تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ولو كان المكاتب رزق الولد بعد الكتابة من أمة له ، كان حكم ولده حكمه يسترقّ منه مولى الأب بقدر ما بقي على أبيه ، فإن أدّى الابن ما كان بقي على الأب صار حرّا ، لا سبيل لمولاه عليه ، وإن لم يكن له مال استسعاه مولى الأب فيما بقي ، فإن أدّاه صار حرّا.

وهذا المطلق يرث ويورث بحساب ما يعتق منه ، ويمنع الميراث بقدر ما بقي من الرقّ ، وكذا إن أوصي له صحّ له منها بقدر ما عتق منه.

وإن فعل ما يوجب حدّا أقيم عليه بقدر ما تحرّر حدّ الحرّية ، والباقي حدّ الرقيّة ، ولا يقتصّ منه للعبد.

وعليه من الأرش بقدر ما تحرّر ، ويتعلّق برقبته نصيب الرقيّة ، فيفديه مولاه إن شاء ، ولا يقتصّ له من الحرّ.

وله من الأرش بمقدار ما تحرّر منه بالنسبة إلى دية الحرّ ، وبمقدار ما بقي من الرقّ بالنسبة إلى قيمة العبد.

وكلّما يتعلق بذمّته يطالب بكسبه.

وما يجب عن خطائه فعلى الإمام ، لأنّه عاقلته إلّا أن يكون مولاه شرط ولاءه له.

وتنفذ وصيّة هذا المطلق بمقدار ما تحرّر منه في ثلثه ، والباقي للورثة ، ومردودة في نصيب الرّقية ، ويؤخذ من كسبه بمقدار ما تحرّر منه ما استدانه ، ونصيب الرقيّة يؤخذ من مولاه إن استدانه بإذنه ، وإن استدانه بغير إذن مولاه ، تعلّق جميعه بكسبه ، يقضى منه دين الغرماء ، والباقي بينه وبين السيّد.

٢٦١

وإن وطئ السيّد المطلقة حدّ بمقدار ما تحرّر منها ، ودرئ عنه (١) بمقدار الرّقّ ، ويجب عليها مثل ذلك إذا لم يستكرهها.

وليس لها أن تتزوّج إلّا بإذن سيّدها ، فإن فعلت بطل النكاح ، فإن أذن وقد أدّت بعض مكاتبتها ، ورزقت أولادا ، كان حكم ولدها حكمها ، ويسترقّ منهم بحساب ما بقي من ثمنها ، ويعتق بحساب ما انعتق ، إذا كان تزويجها بمملوك أو بحرّ شرط عليه رقّية الولد ، وإن كان بحرّ من غير شرط ، فالولد أحرار.

والحكم في المهر على ما تقدّم.

وليس للمطلق أن يتصرّف في نفسه بالتزويج ، ولا بهبة المال ، ولا بالعتق ، بل يتصرّف بالبيع والشراء خاصّة.

الفصل السّابع : في اللّواحق

وفيه واحد وأربعون بحثا :

٥٧٧٦. الأوّل : الكتابة الفاسدة لا يتعلّق بها حكم عندنا ، بل تقع لاغية ، ولا ينعتق المكاتب بأداء المال ولا بالإبراء ، ولا يملك العبد الكسب (٢) بل هو لمولاه.

٥٧٧٧. الثاني : إذا جنّ المولى بعد انعقاد الكتابة لم تبطل ، كما لو مات ، ويتولّى قبض المال وليّه ، فإن دفع العبد إليه حال جنونه ، لم يعتدّ بذلك الدفع.

ولو جنّ العبد بعد العقد لم تبطل أيضا ، لكن لو أدّى المال حال جنونه إلى مولاه عتق.

__________________

(١) في «ب» : وأدرئ عنه.

(٢) في «أ» : ولا يملك العبد المكتسب.

٢٦٢

٥٧٧٨. الثالث : لو ادّعى العبد الكتابة فصدّقه الوارثان ، ثبتت الكتابة ، وإن كذّباه افتقر إلى شاهدين ذكرين ، ولا يكفيه شاهد ويمين ، لأنّ القصد الحرّيّة ، فإن عدم البيّنة حلفا على نفي العلم ، فإن حلفا ثبتت رقّيّته ، وإن نكلا حلف العبد ، وثبتت كتابته ، وإن نكل كان رقيقا.

وإن حلف أحدهما ونكل الآخر ، حلف العبد في حصّة الناكل ، وتثبت الكتابة في نصفه والرقيّة في الآخر.

وإن صدّقه أحدهما وكذّبه الآخر ، تثبت الكتابة في نصيب المصدّق ، وكان الحكم مع المكذّب على ما تقدّم.

ولو كان المصدّق عدلا ، وشهد معه آخر ، ثبتت الكتابة فيه أجمع.

وإن لم يكن معه شاهد آخر ، فالحكم ما تقدّم.

ثمّ كسبه قبل عقد الكتابة لسيّده ، ينتقل إلى الوارثين ، وما تجدّد بعد العتق ، يكون نصفه له والآخر للمكذّب ، وما بعد ذلك يفرد في كلّ يوم من كسبه بنفقته والباقي بينهما.

