تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

ولو قصد نفيه عنهما قبل مع اليمين لو أنكرتاه.

ولو قال : أنت أزنى الناس ، لم يكن قذفا ، لانتفاء الزنا عن جماعة الناس ، ولو قصد أزنى من زناة الناس ، حدّ لها خاصّة.

ولو قال لها : أنت أزنى من فلانة ، وثبت زنا فلانة بالبيّنة ، وكان عالما حدّ ، وإن كان جاهلا لم يحدّ.

ولو قال لها : انت زان ، قوّى الشيخ عدم الحدّ إن كان من أهل الإعراب وإلّا وجب ، وكذا قوّى العدم لو قالت له : يا زانية (١).

ولو قال لغيره : زنأت في الجبل ، احتمل الصعود فلا حدّ ، والزنا فيه فيحدّ ، ويقبل تفسيره مع اليمين ، ولو نكل حلف مدّعي القذف وحدّ.

ولو قال : زنأت من غير قيد ، فإن كان من أهل اللّغة رجع إليه في التفسير ، وإن كان عامّيا حدّ ، لأنّ العامّة لا تفرق بين زنأت وزنيت ، والوجه عندي قبول تفسير العامّي لو فسّره بغيره (٢).

ولو صرّح بالياء فقال : زنيت في الجبل ، وقال أردت الترقي ، وتركت الهمزة ، فالأقرب القبول.

ولو قال لزوجته : زنيت وأنت صغيرة ، وفسّر الصغير بما لا يحتمل معه القذف كبنت سنتين أو ثلاث ، عزّر للسبّ دون القذف ، ولا يسقط باللعان ، ولو فسّر بما يحتمل كبنت تسع أو عشر ، حدّ للقذف ، وله إسقاطه باللّعان.

ولو قال : زنيت وأنت نصرانيّة ، فصدّقته في الثاني خاصّة ، أو قامت بيّنة ،

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ٢١٤.

(٢) في «أ» : لغيره.

١٤١

عزّر ، وله إسقاطه باللّعان ، والقول قوله مع اليمين لو ادّعت عدم إرادة قذفه حالة الكفر.

وإن كذبته فيهما ، وثبت ولادتها في الإسلام ، حدّ ، وله أن يلاعن ، وإن لم يعلم حالها ، فالقول قوله مع اليمين ، ويعزّر ويلاعن لسقوطه إن شاء ، ويحتمل تقديم قولها ، فإن نكلت حلف وعزّر.

ولو قال لها : زنيت ، ثم قال بعده : إنّما أردت في حال ما كنت نصرانيّة ، وقالت : بل أردت الآن ، وقدّم قولها مع اليمين.

ولو قال : زنيت وأنت أمة وعرفت الرّقيّة ، عزّر وله اللعان ، وإن عرفت الحريّة في الأصل حدّ ، وإن جهل احتمل الأمرين.

ولو قال : أنت الآن أمة ، فقالت : بل حرّة ، وجهل الحال ، احتمل الأمرين أيضا.

ولو قال : أكرهت على الزنا ، لم يحدّ ، والأقوى تعزيره على السّب وكذا زنا بك نائمة أو زنا بك صبيّ لا يجامع مثله ، ولو قال : يجامع مثله ، حدّ.

٥٥٣١. الثامن عشر : لو طلّقها بعد القذف فتزوّجت بآخر فقذفها ، وجب لها عليهما حدّان ، فإن لاعنا وامتنعت حدّت حدّين.

ولو قذف أجنبيّة فحدّ ، ثمّ قذفها به عزّر ، وإن قذفها بآخر حدّ ثانيا ، وإن قذفها ثانيا قبل حدّه بذلك ، حدّ حدّا واحدا ، وإن كان بعده فحدّان.

ولو تزوّجها بعد قذفه ثمّ قذفها ثانيا ، فإن أقام بيّنة سقط الحدّان وإلّا ثبتا وله إسقاط الثاني خاصّة باللعان.

١٤٢

ولو قذف زوجته ثمّ قذفها بآخر قبل اللعان ، فعليه حدّ واحد ، ويكفي لعان واحد ، ويذكر في كلّ شهادة موجب الكثرة من الزمان (١) أو الفاعل وإن لم يعيّنهما بل أطلق قال : فيما رميتها به من الزناءين.

ولو لاعن ثمّ قذف ثانيا بزنا أضافه إلى ما قبل اللعان ، حدّ.

والقول قوله لو قالت : قذفني قبل التزويج ، وقال : بعده (٢) أو بعد البينونة ، وقال : قبلها ، وقولها (٣) لو قالت : قذفني وأنا أجنبيّة ، فقال : بل أنت زوجتي ، وأنكرت الزوجيّة.

٥٥٣٢. التاسع عشر : لو قال لها : يا زانية ، فقالت بل أنت زان عزّرا ، وله إسقاطه باللّعان ، ولا يسقط عن المرأة إلّا بالبيّنة.

ولو قال للزّوجة والأجنبيّة : زنيتما ، وأقام البيّنة حدّتا ، وإن لاعن سقط حدّ زوجته خاصّة ، وإن لم يفعلهما حدّ لكلّ واحدة حدّا كاملا.

