موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٤

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٤

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦

هذا. والاستفادة من هذه المجموعات كبيرة في تقرير المصطلحات من أسماء السفن في الدولة العباسية وأساطيلها والأندلس وما كان فيه ، ومثلها ما جاء في الدول التالية في العراق وفي المملكة المصرية والتركية العثمانية.

وابن ماجد اعتمد مؤلفين ومؤلفات عديدة ومهمة في الهئية وعلم البحار تتعلق بالأزمنة السابقة له. ولا مجال لنا أن نتوسع في بحثها. ومراجعة رسائله متيسرة.

حوادث سنة ٩٦٣ ه‍ ـ ١٥٥٥ م

عودة إلى أحوال الوالي

إن أحوال هذا الوالي معلومة ، وإنه كان عاد من همذان اتباعا للأمر السلطاني ولكننا لم نسمع عنه شيئا بعد هذا. وفي سجل عثماني أنه عزل من إمارة بغداد سنة ٩٦٨ ه‍ وأن ابنه محمود باشا كان واليا في الموصل. وأن خضر باشا خلفه في (سنة ٩٦٨ ه‍). وهذا مخالف لما جاء في النصوص القديمة. ففي گلشن شعرا أن خضر باشا نصب واليا لبغداد سنة ٩٦٣ ه‍ (١) كما أن صاحب مرآة الممالك عاد إلى بغداد بعد أسفاره البحرية وضياع سفنه وهلاك أكثر من كان معه فسار في طريق البر من الهند حتى وصل إلى بغداد في سلخ ربيع الآخر سنة ٩٦٤ ه‍ فشاهد والي بغداد خضر باشا ونال منه أنواع اللطف والإعزاز ثم عاد إلى بلاد الروم (٢). وفي هذا ما يؤيد أن الباشا المشار إليه قد عزل عام ٩٦٣ ه‍ وحل محله خضر باشا ، فتمكن سيدي علي رئيس من ملاقاته.

__________________

(١) تذكرة عهدي البغدادي ص ٨٢ وورد في كلشن خلفا إلا أنه لم تعين سنة نصبه ص ٦٤ ـ ١.

(٢) مرآة الممالك ص ٩٣.

١٢١

والي بغداد خضر باشا

ولي هذا الوزير منصب الولاية سنة ٩٦٣ ه‍ بالوجه المشروح. وذكر صاحب السجل أنه تخرج من البلاط وصار ميراخور ثم وجهت إليه إمارة إيالات عديدة منها بغداد وتوفي بعد سنة ٩٧٥ ه‍ وكان معتدلا ، خاليا من الأطماع. كما في گلشن خلفا أيضا. وبين عهدي البغدادي عند الكلام على (حقيقي). قال إن أصل اسمه أي اسم حقيقي مصطفى بك بن عثمان باشا من أمراء (باشوات) السلطان سليمان ولد في بغداد. وكان ماهرا في اللغة الفارسية و (قول أغاسي) في بغداد إلا أنه لم يلتئم مع أمير أمراء بغداد خضر باشا الذي كان قد عين لمنصب بغداد سنة ٩٦٣ ه‍ فترك الديار العراقية وذهب إلى بلاد الهند للسياحة وله شعر جيد في اللغة التركية ... وبهذا عرفنا تاريخ ولاية خضر باشا (١) ... ولما لم نقطع في حدود سني ولايته فمن المحتمل أنه ولي بغداد لمرتين إحداهما هذه والأخرى سنة ٩٦٨ ه‍. وعلى كل نبهنا على الناحيتين إلى أن يظهر من النصوص ما يزيل الإبهام. ولا نعلم من خلفه في هذه المدة ...

الطاعون في بغداد :

في هذه السنة حدث الطاعون في بغداد والأنحاء العراقية. وفيه توفي الشاعر العراقي المشهور فضولي.

فضولي البغدادي

من أشهر شعراء الترك ، عراقي اسمه محمد بن سليمان البغدادي وأصله من قبيلة البيات القديمة السكنى في العراق (٢) اكتسب الصيت في

__________________

(١) تذكرة عهدي البغدادي ص ٨١.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٣.

١٢٢

بغداد فنسب إليها ويلقب عند العثمانيين بـ (رئيس الشعراء) كان ولا يزال من فحول الشعر ، مبدعا في نهجه الأدبي. ومكانته في الصف الأول ويعد الترك أكابر أدبائهم المؤسسين (سنان باشا) وفضولي. وله نحو خاص في نظمه ونثره لا يكاد يضارعه فيه أحد. واليوم نرى الترك لا يقدمون عليه أحدا.

ولأدباء إيران في العراق مثل سلمان ساوجي ، وخواجو كرماني ، وعبيد زاكاني وحافظ ... تأثير كبير عليه ، وهو أيضا ذو ثقافة كاملة ، وفكر وقاد. والقطر مساعد على التفكير والتأمل يفيض عليه بإلهامه. فلا بدع أن ينبغ كما نبغ سابقوه في آدابهم ومناحي تربيتهم وثقافتهم. والأدب العراقي زاخر به وبأمثاله. وله في اللغة الإيرانية وآدابها المكانة المعروفة ، يحتل مركزا لائقا بين شعراء إيران وديوانه في لغتهم معروف ، متداول. وله شعر عربي أيضا.