فإن اتّفقا على المهاياة فعلا ، وإلّا لم يجبر الممتنع عليها.

فإن قصر نصيبه عن مال الكتابة ، كان للمصدّق فسخ الكتابة ، ويكون ما في يده له خاصّة ، لأنّ المكذّب أخذ حقّه من الكسب.

ولو ادّعى المكذّب بعد أخذ نصيبه من الكسب ، أنّ ما في يد العبد ، كان قبل الكتابة ، أو قبل موت الأب ، فالقول قول المصدّق ، فإن أدّى وعتق لم يسر إلى نصيب الشريك ، ولا يقوّم عليه.

٢٦٣

ولو كان السيّد شرط الولاء استحقّ المصدّق جميعه ، لسقوط حقّ المنكر بتكذيبه ، فإذا مات ، أخذ المصدّق نصيب الحرّية بكماله.

٥٧٧٩. الرابع : لو صدّقه الوارثان في ادّعاء الكتابة ، أو قامت البيّنة ، عتق بالأداء ، وكان الولاء للأب إن شرطه ، وليس له أن يؤدّي إلى أحدهما.

ولو أبرءاه من مال الكتابة ، عتق وكان الولاء للأب مع الشرط.

ولو أعتقاه ، قال الشيخ : كان الولاء للأب أيضا مع الشرط (١) وعندي فيه نظر.

ولو أبرأه أحدهما برئ من نصفه وعتق نصيبه ، ولا يتوقّف عتقه على أداء حصّة شريكه ، والأقرب أنّه لا يقوّم عليه حصّة شريكه.

أمّا لو أعتق أحدهما حصّته ، فالأقرب التقويم عليه في الحال لا بعد التعجيز ، وحينئذ يكون ولاؤه له أجمع ، وفي صورة الإبراء لو عجز ورقّ الباقي ومات كان للمبرئ ولاء نصيب الحرّية مع شرط الأب ، ويحتمل اشتراكهما في الولاء ، وأما نصيب الرقيّة فللشريك.

٥٧٨٠. الخامس : المكاتب المشروط لا ينعتق منه شي‌ء حتّى يؤدّي جميع المال ، وفطرته على مولاه.

وأما المطلق فإنّ كلّ جزء من المال يؤدّيه يعتق بإزائه منه ، والفطرة بالحصص ، والكسب كذلك ، ولو طلب أحدهما المهاياة ، قيل يجبر الممتنع عليها ، وعندي فيه توقّف.

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ٨٨.

٢٦٤

٥٧٨١. السادس : إذا مات المشروط بطلت الكتابة ، سواء كان ما بقي عليه قليلا أو كثيرا ، وكان ما تركه من مال وولد رقيقا لمولاه.

والمطلق إذا أدّى من مكاتبته شيئا ، وخلّف ولدا حرّا في الأصل ، كان له من تركته بإزاء ما عتق منه ، ولمولاه الباقي.

وهل يأخذ السيّد ما يخلّف من مال الكتابة أم لا؟ فيه إشكال.

وعلى تقدير الأخذ ، هل يأخذ من نصيب الوارث أو من أصل المال؟ فيه إشكال أيضا.

ولو كان الولد من جارية له رزق بعد عقد الكتابة ، كان مكاتبا كأبيه ، وينعتق منه مثل ما انعتق من الأب ، فيرث نصيب الحرّية ، وللمولى نصيب ما يخلف عليه ، ثمّ يأخذ المولى من الولد ما يخلف على أبيه ، وينعتق الولد أجمع بالأداء.

وهل ما يأخذ المولى من نصيب الولد خاصّة ، أو من أصل المال ، ويرث الولد الباقي أجمع؟ الظاهر في المذهب الأوّل ، وبالثاني روايات صحيحة. (١)

وأنا في ذلك من المتوقّفين.

ولو مات قبل أن يؤدّي شيئا ، فالّذي تعطيه عبارة علمائنا أنّ تركته للمولى وإن كان له ولد حرّ.

ولو كان له ولد رزق بعد الكتابة من جاريته ، فهل يكون للمولى أو يكون مكاتبا ينعتق بأداء ما على أبيه؟ إشكال مع قوّة الثاني.

__________________

(١) الوسائل : ١٦ / ٩٩ ـ ١٠٠ ، الباب ١٩ من كتاب المكاتبة.

٢٦٥

وفي صورة وجوب الأداء على الوارث ، لو لم يخلّف المكاتب مالا ، سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم ، ومع الأداء ينعتق الأولاد.

ولو امتنعوا من السعي أجبر الأولاد عليه على إشكال.

وهذا المطلق إذا أوصي له بوصيّة صحّ له منها بقدر ما فيه من حرّيّته ، وبطل نصيب الرقيّة.

ولو كان الموصي المالك صحّت الوصيّة له أجمع.

ولو وجب عليه حدّ أقيم عليه من حدّ الأحرار بنسبة ما انعتق منه وبنسبة الرقيّة من حدّ العبيد.