ولو قذف جماعة بلفظ واحد ، فإن جاءوا به مجتمعين ، فعليه حدّ واحد ، وإن جاءوا به متفرّقين ، حدّ لكلّ واحد حدّا كاملا ، سواء كانوا ذكورا ، أو إناثا ، أو بالتفريق ، وسواء كنّ زوجات ، أو أجانب ، أو بالتفريق ، فإن أقام بيّنة حدّ من أقام البيّنة عليه ، وله إسقاط حدّ الزوجات باللعان ، ويفتقر إلى تعدّده ، ولا يتحد برضاهنّ بلعان واحد ، ويبدأ بلعان من تخرجه القرعة مع التشاحّ.

٥٥٣٣. العشرون : إذا قذف زوجته بزنا في طهر جامعها فيه ، وأتت بولد ، كان

__________________

(١) في «ب» : من الزنا.

(٢) في «أ» : ولو قال بعده.

(٣) أي القول قولها.

١٤٣

له أن يلاعن لنفيه ، ولو قذف محصنا حدّ ، فإن ثبت زنا المقذوف قبل حدّه ، سقط ، قال الشيخ : ويقوي عدمه (١).

٥٥٣٤. الحادي والعشرون : إنّما يجب الحدّ بقذف المحصن ، وهو الحرّ المكلّف المسلم العفيف عن الزنا ، وكذا المرأة ، ويجب بقذف غيره (٢) التعزير ، ويخرج المحصن عن إحصانه بالوطء المحرّم الّذي لم يصادف ملكا ، كالعاقد على المحارم ، أو وطء جارية أبيه أو ابنه أو المرهونة عنده ، ويجب به الحدّ ، أمّا المصادف كالحائض والمحرمة والمظاهرة والمولى منها فلا حدّ للزنا بل للقذف ، ولا خروج عن الإحصان ، وكذا وطء الشبهة ، والوطء من الصبيّ والقبلة والملامسة ، ومقدّمات الزنا ، والردّة الطّارئة بعد القذف ولا الزنا الطّارئ.

ولو ادّعى القذف وأقام شاهدين ، حبس القاذف حتى تثبت العدالة ؛ قاله الشيخ (٣) ، بخلاف ما لو أقام واحدا ، ويحبس في المال بالواحد ، ولا تصحّ الكفالة بالبدن لحدّ الله تعالى أو لحدّ الآدميّ.

٥٥٣٥. الثاني والعشرون : قول الرّجل لامراته : زنيت أو يا زانية أو زنى فرجك ، صريح في القذف ، وكذا النّيك وإيلاج الحشفة ، دون زنت يدك أو رجلك أو عينك ، والأقرب في بدنك (٤) الصريح ، فلا يقبل قوله في الصريح لو فسّر بغيره ، بخلاف الكناية (٥) فيقبل قوله لو أراد العدم مع اليمين إن كذّبته.

وليس له أن يحلف كاذبا على إخفاء نيّته ، وإن لم يحلف فله أن لا يقرّ

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ٢١٩.

(٢) أي غير المحصن.

(٣) المبسوط : ٥ / ٢٢١.

(٤) أي لو قال : زنى بدنك.

(٥) في النسختين «الكتابة» وهو مصحّف.

١٤٤

بالنيّة (١) حتّى لا يؤذي المقذوف ، لكن يجب عليه الحدّ بينه وبين الله ، مع احتمال وجوب الاعتراف لتوفية الحدّ.

ولو قال له : يا حلال ابن الحلال ، أو ما أحسن ذكرك في الجيران ، أو ما أنا بزان ولا أمّي زانية ، أو للقرشي : يا نبطيّ ، أو يا فاسقة ، أو يا غلمة (٢) ، أو يا شبقة (٣) ، فإن قصد القذف حدّ وإلّا عزّر ، ولو قال : بارك الله لك ، أو ما أحسن وجهك ، لم يكن قذفا وإن قصده.

٥٥٣٦. الثالث والعشرون : إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها ، فإن كان قد تقدّم قذفه حدّوا أجمع وله خاصّة إسقاط حدّه باللعان ، وإن لم يتقدّم القذف فيه روايتان (٤) أقربهما أنّه كذلك ، لقوله تعالى (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) (٥) واستدلال الشيخ (٦) بقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ) (٧) ليس بذلك القويّ.

٥٥٣٧. الرابع والعشرون : لو قذفها ونفى الولد وأقام أربعة بالزنا لم ينتف النسب ، وإنّما ينفيه باللعان ، سواء كان حملا أو منفصلا.

٥٥٣٨. الخامس والعشرون : يجب عليه الحدّ بالقذف ، ويسقط باعترافها ، فلو

__________________

(١) في «أ» : «بالبيّنة» وهو مصحّف.

(٢) في مجمع البحرين : الغلمة ـ كغرفة ـ شدّة الشهوة ، واغتلم البعير : إذا هاج من شدّة شهوة الضراب.

(٣) في مجمع البحرين : الشّبق ـ بالتحريك ـ شدّة الميل إلى الجماع.

