موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٤

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٤

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦

وفي هذه النصوص كلها ما يوضح الوضع أكثر ، ويدل بصراحة على أن الأخبار جاءتنا مبتورة ناقصة ... وقد انكشف نوعا بعض الغموض وإن كان هذا المؤرخ أيضا لم يعين تاريخ ولايته على بغداد ولا تاريخ انفصاله منها. ولعل الصحيح ما بينه نعيما في تاريخه لاستقائه من المنابع الرسمية.

حوادث سنة ١٠١٢ ه‍ ـ ١٦٠٣ م

الوالي صارقجي مصطفى باشا

هذا ولي بعد الوزير حسن باشا. والظاهر أنه طرناقجي حسن باشا وأن صاحب السجل قال عن صارقجي : «تربى في البلاط فصار رئيس البوابين (قپوچي باشي) ثم نال منصب سلحدار. وفي ١٧ ربيع الأول سنة ١٠٠٥ ه‍ ولي رياسة الينكچرية ، وبعد مدة قليلة ولي إمارة وان ، ثم صار واليا على بغداد. وبعد ذلك انفصل منها وجاء الآستانة توفي في شعبان سنة ١٠١١ ه‍. وقال مشتهر بسوء الاعتقاد» ا ه. والملحوظ هنا أن صاحب گلشن خلفا أورد شعرا جاء تاريخه (باغ داد) ومن مجموع حروفه يتحصل لنا تاريخ (١٠١٢) ه ونراه الصحيح اللائق بالقبول وهذا هو والد محمد باشا الطيار. توفي ببغداد ودفن في الأعظمية وابنه كانت له الأعمال المجيدة في تسهيل الفتح.

وفاة افراسياب :

في هذه السنة تخمينا توفي أفراسياب مؤسس الإمارة الأفراسيابية في البصرة ذكرنا أعماله وبينا أنه كان همه مصروفا إلى تثبيت الملك وتقوية دعائم الاستقلال في البصرة. أما خلفه ابنه (علي باشا) فقد وجد البناء ثابت الأساس فحول وجهه نحو العلوم والآداب فنالت في أيامه نشاطا.

١٨١

ابن الطويل :

جاء في تاريخ (عيون أخبار الأعيان) في وقائع سنة ١٠١٢ ه‍ ما نصه :

«في هذه السنة ـ سنة ١٠١٢ ه‍ ـ ١٦٠٣ م ظهر في بغداد محمد بلوك باشي بن أحمد الطويل واستقل بحكومتها ، فسار لإزالته والي ديار بكر نصوح باشا مع أربعين ألف مقاتل فبرز إليه ابن الطويل ، فتصافا خارج بغداد ، فكان الفرار نصيب نصوح باشا. ثم إن كاتب ابن الطويل محمد أفندي دبر قتله بيد زوجته ، فجلس مكانه أخوه مصطفى بك ... فأرسل السلطان لإزالته الوزير محمود باشا ابن جغال» ا ه (١).

ومن هنا يفهم أن تاريخ ظهوره في تلك السنة وأن مصافه ، ومقاتلته نصوح باشا كان في سنة ١٠١٥ ه‍.

قال في گلشن خلفا :

«كان بلوك باشي أي رئيس كتيبة الخيالة وبسبب سوء إدارة الحكم تغلب وحكم بالاستقلال ...» ا ه (٢).

والملحوظ أن صاحب گلشن خلفا ذكر هذا الحادث سنة ١٠١٧ ه‍ ، وبين أنه انتصر على نصوح باشا بسبب خيانة السكبانية (٣). وإن محمد چلبي باني تكية المولوية غدر به فقتله ونصب أخاه مصطفى مكانه. ولعل واقعة نصوح باشا كانت في تلك السنة التي ذكرها صاحب گلشن خلفا.

__________________

(١) تاريخ الغرابي مخطوطتي ج ٢ ص ٩١.

(٢) كلشن خلفا ص ٦٦ ـ ٢.

(٣) السكبانية. نوع جند أهلي من المشاة.

١٨٢

حوادث سنة ١٠١٤ ه‍ ـ ١٦٠٥ م

روحي البغدادي

أصل نسبه من الروم إلا أن والده كان من مماليك أمير أمراء بغداد اياس باشا ، التحق بجيش المتطوعين ببغداد ، وأن ابنه روحي واسمه عثمان ولد ببغداد فنعت بالبغدادي وأن خلقه مرغوب المحبين ، ووجوده طاهر ، وذهنه مستقيم قوي ، وبلاغته روضة أريضة ، وله نظم جميل منعش ، ومعرفة لا توصف ... غنى بالشعر فبرع فيه. وصار يغرد فيه الأدباء فله طبع شعري لا يزاحم ، وفيه رقة لا تقدر ... اتفقت الكلمة على حلو ألفاظه ، وحسن انسجام أسلوبه سواء في التركية أو في الفارسية فقد برع في النظم باللغتين (١) ... وقد طبع ديوانه التركي سنة ١٢٨٧ ه‍ كما أن عهدي أورد له جملة من المختارات. نال شعره رغبة فائقة ولا يزال معتبرا حتى أيام عهدي دون عنه في تذكرته. أورد له ضيا باشا في كتابه (خرابات) موشحه المسمى بـ (تركيب بند) وعارضه بآخر مثله.