ولو زنى المولى بمكاتبته ، سقط عنه من الحدّ بقدر ماله فيها من الرقّ ، وحدّ بالباقي.

٥٧٨٢. السابع : لو جاء المكاتب بالنجم ، فقال المولى : إنّه حرام لا أقبضه ، افتقر إلى البيّنة ، ويسمع منه الدّعوى لإمكان قيام البيّنة به ، فيؤخذ منه ، فإن أقامها طولب المكاتب بعوضه ، وإن تعذّرت حلف المكاتب ، فإن امتنع حلف المولى ، وكان كالبيّنة ، وإن نكل ألزم السيّد بقبوله أو الإبراء.

فإن قبضه ، فكان دعواه التحريم المطلق ، لم يمنع من إمساكه ، وإن كان دعواه الغصب من فلان ألزم بدفعه إليه ، وبرئ العبد منه.

ولو أبرأه من مال الكتابة ، لم يلزمه قبضه ، ولو امتنع من الإبراء والقبض ، كان للحاكم القبض عنه ، ويعتق المكاتب.

٥٧٨٣. الثامن : ليس للمكاتب وطء جاريته بغير إذن مولاه ، فإن بادر فلا حدّ ،

٢٦٦

ويلحق به الولد ، ولا مهر عليه ، والولد كالأب حكمه حكمه ، لا يعتق عليه ، وليس له بيعه ، ويكون موقوفا على كتابته ، فإن عتق عتق الولد ، وتصير الأمة أمّ ولد في الحال ، فإن عجز رقّ هو والجارية والولد.

٥٧٨٤. التاسع : لو كان في يد المكاتب مال ، قوّى الشيخ عدم وجوب الزكاة فيه. (١) وهو قويّ عندي أيضا إن كان مشروطا ، (٢) وإن كان مطلقا ، وملك بنصيب الحرّية نصابا ، وجبت عليه الزكاة.

٥٧٨٥. العاشر : أوجب الشيخ الإيتاء ، (٣) وهو : إعانة المكاتب بحطّ شي‌ء من مال الكتابة وإيتائه شيئا يستعين به على الأداء ، للآية (٤) وأطلق (٥) وحمله بعض علمائنا على الندب (٦) وابن إدريس أوجب أن يعطى المطلق العاجز من مال الزكاة إن كان على المولى زكاة ، وإن لم يكن عليه زكاة كان على الإمام أن يفكّه من سهم الرّقاب. (٧) وهو عندي حسن.

ثمّ قال الشيخ : يجوز الإيتاء ما بين الكتابة والعتق ، ويتعيّن إذا بقي عليه القدر الّذي يؤتيه ، لا بعد العتق.

ولا يتقدّر بقدر بل يجزي ما يقع عليه الاسم.

ثمّ السيّد مخيّر بين أن يحطّ عنه بعض مال الكتابة ، وبين أن يؤتيه من

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ٩٢.

(٢) في «ب» : مشروطا عليه.

(٣) المبسوط : ٦ / ٩٣.

(٤) إشارة إلى قوله سبحانه : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ). النور : ٣٣.

(٥) لاحظ المبسوط : ٦ / ٩٣ ـ ٩٤.

(٦) القاضي ابن البراج في المهذب : ٢ / ٣٧٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٤٥.

(٧) السرائر : ٣ / ٢٩.

٢٦٧

جنس مال الكتابة أو من غير مال الكتابة الّذي يقبضه منه ، وفي هذين يلزم العبد القبول.

وإن آتاه من غير جنسه ، قال الشيخ : لا يجب على العبد القبول ، قال : ولو أدّى العبد مال الكتابة وعتق قبل الإيتاء ، يتعلّق الإيتاء بتركة المولى.

ولو كان عليه (١) دين ، وقصرت التركة ، بسطت [التركة] على الدّين ومال الإيتاء بالحصص ، ويقدّم على الوصايا كالدّين.

٥٧٨٦. الحادي عشر : لو اختلفا فقال المولى : كاتبتك على ألفين أو إلى سنة في نجمين وقال المكاتب : بل على ألف أو إلى سنتين أو إلى سنة في ثلاثة نجوم ، فالوجه عندي تقديم قول المكاتب في الأوّل وقول المولى في الآخرين.

٥٧٨٧. الثاني عشر : الولاء عندنا لا يثبت إلّا في العتق المتبرّع به إذا لم يتبرّأ المولى منه ، أمّا العتق الواجب أو الحاصل عن الكتابة ، فلا ولاء فيه ، إلّا أن يشترطه المولى ، فإن شرط مولى المكاتب الولاء في عقد الكتابة ، ثمّ تزوّج بمعتقة (٢) كان الولد حرّا تبعا لأمّه ، فإن تحرّر المكاتب انجرّ الولاء إليه. (٣)

فإن مات [المكاتب] فادّعى سيّده أداء مال الكتابة وعتقه ليثبت الولاء على ولده ، وأنكر مولى الأمّ ذلك ، ولا بيّنة ، قدّم قول مولى الأمّ عملا بالأصل من بقاء الولاء [والكتابة] وعدم الأداء.

