موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

هذه اللوحة في أولاد تيمور وأحفاده ، نظرة سريعة أخذت من تواريخ عديدة مثل دستور الوزراء وكلشن خلفا وتاريخ تيمور لنك لمرتضى أفندي آل نظمي ووقائع تاريخية ودول إسلامية وغيرها .. وجعلنا أساس بحثنا يدور على فروع كل من أولاد تيمور بذكر المشاهير منهم ذكرا مختصرا ...

١ ـ معين الدين شاه رخ وأولاده :

إن شاه رخ حكم بالاشتراك مع والده الأمير تيمور ممالك خراسان سنة ٧٩٩ ه‍ وقضى ثماني سنوات في عهد والده ودامت حكومته في إيران وطوران ٤٠ سنة وتوفي سنة ٨٥٠ ه‍ في نيسابور وفي أيامه كتب تاريخ (مغز الأنساب). وهذا في التاريخ لم يعرف اسم مؤلفه انتهى منه في رجب سنة ٨٣٧ ه‍ كتبه بأمر شاه رخ. وقد أكمل به جدول الأنساب من جامع التواريخ ومنه نسخة في دار الكتب في باريس ..

وأولاده قد أوضحوا في اللوحة منهم بايستقر. وهذا توفي في حياة أبيه شاه رخ سنة ٨٣٧ ه‍. وفي أيامه كتب له حافظ ابرو (نور الدين بن لطف الله) المتوفى سنة ٨٣٤ ه‍ تاريخه المسمى (زبدة التواريخ) انتهى به إلى سنة ٨٢٩ ه‍ اختصر به جامع التواريخ إلى أيامه ومضى إلى ما بعده فصار مكملا له ، وأصلا يرجع إليه في تاريخ هذه الحكومة شرع بتأليفه سنة ٨٢٦ ه‍ وسمي (تاريخ مبارك بايسنقري) ومؤلفه من العلماء والأدباء المعروفين. ترجم هذا التاريخ إلى التركية ومنه نسخة في نور عثمانية.

ومن أولاد شاه رخ إبراهيم ميرزا. وهذا كان قد أعطاه والده منصب الإمارة في فارس والعراق. وهو الذي أمر شرف الدين عليا اليزدي (١) أن يكتب تاريخ تيمور المسمى أخيرا ب (ظفر نامه). وفيه مقدمة

__________________

(١) ترجمة شرف الدين اليزدي مبسوطة في تذكرة دولتشاه السمرقندي.

٣٠١

سماها (تاريخ جهانكير) أوضح فيها أنساب الجغتاي وقبائلهم ومجمل الوقائع أيام تيمور حتى أيام إبراهيم ميرزا. أمر بتحريرها سنة ٨٢٢ ه‍ وأتمها سنة ٨٢٨ ه‍ وعليها ذيل التاج السليماني يحتوي وقائع السنين من المحرم ٨٠٧ ه‍ إلى ٨١٣ ه‍ واشتمل على وقائع شاه رخ. ترجم ظفر نامه المذكورة إلى التركية حافظ الدين محمد بن أحمد العجمي. وقد اعتمد الغياثي عليها في أخبار تيمور.

ومن أولاد شاه رخ ميرزا محمد توفي في حياة أبيه سنة ٨٣٨ ه‍ كما أن أحمد المعروف ب (چوكي) توفي أيضا في حياة أبيه في شعبان سنة ٨٣٩ ه‍ وكان من أعيان أولاد أبيه المتميزين ، وله سطوة وإقدام وشجاعة ، كان يرسله بالعساكر إلى الأقطار ، فتح عدة بلاد وقلاع ، ووقع بينه وبين اسكندر بن قرا يوسف متملك تبريز حروب ووقائع آخرها في سنة وفاته ... فاشتد حزن أبيه لحادث وفاته ، وذكره ابن حجر في أنبائه باختصار قال : «واتفق أن والده مات له في هذه السنة ثلاثة أولاد كانوا ملوك الشرق بشيراز وكرمان وهذا كان من أشدهم (١).

وأما أولغ بك فإنه أنشأ رصدا في سمرقند سنة ٨٢٨ ه‍ وهناك عمل الزيج المشهور بأولغ بك وجمع له جماعة من العلماء مقدمهم قاضي زاده الرومي والمولى جمشيد كاشي والمولى علي القوشجي وصار زيجه هو المعمول به وانتسخ به (الزيج الايلخاني) وابتدأ تاريخه يوم الخميس أول المحرم سنة ٨٤١ ه‍. وعندي نسخة مخطوطة منه.

ولما توفي شاه رخ خلفه أولوغ بك المذكور في السلطنة عام ٨٤٩ ه‍ وهذا كان مشغولا بالعلوم ولم تكن له من الشدة ما يقضي على أهل الشرور والزيغ من رجال مملكته ذلك ما دعا أن يعصيه ابنه عبد اللطيف ويودي بحياته عام ٨٥٢ ه‍ ففقد العلم أكبر نصير ومشجع .. ومن ثم

__________________

(١) الضوء اللامع ج ١ ص ٢١١.

٣٠٢

قامت الفتن في كل صوب. وجاء في تاريخ الغياثي أنه توفي بتاريخ ١٠ رمضان سنة ٨٥٣ ه‍.

