الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٥٨
٥٧٣٨. الخامس : ليس للمولى إجبار المكاتبة على النكاح ، ولا المكاتب ولا مملوك أحدهما ، وليس لواحد منهما التزويج بدون إذنه ، وكذا البحث في بنت المكاتبة ، ولو اتّفقوا على التزويج صحّ.
٥٧٣٩. السادس : لو كاتب أحد الشريكين لم يكن لأحدهما وطؤها ، فإن خالفا عزّرا مع العلم ، وعلى كلّ منهما مهر مثلها كملا.
ولو وطئ أحدهما عزّر ، وعليه مهر المثل ، ويقاصّ بقدر نصيبه مع التماثل بين عوض الكتابة ومهر المثل والحلول ، وتأخذ نصف المهر تدفعه إلى غير الواطئ ولو عجزت ورقّت بعد قبض المهر من الواطئ اقتسماه بالسويّة مع بقائه ، وان كان قبله فإن كان في يدها مال بقدر مهر المثل دفعته إلى غير الواطئ ، وإلّا برئت ذمّة الواطئ عن النصف ، وغرم للآخر النصف.
الفصل الثالث : في حكم ولد المكاتبة
وفيه عشرة مباحث :
٥٧٤٠. الأوّل : لا يجوز للمولى وطء المكاتبة على ما تقدّم ، فإن وطأ فالولد حرّ ، والكتابة بحالها وهي أمّ ولد ، فإن أدّت قبل موت السيّد عتقت ، وإلّا جعلت في نصيب ولدها لو مات قبل الأداء ، وكذا لو استرقّها مولاها للعجز ، ولو مات سيّدها ولا عجّز قبل الأداء لم تبطل الكتابة.
٥٧٤١. الثاني : لو ولدت بعد الكتابة من زنا أو من مملوك أو من حرّ مع شرط الرقيّة ، لم تسر الكتابة إلى الولد ، بل يكون موقوفا يعتق بعتقها ويسترق برقّها.
٥٧٤٢. الثالث : ولد الحرّين حرّ ، ولو كان أحد أبويه رقّا ، فإن شرطت رقيّته تبعه ، وإلّا كان حرّا ، سواء كان الرّقيق الأب أو الأمّ ، وولد الأمة من سيّدها حرّ ومن زنا رقّ ، وكذا من العبد ، وولد المدبّرة مدبّر ، وولد المكاتبة موقوف على ما تقدّم.
٥٧٤٣. الرابع : لو قتل هذا الولد احتمل صيرورة القيمة للسيّد ، لأنّ أمّه لو قتلت كانت قيمتها لسيّدها ، وللأمّ لأنّه لا يملك التصرّف فيه مع كونه قنّا ، فلا يستحقّ قيمته ، وقوّاه الشيخ (١) ولو جني عليه أو كسب ، فالأقوى أنّه موقوف يملكه إن عتق وإلّا فلسيّده ، فإن أشرفت أمّه على العجز ، كان لها الاستعانة به.
ولو مات الولد قبل عتق الأمّ فكسبه كقيمته لو قتل.
ونفقته من كسبه ، فإن قصرت فالأقوى على السيّد ، لأنّه يسترقه مع العجز ، ويحتمل أخذ الناقص من بيت المال.
ولو أعتقه مولاه ، فإن قلنا كسبه للسيّد ، أو أنّه موقوف ، وليس للأمّ الاستعانة به عند العجز صحّ ، وإن قلنا للأمّ أو بالوقف مع جواز الاستعانة لم ينفذ ، والأقوى عندي نفوذه على التقديرين.
٥٧٤٤. الخامس : ولد بنت المكاتبة كأمّه ، وقد مضى ، وولد ابنها إن كان من حرّة فهو حرّ ، وإن كان من أمة فهو موقوف ، وليس للسيّد وطؤها لو كانت أنثى ، كما أنّه ليس له وطء الحرّة ، فإن وطأ فالمهر موقوف.
ولو أحبلها لحقه النسب ، وكانت أمّ ولد ، وليس عليه قيمة الولد.
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ١٠٨.
ولو اكتسب ولد بنت المكاتبة أو ابنها أنفق عليه منه ، ووقف الباقي ، ولم يكن للسيّد أخذه.
٥٧٤٥. السادس : لو ولدت المكاتبة من مولاها ، فقد تقدّم حكم ولدها ، فإن ولدت بعد ذلك من زوج حرّ ، فهو حرّ إلّا أن يشترط المولى تبعيّته ، فيكون كأمّه ، وكذا لو كان من زنا فإن عتقت أمّه بالأداء عتق ، وإن عجزت استرقّ.
ولو مات السيّد قبل الأداء والعجز ، جعلت في نصيب ولدها ، وعتقت وعتق ولدها بالتبعيّة لها.
٥٧٤٦. السابع : لو ادّعى المولى تقدّم الولادة على الكتابة ، وادّعت المكاتبة تأخّرها ليتبعها الولد ، قدّم قول المولى مع اليمين.