__________________

(١) أي المولى.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ٩٥ : إذا تزوّج مكاتب معتقة لقوم فأولدها ولدا فهو تبع لأمّه وعليه الولاء لمولى أمّه ، لأنّ عليها الولاء ، فإن أدّى المكاتب وعتق جرّ الولاء الّذي على ولده لمولى أمّه إلى مولى نفسه ، وإن عجز ورقّ استقرّ الولاء لمولى أمّه.

(٣) أي انجرّ ولاء الولد إلى مولى أبيه.

٢٦٨

٥٧٨٨. الثالث عشر : لو ادّعى المكاتب دفع النجوم إلى المولى افتقر إلى البيّنة ، ويسمع شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، وإن كانت الكتابة لا تثبت إلّا بشاهدين ، فإن فقدت حلف المولى وطولب فإن دفع ، وإلّا عجّزه مولاه.

٥٧٨٩. الرابع عشر : إذا اجتمع على المشروط ديون غير مال الكتابة ، وحلّ مال الكتابة ، فان قصر عن الجميع ، قدّم الدّين ، ثمّ إن شاء المولى عجّزه واسترقّه.

والمطلق يقسّط ما في يده على مال الكتابة وديون الأجانب بالحصص.

ولو مات المشروط انفسخت الكتابة وبرئت ذمّته من مال الكتابة ، وأخذ الديّان تركته ، والفاضل للسيّد بحقّ الملك ، وإن قصر لم يجب على السيّد الإكمال.

٥٧٩٠. الخامس عشر : لو كان له موليان ، فكاتباه على ألف ، فادّعى التسليم إليهما ، كان القول قولهما مع اليمين إذا لم تكن بيّنة ، ولا يخرج عن الكتابة بحلفهما ، فإن عجز استرقّاه.

فإن صدّقه أحدهما عتق نصيبه ، ولم تسمع شهادته على المكذّب ، فيحلف المكذّب مع عدم البيّنة.

ثمّ إنّ شاء طالب المكاتب بخمسمائة ، وإن شاء طالب بنصفها ، وطالب المصدّق بالباقي ، لاعترافه بقبض خمسمائة من الكسب المشترك.

فإن رجع على العبد بخمسمائة ، فلا بحث ، وإن رجع على الشريك بنصفها ، لم يكن للشريك الرجوع به على المكاتب ، لاعترافه بأنّه ظلم ولا يرجع بالظلم إلّا على الظالم.

٢٦٩

فإن عجز المكاتب عمّا لزمه أداؤه ، استرقّ نصيبه ، وكان ما في يده بينهما نصفين ، وكذا ما يكسبه.

فإن قلنا يقوّم على الشّريك إذا عتق نصيبه بالكتابة ، احتمل (١) عدم التقويم هنا ، لأنّ التقويم حقّ للعبد (٢) لتكميل أحكامه ، وهو يزعم أنّه بأجمعه حرّ ، وأنّه لا يستحقّ التقويم على الآخر.

ولو ادّعى المكاتب دفع الألف إلى أحدهما ليقبض حقّه ويدفع الباقي إلى شريكه ، فاعترف بأنّه قبض خمسمائة ، وأنّ المكاتب دفع بنفسه إلى شريكه خمسمائة ، وأنكر الشريك ، فالقول قوله في عدم قبض ما زاد على خمسمائة مع اليمين وعدم البيّنة ، فإذا حلف سقطت دعواه ، وليس له إحلاف الآخر ، لأنّه لا يدّعي عليه شيئا ، ويكون للآخر أن يأخذ من المكاتب نصف حقّه ، ومن الشريك الباقي ، ولا يرجع الشريك على العبد بشي‌ء ، لاعترافه بالظلم.

فإن عجز المكاتب وفسخ المكذّب صار نصيب شريكه حرّا ، وقوّم عليه ، لأنّ المكاتب لا يدّعي حرّيّة هذا النصيب.

ولو اعترف أنّه قبض الألف منه ، وادّعى دفع نصيب المكذّب إليه ، فالقول قول المكذّب مع يمينه ثمّ إن شاء طالب المكاتب بجميع حقّه ، وإن شاء طالب المصدّق به أجمع ، لاعترافه بقبض ألف من كسب العبد.

فإن رجع على المكاتب عتق ، وللمكاتب الرجوع على المصدّق ، وإن صدّقه في الدفع إلى الشريك ، للتفريط حيث دفع دفعا غير مبرئ ، وإن رجع على المصدّق لم يرجع على المكاتب ، لاعترافه بالظلم.

__________________

(١) في «أ» : واحتمل.

(٢) في «أ» : حقّ العبد.

٢٧٠

وليس للمكاتب إلزام المكذّب بالقبض من المقرّ ، لأنّ له قبض حقّه ممّن عليه أصله.

وليس للمكذّب إلزام المكاتب بالقبض من المقرّ ، لأنّه يجرى مجرى الإجبار على الكسب.