وقال فيه صاحب (قاموس الاعلام) إنه شاعر جذاب ، ومن مشاهير شعراء القرن العاشر وتركيب بنده مشهور معتبر. وله ميل إلى السياحة يتجول دائما. ذهب مرة إلى الاستانة ثم مضى إلى قونية ومنها إلى الشام فتوفي هناك عام ١٠١٤ ه‍ (٢).

وقال صاحب خلاصة الأثر : «روحي الشاعر البغدادي المشهور ، كان من أعاجيب الدنيا في صنعة الشعر التركي ، له التخيلات اللطيفة ، والألفاظ الرشيقة ، وديوانه مشهور ، يوجد كثيرا بأيدي الناس وكان على أسلوب السياح ، وله في سياحته ما جريات ووقائع كثيرة ، واستقر آخر

__________________

(١) عهدي : تذكرة الشعرا ص ١٨٩.

(٢) قاموس الأعلام ص ٣١٤.

١٨٣

أمره بدمشق ... كانت وفاته سنة ١٠١٤ ه‍» ا ه (١).

ولا مجال لذكر ما قيل فيه سوى أننا نقول مع الاعتراف بقدرته الشعرية إنه تصوفي بكتاشي كما يستفاد من قصيدته (قصيده حقيقت انگيز) ومن عرف مرامي القوم يقطع بأنه من الحروفية (٢) ... ولا شك أنه حفظ لنا بعض الوقائع التاريخية وعين لنا أن هناك ولاة لم يذكرهم المؤرخون مثل سليمان باشا حاكم بغداد فإنه مدحه في قصيدة ولم نقف على ترجمة له (٣) ... والمهم أكثر في ديوانه أنه عرفنا بعصبة أدب وشعر ليس في أيدينا من آثار توضح عنها ، وذلك أنه كتب قصيدة من الشام أرسلها إلى رفقائه في بغداد يسأل عن كل واحد منهم (٤). خاطب بها النسيم فجعله رسوله إليهم ... حفظ بها ما اندثر أو كاد يندثر.

وممن ذكرهم (في تلك القصيدة الأدبية) :

١ ـ كشفي : أمير الكلام وزبدة الأفاضل.

٢ ـ طبعي : صاحب ديوان. وله طبيعة عالية.

٣ ـ داعي : ظهير أهل الكمال ، ومقرىء القرآن. وهذا مذكور في گلشن شعرا لعهدي البغدادي.

٤ ـ فيضي : ذو الذوق ، وصاحب الفيض من رجال عهدي.

٥ ـ حسن بك الدفتري : لروحي قصيدة في رثائه ...

٦ ـ أحمد الحريري : من رجال تذكرة عهدي.

__________________

(١) خلاصة الأثر ج ٢ ص ١٧٢.

(٢) مر الكلام على الحروفية عند الكلام على فضل الله الحروفي ونسيمي البغدادي في المجلدين الثاني والثالث من تاريخ العراق.

(٣) ديوان روحي ص ٣٢.

(٤) ديوان روحي ص ٥٧.

١٨٤

٧ ـ عبد الرحيم : الفائق في الفارسية القديمة.

٨ ـ سلمان : الذي ليس له نظير في الفارسية. من رجال التذكرة.

٩ ـ كلامي : في كربلاء ، منطيق بارع ، وعارف وحيد في العالم.

مر في التذكرة.

١٠ ـ مهدي : عندليب روضة العرفان. الماهر في الغزل.

١١ ـ فضلي : مؤرخ الكون. والظاهر أنه بقي حيا لما بعد عهدي وروحي.

١٢ ـ رندي : أستاذ في فنون الشعر ، نابغة في اللطائف.

١٣ ـ خاكي بك.

١٤ ـ طرزي.

١٥ ـ منلا شريف : شريف الذات وخطاط ماهر.

١٦ ـ أميني : من المغرمين بفغاني ، وله مباراة لقصائده.

١٧ ـ جوهري : له في المآسي ، والبكاء على جور الزمان. من رجال عهدي في تذكرته.

١٨ ـ نصرتي : متفوق في تركيب بند ، ويأخذ بمجامع القلوب فيجعل سامعه متحيرا ... مدون في التذكرة.

١٩ ـ آتشي : له شعر يكاد يلتهب ... من رجال التذكرة.

٢٠ ـ علمي : كامل في الغزل.

٢١ ـ نقدي : مادح آل الرسول.

٢٢ ـ گاهي : متصوف.

٢٣ ـ حميدي.

١٨٥

٢٤ ـ فهمي : مولع في الصناعات الشعرية.

٢٥ ـ ندائي : صاحب غزل. وإنشاد بديع.