(٤) الوسائل : ١٥ / ٦٠٦ ، الباب ١٢ من أبواب اللعان ، الحديث ١ و ٢ ؛ التهذيب : ٦ / ٢٨٢ برقم ٧٧٦ ـ ٧٧٧.

(٥) النور : ٤.

(٦) التهذيب : ٦ / ٢٨٢.

(٧) النور : ٦.

١٤٥

ادّعاه وأنكرت فأقام شاهدين باعترافها ، قال الشيخ : مذهبنا أنّه لا يثبت إلّا بأربعة كالزنا (١) ولو أقام أربعة سقط الحدّ عنه إجماعا ، وكذا يسقط عنها ، لأنّ الرجوع عن الإقرار يسقط الرجم.

ولو عجز القاذف عن البيّنة ، فهل له مطالبة المقذوف باليمين أنّه لم يزن؟ فيه نظر ، وليس دعوى الإقرار بمجرّدها قذفا ، ولو عدم البيّنة كان له إحلافها إن كان قذف أوّلا ، فإن نكلت حلف القاذف أنّها أقرّت فيسقط حدّه ، ولا يجب عليها حدّ.

٥٥٣٩. السادس والعشرون : لو ادّعى أنّ المقذوفة مشركة أو أمة حالة القذف ، وقالت : قبله ، قدّم قوله مع اليمين ، وكذا لو أنكرته أصلا.

ولو قال : كنت مرتدّة حالة القذف ، فأنكرت ، فالقول قولها مع اليمين.

ولو أقام بيّنة بصغرها حالة القذف ، وأقامت بالكبر ، فإن كانتا مطلقتين ثبتتا معا ، فإن اتّحد التاريخ تعارضتا ، قال الشيخ : وتستعمل القرعة. (٢) وفيه نظر.

٥٥٤٠. السابع والعشرون : لو شهدا بأنّه قذف زوجته وقذفهما ، لم تقبل شهادتهما لهما ولا للزوجة ، فإن أسقطا حدّهما (٣) ومضت مدّة عرف صلاح الحال بينهم ، ثمّ أعادا الشهادة للزوجة ، قال الشيخ : يقوى عندي قبولها (٤).

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ٢٢٤.

(٢) قال الشيخ : فإن كانت البيّنتان مطلقتين ، حكم ببيّنة المرأة ، لأنّها أثبتت ما أثبتت البيّنة الأخرى وزيادة فقدّمت لزيادتها ، وإن كانتا مؤرختين تاريخا واحدا فهما متعارضتان ، واستعمل فيهما القرعة عندنا. المبسوط : ٥ / ٢٢٥.

(٣) في المبسوط : ٥ / ٢٢٥ : فإن عفوا عن قذفهما وأبرءاه عن الحدّ.

(٤) المبسوط : ٥ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

١٤٦

ولو ادّعيا قذفهما وأبرءاه ثم شهدا بقذف الزوجة بعد زوال العداوة ، فهاهنا القبول أولى ، وكذا لو شهدا بقذفها فحكم ثمّ ادّعيا قذفهما ، أمّا لو لم يحكم فالأقرب الردّ للعداوة.

ويقبل لو شهدا بأنّه قذف زوجته وقذفنا ، لكن عفونا ، وحسن الحال بيننا.

ولو شهدا بقذف زوجته وأمّهما قبلت لهما.

ولو شهدا بأنّه قذف ضرّة أمّهما قبلت ، وكذا لو شهدا بطلاقها.

٥٥٤١. الثامن والعشرون : لا تثبت دعوى القذف إلّا بشاهدين متّفقين ، فلو شهد أحدهما بالقذف بالعربيّة أو يوم الخميس ، والآخر بالعجميّة أو يوم السبت ، لم يثبت ، أمّا لو شهدا بالإقرار بالصيغتين أو في الوقتين فإنّهما تقبلان (١) بخلاف ما لو شهد أحدهما بالقذف والآخر بالإقرار به ، أو شهد أحدهما أنّه أقرّ أنّه قذفها بالعربيّة والآخر أقرّ أنّه قذفها بالعجميّة ، لأنّ العربيّة والعجميّة هنا عائدتان إلى القذف لا إلى الإقرار به.

ولو شهد أحدهما أنّه قال : القذف الّذي كان منّي كان بالعربيّة ، وشهد الآخر أنّه قال : القذف الّذي كان منّي كان بالعجميّة ، احتمل عدم القبول ، لأنّهما قذفان ، وثبوته لإقراره بالقذف ، وقوله بالعربيّة أو العجميّة إسقاط لإقراره.

٥٥٤٢. التاسع والعشرون : نفي الولد على الفور ، فلو أخّر مع القدرة ، بطل

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٥ / ٢٢٧ : إذا شهد شاهدان أحدهما بأنّه أقرّ بالعربيّة بأنّه قذفه ، وشهد الآخر بأنّه أقرّ ، بالفارسيّة بأنّه قذفه ، أو شهد أحدهما بأنّه أقرّ يوم الخميس بأنّه قذفه ، وشهد الآخر بأنّه أقرّ يوم الجمعة بأنّه قذفه ، حكم بهذه الشهادة وثبت القذف ، لأنّ الإقرار وإن اختلف فالمقرّ به واحد.