وأولغ بك هذا له تاريخ (ألوس أربعه جنكيزي) المسمى أيضا (بشجرة الأتراك) ويتضمن الوقائع التاريخية من أقدم عهدها الأساطيري إلى سنة ٨٥١ ه‍ والمهم من حوادثه يبتدىء من سنة ٧٠٣ ه‍ وأما ما كان قبل ذلك فلا يختلف عن التواريخ الأخرى المتداولة. ومختصر هذه النسخة في المتحفة البريطانية برقم ٢٦١٩٠ (١).

٢ ـ جلال الدين ميران شاه وأولاده :

وهذا حكم العراقين وآذربيجان وديار بكر إلى حدود الروم والشام ... عين بفرمان من والده تيمور سنة ٨٠٢ ه‍ عند قدومه من بلاد الهند إلى البلاد الشامية وفي سنة ٨١٠ ه‍ وقعت بينه وبين قرا يوسف محاربة فقتل فيها. وفي الضوء اللامع كان ذلك سنة ٨٠٩ ه‍ (٢).

ومن أولاد ميران شاه السلطان خليل. ملك سمرقند بعد جده في حياة والده وأعمامه ، كان معه عند وفاته سنة ٨٠٧ ه‍ فلم يجد الناس بدا من سلطنته. وعاد بجثة جده إلى سمرقند ، استولى على الخزائن وتمكن من الأمراء والعساكر ببذله لهم الأموال العظيمة حتى دخلوا في طاعته سيما وفيه رفق وتودد مع حسن سياسة وصدق لهجة وجميل صورة. فلما قارب سمرقند تلقاه من بها وهم يبكون وعليهم ثياب الحداد ومعهم التقادم فقبلها منهم ودخلها وكانت جثة جده في تابوت آبنوس بين يديه وجميع الملوك والأمراء مشاة ، مكشوفة رؤوسهم حتى دفنوه وأقاموا عليه العزاء أياما. ثم أخذ صاحب الترجمة في تمهيد مملكته. وملك قلوب

__________________

(١) الغياثي ص ٢٥١ وإسلامده تاريخ ومؤرخلر وغيرهما.

(٢) الضوء اللامع ج ٢ ص ٣٢١.

٣٠٣

الرعية بالإحسان واستفحل أمره وجرت حوادث إلى أن مات بالري مسموما في سنة ٨٠٩ ه‍. ونحرت زوجته شاد ملك نفسها بخنجر من قفاها فهلكت من ساعتها ودفنا في قبر واحد ثم قتل والده بعده بقليل وولي مكانه پيير عمر وطوّل يوسف بن تغري بردي ترجمته تبعا للمقريزي في عقوده (١).

ومن أولاده أمير زاده عمر كان في أيام تيمور حاكما في العراقين وآذربيجان وديار بكر. وبعد وفاة تيمور تحارب مع أخيه الميرزا أبي بكر فانهزم والتجأ إلى شاه رخ. ثم تحارب مع عمه شاه رخ المذكور فجرح ومات عام ٨٠٩ ه‍. أما ميرزا محمد فلم يرد له ذكر إلا أن ابنه السلطان أبا سعيد ولي سمرقند بعد أن قتل ميرزا عبد الله بن إبراهيم بن شاه رخ ودامت سلطنته في سمرقند ثماني سنوات وتسلط على خراسان وكابل وسيستان (٢) والعراق. وفي سنة ٨٧٣ ه‍ توفي مقتولا على يد البايندرية فخلفه ابنه السلطان أحمد ودامت حكومته عشرين سنة ومات سنة ٨٩٩ ه‍ ...

أما ميرزا أبو بكر فإنه بعد أن فر من وجهه أخوه ميرزا عمر تصدى لخدمة والده وناب عنه في الحكم على آذربيجان وبعد قتلة والده من جانب قرا يوسف فر إلى كرمان وسيستان وهناك تحارب مع حاكم كرمان في حدود جرفت فقتل سنة ٨١١ ه‍. والسلطان خليل كان لدى الأمير تيمور حين وفاته فنال السلطنة مقامه ولم يبال بوصية تيمور إلى (پير محمد) فاغتصبها منه ... وصار له ملك ما وراء النهر وتركستان وقد

__________________

(١) الضوء اللامع ج ٣ ص ١٩٣.

(٢) في الكتب العربية تدعى (سجستان) ومن اللازم استعمالها كذلك. قاله الصديق الجليل الأستاذ الكرملي. وفي جهانكشاي جويني كلام على هذا اللفظ (ج ٣ ص ٢٠٣ و٤٤٦) وفي الأيام الأخيرة في سنة ١٣١٤ هجرية شمسية طبع (تاريخ سيستان) في مجلد ضخم ، وفيه مباحث مهمة عن هذا القطر نشر بتصحيح (ملك الشعراء بهار) وفيه فهارس نافعة ومهمة جدا.