٢٦ ـ شيخي : درويش عاشق.

٢٧ ـ حزمي : قارىء غزل ، ومؤانس ... رئيس الفقراء وهو مبتلى بليلاه.

٢٨ ـ منلا حسن : من أهل الغم والبؤس.

٢٩ ـ قاسم علي : من أهل الذوق.

٣٠ ـ حسن سيرين : مولع ببنت العنب.

٣١ ـ علي خان أكرمي : من إخوان الصفا.

٣٢ ـ محمدي.

٣٣ ـ عثمان : ورد في التذكرة.

٣٤ ـ الأستاذ أحمد.

٣٥ ـ ساقي.

٣٦ ـ مريدي.

٣٧ ـ حاجي.

٣٨ ـ ثاني.

وأعقب قصيدته التي عدد بها هؤلاء الفضلاء بأخرى ولم نقطع في سبق إحداهما الأخرى جاء فيها يطلب أن يبشره ريح الصبا عن رجال في بغداد ولعل فيها ما يكرر أسماء الماضين ولكنه يذكرهم بأسمائهم الصريحة لا بالمخلص أو على العكس ... وغرضه المداعبة معهم وبيان أوصافهم في نظره وإننا نذكرهم هنا حاذفين المكرر لعل في المستقبل يظهر ما يميط اللثام عن الجهالة ...

١ ـ عالي بك دفتري بغداد : هو صاحب مناقب هنروران وكنه الأخبار. مر الكلام عليه.

١٨٦

٢ ـ سليمان الموري.

٣ ـ محمود.

٤ ـ علي بك.

٥ ـ نعمان : قاضي بغداد.

٦ ـ محمد چلبي.

٧ ـ حكمي : مخلص صاحب الديوان.

٨ ـ محمد بك : فارس ميدان الشطرنج.

٩ ـ أهلي بك.

١٠ ـ لمعي.

١١ ـ محمد دده.

١٢ ـ علي فاقي.

١٣ ـ محمد چاوش.

١٤ ـ قنى مصلى چلبي.

١٥ ـ عهدي : هو صاحب التذكرة (گلشن شعرا).

وممن ذكرهم من أعيان بغداد :

١ ـ أحمد چاوش بياني زاده. رثاه بقصيدة (ص ٦٦).

٢ ـ يوسف چلبي.

هذا والديوان أثر نفيس ، خالد ، منبعث من روح أدبي وثاب. وقد أفردنا الموضوع في كتاب (تاريخ الأدب التركي في العراق).

ورد ذكر بعض رجال البكتاشية وهنا أبين تكاياهم المعروفة :

١٨٧

تكايا البكتاشية

١ ـ في كربلاء في صحن الإمام الحسين (تكية الددوات) وهي (تكية البكتاشية) ، وتوليتها بيد (آل الدده). لا تزال موجودة. وكانت بيد السيد الفاضل المرحوم حسين الدده مدة طويلة إلى أن توفي في صيف سنة ١٩٤٨ م في خراسان في المشهد الرضوي. ويرجع عهدها إلى أول الفتح العثماني وأن من مشاهيرها (كلامي) المعروف بـ (جهان دده). وأن فضولي الشاعر ممن دفن فيها. وهناك مراقد آل الدده. والتولية منحصرة فيهم. وهم شيعة إمامية. ولا تعرف عنهم البكتاشية ولا اعتناق طريقتها. فهم أصولية.

وهذه التكية من أقدم تكايا البكتاشية في العراق ، ولم ينقطع اتصالها بالبكتاشية من الترك إلا بعد الحرب العامة الأولى لسنة ١٩١٤. وزاد الانقطاع بإلغاء التكايا في الجمهورية التركية.

٢ ـ في (النجف) تكية للبكتاشية أيضا ، ولا شك أنها ترجع في القدم إلى مثل تكية (كربلاء) إلا أننا لا نقطع في تاريخها لما قبل الفتح العثماني. ولعل الوثائق تظهر تاريخها ، وتعين وقت تكونها مع العلم بأن الحروفية كانوا يعتقدون بأكابر رجالهم مثل فضل الله الحروفي. وكان في النجف في تكية البكتاشية الحاج السيد أحمد ويراني سلطان. وهذا معتبر عند البكتاشية والكاكائية معا (١). ناله الظهور ورفع إلى السماء وصار أسدا. ولا تزال قلنسوته في هذه التكية موضوعة على دكة يزورونها ويبدون لها غاية الاحترام والخضوع. فهو من أكابر شيوخ البكتاشية. ولم يعين تاريخه ، ولا شك أنه سابق للتاريخ العثماني بل إن تاريخ الحروفية يتحقق في تاريخ فضل الله الحروفي مؤسس الحروفية.

__________________

(١) الكاكائية في التاريخ. طبع ببغداد سنة ١٣٦٨ ه‍ ـ ١٩٤٩ م.

١٨٨

لازم الخلوة والطريقة في حضرة الإمام علي في النجف مدة طويلة فلا ريب أنهم يرجعون في طريقتهم إليه وهي لا تختلف عن البكتاشية بوجه.