جاء في گلشن شعرا ما معناه :

«مولانا فضولي البغدادي كامل بكمال المعرفة. فاضل بفنون الفضائل ، رقيق الطبع ، حلو الصحبة ، من أهل الحكمة في علم الحياة والأبدان ، ومن خدام شيوخ الطريقة. لا ند له في بلاغته في اللغات الثلاث ، قادر على صنوف الشعر ، وطراز المعميات ، ماهر في العروض ، وأسلوب إنشائه السلس يضاهي أستاذ العالم (خواجه جهان) ، وقصائده الفصيحة تضارع الخواجه سلمان ، وفي النحو المثنوي نرى مجنون ليلاه كالدر المكنون وله رسائل تركية وفارسية عديدة. ترجم روضة الشهداء للمولى حسين الواعظي وسماها (حديقة السعداء). تشهد أنه مبدع في أسلوبه ، وبرهان ساطع في اختراع معانيه ، وحدث عن السبك ولا حرج في صوغ كلماته ، فهي أشبه بحلة ذهبية اكتستها المعاني ، وأشعاره في العربية ذائعة بين فصحائها ، وأقواله مذكورة بين

١٢٣

ترك المغول ، وديوانه الفارسي مقبول لدى أبناء الفرس ، وأشعاره التركية مقبولة عند ظرفاء الروم. توفي سنة ٩٦٣ ه‍ بمرض الطاعون» ا ه. وأورد له جملة صالحة من الشعر التركي والفارسي ونقل له بيته المشهور :

دوست بي پروا ، فلك بي رحم ، دوران بي سكون

درد چوق ­هم ­درد يوق دشمن قوى طالع زبون

نكتفي بإيراده ... ومعناه عاد الصديق الحميم لا يأبه ولا يبالي ، والفلك ليس له رأفة ، والدهر قاس دائب لا هوادة له ولا سكون. توالت العلل بكثرة ورمت المصائب بفداحة. لا مواسي بها ، والعدو قاهر متسلط ، قوي ولا مساعد ، ليس هناك حظ ، بل الطالع في ضعف ووهن. فأين المهرب. أو أين المفر. وهو كثيرا ما يتمثل به.

ومن مطالعة كتابه حديقة السعداء وديوانه الفارسي والتركي يظهر أنه من نوع نسيمي ، ومن صنف الغلاة في التصوف أو في الابطان. ولا محل لاستقصاء ذلك فله موطن غير هذا.

ومن مؤلفاته غير ما ذكر :

١ ـ ديوان فارسي يحتوي على ثلاثين ألف بيت (كذا). منه نسخة مخطوطة كتبت ببغداد سنة ٩٥٩ ه‍ في مكتبة المرادية. وأخرى في مكتبة خالص أفندي. ومطلعه جاء باللغة العربية :

باسمك اللهم يا فتاح أبواب المنى

يا غني الذات يا من فيه برهان الغنى

وعندي ديوان فارسي له ناقص قليلا من الأول ومن الآخر. لا يبلغ ما ذكر من الأبيات.

٢ ـ ديوان عربي رآه لبيب أفندي صاحب الجواهر الملتقطة. منه نسخة في مكتبة لننغراد من متحف آسيا مهداة من ورشچن ، ضمن مجموعة تحوي الكثير من آثاره ، وبينها :

١٢٤

١) شاه وكدا. فارسي.

٢) أنيس القلب. قصيدة فارسية.

وديوانه العربي الموجود في هذه المجموعة المسماة (كليات فضولي) يحتوي على ٤٦٥ بيتا ، وأطول قصيدة فيه ٦٣ بيتا ، ولا يعرف ما إذا كانت هذه المجموعة تحتوي على جميع شعره العربي أو أن هناك غيرها.

وهذه النسخة كانت قد دخلت في سلك ملك حسن كدخدا (كتخدا) في مدينة السلام بغداد سنة ٩٩٧ ه‍ ..

ويلاحظ في شعره العربي أنه أراد تبليغ فكرته إلى قراء العربية فكتب ما كتب ، وهو متأثر بنسيمي ، وأنه عارف بشعره أيضا (١).

٣ ـ رندا وزاهد. محاورة فارسية. جاء ذكرها في كشف الظنون.

٤ ـ صحة ومرض. مطبوعة وهي رواية يستنطق بها النفس والأمزجة والعوامل الروحية. كتبها بأسلوب حكيم. وهذه فارسية إلا أن ترجمتها إلى التركية مطبوعة ولم يذكر مترجمها.

٥ ـ مطلع الاعتقاد. في علم الكلام. (لم يعين محل وجوده). وكان يوضح وضعه في العقيدة ولكن يؤسف لعدم الاطلاع عليه.