٣٠٤

بسط القول عنه صاحب عجائب المقدور. وبمؤامرة من أمرائه قد خلع عام ٨١١ ه‍ بعد أن حكم مدة أربعة سنوات وترك الأمر لشاه رخ عمه وبمنشور من عمه المذكور أعطيت له بعض المناصب وحكومة الري وقضى فيها أيامه هناك إلى أن توفي بالري عام ٨١٤ ه‍. أما السلطان محمود بن أبي سعيد فإنه بعد وفاة أخيه السلطان أحمد صار ملكا على ما وراء النهر إلا أنه لم تدم له السلطنة أكثر من شهرين فتوفي ومن ثم حدثت بين ابنيه الميرزا بايسنقر والسلطان علي منازعة فكانت النتيجة أن فر بايسنقر والتجأ إلى أحد خدام أبيه أمير خسرو حاكم قندهار. وهذا قتله سنة ٩٠٥ ه‍ ولم يراع نعمة والده فخلصت الحكومة للسلطان علي. وفي هذه السنة خرج عليه شيبك خان الأوزبكي وحاصر مدينة سمرقند ثم إنه أيام الحصار خدع السلطان بأن يتزوج بأمه فغدر به وبها ... ولما ظهر الشاه إسماعيل الصفوي تحارب مع شيبك خان المذكور فقتل في المعركة ...

ثم إن الشاه إسماعيل الصفوي سعى أن يتولى السلطنة على ما وراء النهر الميرزا بابر بن ميرزا عمر شيخ بن أبي سعيد وبعد أمد قليل هاجمه عبيد خان الأوزبكي للانتقام منه ففر من وجهه وقنع بحكومة غزنة وبعض بلاد الهند فدامت سلطنته ٤٣ سنة وتوفي عام ٩٣٧ ه‍. ثم توفي بعده بسنتين أبوه عمر شيخ. وحينذاك زالت حكومة آل تيمور من ما وراء النهر وصارت للأوزبك.

ولما توفي بابر شاه ولي بعده ولده ميرزا همايون تسلطن على ممالك الهند وزابلستان وقندهار وغزنة وكابل وافتتح مدينة دهلي عاصمة الهند وحكم ٢٦ عاما مستقلا وفي سنة ٩٦٣ ه‍ سقط من السلم ، عثرت رجله فوقع وتوفي لحينه. فخلفه أخوه ميرزا كامران وقد قنع ببعض بلاد الهند وتورث الملك عن همايون شاه بعد وفاة ابنه ميرزا جلال الدين محمد أكبر شاه وهذا دامت سلطنته ونال في مملكة الهند بلادا كثيرة

٣٠٥

وحصل على فتوحات عظيمة فوسع حدود سلطته. وفي سنة ١٠١٢ ه‍ قد توفي فخلفه ابنه سليم شاه وصار ملك الهند وفي ١٠٢٠ ه‍ توفي فخلفه ابنه شاه جهان خرم وقد امتاز عن غيره من الملوك بمساعدة الحظ وكثرة المال والخول والمناقب الفاضلة ودامت سلطنته مدة ولما رأى نفسه قد طعن في السن جعل ابنه دارا شكوه ولي عهده إلا أن ابنه الآخر مراد بخش لم يوافق على هذا الأمر فحدث نزاع بين الأخوين وقد سعى أخوهما الآخر أورنك زيب لإصلاح ذات البين ظاهرا فألقى القبض على أحدهما مراد بخش فقتله ثم استأصل الثاني دارا شكوه واعتقل والده وأعلن سلطنته عام ١٠٦٩ ه‍ ودامت حكومته أكثر من أربعين سنة .. وهذا هو الذي كتب له حسن بن طاهر بك القجاري تاريخا قدمه إليه بعد أن فتح قندهار وغيرها من بعض البلدان. وعندي نسخة مخطوطة منه كتبت سنة ١١٠٣ ه‍ وفيها ذكر أن السلطان هو ابن شاه جهان بن جهانكير بن همايون بن بابر بن عمر شيخ ابن السلطان أبي سعيد بن ميران بن سلطان محمد بن ميران شاه بن تيمور.

أما أخوهم الآخر شاه شجاع فقد كان حاكما في بنكاله فلما رأى النزاع قائما بين الإخوة وأبيهم نفر من الكل وترك دعوى السلطنة ولبس ثياب درويش فاختار العزلة ولا يعرف عنه شيء.

والحاصل استمرت سلطنة هؤلاء ودامت في أولادهم وأحفادهم إلى أن انتزعها الإنجليز منهم وذلك أن فرخ شير محمد شاه بن عظيم الشان بن شاه عالم محمد بهادر قد تملك عام ١١٢٥ وفي زمانه نالت الشركة الإنجليزية بعض الامتيازات وفي سنة ١١٧٣ ولي شاه عالم الثاني أبو المظفر علي كوهر بن عالمكير. وفي أيامه كان يخشى من تجاوز المهرانة وبهذه الوسيلة أدخل الإنجليز جيوشهم المدينة وطمعا بما أعطوه من المخصصات سلمت مملكة بنكالة إلى الإنجليز. وفي عام ١٢٥٣ ه‍ ولي بهادر شاه الثاني سراج الدين محمد بن أكبر شاه الثاني وهو آخر

٣٠٦

ملوكهم ودامت حكومته اسميا ٢١ سنة وفي سنة ١٢٧٤ ه‍ (١٨٥٨ م) ظهرت ثورة ادعى الإنجليز أنه ذو دخل في الأمر فنقل إلى كلكتة ووقف هناك وبهذا انقرضت الحكومة التيمورية من الهند ..

وبتاريخ ١٢٩٣ ه‍ (١٨٧٧ م) أعلنت القراليجة فيكتورية امبراطوريتها في دهلي ...

