الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٥٨
ولو مات المولى قبل فكّه انعتق ، ولا يثبت أرش الجناية في تركة المولى ، لكن إن أوجبت قصاصا اقتصّ منه ، وإن أوجبت مالا أخذ منه.
٥٦٩٢. السادس عشر : يصحّ تدبير المكاتب ، فإن أدّى مال الكتابة ، عتق بها ، وبطل التدبير ، وكان ما في يده له ، وإن عجز وفسخت الكتابة ، بطلت كتابته دون تدبيره ، فإذا مات المولى عتق من الثلث ، وما في يده لسيّده ، وإن مات المولى قبل الأداء والعجز ، عتق بالتدبير من الثلث ، فإن قصر الثلث ، عتق منه ما يحتمله ، ويسقط من مال الكتابة بإزائه ، وكان الباقي مكاتبا.
ولو كاتب المدبّر ، احتمل بطلان التدبير ، أمّا لو قاطعه على مال ليعجّل عتقه ، لم يبطل التدبير.
ويجوز تدبير الحمل ولا يسري إلى الأمّ فإن أتت به لدون ستّة أشهر من حين التدبير ، حكم بالتدبير فيه ، وإلّا فلا ، ويجوز الرجوع في تدبيره كالمنفصل.
٥٦٩٣. السابع عشر : لا اعتبار بردّ المملوك تدبير مولاه ، سواء ردّه في حياة المولى أو بعد وفاته.
٥٦٩٤. الثامن عشر : قد بيّنّا أنّ التدبير بمنزلة الوصيّة يجوز الرجوع فيه ، ويخرج من الثلث ، وهذا إنّما هو في المندوب المتبرّع به ، أمّا التدبير الواجب بالنذر وشبهه ، فلا يجوز الرجوع فيه ، ويخرج من صلب المال ، ولا يخرج بالنذر عن الملك ، فيجوز له استخدامه ووطؤه إن كانت جارية ، نعم لا يجوز له بيعه ولا إخراجه عن ملكه ، ويجوز له أن يوجره.
وله عتق المدبّر تبرّعا في كفّارة ظهار ، أو قتل ، أو نذر عتق ، وإن لم يرجع لفظا ، خلافا للشيخ (١) أمّا المدبّر واجبا فهل له ذلك؟ عندي فيه نظر.
__________________
(١) النهاية : ٥٥٤.
المقصد الثالث : في الكتابة
وفيه مطلبان
[المطلب] الأوّل : في أركانها
وفصوله أربعة :
[الفصل] الأوّل : [في] الماهيّة والصيغة
وفيه ستّة مباحث :
٥٦٩٥. الأوّل : الكتابة (١) عقد مستقلّ بنفسه (٢) يفتقر إلى الإيجاب والقبول ،
__________________
(١) في المغني لابن قدامة : ١٢ / ٣٣٨ : الكتابة : إعتاق السيّد عبده على مال في ذمته يؤدّي مؤجّلا ، سمّيت كتابة لأنّ السيّد يكتب بينه وبينه كتابا بما اتّفقا عليه ، وقيل : سمّيت كتابة من الكتب وهو الضمّ ، لأنّ المكاتب يضمّ بعض النجوم إلى بعض ، ومنه سمّي الخرز كتابا ، لأنّه يضمّ أحد الطرفين إلى الآخر بخرزه ، وسمّيت الكتيبة كتيبة لانضمام بعضها إلى بعض ، والمكاتب يضمّ بعض نجومه إلى بعض ، والنجوم هاهنا الأوقات المختلفة ، لأنّ العرب كانت لا تعرف الحساب وانّما تعرف الأوقات بطلوع النجوم.
(٢) قال الشهيد في المسالك : ١٠ / ٤١٤ : واعلم أنّ عقد الكتابة خارج عن قياس المعاملات من جهة أنّها دائرة بين السيّد وعبده ، وأنّ العوضين للسيّد ، وأنّ المكاتب على رتبة متوسّطة بين الرّقّ والحريّة ، وليس له استقلال الأحرار ولا عجز المماليك ، وكذلك تكون تصرّفاته متردّدة بين الاستقلال ونقيضه.
وليست بيعا للعبد من نفسه ، ولا عتقا بصفة ، وهي جائزة بالنص (١) والإجماع ، مستحبّة مع أمانة العبد وقدرته على التكسّب ، وتتأكّد مع التماس العبد ، ولا تجب ولا تستحبّ مع فقد أحد الوصفين ، ولا تكره كتابة غير المكتسب. (٢)
٥٦٩٦. الثاني : لو باع العبد من نفسه بثمن مؤجّل أو حالّ لم يصحّ على إشكال ولا يكون كتابة.