٣ ـ في بغداد (تكية البكتاشية) كانت في محلة الجعيفر في القسم الغربي من البلد ، وتسمى تكية خضر الياس ، استولت عليها مياه دجلة ، ولم يبق لها أثر ، وكانت رباطا أنشأه الخليفة الناصر لدين الله العباسي. والتربة المجاورة له تربة سلجوقي خاتون بنت قلج أرسلان ملك الروم وهي الجهة السعيدة للخليفة.

كان تزوجها نور الدين محمد بن قرا أرسلان صاحب حصن كيفا. فلما توفي تزوجها الخليفة الناصر. توفيت سنة ٥٨٤ ه‍ فوجد عليها الخليفة وجدا عظيما ظهر للناس كلهم. وبنى على قبرها تربة وإلى جانب هذه التربة بنى الرباط وهو في محل يقال له الرملة في باب البصرة من جانب الكرخ من بغداد. بنيت بقربه قلعة الطيور (قلعة الطير). فلما دخل العثمانيون اتخذوا هذا الرباط تكية للبكتاشية. وتاريخ ما جرى عليها أوضحناه في موطن غير هذا.

٤ ـ تكية بابا گور گور : للبكتاشية أيضا. والآن زال أثر البكتاشية منها. كانت مسجدا فعادت كذلك. وهي ببغداد.

٥ ـ في داقوق (دقوقا) تكية يقال لها تكية دده جعفر. ولا تزال.

٦ ـ في كركوك تكية يقال لها تكية مردان علي ، كما أن تلعفر وسنجار فيها الكثير من باباواتهم.

ومن رجال هذا العهد في البكتاشية (فضولي الشاعر) ، و (روحي البغدادي) ، و (جهان دده) المذكورون وكلهم حروفية ، وقد سبق أن ذكرنا عن هؤلاء ، وعن الحروفية أيضا ما فيه الكفاية (١) فلا محل لإعادة القول ، وكان قصدنا هنا مصروفا إلى بيان الصلة بين البكتاشية وبين الحروفية.

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٢.

١٨٩

ويأتي الكلام على كل تكية بظهور حادث معروف لها في حينه ، فلا نعجل بالتفصيل ، وقد أفردنا تكايا البكتاشية وطريقتهم بكتاب على حدة.

طريقة البكتاشية

هذه الطريقة لم تعرف قبل دخول العثمانيين بغداد سنة ٩٤١ ه‍ والطرق في الأنحاء العراقية كثيرة. وفي الأصل أسسها أهل الصلاح من الأهلين وشاعت. وترجع إلى العهود العباسية في قدمها ، ولكن هذه الطريقة جاءتنا من الترك العثمانيين وهي خاصة بهم ، فلم تعرف البكتاشية عندنا قبل ورودهم. وإنما كانت الحروفية معروفة على يد فضل الله الحروفي ومن كتبها جاودان ، وعلى يد نسيمي البغدادي وأتباعه ...

وطريقة البكتاشية في الحقيقة كانت طريقة زهد وتقوى ، لم تدخلها البدع ، ولا الابطان إلا من حين دخل الحروفية والأخية بين صفوفهم.

وكان قد ألغى السلطان محمود الثاني تكايا البكتاشية سنة ١٢٤١ ه‍ عند ما قضى على الينكچرية ولكن ذلك لم يتم إلا أيام رئيس الجمهورية التركية السابق المغفور له أتاتورك (مصطفى كمال) ، فكان القضاء المبرم.

لم تنل هذه الطريقة رواجا في العراق ولا في البلاد العربية. ومؤسسها الأصلي الحاج (بكتاش ولي) المتوفى سنة ٧٣٨ ه‍. والكلمة متفقة على أنه كان من أهل الصلاح والتقوى ، إلا أن الحروفية دخلوها فأفسدوها من جراء أن هؤلاء استغلوا شهرة بكتاش فمالوا إليها.

وبدخول العثمانيين تأسست في العراق ، فاتخذت جملة تكايا فتمكنوا من تكوين طريقتهم في بغداد والأنحاء العراقية الأخرى ، فتكونت لهم (تكية خضر الياس) و (تكية بابا گور گور). كان مسجدا ، فصار تكية لهم. وتكايا أخرى في النجف وكربلا وغيرهما.

١٩٠

وهؤلاء أهل ابطان تستروا بالتشيع ، وإن مؤلفاتهم التي عرفت لحد الآن تنبىء عن أنهم من الغلاة دخلوا من طريق التصوف بل إن تصوفهم كان غاليا وفي العراق ظهرت بعض حوادثهم. وتأتي في حينها. وعندنا من أهل العناصر القريبة منهم العلي اللهية ، والكاكائية ، والقزلباشية ، والباباوات ، ولا يفرقون عن غيرهم إلا بما دخل هذه الطوائف من أمور دخيلة مما فرضه الرؤساء ، وقد تكلمنا عليهم في كتاب (الكاكائية في التاريخ). وكلهم اليوم في قلة. وفي كركوك تكية للبكتاشية يقال لها (تكية مردان علي) ، وفي دقوقا (تكية دده جعفر).