٣ ـ معز الدين الشيخ عمر وأولاده :

إن الشيخ عمر كان قد عينه والده الأمير تيمور على ممالك فارس حينما استأصل آل مظفر عام ٧٩٥ ه‍ فحكمها لمدة سنة ثم إنه في سنة ٧٩٦ ه‍ أصابه سهم طائش أيام محاصرة مدينة حرمانتون (خرماتو) فجرح وكان ذلك داعية وفاته. وله من الأولاد اسكندر ، وپير محمد ، وبيقرا ، ورستم ، وأحمد.

أما بيقرا فله ابن اسمه ميرزا منصور ؛ ولميرزا أحمد المذكور ميرزا سنجر وإن ميرزا منصور له ابن هو السلطان حسين ولهذا ولدان ميرزا بديع وميرزا مظفر ، وأما ميرزا اسكندر فإن جده الأمير تيمور عند ما عاد من حرب الروم عام ٨٠٦ ه‍ منحه حكومة همذان ونهاوند. فلما خرج قرا يوسف التركماني خاف منه فترك بلاده وذهب إلى أخيه ميرزا پير محمد في فارس فصار حاكما هناك فقتله أحد ملازميه حسين الشرابي غدرا ، ثم ضبط الميرزا اسكندر فارس وأصفهان وعصى على عمه شاه رخ ، فتحارب معه ، وبالنتيجة قبض عمه عليه وكحله. وأما ميرزا بايقرا فإنه كان متفقا مع الميرزا اسكندر المكحول ولما كان في أصفهان حارب أخاه الآخر رستم وهذا أسر اسكندر في المعركة وقتله. ثم إن ميرزا بايقرا بفرمان من شاه رخ صار حاكما على همذان ونهاوند فعصى في هذه الأثناء وعزم على الذهاب إلى شيراز وكان حاكمها السلطان إبراهيم ابن شاه رخ فحاربه وضبط المدينة فقام شاه رخ عليه وضيق أنفاسه ومن

٣٠٧

ثم طلب العفو عما اقترفه واستأمن منه فجيء به إليه وعلى هذا أرسله إلى حاكمية قندهار. وهناك أيضا ظهرت منه بعض الأحوال التي لا يرضاها فأرسل محبوسا للمرة الأخرى إلى شاه رخ وحينئذ بعث به إلى أنحاء سمرقند فلم يعلم عنه شيء.

أما الميرزا رستم فإنه كان أيام جده تيمور حاكم أصفهان وبوفاته نازع أخاه اسكندر بالوجه المار وسقط عن أي دعوى فأقر في حكومة أصفهان.

أما ميرزا أحمد ابن شيخ عمر فإنه جاء إلى سمرقند عام ٨١١ ه‍ فمنح حكومة أوركنج ثم إنه أثناء محاربته مع ابن عمه أولوغ بك بن شاه رخ فرّ وذهب إلى أنحاء المغول ثم عاد إلى خراسان وإن عمه شاه رخ راعى جانبه كثيرا ثم إنه بعد ذلك قصد الحج وتوجه لزيارة بيت الله الحرام فطوي خبره ..

أما ميرزا سنجر بن ميرزا أحمد فإنه عام ٨٦٣ ه‍ اتفق مع ميرزا إبراهيم بن علاء الدولة بن بايستقر بن شاه رخ فقاتل الميرزا أبا سعيد فقتل في المعركة. أما ميرزا منصور فلم يعلم عنه أمر. وأما السلطان حسين (١) بن منصور بن بيقرا فهو ممدوح الملا جامي بعد أن استأصل أمير خراسان الميرزا يادكار محمد استقل بالمملكة وحكم بلا منازع ... لمدة ٣٨ سنة ومات سنة ٩١١ ه‍.

وهذا كانت في أيامه سوق العلم رائجة ومكانتها معتبرة .. وقد ألفت كتب تاريخية في عهده كثيرة مثل روضة الصفا وتيمور نامه للمولى عبد الله الهاتفي ابن أخت عبد الرحمن الجامي وسماها في كشف

__________________

(١) صاحب روضة الصفا قد خص هذا السلطان بجزء من كتابه وأطنب في تاريخه وبين معاصريه والعلماء الذين كانوا في أيامه .. ومثله صاحب حبيب السير بسط القول عنه وأثنى عليه كثيرا ...

٣٠٨

٣٠٩

الظنون (ظفر نامه) وكذا من المؤلفات التاريخية (مطلع السعدين) لكمال الدين عبد الرزاق بن جلال الدين إسحق السمرقندي وحوادثه من أيام السلطان أبي سعيد المغولي إلى عهد السلطان حسين بايقرا الذي كان جلوسه سنة ٨٧٥ ه‍ وفيه إيضاح كاف عن تيمور وأولاده. ومن وزراء هذا السلطان علي شير نوائي صاحب التآليف المهمة ومنها في اللغة كتاب (سبعة أبحر) وكان حامي العلماء والأدباء في وقته ...

فخلفه ابنه السلطان مظفر. وهذا تحارب مع شيبك خان (شاهي بك) الأوزبكي ملك ما وراء النهر عام ٩١٣ ه‍ ففر في المحاربة وذهب إلى استراباد وهناك توفي. أما ابنه الآخر وهو ميرزا بديع الزمان فإنه شارك أخاه المذكور في الحكومة إلا أنه حين محاربة شيبك خان فر والتجأ إلى الشاه إسماعيل الصفوي وفي محاربة چالديران التي ربحها السلطان سليم العثماني المعروف بياوز أخذه أسيرا في تبريز فجاء به مكرما إلى استانبول ولم يبق هناك إلا قليلا فتوفي.