٥٦٩٧. الثالث : الكتابة لا يثبت فيها خيار المجلس ، لأنّها ليست بيعا ، ويثبت فيها خيار الشرط.
٥٦٩٨. الرابع : صيغة الكتابة أن يقول : كاتبتك على كذا ، ويذكر أجلا معيّنا ، وينوي العتق عند الأداء ، ولا يفتقر إلى أن يقول : فإذا أدّيت فأنت حرّ ، مع النيّة له ، ويقول العبد : قبلت ، أو ما شابهه.
ولو قال : إن أدّيت إليّ ألفا ، فأنت حرّ ، لم يصحّ كتابة ولا عتقا.
٥٦٩٩. الخامس : الكتابة ضربان :
مطلقة ، وهي الّتي اقتصر فيها على الأجل والعوض والنيّة مع الصّيغة.
ومشروطة ، وهي الّتي زيد فيها على ذلك الردّ في الرّقّ عند العجز ، وهي لازمة إن كانت مطلقة إجماعا من الطّرفين ، وإن كانت مشروطة فكذلك من طرف السيّد ما لم يحصل العجز ، قال الشيخ : وجائزة من جهة العبد لأنّ له تعجيز نفسه (٣) وفيه منع.
__________________
(١) قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) النور : ٣٣.
(٢) في «أ» : غير المكتسب.
(٣) الخلاف : ٦ / ٣٩٣ ، المسألة ١٧ من كتاب المكاتب. ولاحظ المبسوط : ٦ / ٩١.
٥٧٠٠. السادس : يجوز أن يشترط في الكتابة ما هو سائغ بخلاف غيره ، فلو شرط الوطء بطل الشرط ، والأقوى بطلان العقد أيضا.
ويجب الوفاء بالشرط السائغ إذا وقع في العقد ، ولو شرط خدمة شهر بعد العتق بالأداء ، لم يستبعد جوازه.
الفصل الثاني : في السيّد
وفيه أحد عشر بحثا :
٥٧٠١. الأوّل : يشترط فيه البلوغ ، فلا تصحّ كتابة الصبيّ وإن بلغ عشرا ، أو كان مراهقا ، أو أذن له الوليّ.
٥٧٠٢. الثاني : يشترط فيه العقل ، فلو كاتب المجنون لم يصحّ ، ولو كان الجنون يعتوره فكاتب في زمن صحّته صحّ.
ولو ادّعى العبد الكتابة فيها ، وادّعى المولى وقوعها حالة الجنون ، قدّم قول المولى بخلاف دائم العقل.
وليس لوليّ الطفل والمجنون كتابة عبدهما ، سواء كان الوليّ أبا أو غيره ، فان فعل كان ما يؤدّيه العبد للسيّد ولا (١) يعتق به ، ولو قيل بالجواز مع المصلحة كان وجها.
__________________
(١) في «ب» : فلا.
٥٧٠٣. الثالث : يشترط فيه الاختيار ، فلو كاتب المكره لم يقع.
٥٧٠٤. الرابع : يشترط فيه زوال الحجر بالفلس والسّفه ، فلو كاتب أحدهما عبده لم يصحّ.
ولا بدّ من القصد ، فلا اعتبار بعبارة الساهي والنائم والغافل والسكران.
٥٧٠٥. الخامس : تصحّ كتابة الذّميّ ، فاذا كاتب مثله على خمر أو خنزير وتقابضا حال الكفر ، حصل العتق لا بمعنى أنّ الحاكم يحكم بصحّته ، بل لا يتعرّض له ، كما يحكم ببقاء الزوجيّة لو تزوّجها على خمر وتقابضا ثم أسلما ، ولو تقابضا بعد الإسلام قبل الترافع أبطل الحاكم الإقباض ، وحكم على المكاتب بقيمته عند مستحلّيه ، ولا يبطل الكتابة.
ولو ترافعا بعد الإسلام قبل التقابض فكذلك ، ولو تقابضا البعض حالة الكفر ، وجبت قيمة الباقي ، وكذا الحكم لو أسلم أحدهما.
٥٧٠٦. السادس : لو أسلم العبد خاصّة بيع على مولاه ، وليس للمولى كتابته ، ولو اشترى الذّميّ مسلما لم يصحّ ، ولو أسلم مكاتب الذّمي لم تبطل الكتابة على مولاه ، فان عجز ورقّ بيع عليه حينئذ.