وهم في العراق لم يحدثوا تأثيرا كبيرا على الأهلين بالرغم من وجود مؤسساتهم فهي ضعيفة الأثر. ولما كان بحثنا يتناول الموجود في هذا العهد فلا يسعنا أن نتناول كل تكية بحالها ، ولا أن نتكلم على (تكية باب گور گور) ولا ما حدث بعد هذا التاريخ.

اشتهروا في حكاياتهم التي ينددون بها بالأمور الشرعية ، والفرائض المكتوبة ، ويقولون بترك الرسوم الدينية ، وتتداول بين الناس هذه الحكايات يحفظها الكثيرون في مقام يعين وضعهم في شرب الخمر وسائر المنكرات والتهاون بالعبادات إلا أنهم يتظاهرون بأنهم اثنا عشرية وهم بعيدون عنهم ، فأبطنوا ما أبطنوا. ولو لا ما قامت به السلطة من التنكيل بهم ، أو القضاء عليهم فأدى إلى انتشار كتبهم لبقوا على هذا التكتم مدة أطول.

ومن أهم الكتب الموضحة لهذه الطريقة :

١ ـ كاشف أسرار بكتاشيان. للخواجة إسحاق. وهذا يوضح أغراضهم ويرد عليهم. وهو من أجل الآثار في التعريف بهم ، وبما يكتمون.

٢ ـ دافع المفاسد وكاشف المقاصد. وهذا رد على سابقه. وفيه

١٩١

ما يبين مؤلفه أنهم مسلمون ، ويتنصل مما عزي إليهم في كتاب كاشف أسرار بكتاشيان.

٣ ـ تاريخ البكتاشية. للأستاذ بسيم أتالاي. ويعد من أجل الآثار.

وبعد القضاء على التكايا أيام المغفور له أتاتورك ظهرت آثارهم وتبين صدق ما أوضح صاحب كتاب (كاشف أسرار بكتاشيان). وأن كتبهم (كتب الحروفية) وقد أوضحت عنها وقدمت قائمة بأسمائها ، وعينت أوضاعها في المجلدات السابقة من (تاريخ العراق بين احتلالين) ولا تزال مخطوطات من مؤلفاتهم عندي ومنها ولايتنامه. وبحث الترك العثمانيون كثيرا ، ونشروا في بيان هذه الطريقة وأسرارها وما تكتمت به ، فوضح المبهم ولم يبق خفاء. وفي دائرة المعارف الإسلامية بحث في البكتاشية.

وعندنا من العارفين بالآداب البكتاشية التركية الأساتذة بهاء الدين نوري ، توفيق وهبي ، أحمد حامد الصراف ، وآخرون لا محل للتوسع في ذكرهم.

حوادث سنة ١٠١٥ ه‍ ـ ١٦٠٦ م

أحوال بغداد

من سنة ١٠١٢ ه‍ إلى هذه السنة السنة (١٠١٥ ه‍) لم تتوضح وقائع الولاة ، ولم تعرف بوجه القطع ... ومن النصوص التاريخية المتقدمة أن طرناقچي حسن باشا قد ولي بغداد بعد أن غادرها الوزير حسن باشا ثم عزل عنها ولا يعرف من خلفه ... ثم عاد إليها مرة أخرى وجاء في گلشن خلفا أنها وليها بعده صارقچي مصطفى باشا وأرخه في سنة ١٠١٢ ه‍.

ومن ثم أسدل الستار عما وقع ...

١٩٢

طاعون في الموصل :

جاء في عمدة البيان في تصاريف الزمان أنه حدث في هذه السنة في الموصل طاعون خفيف امتد خمسة أشهر.

نصوح باشا ـ محمد بن أحمد ابن الطويل

وفي ٤ المحرم سنة ١٠١٥ ه‍ توجه نصوح باشا إلى بغداد بأمر من الوزير الأعظم ليكون واليا على بغداد ، فصدر الأمر السلطاني بذلك. ولما ورد قرب الفرات لقي في طريقه پيالة باشا (١) المعزول من ولاية البصرة. وهذا بين له أن محمد بن أحمد الطويل قد أبرز أمرا مزورا وبه استولى على بغداد وتابعه الجيش الأهلي الذي تمكن من أن يستميله لجهته وأعلن ولايته فيها ... وكان سبب تغلبه سوء التدبير الحاصل من الحكام فاستقل في بغداد.

ومن ثم سارع الباشا إلى نصيبين فاستقبله حاكم الجزيرة مير شرف الذي كان أميرها عن وراثة وأمير أمراء الرقة والتزم أن يساعد الوزير في استمالة الأكراد ومن ثم قدم نصوح باشا الخلع إلى كل من سيد (٢) خان وأمراء سهران من الأكراد ، وكذا أمير العربان الأمير أحمد بن أبي ريشة ودعا الكل على السفر إلى بغداد اتباعا للأمر السلطاني وأن يكونوا مع السردار نصوح باشا ...