ولو ادّعى ملكيّة ولد المكاتب ، وادّعى المكاتب ملكيّته ، فالقول قول المكاتب مع اليمين ، لثبوت يده دون المولى ، وصورته : أن يتزوّج المكاتب بأمة مولاه ، ثم يشتريها ، فالولد حال الزّوجية للمولى ، وبعد الشراء للمكاتب ، لأنّه ابن أمته.
وفارق الأولى ، لأنّ اليد تدلّ على الملكيّة لا الوقف (١).
٥٧٤٧. الثامن : إذا كاتباها ثمّ وطئها أحدهما فأتت بولد بعد الاستبراء من وطئه ، لم يلحق بالسيّد ، وهو ولد مكاتبه من زوج أو زنا ، وقد تقدّم ، وإن أتت
__________________
(١) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ١١٢ في مقام الفرق بين المسألتين : «فالقول قول المكاتب هاهنا لأنّهما اختلفا في الملك ، ويد المكاتب عليه ، كما لو تنازعا بهيمة ويد أحدهما عليها ، ويفارق ولد المكاتبة وان كانت يدها عليه ، لأنّها لا تدّعي ملكا وانّما تدّعي انّه موقوف معها [سينعتق مع أمّه] واليد تدلّ على الملك ولا تدلّ على الوقف.
قبله لحق به ، وهو حرّ ، ونصيبه من الأمّ أمّ ولد ، ولا يقوّم على الواطئ نصيب الشريك وهي بأجمعها مكاتبة ، تعتق بالأداء ، فإن عجزت رقّت ونصفها أمّ ولد ، ويعتق النصف من نصيب الولد ، ولا يقوّم الباقي عليه ولا على الوارث.
ولو كان [الواطئ] موسرا قوّم عليه لمساواة الإحبال العتق ، وحينئذ يحتمل التقويم في الحال فتبطل الكتابة فيه ، وصار جميعها أمّ ولد ونصفها مكاتبا للواطئ ، ويعتق بالأداء ويسري.
فإن (١) فسخ المولى للعجز كانت أمّ ولد تعتق بموته من نصيب ولدها ، والتقويم عند العجز فإن أدّت عتقت ، وإن عجزت قوّم على الواطئ نصيب الشريك ، وصارت كلّها أمّ ولد ، والولد حرّ لاحق بالواطئ ، ولا قيمة عليه إن وضعته بعد التقويم ، وعليه النصف إن وضعت قبله.
ولو وطياها معا فلا حدّ ويعزّران مع العلم لا بدونه ، وعلى كلّ واحد منهما مهر كامل يطالب به مع عدم الحلول ، ومعه تقاصّا ، وإن كانت قد أدّت عتقت وطالبتهما ، وإن فسخا الكتابة للعجز بعد قبض المهرين لم يطالب أحدهما الآخر ، فإن كانا في يدها اقتسماهما ، وإلّا تلف منهما ، وإن فسخا قبل القبض سقط عن كلّ منهما نصف ما عليه وقاصّ في الآخر ، وإن تفاوتا في مهر المثل بأن وطئها أحدهما بكرا أو حسنة أو صحيحة والآخر بالضدّ تقاصّا في المتساوي ، ورجع صاحب الفضل على شريكه بنصيبه.
ولو أفضاها أحدهما رجع شريكه بنصف قيمتها عليه ، ولو تداعياه تحالفا
__________________
(١) في «ب» : وإن.
وسقط حكمه ، وإن نكل أحدهما لزمه نصف القيمة ، وكذا لو اختلفا فى أصل الوطء.
٥٧٤٨. التاسع : لو أتت بولد منتفى عنهما ، بأن تأتي به لأكثر من عشرة أشهر من وطء الأوّل ولدون ستّة من وطء الثاني فهو موقوف معها.
وإن أمكن لأحدهما خاصّة ، فهو له ، ويكون حكمه في وجوب المهر وقيمة النصف من الأمّ والولد على ما تقدّم فيما إذا أحبلها أحدهما.
وأمّا الّذي لم تحبل من وطئه ، فإن كان هو الواطئ الثاني ، فإن كان وطؤه بعد صيرورة جميعها أمّ ولد للأوّل ، فعليه جميع المهر للأوّل إن كان قد فسخ الكتابة ، وإلّا بينه وبينها ، وإن كان قبل الصيرورة ، فعليه نصف المهر للأوّل إن كان فسخ الكتابة في نصيبه ، وإلّا فلها.
وإن كان هو الأوّل ، وجب عليه المهر كملا ، ونصف المهر لها مع بقاء الكتابة ، وللمتولّد مع الفسخ.
ولو كان المستولد معسرا ، فنصيبه أمّ ولد ، ولا يسرى إلى نصيب شريكه ، والكتابة بحالها (١) في جميعها ، وعلى كلّ منهما مهر كامل لها ، فإن أدّت مال الكتابة عتقت وبطل حكم الاستيلاد ، وإن عجزت وفسخا ، فنصفها أمّ ولد ، والكسب والمهر بينهما ، ويتقاصّان مع التساوي ، ويردّ الفاضل من هو عليه.