١٤٧

نفيه ، ولا يجب مخالفة العادة في مشيه إلى الحاكم ، فإن أخّر وقال : لم أعرف ولادتها ، قدّم قوله مع اليمين إن كان بعيدا عنها ، وإن كانا في دار واحدة لم يقبل.

ولو قال : عرفت الولادة ولا أعرف أنّ لي النفي قدّم قوله مع اليمين إن احتمل الصدق ، بأن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو نشأ في بلاد بعيدة عنه ، ولو لم يكن كذلك لم يقبل.

ولو لم يتمكّن من النفي لمرض ، أو حبس ، أو حفظ مال ، أو اشتغال بمطالبة غريم ، كان له النفي عند زوال العذر ، ويجب عليه الإشهاد على إقامته على النفي إن تمكّن ، فإن لم يشهد مع المكنة بطل نفيه.

ولو كان بعيدا وجب عليه الحضور والنفي ، فإن تأخّر بطل نفيه إلّا لخوف في الطريق أو غيره من الأعذار ، والحكم مع التمكّن من الشهادة ما تقدّم.

ولو حضر وقال : لم أسمع بولادتها قدّم قوله مع اليمين ، وكذا لو قال : سمعت ولم أصدقه ما لم يبلغ التواتر.

٥٥٤٣. الثلاثون : إنّما يلحق الولد مع إمكان الوطء ، ولا يكفي العقد المجرّد للقادر على الوطء إذا لم يعلم إمكان وطئه ، فلو تزوّج عند الحاكم وطلّقها في المجلس ثلاثا ، ثمّ أتت بولد من حين العقد لستّة أشهر لم يلحقه ، وكذا لو تزوّج مشرقيّ بمغربيّة ، ثم أتت بولد لستّة أشهر من حين العقد ، وكذا لو تزوّج ثمّ غاب وانقطع خبره ، فقيل للمرأة : إنّه مات ، فاعتدّت وتزوّجت وجاءت بأولاد ، ثمّ جاء الأوّل ، فلا ولد للأوّل. (١)

__________________

(١) هذه الفروع نقلها الشيخ في المبسوط : ٥ / ٢٣٢ عن أهل السنّة ووصف آراءهم بالبطلان ، ونقلها المصنّف مع ذكر ما هو الحق فيها.

١٤٨

٥٥٤٤. الحادي والثلاثون : لو عفت عن الحدّ ولا نسب ، انحصر غرض اللّعان في قطع النكاح ودفع عار الكذب والانتقام منها ، والأقرب جواز اللعان بمجرّد هذه الأغراض ، وأولى بالجواز لو سكتت عن الحدّ وما عفت ، والأصل فيه أنّ طلبها هل يشترط في اللعان أم لا؟ ولو قصد نفي النسب لم يتوقّف اللعان على طلبها.

ولو قال : زنى بك ممسوح ، (١) أو هي رتقاء ، فلا لعان ، للعلم بكذبه ويعزّر تأديبا.

٥٥٤٥. الثاني والثلاثون : من شرائط اللعان النكاح الدائم على ما تقدّم ، فلو قذف الأجنبيّ حدّ ولا لعان ، والطلاق الرجعيّ لا يمنع اللّعان.

ولو ارتدّ الزّوج فإن كان عن فطرة فلا يلاعن ويحدّ بالقذف ، وإن كان عن غير فطرة فلاعن وعاد إلى الإسلام تبيّن صحّة اللعان ، ولو أصرّ تبيّنا فساده.

ولو وطئ في نكاح فاسد أو شبهة لم يصحّ اللّعان للقذف (٢) ولا لنفي النسب.

ولو ظنّ صحّة النكاح فلاعن ، ففي سقوط الحدّ نظر يترتّب على سقوطه باللعان الفاسد ، وكذا البحث في سقوط حدّ المرتدّ إذا لاعن وأصرّ.

ولو اشترى زوجته فأتت بولد لا يمكن أن يكون بعد الشراء ، فله اللّعان ، وإن احتمل فلا لعان ، فلو ادّعى الوطء في الملك والاستبراء بعده ، لم يلحقه

__________________

(١) في تهذيب اللّغة للأزهري : ٤ / ٣٥٢ : خصي ممسوح : إذا سلتت مذاكيره.

(٢) في «أ» : «للمقذوف» وهو مصحّف.

١٤٩

بسبب ملك اليمين (١) للاستبراء ، والأقرب لحوقه بالنكاح ، فله النفي باللعان.

٥٥٤٦. الثالث والثلاثون : لو قذفها بأجنبيّ وذكره في اللعان ، لم يسقط حقّ الأجنبيّ ، وأولى بعدم السقوط لو لم يذكره فيه.

٥٥٤٧. الرابع والثلاثون : إذا ولدت توأمين بينهما أقلّ من ستّة أشهر ، فإن نفاهما ثم استلحق أحدهما ، لحقه الثاني ولا يتبعّض ، ويغلب جانب الإثبات.