٥٧٠٧. السابع : الحربيّ يصحّ أن يملك فتصحّ كتابته ، سواء كان في دار الحرب أو الإسلام ، فإن دخلا مستأمنين لم يتعرّض الحاكم لهما ، فإن ترافعا إليه ألزمهما حكم الكتابة إن كانت صحيحة ، وإلّا بيّن لهما فسادها ، وإن دخلا وقد أكره أحدهما الآخر ، بطلت الكتابة ، لأنّ العبد إن قهر سيّده ملكه ، وإن قهره السيّد على ردّه رقيقا ، بطلت ، وإن دخلا من غير قهر وقهر أحدهما في دار الإسلام لم تبطل الكتابة ، لأنّ القهر لا يؤثّر فيها إلا بالحقّ ، وإن دخلا مستأمنين لم يمنعا
من الرجوع لو أراداه ، ولو أراده السيّد فامتنع المكاتب ، لم يجبر على طاعته ، وتخيّر السيّد بين المقام للاستيفاء وعقد الذّمة مع طول المدّة ، وبين التوكيل فيه ، فيعتق مع الأداء ، وتخيّر المكاتب مع الأداء بين عقد الأمان للإقامة وبين الرجوع ، ولو عجز استرقّه السيّد ، ويردّ إليه ، لأنّ أمان المال لا يبطل ببطلان أمان النفس.
ولو كاتبه في دار الحرب ، فهرب إلينا ، بطلت الكتابة ، سواء دخل مسلما أولا ، ولا يبطل لو جاء بإذن مولاه ، فإن سبي سيّده وقتل ، انتقلت الكتابة إلى ورثته ، وإن منّ عليه الإمام ، أو فاداه ، أو هرب ، فالكتابة بحالها ، وان استرقّه فكذلك إن عتق ، وإن مات أو قتل فالمكاتب للمسلمين يعتق بأداء المال إليهم ويسترقونه مع العجز.
وللمكاتب أداء المال إلى الحاكم أو أمينه قبل عتق سيّده أو موته ، فيوقف على ما ذكر ، ويعتق المكاتب بالأداء والسيّد رقيق.
٥٧٠٨. الثامن : لو كاتب المسلم عبده ثمّ ظهر المشركون فأسروا المكاتب [وحملوه] من الدار (١) إلى دار الحرب ، لم يملكوه ، والكتابة باقية ، وكذا لو دخل الكافر بأمان وكاتب عبده ، ثمّ ظهر المشركون فقهروا المكاتب ، فانفلت منهم (٢) ، أو غلبهم المسلمون ، فإنّ كتابته باقية وقوّى الشيخ وجوب تخليته مثل المدّة التي حبسه فيها المشركون ليكسب مالا ، قال : وكذا لو كاتب عبده ثمّ حبسه. (٣) ويقوى عندي في الأوّل العدم وفي
__________________
(١) في «أ» : «فأسروا المكاتب فانقلب من الدار» ما بين المعقوفتين أخذناه من المبسوط.
(٢) أي تخلّص منهم ، وفي المبسوط : ٦ / ١٣٢ : فإن انفلت المكاتب منهم أو ظهر المسلمون على الدار فأخذوه فهو على كتابته.
(٣) المبسوط : ٦ / ١٣٢.
الثاني لزوم الأجرة ، فعلى ما اخترناه إن أدّى بعد الحلول ، وإلّا عجّزه مولاه.
ولو لم ينفلت (١) وحلّ عليه المال ، فالوجه أنّ للمولى فسخ الكتابة وإن لم يراجع الحاكم ، فإن جاء ولم يدّع مالا صحّ الفسخ ، وإن ادّعاه وأقام البيّنة به عند الفسخ ، أبطل الفسخ ، ودفع المال إلى السيّد.
٥٧٠٩. التاسع : لو كاتب في دار الحرب وجاء بإذن سيّده استمرّت الكتابة ، وإن كان بغير إذنه فهو قاهر له على نفسه فيملكها ويعتق ويبطل الكتابة ، ثم يتخيّر بين الإقامة مع عقد الذّمة وبين اللحوق بدار الحرب.
٥٧١٠. العاشر : المرتدّ عن فطرة يزول تصرّفه عن أمواله ، فلو كاتب لم تصحّ ، وأمّا المرتدّ عن غير فطرة ، فإن كاتب قبل حجر الحاكم عليه ، احتمل البطلان والصحّة ، فإن أدّى العبد قبل الحجر إليه عتق بالأداء ، وإن أدّى بعده إلى الحاكم عتق ، فإن دفع إلى مولاه لم يصحّ الدفع ، ولا يعتق ، فإن كان باقيا ، أخذه ودفعه إلى الحاكم ، وعتق حينئذ ، وإن تلف هلك من ضمانه ، فإن دفع غيره (٢) إلى الحاكم ، وإلّا كان له تعجيزه.
