاستثناء
وفيه ثمانية مباحث :
٦٠٠٢. الأوّل : الاستثناء متّصل ومنفصل ، فالأوّل يخرج ما بعد الاستثناء عمّا قبله بشرطين : الاتّصال لفظا عادة ، وبقاء شيء بعد الاستثناء ، وشرط بقاء الأكثر ليس بجيّد. والثاني يخرج قيمته المستثنى من المستثنى منه بالشرطين ، وإن كان غير مكيل أو موزون منهما (١) كما لو قال : له عندي عشرة أقفزة إلّا ثوبا ، أو عشرون دينارا إلّا عبدا.
فإذا أقرّ بشيء واستثني منه كان مقرا بالباقي بعد الاستثناء ، وإذا قال : له عليّ مائة إلّا عشرة ، كان مقرا بتسعين.
ولا فرق بين أدوات الاستثناء ، مثل له عشرة سوى درهم ، أو ليس درهما ، أو خلا ، أو عدا ، أو ما خلا ، أو ما عدا ، أو لا يكون ، أو غيره.
ولو قال : له عشرة غير درهم ، برفع غير ، لزمته عشرة ، ولو لم يكن من أهل العربية ألزم بتسعة.
٦٠٠٣. الثاني : إنّما يصحّ الاستثناء لو اتّصل ، فلو سكت للتنفس كان متّصلا ،
__________________
(١) في «ب» : منها.
ولو سكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ، أو فصل بأجنبيّ بين المستثنى والمستثنى منه ، بطل الاستثناء.
فلو قال : له عليّ كرّ شعير إلّا كرّ حنطة وقفيز شعير ، بطل استثناء الكرّ ، لاستيعابه ، وبطل أيضا استثناء القفيز ، للفصل بالاستثناء الأوّل.
ولو قال : له كرّ حنطة وكرّ شعير إلّا قفيز حنطة ، قبل ، لأنّ الفصل هنا ليس بأجنبيّ على إشكال.
٦٠٠٤. الثالث : لا يصحّ الاستثناء المستوعب ، فلو قال : له عشرة إلّا عشرة بطل الاستثناء ولزمته عشرة.
ويصحّ استثناء الأكثر ، فلو قال : له عشرة إلّا تسعة لزمه واحد.
وكذا لو قال : عشرة إلّا ثوبا ، وفسّر قيمة الثوب بعشرة ، فإنّه يبطل ، ولو فسّر بتسعة صحّ ولزمه واحد.
ولو قال : له عشرة إلّا درهم بالرفع ، كان صفة ، فتلزمه العشرة.
٦٠٠٥. الرابع : الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات ، فإذا قال : له عشرة إلّا واحدا لزمته تسعة ، ولو قال : ما له عندي شيء إلّا درهم ، أو ماله عشرة إلّا درهم لزمه الدرهم ، ولو نصب هنا فقال : إلّا درهما ، لم يلزمه شيء.
٦٠٠٦. الخامس : إذا كرّر الاستثناء فان كان بحرف العطف خرجا معا من المستثنى منه ، فإذا قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا ثلاثة لزمته أربعة ، وكذا لو كان الثاني مساويا للأوّل أو أكثر ، مثل : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا ثلاثة ، أو إلّا ثلاثة وإلّا أربعة ، فيلزمه في الأوّل أربعة ، وفي الثاني ثلاثة ، ولو كان الثاني أقلّ من الأوّل
خرج منه لا من المستثنى منه أوّلا ، فإذا قال : له عشرة إلّا اثنين إلّا واحدا لزمته تسعة.
٦٠٠٧. السادس : يصحّ الاستثناء من العين ، فلو قال : له هذه الدار إلّا هذا البيت ، أو الخاتم إلّا الفصّ ، وكذا : له هذه الدار إلّا ثلثها أو (إلّا) (١) ربعها ، وكذا لو قال : له هذه الدار ، وهذا البيت لي صحّ ، لأنّه في معنى الاستثناء إذا اتّصل كلامه.
ولو قال : له هذه العبيد إلّا واحدا ، صحّ استثناؤه المجهول كما يصحّ إقراره به ، ويرجع إليه في تعيين المستثنى ، فإن أنكر المقرّ له ، كان القول قول المقرّ مع يمينه ، ولو عيّن من عدا المستثنى (٢) صحّ ، وكان الباقي له.
ولو هلك العبيد إلّا واحدا فذكر أنّه المستثنى قبل ، وكذا لو قال : غصبتك هؤلاء العبيد إلّا واحدا فهلكوا ، إلّا واحدا قبل تفسيره به.
ولو قال : له عليّ ثلاثة إلّا ثلاثة إلّا درهمين ، احتمل بطلانهما ، لأنّ الأوّل مستوعب والثاني فرعه ، وصحّتهما ، ويكون مقرّا بدرهمين ، لأنّه استثنى من ثلاثة الاستثناء درهمين ، فبقي منها درهم مستثنى من الإقرار ، وصحّة الاستثناء الثاني من الإقرار ، لأنّ الأوّل باطل ، لاستيعابه ، والثاني راجع إلى الأوّل لبطلان ما بينهما.
٦٠٠٨. السابع : الظاهر أنّ المتّصل حقيقة دون المنفصل ، فيحمل المطلق عليه ، فإذا قال : له ألف إلّا درهما ، فالجميع دراهم ، ولو فسّره بالمنفصل ، قبل إذا بقي شيء بعد وضع الدرهم ، ولو استوعبت قيمة الدرهم الألف ، احتمل بطلان الاستثناء وصحّته ، فيكلف تفسيرا يبقى معه شيء.
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في «أ».
(٢) وحاصله : أنّه تارة يعيّن المستثنى ، وقد أشار إليه بقوله : «وإليه يرجع في تعيين المستثنى» وأخرى يعيّن المستثنى منه ، ويكون الباقي له ، وإليه أشار بقوله : «ولو عيّن من عدا المستثنى».
ولو قال : له ألف درهم إلّا خمسين ، فالاستثناء دراهم ، ولو قال : له ألف درهم إلّا ثوبا ، فالاستثناء منقطع ، يطالب بالبيان لقيمة الثوب ، فإن بقي بعد القيمة شيء صحّ الاستثناء ، وإلّا احتمل الوجهان.
ولو قال : له ألف إلّا شيئا ، كلّف بيان المستثنى والمستثنى منه ، ويصحّ التفسير إن بقى بعد الاستثناء شيء وإلّا فلا.
٦٠٠٩. الثامن : الحقّ أنّ الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة إلّا أن يكون هناك قرينة تصرفه إليهما ، فإذا قال : له عشرة دنانير وعشرة دراهم إلّا واحدا ، رجع الواحد إلى الدراهم ، ولو قال : أردت الاستثناء من الدنانير ، لم يقبل ، للفصل ، ولو قال : إلّا اثنين فكذلك ، ولو قال : أردت الاستثناء منهما ، فالوجه القبول.
ولو قال : له درهم ودرهم إلّا درهما ، قبل ، فإن جعلنا الاستثناء راجعا إلى الجملتين ، لزمه درهم ، وإن قلنا انّه راجع إلى الأخيرة ، لزمه الدرهمان ، والحقّ عندي بطلان الاستثناء على التقديرين.