ولو نفى الحمل فأتت بتوأمين انتفيا ، وله أن ينفي أولادا عدّة بلعان واحد ، وبين التوأمين المنفيّين إخوة الأمّ لا إخوة الأب.

ولو استلحق الولد المنفي لحق به ، وإن كان اعترافه به بعد الموت ويرثه ، وكذا لو نفى بعد الموت ورثه ، وكذا لو نفى بعد الموت ثمّ استلحقه به.

ولو استلحقه بعد اللعان لم يعد النسب لكن يرثه الولد لو مات الأب ، ولا يرث الأب لو مات الولد.

والأقرب أنّه لا يشترط تصديق الولد في الاعتراف ، نعم لو صدّقه في النّفي ، ففي إرثه إشكال.

ولو قتل هذا الأب ولده ، فالأقرب ثبوت القصاص ، لانتفاء الحرمة من طرف الأب ، وكذا لو قذفه ثبت له الحدّ عليه.

__________________

(١) في «أ» : لم يلحقه نسب ملك اليمين.

١٥٠

المقصد السادس : في العدّة

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : في من لا عدّة عليها

وفيه ثلاثة مباحث :

٥٥٤٨. الأوّل : الزوجة إن لم تكن مدخولا بها لم تكن عليها عدّة من الطلاق والفسخ عدا الوفاة.

والدخول يحصل بإيلاج الحشفة قبلا ، ولا يشترط الإنزال ، ولو خلا بها من غير وطء لم تجب العدّة على أقوى القولين ، سواء وطئها فيما دون الفرج أو لا ، وسواء كانت الخلوة تامّة بأن تكون في منزله ، أو غير تامّة بأن تكون في منزل أبيها.

ولو اختلفا مع الخلوة في الإصابة ، فالقول قوله مع اليمين في العدم ، فإن أقامت شاهدين أو شاهدا وامرأتين ، حكم بالبيّنة ، ويقبل الشاهد واليمين ، لأنّ

١٥١

القصد استحقاق كمال المهر ، قال الشيخ : والّذي يقتضيه أحاديث أصحابنا أنّه إن كان هناك ما يعلم صدق قولها مثل ان كانت بكرا فوجدت كما كانت فالقول قولها ، وإن كانت ثيّبا فالقول قول الرّجل ، لأنّ الأصل عدم الدخول. (١) وهذا القول مضطرب.

ولو كان طلّقها ثمّ ادّعى الدخول وأقام شاهدا واحدا لم يحلف معه ، لأنّه يثبت الرجعة وليست مالا.

ولو أتت من أنكر دخولها بولد لستّة أشهر من حين العقد ، لحق نسبه لإمكان أن يكون منه ، بأن يطأها فيما دون الفرج فيسبق الماء إلى الفرج ، أو تستدخل ماءه فتحمل منه ، وله نفيه باللعان.

ولا يجب المهر لو اتفقا على الوطء فيما دون الفرج أو استدخال الماء ، ولو اختلفا فيه مع نفي الولد الملحق به ، فالقول قول الزوج مع اليمين.

ولو لحقه نسب الولد ولم ينفه ، واختلفا في الإصابة ، قال الشيخ : الأقوى أنّ عليه المهر كملا. (٢)

٥٥٤٩. الثاني : المجبوب إن بقي من ذكره ما يمكنه الوطء به بقدر الحشفة ، فحكمه حكم الصّحيح ، وإن لم يبق منه شي‌ء ، لحق به الولد لإمكان الحمل بالمساحقة ، وتعتدّ بالحمل إن حملت وعدّة الوفاة ، فأمّا عدّة الطلاق فلا يجب.

أمّا الخصيّ وهو من قطعت خصيتاه ، والمسلول وهو من سلّت بيضتاه ،

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ٢٤٨.

(٢) المبسوط : ٥ / ٢٤٨.

١٥٢

فإنّه يجب له العدّة بالدخول من الطلاق وغيره ، وإن لم يكن هناك حمل.

٥٥٥٠. الثالث : اليائسة وهي الّتي بلغت خمسين سنة أو ستّين إن كانت قرشيّة أو نبطيّة لا عدّة عليها إلّا في الوفاة خاصّة ، لا في طلاق ولا في غيره ، وكذا الصغيرة وهي الّتي لها دون تسع سنين ، سواء دخل بها أو لا ، وهي رواية زرارة الحسنة عن الصادق عليه‌السلام (١) وإليه ذهب معاوية بن حكيم (٢) من قدماء علمائنا، قال الشيخ: وجميع فقهائنا المتأخرين(٣).

وقال السيّد المرتضى رحمه‌الله : تجب العدّة عليهما مع الدخول ثلاثة أشهر ، لعموم قوله : (وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) إلى قوله (وَاللّائِي لَمْ يَحِضْنَ) (٤). (٥)

وليس فيه دلالة صريحة على مطلوبه ، للتقييد بالرّيبة.

فقد تلخّص من ذلك أنّ غير المدخول بها لا عدّة عليها في الطلاق والفسخ ، وكذا اليائسة والصبيّة ، وتجب عدّة الوفاة عليهنّ.