٦ ـ ترجمة حديث الأربعين لملا جامي ترجمه من الفارسية (ذكره صاحب كشف الظنون).

٧ ـ ديوان تركي. طبع مرارا بطبعات مختلفة. والطبعة التي في تبريز مصدرة بمقدمة للمؤلف وأن النسخة الخطية التي عندي تعين مكانته وطريق نهجه ، وشعوره في شعره. هذا مع العلم بأن لغته آذرية وهي متمكنة في العراق ، وقريبة من التركية وقد سبقه نسيمي.

__________________

(١) راجع ترك ديلي مجلد ٢ عدد ٣ ـ ٤ لسنة ١٩٤٠.

١٢٥

٨ ـ حديقة السعداء. رأيت في مكتبة فاتح نسخة مصورة منها بتصاوير ملونة وهي برقم ٤٣٢١ وبخط جميل ، فيها عناية زائدة كتبت سنة ١٠٠٢ ه‍ ولم يعرف كاتبها ولا محل كتابتها وعندي مخطوطة كتبت سنة ٩٩٨ ه‍ مجذولة بالذهب وهي أولها نقوش بديعة مزينة بأبدع زينة.

٩ ـ شكوى (شكايتنامه). كتب بها إلى نشانچى محمد باشا أبدع فيها غاية الإبداع في الصناعة الأدبية. وتلاعب بالبيان. أبرز نفسية فذة ، وأبدع إبداعا لا يسع القارىء إلا أن يميل إليه ، فهو الأديب الذي لا يبارى. ولو كان منتظم الفكرة لما سبقه سابق .. قال ذلك صاحب (نمونه أدبيات) وعده من الكرد.

١٠ ـ پنك وباره. منظوم تركي. ذكره في كشف الظنون ولم يتعرض لوصفه.

وديوانه التركي وكذا الفارسي لا نرى مجموعة عراقية فيها منتخبات الشعر الفارسي والتركي إلا وفيها مقطوعات أو مفردات منهما ، تأثر به شعراء كثيرون جدا ، وهو بمنزلة المتنبي في الشعر العربي وكثرة الاستشهاد. وكثيرا ما نرى ذكر شعر له ويتبعه غيره بقولهم (وله ، وله .. الخ) ..

عندي نسخة مخطوطة من ديوانه التركي ليس لها تاريخ ولكنها أقدم من الطبعة التركية بلا ريب.

١١ ـ رسائل فضولي بالتركية. نشرها صديقنا الاستاذ عبد القادر قره خان باسم (فضولي مكثوبلري) بحروف لاتينية مع تصوير أصل الرسائل بحروفها العربية. طبعت سنة ١٩٤٨ م باستنبول. وكانت عزيزة المنال فكشف بها الاستاذ صفحة عن حياة شاعرنا الكبير ، وهو مؤلف كتاب (فضولي) الأثر النفيس.

ونرى ترجمة فضولي في كتب كثيرة. ومن الترك اليوم من أفرد له

١٢٦

ترجمة بكتاب على حدة (١) ... وقد مر بنا ذكر علاقته بولاة بغداد وقضاتها وسائر رجال الدولة وبينهم من ضاع عنا خبره :

١ ـ اياس پاشا والي بغداد.

٢ ـ محمد پاشا والي بغداد.

٣ ـ فتح الجزائر في البصرة.

٤ ـ قاضي بغداد السيد محمد.

٥ ـ السلطان سليمان.

٦ ـ جعفر بك.

٧ ـ قادر چلبي.

٨ ـ إبراهيم بك.

٩ ـ رستم پاشا.

١٠ ـ ويسي بك.

١١ ـ السلطان إبراهيم. وغيرهم.

ذكر هؤلاء يوضح الوقائع الموجودة في گلشن خلفا وكذا يساعد على ذلك گلشن شعرا. وهذا الديوان وگلشن شعرا من الوثائق الفريدة في بابها. ومن جهة أخرى يعين لنا مكانة اللغة التركية وآدابها في العراق ، وهو متمم لگلشن شعرا بل يعد من أهم المراجع.

فضلي بن فضولي البغدادي :

وفضلي هذا ابن سابقه. ونعته عهدي البغدادي بقوله :

«صافي الذهن ، مستقيم الذكاء والطبع. لا يزال مشغولا في علوم

__________________

(١) كوبريلي فؤاد ، سليمان نظيف ، وهاشم ناهيد ، وعثمانلي مؤلفلري وغير هؤلاء.

١٢٧

الظاهر ، معتزلا في زاوية بقناعة تامة ، أخذ بنواصي الشعر في اللغات الثلاث وله مهارة في المعمى ، وقدرة معجزة في التواريخ ، وأبيات عشقية فريدة جاذبة آخذة بمجامع القلوب. وأورد له أمثلة لا محل لإيرادها. والمفهوم أنه كان لا يزال حيا عند تحرير التذكرة (گلشن شعرا).