٤ ـ محمد غياث الدين جهانكير وأولاده :

هذا هو ابن تيمور وله ولدان (السلطان محمد) وكان جده الأمير تيمور في حياته نصبه ولي عهده عند ما شتى في بلاد الروم وفي ربيع سنة ٨٠٥ ه‍ ولما عزم على السفر إلى سمرقند توفي بأجله وحينئذ جعل أخاه پير محمد ولي عهده ... وكان حاكما على قندهار وغزنة وحدود الهند وبخيانة من أمرائه وغدرهم انتقل إلى الدار الآخرة عام ٨٠٩ ه‍.

وصفوة القول إن حكومات هؤلاء قد طفحت التواريخ بالبيان عنهم وتفصيل أحوالهم ... ولم نجد اهتماما تاريخيا في عصر من العصور التالية كالاهتمام بهم وتدوين وقائعهم ... كما أن العناية بالعلماء ، وحمايتهم لهم ، مما دعا أن يروج سوق العلم ... ونرى اشتهار جملة صالحة من العلماء برزت في مختلف الفروع .. ومؤلفاتهم شاهدة في

٣١٠

درجة الرغبة ورواج سوق العلم .. وأظن أن هذا كاف في التعريف بمجمل أحوال تيمور وأخلافه ...

وفيات

١ ـ جمال الدين عبد الله النحريري :

في هذه السنة (سنة ٨٠٧ ه‍) توفي جمال الدين عبد الله بن محمد ابن إبراهيم بن إدريس بن نصر النحريري المالكي ولد سنة ٧٤٠ ه‍ واشتغل بالعلم بدمشق وبمصر وسمع من الظهير بن العجمي وغيره ثم ناب في الحكم بحلب ثم ولي قضاء حلب سنة ٦٧ ثم أراد الظاهر إمساكه فهرب إلى بغداد فأقام بها على صورة فقير فلم يزل هناك إلى أن وقعت الفتنة اللنكية ففر إلى تبريز ثم إلى حصن كيفا فأكرمه صاحبها فأقام عنده وكان صاحب الترجمة يحب فقهاء الشافعية وتعجبه مذاكراتهم ثم رجع إلى حلب ثم توجه إلى دمشق سنة ٨٠٦ ه‍ فحج ورجع قاصدا الحصن وكان إماما فاضلا فقيها يستحضر كثيرا من التاريخ ويحب العلم وأهله وكان من أعيان الحلبيين. توفي بسرمين راجعا من الحج بكرة يوم الجمعة ١٢ ربيع الأول (١).

٢ ـ الشيخ شرف الدين عبد المنعم البغدادي :

وفيها توفي شرف الدين عبد المنعم بن سليمان بن داود البغدادي ثم المصري الحنبلي ولد ببغداد وقدم إلى القاهرة وهو كبير فحج وصحب القاضي تاج الدين السبكي وأخاه الشيخ بهاء الدين وتفقه على قاضي القضاة موفق الدين وغيره وعين لقضاء الحنابلة بالقاهرة فلم يتم ذلك ودرس بمدرسة أم الأشرف شعبان وبالمنصورية وولي إفتاء دار العدل ولازم الفتوى وانتهت إليه رياسة الحنابلة بها وانقطع نحو عشر

__________________

(١) الشذرات ج ٧.

٣١١

سنين بالجامع الأزهر ، يدرس ويفتي ولا يخرج منه إلا في النادر وأخذ عنه جماعات وتوفي بالقاهرة في ١٨ شوال (١).

وفي الضوء اللامع تفصيل عن ترجمته وتنبيه لما وقع به المترجمون قبله من الغلط في ذكر اسم أبيه وجده (٢). وترجمته في الأنباء ولم يزد عل هؤلاء المترجمين ... (٣).

٣ ـ جلال الدين عبد الله الأردبيلي :

وفيها توفي جلال الدين عبد الله بن عبد الله الأردبيلي الحنفي لقي جماعة من الكبار بالبلاد العراقية وغيرها وقدم القاهرة فولي قضاء العسكر ودرس بمدرسة الأشرف بالتبانة وغير ذلك. توفي في أواخر شهر رمضان (٤).

حوادث سنة ٨٠٨ ه‍ ـ ١٤٠٥ م

السلطان أحمد وبغداد :

مرت حوادث السلطان أحمد والأمير قرا يوسف وحروبهما مع تيمور وأمرائه فلم يستقر لهما قرار في الأنحاء العراقية فمال كل منهما بحياله وذهب إلى مصر وكان خروج السلطان أحمد يوم الخميس ٥ المحرم سنة ٨٠٦ ه‍ إلا أن سلطان مصر نظرا للاتفاق الحاصل بينه وبين الأمير تيمور أمر بحبسهما حينما وردا إليه منهزمين واعتقلهما في إحدى القلاع ولم يمنع أحدهما عن الآخر ..

__________________

(١) الشذرات ج ٧.

(٢) الضوء اللامع ج ٥ ص ٨٨.

(٣) أنباء الغمر ج ١.

(٤) الشذرات ج ٧.