ثمّ كلّ موضع أتت بولد بعد أن صارت أمّ ولد للأوّل ، لم تجب على الأوّل قيمته عنه ، وكلّ موضع أتت به قبل التقويم ، فعليه نصف قيمته للثاني.
__________________
(١) في «ب» : بكمالها.
وأمّا الولد مع إعسار الأب فنصفه حرّ ونصفه رقّ ، ويحتمل انعقاد جميعه حرّا.
وإن كان الّذي لم تحبل من وطئه هو الأوّل ، فعلى الثاني ما قلنا أنّه على الأوّل إلّا وجوب جميع المهر للأوّل ، فإنّه ممتنع هنا إذ لا يمكن أن يكون وطؤه صادف كونها أمّ ولد للثاني.
وإن أمكن التحاقه بهما أقرع بينهما.
٥٧٤٩. العاشر : لو ولدت من كلّ منهما ولدا اعترف به واتّفقا عليه ، فقسمان :
الأوّل أن يتّفقا على السابق منهما ، فإن أدّت عتقت بالأداء ، وإن عجزت وفسخت الكتابة وكانا موسرين ، (١) فعلى السابق نصف المهر لشريكه ، ونصفها أمّ ولد له ، ويسري الإحبال بنفسه أو به وبأداء القيمة ، فيجب عليه نصف قيمتها.
وأمّا الولد فإن وضعته بعد صيرورة جميعها أمّ ولد ، فلا شيء عليه عنه ، وإن وضعته قبل ذلك ، بأن يجعل لدفع القيمة مدخلا في صيرورتها أمّ ولد ولم تدفع إلّا بعد الوضع ، وجب عليه نصف قيمته لشريكه.
وأمّا الثاني (٢) فإن كان وطؤه بعد صيرورتها أمّ ولد ، فقد وطئ أمة غيره
__________________
(١) للمسألة صور أربع أشار إلى الأوّل بقوله : «وكانا موسرين» وإلى الثاني بقوله : «وإن كان الأوّل موسرا ..» وإلى الثالث بقوله : «ولو كانا معسرين ..» وإلى الرابع بقوله : «ولو كان الأوّل معسرا ..».
(٢) المراد ثاني الشخصين اللّذين اتفقا على السابق منهما أي المتأخّر في الوطء.
بشبهة وأولدها حرّا ، فعليه العقر (١) وقيمة الولد ، وإن وطئها قبله ، فعليه نصف مهرها ونصف قيمة الولد ، ولا تصير أمّ ولد.
وإن كان الأوّل موسرا ، فالحكم فيه ما مضى.
وأمّا الثاني [المعسر] فالوجه أنّ ولده حرّ أيضا ، وعليه قيمته ، تؤخذ منه مع يساره.
ولو كانا معسرين ، فهي أمّ ولد لهما معا ، نصفها أمّ ولد للأوّل ، ونصفها للثاني ، فإن كانت الكتابة باقية ، فلها على كلّ واحد منهما مهر كامل ، وولد كلّ واحد منهما حرّ ، وعلى أبيه نصف قيمته لشريكه.
ولو كان الأوّل معسرا [والثاني موسرا] ، فحكمه كما لو كانا معسرين.
الثاني (٢) : أن يختلفا فيدّعي كلّ السبق له ، فلها المهر على كلّ واحد منهما ، وكلّ واحد يقرّ بنصف قيمة الجارية لصاحبه ، ويدّعي قيمة ولده عليه ، فإن استوى ما يدّعيه وما يقرّ به ، تقاصّا وتساقطا ، وإن زاد ما يقرّ به ، فلا شيء عليه ، لتكذيب خصمه إيّاه في إقراره ، وإن زاد ما يدّعيه ، فله اليمين على صاحبه في الزيادة ، وتحتمل القرعة ، فتكون أمّ ولد لمن تخرجه القرعة.
__________________
(١) في مجمع البحرين : العقر بالضمّ : دية فرج المرأة إذا غصبت على نفسها ثمّ كثر ذلك حتّى استعمل في المهر.
(٢) هذا هو الشقّ الثاني لقوله «فقسمان».
الفصل الرابع : في جناية المكاتب والجناية عليه
وفيه ثمانية عشر بحثا :
٥٧٥٠. الأوّل : إذا جنى المكاتب على سيّده عمدا في طرف ، اقتصّ السيّد أو عفا على مال يثبت في رقبة العبد مع التراضي ، والكتابة بحالها على التقديرين.
وإن كانت خطأ ثبت المال ، وإن كانت في نفس عمدا اقتصّ الوارث أو عفا على مال ، وإن كانت خطأ فالمال ، إذا تقرّر هذا فله أن يفدي نفسه في الخطأ بالأرش مهما كان ، وكذا في العمد ، لأنّه من مصلحته.