فإن أسلم السيّد كان عليه أن يحتسب له بما دفع ويعتق عليه. والوقف (٣) فإن أسلم المولى علمت الصحّة وإلّا البطلان.
وإن كاتب بعد الحجر ، فالوجه البطلان ، أمّا لو كاتب السيّد ثم ارتدّ ، فإنّ الكتابة لا تبطل قطعا ، لكنّ الدفع إلى الإمام ، فإن دفع إلى المرتدّ ، فالحكم كما تقدّم في المرتدّ قبل الكتابة.
__________________
(١) في النسختين «ولو لم ينقلب» وما في المتن أخذناه من المبسوط : ٦ / ١٣٣.
(٢) في «أ» : فإن دفع حينئذ غيره.
(٣) عطف على قوله : «البطلان» أي احتمل البطلان والصحة والوقف.
٥٧١١. الحادي عشر : المريض تصحّ كتابته ، فإن برأ ألزمت من الأصل ، وإن مات فيه صحّت من الثلث ، فالزائد موقوف على إجازة الوارث.
ولو كاتبه في الصحّة ، ووضع النجوم في المرض ، اعتبرنا خروج الأقلّ من الثلث ، فإن كانت قيمة الرّقبة أقلّ فليس لهم سواها لو عجز نفسه ، وإن كانت النجوم أقلّ فليس لهم غيرها ، وكذا لو أوصى بوضع النجوم عنه أو بإعتاقه.
ولو أقرّ في المرض بقبض النجوم من مكاتبه في الصحّة ، قيل : من الأصل مع انتفاء التهمة ، وإلّا فمن الثلث.
الفصل الثالث : في العبد
وفيه أربعة مباحث :
٥٧١٢. الأوّل : يشترط فيه التكليف ، فلا تصحّ كتابة الصبيّ وإن كان مميّزا ، ولا المجنون ، ولا ينعتق أحدهما مع الأداء ، وتصحّ لمن يعتوره أدوارا في وقت إفاقته.
٥٧١٣. الثاني : قوّى الشيخ اشتراط إسلام العبد إذا كان السيّد مسلما (١) فلو كاتب السيّد عبده الكافر لم تصحّ ، وإن كان ذميّا ، وهو قول لا بأس به.
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ١٣٠.
٥٧١٤. الثالث : قوّى الشيخ أيضا اشتراط كتابة الجميع مع اتّحاد المالك (١) فلو كاتب نصف عبده لم تصحّ ، وعندي فيه نظر.
ولو كان النصف الآخر حرّا ، صحّ إجماعا ، وكذا لو كان رقيقا لغيره وأذن ، ولا تسري الكتابة إلى حصّة الشريك ، ولو لم يأذن قال : لا يصحّ ، ومع الإذن والأداء قال : ينعتق ويقوّم عليه ، ولا يرجع به على العبد ، ويؤدّي العبد نصف كسبه إلى الشريك فإن دفعه في الكتابة لم يعتق به ، وليس له دفع جميع كسبه إلى المكاتب ، وإن أذن الشريك في الكتابة.
ولو هاياه (٢) الشريك فكسب في نوبته ، أو أعطى من سهم الرقاب ، فله أداء جميعه إلى المكاتب.
ولو كان ثلثه حرّا وثلثه مكاتبا وثلثه رقيقا ، فورث بجزئه الحرّ ، وأخذ بجزئه المكاتب من سهم الرقاب ، فله صرف جميعه في الكتابة.
٥٧١٥. الرابع : لو كاتباه معا صحّ ، سواء اتّفق العقدان أو تفرّقا ، وسواء اتّفقت حصصهما (٣) أو اختلفت ، وسواء اتّفقا في العوض مع تساويهما في الحصص أو اختلفا ، وسواء اتّفق أحدهما مع الاختلاف في البذل (٤) أو اختلفا مع اتفاق البذل (٥) أو اختلافه.
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ٩٨.
(٢) في مجمع البحرين : المهاياة في كسب العبد انّهما يقسمان الزمان بحسب ما يتّفقان عليه ، ويكون كسبه في كلّ وقت لمن ظهر له بالقسمة.
(٣) في «ب» : حصّتهما.