أما ابن أبي ريشة فإنه خدع القوم وقال لهم : امضوا لجهتكم ونحن نمضي من هذا الجانب والملتقى في الجانب الغربي من بغداد. وهكذا

__________________

(١) الظاهر أنه كان قديما في ولاية البصرة أي قبل على باشا الذي كان باعها إلى أفراسياب وإلا فلم يعهد في هذا التاريخ أثر للحكم العثماني هناك. وربما عين للبصرة ، وبقي ببغداد.

(٢) ورد في مواطن أخرى بلفظ (ابن سيد خان) وليس بصواب.

١٩٣

فعل سيد خان وسائر الأكراد فكانت مواعيدهم غير صحيحة وأن الباشا توقف ، في الموصل نحو أربعين يوما فلم يظهر أثر من أعمال أولئك ... وبينا هو في حيرة من أمره منتظرا ما تأتي به الأخبار إليه إذ عثر على كتاب من سيد خان أرسله إلى محمد الطويل فقبض عليه وفحواه أننا تمكنا أن نؤخر نصوح باشا هذه المدة ، وخذلنا أكراد سهران ومنعناهم من الذهاب فعليك أن تثبت كالرجل الشجاع والعاقبة لك فلا تخرج بغداد من يدك ، وأن تسعى جهدك.

فلما رأى نصوح باشا ذلك انفعل غاية الانفعال وارتبك عليه أمره ، كانت آماله قوية في الاستيلاء على بغداد لولا هذه الخيانة فتعسر عليه الأمر ... وحينئذ ورد إليه الأمر السلطاني بلزوم إقدامه والذهاب لافتتاح بغداد فسار اضطرارا وكان معه أمير أمراء شهرزور ولي باشا ، وپياله باشا ومير شرف ، ولما وصل إلى إربل كتب أيضا إلى أمراء سهران وإلى سيد خان فلم ينل منهم مرغوبا ولم يلتفتوا إلى رسائله. وهكذا فسد عليه أمر طوائف التركمان الذين كانوا صحبوه فاستهووهم بالأموال وبان سوء قصدهم ...

والحاصل أن نصوح باشا اعتمادا على مواعيد ابن أبي ريشة نزل في أنحاء بغداد في ٣ شعبان سنة ١٠١٥ ه‍ وكان هذا التاريخ موعد وصول ابن أبي ريشة المذكور فلم يظهر له أثر. أما ابن الطويل فقد جاء المدد من أتباعه وأعوانه ومن ابن أبي ريشة ومن سيد خان فدخل العربان والأكراد بغداد وتحصنوا بها ... وحينئذ خرج القوم من بغداد صفوفا لمقابلة نصوح باشا. وفي هذه الأثناء تمكن ابن الطويل من إرسال ثلاثين ألفا من الدنانير إلى السكبانية ليكونوا معه فاستهواهم. وعند تقابل الجموع في ٦ شعبان مال السكبانية إلى جهة البغداديين ، انفصلت كتيبة منهم بصورة ظاهرة للعيان والتحق آخرون بناء على أمر بيت ليلا والباقون تفرقوا في الصحراء وانهزموا ... فأصاب الجيش وهن وضعف. أما

١٩٤

الأمراء فقد ثبتوا مدة تحاربوا في خلالها حربا وبيلة فاستشهد ولي باشا أمير أمراء شهرزور وجرح نصوح باشا بجرحين. وكان أكثر رجالهم من أتباع مير شرف فاستشهد أكثر أمرائهم ...

وعلى هذا انسحب نصوح باشا بمن بقي فعادوا إلى الجزيرة موطن مير شرف فاستراحوا هناك إلى نهاية الشتاء وعرضوا ما جرى.

ولم تمض مدة حتى قتل ابن الطويل في بغداد (١).

ونصوح باشا هذا من قرى كوملجنة دخل الحرم وصار من زمرة زلغلو بالطه چي وعين لخدمة أحد ندماء السلطان ثم خرج من الحرم إلى المتفرقة وصار مدة (ويودة) أي متصرفا على ايالة زيلة ثم صار كهية البوابين سنة ١٠٠٧ ه‍ ، ثم صار أمير آخور صغير ثم صار مير ميران حلب. ثم عين سردارا كرة بعد أخرى لدفع غائلة الجلالية فانكسر منهم في كل مرة فولي بغداد فجرى بينه وبين عسكر بغداد نزاع أدى إلى القتال ثم نقل إلى ديار بكر وبقي فيها مدة ... وكان قد صالح الشاه عباس ورجع إلى دار السلطنة فدخلها في شعبان سنة ١٠٢١ ه‍ وأكرم بمصاهرة السلطان وبقي في الوزارة إلى أن قتل في ٢٣ رمضان سنة ١٠٢٣ ه‍ وكان مرتشيا ، سفاكا ، جبارا كذا قال عنه صاحب جامع الدول (٢) وترجمته في خلاصة الأثر أيضا.