ومن تذكرة عهدي البغدادي وتاريخ بناء جامع المرادية سنة ٩٧٨ ه‍ أنه لا يزال حيا إلى هذه السنة والملحوظ أنه بقي إلى ما بعد وفاة عهدي البغدادي.

والتراجم قليلة في بيان أحواله ، وقد تحرينا مراجع عديدة فلم نظفر ببغية في تاريخ وفاته.

جاء في كتاب (دانشمندان آذربيجان ص ٣٠٠ ما يؤيد أن هذا الشاعر استمرت حياته إلى ما بعد سنة ٩٧٨ ه‍.

أورد أبياتا بالغة التركية لفضلي في سنة ٩٨٨ فأكتفي هنا بالإشارة إليها (١).

رضائي :

هو أخو عهدي البغدادي الأكبر. وله ميل طبيعي للنظم ، وقد صاحب أرباب الآداب ، ومال إلى الظرفاء والشعراء بكليته ... قضى أوقاته في التجارة والصناعة حتى توفي في هذه السنة (٩٦٣ ه‍). سيرته فاضلة ، وصحبته طيبة ، وله أسلوب أدبي خاص. فريد في تزيين المجالس بأقواله ، ومعمياته ، وأما غزله فلا يباريه فيه أحد. وله شعر تركي وفارسي. وأورد له جملة أبيات (٢).

__________________

(١) عن الملحق الرابع.

(٢) كلشن شعرا. عهدي البغدادي.

١٢٨

حوادث سنة ٩٦٤ ه‍ ـ ١٥٥٦ م

عودة سيدي علي رئيس إلى العراق

في سلخ ربيع الآخر من هذه السنة عاد سيدي علي رئيس المشهور إلى العراق من طريق خراسان وشاهد والي بغداد آنئذ (خضر پاشا) كما صرح في كتابه مرآة الممالك. وأنه رأى منه رعاية زائدة. وكان بعد أن أصابته الضربة من البرتغال ومن الرياح العاصفة سار من طريق البر. تجول في بلاد الهند والترك ثم عاد إلى بغداد وقد ذكر قصته في كتابه (مرآة الممالك) وصل إلى جبال نهاوند ومنها جاء إلى جبل بيستون وورد الإمام قاسما وزاره ومنه مضى إلى (أويس القرني) ثم قصر شيرين ومنها إلى قلعة زنجير ومنها سار إلى (طقوز أولوم) المعروف بنهر ديالى ومنه إلى شهربان ثم بغداد ...

رجوعه إلى بلاد الروم :

إن الموما إليه غادر بغداد في أوائل جمادى الأولى سنة ٩٦٤ ه‍ ومنها اجتاز الشط بعبوره في سفينة بعد أن زار المشاهد التي كان قد زارها أولا ثم سار من طريق سميكة ، وتكريت ـ الموصل وذهب من طريق الموصل القديمة والجزيرة إلى نصيبين ومر بديار بكر وماردين ، وهكذا مضى. وفي آمد لقي إسكندر پاشا ورأى منه لطفا ورعاية كبيرة. وباقي ما ذكره لا يخص العراق وهو مذكور في كتابه مرآة الممالك.

ملحوظة :

إن عهدي البغدادي ذكر سيدي علي رئيس في گلشن شعرا بعنوان (كاتبي أفندي) وأثنى عليه ثناء عاطرا من ناحية اتقانه لعلوم البحار وما يتعلق بذلك وأشار إلى ما أصابه في سفره من هول وأورد له بعض المنتخبات من شعره وعده من الطبقة العليا (١) ... وكان أديبا شاعرا ، له

__________________

(١) كلشن شعرا ص ٣٠٦.

١٢٩

قدرة على البيان فهو من أكابر رجال العلم والأدب ومن مؤلفاته مرآة الكائنات وهو كتاب جامع لربع المجيب والاسطرلاب وربع المقنطرة والجيب. وله (ترجمة فتحية) في الهيئة وسماها خلاصة الهيئة ، وأصلها رسالة للمولى علاء الدين علي بن محمد المعروف بالقوشجي المتوفى سنة ٨٧٩ ه‍ ، ألفها للسلطان محمد الفاتح لما ذهب إلى محاربة السلطان حسن الطويل من آق قوينلو وكان معه في هذه الحرب والمترجم نقلها إلى التركية. وفي كشف الظنون شروح وحواش عليها.

مر بنا الكلام على المترجم. ومؤلفاته. توفي سنة ٩٧٠ ه‍ وفي عثمانلي مؤلفلري ترجمته وبيان مؤلفاته كما في ج ٣ ص ٢٧٠ وهناك تفصيل.

حوادث سنة ٩٦٩ ه‍ ـ ١٥٦١ م

قضاء بغداد

في ربيع الآخر من هذه السنة ولي قضاء بغداد دولگرزاده محمد أفندي وفي المحرم سنة ٩٧٤ أحيل للتقاعد وتوفي سنة ٩٧٧ ه‍. والمعروف أنه عالم فاضل وشاعر في التركية والعربية وخطاط كتب بخطه تفسير أبي السعود ، والتلويح ، والدرر الغرر (١).