ولو اختار المكذّب الرجوع على المكاتب فعجز عاد نصيبه رقيقا على المقرّ خمسمائة الّتي اعترف بقبضها ، لأنّه مال مكاتب قد عجز ورقّ.

ولو تمحّل المكاتب فأدّى خمسمائة مال المكاتب إلى المنكر ، عتق وكان للمكاتب مطالبة المقرّ بخمسمائة الّتي اعترف بقبضها.

٥٧٩١. السادس عشر : لو دفع إلى أحد مولييه حصّته من مال الكتابة بغير إذن شريكه ، لم يصحّ القبض ، وكان للشريك أن يأخذ منه بنسبة حصّته ، ولا يعتق بنسبة حصّته من المكاتب ، لعدم الاستيفاء.

ولو أدّى المكاتب إليهما الباقي عتق ، وإن عجز رقّ لهما.

ولو كان بإذن شريكه صحّ الأداء ، وعتق نصيب القابض ، فان قلنا بالتقويم ، قوّم هنا على القابض مكاتبا وعتق عليه ، وما في يده من الكسب يكون للّذي لم يقبض بقدر ما قبضه شريكه ، لأنّ كسبه قبل عتقه لهما ، فإن فضل في يده شي‌ء كان بين المكاتب وبينه ، لأنّ هذا الكسب كان في ملكهما ، فما يخصّ شريكه انتقل إلى العبد بعتق حصّته بالكتابة ، لأنّ الفاضل في يد المكاتب له ، هذا إن قلنا بالتقويم في الحال.

٢٧١

ويحتمل التقويم (١) عند العجز ، فإن فسخ مولاه قوّمناه رقيقا ، وإلّا مكاتبا ، ثمّ إن كان في يده مال كان للآذن نصفه والباقي للمكاتب.

فإن مات قبل التقويم ، انفسخ عقد الكتابة بموته ، فنصف ما ترك للآذن والآخر لوارثه الحرّ.

٥٧٩٢. السابع عشر : لو وطئ المكاتبة مولاها ، فعل حراما ، وصارت أمّ ولد بالإحبال ، فإن أدّت عتقت وملكت ما في يدها ، وإن عجزت كان له الفسخ ، وتصير أمّ ولد مطلقة ، له وطؤها ، ولمولاها ما في يدها.

ولو مات السيّد عتقت من نصيب ولدها.

ولو مات المولى قبل الأداء وقبل العجز ، عتقت من نصيب ولدها.

قال الشيخ : والّذي يقتضيه مذهبنا أنّ ما في يدها لها (٢).

ولو أعتق المولى المكاتب وله مال ، فالوجه أنّ المال للمكاتب.

٥٧٩٣. الثامن عشر : لو دفع المكاتب بعض العوض قبل حلوله على أن يبرئه المولى من الباقي ، قال الشيخ لم يجز لمضارعته ربا الجاهليّة الّذي هو الزيادة لزيادة الأجل (٣) والوجه عندي الجواز ، قال ، ولو دفع البعض قبل الأجل ، وطلب إبراءه من الباقي ففعل المولى صحّ القبض والإبراء (٤).

__________________

(١) في «أ» : «ويحتمل عدم التقويم» والصحيح ما في المتن.

(٢) المبسوط : ٦ / ١١١.

(٣) المبسوط : ٦ / ١٢١.

(٤) المبسوط : ٦ / ١٢١ ـ ١٢٢.

٢٧٢

٥٧٩٤. التاسع عشر : لو كان للمكاتب على سيّده مال ، وحلّ عليه مال الكتابة ، فإن اتّفقا جنسا تقاصّا ، سواء كانا من الأثمان أو الأعواض ، وإن اختلفا لم يقع التقاصّ إلّا بالتراضي.

وهل يفتقر إلى أن يقبض أحدهما ماله ، ويدفعه عوضا عن الحقّ الثابت في ذمّته؟ قال الشيخ : نعم (١). وعندي فيه نظر. قال : ولو كان المالان من الأعواض ، اشترط قبض كلّ واحد منهما ثمّ يردّ كلّ واحد منهما إلى صاحبه ما قبضه عوضا عمّا له عليه. (٢) وهو أشكل من الأوّل.

ولو باع المكاتب من مولاه دينه على الأجنبيّ بمال الكتابة ، لم يجز ، لأنّه بيع دين بدين ، ولو أحال به صحّ.

٥٧٩٥. العشرون : لو أعتق المكاتب بإذن مولاه (٣) ، صحّ ، وكان الولاء له ، فان استرقّه مولاه للعجز ، صار الولاء للمولى ، وكذا لو مات قبل الأداء.

فلو أعتقه مولاه بعد استرقاقه ، فالوجه عود الولاء إليه.

ولو مات العبد قبل أداء المكاتب وتعجيزه ولا مناسب له ، احتمل أن يكون موقوفا كالولاء ، إن عتق المكاتب أخذ المال ، وإن استرقّ أخذه المولى.

واحتمل انتقاله إلى المولى ، لأنّ الولاء يمكن انتقاله من شخص إلى غيره ، فجاز أن يكون موقوفا ، والميراث لا ينتقل فلا يقف.