ويثبت المال في ذمّته ، لأنّ السيّد معه كالأجنبيّ ، يصحّ له معاملته ، فإن وفى ما بيده بالأرش ومال الكتابة ، أدّاهما ، وإن قصر كان للمولى مطالبته بالأرش وتعجيزه ، فإن عجّزه وفسخ الكتابة ، سقط عنه المالان.
٥٧٥١. الثاني : لو كانت الجناية على أجنبيّ فله القصاص والعفو على مال إن كانت عمدا ، وإلّا وجب المال ، وتعلّق برقبته ، فإن فدا نفسه ، لم يكن للمولى منعه.
قال الشيخ : والفداء هنا بأقلّ الأمرين من قيمته والأرش ، ولو كان الأرش أكثر ، افتقر إلى إذن المولى ، لأنّه ابتياع لنفسه بأكثر من القيمة ، وهو لا يملك التبرّع. (١)
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ١٣٧.
والوجه عندي جواز دفع الأكثر ، وإذا دفع الأرش أو الأقلّ برئت ذمّته ، وبقي مال الكتابة ، فإن عجز استرقّه السيّد إن شاء.
وإن عجز عن عوض الجناية ، كان للأجنبيّ بيعه فيها إلّا أن يختار السيّد افتكاكه وبقاء الكتابة ، فله ذلك.
ولو جنى على النفس بما يوجب القصاص ، فاقتص منه ، كان كما لو مات.
٥٧٥٢. الثالث : لو جنى عبد المكاتب اقتصّ منه في العمد ، وبيع في الخطاء ، وللمكاتب افتكاكه بالأرش إن ساوى القيمة أو قصر ، ولو زاد لم يكن له ذلك إلّا بإذن المولى.
٥٧٥٣. الرابع : لو كان عليه حقّ غير مال الكتابة ، كأرش الجناية ، أو ثمن المبيع ، أو عوض القرض ، فإن كان الجميع حالّا وفي يده مال ولم يحجر عليه ، تخيّر في تعجيل قضاء ما شاء ، وإن كان البعض مؤجّلا ، وأراد تعجيله ، صحّ بإذن السيّد لا بدونه ، لأنّ الثمن يزيد بالتعجيل ، فإن دفع مال الكتابة أوّلا ، عتق ، وكان الباقي في ذمّته.
ولو حجر الحاكم عليه ، لقصور ماله وسؤال الغرماء ، فالنظر في ماله إلى الحاكم ، فيبدأ بدفع عوض القرض وثمن المبيع ، فإن وسع لهما ، وإلّا بسط عليهما ، وإن فضل شيء ، دفع في الأرش ، وللسيّد تعجيزه حينئذ.
وإن قصر عن الأرش ، كان للسيّد فسخ الكتابة وبيعه في الجناية ، فإن فضل شيء فللسيّد.
ولو امتنع السيّد من الفسخ ، كان للحاكم بيعه في الجناية إلّا أن يفديه السيّد.
ولو مات المكاتب انفسخت الكتابة ، ويسقط حقّ السيّد من المال وحقّ المجنيّ عليه من الأرش ، ويبقى ما في يده للقرض وثمن المبيع ، فإن فضل شيء كان للسيّد بالملك لا الكتابة.
ولو لم يكن في يده مال ، فإن اختار أرباب الحقوق الصبر جاز ، ولا يلزمهم الوفاء به ، سواء ثبت بعقد المعاوضة أو بغيرها ، كالقرض وسائر الديون ، بل لهم الرجوع في ذلك متى شاءوا ، وإن اختاروا المطالبة لم يكن لصاحب القرض وثمن المبيع حقّ في رقبته ، فليس له تعجيزه ، وللسيّد والمجنيّ عليه التعجيز ، فإن عجّزاه بطلت الكتابة ، وقدّم حقّ المجنيّ عليه ، وإن امتنع السيّد من تعجيزه ، رفع المجنيّ عليه أمره إلى الحاكم ليفسخ الكتابة ويبيعه إلّا أن يفديه السيّد.
٥٧٥٤. الخامس : لو جنى [المكاتب] على جماعة عمدا اقتصّ لهم ، وخطأ يثبت لهم الأرش ، فإن قام ما في يده بالأرش افتكّ (١) رقبته به ، فإن فضل شيء صرفه في الكتابة ، وإلّا عجّزه السيّد واسترقّه ، وإن لم يكن بيده مال ، بيع في الجنايات ، وقسّط ثمنه على الجميع ، سواء تعاقبت الجناية عليهم أو اتّفقت زمانا ، وسواء كان بعضها قبل التعجيز والباقي بعده أو الجميع قبله.
ولو أبرأه بعضهم وفّر (٢) ثمنه على الباقين (٣) ولو اختار السيّد الفداء بالأرش ، أجيب إليه ، وقيل : بأقلّ الأمرين من قيمته والأرش ، هذا إذا لم يستوعب
__________________
(١) في «ب» : افتيك.
(٢) في «أ» : قسط.