__________________

(١) التهذيب : ٨ / ١٣٧ برقم ٤٧٩ ـ باب عدد النساء ـ الوسائل : ١٥ / ٤٠٦ ، الباب ٤ من أبواب العدد ، الحديث ٣. وفيه : عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام.

(٢) قال النجاشي : ثقة جليل ، من أصحاب الرضا عليه‌السلام ، وله كتب ، وعدّه الكشي من أجلّ العلماء والفقهاء.

(٣) التهذيب : ٨ / ١٣٨ ، في ذيل الحديث ٤٨١ ؛ الاستبصار : ٣ / ٣٣٨ في ذيل الحديث ١٠٢٥.

(٤) الطلاق : ٤.

(٥) الانتصار : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، المسألة ١٨٨.

١٥٣

الفصل الثاني : في عدّة الحرائر في الطلاق

وفيه ستّة مباحث :

٥٥٥١. الأوّل : المطلّقة الحرّة المدخول بها إن كانت من ذوات الأقراء ، وهي الأطهار ، فعدّتها ثلاثة أقراء ، سواء كانت تحت حرّ أو عبد ، وحكم كلّ فسخ عدا الموت حكم الطّلاق في العدّة.

ويحتسب الطّهر الّذي يقع فيه الطلاق من الثلاثة إن لم يتعقّب الحيض الطّلاق بلا فصل ، فلو حاضت مع انتهاء اللّفظ الواقع في الطّهر بحيث لم يحصل زمان يتخلّل الطلاق والحيض ، صحّ الطّلاق ، ولا يحتسب ذلك الطّهر من الثّلاثة ، بل يفتقر إلى ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض.

والقول قولها لو ادّعت بقاء جزء من الطهر عقيب الطلاق فتكمل قرءين آخرين.

٥٥٥٢. الثاني : إنّما يتحقّق حصول الأقراء الثلاثة إذا رأت الدّم الثالث ، فحينئذ تنقضي العدّة بأوّل لحظة ترى الدّم فيها ، فتكون دلالة لا جزءا (١) من العدّة ، خلافا للشيخ (٢) هذا إذا كانت عادتها مستقرة ، وإن اختلفت صبرت إلى انقضاء أقلّ الحيض.

__________________

(١) أي تكون اللحظة الأخيرة دلالة على انقضاء العدة قبلها لا جزءا منها.

(٢) المبسوط : ٥ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

١٥٤

وأقلّ زمان ينقضي فيه عدّة الحرّة ستّة وعشرون يوما ولحظتان ، الأخيرة دلالة لا جزء على ما تقدّم. وتظهر الفائدة في الرّجعة.

فلو أخبرت بعد انقضاء هذه الأيّام بحصول الأقراء الثلاثة صدقت ، سواء كانت لها عادة أكثر من ذلك أو لا ، وعليها اليمين إن كذّبها الزّوج ، فإن أخبرت بانقضاء العدّة في دون ذلك ، لم يقبل ، فإن مضى زمان الإمكان ، وقالت : وهمت في الإخبار والآن انقضت عدّتي ، قبل قولها ، وإن كانت مقيمة على ما أخبرت به ، فالوجه أنّه لا يحكم بالانقضاء.

ولو ادّعت الانقضاء بالوضع ، قبل قولها إذا مضى بعد الوطء أو إمكانه [وقت] وضع أيّ شي‌ء كان ، ولا يشترط صيرورته مضغة.

ولو كانت معتدّة بالشهور ، فإن اتّفقا على زمان الطلاق أو الوفاة ، احتسب ثلاثة أشهر أو أربعة وعشرة أيّام ، وإن اختلفا فالقول قول الزوج ، لأنّ القول قوله في أصل الطلاق وكذا في وقته.

٥٥٥٣. الثالث : الّتي لا تحيض ، وهي في سنّ من تحيض ، تعتدّ من الطلاق والفسخ مع الدخول بثلاثة أشهر ، أمّا اليائسة للكبر أو الصغيرة التي لم تبلغ ، فالأصحّ أن لا عدّة عليهما وإن دخل بهما على ما تقدّم (١) خلافا للسيّد (٢) ولو كان مثلها تحيض اعتدّت بثلاثة أشهر ، فإن خرجت الثلاثة ولم تر دما خرجت من العدّة ، وكذا لو رأت الأطهار الثلاثة وان لم تنقض الأشهر.

__________________

(١) لاحظ المسألة الثالثة من الفصل الأوّل.

(٢) الانتصار : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، المسألة ١٨٨.

١٥٥

أمّا لو رأت الدّم في الشهر الثالث وتأخّرت الحيضة الثانية والثالثة فإنّها تصبر سنة ، لاحتمال الحمل ، ثمّ تعتدّ بعد ذلك بثلاثة أشهر ، وهذه هي المسترابة ، والشيخ رحمه‌الله قال في النهاية : إن تأخّرت الحيضة الثانية صبرت تمام تسعة أشهر ، ثمّ تعتدّ بثلاثة أشهر ، وإن رأت الحيضة الثانية صبرت سنة ، ثمّ تعتدّ بثلاثة أشهر ، وأيّهما مات ما بينه وبين خمسة عشر شهرا ورثه الآخر (١) وفيه إشكال ، والرواية (٢) ضعيفة (٣).