٣١٢

وبينا الأمير تيمور كان عازما على غزو الصين والخطا إذ وصل إليه قاصد من سلطان مصر ومعه كتاب مضمونه أن السلطان أحمد وقرا يوسف من هيبة العساكر السلطانية (جيش تيمور) قد التجأ إلينا وقد حبسناهما وأرسلنا الخبر بذلك لاستطلاع الرأي الشريف بما يأمر فكتب في الجواب أن السلطان أحمد يقيد ويرسل إلينا وأما قرا يوسف فيحز رأسه ويبعث إلينا أيضا (١).

وقبل أن يرسل قاصد مصر علم أن قد توفي تيمور في طريقه إلى الصين والخطا فلم ينفذ مرغوب تيمور في حق المذكورين ... وأثناء بقائهما بمصر ولد لقرا يوسف ابن سمي پير بوداق كان يتعهده السلطان أحمد وهناك تعاهدا إن أنجاهما الله تعالى من هذا القيد وأقبل عليهما الدهر مرة ثانية فيكونان متفقين ، متحدين ، والأساس المتفق عليه هو جعل بغداد للسلطان أحمد وحكومة تبريز للأمير قرا يوسف ثم إن قرا يوسف رأى رؤيا مؤداها أن الأمير تيمور أعطى له خاتما من خواتيمه فقصها على السلطان أحمد فكان تعبيره لها أنه سينال قطرا من الأقطار التي يملكها تيمور ...

مضت مدة على اعتقالهما ثم جاءت الأخبار إلى مصر بوفاة الأمير تيمور وحينئذ أفرج عنهما سلطان مصر وأنعم عليهما بإنعامات وافرة وأن الأمير قرا يوسف كان قد بقي من جماعته ثلة كبيرة وعند ما كان يسير راكبا يظهر بعين الجلال والأبهة فكره المصريون منه ذلك وأنكروا عليه تيهه فشعر بالأمر وعندئذ استأذن السلطان بالذهاب فأذن له فسار هو ومن معه مسرعين إلى ديارهم مع أهليهم وجاؤوا إلى ديار بكر وقد لقوا عناء في طريقهم من حراس القلاع إلا أنهم لم يبالوا وظفروا في كل المعارك التي حدثت بينه وبينهم أثناء مرورهم. وصلوا الفرات وتقدموا إلى ديار

__________________

(١) الغياثي ص ٢٤٥.

٣١٣

بكر وهناك حصل بين الأمير قرا يوسف وبين الملك شمس الدين حاكم أخلاط وتفليس محبة كاملة لحد أن الملك تزوج بنت قرا يوسف. ثم إن قرا يوسف بإيعاز من الملك جهز جيشا إلى حدود وان ... ونهب هناك غنائم وافرة ... وقد التحق به جميع قبائل التراكمة إلى أن استولى على أونيك ...

أما السلطان أحمد فإنه بعد خروج قرا يوسف لم يعبأ به أحد وعاد إلى أنحاء الشام بيأس ومن هناك توجه إلى ديار بكر ومنها جاء إلى الحلة ومن ثم مال إليه أعوانه السابقون ومن كان كارها حكومة تيمور فشاع أمر وصوله إلى العراق وذاع في الأطراف هناك. ومن ثم ظهرت الأراجيف في بغداد وصاروا يتحدثون بذكره ومن جراء ذلك اضطرب أمر حاكم بغداد وهو دولة خواجة إيناق وخاف أن يبقى فترك حكومة بغداد والتجأ إلى معكسر الميرزا عمر وبعد مضي أسبوع من ذهاب دولة خواجة عاد السلطان إلى وطنه السابق وجلس على سرير الحكم ببغداد يوم الخميس ٥ المحرم سنة ٨٠٨ ه‍.

وفي أواخر سنة ٨٠٨ ه‍ كان قد شغل ميرزا أبو بكر بمحاربة أصفهان من جهة ومن جهة أخرى أن الشيخ إبراهيم الشيرواني دخل تبريز ذلك ما دعا إلى اضطراب الحالة واقتضى صد غوائل هؤلاء مما جعل السلطان أحمد في مأمن من العوادي بل تأهب لمقارعات جديدة.

وقوي أمله في استعادة باقي ملكه استفادة من هذا التشوش.

السلطان علاء الدولة والأمراء معه :

كان الأمير تيمور أثناء حروبه في العراق قد أخذ أسرى من جملتهم السلطان علاء الدولة ابن السلطان أحمد وحاجي باشا ومعه اتباع كثيرون ولهم أولاد وأشياع وكان كبيرهم حاجي باشا المذكور. أما السلطان خليل فإنه أفرج عنه وعمن معه وجعله ذا مكانة فاتفق هؤلاء

٣١٤

جميعا أن يخرجوا من سمرقند ويذهبوا إلى العراق وصاروا تحت امرة حاجي باشا فخرجوا في جنح من الليل ليلة الاثنين غرة شوال هذه السنة (سنة ٨٠٨ ه‍) وجدّوا في سيرهم لما علموا أن السلطان أحمد ولي بغداد وحصل على حكومتها ... فتركوا ما وراء النهر ومالوا نحو العراق ... فقطعوا جيحون ووصلوا إلى خراسان ومن ثم انفرط نظامهم فتقطعوا في البلاد قبل وصولهم إلى العراق ... وأين بغداد من توران؟!. (١).