(٣) في المبسوط : ٦ / ١٤٠ : وإن أبرأه بعضهم عمّا وجب من الأرش ، رجع حقّه إلى الباقين ، ويقسط عليهم ، ويتوفّر ذلك في حقوقهم ، لأنّ المزاحمة قد سقطت.
كلّ واحدة من الجنايات ، ولو كانت الجناية توجب القصاص في النفس ، فإن جنى دفعة واحدة ، فالحكم كما تقدّم ، وإلّا كان للأخير.
٥٧٥٥. السادس : لو قطع يد سيّده عمدا اقتصّ في الحال ، ولو عفا على مال ، أو كانت الجناية خطأ ، قيل : له المطالبة في الحال ، فإن وسع ما بيده للأرش ومال الكتابة الحال أدّاهما وعتق ، وإن قصر عجّزه السيّد إن شاء ، فيسقط الأرش ومال الكتابة ، وقيل : بعد الاندمال ، فإن اندمل قبل أداء الكتابة ، فالحكم ما تقدّم ، وإن اندمل بعده ، انعتق ولزم نصف الدية.
٥٧٥٦. السابع : لو أعتقه السيّد قبل الاندمال ، ولا مال في يده ، سقط الأرش ، لانتفاء المال ، والرّقبة قد أتلفها بعتقه ، ولو كان في يده مال ، احتمل أخذ الأرش منه ، لأنّ له الاستيفاء قبل العتق ، فكذا بعده ، لأنّ العتق ليس إبراء عن المال.
وعدمه (١) لأنّ الأصل في محل الأرش الرقبة ، والمال تابع ، وقد تلف بالعتق.
٥٧٥٧. الثامن : تجوز كتابة العبيد في عقد واحد ، فيكون كلّ واحد مكاتبا على ما يخصّه من العوض ، ولا يتحمّل أحدهم عن غيره ، فإذا جنى بعضهم ، لزمه حكم جنايته ، ولا يلزم غيره شيء منها.
٥٧٥٨. التاسع : يجوز أن يملك المكاتب أباه وابنه ، بأن يوهب أحدهما فيقبل ، أو يطأ جاريته ، إلّا أنّه لا يتصرّف فيهما.
فإن جنى أحدهما ، لم يكن له أن يفديه بغير إذن مولاه ، ثمّ إن كان للجاني كسب دفع منه ، وإلّا بيع في الجناية ان استوعبت قيمته أو بقدرها إن لم
__________________
(١) عطف على قوله : «أخذ الأرش منه» أي احتمل عدم أخذ الأرش منه.
تستوعب ، فإن لم يحصل راغب بيع الجميع ، ودفع الفاضل عن الأرش إلى المكاتب ، وكذا المكاتبة إذا أتت بولد وقلنا إنّه يكون موقوفا معها لا قنّا لمولاها.
٥٧٥٩. العاشر : لو كان للمكاتب عبيد فجنى بعضهم على بعض جناية خطأ أو شبه عمد ، سقط حكمها ، وإن كانت عمدا فله القصاص ، دفعا للإقدام ، وله العفو ، فإن عفا على مال لم يثبت ، إذ لا يتحقّق للمولى على عبده مال.
ولو كان العبد القاتل أباه ، لم يكن له القصاص ، إذ لا يقتل [الأب] به ، فلا يقتل بعبده. ولو كان [القاتل] ابنه ، كان له قتله.
ولو كان المقتول من العبدين ابن القاتل لم يقتصّ ، ولو كان أباه اقتصّ.
٥٧٦٠. الحادي عشر : إذا جنى المكاتب خطأ أو عمدا وعفي عنه على مال ، تعلّق برقبته ، كالقنّ ، فإن بادر مولاه بعتقه نفذ ، ولزمه أرش الجناية ، لمنعه بالعتق من البيع ، وإن بادر العبد بأداء مال الكتابة ، عتق وضمن الأرش.
٥٧٦١. الثاني عشر : إذا جنى المكاتب جنايتين وأكثر ثمّ أدّى مال الكتابة وعتق ، فعلى القول بضمان أرش الجناية مع العتق يضمن هنا أرش سائر الجنايات ، لإتلافه الرقبة بالعتق ، وعلى القول بضمان الأقلّ من قيمته وأرش الجناية قال الشيخ : فيه هنا قولان : أحدهما أنّه يضمن أقلّ الأمرين من قيمته وجناية كلّ واحد ، لأنّ كلّ جناية اقتضت ذلك ، وقد منع منه بأدائه وعتقه ، فضمنه. والثاني أنّه يضمن أقلّ الأمرين من قيمته وأرش (١) سائر الجنايات (٢).
والظاهر أنّ القولين للجمهور ، ثمّ اختار الشيخ الثاني لتعلّق الجنايات
__________________
(١) في «ب» : أو أرش.
(٢) المبسوط : ٦ / ١٤٣.
أجمع برقبته ، فإذا أتلفها بالعتق لم يضمن إلّا الرقبة وكذا إن أعتقه سيّده.