(٤) في «أ» : البدل.
(٥) في «أ» : البدل.
ولو كاتباه بعوض واحد قسط على قدر ملكهما (١) ولو كاتباه لم يكن له الدفع إلى أحدهما خاصّة ، فإن دفع إليه وحده كان لهما.
ولو أذن أحدهما لصاحبه جاز.
ولو كاتباه ثمّ عجّزه أحدهما وأراد الثاني إبقاء الكتابة في نصيبه بالإنظار ، صحّ.
ولو مات المولى فعجّزه أحد الوارثين وأنظره الآخر في نصيبه ، صحّ.
الفصل الرابع : في العوض
وفيه عشرة مباحث :
٥٧١٦. الأوّل : العوض شرط في الكتابة ، فلو تجرّدت عنه لم يصحّ ، ويشرط أن يكون دينا ، فإنّ العين ملك غيره إذ لا مال له ، وهل يشترط الأجل؟ قال الشيخ : نعم (٢) والأقرب المنع ، فعلى قول الشيخ لا يجب تعدّده ، بل يجوز أن يكون واحدا ، نعم يجب تعيينه ، فلو كاتبه وشرط أجلا مجهولا لم يصحّ إجماعا.
٥٧١٧. الثاني : يشترط في العوض أن يكون معلوم الوصف والقدر ولو جهل أحدهما لم يصحّ ، ولو كاتبه على عبد مطلق بطلت ، ولم يجب عليه عبد وسط.
ولا بدّ وأن يكون وقت الأداء معلوما إمّا حالّا أو مؤجّلا بأجل معيّن ، فلو
__________________
(١) في «أ» ملكيهما.
(٢) المبسوط : ٦ / ٧٣.
قال : كاتبتك إلى عشرة آجال كلّ أجل سنة جاز ، ولو قال كاتبتك إلى عشرة سنين جاز.
فإن قال : تؤدّي إليّ في هذه العشر سنين وعني ظرفيّة المدّة للأداء ، بطل لجهالة وقت الأداء.
ولو كاتبه إلى أجلين مختلفين كسنة وعشر سنين جاز ، وهكذا نجم كلّ أجل يصحّ التساوي فيه والتفاضل ، والأقرب في العوض المطلق انصرافه إلى الحلول دون البطلان.
٥٧١٨. الثالث : العوض إن كان من الأثمان ، فإن كان النقد واحدا ، أو غالبا ، كفى الإطلاق ، وإلّا وجب التعيين.
وإن كان من الأعواض وجب وصفه بما يصف المسلم ، سواء كان حيوانا أو غيره ، ولو كان منفعة جاز بشرط علمها كخدمة شهر ، وخياطة ثوب ، وبناء دار معلومين.
ويجوز أن يجمع بين منفعة وعين ، فلو كاتبه على خدمة شهر ودينار صحّ ، فإن أطلق كان الدينار حالّا ، وإن قيّده بأجل لزم ، سواء كان عقيب الشهر أو متقدّما عليه ، أو في أثنائه ، أو متأخّرا عنه بأجل آخر.
فإن مرض العبد شهر الخدمة أو بعضه ، بطلت الكتابة لتعذّر العوض.
٥٧١٩. الرابع : لا يشترط في مدّة المنفعة اتّصالها بالعقد ، فلو كاتبه على خدمة شهر بعد هذا الشهر صحّ ، ومنع الشيخ (١) ضعيف.
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ٧٤.
ولو قال على أن تخدمني شهرا من وقتي هذا ثمّ شهرا عقيب هذا الشهر صحّ ، وكذا لو قال : على أن تخدمني شهرا أو خياطة كذا ثوبا (١) عقيب الشهر.
وإطلاق الخدمة يكفي ، لأنّها معلومة بالعرف ، ويلزمه خدمة مثله ، ولو قال : على منفعة شهر لم يجز ، للجهالة.
٥٧٢٠. الخامس : الأحكام المختلفة يجوز اجتماعها مع عدم التضادّ ، كبيع وإجارة بشيئين لا بشيء واحد ، فلو كاتبه وباعه شيئا بعوض واحد صحّ ، ويقسط العوض عليهما بالنسبة ، وكذا لو ضمّ إلى الكتابة غيرها من عقود المعاوضات.
٥٧٢١. السادس : لا يشترط في العوض قدرا خاصّا ، بل يجوز على كلّ قليل وكثير بشرط العلم بقدره ووصفه وصفا يشتمل على كلّ ما يتفاوت الثمن لأجله.