٥٧٩٦. الحادي والعشرون : الأقوى عندي جواز بيع المولى مال الكتابة قبل

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ١٢٤.

(٢) المبسوط : ٦ / ١٢٥.

(٣) والمراد إذا كاتب المولى عبدا ، ثم اشترى ذلك المكاتب عبدا بإذن مولاه فأعتقه صحّ.

٢٧٣

قبضه ، وقوّى الشيخ خلافه (١) فعلى قوله ليس للمشتري مطالبة المكاتب بشي‌ء ، وليس للمكاتب الدفع إليه ، فإن دفع لم يعتق ، لأنّ المشتري قبضه لنفسه ، وقبضه لنفسه باطل ، فصار كالعدم.

وللمكاتب الرجوع على المشتري بما دفعه إليه ، وللمشتري الرجوع على السيّد بما دفعه ثمنا ، ومال الكتابة باق في ذمّة العبد ، ويحتمل العتق مع تصريح المولى بإذن الإقباض فتبرأ ذمّة المكاتب من المال ، وللسيّد مطالبة المشتري بما قبضه ، وللمشتري الرجوع عليه بما دفعه ثمنا.

ولو كان للسيّد على المكاتب مال غير مال الكتابة كثمن مبيع ، أو أرش جناية ، جاز بيعه من الأجنبيّ.

٥٧٩٧. الثاني والعشرون : لو مرض السيّد بعد الكتابة فأبرأه من مال الكتابة أو أعتقه ، فإن برئ لزم ، وإن مات في ذلك المرض ، فقد بيّنا أنّه يعتبر الأقلّ من قيمته ومال الكتابة ، فإن خرج من الثلث عتق ، وإن قصر الأقلّ ، بأن كان له سوى المكاتب مائة ، والقيمة مائة وخمسون ، ومال الكتابة مائة ، فإنّا نضمّ الأقلّ إلى ماله ، وينفذ بحسابه ، فيعتق ثلثاه ، ويبقى ثلثه بثلث مال الكتابة.

ولو كانت القيمة مائة ، ومال الكتابة مائة وخمسين ، عتق ثلثاه بحكم القيمة وبقي ثلثه بثلث مال الكتابة ، فإن أدّاه عتق.

ويحتمل أن يقال : يأتي هنا الدور لزيادة مال الميّت بالخمسين الّتي أدّاها ، لأنّه حسب على الورثة بمائة والزائد بمائة ، والزائد ثبت بعقد السيّد وورث عنه ، فيزيد ما يعتق منه.

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ١٢٦.

٢٧٤

والحاصل أنّ الورثة حصل لهم من كتابة العبد خمسون عن ثلث العبد المحسوب عليهم بثلث المائة فزاد لهم ثلث الخمسين الّتي أدّاها ، فيعتق من العبد قدر ثلثها ، وهو تسع الخمسين ، وذلك نصف تسعه ، فصار العتق ثابتا في ثلثه ونصف تسعه ، وحصل للورثة المائة وثمانية أتساع الخمسين (١) وهو مثلا ما عتق منه.

ولو لم يؤدّ العبد الخمسين رقّ ثلثه.

وكذا لو أوصى بعتقه وكان يخرج من ثلثه الأقلّ من قيمته أو مال كتابته الحكم فيه كما تقدّم إلّا أنّه هنا يحتاج إلى إيقاع العتق.

ولو لم يكن سواه وحلّ مال الكتابة ، فإن كان معه وفاء بالباقي ، أدّاه وعتق أجمع ، ولو عجز عتق ما يخرج من الثلث ، واسترقّ الباقي.

ولو لم يحلّ ، عتق ثلثه معجّلا ؛ قاله الشيخ (٢) لحصول ثلثيه أو ثلثي المال للورثة قطعا.

ويحتمل الانتظار إلى الحلول ، فإن أدّى عتق جميعه ، وإن عجز عتق بعضه ، ولا يعتق منه شي‌ء معجّلا ، لئلّا يتنجّز للوصيّة ما يعتق ويتأخّر حق الوارث (٣). وفي قول الشيخ قوّة.

__________________

(١) في «أ» : أتساع الخمسين رقّ.

(٢) المبسوط : ٦ / ١٤٩ ـ ١٥٠.

(٣) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ١٤٩ : وإن لم يكن قد حلّ عليه مال الكتابة فقال قوم : إنّ العتق ينجّز للمكاتب في ثلثه ، ويبقى الكتابة في ثلثيه إلى وقت حئول الحول ، وقال بعضهم : لا يعتق منه شي‌ء حتّى يؤدّي إلى الورثة مال الكتابة ثمّ يعتق ثلثه ، لأنّ الوصية لا تنجّز للموصى له إلّا بعد أن يحصل للورثة مثلاها.

٢٧٥

٥٧٩٨. الثالث والعشرون : لو كاتبه على دنانير فأبرأه دراهم أو بالعكس ، لم تصحّ البراءة ، ولو قال : أردت قيمة الدراهم من الدنانير ، صحّت البراءة في قيمتها.