ولو عجّزه السيّد وردّه في الرقّ ، صار قنّا ، فللسيّد تسليمه ليباع في الجنايات ، وفداؤه ، فقيل : بالأقلّ من قيمته أو أرش الجنايات ، واختاره الشيخ (١) وقيل بأرش الجنايات بالغة ما بلغت.
ولو بقي على الكتابة من غير تعجيز ، واختار أن يفدي نفسه ، فداها بأقلّ الأمرين من أرش كلّ جناية (بالغة ما بلغت) (٢) أو القيمة وقيل : بالأقلّ من أرش جميع الجنايات أو القيمة ، واختاره الشيخ (٣).
٥٧٦٢. الثالث عشر : لو جنى عبد المكاتب عليه خطأ أو عمدا وعفي على مال سقط حكم الجناية ، لأنّ المولى لا يثبت له على عبده مال ، ولو كان العبد الجاني على المكاتب أباه أو ابنه قال الشيخ : الأصحّ أنّه لا يملك بيعه ، لأنّه لا يثبت للمولى على عبده مال ، والأب هنا عبد (٤).
ولو ملك المكاتب أباه ثمّ جنى عليه عمدا ، كان للأب القصاص ، لأنّ حكم الأب معه حكم الأحرار ، وليس له بيعه والتصرّف فيه ، والابن ثبت له حكم الحرّية بعقد الكتابة ، فهما متساويان ، وليس للمملوك الاقتصاص من مالكه في غير هذا الموضع.
٥٧٦٣. الرابع عشر : لو فعل عبد المكاتب ما يوجب تعزيرا ، كان
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ١٤٣.
(٢) ما بين القوسين يوجد في «أ».
(٣) المبسوط : ٦ / ١٤٣.
(٤) المبسوط : ٦ / ١٤٤.
للمكاتب تعزيره ، وكذا لو فعل ما يوجب حدّا حدّه على ما رواه علماؤنا. (١)
٥٧٦٤. الخامس عشر : إذا قتل المكاتب انفسخت الكتابة إن كانت مشروطة أو مطلقة مع عدم الأداء ، وكان (٢) للسيّد قيمته على القاتل وتركته ، ولو كان القاتل السيّد ، كان ما تركه (٣) له.
ولو جني عليه بما دون النفس ، فالأرش له ، فإن كان الجاني السيّد ، واتّفق على مال الكتابة جنسا ، تقاصّا بما حلّ ، وأخذ المكاتب الباقي ، وإلّا أخذ الجميع.
ولو أخذ الأرش قبل الاندمال ثمّ سرت إلى النفس قبل العتق بالأداء ، انفسخت الكتابة وللسيّد مطالبة الجاني بباقي القيمة ، وإن سرت بعد العتق به ، فعلى الجاني تمام الدية لورثة المكاتب.
ولو كان السيّد هو الجاني أخذ منه باقي الدّية لورثته ، فإن لم يكن له وارث فللإمام.
٥٧٦٥. السادس عشر : إذا جني على المكاتب المشروط عبد أو مكاتب مثله لم يملك السيّد منعه عن القصاص ، سواء كان العبد للمولى أو لأجنبيّ ، وقوّى الشيخ منع المكاتب عن القصاص في حقّ عبد مولاه إلّا بإذنه (٤) وله أن
__________________
(١) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ١٤٤ إذا كان للمكاتب عبيد ففعل بعضهم شيئا يستحق به التعزير فله أن يعزّره ، لأنّه مملوك له ، فإن فعل شيئا يجب فيه الحدّ روى أصحابنا أنّ له إقامة الحدّ عليه ، وقال المخالف : ليس ، لأنّ طريقه الولاية ، وليس هو من أهل الولايات.
(٢) في «أ» : وإن كان.
(٣) في «أ» : كان ما يتركه.
(٤) المبسوط : ٦ / ١٤٧.
يعفو عن المال وعلى غير مال ومطلقا فيسقط المال ، ولا اعتراض للمولى.
أمّا لو كانت الجناية خطأ وعفا عن المال ، كان للمولى منعه ، وكذا البحث فيما لو عفا على بعض الأرش أو صالح بعضه.
٥٧٦٦. السابع عشر : إذا قتل المكاتب ، فهو كما لو مات ، فإن كان القاتل المولى لم يثبت عليه شيء ، وإن كان أجنبيّا تثبت القيمة لا غير إن كان حرّا ، وإلّا كان للمولى القصاص.
وإن جني على طرفه ، فان كان المولى فلا قصاص ، وكذا إن كان أجنبيّا حرّا ، والأرش للمكاتب ، وإن كان مملوكا فله القصاص.
٥٧٦٧. الثامن عشر : المطلق إذا أدّى من مكاتبته شيئا تحرّر منه بحسابه ، فإن جنى بعد تحرّر بعضه على حرّ أو مكاتب مساو له ، أو كانت حرّية الجاني أقلّ اقتصّ منه ، وإن جنى على مملوك أو على مكاتب أقلّ حرّية منه ، لم يقتصّ منه ، بل يلزم من أرش الجناية بقدر ما فيه من الحرّية ، وتعلّق برقبته بقدر رقّيّته.