ويكره أن يتجاوز به القيمة ، وإذا كاتبه على جنس لم يلزمه قبض غيره ، وإن أعطاه خيرا من النقد المشترط ، فإن كان يتّفق في جميع ما يتّفق فيه المسمّى لزمه القبول ، وإن كان لا يتّفق في بعض البلدان الّتي يتّفق فيه المسمّى لم يلزمه.
٥٧٢٢. السابع : لو كاتب عبديه صفقة صحّ ، وقسّط العوض على قدر القيمتين ، وتعتبر القيمة وقت العقد ، ومن أدّى حصّته عتق وإن لم يؤدّ الآخر ، ومن عجز منهما رقّ خاصّة.
ولو شرط كفالة كلّ واحد منهما صاحبه وضمان ما عليه صحّ.
ولو استوفى من أحدهما ونسي التعيين ، فالوجه الصبر ما دام حيّا ، لرجاء
__________________
(١) في «ب» : أثوابا.
التذكّر ، فإن ذكره عتق المسمّى ، فإن ادّعى الآخر الأداء حلف المولى وبقي عليه نجومه ، فإن نكل عتق أيضا.
فإن مات المولى قبل الذكر ، أقرع الورثة وحلفوا للآخر على نفي العلم إن ادّعاه عليهم ، ويتعدّد اليمين بتعدّدهم.
فإن أقام أحدهما البيّنة بالأداء ، أعتق إن كان قبل القرعة ، ورقّ الآخر إن عجز ، وإلّا بقي على كتابته ، وإن كان بعدها ، احتمل ذلك أيضا ، لأنّ القرعة ليست عتقا ، بل هي كاشفة ، والبيّنة أقوى منها ، وأن يعتقا (١) معا ، وكذا البحث لو ذكر السيّد المؤدّي منهما.
٥٧٢٣. الثامن : لو ادّعى من قلّت قيمته من الثلاثة المكاتبين صفقة بمائة أداءها بالسّوية وكون الفاضل عن قيمته قرضا على الآخر أو وديعة عند السيّد ، وادّعى من كثرت قيمته الأداء على القيمة ، قوّى الشيخ تقديم الأوّل ، لأنّ يدهم على المال بالسويّة (٢).
ويحتمل الثاني عملا بالظاهر المقتضي لأداء كلّ واحد ما عليه لا أزيد.
ويحتمل التفصيل ، فإن كان المؤدّي جميع الحقّ فالأوّل ، وإن كان البعض فالثاني.
ولو أدّى أحد المكاتبين عن صاحبه قبل العتق ، والسيّد جاهل لم يصحّ ، وصرف الأداء إلى المؤدّي إن حلّ عليه ، وإلّا استردّه ، أو جعله أمانة ، وإن كان
__________________
(١) عطف على اسم الإشارة في قوله : «احتمل ذلك».
(٢) المبسوط : ٦ / ٧٨.
عالما ، بأن قال : هذا عن صاحبي ، فالوجه جوازه ، ويرجع به على الرقيق إن كان بإذنه ، وإلّا فلا.
وإن كان بعد العتق صحّ ، فإن أدّى ما عتق به بإذنه رجع ، وإلّا فلا ، وإن أدّى ما لم يعتق به بإذنه ، فهو قرض عليه ، فإن كان معه ما بقي في القرض (١) ومال الكتابة ، صرف فيها ، وإلّا قدّم مع التّشاحّ الدّين.
ولو كانا لسيدين فأدّى أحدهما عن رقيقه بعد العتق ، صحّ مطلقا ، وإن كان قبله لم يصحّ ، وإن علم القابض ما لم يرض المالك ، وله الرجوع على القابض ، فإن أخّر حتّى عتق الدافع ، احتمل الرجوع على القابض ، لوقوع القبض فاسدا ، والعدم لزوال الرقّية المقتضية للفساد.
٥٧٢٤. التاسع : لو ظهر استحقاق العوض المدفوع ، بطل الدفع وحكم بفساد العتق ، فإن دفع غيره ، عتق مع بقاء الأجل ، وإن مات قبل الدفع ثانيا ، مات عبدا ، وإن ظهر معيبا ، فإن رضي به المولى ، استقرّ العتق ، فإن اختاره (٢) مع الأرش فله ، والأقرب أنّ له الردّ وإبطال العتق.
ولو تلفت العين عند السيّد ، أو حدث فيها عيب ، استقرّ الأرش ، وعاد حكم الرّقّ في العبد ، فإن عجز عن الأرش استرقّه المولى ، ويحتمل مع تجدّد عيب آخر ردّه بالأوّل مع أرش الحادث.