ولو ادّعى العبد ذلك وأنكر السيّد ، فالقول قوله مع اليمين ، وكذا القول قول ورثة السيّد لو مات في ذلك ، ويحلفون على نفي العلم بأنّ مورّثهم أراده.

ولو قال السيّد : قبضت آخر كتابتك ، لم يكن إقرارا باستيفاء الجميع ، لاحتمال إرادة قبض النجم الأخير دون ما قبله ، فالقول قوله مع يمينه لو ادّعى المكاتب إرادة الجميع.

ولو قال : قبضت آخر كتابتك إن شاء الله ، بطل إقراره ، لتعلّقه بالاستثناء (١) ، وكذا لو قال : إن شاء زيد ، لتعلّقه بالصّفة ، والإقرار لا يقبل التعليق بالاستثناء ولا الصّفة.

٥٧٩٩. الرابع والعشرون : تصحّ الوصية بالكتابة ، فإن خرجت قيمة العبد من الثلث أجبر الورثة على ذلك ، إلّا أن يردّ العبد ، ولو طلب بعد الردّ الكتابة لم يجب.

ثمّ الموصي إن عيّن قدرا كوتب عليه ، فان أدّى المال لم يحتسب من التركة ، بل هو حقّ للورثة ، كما لو أوصى بنخل فأثمر ، أو بماشية فنتجت ، ويعتق العبد والولاء للسيّد إن شرطه ، وإن لم يؤدّ المال استرقّه الوارث.

ولو لم يعيّن كوتب على ما جرت به العادة بكتابة مثله ، والعرف يقتضي

__________________

(١) في «أ» : لتعليقه في الموضعين بالاستثناء.

٢٧٦

الكتابة بأكثر من القيمة ، ولو قصر الثلث عن قيمته كوتب القدر الّذي يحتمله الثلث.

ولو ضم إلى الكتابة غيرها ، وقصر الثلث عن الجميع ، قال الشيخ : يقدّم الكتابة كما لو أوصى بوصايا في جملتها عتق فانّه يقدّم العتق (١).

ويمكن الفرق بأنّ عقد الكتابة وإن قصد به العتق إلّا أنّه معاوضة ، ولهذا لو أوصى لرجل بعبد ولآخر بأبيه ، فانّهما سواء ، وإن كان القصد بوصيّة الأب العتق.

ولو أوصى بكتابة عبد من عبيده ، تخيّر الورثة في التعيين ، وليس لهم كتابة أمة وبالعكس.

ولو كان له خنثى دخل في لفظ العبد والأمة ، إن ألحق بأحدهما وإلّا فلا.

ولو أوصى بكتابة أحد رقيقه دخل الخنثى في التخيير.

٥٨٠٠. الخامس والعشرون : لو زوّج بنته من مكاتبه ثمّ مات ، لم تنفسخ الكتابة ، فإن لم ترثه البنت ، بأن تكون قاتلة أو كافرة ، فالنكاح بحاله ، وإن ورثته أو بعضه ، انفسخ النكاح.

ويحتمل عدم الفسخ ، لأنّها ترث الدّين لا الرقبة ، إلّا مع العجز ، ولهذا لو أبرأته من الدّين عتق وكان الولاء المشترط للمولى دونها ولو اشترى المكاتب زوجته الأمة من سيّده أو من غيره فالأقوى انفساخ النكاح.

٥٨٠١. السادس والعشرون : لا تنفسخ الكتابة بموت المولى ، وينعتق العبد

__________________

(١) المبسوط : ٦ / ١٥٢.

٢٧٧

بدفع المال إلى الوارث ، ولو تعدّد لم ينعتق بالدفع إلى البعض ، ولو كانوا غير رشيدين وجب الدفع إلى الجدّ ، فإن فقد فإلى الوصيّ إن كان ، وإلّا الحاكم.

ولو كان البعض غير رشيد دفع إلى الرشيد حقّه والباقي إلى الوليّ.

ولو أوصى بدفعه إلى معيّن ، دفعه المكاتب إلى الموصى له أو إلى الوصيّ ليدفعه إليه.

ولو أوصى بدفعه إلى غير معيّن ، وجب على المكاتب دفعه إلى الوصيّ ، فإن فرّقه بنفسه لم يعتق بذلك.

ولو أوصى بدفعه إلى غرمائه ، تعيّن القضاء منه فيدفعه (١) المكاتب إلى من شاء من الوصيّ أو إلى الغرماء ، ولا حقّ للورثة فيه.

ولو أوصى بقضاء الدّين ، ولم يعيّن مال الكتابة للقضاء ، كان على المكاتب الجمع بين الورثة والوصيّ بقضاء الدّين ، ويدفعه إليهم بحضرته.

٥٨٠٢. السابع والعشرون : ليس للمولى مطالبة المكاتب بالمال قبل الحلول ، ولا يجب على المولى قبضه لو دفعه المكاتب قبله ، ويجب بعده.