ولو كانت الجناية خطأ تعلّق بالعاقلة بقدر الحرّية وبرقبته بقدر الرقّيّة ، وللمولى أن يفدي قدر الرقّية بنصيبها من أرش الجناية ، سواء كانت الجناية على عبد أو حرّ.
ولو جنى على هذا المكاتب حرّ أو من حرّيته أزيد ، فلا قصاص عليه ، بل الأرش ، وإن كان رقّا اقتصّ منه.
الفصل الخامس : في الوصيّة له وبه
وفيه ثمانية مباحث :
٥٧٦٨. الأوّل : لا تجوز الوصيّة برقبة المكاتب (١) وان كان مشروطا ، فإن عجز ورقّ قبل موت الموصي لم تصحّ الوصيّة ، لوقوعها فاسدة.
ولو أوصى له برقبته (٢) مع العجز وفسخ الكتابة صحّ ، وكذا تصحّ الوصيّة بمال الكتابة.
ولو قال : إن عجز ورقّ فهو لك بعد موتي ، صحّت الوصيّة إذا عجز في حياة الموصي ، وإن عجز بعد موته لم يستحقّه.
ولو قال : إن عجز بعد موتي فهو لك ، كان تعليقا للوصيّة على صفة توجد بعد الموت.
ولو أوصى له بما يعجّله المكاتب صحّ ، فإن عجّل شيئا فهو للموصى له ، وإن لم يعجّل حتّى حلّت نجومه ، بطلت وصيّته.
٥٧٦٩. الثاني : إذا أوصى برقبته مع العجز والاسترقاق وبمال الكتابة لواحد صحّ ، وكذا لاثنين ، فإن أدّى إلى صاحب المال أو أبراه منه عتق وبطلت وصية الرّقبة ، وإن عجز ، فالوجه انّه ليس للموصى له بالرقبة استرقاقه ، نعم إن
__________________
(١) في «ب» : برقّيّة المكاتب.
(٢) في «أ» : برقبة.
عجّزه الوارث واسترقّه ، انتقل إلى الموصى له بالرقبة ، وبطلت الوصيّة بالمال.
ولو كان الموصى له بالمال قد قبض منه شيئا كان له.
ولو أوصى له بالرقبة إن عجز فعجز ، فالوجه أنّ للموصى له استرقاقه.
وإن اختلف هو والموصى له بالمال في فسخ الكتابة عند العجز ، قدّم قول صاحب الرقبة ، وكذا إن اختلف صاحب الرقبة والوارث.
٥٧٧٠. الثالث : إذا أوصى بمال الكتابة ، صحّت الوصيّة من الثلث ، فإذا أدّاه عتق ، وإن عجز كان للوارث الفسخ ، فتبطل الوصيّة معه ، فلو طلب الموصى له الصبر قدّم قول الوارث.
٥٧٧١. الرابع : إذا كانت الكتابة فاسدة ، فأوصى بما في ذمّته ، بطلت الوصية.
ولو أوصى له برقبته أو بما يقبضه منه ، صحّت.
٥٧٧٢. الخامس : تصحّ الوصيّة للمكاتب مطلقا من مولاه ، فإذا قال : ضعوا عنه أكثر ما عليه ، وضع النصف وزيادة ، والتعيين في قدر الزيادة إلى مشيئة الوارث.
ولو قال : ضعوا أكثر ما عليه ونصفه ، وضع أكثر من ثلاثة أرباعه ، والزيادة إلى مشيئة الوارث.
ولو قال : ضعوا أكثر ما عليه ومثله ، وضع الكلّ ، وبطلت الزيادة ، لانتفاء محلّها.
٥٧٧٣. السادس : إذا قال : ضعوا عنه ما شاء من كتابته ، فشاء الجميع لم يصحّ ، وإن شاء الأكثر صحّ.
ولو قال : ضعوا عنه ما شاء ولم يقيّد بقوله «من كتابته» أو «من مال الكتابة» قوّى الشيخ أنّه كالأوّل عملا بالعرف (١) ويحتمل أنّه إن شاء هنا الجميع وضع عنه ، لتناول اللّفظ له ، بخلاف الأوّل ، لأنّ «من» للتبعيض هناك.
ولو قال : ضعوا عنه بعض كتابته أو بعض ما عليه ، وضع ما شاء الوارث وإن قلّ من أوّل نجومه أو من آخرها ، وكذا لو قال : ضعوا عنه ما شئتم ، أو ما يخفّ ، أو ما يثقل ، أو ما يكثر ، أو ما يعظم ، إلى غير ذلك.
٥٧٧٤. السابع : لو قال : ضعوا عنه نجما من نجومه ، يتخيّر الوارث في وضع أيّ نجم شاء ، سواء كانت نجومه متّفقة أو مختلفة.