٥٥٥٤. الرابع : إذا رأت الدّم بعد الطلاق مرّة ، ثمّ بلغت سنّ اليأس اعتدّت بشهرين آخرين.

ولو طلّق المستحاضة وعرفت أيّام حيضها اعتدّت بالأقراء ، وإن لم تعرفها اعتبرت صفة الدّم ، واعتدّت بما شابه دم الحيض ، فان اشتبه رجعت إلى عادة نسائها ، فإن اختلفن أو فقدن ، اعتدّت بثلاثة أشهر إن قلنا إنّ هذه تتحيّض في كلّ شهر مرّة ، وعلى قول بعض علمائنا إنّها تجعل عشرة أيّام طهرا وعشرة حيضا كانت عدّتها أربعين يوما ولحظتين.

__________________

(١) النهاية : ٥٣٣.

(٢) وهي ما رواه الشيخ باسناده عن عمار الساباطيّ قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل عنده امرأة شابّة وهي تحيض في كلّ شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة كيف يطلّقها زوجها؟ فقال : أمر هذه شديد هذه تطلّق طلاق السنّة تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود ، ثم تترك حتّى تحيض ثلاث حيض ، متى حاضتها فقد انقضت عدّتها ، قلت له : فإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض ، فقال : يتربّص بها بعد السّنة ثلاثة أشهر ثمّ قد انقضت عدّتها ، قلت : فإن ماتت أو مات زوجها؟ قال : أيّهما مات ورث صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهرا.

التهذيب : ٨ / ١١٩ برقم ٤١٠ ؛ الوسائل : ١٥ / ٤٢٢ ، الباب ١٣ من أبواب العدد ، الحديث ١.

(٣) لأجل عمّار الساباطي.

١٥٦

ولو كان لها عادة مستقيمة ثمّ اضطربت ، فصارت بعد أن كانت تحيض في كلّ شهر عشرة لا تحيض إلّا في شهرين أو ثلاثة وصار عادتها (١) اعتدّت بالأقراء المتجدّدة لا بالعادة الأولى.

ولو صارت لا تحيض إلّا بعد ثلاثة أشهر أو أزيد ، اعتدّت بالأشهر.

والضابطة (٢) ما تقدّم من أنّ الاعتبار بالسابق من ثلاثة الأشهر البيض أو ثلاثة الأقراء.

ولو كانت لا تحيض إلّا في كلّ أربعة أشهر فما زاد مرّة ، اعتدّت بالأشهر أيضا.

٥٥٥٥. الخامس : المعتدّة بالأشهر إن طلّقت في أوّل الهلال ، اعتدّت بثلاثة أشهر أهلّة ، وإن طلّقت في أثناء الشهر ، اعتدّت بهلالين ، وأخذت من الرّابع تكملة (٣) ثلاثين للأوّل ، وقوّى الشيخ تكملة الفائت من الأوّل (٤) وتلفق الساعات والأنصاف.

ولو ارتابت بالحمل بعد انقضاء العدّة والنكاح ، لم يبطل إلّا أن يظهر الحمل ويتحقّق أنّه من الأوّل.

ولو حدثت الريبة بعد العدّة وقبل النكاح ، جاز لها أن تنكح الثاني.

أمّا لو ارتابت به قبل انقضاء العدّة ، فإنّها لا تنكح ولو انقضت العدّة ، حتّى يتحقّق الخلوّ أو تضع الحمل.

__________________

(١) في «ب» : وصار عادة.

(٢) في «أ» : والضابط.

(٣) في «ب» : تكمله.

(٤) المبسوط : ٥ / ٢٣٩.

١٥٧

قال الشيخ : إذا طلّقها فارتابت بالحمل بعد الطلاق ، أو ادّعته ، صبر عليها تسعة أشهر ، ثمّ تعتدّ بعد ذلك بثلاثة أشهر ، فإن ادّعت بعد ذلك حملا ، لم يلتفت إليها. (١) وقال ابن إدريس : التّسعة كافية. (٢) وهو جيّد.

٥٥٥٦. السادس : الصغيرة عند السيّد المرتضى أو الّتي لم تحض وهي في سنّ من تحيض عندنا إذا اعتدّت بالشهور ، ثمّ رأت الدم بعد العدّة ، فإنّ عدّتها مضت ، ولا يلزمها عدّة بالأقراء إجماعا ، وإن رأت الدّم قبل انقضائها ، فإنّها تنتقل إلى الأقراء ، وهل يعدّ (٣) لها بالطهر قبل الدّم قرء؟ الأقوى ذلك ، لأنّه انتقال من طهر إلى حيض ، ويحتمل عدمه ، لأنّ القرء هو الطهر بين الحيضتين.