ولو قال السيّد بعد قبض المستحقّ : هذا حرّ ، أو أنت حرّ ، لم يحكم بعتقه ،
__________________
(١) في «ب» : بالقرض.
(٢) في «ب» : وإن اختاره.
لأنّ ظاهره الإخبار ، ولو ادّعى العبد العتق بذلك ، قدّم قول السيّد.
٥٧٢٥. العاشر : لو كان العوض مؤجّلا ، فدفعه العبد قبله ، لم يجب على المولى قبوله ، سواء كان عليه ضرر في التقديم أو لا.
المطلب الثّاني : في الأحكام
وفيه فصول :
[الفصل] الأول : في تصرّفاته
وفيه ثمانية مباحث :
٥٧٢٦. الأوّل : المكاتب كالحرّ في التصرفات إلّا فيما فيه تبرّع أو خطر ، فلا ينفذ عتقه ولا هبته ولا شراء قريبه بالمحاباة ولا بيعه بالعين ، ولا يبيع بالنسيئة وإن تضاعف الثمن ، ويحتمل الجواز مع الرهن والضمين.
ويجوز أن يشتري نسيئة ، وليس له أن يدفع به رهنا ، ولا أن يضارب بماله.
ويجوز أن يقبض مال غيره قراضا أو قرضا.
ويقبل إقراره بالبيع.
وليس له إهداء طعام ولا إعارة دابّة.
ولا يدفع المبيع قبل قبض الثمن.
ولا يكاتب ، لا يتزوّج ، ولا يزوّج عبده ولا أمته ، وإن كان على وجه النظر.
ولا يتسرّى خوفا من طلق الجارية.
ولا يقبل هبة من يعتق عليه مع انتفاء كسبه.
ولا يتزوّج المكاتبة ، ولا يكفّر إلّا بالصيام ، ولو كفّر بغيره من عتق أو إطعام لم يجز ، وفي الإجزاء مع أذن المولى نظر ، ولا يقرض ماله.
ولو فعل جميع ذلك بإذن مولاه صحّ.
٥٧٢٧. الثاني : لو فعل أحد هذه العقود بغير إذن المولى وقع باطلا ، فلو عتق بالأداء لم ينفذ منها شيء.
٥٧٢٨. الثالث : لو أعتق تبرّعا بإذن مولاه نفذ ، سواء أعاد إلى الملك للعجز أو لا ، لكن مع العود ، الولاء للمولى ، ومع العتق له ، فيكون موقوفا قبل الحالتين ، فإن مات قبلهما رقيقا استقرّ للسيّد.
ولو مات العتيق فالوجه إيقاف الميراث حتّى يعتق فيكون له ، أو يعجز أو يموت فللسيّد.
٥٧٢٩. الرابع : لو اشترى من يعتق على سيّده صحّ ، فإن عجز رجع إلى السيّد ، وعتق عليه ، وكذا لو قبله في الهبة أو الوصية.
ولو اشترى أباه لم يصحّ بدون إذن المولى ، ولو أذن صحّ ، ولا يملك بيعه ، ويكون موقوفا على كتابته ، وينفق عليه بحكم الملك لا النسب ، وكذا لو أوصى له به ، فإذا قبله ، ولا ضرر في قبوله بأن يكون مكتسبا ، فالأقرب جواز قبوله ، وإن
لم يأذن المولى ، وعلى التقديرين إن عتق المكاتب عتق الأب بعتقه ، وإن عجز استرقّهما المولى.
٥٧٣٠. الخامس : كلّما يكتسب المكاتب فهو له قبل الأداء أو بعده ، ولو سأل الناس لم يكن للمولى منعه ، وإن شرط ، فالوجه بطلان الشرط.
٥٧٣١. السادس : لو تزوّجت المكاتبة كان العقد موقوفا على رضا المولى ، وإن كانت مطلقة ، ومع الإذن تملك المهر هي.
وليس للمكاتب وطء أمته بدون الإذن ، وإن كان مطلقا ، فإن استولد فولده كحكمه ، ينعتق بعتقه ، ويرقّ برقّه ، والأقرب أنّ أمته مستولدة مع العتق.