ولو قال : ضعوا عنه أيّ نجم شاء ، كان ذلك إلى مشيئته ، فيلزمهم وضع ما يختاره.
ولو قال : ضعوا عنه أكبر (٢) نجومه ، وضعوا عنه أكثرها مالا.
وإن قال : ضعوا عنه أكثر نجومه ، لزمهم وضع أكثر من نصفها ، ويحتمل أن ينصرف ذلك إلى واحد منها أكثر مالا. كما قلنا في «أكبر نجومه».
ولو تساوت النّجوم تعيّن الأوّل.
ولو قال : ضعوا عنه أوسط نجومه ، ولم يكن فيها إلّا وسط واحد ، تعيّن ، بأن تكون متساوية القدر والأجل ، وعددها مفرد ، كالثلاثة ، فالأوسط الثاني ، والخمسة ، الأوسط الثالث ، وأوسط السّبعة الرابع ، وهكذا.
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ١٦١.
(٢) في «ب» : «أكثر» والظاهر أنّه مصحّف.
وإن كان عددها مزدوجا وهي مختلفة المقدار ، فبعضها مائة ، وبعضها مائتان ، وبعضها ثلاثمائة ، فالأوسط المائتان ، فتعيّن ، وإن كانت متساوية المقدار مختلفة الأجل ، بأن يكون اثنان منها إلى شهر ، وواحد إلى شهرين ، وواحد إلى ثلاثة ، تعيّنت الوصيّة فيما هو إلى شهرين ، وإن اتّفقت هذه المعاني في واحدة ، تعيّنت الوصيّة فيه.
وإن كان لها أوسط في القدر ، وأوسط في الأجل ، وأوسط في العدد ، يخالف بعضها بعضا ، اختار الوارث وضع ما شاء والقول قوله مع يمينه في عدم علمه بما أراد الموصي ، ثمّ يعيّن ما شاء ، وقوّى الشيخ هنا القرعة (١) وكذا يعيّن الوارث لو كان فيها أوسطان.
والواحد أوسط كلّ عدد وتر ، والاثنان أوسط كلّ شفع ، كالستّة أوسطه اثنان. وهما الثالث والرابع ، وأوسط الثمانية الرابع والخامس ، لأنّ الأوسط أن يكون ما بعده مثل السابق ، وكذا لو أوصى للغير بأوسط نجومه.
٥٧٧٥. الثامن : إذا أعتق مكاتبه في مرض الوفاة ، أو أبرأه من مال الكتابة ، خرج من الثلث على الأقوى ، فإن كان الثلث بقدر الأوّل من قيمته ومال الكتابة ، عتق ، وإن قصر الثلث عنه عتق ما يحتمله الثلث ، بطلت في الزائد ، واستسعى في باقي الكتابة ، فإن عجز استرقّ الورثة بقدر الباقي.
ولو برئ المريض بعد العتق أو الإبراء ، لزم العتق والإبراء.
ولو أوصى بعتق المكاتب ، فمات ولا مال سواه ، ولم يحلّ مال الكتابة ،
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ١٦٢.
عتق ثلثه معجّلا ، ولا ينتظر حلول الكتابة ، لأنّه إن أدّى حصل للورثة المال ، وإن عجز استرقّوا ثلثيه ، ويبقى ثلثاه مكاتبا يتحرّر عند أداء ما عليه.
والمريض إذا كاتب عبده وبرئ لزمت ، وإن مات في مرضه اعتبر من الثلث ، لأنّه بمنزلة الهبة ، إذ هو معاملة بماله على ماله ، فإن خرجت قيمته من الثلث ، نفذت الكتابة فيه أجمع ، ويعتق عند أداء المال ، وإن لم يكن سواه ، صحّت في ثلثه ، فإن أدّى حصّته من مال الكتابة ، عتق وبطلت الكتابة في الزائد ، ولا يحتسب من الثلث مال الكتابة (١).
الفصل السادس : في أحكام المكاتب المطلق
قد بيّنا أنّ الكتابة مطلقة ومشروطة ، فالمطلقة أن يكاتبه على نجوم مخصوصة ، ولا يذكر فيه الردّ في الرقّ عند العجز ، فإن أدّى شيئا من كتابته ، عتق بحسابه ، ولا سبيل إلى ردّه في الرقّ ، فإن عجز فيما بعد كان على الإمام أن يؤدّي ما بقى عليه من سهم الرقاب ، وإن لم يكن أو كان ما هو أهمّ كان لسيّده منه بقدر ما بقي ، وله من نفسه بقدر ما تحرّر منه ، فإن هاياه مولاه صحّ ، وكان له كسب يومه (٢) ، وكسب يوم سيّده لسيّده.
فإن مات هذا المكاتب ، وترك مالا وأولادا ، ورث منه مولاه بقدر ما بقي من العبوديّة ، وكان الباقي لولده الأحرار.
__________________
(١) في «أ» : من مال الكتابة.
(٢) في «أ» : وكان له كسبه يومه.