فإن حلّ النجم وجب على المكاتب الدفع ، فإن عجز تخيّر السيّد بين الصبر والفسخ ، وإن كان قادرا على الأداء وامتنع منه قال الشيخ : يفسخ المالك أيضا. (٢)

ويحتمل عندي إجبار المكاتب على الأداء ، فإن تعذّر فسخ المالك الكتابة.

__________________

(١) في «أ» : قيل فيدفعه.

(٢) المبسوط : ٦ / ١٥٦.

٢٧٨

وإذا عجّز نفسه كان للمولى الفسخ بنفسه ، ولا يحتاج إلى حاكم إن كان المكاتب حاضرا ، ولو كان غائبا افتقر إلى الحاكم ليثبت المال والتعذّر (١) فيستحلفه الحاكم مع البيّنة ، ويقضي له بالفسخ.

٥٨٠٣. الثامن والعشرون : يستحبّ للمولى إنظار المكاتب حاضرا بعد الحلول ، فإن أنظره لم يجب الوفاء ، ولا يجبر على اختيار الفسخ ، فإذا رجع المولى في التأجيل طالب ، فإن عجز فسخ ، وإن كان معه ما يؤدّي من جنس مال الكتابة ، لم يكن له فسخ ، ويجب الصبر إلى أن يحضره من منزله القريب ، وكذا إن كان من غير الجنس واحتاج إلى المصارفة.

وإن كان في موضع بعيد يحتاج إلى مدّة طويلة ، لم يجب الصبر.

ولو كان العبد غائبا رفع المولى أمره إلى الحاكم ، وأثبت الحلول ، وحلّفه على عدم القبض ، ليكتب إلى حاكم البلد الّذي فيه المكاتب.

فإن كان المكاتب عاجزا ، كتب إلى الحاكم الأوّل ، ليجعل للسيّد الفسخ ، وإن كان قادرا طالبه بالخروج إلى بلد السيّد ، أو التوكيل في الأداء ، فإن أخّر أحدهما مع الإمكان ، كان للسيّد الفسخ.

فإن وكّل السيّد من يقبض في بلد المكاتب لزمه الدفع إليه ، فإن امتنع ثبت خيار السيّد.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ١٥٧ : فأمّا إذا كان العبد غائبا فليس للسيّد أن يعجزه بفسخ الكتابة ، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ويثبت عنده الكتابة وحلول المال على المكاتب وأنّه لم يؤدّ إليه شيئا ويحلفه الحاكم على ذلك ، فانّ هذا قضاء على الغائب فاحتاج إلى اليمين.

٢٧٩

ولو جعل السيّد الخيار في الفسخ إلى وكيل القبض مع الامتناع ، جاز.

ومع حصول الوكيل (١) لا يعتبر مدّة المسير إليه.

٥٨٠٤. التاسع والعشرون : حدّ العجز أن يؤخّر نجما إلى نجم ، أو يعلم من حاله العجز ، وقيل : أن يؤخّر النجم عن محلّه. (٢) وبه رواية. (٣)

٥٨٠٥. الثلاثون : إذا جنّ المكاتب أثبت المولى الكتابة والحلول ، وحلف على عدم القبض ، فإن وجد الحاكم حينئذ له مالا سلّمه إليه ، وعتق ، وإلّا جعل له التعجيز مع عدم المال وألزمه الإنفاق عليه بعوده رقّا ، فإن وجد الحاكم بعد فسخ السيّد له ما لا يفي مال الكتابة ، أبطل فسخ السيّد ، وكذا لو أفاق وأقام بيّنة بالتسليم ، إلّا أن للسيّد أن يرجع بما أنفقه بعد الفسخ في الأولى دون الثانية.

٥٨٠٦. الحادي والثلاثون : لو ادّعى المكاتب التسليم وأقام شاهدا ، جاز له الحلف معه ، ولو ادّعى غيبة الشاهد أنظر ثلاثة أيّام فإن جاء ، وإلّا حلف السيّد.

ولو جاء به فجرح ، فادّعى شاهد عدل ، أنظر أيضا ثلاثة أيّام.

٥٨٠٧. الثاني والثلاثون : المكاتب المشروط رقّ ما لم يؤدّ جميع مال الكتابة ، فلو تخلّف (٤) عليه ولو درهم واحد وعجز عنه ، كان رقيقا إن عجّزه مولاه ، ولا يعيد عليه ما أخذه منه.

__________________

(١) المراد من «حصول الوكيل» هو وجوده وحضوره ، ومعه لا يعتبر مضيّ مدّة المسير إلى السيّد ، فإنّ حضور الوكيل بمنزلة حضور السيّد ، فيجوز له الفسخ فورا.

(٢) ذهب إليه الحلّي في السرائر : ٣ / ٢٧ ، والشيخ في الاستبصار : ٤ / ٣٣ ـ الباب ١٨ ـ واعتمده المصنّف في المختلف : ٨ / ١١٤.

(٣) الوسائل : ١٦ / ٨٨ ، الباب ٥ من كتاب المكاتبة.

(٤) في «ب» : يخلف.

٢٨٠