حوادث سنة ١٠١٦ ه‍ ـ ١٦٠٧ م

وفاة محمد بن عبد الملك البغدادي

«هو محمد بن عبد الملك البغدادي الحنفي ، نزيل دمشق الشام. الشيخ الإمام المحقق. كان من كبار العلماء خصوصا في المعقولات

__________________

(١) تاريخ نعيما ج ١ ص ٤٥٨ وفذلكة كاتب جلبي ج ١ ص ٢٨٣.

(٢) جامع الدول ج ٢ ص ١١٢٤.

١٩٥

١٩٦

كالإلهيات والطبيعيات والرياضيات ، وهو من جماعة علامة زمانه منلا مصلح الدين اللاري. قيل أخذ عن أخيه شمسي البغدادي (١). وكان في الأصول والفقه علامة. وله اليد الطولى في الكلام والمنطق والبيان والعربية. قدم دمشق سنة ٩٧٧ ه‍ وحضر دروس البدر الغزي ولازم أبا الفداء إسماعيل النابلسي وقرأ فقه الشافعي على الشهاب العيثاوي ثم تحنف وولي وظائف تدريس منها المدرسة الدرويشية ، وفي الجامع الأموي وتولى تصدير الحديث بالجامع المذكور. وكان له في صندوق السلطنة في كل يوم ما يزيد على أربعين عثمانيا (٢) وتولى مشيخة الجامع فسمي شيخ الحرم الأموي. وتولى تولية الدرويشية وعظم أمره وتردد إلى القضاة. وشمخ بأنفه حين رجع الناس إليه. وكان يحضر درسه أفاضل الوقت. ودرس التفسير بالجامع. وكانت في لسانه لكنة عظيمة حتى أنه كان لا يفصح في كلامه أبدا. وشاع ذكره في الأقطار الإسلامية. توفي ليلة الاثنين في العشرين من شعبان لسنة ١٠١٦ ه‍ وقد احتال القاضي والنائب هناك لسلب أمواله استفادة من غياب أقاربه عنه. ثم جاء بعد مدة ابن عم له من بغداد إلى دمشق فصالحه النائب على شيء من المال ثم ذهب فشكاه إلى الوزير نصوح باشا. وكان الوزير المذكور رأس العساكر إذ ذاك بحلب فوردت الأوامر بطلب النائب بسبب ذلك إلى حلب» انتهى ملخصا من خلاصة الأثر.

ويظهر من ترجمته هذه أنه رجل عظيم لا يقل عن شمسي وعهدي وإن كان لم يعرف له تأليف فخدمته للتدريس والإرشاد غير قليلة أنجبه العراق واستفادت منه دمشق والمنفعة حاصلة منه على كل حال وليس هذا أول من رباه العراق واقتطف ثمرته قطر آخر ...

__________________

(١) مرت ترجمته في حوادث سنة ٩٧٥ ه‍.

(٢) أي درهما عثمانيا ويراد به (الأقجة). وتساوي نصف مثقال من الفضة ثم تغيرت.

١٩٧

حوادث سنة ١٠١٧ ه‍ ـ ١٦٠٨ م

قتلة ابن الطويل

لم نعثر على بيان شاف عن تدخلات محمد بك ابن أحمد الطويل في الإدارة ولا عن أسباب حركته هذه ومتابعة البغداديين له وكذا غيرهم وعصيانه على حكومته كما يقولون وكل ما نعلمه عنه أن والده أحمد الطويل كان رئيس كتيبة خيالة (بلوك باشي) فلما توفي والده قام هو مقامه. وقال عنه صاحب سجل عثماني ولي بغداد عام ١٠١٣ ه‍ فخلفه في أمور الإدارة أخوه مصطفى فأنقذها منه محمود باشا چغاله زاده. وأما مصطفى فإنه مضى إلى إيران وتوفي هناك.

أما قتلته فإن المؤرخين لم يبدوا تفصيلات عنها أوسع مما جاء في گلشن خلفا وذلك أنه في سنة ١٠١٧ ه‍ بعد أن خذل نصوح باشا وعاد إلى محله مقهورا لما أصابه من خيانة السكبان استقر الطويل في حكومة بغداد مستقلا ومن ثم اغتاله محمد چلبي كاتب ديوانه ومحرم أسراره ولم يوضح عن سبب قتلته فخلفه أخوه مصطفى ...

وذكر صاحب الفذلكة خبر وفاة محمد ابن الطويل في حوادث سنة ١٠١٦ ه‍ وسيأتي تفصيل حوادثه.