الفصل الثالث : في عدّة الحامل في الطلاق

وفيه عشرة مباحث :

٥٥٥٧. الأوّل : الحامل تعتدّ من الطلاق بوضع الحمل ، سواء كانت حرّة أو أمة ، وسواء وضعته بعد الطلاق بلا فصل ، أو تأخّر أكثر زمان الحمل ، وقال ابن بابويه :

تعتدّ بأقرب الأجلين ، فإن مضت ثلاثة أشهر ولم تضع خرجت من العدّة وان وضعت قبل ثلاثة أشهر خرجت أيضا من العدّة (٤) والمعتمد الأوّل.

٥٥٥٨. الثاني : لا فرق بين أن يكون الحمل تامّا ، أو غير تامّ بعد أن يعلم أنّه

__________________

(١) النهاية : ٥٣٤.

(٢) السرائر : ٢ / ٧٤٣.

(٣) في «أ» : وهل يعتدّ.

(٤) المقنع : ٣٤٦ ـ الطبعة الحديثة ـ

١٥٨

حمل وإن كان علقة ، سواء ظهر فيه خلق آدميّ من عين أو ظفر أو يد أو رجل ، أو لم يظهر ، لكن تقول القوابل بأنّ فيه تخطيطا باطنا ، لا يعرفه إلّا أهل الصّنعة ، أو تلقي دما مستجدا ليس فيه تخطيط ظاهر ولا باطن لكن شهدت القوابل انّه مبدأ خلق آدميّ ، لو بقي لتخلّق وتصوّر ، أمّا لو ألقت دما لا يعلم هل هو ما يخلق فيه الآدمي أو لا؟ فإنّ العدّة لا تنقضي به ، وقال الشيخ : لو ألقت نطفة أو علقة انقضت بها العدة. (١)

٥٥٥٩. الثالث : لو طلّقت فادّعت الحمل ، صبر عليها تسعة أشهر ، هي أقصى مدّة الحمل ، ثمّ لا يلتفت إلى دعواها ، وفي رواية (٢) سنة ، وكذا لو وضعت ولدا فادّعت بقاء آخر على أحد القولين.

٥٥٦٠. الرابع : لو كانت حاملا باثنين ولدتهما ، وبينهما أقلّ من ستّة أشهر ، للشيخ قولان : أحدهما أنّها تبين بوضع الأوّل ، ولا تحلّ للأزواج حتّى تضع الجميع (٣) ، والثاني أنّها إنّما تبين بوضع الجميع (٤) وهو الأقوى ، وكذا لو ارتجعها وقد خرج بعض ولدها صحّت الرجعة ، ولا تبين إلّا بوضع جملة الولد.

٥٥٦١. الخامس : لعلمائنا قولان في الحامل هل ترى دم الحيض أم لا؟ فإن قلنا بالأوّل لم تنقض العدّة به بل بوضع الحمل.

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ٢٤٠.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٤٤١ ، الباب ٢٥ من أبواب العدد ، الحديث ١.

(٣) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٥١٧ و ٥٣٤.

(٤) وهو خيرته في المبسوط : ٥ / ٢٤١ ، مدّعيا عليه الإجماع إلّا عن عكرمة فإنّه قال : تنقضي بوضع الأوّل.

١٥٩

٥٥٦٢. السادس : تعتدّ الحامل من الزنا إذا طلّقها الزوج بالأشهر لا بالوضع من حين الطلاق ، ولا اعتبار بالحمل ، ومن الشبهة تعتدّ بالوضع لمن التحق به ، وبالأشهر بعدّة الطلاق ، ولا تتداخل العدّتان.

ولو زنت امرأة خالية من بعل فحملت ، لم تكن عليها عدّة من الزنا ، وجاز لها التزويج ، ولو لم تحمل ، فالأقرب أنّ عليها العدّة.

٥٥٦٣. السابع : إذا اتّفقا على زمان الوضع ، ثمّ ادّعت وقوع الطلاق قبله ، وادّعى هو البعديّة ، قدّم قوله مع اليمين.

ولو اتّفقا على زمان الطلاق ، وادّعى تقدّم الولادة عليه ، وادّعت تأخّرها ، قدّم قولها مع اليمين.

ولو جهلا الزمانين (١) ، لكن ادّعى سبق الولادة وادّعت سبق الطلاق ، قدّم قوله ، لأصالة بقاء الرّجعة ، ولو جهلا السبق أيضا ، فللزّوج الرجعة ، لأصالة البقاء ، ويستحبّ له تركها لجواز الانقضاء (٢) ولو ادّعى تأخّر الطلاق عن الولادة ، فقالت : لا أعلم ، لم يكن جوابا ، وألزمت التصديق أو التكذيب ، فإن نكلت حلف ، وكذا لو قالت : تأخّرت الولادة ، فقال : لا أعلم ، كلّف أحد الأمرين ، فإن نكل حلفت.

٥٥٦٤. الثامن : لو أتت بولد بعد الطلاق لتسعة فما دون من حين الطلاق ، لحقه في البائن والرّجعي ، سواء أقرّت بانقضاء العدّة أولا ، واستحقّت النفقة والسكنى

__________________

(١) مع العلم بسبق أحدهما على الآخر في مقابل ما يأتي من الجهل بالسبق أيضا.

(٢) أي لاحتمال انقضاء العدة في الواقع.

١٦٠