حوادث سنة ٩٧٤ ه‍ ـ ١٥٦٦ م

الوالي اسكندر باشا

ولي بغداد في هذه السنة (٩٧٤ ه‍). وعزل الوالي السابق. وإن إسكندر باشا من الچراكسة من قبيلة قبارتاي. كان من مماليك خسرو باشا والي ديار بكر. تخرج وزادت رتبته حتى صار رئيس البوابين ، ثم رئيس الجاووشين ولما عزل من هذا المنصب عهدت إليه دفترية حلب

__________________

(١) سجل عثماني.

١٣٠

وبعدها دفترية الأناضول. وهكذا حتى صار والي وان وهناك قام بخدمات جلى وأوقع خسائر كبيرة بالعجم. ثم نال إمارة الأناضول فهزم ابن الشاه. وفي سنة ٩٥٨ ه‍ ولي ديار بكر وفي سنة ٩٧٢ عزل منها.

وفي سنة ٩٧٤ ه‍ صار واليا على بغداد وأطاعته العشائر. وفي سنة ٩٧٧ ه‍ صار واليا على مصر وبعد سنة ونصف عزل فورد الآستانة. توفي سنة ٩٧٧ ه‍ ودفن في جامع قاكليجه وأنشأ بجوار هذا الجامع مدرسة وكتابا وحمامين وأنشأ ببغداد جامعا.

وكان عاقلا ، كاملا ، صالحا ، عدلا شجاعا. وله ابن اسمه أحمد پاشا (١).

نصب واليا قبل وفاة السلطان سليمان المتوفى في ٢١ صفر سنة ٩٧٤ ه‍.

حوادث سنة ٩٧٥ ه‍ ـ ١٥٦٧ م

البصرة ـ ابن عليان

كان الوالي إسكندر پاشا من حين ولي بغداد نصب قائدا إلى أطراف البصرة فظهرت له خدمات جلى هناك وذلك أن آل عليان في البصرة كانوا قد أذعنوا بالطاعة للحكومة قهرا ، وأن العشائر في أنحاء البصرة وبراريها من أقربائهم ، وفي تصرفهم بعض القرى والنواحي فكان ولاة بغداد والبصرة يقسون عليهم في التكاليف الشاقة التي لا تطاق. وقبل سنة ٩٧٤ ه‍ ثاروا عليها مرارا بمن معهم من العشائر فأحدثوا أضرارا كبرى في الممالك المجاورة لهم مما يعود تصرفه للحكومة فسيرت عليهم الدولة ألفين من الينكچرية وما يكفي من المدفعية والعرباتية وجعل اسكندر پاشا قائد الحملة ومعه ولاة شهرزور والبصرة

__________________

(١) سجل عثماني ص ٣٤٦.

١٣١

والأمراء الذين اختارهم من الأكراد ... جهزهم جميعا فتقدموا على تلك النواحي والقرى فأشعلوا فيها نيران النهب والغارة. وأطاعوا القائد قسرا وبنى هناك قلعة سميت (بالاسكندرية) ...

ثم عاد ظافرا إلى بغداد وتفصيل الحادث كما جاء في تحفة الكبار في أسفار البحار :

هو أن أنحاء واسط كانت ولا تزال تقطنها العشائر ، وأن (ابن عليان) يتولى رياستها منذ أمد ، وكان يبدي الطاعة للدولة مرة ، ويعصي أخرى ، وبعد جلوس السلطان سليم الثاني أظهر ابن عليان العصيان. وكان قد ولي بغداد اسكندر پاشا الجركسي الذي هو عارف بتلك الأنحاء ، كان أمير أمراء ديار بكر لمدة خمس عشرة سنة. فاختارته الدولة للقيام بهذه المهمة ، ودفع الغائلة التي قام بها ابن عليان ، وعهد إلى مظفر پاشا بإيالة (شهرزول) أو شهرزور فأمر أن يلحق به عسكر الأكراد ، وعهدت القبطانية إلى جانبولاد بك متصرف (كلس).

وفي معبر الفرات عند پيره جك تداركت الحكومة ٤٥٠ سفينة جعلتها أسطولا مائيا حسب الفرمان الصادر وجهزت ألفين من الينكچرية ، ومائتين من المدفعية ، كما أن الأمير المزبور جهز جيشا من العرب والأكراد هناك يبلغ ستة آلاف ليكون في هذه الحملة ، فوضعت المهمات والمعدات في السفن المذكورة ، وسارت في ٤ المحرم سنة ٩٧٥ ه‍ ـ ١٥٦٧ م نهض الجيش والأسطول من پيره جك ، فوصل إلى (بالس) ، وبعد الاستراحة يوما أو يومين مضوا في طريقهم فمروا بـ (جعبر) ، و (الرقة) ، و (صفين) ، و (الرحبة) ، و (عانة) ، و (حديثة) ، و (هيت) ، و (الفلوجة). وفي الفلوجة هذه استراحوا بضعة أيام. ثم مضوا في طريقهم إلى الحلة وهناك أقاموا مدة شهرين للاستراحة بأمل أن يزول الحر ، ويحل زمن البرد.