عودة إلى حوادث بغداد

الوالي محمود باشا جغالة زاده

واستخلاص بغداد

إن هذا الوالي هو ابن سنان باشا المذكور ، كما أن له ابنا آخر هو فكري بك وقد مر ذكره. وكذا محمد بك. عهد إليه بمنصب بغداد وأن يقوم بأمر إنقاذها فعين سردارا ، فذهب نحو بغداد في غرة شوال سنة ١٠١٦ ه‍ وأخذ معه جيشا عظيما وبين هؤلاء حاكم أدنه ، وأحمد بن أبي

١٩٨

ريشة ومير شرف من أمراء الأكراد ، فقطعوا مراحل للوصول إلى بغداد. وإن هذا الوالي القائد كانت له معرفة سابقة بآل قشعم ، وبسيد خان ، وبحاكم سهران وسائر عشائر الكرد والعرب ... ومن ثم اختار من صنوف الجيش عسكرا مرتبا وتوجه نحو بغداد فوصل إلى الموصل وهناك كتب رسائل إلى البلوكباشية القدماء (١) ، وإلى أغوات الجيش. بعثها إليهم سرا وفيها من الاستمالة والترغيب الشيء الكثير ... وفي الليلة التي جاءتهم الرسائل قتلوا السكبانية (٢) وعند الصباح مضوا لإلقاء الحصار على مصطفى باشا في القلعة الداخلية أمام السراجخانة وأعلموا محمود باشا بما وقع. ذلك ما أنعش الوالي وبعث فيه الفرح والأمل فعجل بالسير في أوائل ربيع الآخر سنة ١٠١٧ ه‍ فوصل حوالي بغداد وقوي نشاط الثائرين كما أن جيوش الوالي هاجمت المحصورين وشددت الحصار عليهم وبتوسط من أرباب المصلحة منح مصطفى باشا لواء الحلة وشتت شمل العصاة في أواخر الشهر المذكور واستقر الوزير في حكومة بغداد. ولا يزال سوق السراجخانة من آثاره. فقضى على هذه الغائلة (٣).

وهذا الوالي لم يعرف عن وقائعه ، ولا عن إدارته وأعماله في العراق ولعله اشتغل بتثبيت الإدارة وترتيب الحكومة ... وقبل وروده إلى بغداد تقلب في مناصب عديدة ففي الأصل كان مير لواء ثم صار أمير أمراء. وفي سنة ١٠١٣ ه‍ ولي ديار بكر ، وفي سنة ١٠١٦ ه‍ ولي بغداد

__________________

(١) رؤساء كتائب الخيالة.

(٢) صنف من الجيوش المحلية يتكونون من أهل القرى المتطوعين في أدنى خدمات الجيش من المشاة (عثمانلي تشكيلات وقيافت عسكريه سي) ص ٩ للمرحوم محمود شوكت باشا وهو الأخ الأكبر لفخامة الأستاذ الجليل السيد حكمت سليمان. وعندنا السكماني يراد به من يجيد الرمي مأخوذ من هذا اللفظ.

(٣) كلشن خلفا ص ٦٦ ـ ١ ، وفذلكة كاتب جلبي ج ١ ص ٢٩٧ وص ٣٠٩.

١٩٩

ثم رفعت عنه الرتبة وبعدها أعيدت إليه والحاصل لم ينفع لأمر ما فتوفي سنة ١٠٥٢ ه‍ كذا قال عنه صاحب السجل (١).

وجاء في تاريخ الغرابي ما نصه :

«ثم إن كاتب ابن الطويل محمد أفندي أعمل الحيلة في قتله بيد زوجته فجلس مكانه أخوه مصطفى بك فأرسل السلطان لإزالته الوزير محمود باشا بن چغال. فلما وصل إلى الموصل راسل من تابع مصطفى بك من عسكر بغداد إذ كان له معهم معرفة حين كان واليا بها ، فأرسلوا له خبرا أن احضر ونحن معك فلما جاء إلى بغداد أظهروا أنواع الجلادة ثم توسطوا بالصلح فأعطى محمود باشا لابن الطويل حكومة الحلة فرضي بها وخرج إليها ، وحكم ابن چغال في بغداد وذلك في سنة ١٠١٧ ه‍. ثم إن ابن الطويل فر إلى العجم ، وبقي هناك. ولما لم يبق في قطر الأناضول من المخالفين أحد قصد الوزير الأعظم بلاد العجم وذلك في سنة ١٠١٩ ه‍» ا ه (٢).

المحمودية :

اليوم تعد من أقضية بغداد المعمورة والكبيرة ، كانت مقاطعة في تملك والي بغداد محمود باشا چغاله زاده بن يوسف سنان باشا والي بغداد الأسبق ، ثم صارت قرية. والآن هي قضاء. ولا تزال معروفة باسمه. وكانت من أوقاف آل قره علي وآل الغرابي. لهم عقرها مسجل باسمهم ووقفهم هذا على الذرية. ذكرت نص الوقفية في محل غير هذا ، وهناك علقت ما لزم عن أسرة آل قره علي ، وعرفت بهم كما أني ذكرت (مدرسة الغرابي) وموقوفاتها مما لا مجال لتفصيلها هنا.

__________________

(١) سجل عثماني ص ٣١٩.

(٢) تاريخ الغرابي ص ٩١.

٢٠٠