وعلى كل وصل علاء الدولة إلى آذربيجان إلى الأمير قرا يوسف. فرحب به وتلقاه بإعزاز وإكرام ... (٢) إلا أنه رأى منه بعض ما يكره وكان يحاول أن يستولي على بعض المدن هناك بمن معه فألقى القبض عليه واعتقله ...

وفيات

١ ـ ابن خلدون :

في هذه السنة يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة ٨٠٨ ه‍ توفي ابن خلدون المؤرخ المشهور ، وكنا عولنا على تاريخه باعتباره مرجعا لتاريخنا فإنه خصوصا في حوادث هذه الحكومة من المعاصرين وهو عمدة إلا أن النسخة المطبوعة لم يعتن الطابعون في ضبط أعلامها ... وإنما تحتاج إلى تحقيق وتثبيت ... أما المترجم فقد ذكر عنه صاحب الضوء اللامع ما يدل على الذم والمدح .. والمعاصرون لا يخلون من تأثر ... نرى الهيتمي يبالغ في الغض منه وينقل أنه ذكر الحسين بن علي رضي الله عنهما في تاريخه فقال قتل بسيف جده ، وقال صاحب رفع الإصر لم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن ..

__________________

(١) عجائب المقدور ص ١٩٢.

(٢) حبيب السير ج ٣ جزء ٣ ص ١٨٦.

٣١٥

وكان المقريزي يفرط في تعظيم ابن خلدون لكونه كان يجزم بصحة نسب بني عبيد خلفاء مصر المعروفين (بالفاطميين) قال صاحب الضوء اللامع وكان صاحبنا ينتمي إلى الفاطميين ... لكونه أثبت نسبهم وغفل عن مراد ابن خلدون فإنه كان لانحرافه عن آل علي يثبت نسب الفاطميين إليهم لما اشتهر من سوء معتقد الفاطميين وكون بعضهم نسب إلى الزندقة وادعى الإلهية كالحاكم وبعضهم في الغاية من التعصب لمذهب الرفض حتى قتل في زمانهم جمع من أهل السنة ، وكان يصرح بسب الصحابة في جوامعهم ومجامعهم فإذا كانوا بهذه المثابة وصح أنهم من آل علي حقيقة التصق بآل علي العيب ، وكان ذلك من أسباب النفرة عنهم .. وقال في الأنباء عن ابن خلدون أنه صنف التاريخ الكبير .. وظهرت فيه فضائله وأبان فيه عن براعته ولم يكن مطلعا على الأخبار على جليتها لا سيما أخبار المشرق وهو بين لمن نظر كلامه ... قال في الضوء : وطوّل المقريزي في عقوده ترجمته جدا ... وهو ممن يبالغ في إطرائه وما هو إلا من المصنفات التي سارت ألقابها بخلاف مضمونها (١).

والملحوظ أنه عالم ، مؤرخ فحل لو لا أنه مشبع بفكر الشعوبية وآرائهم بسبب أن الحكومات آنئذ بيد غير العرب وأن تاريخه مملوء غلطا في اعلامه من النساخ .. إلا أن نظراته في السياسة العشائرية كانت نتيجة بحث وتدقيق زائد ومزاولة للموضوع من جميع أطرافه ... فهو خير وثيقة لتقدير قيمة المباحث العشائرية .. ومضت بعض التصحيحات لأعلامه المتعلقة بالعراق وألفاظ المغول والتتر ..

٢ ـ أمير العرب نعير بن حيار :

نعير أمير العرب بنون ومهملة مصغر هو محمد بن حيار بالمهملة

__________________

(١) ج ٤ ص ١٤٧.

٣١٦

المكسورة ثم التحتانية الخفيفة ابن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة الطائي ، أمير آل فضل بالشام يلقب شمس الدين ويعرف بنعير ، ولي الأمر بعد أبيه ودخل القاهرة مع يلبغا الناصري ولما عاد الطاهر من الكرك وافق نعير منطاش في الفتنة المشهورة وكان مع منطاش لما حاصر حلب ثم راسل نعير نائب حلب إذ ذاك كتبغا في الصلح وتسليمه منطاش ثم غضب برقوق على نعير وطرده من البلاد فأغار نعير على بني عمه الذين قرروا بعده وطردهم فلما مات برقوق أعيد نعير إلى إمرته ثم كان ممن استنجد به دمرداش ... فقتل في حلب في شوال من هذه السنة وقد نيف على السبعين. وكان شجاعا ، جوادا ، مهيبا ، إلا أنه كان كثير الغزو والفساد وبموته انكسرت شوكة آل مهنا. ولي بعده ولده العجل (١).

حوادث سنة ٨٠٩ ه‍ ـ ١٤٠٦ م

استيلاء السلطان أحمد على تبريز :

إن السلطان أحمد لم يقف عند بغداد أو الاكتفاء بها وقد رأى الحالة مضطربة والفتن قائمة على قدم وساق ، ووجد الفرصة سانحة لاستعادة ملكه المغصوب فنشط للأمر في أواخر سنة ٨٠٨ ه‍ وجمع إليه الكرد والأويرات وسائر الأتراك هناك وسار بهم إلى تبريز وفي المحرم من سنة ٨٠٩ ه‍ ذاع خبر ذلك ووصل إلى سمع الأمير الشيخ إبراهيم الشرواني (٢) وكان استولى عليها قبل هذا فقرر بالاتفاق مع أمرائه أن هذه

__________________

(١) الأنباء ج ١.