ومن جهة أخرى إن الوالي اسكندر پاشا كان قائد القوى البرية ،

١٣٢

فنهض من بغداد أيضا وسار في طريقه للمحل المطلوب. أما الأسطول فقد تحرك من الحلة إلى لواء الرماحية والسماوة ، وفي طريقه مر بنهر (أبو كلبين) ، اجتاز من صدره ، ومن هناك مضوا حتى وصلوا إلى ملتقى النهرين (دجلة والفرات) ، جاؤوا إلى محل في رأس الجزائر يقال له (صدر الدار) ، والعشائر هناك حاولوا الدفاع ، واتخذوا متاريس ، ولكنهم حينما رأوا الأسطول تركوها ومضوا إلى جهتهم. وكانوا قد ذهبوا إلى جزائر الشلب في أسفل من هذه.

ومن ثم اجتاز الجيش بسهولة ، ولم يدخل حربا. فاتصلوا حينئذ بجيش اسكندر پاشا قرب قلعة (زرتوك) ، وهناك وافت نحو ١٥٠ سفينة فالتحقت بالأسطول أيضا أتت من بغداد من طريق (دجلة) ، ومن هناك مضوا إلى الداخل إلى (صدر الدار) ، وبنو قلعتين متقابلين في كل جانب ووضعوا بهما قوة ، ثم مضوا إلى قرب (زرتوك) فبنوا قلعتين أخريين كل واحدة بجانب وهكذا مضوا إلى جزيرة مشهورة يقال لها (صدر البحران) ، وهناك تجمعت الجيوش العربية ووضعوا المتاريس فيها ، ومن ثم وبلا توقف باشروا الحرب ، ومن قواد الجيش (جانبولاد) تمكن من الوصول إلى الساحل ، هاجم هؤلاء ببسالة ، فكان إقدامه مشكورا مما أدى إلى انتصاره وتبعثر جيش العرب ، وقتل منهم ما لا يعد من النفوس. وكذا مات في هذه الحرب جملة من رجال الترك المشاهير. وبعد أن تمت الهزيمة بنيت قلاع متقابلة أيضا. وفي هذه المواطن لا يظهر البرد وفي أكثر الجزائر نشاهد القلاع مبنية مثل هذه. ولكن الحرب لم تنقطع مع العرب بل بقيت مستمرة ، لا هوادة فيها. ولما كانت عيشة العشائر على النخيل ، وما يتحصل منها ، اضطرت القوة إلى قطع هذه النخيل جميعها ، وبذلك أذعنوا وقدموا الطاعة فأظهروا أنهم يسالمون الحكومة ، ولكن لا ثبات في أقوالهم ، فلم يلتفت إلى ذلك. وكأنهم في ذلك يحاولون القضاء عليهم.

١٣٣

كانت الهجومات والحروب تتكرر بعد ذلك من الطرفين ووقعت حروب دامية جدا ، فانفل جيش العرب ، وقتل أكثرهم. ولما تمت القلاع تأهب الجيش للوصول إلى ابن عليان للحرب وحينئذ جاء ابن أخيه يرجو الصلح ، والمفتي هناك (محمد الحارث) جاء معه أيضا ، وفي الديوان المنعقد من جانب اسكندر باشا طلبوا ذلك فخلع عليهم الباشا بخلع ثمينة ، وفي الديوان الثاني (الجلسة الأخرى) قيل لهم إن ابن عليان إذا كان صادقا في طلب الصلح وجب عليه أن يؤدي في كل سنة لخزانة البصرة خمسة عشر ألف دينار ذهبا ، وأن يترك رهائن في البصرة جملة من أولاد الشيوخ ، فقبل السفراء ذلك وذهبوا. وبهذا تم تسخير الجزائر جملة ، ونهض الجيش والأسطول من هناك فوصل إلى المحل المسمى (صاعبة) ، فجاء حينئذ أخو ابن عليان مير سلطان بخمسين سفينة فأظهر الطاعة والانقياد ، وفي هذا المحل وافى أسطول البصرة المتكون من تسعة أغربة مع علي باشا فالتقوا هناك ، فنزلوا قلعة (فتحية) ، ومن ثم جاء السردار من البر وكذا وافى شيوخ الجزائر ورؤساؤهم إلى الباشا ، وأعطوا الرهائن ، وأطاعوا ولكن عرب (نهر الطويل) مقابل قلعة الرحمانية لا يزالون على عنادهم وتصلبهم ، ولم يلبوا الدعوة ، وأن رئيسهم (فضل) لم يأت إلى الوزير ليبدي طاعته. ومن ثم سارت إليه الجيوش ، وطالت المحاربات معه نحو خمسة أيام ، فهلك من العربان هناك ما لا يحصى ، وتشتت الآخرون فانتهب الجيش عيالهم وأموالهم ، وأحرق قراهم ، وقطع أشجارهم (نخيلهم).