٥٧٣٢. السابع : ليس له أن يحجّ مع حاجته إلى زائد النفقة ، ولو لم يحتج جاز إذا لم يأت نجمه ، وله البيع والشراء إجماعا ، والنفقة ممّا في يده على نفسه بالمعروف وعلى رقيقه والحيوان المملوك ، وتأديب عبيده وتعزيرهم ، دون إقامة الحدّ على إشكال ، والمطالبة بالشفعة والأخذ بها من سيّده ، وإقراره بالبيع والشراء والعيب والدّين ، والأقرب ثبوت الربا بينه وبين مولاه ، وله السفر سواء بعد أو لا ، فإن شرط المولى في الكتابة عدمه ففي بطلانه نظر ، ومعه يقوى الإشكال في صحّة الكتابة ، وعلى الصحّة له ردّه ، فإن عجز فالوجه أنّه ليس للمولى تعجيزه إلّا مع العجز عن الأداء.
٥٧٣٣. الثامن : لو جنى عبد المكاتب ، كان له افتكاكه بالأرش مع الغبطة له لا بدونها.
ولو كان المملوك أب المكاتب ، لم يكن له افتكاكه بالأرش وإن قصر عن قيمة الأب على إشكال.
الفصل الثاني : في تصرّفات السيّد
وفيه ستّة مباحث :
٥٧٣٤. الأوّل : ينقطع بالكتابة تصرّفات المولى عن رقبة العبد إلّا أن يعجز مع اشتراط العود في الرقّ عنده ، فليس له بيعه بدون ذلك ولا هبته ولا نقل الملك منه ، وليس له التصرّف في ماله إلّا بما يتعلّق بالاستيفاء ، سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة.
٥٧٣٥. الثّاني : الأقرب عندي أنّ للسيّد بيع النجوم وإن كانت الكتابة مشروطة ، ويتخرّج على قول الشيخ عدم الجواز ، فحينئذ إن قبض المشتري النجوم ، فالوجه العتق ، لأنّ المشتري كالوكيل ، فيردّ عليه ، والعتق على قولنا ظاهر.
٥٧٣٦. الثالث : لو أوصى السيّد بمال الكتابة لرجل صحّ ، فإن سلّم مال الكتابة إلى الموصى له ، عتق ، وكذا لو أبرأه منه ، وإن أعتقه لم يصحّ ، وإن عجز فاسترقّه الوارث كان ما قبضه الموصى له ملكا له بالوصيّة ، والأمر في تعجيزه إلى الوارث ، وإن أراد الموصى له إنظاره ويبطل حقّ الموصى له بالتعجيز ، ولو أراد الوارث إنظاره لم يملك الموصى له (١) تعجيزه.
ولو أوصى به للمساكين ، ونصب قيّما للتفرقة ، لم يبرأ المكاتب بإبراء القيّم ، ولا يدفع المال إلى المساكين ، بل يدفعه إلى القيّم.
__________________
(١) في حاشية المطبوع : لم يكن للموصى له.
ولو أوصى بدفع المال إلى غرمائه ، تعيّن القضاء منه.
وإن أوصى بقضاء ديونه مطلقا ، كان على المكاتب الجمع بين الورثة والوصيّ بقضاء الدّين ، ويدفعه إليهم بحضرته.
٥٧٣٧. الرابع : ليس للمولى وطء المكاتبة بالملك ولا بالعقد ، سواء كانت مطلقة أو مشروطة ، وسواء شرط النكاح في عقد الكتابة أو لا ، فإن طاوعته عزّرت ، ويعزّر للشبهة مع الشرط وعدمه ، والوجه ثبوت المهر عليه لها ، سواء طاوعته أو أكرهها.
ولو كرّر الوطء ، فإن كان قبل أداء المهر لم يتعدّد المهر ، وإلّا تعدّد.
وهل تصير أمّ ولد لو ولدت منه؟ الأقرب ذلك ، فتعتق عند موت مولاها من نصيب ولدها مع العجز ، والولد حرّ ، ولا قيمة عليه.
وليس له وطء بنت المكاتبة ، ويعزّر لو فعله ، والمهر موقوف بملكه إن أعتقت بعتق أمّ الولد ، ولو أحبلها فالأقرب أنّها أمّ ولد على إشكال ، والولد حرّ ولا قيمة عليه للبنت ، لأنّ أمّها لا تملكها ولا لولدها.
وليس له وطء جارية مكاتبه (١) ، ويأثم لو فعل ، ويعزّر ، وعليه المهر للسيّد ، والولد حرّ ، وتصير أمّ ولد ، وعليه قيمتها للسيّد ، وهل تجب قيمة الولد؟ إشكال.
والتعزير الّذي أوجبناه إنّما هو للعالم منهما ، فلو جهلا فلا تعزير ، ولو جهل أحدهما عزّر الآخر.
__________________
(١) في «أ» : مكاتبته.