(٢) مؤسس الحكومة الدربندية أو الشروانية ويقال إنه يتصل نسبه بكسرى. وكان الشيخ إبراهيم المذكور من أهل الفلاحة يسكن في قرية من قرى شروان فاتفق أن اختاره أهل هذه المملكة. وكان قد أذعن لتيمور لنك وقدم له هدايا من كل جنس تسعة أصناف وثمانية من المماليك فلما اعترض عليه قال التاسع نفسي وبذلك نال إعجاب تيمور ورضاه. توفي سنة ٨٢١ ه‍. «أخبار الدول ص ٣٤٢».

٣١٧

٣١٨

المدينة عاصمة السلطان أحمد وآبائه وأجداده ونحن من قديم الزمان مرتبطون معهم بمحبة وولاء ولم يكن مجيئنا إلى هذه المدينة إلا لرفع الظلم ، وانقاذ المدينة من التعديات ... ولما جاء صاحبها إليها وتوجه نحوها فالأجدر بنا أن نعود إلى وطننا شروان فرجع فعلا إلى وطنه المذكور.

وفي أواخر هذا الشهر وافى السلطان أحمد إلى عاصمته الأولى (تبريز) فاستقبله الأهلون وأظهروا الفرح بوروده وزينوا المدينة واحتفلوا احتفالا باهرا ... وكان يحسب الأهلون أن قد أقلع السلطان عن أعماله السابقة لما ناله من الغربة والنكبات. إلا أنهم لم يلبثوا أن رأوه بعد قليل ركن إلى ما توهموا أنه أقلع منه ... فصار يقضي غالب أوقاته في الملاهي والملاذ ...

فلما تبين للأهلين سوء أعماله هذه مال أكثر الأعيان والأمراء إلى ميرزا أبي بكر وفي هذا الوقت ائتلف الميرزا مع الأصفهانيين وعقد معهم صلحا فأمن غائلتهم وحينئذ سار إلى تبريز لمقارعة السلطان أحمد .. وعند ما علم السلطان بذلك استولى عليه الرعب ولم يستطع البقاء في تبريز ومضى إلى أنحاء بغداد ... وفي ٨ ربيع الأول من تلك السنة دخل الميرزا تبريز بلا مقاومة ولا حرب .. وحينئذ سمع أن قرا يوسف قد اكتسح مدينة أونيك وغنم منها غنائم كثيرة فصمم على حربه ... وتوجه لجانبه فوقعت بينهما معركة دامية انتهت بهزيمة الميرزا أبي بكر .. فمضى توا إلى مرند ... وصار اتباعه لا يمرون ببلد إلا نهبوه وهكذا فعلوا بتبريز ولما وردها ظن أن التراكمة هناك فذعر وذهب رأسا إلى السلطانية. ثم إن قرا يوسف جاء إلى نخچوان .. وشتى في نواحي مرند. وفي شهر جمادى الثانية سنة ٨٠٩ ه‍ ورد إلى قرا يوسف الأمير بسطام جاكير فنال منه منصب أمير الأمراء. وكذلك حصل سائر الأمراء كل واحد منهم على ما

٣١٩

يليق به .. فأرضى الوضيع والشريف ... (١).

إن قرا يوسف كان قد أعلن السلطنة لابنه بمناسبة أن تبريز كانت عاصمة السلطان أحمد وأن هذا السلطان كان قد تبنى پير بوداق بن قرا يوسف فكان الأولى بها. فأذاع ذلك في الأطراف وضربت السكة باسمه وقرئت له الخطبة كما أنه أرسل قاصدا إلى السلطان أحمد يقول له إنك قد تبنيت پير بوداق بسبب أنك ربيته فالآن أجلسته على سرير الملك .. وحينئذ رحب السلطان أحمد بالقاصد وأبدى رضاه وقدم له الهدايا السلطانية ودام الصفاء بين الاثنين على ما جرت به العهود لمدة ... (٢).

وفيات

١ ـ شهاب الدين أحمد البغدادي الجوهري :

وفي هذه السنة توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن عمر بن علي بن عبد الصمد البغدادي الجوهري ، ولد سنة ٧٢٥ ه‍ وقدم من بغداد قديما مع أخيه عبد الصمد فسمعا من المزي والذهبي وداود بن العطار وغيرهم وسمع بالقاهرة من شرف الدين بن عسكر وكان يحب التواجد في السماع مع المروءة التامة والخير والمعرفة التامة بصنف الجواهر. قال ابن حجر قرأت عليه سنن ابن ماجة بجامع عمرو بن العاص وقرأت عليه قطعة كبيرة من طبقات الحفاظ للذهبي وقطعة كبيرة من تاريخ بغداد للخطيب مات في ربيع الأول وقد جاوز الثمانين وتغير ذهنه قليلا ... كذا في الشذرات ومثله في عقد الجمان. وقال في الضوء اللامع «كان شيخا وقورا ، ساكنا حسن الهيئة محبا في الحديث وأهله ، عارفا بصناعته جميل المذاكرة به على سمت الصوفية ...» ا ه. ومثله في الأنباء أيضا (٣).

__________________

(١) حبيب السير ص ١٨٣ جزء ٣ مجلد ٣.

(٢) حبيب السير.

(٣) الشذرات ج ٧. وعقد الجمان ج ٢١ ، والضوء اللامع ج ٢ ص ٥٥ والأنباء ج ١.

٣٢٠