وفي محل اجتماع ثلاثة أنهر بنيت قلعة ، وقطعت المياه عنهم. ومن ثم أعطى لواء بواب إلى مير سلطان. وفي أوائل رمضان عاد الأسطول إلى بغداد ، وأذن للجيش بالإجازة (١) ...

__________________

(١) تحفة الكبار ص ٨٥.

١٣٤

هذا ما قاله كاتب چلبي ، ولم نر هذا التفصيل في غيره ، ولكن من المؤسف أننا لم نعلم العشائر الموجودة آنئذ ، ولم نقف على أخبارها منه ، كما أنه عد هذه الوقعة من الوقائع البحرية ، وهي أول تجربة للأنهر استعان بها الجيش للقضاء على غائلة العشائر ، وأبدى أن المحاربة النهرية لم تكن خارجة عن (أسفار البحار) ، وقد تدعو الحاجة أن تتكرر أمثالها ، وسمى هذه الجزائر بـ (جزائر شط العرب) (١) ومن ثم نعلم أن الجيش استفاد من الأنهر لدفع الغوائل الداخلية والقضاء عليها ، فربح القضية من هذه الطريقة ولكن لم يكن ربحا حقيقيا فقد رأوا من العرب ما رأوا ... وابن عليان هذا من أمراء طيىء.

سبق في تاريخ العراق ذكر ابن عليان من أمراء الجزائر وأنه من طيىء القبيلة المعروفة ، ولم تتغير سلطة آل عليان إلى تلك الأيام (٢).

في مجموعة مخطوطة في (خزانة جامع الخلاني) أن الوالي اسكندر باشا كتب كتاب تهديد إلى الأمير علي ومحمد بن الحارث وجعفر الدجيلي وسائر مشايخ (معوية) كذا يحذرهم بطش الدولة وعواقب العصيان ، فأجابوا أنهم مستعدون للحرب ، لا يهابون احدا وليس في الكتابين تاريخ.

شمسي البغدادي :

لم يعين تاريخ وفاته بالضبط إلا أنه توفي بعد سنة ٩٧٥ ه‍ فإنه في هذا التاريخ كان حيا وقد ترجمه ابنه عهدي البغدادي فقال :

«من أهل العلم ، ووالد راقم هذه الحروف (عهدي البغدادي)

__________________

(١) تحفة الكبار في أسفار البحار ص ٨٣ ـ ٨٥.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٣.

١٣٥

مشغول ليل نهار بالمطالعة للكتب المتداولة ... واختار القناعة فاعتزل الخلق ، وصار يدعو للسلطان بالعز والرفعة ونظم باسم السلطان ثلاثة دواوين على بحر المثنوي. وكل منها مقبول لدى فصحاء العصر ، وفاق به فحول الشعراء ، وله قصائد في نعت الرسول والأئمة الكرام. وله ديوان في الغزل معتبر عند أصحاب العرفان. وكان ممن ملك أزمة البلاغة فانقاد له البيان. وصار يعد في مقدمة الأدباء الأفذاذ ...» اه وأورد له بعض المقطوعات الشعرية في الفارسية والتركية ، منها :

منجم گر شمارد اختران دائم رقم گيرد

أگر روى ترا بيند حساب از ماه كم گيرد

وگرحسن­خطت­را خوش­نويسى در نظر آرد

محالست اينكه أزحيرت دگر دستش قلم گيرد

إلى أن يقول :

سيه چشمان بغدادي بشمسي رهنمون گشتد

كه در ملك عرب سازد وطن ترك وعجم گيرد

ومعناه : أن المنجم أو الفلكي المنهمك بحساب النجوم والمتوغل في تعدادها دائما ، لو رأى طلعتك لما تمكن من الحساب ولغلط حتى في البدر وعده ناقصا. ولو أن الخطاط المتقن الخط شاهد خط محياك لاستحال عليه أن يمسك بالقلم لما أصابه من حيرة وذهول. إلى أن يقول : إن سود الحدق من البغداديين (يريد العرب الموصوفين بنجل العيون) اهتدوا بشمسي الذي اتخذ بلاد العرب وطنا له في حين أنه من الترك وصار يقتنص العجم.

وقد رأيت له ديوانا باللغة الفارسية في مكتبة كوپريلي قسم الأدبيات رقم ٢٩٤ سماه (منظر الأبرار) في مجلد واحد بين فيه أنه مغرم بالآداب الصوفية وعاشق لها ... ويرى أنه ممن تخرج بنظامي وسار على آدابه ... أوله :

١٣٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مطلع پرنو نور كلام قديم

هر كه از وگفت أزل كام يافت

دست بهر كار زد اتمام يافت

وفيه مقالات يتخللها حكايات عن الصالحين وغيرهم وفيها ما يتعلق ببغداد. وفي خاتمته يذكر اسمه .. وهو بخط ابنه عهدي كتبه في جمادى الأولى سنة ٩٧٥ وختمه عهدي بهذا البيت :

دستم بزير خاك چو خواهد شد تباه

بارى بيادگار بماند خط سياه

والكتاب من موقوفات الحاج أحمد ابن الوزير الأعظم نعمان وقد نسب لعهدي غلطا. وعلى كل مواضيعه تنبىء عن قيمة الرجل ودرجة علمه في إيراده الحكايات عن بغداد وأمرائها وغيرهم ... وخط عهدي تعليق جميل ويعد بهذا خطاطا ولم يشر ابنه إلى أن والده قد توفي فالظاهر أنه حي إلى ذلك العهد ...

وأولاد شمسي وأقاربه :

١ ـ عهدي ابنه.

٢ ـ رضائي ابنه الكبير. مر ذكره.

٣ ـ مرادي ابنه الصغير.

وهم من الشعراء ولهم بعض المختارات.

٤ ـ رندي البغدادي ابن أخي شمسي. ونظمه مقبول.

٥ ـ عبد الملك البغدادي أبو شمسي.

٦ ـ محمد بن عبد الملك المذكور.

وعلى كل إن المترجم والد عهدي. وهذا صهر نظمي البغدادي

١٣٧

والاتصال العائلي موجود وأسرته جماعة ومنهم من مر القول فيه ومنهم من سيأتي الكلام عليه في حينه.

الوالي مراد باشا :

ثم عهد إيالة بغداد إلى مراد باشا. وهذا لم يبين عنه صاحب گلشن خلفا سوى بناء الجامع المعروف باسمه. وكأنه جاء بهذه المهمة فأتمها كما أتم منارة جامع الكاظمين ، وذهب.

حوادث سنة ٩٧٧ ه‍ ـ ١٥٦٩ م

كتاب من الآستانة

ورد في هذه السنة كتاب من استانبول مؤرخ في ٢٢ شوال سنة ٩٧٧ إلى والي بغداد في أنه كان قد ورد كتاب الوالي مخبرا أن الأمن والأمان على نصابهما ، وأنه ساع في تحصيل الأموال الأميرية وتوفيرها في حين أن الخزانة العامة الآن في ضرورة إلى المال الوافر سوى أنه من أهم الأمور الحاجة إلى ملح البارود فإذا وصل إليكم الأمر فالسرعة السرعة في إرسال مقدار ثلاثة آلاف قنطار منه ولزوم تحميله على الإبل وإيصاله بهمة زائدة ..

وفي هذا ما يعين الحالة والعلاقة معا (١).

حوادث سنة ٩٧٨ ه‍ ـ ١٥٧٠ م

جامع المرادية

بنى الوالي هذا الجامع وأجرى له الاحتفال. عمر في محلة الميدان وقد أرخه الشاعر فضلي (٢) ابن الشاعر فضولي فقال :

__________________

(١) تاريخ أنجمني مجموعة سي عدد (٢) ص ٦٩.

(٢) مر الكلام عليه عند ذكر والده فضولي.

١٣٨

١٣٩

سلطان جوان بخت سليم أول شه عادل

كم در كهنك خادميدر چرخ معلا

أول سرور إسلام خداوند ممالك

داراى عبادتكه دين وملجأ دنيا

بغداده بر أهل كرمى ايلدى والى

كم قلدى انوك همتى بو مسجد انشا

پاشاى فلك قدر مراد اولكه أزلدن

لطف ايتمش اكا عز وعلا حضرة مولى

فضلى­ديدى­بو مسجد ايچون صدقله تاريخ

كل مسجده اي پاك مراد ايله تمنى

وذلك سنة ٩٧٨ ه‍. والملحوظ أن هذه التعميرات كانت من مالية الوقف وكانت تصرف على المساجد وسائر الأعمال الخيرية. وبهذه التسميات الجديدة تغيرت معالم الأوقاف القديمة ولم يعد يعرف ما كان هناك من مساجد وما كان أصلها لنعرف الصلة بالماضي ومؤسساته. والغاية في الحقيقة مصروفة إلى إزالة تلك المعالم وإظهارها بشكل عليه طابع القوم. وإن الجامع المذكور لا يزال معروفا بهذا الاسم إلى الآن. فيسمى بجامع المرادية (١) ...

وقد أوضحت عنه في كتاب المعاهد الخيرية. وذكرت ما لحقه من تعميرات وما جاء من شعر في تاريخه نطق به فضلي بن فضولي البغدادي فكان التعليق في تاريخ مساجد بغداد غير صحيح لظن المعلق أن فضولي وفضلي واحد (٢).

__________________

(١) كلشن خلفا ص ٦٥ ـ ١ ورحلة أوليا جلبي ج ٤ ص ٤١٩.

(٢) تاريخ مساجد بغداد ص ٦٤.

١٤٠